بسم الله الرحمن الرحيم
الآيات 1ـ 8
)طه *مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ
الْقُرْآنَ لِتَشْقَى *إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى *تَنزِيلا مِّمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى * الرَّحْمَنُ
عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا
فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى *وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ
فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى *اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ
لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى )
طه : بمعنى يا رجل
ما أنزلنا عليك
القرآن لتشقى : والله ما جعل الله القرآن لتشقى
به ولكن جعله هدى ورحمة
إلا تذكرة لمن يخشى : جعله
الله لتذكرة من يخافه ليعلمه الحلال والحرام
تنزيلا ممن خلق الأرض
والسموات العلى : وهذا القرآن منزلا من عند الله الذى خلق السموات والأرض
القادر على كل شئ
الرحمن على العرش استوى : الذى
خلق السموات والأرض فى ستة أيام ثم استوى على عرشه فوق السموات السبع
وهو رحمن بجميع الخلائق
يخبر الله الخلق
عن نفسه جل وعلا : هو الله خالق السموات والأرض وما
بينهما فى ستة أيام ( الأحد والأثنين والثلاثاء والأربعاء
والخميس والجمعة
) والجمعة اجتمع فيه الخلق كله وخلق آدم
أما يوم السبت لم
يتم فيه خلق وسمى سبت لأنه انقطع فيه
عملية الخلق ولم يتم فيه شئ وهو اليوم
السابع
ثم بعد ذلك استوى
الله على عرشه ولا نعرف كيفية الإستواء ولا يمكن تشبيهه
له ما فى السموات وما
فى الأرض وما بينهما وما تحت الثرى : جميع الخلق فى السموات والأرض
وما بينهما وما تحت التراب تحت تصرفه وفى قبضته وتحت حكمه
وإن تجهر بالقول فإنه
يعلم السر وأخفى : والله يعلم السر وما هو أخفى منه
وهو الوسوسة
الله لآ
إله إلا هو ، له الأسماء الحسنى : فالله منزل القرآن لا أله غيره
وله الصفات الحسنى العلا
قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم " لله تسعة وتسعين إسما ، مائة إلا واحدا ، من أحصاها دخل الجنة
، وهو وتر يحب الوتر "
الآيات 9 ـ 10
) وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى *إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ
لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ
أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (
قص الله على رسوله قصة موسى عليه السلام منذ بدء ولادته حتى أن قتل نفسا بالخطأ وهرب إلى مدين وتزوج ، وبعد أن انتهت فترة تأجيره كنوع من سداد مهر العروس ...
بدأ رحيل موسى مع زوجته الحامل وولديه منها وأعطاه الشيخ كل شاة ولدت على غير لونها وقد قدر الله رزقه فولدت كل الشياه على غير لونها فى هذا العام وساقها
وسارت العائلة ... ونسى موسى مخاوفه وساقه الله ليؤدى المهمة التى أعدها له
وتحت
تأثير الميل للوطن عائد موسى مع أهله وزوجته إلى الوطن مصر ولا يعبأ بالخطر الذى كان قد
هرب منه
ــــــ وأثناء
الطريق دخل عليه الليل والظلمة فى ليلة
شاتية، فاحتاج النار للتدفئة والإضاءة والطبخ وقد ضلوا عن الطريق
وعندما نظر رأى
نارا من بعيد ولم يراها غيره فقال لأهله إنى آنست نارا ـ
امكثوا هنا لأذهب آتيكم بجذوة منها أو أجد عند النار هداية للطريق الصحيح
الآيات 11 ـ 16
) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا
مُوسَى *إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ
الْمُقَدَّسِ طُوًى *وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ
لِمَا يُوحَى *إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي
وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي *إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ
أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى *فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ
لاَ يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (
وهنا
يكلمه ربه
انطلق موسى فى
الوادى نحو ما يرى من نور يظنه ناراوهو
يتوكأ على عصاه
اقترب موسى وإذا به
يسمع صوت رب العزة يناديه ويقول ): أن بورك من فى النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين (
ارتعد موسى ولاذ
محاولا الهرب ولكن الصوت يحيطه من كل مكان ويقول ) : يا موسى * إنى أنا ربك فاخلع نعليك إنك
بالواد المقدس طوى(
طوى : هو اسم
الوادى
ثم قال ) :وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى (: اخترتك
واصطفيتك على كل الناس الموجودة فى زمنك
( إننى أنا الله لا أله إلا أنا
فاعبدنى وأقم الصلاة لذكرى ) : أول ما
يجب عليك معرفته أنه الله لا إله إلا هو وعليك عبادة الله وحده
ثم الشئ الثانى
الذى يجب عليك هو إقامة الصلاة وذكر الله فيها وبعدها
وإذا فاتتك
ثم تذكرتها فعليك إقامتها وتأديتها بعد الذكرى .
( إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى
كل نفس بما تسعى ) : وعليك معرفة
أن القيامة آتية بلا شك وأخفى موعدها لتختبر كل نفس وتجازى بما عملت
( فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها
واتبع هواه فتردى ) : فلا تتبع سبيل من كذب بها فتهلك
الآيات 17 ـ 21
وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى ( قَالَ هِيَ عَصَايَ
أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ
أُخْرَى * قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى * قَالَ خُذْهَا وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى
ثم قال له الله : (
وما تلك بيمينك يا
موسى ) أى انظر هذه العصاة التى تمسك بها دائما
( قال هى عصاى أتوكأ عليها وأهش بها
على غنمى ولى فيها مآرب أخرى ) : إنها عصا أهش بها على الأغنام لجمعها وأهز
بها الشجر ليسقط الورق لترعى الغنم وكذلك أتوكأ عليها ولى فيها منافع أخرى
( قال ألقها ياموسى * فألقاها فإذا
هى حية تسعى) : ألقى بالعصا يا موسى فلما ألقى بها
فإذا بها تصبح حية عظيمة
وهذا بالطبع شئ
رهيب خارق للطبيعة والعادة وهذا من قدرة الله الذى يقول للشئ كن فيكون
وخاف موسى ( ولى مدبرا ) ورجع هاربا ولم يلتفت
ولكن الله ناداه ( يا موسى أقبل ولا تخف إنك من
الآمنين )
ولما رجع قال له ( قال خذها ولا تخف سنعيدها
سيرتها الأولى ) :عندما تمسك بها سنعيدها عصا مرة أخرى
ولما مسك بها تحولت
ثانيا إلى عصاه
وسبحان القدير العظيم
الآيات 22 ـ 35
( وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ
بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى *لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا
الْكُبْرَى *اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ
طَغَى *قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي *وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي *وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي
*يَفْقَهُوا قَوْلِي *وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ
أَهْلِي *هَارُونَ أَخِي *اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي *وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي *كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا *وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا *إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا )
ثم
أمره أن يدخل يده فى جيبه ثم يخرجها فيجدها بيضاء
بغير بهق ولا برص
وهذه علامات من
الله على أنك مرسل من عند الله إلى الناس لتدعوهم لعبادة الله
الواحد
وقد طلب موسى من
ربه أن يجعل معه أخاه هارون نبيا يعاونه فى رسالته فهو أفصح
كلاما ولسانا وأبلغ فى البيان ،
ويطلب موسى من الله أن
يكون فى عونه ويساعده وينصره فى هذا الأمر
( احلل عقدة من لسانى * يفقهوا قولى ) : اختبر فرعون درجة ادراك موسى عندما لقيه طفلا رضيعا فقدم له تمرة
وجمرة فجعله الله يقبل على الجمرة ويضعها بفمه فاطمأن فرعون وأبقى عليه فلم يقتله
وأصبح من بعدها موسى لا يجيد النطق بلسانه
وهنا يطلب موسى من
الله أن يعينه بأخيه هارون الذى يفصح بالكلام حتى يفهم
القوم ما يريد قوله لهم وأن يشركه معه فى المشاورة وذكر الله والتسبيح الكثير
ثم يشكر الله أنه
يبصر من أمرهم واصطفاه فى الرسالة فيقول ( إنك كنت بنا بصيرا)
الآيات 36 ـ 39
ويقول
الله عز وجل لموسى لقد استجبت لمطالبك يا
موسى
ويذكره بفضله
سبحانه عليه منذ ولادته :
كان أخوة يوسف قد
استقروا فى مصر وتكاثروا وكثروا وتعرضوا للإضطهاد فهم بنوا اسرائيل (
يعقوب (
وكان الملك (
رمسيس ) قد أكد له كهنة المعبد عبدة الأصنام بأنه سيولد
ولد يقتل الملك ويستولى على الحكم
فقرر الملك قتل كل
مولود ولد وترك النساء وبالطبع هذا بلاء عظيم يتسبب عنه الفواحش وضعف
الدولة
وكان عناء الناس
شديد إذ بعد أن كثر بنوا اسرائيل ( أخوة يوسف )
وأصبحوا شعبا كبيرا خاف فرعون مصر على ملكه ودولته فكان يستعبدهم فى أعنف الحرف وأردئها
كان بنوا اسرائيل
يتدارسون فيما بينهم ما يعلمونه عن ابراهيم عليه
السلام بأنه يخرج من ذريته غلام يكون على يديه نهاية ملك الفراعنة فى مصر
ولم يكن فرعون
يستطيع طرد اليهود من مصر لكثرة عددهم فسخرهم فى الأعمال
الشاقة ليكون هلاكهم بالإضافة لقتل الولدان وترك البنات
وكان يتابع
الحوامل من النساء ليعرف موعد ولادتهم وليعرف ما وضعت منهم
وبذلك كان حذرا كل
الحذر ولكن ) الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون (
فإذا كان يخشى
فرعون إنتهاء ملكه على يد غلام من بنى اسرائيل فقد جعل الله نهاية
فرعون على يد هذا الغلام الذى رباه فرعون نفسه فى بيته ليحميه الله من خطر عدوه فى بيت
عدوه
شكا القبط) وهم أهل مصر ( إلى فرعون أن قتل ألذكور من بنو إسرائيل سيسبب
أن تفنى الكبار وتقتل الصغار فمن سيقوم بأعمالهم بعد ذلك إلا القبط ... فأمر
فرعون بأن تقتل الذكور عاما وتترك عاما
وولد هارون فى سنة
المسامحة
ثم حملت أمه وستلد
فى سنة القتل
ووضعت ولدا أسمته
موسى وخافت عليه
فأوحى لها الله
فكرة النجاة وهى بأن تضعه فى صندوق وتربطه بخيط وتضعه فى النيل وكانت دارها مجاورة للنيل
تراقبه طوال النهار هى وابنتها مريم وترضعه ثم تضعه ثانيا فى البحر وتمسك طرف الحبل
عندها فإذا بعد الجند أخذته
هذه أمه حائرة
ويتمزق قلبها مخافة أن يطلع الجند على ولادة موسى
وتأت القدرة
الإلهية لتربط على قلبها وتطمئنها
أرضعيه وإن خفت
عليه ألقيه فى البحر فهو فى رعاية الله ... سبحان الله
ويبشرها ( إنا
رادوه إليك ) ... ( وجاعلوه من المرسلين(
ولكن وجده الجنود
وأخذوه
أخذوه ليصبح لهم
عدو
خافت أمه من آل
فرعون ولكنهم أخذوه وهذا فرعون وهامان اللذان كانا يقتلان كل
مولود أخذوه بلا بحث ولا عناء ويلقى الله محبته فى قلوبهم وقلب زوجة فرعون التى
كانت لا تنجب فتتمناه لها ولدا وقالت ( قرت عين لى ولك (
وهذا ما حدث فكان
لها قرة عين فى الدنيا وسكن لها فى الآخرة فى الجنة
أما لفرعون فلا فقد
انتهى ملكه وظلمه على يديه وغرق فى البحر بسببه وهو فى الآخرة من أصحاب الجحيم
تبنياه وهما لا
يعلمان ما يخفى الله لهما
ولكن قلب الأم
يتمزق خوفا على وليدها
قال تعالى :
)وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدى به لولا أن ربطنا على
قلبها لتكون من المؤمنين (
أى طار عقلها من
الجزع والخوف وكادت تكشف عن أمرها بأنه وليدها لولا أن الله
ثبت قلبها وأنعم عليها بالصبر فاطمأن قلبها
) وقالت لأخته قصيه ( قالت لأخته مريم تتبعيه واتبعى أخباره
وأخذه آل فرعون
ليكون لهم ولدا وأغشى الله أبصارهم
ولكن عرضوا عليه
المراضع لإرضاعه بدون فائدة لأن الله حرم عليه المراضع
ليرجعه لأمه
قالت لهم أخته
أتريدون أن أدلكم على مرضعة له ترضعه فقالوا
نعم فأدخلته على أمه وهم لا يعرفون أنها أمه فرضع منها وبذلك كانوا يدخلون عليه فى
كل وقت يحتاج فيه الرضاع وأعطوها أيضا أجرة إرضاعه وكسوتها وطعامها ونفقتها
ونشأ موسى وتربى فى
قصر فرعون أفضل تربية
وشب وكبر موسى
ورث موسى من آبائه
الذين ينتمون إلى أبو الأنبياء التقوى والإيمان بالله
وفقه الدين ولم يسجد لصنم من أصنمة القصر الملكى وحباه الله حسن الخلق ومحبة
الناس وحباه بسطة فى القوة والجسم ولا نعرف كيف كانت علاقته بأمه تلك السنوات وكيف
مرتفقد كان الله بشر أمه برده لها وجعله من المرسلين فقال سبحانه وتعالى ) :إنا رادوه إليك وجاعلوه من
المرسلين ( ، ولكن ما
نعرفه عنه هو بعد أن كبر وبلغ سن الأربعين وهو سن التكليف
واحتكام الخلق وأتاه الله العلم والحكم
قال تعالى : )ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما
وعلما وكذلك نجزى المحسنين(
قال تعالى يشرح لنا قصة لموسى
بعد أن بلغ أشده
( ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا
من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذى من شيعته على الذى من عدوه فوكزه موسى فقضى
عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين ) القصص 15
فى ذات يوم كان
اليوم انتصف وأغلقت الأسواق والناس فى غفلة
القيلولة من الحر الشديد ، وكان موسى يمشى نحو المدينة وجد رجلين يتصارعان
ويقتتلان ، أحدهما من القبط والآخر من بنو إسرائيل ، فاستغاث به الذى من بنو إسرائيل
يستنجد به على عدوهما القبطى
وهذا يدل على أن
موسى كان قد ترك قصر فرعون وأصبح ناقم على الملك وحاشيته وأن بنو إسرائيل علموا ذلك
فوكز موسى بيده
القبطى ليبعده عن الإسرائيلى وكان موسى قوى وانفعل وكان فى
ضيق من فرعون ومن معه فقضت الوكزة عليه ومات القبطى
عندما وجد ذلك ندم
على انفعاله وغضبه وقال هذا من فعل الشيطان لأنه لم يكن ينوى
قتله وإنما وكزه ليبعده عن الرجل فقط
ثم استغفر وطلب
العفو من الله فقال: ( قال
رب إنى ظلمت نفسى فاغفر لى )
واستجاب له الله
فغفر له : ( فغفر
له إنه هو الغفور الرحيم )
قال موسى كما
ذكرالله لنا : ( قال رب بما أنعمت علىّ فلن أكون ظهيرا
للمجرمين ) عندما
تاب موسى ورجع لربه وزلزلت نفسه بشعوره أن الله استجاب له وغفر له
خطأه قال لن أعود ثانيا مساندا للمجرمين
وهذه هى
التوبة أن يقع الفرد فى الخطأ ويفيق ليؤنب
نفسه فورا ويتراجع ويعزم على عدم الرجوع
للذنب
و( فأصبح
فى المدينة خائفا يترقب ) يلتفت حوله من أن يدركه الأذى
بسبب جريمته الغير مقصودة ( فإذا الذى استنصره بالأمس يستصرخه
قال موسى إنك لغوى مبين ) وهذا الذى كانت الجريمة بسبب
تشاجره بالأمس يتشاجر ويتصارع اليوم مع آخر ويستنجد
بموسى ثانية بعد الذى حدث
فقال موسى يتضح
الآن إن المخطئ والمذنب هو أنت
أراد أيضاأن ينقذ
الإسرائيلى من القبطى ولكن صورة القتيل التى تراوده بالأمس تتخيل له فيقاوم شدته
ويصرخ القبطى ويقول: ( أتريد
أن تقتلنى كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا فى الأرض وما
تريد أن تكون من المصلحين )
وقيل فى ذلك أن ما
قال ذلك هو الإسرائيلى لما رأى من تعنيف موسى له لما
رأى أنه هو الذى يتشاجر مع الأقباط
وذهب القبطى إلى
قصر فرعون وأخبر بالخبر واشتد غضب فرعون وأرسل فى طلب موسى لقتله والتخلص منه فهو الطفل
الذى كان قد قدر له أن يقتل موسى ورباه فى قصره بدون أن يعلم فهو فى نظرهم يثور لنصرة
بنى إسرائيل إذن فهو المخلص المنتظر
وجاء من بعيد رجل
من آل فرعون كان مؤمنا يكتم إيمانه وقال له إنهم يأتمرون بك
ويريدون قتلك فاهرب واخرج من المدينة
وخرج موسى من مصر
خائفا على نفسه وهو يدعو الله أن ينجيه من قوم فرعون
والأقباط المصريين الظالمين
الآيات 40 ـ 41
) فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى
قَدَرٍ يَا مُوسَى * وَاصْطَنَعْتُكَ
لِنَفْسِي (
وخرج
موسى خائفا وجنود فرعون يبحثون عنه وهو حائرا أين
يذهب وسلك الطريق المؤدى إلى مدين ) ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربى أن يهدينى
سواء السبيل (
وكان بين مصر ومدين
مسيرة 8 أيام
ولنا أن نتصور
المشقة فى السفر بلا طعام يأكل ورق الشجر الذى تأنف الدواب أن
تأكلها وحافيا وجلس فى الظل جائعا
وكان قريبا من
الشجرة التى يستظل بها بئر عظيمة يستقى الناس منها ويسقون دوابهم ، ووجد فى مكان أسفل منهم
امرأتان تمنعان غنمهما أن تختلطان بغنم القوم وتمنعا أغنامهما عن الماء
ثم بدأت المرأتان
تسقيان غنمهما بعد أن سار القوم وكان ذلك بسبب ضعفهما
وكراهة مخالطة الرجال
وهنا لنا وقفة فى
سلوك المرأة إذا احتاجت للخروج للعمل
لا تختلط بالرجال
وتلتزم الحياء
عندما رأى موسى هذا
الحال من حياة أهل مدين نسى جوعه وتعبه وتملكته نخوة الرجال وشعر أن تلك
الفتاتان تحتاجان المساعدة فقام وسألهما : ما خبركما ؟
قالتا : لانستطيع
أن نزاحم الرجال فنتأخر حتى تسير الرعاة ثم نسقى لأن أبونا شيخ كبير فنرعى بدلا منه
فتقدم وسقى لهما
وكانت على فم البئر صخرة لا يقدر على إزاحتها إلا مجموعة من
الرجال فرفعها وحده وسقى لهما ثم أعادها
سارت الفتاتان وعاد
موسى يجلس تحت الشجرة ويحدث ربه يشكو جوعه وضعفه وتعبه وفقره لعون الله ووحدته
واستمع الله لنجواه
فما لبثت أن عادت
إليه إحدى الفتاتان تسير فى حياء لا تبرج ولا ابتذال كما نرى اليوم
وقالت له ) : إن أبى يدعوك ليجزيك أجر
ما سقيت لنا (
وتلك الفتاة يجب أن
تكون عنوانا لبناتنا ) الحياء ـ الوضوح ـ عدم التبرج ـ لا تبجح
ـ لا إغواء ـ لا تعثر ولا ربكة ـ طهارة ـ استقامة (
ما فعله موسى كان
مساعدة لوجه الله بدون مقابل ولهذا جزاه الله خير الجزاء
عندما عادت
الفتاتان لأبيهما قصصن عليه ما حدث
تبع موسى الفتاه
ذاهبا لأبيها استجابة للدعوة
وهنا يتجلى الحياء
من الله فقد سار أمامها حتى لا ينظر إليها
وسارت خلفه بعيدا
عنه
وعندما قابل أبيها
قص عليه قصته وسره
فقال الشيخ : إطمئن
نجوت من القوم الظالمين فبلاد مدين ليست تحت سلطان فرعون
وإنما هى تابعة لملك الكنعانيين وهم أهل قوة ونجدة وبأس شديد ) العراق(
واختلفت الأقوال فى
تحديد من هذا الشيخ هل الخضر أم شعيب ولا دليل على صحة
كلاهما ولا يهمنا فى شئ الآن
دارت مودة بين
الرجلين وظهرت الرحمة والطهارة والقوة على موسى والكرم من الشيخ وتولدت محبة ومودة
بينهما
وهنا عرضت إحدى
الفتاتان الرأى لأبيها ) يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوى الأمين(
فعرض الشيخ على
موسى أن يزوجه إحدى ابنتيه ويكون مهرها أن يخدمه لمدة عشرة سنوات فى رعى الأغنام
وسعد موسى بذلك
وكان أمينا فى
الوفاء بشروط العقد بينهما فالله شهيد عليهما
انتهت الفترة
المحددة وبدأ يحن موسى لوطنه مصر... أمه وأخته
وأخيه هارون
وكانت الزوجة مطيعة
وأطاعت رغبة زوجها
وبدأ رحيل موسى مع
زوجته الحامل وولديه منها وأعطاه الشيخ كل شاة ولدت على
غير لونها وقد قدر الله رزقه فولدت كل الشياه على غير لونها فى هذا العام وساقها
وسارت العائلة ...
ونسى موسى مخاوفه وساقه الله ليؤدى المهمة التى أعدها له
وتحت
تأثير الميل للوطن عائد موسى مع أهله وزوجته إلى الوطن مصر ولا يعبأ بالخطر
الذى كان قد هرب منه
)واصتنعتك لنفسى ( وهكذا بالشدائد صنع الله موسى ليكون أهلا
لتحمل الرسالة
الآيات 42 ـ 44
(اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي * اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولا لَهُ قَوْلا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (
وأثناء الطريق دخل
عليه الليل والظلمة فى ليلة شاتية، فاحتاج النار للتدفئة والإضاءة والطبخ وقد ضلوا عن
الطريق
وعندما نظر رأى
نارا من بعيد ولم يراها غيره فقال لأهله إنى آنست
نارا ـ امكثوا هنا لأذهب آتيكم بجذوة منها
وكل هذا تشرحه
الآيات فى سورة النمل ـ 7
) إذ قال
موسى لأهله إنى آنست نارا سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس
لعلكم تصطلون(
وهنا يكلمه ربه
انطلق موسى فى
الوادى نحو ما يرى من نور يظنه ناراوهو يتوكأ على عصاه
اقترب موسى وإذا به
يسمع صوت رب العزة يناديه ويقول ): أن بورك من فى النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين (
ارتعد موسى ولاذ
محاولا الهرب ولكن الصوت يحيطه من كل مكان ويقول ) :يا موسى * إنى أنا ربك فاخلع نعليك
إنك بالواد المقدس طوى(
ثم قال ): وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى *
إننى أنا الله لا أله إلا أنا فاعبدنى وأقم الصلاة لذكرى *
إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى * فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها
واتبع هواه فتردى(
ثم قال له الله ) : وما تلك بيمينك يا موسى ( أى انظر هذه العصاة
التى تمسك بها دائما
) قال هى عصاى أتوكأ عليها وأهش بها على غنمى ولى
فيها مآرب أخرى )
( قال ألقها ياموسى * فألقاها فإذا
هى حية تسعى )
وهذا بالطبع شئ
رهيب خارق للطبيعة والعادة وهذا من قدرة الله الذى يقول للشئ كن فيكون
وخاف موسى ( ولى مدبرا) ورجع هاربا ولم يلتفت
ولكن الله ناداه ( يا موسى أقبل ولا تخف إنك
من الآمنين )
ولما رجع قال له ( قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها
الأولى )
ولما مسك بها تحولت
ثانيا إلى عصاه
وسبحان القدير العظيم
ثم أمره أن يدخل
يده فى جيبه ثم يخرجها فيجدها بيضاء بغير بهق ولا برص
وهذه علامات من
الله على أنك مرسل من عند الله إلى الناس لتدعوهم لعبادة الله
الواحد
وعاد موسى إلى
زوجته ينقل لها خبر نبوته ، ثم نزل معها إلى مصر
وقد طلب موسى من
ربه أن يجعل معه أخاه هارون نبيا يعاونه فى رسالته فهو أفصح
كلاما ولسانا وأبلغ فى البيان ، وقد لبى الله له طلبه ، بعد أن طمأنه و حصنه الله
منهم حتى لا يقتلوهما وأن له ومن اتبعه الغلبة
وقد لبى الله له
طلبه ، بعد أن طمأنه و حصنه الله منهم حتى لا يقتلوهما وأن له ومن اتبعه الغلبة
ويأمره بأن يذهبا
إلى فرعون ويظهرا له ما حباه الله من معجزات ولقومه من الرؤساء الذين كانوا فاسقين
ومخالفين لله ، ويأمرهما بذكر الله مع النفس والأهل وجميع الناس ومع فرعون ويأمره
بأن يلين القول مع فرعون أملا فى التعقل والخشية
الآيات 45 ـ 48
(قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا
نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى *قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا
أَسْمَعُ وَأَرَى *فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ
فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ
مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى *إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ
الْعَذَابَ عَلَى مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّى )
و
هذا كان حال موسى وهارون ، اشتكيا لله خوفهما من
تكذيب فرعون وأذاه لهما واعتداءه عليهما
قال الحق لهما لا
تخافا فأنا معكما أسمع وأرى كل شئ وناصركما عليه
إذهبا إليه وثحدثا
إليه برفق وقولا إننا رسولا الله إليك فأرسل معنا بنى
إسرائيل وكفاك تعذيب لهم
ولقد جئناك بمعجزات
من الله تدلك على صدقنا
والسلام عليك لو اتبعت
الهدى
وقد أخبرنا
الله أن من كذب بالله وتولى عن طاعته فله العذاب الشديد
الآيات 49 ـ 52
( قَالَ
فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ
هَدَى *قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى *
قَالَ عِلْمُهَا
عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لّا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى )
ينكر فرعون وجود
الله الصانع لكل شئ وخالقه فيقول لموسى
من الذى أرسلكما
أنا لا أعرف لكم إله غيرى
فيرد عليه موسى
قائلا : ربنا هو من خلق كل شئ وهو الذى أعطى لكل شئ صفة خلق
معينة يميزه بها فجعل الإنسان صفة الإنسان وصورته وأعطى للكلب صفة الكلب وأعطى
النبات صفته التى عليها وهو الذى يهدى إليه من يشاء
فقال فرعون : إذا
كان الأمر كما تقول فلماذا أهل القرون القديمة لم تعبد شئ ؟
فقال موسى : لا
أعلم عنهم شئ وإنما الله يعلم أعمالهم وسيجزيهم عليها وهى
مكتوبة عنده فى اللوح المحفوظ
والله لا تخفى عليه
خافية ولا يفوته شئ ولا ينسى شئ
الآيات 53 ـ 56
ينكر فرعون وجود
الله الصانع لكل شئ وخالقه فيقول لموسى
من الذى أرسلكما
أنا لا أعرف لكم إله غيرى
فيرد عليه موسى
قائلا : ربنا هو من خلق كل شئ وهو الذى أعطى لكل شئ صفة خلق
معينة يميزه بها فجعل الإنسان صفة الإنسان وصورته وأعطى للكلب صفة الكلب وأعطى
النبات صفته التى عليها وهو الذى يهدى إليه من يشاء
فقال فرعون : إذا
كان الأمر كما تقول فلماذا أهل القرون القديمة لم تعبد شئ ؟
فقال موسى : لا
أعلم عنهم شئ وإنما الله يعلم أعمالهم وسيجزيهم عليها وهى
مكتوبة عنده فى اللوح المحفوظ
والله لا تخفى عليه
خافية ولا يفوته شئ ولا ينسى شئ
الآيات 53 ـ 56
)الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ
الأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء
فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى * كُلُوا وَارْعَوْا
أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُولِي النُّهَى *مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ
وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى * وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى )
ويكمل
موسى قوله لفرعون يصف ربه فيقول :
الله هو الذى جعل الأرض
سهلة لتعيشوا عليها ومهدها لكم
وجعل فيها طرق
تمشون فيها
وأنزل المطر من السماء
لينبت لكم به الأنواع المختلفة من النباتات والأطعمة لكم ولأنعامكم
وهذا كله من الآيات والدلائل
لمن يعمل عقله ويتفكر
ثم يقول الله
سبحانه :
خلقناكم من الأرض
ثم نعيدكم إليها ثم نعيد إخراجكم منها مرة ثانية
وعرضت على فرعون
آيات ودلائل كثيرة ولكنه أصر على الكفر والعناد والبغى
الآيات 57 ـ 59
)قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ
أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى *
فَلَنَأْتِيَنَّكَ
بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لّا نُخْلِفُهُ
نَحْنُ وَلا أَنتَ مَكَانًا سُوًى * قَالَ
مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى )
عندما
رأى فرعون ما أتى به موسى من آيات وهى أن يلقى العصا فتتحول إلى ثعبان
وتعود لحالتها إذا أمسك به ، وتبيض يده بلا مرض إذا وضعها فى جيبه وتعود لحالتها إذا
أعادها لجيبه وغير ذلك من آيات الله قال فرعون لموسى :
هل جئت بأعمال السحر
لتستولى على عقول الناس ليتبعوك فلا تغتر بذلك فنحن عندنا من السحرة ما يفعلون
ذلك
فاجعل يوما نجتمع
نحن وأنت ونرى من بسحره سيكون له الغلبة
فقال موسى وهو كذلك
موعدنا نجتمع يوم الزينة ساعة الضحى وأن يجمع السحرة
والناس
ويوم الزينة هذا
كان يوم عيد لهم يتركون العمل فيه
الآيات 60 ـ 64
) فَتَوَلَّى
فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى * قَالَ
لَهُم مُّوسَى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ
بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى *فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى *قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ
أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى *فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ
الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى )
جمع فرعون
السحرة من مدن المملكة وجاء على سرير ملكه واجتمع الناس ظهيرة يوم الزينة واصطف
أكابر رجال الدولة وجاء موسى وأخاه هارون وقال فرعون للسحرة ــ ليحرضهم على أعمال
سحرية ليغلبوا موسى وهارون ــ لو كنتم غالبين سأجعلكم من المقربين
قال لهم موسى : لو
كذبتم على الله سيعذبكم ويهلككم بعقوبته
فهذا أمر نبى وليس
بسحر
وتنازعوا فيما
بينهم وتناجوا السحرة وفرعون وأعوانه والناس بأن
هذا موسى وأخاه ساحران يريدان أن يغلبوا السحرة ويكونا لهم السيادة
فاجتمعوا بسحركم
عليه لتبطلوا أعماله ومن غلب فهو اليوم هو المقرب للملك وله السيادة
الآيات 65 ـ 70
( قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن
تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى *قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا
حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِي
نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى *قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ
الأَعْلَى * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ
تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ
حَيْثُ أَتَى *فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا
قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى )
وبدأت المناظرة
فقال السحرة لموسى
: أتلق عصاك أم نبدأ نحن
فقال موسى : لا
ابدؤا أنتم
وكانت السحرة
البادئة بإلقاء عصيهم وحبالهم فكانت تتلوى كالثعابين
، وهذا جعل الخوف يدخل نفس موسى من السحر العظيم الذى جاؤوا به
فأوحى الله لموسى
أن لا تخف فالله معك ينصرك عليهم
لو ألقيت عصاك
ستتحول إلى حية تلتقط ما صنعه السحرة ، فإن ما صنعوه هو ألعاب
ساحر يفتتن بها الأبصار بعيدة عن الحقيقة ومهما فعل الساحر فلا يفلح سحره
ثم ألقى موسى عصاه
فتحولت إلى حية ضخمة حقيقية إلتهمت كل عصى وحبال السحرة
ثم تلقفها موسى
بيده فعادت عصاه
فتأكدت السحرة
أن هذا ليس بسحرا وسجدوا كلهم جميعا وأعلنوا إيمانهم بالله الواحد وبما جاء به
موسى وهارون .
الآيات 71 ـ 73
) قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ
آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ
فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ
فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى * قَالُوا
لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا
فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا *إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا
أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى)
قال
فرعون : كيف لكم أن تؤمنوا له قبل أن أصرح لكم بذلك ، إنكم خطتم لذلك مع
موسى لتعاونوه على أن يخرج بنى إسرائيل من البلدة وتكن لكم دولة مستقلة وتخرجوا
أكابرها ورؤساءها فسوف ترون ما أفعل بكم
سأقطع أيديكم اليمنى
و أرجلكم اليسرى وأعلقكم على جذوع النخل
وستعلمون من هو
أقوى عذابا
فقال له السحرة إنا
آمنا بالله الذى نرجع إليه وعقابه أشد من عقابك ، فما فعلنا من شئ غير أن آمنا بالله
وآياته ولن نفضلك على ما جاء موسى به من دلائل
فسنصبر على عذابك
لنتخلص من عذاب الله ، وافعل ما شئت ، إنها الحياة الدنيا
وستنتهى
فنحن نستغفر الله
فيما اضطررتنا إليه من سحر فالله هو الباقى اللهم أنزل
علينا الصبر وثبتنا على دينك وتوفنا تابعين لله ولرسوله موسى عليه السلام
الآيات 74 ـ 76
) إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ
لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى * وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ
لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى *
جَنَّاتُ عَدْنٍ
تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء مَن
تَزَكَّى )
قال
السحرةلفرعون يعظونه :
إن الذى يلقى ربه
يوم القيامة وهو مجرم فإنه يدخله نارا لا يموت فيها ولا يحيى
ومن يلقى الله
مؤمنا صدق بالقول والعمل فإنه يدخله جنات ومساكن عالية طيبة
وغرف آمنة
جنات عدن : إقامة دائمة
فى الجنة
تجرى من تحتها
الأنهار : بها خيرات لا تنتهى
خالدين فيها : ماكثين
فيها بلا نهاية
وذلك جزاء من طهر
نفسه وزكاها من الخبث والشرك
الآيات 77 ـ 79
)وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي
فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لّا تَخَافُ دَرَكًا وَلا
تَخْشَى *فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ
الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ *وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى )
عندما
أشتد أذى فرعون لموسى ومن معه أمر الله موسى أن يهرب ومن معه إلى
الأراضى المقدسة
أمر الله موسى أن
يخرج ومن معه من مصر ، وجعل ذلك الشهر هو أول سنة
بنى إسرائيل وأمرهم أن يذبح كل أهل بيت حملا من الغنم ، فإذا كانوا لا يحتاجون
إلى حملا فاليشترك الجار وجاره فيه ، فإذا ذبحوه فلينضحوا من دمه على أعتاب
أبوابهم ليكون علامة على بيوتهم ولا يأكلونه مطبوخا ولكن مشويا برأسه وأكارعه وبطنه ولا
يبيتوا منه شئ ولا يكسروا له عظما ولا يخرجوا منه شيئا خارج بيوتهم
وليكن خبزهم فطيرا
سبعة أيام ابتداؤها من الرابع عشر من الشهر الأول من سنتهم وكذلك يفعل
فى الربيع.
فإذا أكلوا فلتكن
أوساطهم مشدودة وخفافهم فى أرجلهم وعصيهم فى أيديهم
وليأكلوا بسرعة قياما وما تبقى من عشائهم فليحرقوه بالنار
وقتل الله فى هذه
الليلة أبكار القبط وابكار دوابهم ليشتغلوا عنهم ، وخرج بنوا
اسرائيل حتى انتصف النهار وأهل مصر فى مناحة عظيمة وعويل
أمر الوحى موسى أن
يخرج ومن معه فحملوا أدواتهم وكانوا قد استعاروا من القبط ( أهل مصر ) حليا كثيرة من
الذهب ، فخرجوا بها وعددهم 600 رجل بعد أن عاشوا فى مصر 430 سنة وحملوا معهم
الفطير قبل ان يختمر
فسموا عامهم هذا
عيد الفسخ أو عيد الفطير أو عيد الحمل
خرجوا من مصر ومعهم
تابوت يوسف عليه السلام الذى كان قد أوصى بأن يدفن بأرض آبائه
بالشام وقد حنطوه ووضعوه فى تابوت
وخرجوا على
طريق بحر وكانوا فى النهار تغطيهم سحابة وأمامهم عمود نور ، وفى الليل أمامهم عمود
نار حتى وصلوا إلى ساحل البحر نزلوا هناك
وأدركهم فرعون
وجنوده من المصريين ، فقلق كثير من أتباع موسى حتى قال
بعضهم ( كان بقاؤنا فى مصر أحب إلينا من الموت بهذه الصحراء )
قال لهم موسى :
( لا تخشوا فإن فرعون وجنوده لا
يرجعون إلى بلدهم بعد ذلك (
أمر الله موسى أن
يضرب بعصاه البحر فصار الماء على الجانبين كجبلين عظيمين وظهر
بينهما اليابس ومر بنوا اسرائيل عليه ، وتبعهم فرعون وجنوده حتى إذا وصلوا
منتصف الماء ضرب موسى البحر بعصاه أخرى فاجتمع الماء وغرق فرعون وجنوده وآمن فرعون
وهو يغرق عندما لاتقبل توبة ممن كفر
وكان بنوا اسرائيل
ينظرون إليهم من الجانب الآخر
.......................................
الآيات 80 ـ 82
( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى *كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى *وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى )
يذكر الله بنى إسرائيل بفضله عليهم عندما
أنجاهم من فرعون وهم ينظرون
وعندما واعد موسى عليه السلام عند الجانب
الأيمن من جبل الطور وأعطاه التوراة
وعبدوا العجل من الذهب الذى صنعه لهم
السامرى ثم عفا الله عنهم
وأنزل عليهم العسل والحلوى من السماء
وأرسل لهم طائر السمان ليأكلوا فى الصحراء
وقال لهم كلوا على قدر حاجتكم ولا تطغوا
فيه ( أى لا تأخذوا زيادة عن حاجتكم بدون داع و لا حاجة ) حتى لا يحل عليهم غضب
الله إذا عصوه ، لأن من يغضب عليه الله فقد شقى
والله يغفر لمن يتوب وينيب إليه ويعمل
صالحا ويستمر على الطريق المستقيم
الآيات 83 ـ 89
(وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هُمْ أُولاء عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ
لِتَرْضَى * قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ
وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ * فَرَجَعَ مُوسَى
إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ
وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ
عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي * قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا
حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى
السَّامِرِيُّ * فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلا جَسَدًا
لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ * أَفَلا يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلا وَلا
يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا )
وكما
روى الله لنا فى سورتى الأعراف والبقرة :
جاوز
اليهود مع نبيهم البحر ، وذهبوا قاصدين بلاد الشام ومكثوا ثلاثة أيام لايجدون ماء
، فطلبوا من نبيهم الماء ، فأمر الله موسى أن يأخذ خشبة وضعها فى الماء الأجاج
فحلا وساغ شربه ، وعلمه الله وصايا وسنن وفرائض كثيرة
ومروا على قوم يعبدون لهم أصناما على صورة البقر فطلبوا من نبيهم أن يجعل لهم آلهة
مثلهم ، فقال لهم موسى : أنتم قوم تجهلون عظمة الله وجلاله ويجب أن ينزه عن الشريك
إن هؤلاء الذين يعبدون الأصنام هالك ( متبر ) ما هم فيه وباطل ما يعملون
ذهب موسى
لموعد ( ميقات ) مع ربه ومكث على جبل الطور يناجيه
ويسأله عن أشياء كثيرة لمدة شهر وتركهم ، وأزاد له الله عشرا فأصبحت أربعين ليلة ،
وترك قومه بعد أن أوصى أخاه هارون أن يظل فيهم ولا يتركهم ولا يتبع ما يأمره
المفسدين منهم .
ولما جاء
موسى لميقات الله تعالى وكلمه الله ، سأل الله تعالى أن يجعله ينظر إليه ويراه
فقال له
الله لن تستطيع أن ترانى لأن تكوين موسى الإنسانى لا يقدر على تحمل ذلك
وقال له
الله : أنظر إلى الجبل سأتجلى له فإن استطاع الجبل الإستقرار فسوف ترانى
وتجلى
سبحانه وتعالى للجبل فلم يتحمل وصعق الجبل ودك وإنهار وتسوى بالأرض ، وسقط موسى
مغشيا عليه
ولما أفاق
موسى من غشيته قال أستغفر الله وتبت عن طلب الرؤية ثانية وأشهد بأن الله حق وأنا
أول الموقنين بذلك
قال له
الله تعالى :
يا موسى
إنى اختارتك وميزتك على الأنبياء فى زمانك برسالاتى وبكلامى المباشر بغير الوحى
فعليك أن
تتبع ما آمرك به وتمسك به وكن من الشاكرين لأنعم الله .
وكتب الله
لموسى المواعظ والأحكام وشريعة بنى إسرائيل على ألواح من الجواهى مبينة للحلال
والحرام وموضحة كل شئ .
فتمسك بها
يا موسى وأأمر قومك بالتمسك بها وتنفيذ ما بها
فسوف
أنصركم على عدوكم وسترون عاقبة من خرج على طاعة الله من الظالمين فى أرض الشام
وأملككم أرضهم وديارهم
وكان رجل
من السامريين من أهل الشام ، يسمى هارون السامرى قد رأى جبريل عليه السلام يمر خلف
اليهود ليطمئن فرعون وجنوده إلى المرور خلفهم وكان يركب على فرس ، فأخذ قبضة من
الرمال التى مر عليها واحتفظ بها
أخذ السامرى ( رجل من السامريين كان معهم فى رحلتهم وهو من القوم العابدين للعجل )
الحلى من القوم وقال أنه حرام عليهم الأحتفاظ بها وأسال الذهب وصنع لهم تمثالا على
هيئة عجلا وألقى عليه الرمال التى معه ، وكلما دخل منه الريح وخرج أصدر صوت
كالخوار للعجل إقتداء بمن رأول من عبدة الأبقار ، وقال أعبدوه حتى يرجع موسى
نهاهم هارون أخو بن عمران أخو موسى ولكنهم أذوه ولم ينتهوا
خاف أن يتركهم فيعيب موسى عليه تركهم وظل يدعوهم
وما أعجلك عن قومك ياموسى
قال الله
لموسى : لماذا تركت قومك
قال هم أولاء على أثرى وعجلت
إليك رب لترضى : قال موسى تعجلت
لموعدك لترضى عنى وتركتهم على طريقتى وعهدى معهم
قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك
وأضلهم السامرى : قال له الله :
إرجع فقد أفتتن قومك، وقد أضلهم السامرى
فأخذ
الألواح التى بها التوراة وعاد مسرعا وهو يتملكه الغضب
فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا
، قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا ، أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم
غضب من ربكم فأخلفتم موعدى : عاد
موسى وتشاجر مع أخيه وحرق العجل وألقاه فى البحر ، والقى الألواح من يده مغاضبا
لهم وعنفهم من سوء ما فعلوا، فقال لهم لقد أخلفتم عهدى معكم ، هل تريدون أن يحل
عليكم غضب من الله
قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا
ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامرى : فاعتذروا له ،
وألقوا اللوم على السامرى وقصوا عليه ما فعل
من صناعة العجل
فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسى : وقال لهم السامرى هذا هو إله موسى فقد سار ونسيه هنا ونسى أن يقول لكم أن هذا إلهكم .
أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا
ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا : ألم يتدبروا أن
هذا الصنم لا ينطق ولا يسمعهم ولا يكلمهم ولا ينفعهم ولا يضرهم ... وهذا من باب
التوبيخ لهم
الآيات 90 ـ 91
( وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي * قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى )
ويخبر الله تعالى عن أن بنى إسرائيل ليس
لهم عذر فيما فعلوا فلقد نصحهم هارون وقال لهم احذروا هذا العجل فتنة وابتلاء فلا
تعبدوه ، والله الرحمن بجميع عباده وهو أحق بالعبادة
فلا تطيعوا السامرى وأطيعونى أهديكم طريق
الرشاد
فقالوا له لا سنظل على عبادة العجل حتى يرجع موسى ونرى ما يقول عنه .
الآيات 92 ـ 94
( قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا *أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي *قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي )
عندما رجع موسى إلى قومه ووجد ما هم عليه
من عبادة العجل ألقى الألواح المكتوب بها التوراة من شدة غضبه وأخذ يجر برأس أخيه
ويجذبه من لحيته وهو يلوم أخيه قائلا لماذا لم تلحق بى عندما فعلوا ذلك لتخبرنى
بما فعلوا
فقال هارون : دعنى فأنا خفت أفعل ذلك
تلومنى وتقول لماذا تركت القوم ولم تنفذ ما أمرتك به من البقاء معهم وأنت فرقت
بينهم وتركتهم وحدهم
الآيات 95 ـ 98
( قَالَ
فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ * قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ
فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ
لِي نَفْسِي * قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لا
مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي
ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ
نَسْفًا * إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا
إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا )
قال موسى : وما شأنك أنت يا سامرى ؟
قال السامرى : لقد رأيت جبريل عندما تردد
فرعون فى المرور مر بفرسه أمامه فظن فرعون أن الأرض يابسة له فمر مثله فانغلق عليه
البحر بجنوده
فأخذت قبضة من أثر فرسه فألقيتها على عجل
الذهب فصدر له صوت الخوار ( وفى الحقيقة لم يكن خوار حقيقى ولكن صوت دخول الهواء
فى العجل الأجوف كان مثل الخوار )
ويقول السامرى : هكذا أعجب نفسى أن أفعل
ذلك
فدعا عليه موسى وقال له : بما فعلت من مس
أثر جبريل وهو ليس لك بحق فعليك أن لا تمس الناس ولا يمسونك
ولك يوم القيامة موعد لن يتغير ليعاقبك
الله على فعلتك
وانظر هذا العجل الذى اعتبرته إلهك وظللت
تعبده سيحطم و نحرقه و نلقى به فى البحر مع فرعون ومن ظلم
ثم يقول موسى لقومه : إنما الله لا شريك
له هو ربى وربكم لا إله إلا هو ولا يعبد إلا هو
وهو عليم بكل شئ .
الآيات 99 ـ 101
( كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْرًا * مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا *خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاء لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلا )
يقول الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله
عليه وسلم : كما قصصنا عليك من خبر موسى وفرعون نقص عليك من أخبار من سبق من الأمم
ولقد آتيناك القرآن من عندنا
ومن يكذب به ويعرض عنه فإنه يضله الله
ويكون آثما يوم القيامة
ولا خلاص لهم من الإثم وسيكون حملهم ثقيل
وسيئ
الآيات 102 ـ 104
( يَوْمَ يُنفَخُ فِي
الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا * يَتخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْرًا * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ
طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْمًا )
الصور : قرن ضخم ينفخ فيه الملك إسرافيل يوم القيامة
زرقا : عيون المجرمين زرقاء اللون من شدة الرعب ، وقيل عميا اذ أن الماء الازرق يسبب العمى
يتخافتون : يتحدثون بصوت منخفض ويتساءلون فيما بينهم كم عشتم فى الدنيا
فيقول البعض حوالى عشرة أيام أو مثل ذلك
نحن أعلم بما يقولون : الله يعلم نجواهم
يقول أمثلهم طريقة : العاقل فيهم يقول
إن لبثتم إلا يوما : لم تلبثوا فيها إلا يوما واحدا
الآيات 105 ـ 108
( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ
فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا *فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لا
تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا *يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ
الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَت الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ
إِلاَّ هَمْسًا
)
ويسئلونك عن الجبال فقل ينسفها
ربى نسفا : يسألك الكفار يامحمد عن الجبال يوم
القيامة
فقل لهم ينسفها الله ويسيرها عن أماكنها
فيذرها قاعا صفصفا * لا ترى فيها عوجا ولآ أمتا : ويجعلها
بساطا مستوى على الأرض
ولا ترى فى الأرض واديا ولا مرتفع ولا
منخفض
يومئذ يتبعون الداعى لا عوج له : يوم القيامة يستجيبون إلى الداعى ولا يميلون عنه ولو كان ذلك فى
الدنيا لكان أنفع لهم
وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا : وتستمع وتسكن الأصوات لله فلا تسمع أصواتا إلا همس خفى من الخوف فى خضوع
الآية 109
( يَوْمَئِذٍ لّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلا )
ويوم القيامة لا تنفع شفاعة الشافعين إلا
بإذن الله عز وجل
لا تنفع لصالحين ولا طالحين ولا قوى ولا ضعيف ولا حتى للرسل والأنبياء إلا من أذن له الله برحمة منه وفضل وهو محمد صلى الله عليه وسلم
يقول صلى الله عليه وسلم : " آتى تحت العرش وأخر لله ساجدا ويفتح علىّ بمحامد لا أحصيها الآن ، فيدعنى ما شاء الله أن يدعنى ، ثم يقول : يا محمد ، ارفع رأسك ، وقل يسمع ، واشفع تشفع " " فيحد لى حدا فأدخلهم الجنة ثم أعود "
الآيات 110 ـ 112
( يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا * وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا * وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا )
يحيط الله الخلائق بعلمه ولا يحيطون بعلمه
وخضعت الوجوه لله الخالق الجبار الحى الذى لا يموت
القيوم : الذى لا ينام وهو قيم على كل شئ يدبره
ويا ويله من جاء يحمل ظلما ضيع عمله ولا يظلم ولا تنقص حسناته
هضما : نقصا
الآيات 113 ـ 114
) وَكَذَلِكَ
أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ
يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا *فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ
الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ
وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا )
وهكذا لما كان يوم القيامة واقع بلا شك
فقد أنزلنا القرآن واضحا بلغة العرب لا لبس فيه ولا غموض ووضحنا فيع العقاب لمن
أثم وأجرم حتى يتراجعون ويتحلون بالطاعة
فتنزه الله وتقدست أسماؤه فهو المالك الحق
للكون وجميع المخلوقات
ولا تتعجل يا محمد فى تلقى القرآن قبل أن
يوحى إليك ولكن انصت وتقبل ثم اقرأ بعده
وادع الله أن يزيدك علما منه .
فقد أوضحنا من قبل فى سورة القيامة أن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحى يعانى مشقة
فى متابعته ويسبقه بتحريك شفاهه مخافة من أن لا يستوعبه ويحفظه
فأنزل له الله هذه الآيات يطمئنه ويقول له : إذا جاءك الوحى فاستمع وتابعه
فعلينا جمعه فى صدرك وتفسيره وتثبيته
( إن علينا جمعه ) : جمعه فى صدرك
( قرأناه ) : يتلى عليك من الملك
( قرآنه ) : على الله تيسيير قراءته
( اتبع قرآنه ) : استمع ثم قل مثله
( ثم إن علينا بيانه ) : توضيحه وتفسير
أحكامه
الآيات 115 ـ 122
( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا * وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى * فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى * فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لّا يَبْلَى * فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى )
وبعد أن أوضح الله قصة خلق آدم عليه
السلام وقصة ما أمره الله به ونهيه عن الأكل من الشجرة بالجنة ووسوس له الشيطان
فأكل منها وذلك بالتفصيل فى سورة البقرة ، نجد هنا الإختصار فى الإيضاح والتفصيل
لبعض الدقائق التى لم توضح فى سورة البقرة
فيقول سبحانه وتعالى :
لقد عهدنا لآدم عهدا ولكنه نسى وضعفت
عزيمته فترك عهده
وذلك حدث منه عندما أمرنا الملائكة
بالسجود له فسجدوا تحية له وتكبر إبليس وحسده ولم يسجد
وقد حذرناه بقولنا أن الشيطان عدو لك
ولحواء زوجتك فحذار من طاعته فيجعلكما أشقياء بالخروج من الجنة ومكابدة الحياة
الدنيا
فإن فى الجنة لن تجوع ولن تتعرى ولن تعطش
من الحر فى ساعة الظهيرة
ولكن الشيطان أسر لهم ودلاهما كذبا وقال
لهما إن ربكما حرم عليكما هذه الشجرة حتى لا تكونا ملكين فمن أكل منها يخلد ولا
يموت
فطاوعا الشيطان ونسيا عهدهما مع الله
وأكلا من الشجرة فظهرت لهما العورات وظلا يخطفان من أوراق الشجر ليغطيان عوراتهما
وهكذا عصى آدم الله وغواه الشيطان
ولكنه تاب وأناب فغفر الله له ثم هداه .
الآيات 123 ـ 126
)قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ
فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا
يَشْقَى *وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا
وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى *قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي
أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا *قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا
فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى )
فغضب الرحمن وقال لهما أخرجا من الجنة واهبطا إلى الأرض فاسكناها كعدوين يكيد
كلاكما للآخرإلى فترة من الزمن ترجعون بعدها إلى الله للحساب
( فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه ، إنه هو
التواب الرحيم )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" قال آدم عليه السلام أرأيت يا رب إن تبت ورجعت أعائدى إلى الجنة ، قال نعم
"
وقيل أنه قال ( اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك ـ رب إنى ظلمت نفسى فاغفر لى ،
إنك خير الغافرين ، اللهم لاإله إلا أنت سبحانك وبحمدك رب إنى ظلمت نفسى فاغفر لى
إنك خير الراحمين ، اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك رب إنى ظلمت نفسى فتب علىّ
إنك التواب الرحيم )
وبما أن الله قد خلق الأرض ليعمرها الإنسان فكان من الضرورى النزول إليها ،
واشترط عليهم جميعا بان يرسل إليهم الرسل من يهدونهم فمن عمل صالحا فعودته إلى
الجنة ومن عمل شرا فعودته إلى النار
مستحيل من اتبع هدى الله أن
يضل عقله ، أو يشقى فى الدنيا أو الآخرة
ينعم بالرضا فتهنأ حياته ، ويطيع ربه
فتسعد آخرته .
وإن من نسى ذكر ربه وأعرض عن عبادته وطاعته فله المعيشة الشقية الضيقة المتعبة
ويوم القيامة يجمع أعمى
فيقول رب
لقد كنت فى الدنيا أبصر فلماذا حشرتنى أعمى
فيقال له لقد أبلغت برسالاتى فعميت عنها وانتهيت عنها وأيضا الجزاء من جنس العمل فاليوم تنسى وكما أغمضت عن الحق فى الدنيا تأت يوم القيامة لا تبصر
الآية 127 ـ 130
)وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى * أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُولِي النُّهَى * وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى * فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى )
وهكذا نجازى المكذبين بآيات الله فى الدنيا وفى الآخرة أشد العذاب خالدين
ألم يهد المكذبين ما جئتهم به يا محمد كم
أهلكنا من الأمم السابقة المكذبين لرسلهم فبادوا ولم تبق لهم باقية
فهم يمشون فى بلادهم ويشاهدون ديارهم
وآثارهم ، أفلا يتعظون
فهذا عبرة لأصحاب العقول الرشيدة المستقيمة
ولولا أن الله عهد بأن لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه لدمر هؤلاء الكفرة المكذبين
فاصبر عليهم وعلى تكذيبهم وكن من المسبحين فى كل وقت قبل طلوع الشمس وقبل غروبها وفى الليل فهذا يرضى نفسك ويطمئنها
وهذه الآيات أعيش بها حاضر زماننا
لابد أن
نأخذ عبرة إن لم تكن من الأمم السابقة ففى زماننا هذا القصص والأعاجيب لعقاب الله
لمن أسرف فى معصية الله
ولمن آلمته نفسه عليه بالتسبيح لله فى كل أوقاته سيصل للراحة النفسية والصبر والسلوان
ويجب
علينا أن نتناول آيات القرآن بالتنفيذ لنستفيد منها ونعيشها ونجازى عليها من قبل
أن نحتسب ممن نسوا آيات الله فنسيهم ِ
الآيات 131 ـ 132
( وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى *وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى )
لا تنظر يا محمد لما متعنا به هؤلاء فى
الدنيا من أموال وأولاد فإنها نعمة وزينة
زائلة إختبارا لهم
وإنما رزق الله من التقوى والإيمان هو
الأبقى فى الدنيا والآخرة وقليل من عبادى الشكور
انقذ أهلك من عذاب الله بأن تنصحهم بالصبر على الطاعة والصلاة واصبر معهم عليها
لا نسألك رزقا ، نحن نرزقك : فإذا أقمت الصلاة أتاك الرزق
من الله
والعاقبة للتقوى : فمن يتق الله يرزقه من حيث لا
يحتسب
الآيات 133 135
( وَقَالُوا لَوْلا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن
رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الأُولَى *وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا
رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ
أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى *قلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا
فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى )
يقول
الكفار ليأتنا محمد بمعجزة من ربه حتى نصدقه ( كأن يجعل جبل الصفا ذهبا أو يزيح
الجبال من حول مكة فتصبح بساتين أو يجرى لنا ينبوعا )
ألم ينزل علي محمد القرآن وهو أمى لا يعرف
الكتابة ولم يدرس من أهل الكتاب وقد جاء بالقرآن قصص من سبقوا من الأمم ووافق ذلك
ما ورد بالكتب المتقدمة
ولو أنا أهلكنا هؤلاء المكذبين قبل بعث
الرسل إليهم لقالوا لو أن الله أرسل إلينا رسلا لكنا صدقنا وآمنا
قل لهم يا محمد انتظروا ونحن ننتظر ثم نرى
من منا على الطريق المستقيم ومن على الحق
وسوف يعلمون عندما يعانون العذاب من الأضل
.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تمت بحمد الله تعالى .