مــــرحــــــباَ بـــأحـبـــاب الله مــعــاَ

في طريق الجنة


الأربعاء، 28 سبتمبر 2011

معذرة يا دنيا فالجنة تنادينى





عذرا يا دنيا ... فالجنة تنادينى




قال الله تعالى : ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) .


وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عجبا لأمر المؤمن ، إن أمره كله له خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ."






قال بعض العارفين بالله : ( لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف )






وقال آخر : ( مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها ـ قيل : وما أطيب ما فيها ؟ ـ قال : محبة الله تعالى ومعرفته وذكره والأنس به سبحانه وتعالى ) .






وقال آخر : ( إنه لتمر بالقلب أوقات يرقص فيها طربا حتى أقول إن كان أهل الجنة فى مثل هذا إنهم لفى عيش طيب ) .






فأن تحب الله وتذكره وتطمئن إليه وتأنس به ويسكن روعك عند مناجاته وتقر عينك فى مدافعة الشر عنك واستجابته لدعائك ، وتبادل مناجاتك لله ورده عليك ، وطاعتك لله الذى تحب وأن تزهد فى الدنيا لهو حق رغد العيش فى الدنيا والسعادة فى الدنيا والآخرة .

أين السعادة ؟

أين السعادة ؟

ــــــــــــــــــــــــــ

خلق الله الأرض ليعمرها بالمخلوقات المتنوعة ... ومنها الإنسان


ولما أزل إبليس اللعين آدم عليه السلام كتب الله على ابن آدم والشياطين المعاش فى الأرض للإبتلاء والإختبار فى الحياة الدنيا إلى وقت معلوم .


فاصبحت الحياة الدنيا مملوءة بالشدائد والمحن والأحزان ، ولابد من متابعة السير ولا مفر من المساوئ والإبتلاءات


ومعها يكون الأمل ضرورى ليسير الركب وتستمر الحياة .


وللإنسان البحث عن هذا الأمل لينقب عن باب السعادة والبقاء وسط أهوال وصراعات تجذبه من هنا وهناك .


وهنا نبحث معا عن طريق السعادة وننقب عن بصيص النور لنسلك معه الطريق .






نبدأ بحديث النفس للنفس


لا تنسى أن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وعد بالأجر حتى ولو شاكة تشوك الإنسان


لاتنسى أن مع العسر يسرا كما وعد الله


لا تنسى أن لا أمر يدوم وكثير من الأحزان انتهى وكثير من الأحداث مرت وكل يوم بجديد


لا تنسى أن الله راعيك ويحفظك


لاتنسى أن الله يترك الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته


وتذكر أن الله أرحم بعبده من أمه


والله لا يريد لعبده إلا خيرا


ولا تعجل فإن العجلة من الشيطان


ومهما طالت الدنيا فهى قصيرة إلى زوال


والنعمة والنقمة لا تدوم


لا مرض يبقى ولا صحة تدوم فسلم الأمر كله لله


اطمئن لله فهو يحفظ من توكل عليه وترك أمره إليه فهو به وكيل .






ويأت دور العمل :


خلق الله الإنسان وقدر له رزقه وكتب عليه أن يحصل عليه بالعمل


و لنحصل على السعادة يجب من العمل ، فهى شئ مكتسب ولابد له من عمل


فيجب علينا استخلاص أسباب السعادة من الظروف المحيطة بنا ، فيجب تجديد النفس باستمرار لتكون الأسباب


ولتجديد النفس يجب التنوع فى أسباب السعادة


ـ تنويع الصلاة .. ألا تهدأ نفسك بالسكينة فى جنب الله الذى بيده أمرك ، تطلب منه الخير وتشكو له المنع والظلم وما ترفض نفسك


ـ تنويع الصدقات فتصفو النفس بالإقتراب من الله بتفريج كربه أخ مسلم أو أخ مسلم


ـ صيام يوم وتشعر فيه الهروب من النار سبعين خريفا


ـ عمل صالح تبقى آثاره بعد الممات سارية وثوابه جارى بعد أن يتوقف العمل


ـ إسعاد قلب بإطعام أسرتك ، أو مسكين ، أو صديقة ، أو فم يسعده ما عملت يداك


ـ كلمات رقيقة قد تسعد قلوب وتهدى نفوس ضالة الطريق


ـ أدخلى بستان الإيمان تجدى فواكه تختلف ثمارها واقطفى منها ما يسعد قلبك وقلوب الآخرين ويتقدم بك إلى سعادة قلبك فى الدنيا وسعادة نفسك وجسدك فى الآخرة تنعمى بسعادة الدنيا وجنة الآخرة وتتقى بوجهك النار






ـ استشعرى السعادة بفرحتك بما تفعليه من أعمال تقربا لله ، استشعرى تقدمك لله فى كل عمل بلإخلاص لله فتشعرى بمعنى ونتيجة ما فعلت ، وأن عملك ما ضاع هباء وإنما بقى ولو كانت لقمة خبز تضعيها فى فمك أو فى فم زوجك أو إبنك أو فقير ، فكلها لله


ـ ولا تنسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لإن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما خلص منها لله " .


وقال الله تعالى : ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) .

الأربعاء، 14 سبتمبر 2011

أنا والإنس

لأحتنكن الإنس ... إنهم عدو لى
..........................


أعرفكم بنفسى ...


أنا عزازيل


قال سبحانه وتعالى : ( خلق الإنسان من صلصال كالفخار * وخلق الجان من مارج من نار) الرحمن 14 ـ15


ومارج النار هو طرف اللهب ، وهو خالصه و أحسنه . وقد قالت عائشة رضي الله عنها : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " خلقت الملائكة من نور ، وخلق الجان من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم " . رواه مسلم


كان يعيش على الأرض قبيلتان هما الجن والبن الذين أفسدوا في الأرض وسفكوا الدماء ، فأرسل الله إليهم ملائكة طردوهم وأجلوهم عن الأرض ، وأسكنوهم جزائر البحور ، ثم سكنا نحن قبيلة الجن الذين كنا من خزنة الجنة الأرض بعدهم وعلي رأسهمأنا إبليس ، وكان اسمى قبل معصيتى لله عزازيل وكنيتي أبو كردوس ، وكان لى سلطان سماء الدنيا و سلطان الأرض .


البعض وصفونى بأن قالوا في وصفهم أن إبليس من الجن الذين طردتهم الملائكة وأسروه وذهبوا به إلي السماء .


والله يعلم وأنتم لا تعلمون .


وتبدأ القصه... أنا والإنس


تبدأ عندما خلق الله أدم ، تبدأ بالغيرة والحسد والتعاظم والغرور الذى أصبت به فغويت ، ثم يا حسرتى رددت الأمر على الله , حين قال تعالى لى أسجد لآدم :


وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة، قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ، قال إنى أعلم ما لا تعلمون * وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئونى بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين * قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم * قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم. فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إنى أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون * وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين ) البقرة 34 ـ 38


ونستكمل الصورة فقد سمونى المتكبر والمتجبر والمتمرد من سورة الإسراء ، إذ يقول تعالى :


( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا * قال أرأيتك هذا الذى كرمت علىّ لإن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا * قال إذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا * واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم فى الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا * إن عبادى ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ) الإسراء 61 –65


فما كان من جواب الملعون كما وصفونى إلا أن قلت لربى جل وعلا ما ورد بالقرآن كما قال سبحانه وتعالى:


( قال فبما أغويتنى لأقعدن لهم صراطك المستقيم * لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين * قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين) الأعراف 6 – 18


وبدأت الحرب النفسيه مع آدم عليه السلام وزوجه حواء بالجنه ثم تتبعهما وذريتهما فى الأرض ، حيث اخرجتهما من نعيم الجنه وجعلت ذريتهما يسفكون الدماء ويعصون الله فى الأرض ، إلا من عصم الله ، أليسوا بطائعين لى ولم أجبر أحد على طاعتى ؟


فأنا برئ منهم إنى أخاف الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


سمعت الآن من تتعوذ منى وتخاصموا عندما ذكرنى أحدهم بأن الآخر مثلى ...


نعم فأنا أراكم أنا وعشيرتى من حيث لا ترونى


عجبا لكم معشر الإنس


إذا كنتم تكرهوننى إلى هذا الحد فلم تطيعوننى ، أنا لم أفعل سوى أن دعوتكم فاستجبتم لى بالرغم من أن ربى وربكم حذركم وذكر لكم قولى فى كتابه العظيم القرآن


إنكم أطعتم شهواتكم وغرائزكم وأنفسكم المريضة


دعنا الآن من ذلك ولنكمل التعريف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


وها هو استكمال حديث الله لكم عما جنيت أنا الشيطان من الإنسان ، فقال عز وجل :


( ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنه فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجره فتكونا من الظالمين * فوسوس لهما الشيطان ليبدى لهما ما وورى عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجره إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين * وقاسمهما إنى لكما لمن الناصحين * فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجره بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنه وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجره أقل لكما إن الشيطاتن لكما عدو مبين * قالا ربنا ظلمنا انفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين * قال إهبطو بعضكم لبعض عدو ولكم فى الأرض مستقر ومتاع إلى حين * قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون) .الأعراف 19 –25


ألم يناديكم الرحمن ، ويحذركم منى كعدو لدود لكم ، فيقول :


يابنى آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوءاتكم وريشا ، ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون * يابنى آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنه ينزع عنهما لباسهما ليوريهما سوآتهما ، إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون ) الأعراف26 ـ 27


أقص عليكم ما بدأت به بعد نجاحى فى نزول آدم عدوى الذى فضل علىّ وأنا خير منه من الجنة :


بدأت بولديه قابيل وهابيل وأقص عليكم قصتهما :


واعلموا ... أنا أمرت الأثنين فأطاعنى قابيل ، ولم يطيعنى هابيل


وأذكركم ما جنيت على أحد ، فهذا من أطاعنى وهذا من عصانى


إنها حرية وديمقراطية تامة


قال تعالى : ( واتل عليهم نبأ ابنى آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك . قال إنما يتقبل الله من المتقين * لإن بسطت إلى يدك لتقتلنى ما أنا بباسط يدى إليك لأقتلك . إنى أخاف الله رب العالمين * إنى أريد أن تبوء بإثمى وإثمك فتكون من أصحاب النار . وذلك جزاء الظالمين * فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين ) المائدة 27 – 30


وملخص القصة كما ذكرها أئمة السلف : أن آدم كان يزوج ذكر كل بطن بأنثى البطن الأخرى ، وهابيل أراد أن يتزوج بإخت قابيل الأكبر منه ، وكانت أخت قابيل حسناء ، وكانت فرصتى جعلت قلبه يتعلق بخطيبة أخاه وملأت قلبه بالحسرة والطمع فى الإستئثار بها


فأراد قابيل أن يستأثر للزواج منها على أخيه ، ولكن آدم أمرهما أن يقربا قربانا لله ، وذهب آدم ليحج وترك بنيه .


فقرب هابيل جذعة سمينة جيدة لأنه كان صاحب غنم ، وقرب قابيل حزمة من ردئ زرعه لأنه كان صاحب زرع ، فنزلت النار من السماء ، فأكلت قربان هابيل وتركت قربان قابيل ، فغضب قابيل فأشعلت قلبه وحقده ، وقال لأخيه لأقتلنك ، حتى لا تتزوج من أختى الحسناء ، و قتل قابيل هابيل نتيجة لما استولى على قلبه من حسد لأخيه على حظه من زوجة حسناء تمناها قابيل لنفسه وهى لا تحق له ، وكانت قمة سعادتى فهذا أول عمل صالح لى على الأرض


وهذا يدفعنى لأستزيد من إغواء الضعفاء


ولكننى أبكى حسرة لأن هابيل لم تنشط يده هو الآخر لقتل أخيه قابيل


ولكن ليس مهم سأستمر .............. فالطريق طويل لأنى طلبت من ربى لينظرنى حتى يبعثون لأحتنك من ذرية آدم وقد لبى الله لى رغبتى لأنه يريد أن من يطيعه يكون بإرادته ومن يعصى الله يكون أيضا بإرادته ويحاسب كلٌ على عمله .


ولنستمر ..


وهكذا ... كان الحسد سببا فى تدمير أخوين ، هابيل الذى قتل ظلما ، وقابيل الحاقد الذى قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم برواية ابن مسعود : "لا تقتل نفسا ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها ، لأنه كان أول من سن القتل "رواه الجماعة .


وذكر مجاهد : ( أن قابيل عوجل بالعقوبة يوم قتل أخاه فعلقت ساقه إلى فخذه وجعل وجهه إلى اشمس كيفما دارت تنكيلا به وتعجيلا لذنبه وبغيه وحسده لأخيه لأبويه )


وقال صلى الله عليه وسلم : " ما من ذنب أجدر أن يعجل الله عقوبته فى الدنيا مع ما يدخر لصاحبه فى الآخرة من البغى ، وقطيعة الرحم "


ثم أنه قال تعالى : ( فبعث الله غرابا يبحث فى الأرض ليريه كيف يوارى سوءة أخيه قال ياويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأوارى سوءة أخى فأصبح من النادمين ) المائدة 31


وحصد قابيل من حسده الندم والعقوبة .


مكان الحادث


مغارة تسمى مغارة الدم بجبل قاسيون شمالى دمشق


عقوبته


علقت ساقه إلى فخذه وجعل وجهه إلى الشمس


هذا دور عظيم للغواية بالقتل للنفس التى حرم الله إلا بالحق


جاء دورى فى إغوائهم بالشرك ولأجرب :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


انظروا معى هذه الآية إذ قال تعالى :


( هو الذى خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن أتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين . فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون ) الأعراف 189 ـ 190


قال صلى الله عليه وسلم فى معنى الآية


" لما ولدت حواء طافت بها وكان لا يعيش لها ولد


فقلت لها : سميه عبد الحارث فإنه يعيش


فسمته عبد الحارث فعاش وكان ذلك من وحى وأمرى " .


ظنت حواء ان تسميته هى التى جعلته يعيش وهذا شرك


وبعد وفاة هابيل ولد لآدم ولده شيث ومعناها( هبة الله ) وكان نبيا


وتوالت الرسل فى زمن ألف سنة وأنا تعبان ، ما من أحد يريد طاعتى ، إنهم يعرفونى جيدا ... ماذا أفعل ؟


نعم .. نعم


وجدت الطريق للغواية


هؤلاء الناس .. قالوا عنهم الصالحين هم ( ود ـ سواع ـ يغوث ـ يعوق ـ نسر )


ماتوا ، وحزنت أتباعهم كثيرا عليهم فنصبوا لهم على قبورهم نصبا ، ثم حولوها إلى تماثيل ، وبالتدريج سأجعل الناس يتمسحوا فيها ، وبالتدريج يعبدوها ويفعلوا أعظم ظلم يمكن أن يفترونه ويغضب الرب بإشراكهم غيره فى العبادة وتكون هى ضربتى القاضية لهذا المخلوق الضعيف الاجوف الذى يتهاوى سريعا .


هاهاها .. لقد عبدوهم مع الله بعد ان طال عليهم الأمد ونسوا ربهم


يالعذابى ثانيا لقد بعث الله نبيا ورسولا لإنقاذ البشر من شراكى


لقد أرسل نوحا


ولكن ليس مهم فأنا لى دورى مع كل نبى فإن الأنبياء عدو لى يدعون الناس للحق وأنا أدعوهم للباطل ويحاربوننى فى مسئوليتى ، ويجذبون الناس من قبضتى


إذن حيلتى معهم أن أقنع الناس بأن هؤلاء ما هم أنبياء وإنما هم مجانين أو مسحورون ، أو لربما يكونون هم السحرة


لالالالا إنهم كاذبون ، أيوة .. أيوة كاذبون ... هذا أصلح


كيف يكون لهم صلة بالله الرحمن رب السموات والأرض وهم بشر مثلكم


هذا لايكون فيه بقاؤكم إنهم أناس يريدون أن يخرجوكم من أرضكم ويستولون عليها


نعم ، هذا أنسب ما يكون لى أن أقول
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الإنسان هو كما هو فى كل زمان ومكان ، تأتيه الرسل والمنذرين ويرسل الله الكتب ويحذرهم


منهم من يعاند ويكابر ، ومنهم من يخشى على مركزه وزعامته فيصر ويبيع نفسه ومنهم من ينافق ليشترى الدارين ولا يدرى أن الله يرقبه ويعلم خائنة عينه وتمرد قلبه ، وهؤلاء ما أتعبونى بشئ


إن أهواءهم تتماشى مع إغوائى لهم ، نفوسهم مريضة فسهلوا علىّ المهمة


ولكن ما شق علىّ إلا هؤلاء الذين آمنوا وتوكلوا على الله


إنهم عدو لى وأنا عدوهم ولن أهدأ حتى أسحب منهم أكبر عدد ليكونوا مؤنسى فى الجحيم .


فعلى هؤلاء أعمل ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


وعلىينا بنفس اللعبة القديمة يا أعوانى


اذهبوا إلى ذرية آدم فى كل مكان وزمان


ستجدون من هم بسطاء مهما يحذرهم ربهم مما وقع فيه آباءهم فهم يسيرون على نفس المنهاج


هاها .. ها


إما أنهم جهلاء ، وإما أنهم أغبياء وإما أنهم تركوا دينهم وشغلتهم الحياة وجمع المال عن اليقظة وتعلم دينهم فاكتفوا بتقليد الآباء


إنها مهمة سهلة علينا معشر الشياطين لإغواء هؤلاء


علينا بالضرائح التى هى القبور


أيضا الذين طغوا علينا ممن سموهم الصالحين والمشايخ ، وكما خضع القدامى يجب أن يخضع الأحدث فالأحدث إلى يوم القيامة لأنهل من مثل هؤلاء ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


أقص عليكم كيف ذهبت بعقول البشر بذكائى وخديعتى إياهم ...


جمعت أعوانى وشرحت لهم قضيتنا ثم أمرتهم :


اذهبوا يا أعز أعوانى .. حدثوهم من أضرحتهم واغوهم أن يصنعوا لأحبابهم التماثيل ليخلدوا ذكراهم وهم لا يعلمون إذا كان بعضهم صالحا حقا ، أم منافقا ـ فنحن نرى ما يخفيه هؤلاء عن الآخرين .


لنكلمهم من داخل الضرائح فيظنوا أنها أصوات صالحيهم ، ولنضئ أنوارا خافتة من داخلها ، وبعضكم يتشكل فى صورة طير يخرج من قبورهم ، ووسوسوا للبلهاء إن هذه أرواح محبيهم


ثم ارجعوا لى وقصوا علىّ ما فعله البلهاء لأكمل لكم الطريق الرشيد مع هؤلاء البلهاء


* * *


جمعت أحبابى من أعوانى بعد أن غابوا عنى ...


أهلا بكم فى مجلسى وليعرض كلا منكم ما فعل فى أمر الشرك بالله ...


أنت .. أنت .. ماذا فعلت ؟


قال لى : ذهبت إلى قوم يدعون الآن أصحاب الرس ، وجدتهم قوم كان لهم بئر ترويهم وتكفى أرضهم ، وكان لهم ملك عادل حسن السيرة ، فلما مات حزنوا عليه حزنا شديدا ، وبعد أيام تصورت لهم أنا الشيطان فى صورته ، فقلت لهم إنى لم أمت ولكن تغيبت لأرى صنيعكم ، ففرحوا بشدة وأخبرتهم أنى لا أموت أبدا ثم ضربت بينهم وبينه حجاب أحدثهم ولا يرونى ...فعبدوا ملكهم .


صدقونى .. فجاؤوا لى بمطالبهم وقرابينهم ومرضاهم وطلباتهم وفقرائهم يتوسلون إلىّ ويطلبون ... فتعاظمت لفعلهم .


ولكن لم تكتمل فرحتى ...!


بعث الله نبيا يسمى حنظلة بن صفوان نهاهم عن عبادته وأخبرهم أنما الشيطان يحدثهم وأمرهم بعبادة الله وحده


ولكنى لم أترك سعييى يضيع هباء ، فاكملت عملى معهم


وسوست لهم حتى عانى حنظلة من قومه الأذى والسخرية والمجاهدة ليمنعهم عنى ، وأنا فى مجاهدة ونضال من أجل طاعتك سيدى إبليس حتى أقنعتهم بأن حنظلة كافر بالملك وظالم لمنافع الناس وجاحد لخيرات الملك ، وقلت لهم لابد من قتل حنظلة ذاك ، فقتلوه ودفنوه (رسوه ) فى البئر ، فغار الماء فى البئر حتى هلكوا من العطش ويبست الأشجار وانقطعت الثمار وخربت الديار فهلكوا عن آخرهم وسكنت الجن والوحوش ديارهم


والسعادة الأعظم يوم أن نسعد بلقائهم فى جهنم ونتبرأ منهم ، فما كان لى عليهم من سلطان غير أننى دعوتهم فاستجابوا لى ، وننهل سويا من شجر الزقوم الذى توعدنا الله به .


وسارت مجموعات الشياطين لأقوام ، وأقوام على نفس العهد وكنا سببا لتحطيم وإهلاك الآلاف والملايين منهم ، فهؤلاء قوم عاد وقوم ثمود ، وذاك قوم تبع وأصحاب الأيكة ، وقوم إبراهيم وابن أخيه لوط ، وقوم فرعون وغيرهم وغيرهم حتى الآن وبعد الآن إلى أن تقوم الساعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


انظروا كيف أنى مظلوم مع هؤلاء البشر


ربكم أنذركم وبصركم وأرسل لكم الرسل


وأنا ها أكشف جميع أوراقى


ونزل القرآن على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وأنا برئ من أفعالكم


فهل أنتم منتهون ؟؟؟ ... لا أظن ذلك




ألم يقل لكم الله فى سورة النساء :




( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ، ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا * إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا * لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا * ولأضلنهم ولأمنينهم ولأمرنهم فليبتكن آذات الأنعام ولأمرنهم فليغيرن خلق الله ، ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا )


هل ستنتهون يا من أمركم الله بأن لا تغيرن خلق الله ؟


لا .. والله ما أظن بك يا إمرأة أنك ستنتهى عن التنمص


أليس كذلك


لا شكلك ومظهرك أجمل إذا نزعت شعر حاجبيك وغيرت دوران الحاجب من أعلى وأسفل


ورققى إنه زائد


أيوة بسرعة قبل أن يخرج الشعر الجديد انزعيه فيكون مجرد ضبط للحاجب على ما هو عليه ولم تقعى فى حرام


أقولك .. تعودت على شكلك هكذا وليس معقول يقال عن النظافة حرام


انظرى كيف خدعتك بحجج تميل نفسك لها


ولا أقول لك سوى أنت التى ظلمت نفسك ولندم أظلمك


وستستمرى على ما أشرحه لك الآن ـــــــ أنت ... ضعى لنفسك التعريف المناسب .


أنا ضربت لكم مثلا بسيطا بمناسبة تغيير خلق الله لتعلموا أنى لم أجبر أحد على طاعتى ولكن وسوست وقد قال الله عن كيدى إنه كان ضعيفا ومع ذلك سقتكم ورائى بلا منازع .


ونعود لإستكمال الحديث عن الشرك والضرائح .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
قالت إحداهن :
موضوع رااائع


جزاك الله كل الخير وجعل مثواك الجنه


حبيبتى


هذا تعليق ومشاركة أعتز بها فى وصفى وتجسيد صورتى والتعاون معى فى تمجيدى ليسير من خلفى السفهاء


وشكرا


للأسف ومع تطور العلم والعلماء ومع تطور العقل ما زال هناك من يوقرون الضرائح ومن فيها لدرجة تتدرج معهم إلى الشرك الخفى ويحسبون أنهم مهتدون.


لو كان الأمر هين كما يزعم الجهلاء من أن هذا مجرد حب لأصحاب هذه الضرائح وتقدير لهم ، فهل كان الأمر قد ساء مثل هذه الإساءة مع بدء الخلق الذى كان طاهرا لا يعرف غير الرب الذى خلقه وانتقل بأمره إلى الأرض ليعمرها


كيف تطور الأمر من الطهر إلى نجاسة الشرك إلا بسبب هذا التهاون مع مرور الزمن ؟ !


مع دراسة تاريخ الأنبياء على مر العصور نجد الداعى الأول فى دعوة الأنبياء هو ترك الشرك وعبادة الأصنام ثم الدعوة لحميد الخصال


ما معنى الكفر ، والشرك بالله ؟


ـ الكفر هو الجحود


وكفر بالشئ تعنى غطاه وستره أى أخفاه


وكفر بالله أى غطى وجوده وأنكره وأنكر صفاته وقدراته




ـ الشرك بالشئ هو جعل معه ند له


والشرك بالله معناه إشراك الله بآخر فى قدراته وصفاته


وهؤلاء الذين يتمسحون بالضرائح نجد للأسف ليس فقط بين العامة الغير متعلمين من الناس ولكن شاعت أيضا بين المتعلمين ممن حباهم الله فرصة استخدام العقل وتنميته


ذهبوا إلى الضرائح بطلباتهم


هذا مريض ، وهذا فى ضائقة مالية ، وهذا فى حاجة للزواج ، وهذا له مطلب ، وأقلها هذا المحب


وقالوا المدد يا حبيب يا فلان


وكيف يمنحهم المدد إلا إذا كان هذا إعترافا ضمنيا بقدرته ؟

 
إذا عارضتهم قالوا : نعرف أن العاطى والمانع هو الله


هذا هو الشرك بعينه


لجؤا إلى التقرب لله عن طريق التودد لهذا الميت صاحب الضريح ( القبر) ليقربهم إلى الله


وهذا ما كان يفعله ويصرح به المشركون فى كل عهد من العهود لأنبيائهم


( إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى )


ولو تحدثت مع صاحب فكر وهذا هو المؤلم فالعذر مقبول للجاهل وعليك أن تعلمه ، أما هذا المعلم فماذا تقول له وهو يتشبث برأيه من باب الكبر والغرور بعلمه ، ماذا تقول له إذا قال لك : أنرفض ما كان آباءنا وأجدادنا عايشيين عليه ؟


وهذا ما ندد به الله فى كتابه الكريم فى مئات الآيات فقال :


( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا ، أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير ) لقمان 21


وفى غيرها ( .......... أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون )


لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بيننا الآن ، هل كان يوافق ويقر وجود هذه الضرائح والتمسح بها ؟


ما من عاقل يقول نعم


كيف يقرها من علمنا أن لا ترتفع الضرائح فوق شبر واحد عن سطح الأرض ؟
.......................


أقص عليكم قصة رأيتها بعينى وعشت معها لأتعرف على بعض سلوكيات البسطاء من الناس وللأسف وجدت من لهم علم دينى ودنيوى يشاركون فيها بغض النظر عن اقتناعهم بها أم عدم اقتناعهم ، فمجرد المشاركة تتحول للعقول الجاهلة البسيطة إلى إقرار وتزيد عقيدتهم .


القصة :


أحد الضرائح فى قرية ميت أبو الكوم بالمنوفيه :




كنت فى زيارة لمدة ثلاثة أيام وهذه الأيام تبدأ بمولد لأحد المشايخ كما يسمون وبدأ اليومباستعدادات فى تعليق الزينات والميكروفونات


ومع تدرج اليوم امتلأت الشوارع بعربات اللعب والحلويات والمراجيح وقاعات التواشيح والأناشيد الدينية


ومع الليل بعد العشاء يوم الخميس بدأ الضجيج والميكروفونات تعمل وخرجت أهل القرية كلهم فى الساحة مستمتعين بذكرى الشيخ فلان




وكل من له حاجة جرى يتمسح فى ضريح الشيخ الذى مر على وفاته أكثر من مائة عام ولم يعد يسمع ولا دعاء ولا نداء .


وفى نفس الوقت من فرحة الناس كان هناك رجل يعد نفسه ويعده من معه لتولى الخلافة للشيخ المتوفى منذ زمن تتنقل هذه الخلافة من رجل لآخر حتى هذا اليوم الذى أذكره لكم الآن


ما حال هذا الرجل وكيف يتم إعداده ؟


تم حبس الرجل فى حجرة مظلمة ، لا يذوق طعاما ولا شراب منذ الصباح حتى الليل موعد الفرحة حتى تنتهى قواه ويضعف ويسقط مغشيا عليه حتى الصباح الجمعة ساعة صلاة الجمعة


وبعد أنتهاء صلاة الجمعة يوضع الرجل على حصان ويربط عليه كى لا يسقط ويمسك به رجل آخر


وهذا الرجل المغشى عليه ( الشيخ الجديد ) يلف بملاءة بيضاء ولا يظهر منه شئ ويدور الحصان به القرية كلها شارع شارع وحارة حارة إلى العصر ثم إلى المغرب وهو فى حالة غيبوبة تامة وتتبعه الحمير عليها ركابها والشباب يمسكون بالطبول ويدقون الدفوف وينشدون


وعند المغرب يعاد الرجل غلى حجرته الفردية ليحاولوا إيقاظه وإسعافه بالماء ثم الطعام قليلا قليلا حتى يفيق


وعندئذ يسمى الشيخ الجديد فقد تولى بذلك الخلافة عن الراحل حتى يرحل ويبنى له ضريح يلجأ إليه الناس فى طلب حوائجهم


ما رأيكم فى ذلك ؟


أليس هذا الجهل يتبعه الشرك بالله ُثم الكفر بقدرة الله القادر وإرجاء القدرة لغيره ؟


ثم يسترسل الجاحدون ويقولون عن تصرفهم أو إقرارهم بما يحدث أو بتجاهلهم لما يحدث ـ فيقال هو إحنا كدة بنعبدهم


دول ناس صالحين نوقرهم


هذا ما تردد على ألسنة الكفار والمشركين على مر العصور


الطريقة سهلة وليست ممنوعة ، وهى متشابهة إلا بعض التغيرات البسيطة مع اختلاف ظروف المجتمعات وطبيعة البشر فى كل زمان .
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ


هؤلاء عبدوا أصناما ومنهم من يظل على ذلك مهما كان من تقدم العلم فالشيطان يجب أن يكون حريصا كيف يدخل إلى النفوس ، ويعلل لها فعلها ، وتلك هى براعتى ...


هؤلاء عبدوا البقر والحيوانات والطيور ، وهؤلاء عبدوا أهواءهم وأنفسهم حتى بالرغم من قول الله عنهم ( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه ...)


نعم .. نعم .. ليس كل من ترك الأشياء المادية فهو موحد


أنت .. أنت .. مشرك بالله وأثبت لك


أنت مخطوبة ، ونفسك تحدثك وتقول :


ـــ خطيبى إن لم أستجب لطلباته سيتركنى لمن تلبى طلبه فى قلبه ، فى لمسة ، فى قبلة ، فى .......


ـــ وأنا قرينك قلت : ليس مهم


نفسك تراودك ـ ربنا قال حرام لا يلمسك ولا يرى شعرك ولا يخلو بك


ـــ ولكن سنتزوج وهو لا يلعب بك وإنما أنجذب له وينجذب لى وهذه فوق طاقتى وطاقته .


وأنا حريص عليك وعلى مصلحتك ، خلاص سقطة وتمر ثم سنعيش حلالا .


ما رأيك ؟


وما رأيه؟


أطعتما غرائز وشهوات النفس والجسد فى معصية الله ... فما اسمكما ؟


وهؤلاء عبدوا بعضهم البعض فى اتباع الضعيف لأوامر القوى وترك طاعة الله ، وهؤلاء عبدوا المال ، وهؤلاء عبدوا المرأة ، وأولئك ، وهؤلاء على اختلاف الطرق ، فإن الإنس لم يكونوا عقلاء ، إنهم أفسحوا لى الطريق لأوسوس وأغوى وأمتع بالشهوات واستعملت عليهم غرائزهم وشهواتهم وما كثر بين يديهم من رزق وما قل منه لأعذبهم بها .


وتلك هى أصنامكم .


والهدف واحد ... وقعوا فى الشرك الذى تبعته المعاصى والذنوب والآثام .


ثم انظروا لحالكم


فى الآية ـ 25من سورة العنكبوت


( وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ )


إنكم عبدتم أصناما من غير الله وتوددتم لها فى الدنيا ولكن يوم القيامة ستلعنوها ويلعنوكم ويلعن الأتباع المتبوعين ، وإنكم جميعا فى نار جهنم ولن ينقذكم أحد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


هيا يا أعوانى نجتمع يا أحبابى لنوزع العمل ونضع الخطط لإحكام الغلق على بنوا آدم ..البشر


لابد أن تكون الخطة محكمة التخطيط ، ونبدأ من حيث أننا نراهم وهم لا يروننا ...


على كل شيطان أن يرجع لى آخر اليوم ويقدم لى تقريرا عما فعل اليوم


اذهبوا




والآن وفى آخر النهار والليل نجتمع نحن معشر الشياطين لتقدموا لى تقارير أعمالكم


ابدأ أنت ..


جعلت فلانا يسرق


لا .. لا .. لم تأت بشئ


وأنت ؟


جعلت فلانة تكذب


لا .. لا .. لم تأت بخير


وأنت هناك ؟


جعلت فلانا يقتل أخاه ، وفلانة توقع فتنة بين صديقتين ، وفلانة تخلع ملابسها وتتزين وتخرج إلى الشباب فقتل أحدهم صديقه من أجلها ... أليس هذا يشفى كيد صدرك سيدى ؟


لالالالالا ....


وأنت من هناك يجلس بعيدا فى آخر الصفوف ، ألم تأت بشئ ما بك تكسل عنى ؟


لا سيدى إننى خربت بيت فلان وفلانة فقط .


إليك حبيبى ، اقترب منى وأدنو ، إنك أعظمهم وأقربهم من مجلسى ، إنك جئت بأعظم مما جاء به زملاءك وإخوانك ، إن ما فعلته سيقلل من ذرية بنو آدم ويشتت جمعهم ويكسر قدرتهم على الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، ويفسد فى الأرض فهذه تصبح مطلقة وتحتاج لإشباع غرائزها ، وهؤلاء الذين فسدت أنفسهم يطمعون بها ، ومن مرضت قلوبهم يغتابونها ، وهذه تغار منها على زوجها فنخرب بيتا آخر ، وهذا مطلق والأحقاد تجعله يطمع فى زوجة أخيه أو صديقه ، و.. و.. و..


هذا سيفتح لنا مجالات عظيمة للوقائع
ـــــــــــــــــــــــــــــــ


علينا أعزائى أن نلبس عليهم طرقهم حتى من ادعوا الإلتزام بتعاليم دينهم منهم


سأفرقهم شيعا وأشككهم فى طريقهم وأجعل هذا شيعى ، وهذا صوفى ، وهذا من جماعة تكفير ، وهذا هدفه الهجرة ، وهذا بهائى ، وهذا .. وهذا .. وهذا


وحقيقة حذرهم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم من ذلك وقال لهم :


" سوف تفترق امتي الي بضع وسبعين شعبه كلها في النار الا من تمسك بهدي الله وسنتي " .
وبالرغم من ذلك كل يوم أنشئ جماعات و جماعات ، وأفرق أمة المسلمين وأشتت شملهم بلا حذر ، وإن قيل لهم قال رسول الله ، قالوا إنما يخبر عن غيرنا ، والجميع فى النار إلا نحن .


ألا يدل ذلك على براعتى فى خديعتهم وإحكام المكر والتدبير ؟

أحيانا إذا خلوت بنفسى أحزن لإعترافى بالحقيقة وأبكى ... إن كيدى ضعيفا وما يحدث هو جهل وسفاهة وعناد المكابرين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


والآن نبدأ ذريتى الغاليين وأعوانى الأعزاء الدرس الجديد لنتدارس معا طبائع الناس لنتعرف كيف نسلك الطريق معهم :


فهم أنواع


 ـ أهوج


وهذا نفسه سريعة الميل للفساد ، أمارة بالسوء .. وهذا مهمتنا ستكون معه سهلة ، إذا قلنا له افعل فإنه يفعل ، وربما يفعل قبل أن تصل له أوامرنا ولا يحتاج منا عناء فى التدبير والتخطيط . وهذا النوع من النفوس عافانا الله منهم ليس له إلا غضب الله وعقابه الجحيم .


2 ـ إنسان مؤمن قوى الشكيمة ، عنيد فى الحق ، حريص متيقظ .. وهذا تكون معه مهمتنا صعبة وشاقة ، وعلينا جمع التدابير للتغلب عليه ولن نيأس


سنحاول مرة وعشرة ومليون ... ولكنى مع ذلك الإصرار أظن أننا سنتعب وربما نيأس معه فى محاولات القهر ، ولن ننال منه إلا القليل الذى يمكنه معه التيقظ سريعا ليفلت من شراكنا ، وتلك نفس قد عاهدت الله على الطريق المستقيم وزلاتها قليلة منيبة إلى الله دائما وزاهدة فى الدنيا وترغب ما عند الله


وهذا صاحب النفس المطمئنة .

 
3 ـ والنوع الثالث وسط بينهما ، ليس بضعيف تتملكه الأهواء والكبر والعناد وليس بالقوى الشديد المتيقظ ، وهذا سيراوغنا ونراوغه وننال منه وينال منا .


وهى النفس اللوامة هى فى خير وإنما فى خطر فإذا مالت بها الأمور إلى كفة الشر ضاعت وانقلب بها الحال لأن تكون أمارة إلا أن تستيقظ وتنتشل نفسها من غضب الله


وإما أن تميل بها كفة الخير وتصبح بالتدريج نفس مطمئنة مادامت تحاول تنقية أعمالها وعقيدتها


وتستمر الحياة حتى ينتهى بها الوقت المعلوم عند الله ويكون القضاء المحتوم بالموت
......................




والآن أريد أن يوضح لنا أحدكم تجاربه مع كل نوع ويشرح لنا ما خلص إليها من خصائص كل نوع ... تفضل أنت


الأهوج لا يحب القيود ، لا يلتزم بدين أو قيم أو مُثُل ، نفسه حرة طائرة يمينا ويسارا يمكننا أن نتلقفه ونطيح بهواه أينما أردنا فهو طوع أوامرنا نعلوا به إلى السماء ثم نسقطه إلى الهاوية


إنه ألعوبة يمتعنا ونمتعه فى كل وادى ننهل من متع الدنيا معه حراما حراما فنحن وهو فى الجحيم ، ثم نلعنه كما لعنا ونتبرأ منه ... إنه فاسق لا يسير على طريق محدد ولا ولن يسير إلا على المرجيحة


فهو من أصحاب الشمال ونفسه خبيثة ، أمارة بالسوء .


حقا ، هذا جيد ، وتفسيرك يدل على إخلاصك فى عملك .
..............................


ومن يوضح لنا النوع الثالث ؟


أنا أنا ، أنا سيدى


تفضل .


أما الثالث الذى هو بين ذلك وذاك يرهقنا فى محاورته مرة نخدعه ومرة يتيقظ لأنه ذو نفس لوامة .


وهذه نفس تبحث عن الطريق الصواب ولكنها تخلط عملا صالحا وآخر سيئا وتعود إلى الله تحاسب نفسها ولكنها تضعف ثانيا وتقع وتقوم .


تذكر الله ثم تلهو وتنشغل ، تسقط فى الترف والمحارم ثم تسمع الموعظة وتقرأ القرآن فتخشع وتؤنب نفسها وتتوب ، ثم تعود ، ثم تتوب ، وهكذا .


نتعب معها ونحذر كى لا تتراجع وتتوب فيضيع عرقنا هباء عندما يغفر لها الله


هؤلاء يمكننا أن ندخل إليهم من ماضيهم ليتظلم أحدهم من الآخر ويدعو عليه ويطلب الثأر بالمزيد ، وأكون خبطت رأس الظالم والمظلوم ليهلكا الأثنين .


ولابد أن أكون حذرا من أن يسامح بعضهم الآخر فيفوتنى دمار الأثنين ، لابد أن أذكر أحدهم بما وقع عليه من ظلم الآخر فلا يغفر له ، فيصبح مجهودى وعنائى معهم فى الهواء .


هيا هيا نخرب بيت فلان وفلانة ، ندخل من باب الرزق ففتنة هؤلاء المال الذى سيطر على نفوسهم ، أو حتى فتنة النساء فهى ذات أثر بديع فى خراب البيوت العامرة .


... طريق النساء


أحدنا يقنع النساء بأن الزى المناسب للمرأة ليس ما أمر به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وإنما يجب أن يتناسب مع العصر وتطوره وخروج المرأة للعمل ،


الحر شديد ، والنقاب خانق ، وتلوث الجو جعل أمراض الحساسية تزداد ويصعب معها كتم الأنفاس .


من متعة المرأة أن ترى عيون الرجال والنساء تأكل من جمالها وتنهار


وأيضا نقنع النساء بأن زواج المتعة والزواج العرفى أفضل من الحرمان أو الزنا


ثم نتدرج بهم إلى الزنا مرة مع مرة ليقعوا فى الكبائر التى لايفلح معها توبة وعليها حدود .


أحدنا نحن الشياطين يذهب بألسنة النساء الثرثارات ويخبرهم بخيانة الزوج الذى وقع فى شراكنا فلربما تثور زوجته وتثأر لنفسها وتطلب الطلاق فندمر أطفالهم


أو حتى تسرق ما نقنعها بأنه حقها من زوجها فهى أولى من الغريبة


أو ربما يسعدنا الحظ بقتله .


براقو ، أحاديثكم تدل على خبرة لا يستهان بها مع هؤلاء .
....................................


أما النوع الثانى فقد تركته مؤخرا لنرى لنا معه حلا


إنها النفس المطمئنة .. من يعرفها لنا ؟


أنت من يبكى هناك ..


أبكى حزنا سيدى من تلك النفس التى عاهدت الله على الطريق المستقيم وذلاتها قليلة منيبة إلى الله دائما وزاهدة فى الدنيا وترغب ما عند الله


وتلك هى المشكلة ، تكمن فى زهدها فمن أين لنا أن ندخل إليها ؟


أصحابها لا يكتفون بترك التعلق بالدنيا ولكنهم أيضا فى حصانة بذكر الله فى كل لحظة من حياتهم


قراءة القرآن ، التسابيح ـ السعى فى أمر الدعوة للدين ورفع كلمة لا إله إلا الله ، التعوذ بالله منا ، فى الصلاة ينسون الدنيا وما فيها وإذا وسوسنا لهم فيها فإنهم يتعوذون بالله ويتفلون علينا ، يتسلحون دائما بسورة البقرة ، والمعوذتان ، ويقيدوننا عن أذاهم بآية الكرسى فى الصباح والمساء ، يكثرون من الطاعات التى أمرهم الله بها وما لم يأمرهم بها توددا إليه ، يحذرون بعضهم البعض من حيلنا ، يتسلحون بالآذان الذى يخرق آذاننا ويجعلنا نهرب من المكان نصرخ وقد سمع صوتنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وافتضح لهم أمرنا ، لا يضيعون ثانية بدون استغفار فيغتسلون من الذنوب أول بأول ، دائمون على الصلاة ولم يكتفوا بالصلوات المفروضة بل يستزيدون بالنوافل ، صائمون ، عابدون ، متصدقين ، تائبون ولا ينسون زكاة أموالهم تدفع أول بأول ، ودائما متطهرون وعلى وضوء مستمر ، ويكثرون من السجود الذى هو أساس غضب الله علينا .

فمن أى ثغرة يمكن لنا الدخول إليهم ؟


لو جلسوا مع أى نوع من الأول أو الثالث فإنهم ينهون عن المنكر ويأمرون بالمعروف ، وإذا سمعوا اللغو أعرضوا وتركوا المجلس .


الغيبة ينفرون من سمعها ، والنميمة يحقرونها . يستعظمون الكبائر وتشمئز نفوسهم من مجرد السماع عنها فلا يقربونها


المال فى نظرهم حقير ، والجنس الآخر له حرمة البعد عنه


يحذرون الخلوة التى نكون دائما فيها ، ويغضون أبصارهم فتتنزه عن المعصية .


من يقل لى حلا معهم فأدنيه منى؟


أنا ، أنا ، أنا سيدى


قل أنت .. ماذا نفعل ؟


يمكننا سيدى أن نوسوس لهم فنسب لهم الرسول ونسب لهم الله فنصب كيدنا فى أذنيهم صبا


صحيح إنك لملعون ..............


حاولت وأحاول كل يوم فلا يزيدهم ذلك إلا يقظه وتعوذ بالله ونفرت نفوسهم ، وقد اشتكى أحدهم لرسول الله ذلك فقال له صلى الله عليه وسلم أن هذا دليل على شدة إيمانه إذ لم تطمئن نفسه لسماع وسوستنا هذه ، فزاده ذلك إصرارا على الإستمرار على طريق الله ، وأعرض عن وسوستنا وسخر فى نفسه منها ، حتى إننى أوشكت على اليأس من ثباتهم ، إنهم وللأسف السابقون إلى الجنة .
....................................................................................................


سيدى ، سيدى ، أريد أن أخرج بك إلى أمر مهم وموضوع شائك سيخفف عنك حدة يأسك ويهون عليك


قل عزيزى ...


ما رأيك فى أمر السحر ؟


أنا وزملائى جعلنا نبى الله سليمان يتهم من قبل اليهود بأنه ساحر ونستمر منذ هذا العهد إلى وقتنا هذا نلعب بعقول السفهاء


كيف ؟


سأحكو لك ..


( كنا نحن الشياطين نصعد إلى السماء فنقعد منها مقاعد للسمع فنستمع من كلام الملائكة مما يكون فى الأرض من موت أو غيب أو أمر فنأتى الكهنة ونخبرهم فتحدث الكهنة الناس فيجدونه كما قالوا ، فلما أمنتنا الكهنة كذبنا لهم وأدخلنا فيه غيره ، فزدنا مع كل كلمة سبعين كلمة ، فاكتتب الناس ذلك الحديث فى كتب وفشا ذلك فى بنى إسرائيل أن الجن تعلم الغيب ، فبعث سليمان فى الناس فجمع الكتب فى صندوق ثم دفنها تحت كرسيه ولم يكن أحد منا نحن الشياطين يستطيع أن يدنوا من الكرسى إلا احترق .


فلما مات سليمان عليه السلام وذهبت العلماء الذين كانوا يعرفون أمره وخلف من بعد ذلك خلف تمثل شيطان منا فى صورة إنسان ، ثم أتى نفرا من بنى إسرائيل فقال لهم :


هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبدا ؟


قالوا : نعم


قال : احفروا تحت الكرسى

فذهب معهم وأراهم المكان وقام ناحيته


فقالوا له : فادنوا ( أى اقترب )


فقال : لا ولكننى ها هنا فى أيديكم فإن لم تجدوه فاقتلونى

فحفروا فوجدوا تلك الكتب ، فلما أخرجوها قال الشيطان : إن سليمان كان يضبط الإنس والجن والطير بهذا السحر ثم طار وذهب وفشا فى الناس أن سليمان كان ساحرا واتخذت بنو إسرائيل تلك الكتب .






ولما جاء محمدا صلى الله عليه وسلم خاصموه بأن يجعل من سليمان نبيا فى القرآن على الرغم من أنه ساحرا فنزلت الآيات


يقول جل وعلا : ( واتبعواما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ماله فى الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ) البقرة 102


وتدرج الناس فى أعمال السحر والتعاون معنا الشياطين فى جلب الأخبار واللعب بعقول الجهلاء .


ولكننا كنا فى حرص أن نأخذ من الكهنة والمشعوذين الثمن منهم أنفسهم ، فكان شرطنا لهم هو أن يكفروا لنحطمهم ، وقد فعلوا .


كيف جعلتوهم يكفرون يا أبناء إبليس وأحبابه ؟


طلبنا منهم إذا كانوا يرجون تعاوننا أن يضعوا المصحف والقرآن العظيم فى الحمامات ويلقون بها فى مكان إتيان الحاجة


وأن يضعوا القرآن تحت أرجلهم


وأن يسبوا الله والرسول


وأن يذبحوا ذبائح تطلب من أهل الحاجة على غير اسم الله ، بل باسمك سيدى


وأن يدخلوا المسلمين بيوت المسيحيين ويأمروهم بلبس الصليب ووشمه على جلودهم .


وأن يأتوا بكل حرام فى وسائل علاجهم الجهلاء والضعفاء


وأن يستخدموا الخديعة والزنى مع زبائن الكفر تحت اسم العلاج من الأزمات والأمراض .


التى لا تنجب يعطونها نطفتهم على قطنة فتنجب وهى تظن أنها شفيت بأعمال السحر ولا تدرى أنها زنت .


دق الطبول بما سميناه لهم الزار لنهلك أعصابهم ويلبون طلباتنا


أدخلناهم القبور ، ونهشوها


سعد البلهاء بأعمالنا وأطاعونا لكسب المال ، ولم يهمهم إن كان ما اكتسبوا حلالا أم حراما .


نعاونهم لإهلاك السفهاء .


ونحن نقف عن جنب نتفرج ونهزأ وهم لا يرون سخريتنا منهم ومن فريستهم .


ولكن أحدكم ، صبى منكم ـ لا يعى خطورة ما فعل ـ قد افتضح أمركم فكان سببا فى قلة أعداد من ساقهم المشعوذون فى طريقكم


كيف سيدى ؟


الغبى حدث منه أمر أقصه عليكم :


قال أبى هريرة يقص للمؤمنين من أتباع رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم :


وكلنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان فآتآنى آت فجعل يحثو من الطعام ، فأخذته فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم


قال : إنى محتاج وعلى عيال وبى حاجة شديدة


فخليت عنه ، فأصبحت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة ؟ )


قلت : يارسول الله شكا حاجة وعيالا فرحمته فخليت سبيله


فقال : أما أنه كذبك وسيعود


فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله فرصدته ، فجاء يحثو من الطعام ،


فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم


قال : دعنى فإنى محتاج وعلى عيال لا أعود


فرحمته وخليت سبيله فأصبحت ، فقال لى رسول الله :


( يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة ؟ )


قلت : يا رسول الله شكا حاجة وعيالا فرحمته فخليت سبيله


فقال : ( إنه كذبك وسيعود )


فرصدته الثالثة ، فجاء يحثو من الطعام فأخذته


فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا آخر ثلاث مرات أنك تزعم أنك لا تعود ثم تعود


فقال : دعنى أعلمك كلمات ينفعك الله بها


قلت : ما هن ؟


قال : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسى فإنه لن يزال عليك من الله حافظا ولا يقربك شيطان حتى تصبح


فخليت سبيله، فأصبحت


فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما فعل أسيرك البارحة ؟ )


فقلت يا رسول الله زعم أنه سيعلمنى كلمات ينفعنى بها الله فخليت سبيله ،


قال : وما هى ؟


قلت : قال لى : إذا أويت إلى فراشك فأقرأ آية الكرسى من أولها حتى تختم الآية ( الله لا اله إلا هو الحى القيوم ) ـــ وقال لى : إنك لا يزال عليك من الله حافظا ولن يقربك شيطان حتى تصبح


فقال النبى صلى الله عليه وسلم : ( أما إنه صدقك وهو كذوب ـ تعلم من تخاطب منذ ثلاث يا أبا هريرة ؟ )


قلت : لا


قال : ( ذاك شيطان )


أرأيتم كيف أن هذا الشيطان منكم قد افتضح ضعفنا لآية الكرسى ، وجعل الكثيرين يفلتوا من شباكنا


إن من قرأها فى الصباح لا يقدر أحدنا الإقتراب منه حتى المساء ، ومن قرأها فى المساء لا نقدر على إيذاءه حتى الصباح ، وبذلك يكون قد نجى من إيذائنا .


وأيضا سلح الله الناس بالمعوذتين اللتين هما سورتى الفلق ، والناس


سورة الفلق


بسم الله الرحمن الرحيم


( قل أعوذ برب الفلق * من شر ما خلق * ومن شر غاسق إذا وقب * ومن شر النفاثات فى العقد * ومن شر حاسد إذا حسد )


كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها وبسورة الناس كل ليلة فى كفيه ويتفل بهما ويمسح على جسده


وأمر بأن تقرأ دبر كل صلاة وفى الصباح والمساء


الفلق : الصبح


ما خلق : جميع المخلوقات


غاسق إذا وقب : الليل إذا أقبل ـــ ويقال القمر والنجوم لأنها علامات قدوم الليل وعند الغروب


النفاثات فى العقد : نفث السحرة وأعمال الأذى والشر فى العقد


فهم يقولون الأقوال المخاطبة للجان على عقد يعقدونها


وذلك الحاسد الذى يتمنى زوال نعمة الغير والأذى


كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه السور عند الإستشفاء من الحسد والعين ويقول " بسم الله أرقيك من كل داء يؤذيك ومن شر كل حاسد وعين الله يشفيك "


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


أما سورة الناس


بسم الله الرحمن الرحيــــــــــــــــــــــم


( قل أعوذ برب الناس * ملك الناس * إله الناس * من شر الوسواس الخناس * الذى يوسوس فى صدور الناس * من الجنة والناس )


وهنا نستعين بصفات الله وكماله ونستغيث بربوبيته تعالى وكونه إلاهنا الذى يملك الكون والأمر كله من شر وسوسة أصحاب الشرور من الإنس والجن


الخناس: الذى يكمن ويخنس عند ذكر الله


فالجان تمتنع عند ذكر الله من الوصول إلى النفس وكذلك الشرير من الناس لا يقدر على الوصول إلى النفس عند مقاومة شره بالتعلق بالله


وقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن سورتى الفلق والناس هما أفضل ما قرأ الإنسان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



الخميس، 8 سبتمبر 2011

وعجلت إليك ربى لترضى

وعجلت إليك ربى لترضى


إذا تدبرنا سورة الواقعة ، نجد تقسيم الله لأنواع من الناس لا تخرج عنها صفة ولا أقسام


وهى :
الآيات 4 ـ 10


( إذا رجت الأرض رجا * وبست الجبال بسا * فكانت هباء منبثا * وكنتم أزواجا ثلاثة * فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة * وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة * والسابقون السابقون )


يوم القيامة تزلزل الأرض زلزالا شديدا


وتتفتت الجبال تفتتا كالهباء المتناثر ودكت دكا


وينقسم الناس يوم القيامة إلى ثلاثة أصناف


فهؤلاء


1 ـ أصحاب اليمين المؤمنون الصالحون الطائعين لأوامر الله


2 ـوأصحاب الشمال وهم الكافرين والمشركين وأهل السوء


3 ـ والسابقين وهم نوع من المؤمنين يسارعون فى الطاعات والخيرات مما أمرهم الله وزيادة وهم المحسنين لأعمال الخيريبحثون عن أعمال الخير ليزدادوا حسنا


الآيات 11 ـ 26
(أولئك المقربون * فى جنات النعيم * ئلة من الأولين * وقليل من الآخرين * على سرر موضونة * متكئين عليها متقابلين * يطوف عليهم ولدان مخلدون * بأكواب وأباريق وكأس من معين * لا يصدعون عنها ولا ينزفون * وفاكهة مما يتخيرون * ولحم طير مما يشتهون * وحور عين * كأمثال اللؤلؤ المكنون * جزاء بما كانوا يعملون * لايسمعون فيها لغوا ولا تأثيما * إلا قيلا سلاما سلاما * )


وهؤلاء المقربون وهم السابقون يتنعمون فى جنات ذات خصائص عالية من النعيم ، وهم ( ثلة = كثير ) من الأولين وهم قيل أنهم الذين آمنوا فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وقيل أنهم المؤمنون فى بداية كل عهد وأمة صبرت على التعذيب ، وقليل من الآخرين وهم الذين قبضوا على دينهم وقت الفتن


ويوضح الله ما أعد لهؤلاء من جزاء فى الجنة


سرر منسوجة بالذهب متكئون عليها وجوههم لقاء بعض


يمر عليهم أطفال فى أجمل خلقة وأبهى طلعة فى سن محبوبة لا يكبرون عنها مخلدون فى هذه السن لا يشيبون ، يحملون الأكواب من والأباريق والكؤوس من الفضة مملوءة بأفضل الشراب والخمر الصاف لا تفرغ أبدا


لا تصدع رؤوسهم ولا تنزف عقولهم بالرغم من اللذة التى بهذا الشراب


ويطوفون أيضا بأجمل الثمار التى يختارها المؤمنين وأشهى لحم طير


ولهم الحور العين وهن نساء جميلات كأمثال اللؤلؤ الأبيض الصاف


وهذا كله جزاء عملهم الصالح فى الدنيا


لا يسمعون فى الجنة لغو الحديث ولا العبث ولا التحقير من القول ولكن يسمعون التحية من الملائكة والدعوات الطيبة والتسليم على بعض


فلا تكتف بأن تكونى ممن يصلون فرضهم ويصومون شهرهم ويؤدون زكاة أموالهم ويطيعون الله فيما أمر وينتهون عما نهى ... وكفى


أين المزيد مما حبب إلى نفسك لتقدميه قربات لله


اجعلى لك منهاجا عظيما تسيرى فى خطاه


وتذوقى حلاوة الإيمان


تذوقى السعادة النفسية ، والإطمئنان فى جنب الله ، والحب العظيم الذى يكبر ويكبر ويكبر فى صدرك لله ولرسوله وللمؤمنين حتى يصبح قلبك صغيرا على تحمل هذا الحب فيفيض منه على جنبات حياتك


ثم لعل الله يرضى عنك فتكون لك السبق إلى رحمة الله وسعادة الآخرة فى الدرجات العلى تحت عرش الرحمن


وأى سعادة عندما تكونى ممن يرون وينظرون وجه الكريم فى الجنة ، ويأمنون الفزع الأكبر يوم القيامة ولا يشعرون بعذاب الإنتظار ليفصل الله بين العباد ولا يعذب أجسادهم عرق ذنوبهم


فيصير لك نورا تطيرى فى سبحاته فوق الصراط .


ولا تنسى قول الخالق فى سورة العنكبوت :


بسم الله الرحمن الرحيم


الآيات 1 ـ 4


( الم * أحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ * أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ )


الم : الحروف فى بدايات السور


وسبق شرحها فى سور عديدة


وهل يظن الناس أنهم يتركون ليعلنوا إيمانهم بدون أن يتعرضوا للفتن والإختبارات بحسب ما عندهم من إيمان


وفى الحديث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان فى دينه صلابة زيد له فى البلاء " .


ولقد اختبرنا الذين من قبل ليعلم الله الصادقون فى إيمانهم من الكاذبين


ولا يظن الذين لم يؤمنوا أنهم يتخلصون من هذه الإبتلاءات ولكن ما يقع بهم من عقوبة هو أشد وأغلظ ، فبئس ما يظنون .


الآيات 5 ـ 7


( مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ )


من كان يريد لقاء الله ورحمته فى الدار الآخرة فليعمل الصالحات لأنه لا محالة سيلقى الله ويجازيه على حسن عمله ويثاب عليه ، فالله يسمع ويعلم كل أعمال العباد .


وعليه بمجاهدة نفسه فإن جهاده له خير ويعود عليه وحده بالجزاء الحسن ، فالله غنى عن أفعال العباد .


فالذين يخشون الله ويعملون الأعمال الصالحة يكفر الله عنهم سيئاتهم ويغفر لهم ويجازيهم بأفضل الأعمال التى عملوها فى الدنيا .


وهذا وعد حق من الله الحق الذى لا يخلف وعده .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تنزه الله عن أن يكون له ولد

يا أهل الكتاب



مستحيل أن يكون لله ولد


لنبدأ الطريق معا :


خلق الله البشر وأشهدهم على أنفسهم أنه ربهم ... هل تتذكرون ذلك ؟


إنها ليست بذكرى وإنما هى الفطرة ، إنتماء يدب فى شعور كلا منا ...


كلنا يولد ولديه الإحساس بأنه يقع تحت سيطرة قوة عظمى يخضع لها ، القوة هذه خلقته وكانت سببا لوجوده ، وإذا وقع فى ضيق لجأ إليها لتخلصه من أزمته ، ألا وهو الله .


لابد من أن تتصل القوة العليا بمخلوقيها لتعرفهم عن نفسها ، وتكون هناك علاقة بين العبد الذى هو المخلوق والرب الذى خلق ليعلمهم القانون الذى يتعايشوا به فيما بينهم ، وهذا يستدعى لإتصال بطريق يفهمها البشر


أيكون الرسول من البشر أم من الملائكة


بالطبع نحن لا نفهم لغة الملائكة ولا طريق التعامل معهم ، ومن الحكمة أن يكون الرسول بين الرب والعباد من البشر ليمكنه التعامل معهم .


إذن من البديهى أيضا أن نأخذ عن الرسل والأنبياء علمنا ، ولا منطق يقول بالإجتهاد أبدا .


وهذا آدم الذى هو على تذكر من ربه فهو أول الخلق ونزل من الجنة ويتذكر جيدا فلم يثبت عنه أبدا أن دعا أبناءه بوجود الولد لله ، ومن ذا الذى يكون ابن لله وآدم هو أول البشر ، أليس هو بالأحق ؟!


ومن بعده نوح عليه السلام ... أين ابن الله عندما هلك البشر جميعا ولم يبق سوى نوح وثمانية من أهله واتباعة من المؤمنين .


وتلاه الكثير من الأنبياء الذين لم يثبت أبدا عنهم مجرد الإشارة لمثل هذا القول .


وإبراهيم ومن تبعه من ذريته بإحسان من الأنبياء والصديقين .


ـــــــــــــــــــــــــــــ


وبدأت الطامة مع شعب الله المختار من ذرية يعقوب عليه السلام فقد طال عليهم الأمد وبدؤوا تعرفهم على الله بادعاء الشرك فى نفس اللحظة التى كان يكلم الله موسى بذاته العلية ليطلبوا من نبيهم الإشراك بالله وعبدوا العجل الذى صنعوه بأيديهم من الذهب


أقوام كثيرة قبلهم عبدوا غير الله ومع ذلك لم يثبت أن أحدا من المشركين القدامى ادعى لله الولد .


ثم أتى الشعب الذى فضله الله وأشرك فى حياة نبيهم موسى عليه السلام بالرغم من البينات ولكنه الجهل والعتو والظلم ، فلم يكتفوا بظلمهم بعضهم بعضا ولكنهم ظلموا أنفسهم بادعاء الولد لله وقالوا عزير ابن الله ، وذلك بعد وفاة موسى وهارون عليهما السلام وما كان أحدهم يجرؤ على مثل ذلك فى حياته .


وتلك قصة عزير عبد و نبى الله :


وتلك الآية 259 من سورة البقرة التى أقر بها اليهود بمكة عندما نزلت على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم واعترفوا بها


ولكن من إفكهم ادعوا أن هذا لابد وأن يكون ابن لله وليس عبد لله ، وكل هذا لمجرد الظن فى شئ لم تستوعبه عقولهم ، ولو كان موسى عليه السلام بينهم لكان حطم رؤوسهم .


والآن مع الآية وما تصفه لنا من أمر عزير :


( أو كالذى مر على قرية وهى خاوية على عروشها قال أنى يحى هذه الله بعد موتها ، فأماته الله مائة عام ثم بعثه ، قال كم لبثت ، قال لبثت يوما أو بعض يوم ، قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه ، وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس ، وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما ، فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شئ قدير )


وهذا الرجل المؤمن عزير الذى مر بقرية بيت المقدس بعد تخريب بختنصر لها وقتل أهلها فأصبحت خاوية ليس بها أحد ، وساقطة سقوفها وجدرانها ، فوقف يتفكر فيما أصبح حالها بعد ما كان بها من عمارة ، فقال كيف يحيى الله هذه البلدة بعد ما أصبحت على هذه الحال من خراب ، فأماته الله وهو فى موضعه مائة عام


وكان يحمل فى رحلته طعام وشراب من عصير العنب والتين


وكان قد مات فى أول النهار ، ثم بعثه فى آخرالنهار ، فلما رأى الشمس باقية ظن أنها شمس ذلك اليوم .


فقال (، قال كم لبثت ، قال لبثت يوما أو بعض يوم )


فقيل له وحيا ( قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه ، وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس ، وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما  )


فطعامه لم يتغير طعمه ولم يفسد ، ورأى عظام حماره التى كانت قد بليت تتجمع أمام ناظريه لتكون هيكلا ثم كساه اللحم أمامه


وهكذا جعله الله آية ودليل يعرف الناس على قدرة الله فى بعث الأموات وإعادتهم إلى الحياة ليحذرهم من يوم القيامة والبعث للمحاسبة على ما سبق من أعمالهم فى الدنيا .


فلما وضح لعزير قدرة الله وعظمته قال : (أعلم أن الله على كل شئ قدير) .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ثم يتلوهم النصارى وهذا ما كان من أمرهم هم الآخرون ، فلنا معهم أيضا وقفة تدبر.


هذا عيسى ابن مريم الذى قال تعريفا بنفسه أنه عبد الله :


الآيات 45 ـ 47 من آل عمران


( إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها فى الدنيا والآخرة ومن المقربين * ويكلم الناس فى المهد وكهلا ومن الصالحين * قالت رب أنى يكون لى ولد ولم يمسسنى بشر ، قال كذلك الله يخلق ما يشاء ، إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون )


تبشر الملائكة مريم بأنه سيكون منها ولد له شأن عظيم (بكلمة منه ) أى وجوده بأمر من الله إذ يقول له كن فيكون


ويكون مشهورا فى الدنيا عند المؤمنون باسم عيسى ابن مريم حيث لا أب له فيعرف بأمه


وله وجاهة ومكانة عند الله بما يوحيه إليه من الشريعة وينزل عليه الكتاب ، وفى الآخرة يشفع عند الله مثل أولى العزم من الرسل


ويدعوا إلى عبادة الله وحده فى حال صغره فهو معجزة وفى كهولته يوحى الله له وعمله صالحا


تعجبت مريم أن تلد ولم تتزوج وليست بغيا


قالت لها الملائكة أن الله يخلق مايشاء وإذا أمر بشئ فإنه يقول له كن فيكون وأنه قضى بذلك وانتهى الأمر


الآيات 48 ـ 51


( ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل * ورسولاإلى بنى إسرائيل أنى قد جئتكم بآية من ربكم أنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ، وأبرئ الأكمه والأبرص وأحى الموتى بإذن الله ، وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون فى بيوتكم ، إن فى ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين * ومصدقا لما بين يدى من التوراة ولأحل لكم بعض الذى حرم عليكم ، وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون * إن الله ربى وربكم فاعبدوه ، هذا صراط مستقيم )


يخبر الله تعالى عن بشارة الملائكة لمريم ويوضح ما حبى الله عيسى من آيات ومعجزات ليقنع قومه أنمه مرسل من قبل العزيز الواحد القهار
الأكمه : هو من يولد أعمى


الأبرص : المصاب بمرض البرص


( ولأحل لكم بعض الذى حرم عليكم ) : هو أن رسالة عيسى هى أنه نسخ بعض ما كان فى التوراة فأحل بعض ما حرم الله على بنى اسرائيل من ظلمهم


وقال لبنى إسرائيل إن الله ربى وربكم فأخلصوا له العبادة ولا تشركوا بعبادته شيئا ، فإن هذا هو الصراط المستقيم .


الآيات 52 ـ 54


( فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصارى إلى الله ، قال الحواريون نحن أنصار الله ءامنا بالله واشهد بأنا مسلمون * ربنا ءامنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين *ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين )


وعندما أحس عيسى أن اليهود مصرون على الكفر قال من يتبعنى فى طريق الله ؟ والدعوة إلى توحيد الله


قال مناصرون له ( الحواريون ) نحن معك وناصروك واشهدوا الله على إيمانهم معه


وأراد بنوا اسرائيل الفتك بعيسى وأرادوا أن يصلبوه وخططوا لذلك وذلك بأن وشوا به عند ملك الرومان فى هذا الزمان الذى كان قد احتل أورشليم وقالوا له أنه يفسد عقول الناس ويحرضهم على عدم طاعة الملك ويفرق بين الأب وإبنه وغير ذلك من الإفتراءات


غضب الملك وبعث من يأخذه من بيته ليصلبه ولكن الله كان أقدر على التخطيط ففتح له فى سقف بيته ورفعه إلى السماء وألقى شبهه على رجل ممن كانوا عنده فى البيت وعندما دخلوا عليه فى الظلام ظنوه هذا الرجل فأخذوه وصلبوه ووضعوا على رأسه الشوك


وهكذا نجى الله نبيه ورفعه إليه وترك بنى اسرائيل فى ضلالهم فى ذلة إلى يوم الدين


الآيات 55 ـ 58


( إذ قال الله ياعيسى إنى متوفيك ورافعك إلىّ ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ، ثم إلىّ مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون * فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا فى الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين * وأما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ، والله لا يحب الظالمين * ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم )


يقول سبحانه أنه قال لعيسى عليه السلام إنى متوفيك نوما ( كما يحدث لجميع الأحياء عند النوم ) ورافعك إلى السماء وجاعل الناس الذين آمنوا به أفضل من الكافرين وفوقهم إلى يوم القيامة وقد فعل ذلك الله باليهود الذين كفروا فعذبهم فى الدنيا بالقتل والسبى وأخذ أموالهم ويوم القيامة العذاب الأكبر


أما الذين آمنوا فأثابهم فى الدنيا بالنصر وفى الآخرة بالفوز بالجنة


ثم قال يا محمد إن ما قصصته عليك من أمر عيسى لا شك فيه


................... وما كان ليجرؤ أحد أن يشهد بأن عيسى ابن لله فى محياه بينهم


وبدأ الحواريون لما رأوه من رفع عيسى أمام ناظريهم يعرض ظنه في من يكون عيسى هذا


فمن قال عبد الله ورسوله ونجا الله رسوله من كيد الكافرين


وقال البعض إنه الله بذاته نزل بين العباد


ومنهم من قال إنه ابنه ورفعه لينجييه من القتل


وكل هذه من الظنون


ولا يتفق من هذه مع ما عرف عيسى بنفسه إلا الفرقة الأولى ، إنه عبد الله ورسوله .ــــــــــــــــــــــــــــ


ويؤكد ذلك الله بذاته وجلاله فيقول :


الآيات 59 ـ 63


( إن مثل عيسى عند الله كمثل ءادم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون * الحق من ربك فلا تكن من الممترين * فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين * إن هذا لهو القصص الحق ، وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم * فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين )


يخبر سبحانه أنه خلق عيسى كما خلق آدم من تراب وقال له كن فكان وأسكن جسده الروح فلا تتشكك فى ذلك يا محمد ويا كل مؤمن فى قدرة الله على ذلك


وادعوا الناس للتوحيد بالله وانهاهم عن قول عيسى الله أو ابن الله كما يدعى النصارى


وكان سبب نزول الآية أن وفد نجران من النصارى جادلوا الرسول صلى الله عليه وسلم فى ذلك ، فأنزل الله الآية وقال له


فمن جادلك فى ذلك فقل لهم اجعلوا أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم يحضروا مجلس اللعان هذا الذى طلب وفد نجران جعله بأن يلعن كلا من النصارى والمسلمون بأن تنزل اللعنة على الكاذب منهما


فخاف أحدهم وقال لا تفعل فإنه لو كان نبيا على حق فلن نفلح بعد ذلك أبدا


ويقول تعالى إن هذا ما قلناه لك من أمر عيسى هو الحق ولا محيد عنه


ومن يعدل عن الحق فهو لا يريد إلا الإفساد ويعلمه الله وسيجزى شر الجزاء


أليست هذه هى قصته التى وردت فى الكتاب السماوى ووردت فى التاريخ البشرى


فكيف ندعى له الولد ونحن لم يصدر عن الأب كما ادعوا ولم يصدر عن الإبن كما ادعوا بكون ذلك أبدا


فهذا الرب ينكر أن يكون له ابن وهذا الإبن المدعى عليه ينكر أنه ابن ويؤكد منذ معجزته الأولى بكلامه أنه عبد لله .


فبماذا يسمى هؤلاء المدعون بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير؟
وتلك الآية 33 من سورة الرعد


يقول تعالى:


( أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت ، وجعلوا لله شركاء قل سموهم ، أم تنبؤنه بما لا يعلم فى الأرض أم بظاهر من القول ، بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ، ومن يضلل الله فما له من هاد )




أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت : فالله حفيظ عليم رقيب على كل نفس ويعلم ما عملوا من خير وشر


وجعلوا لله شركاء قل سموهم : وعبدوا مع الله آلهة أخرى ، قل لهم عرفونا بهم فإنهم لا حقيقة لهم


أم تنبؤنه بما لا يعلم فى الأرض أم بظاهر من القول : أم إنكم تعلمون ما خفى عنه بظنكم


بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل : ولكن زين للكافرين ضلالهم وما هم عليه وبعدوا عن الحق


ومن يضلل الله فما له من هاد : فمن لم يهده الله فلا هادى له ومن أضل فلا هادى له


وهكذا يوبخ الله المشركين بما زعموا وظنوا بالله غير الحق .
الآية 116، 117 ـ البقرة


( وقالوا اتخذ الله ولدا ، سبحانه ، بل له ما فى السموات والأرض كل له قانتون* بديع السموات والأرض وإذا قضى أمرا فإنمايقول له كن فيكون)


قال اليهود عزير ابن الله ، وقالت النصارى عيسى ابن الله وقال المشركون الملائكة بنات الله


فنزلت الآية تنفى الولد عن الله فتعالى عن أن يكون له حاجة للولد فإن اتخاذ الولد من سمة الخوف من العجز والرغبة فى المعين عند الكبر


فالله اذا أراد شئ فإنه يقول له كن فيكون
فهو له كل ما فى الأرض والسموات وهو خالقهن


قال ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " قال الله تعالى : كذبنى ابن آدم ولم يكن له ذلك ، وشتمنى ولم يكن له ذلك ، فأما تكذيبه إياى ، فزعم أنى لا أقدر أن أعيده كما كان ، وأما شتمه إياى فقوله : إن لى ولدا




فسبحانى أن أتخذ صاحبة أو ولد " . رواه البخارى


..............................................................................................


فهذا هو الله كما دلنا على ذاته الشريفة
( الله لا إله إلا هو الحى القيوم )


لاإله إلا الله


عن أبى سعيد الخدرى عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ( قال موسى : يارب علمنى شيئا أذكرك به وأدعوك به ،


قال : قال يا موسى : لاإله إلا الله ، قال يارب كل عبادك يقول هذا ،


قال : قل لا إله إلا الله


قالموسى : إنما أريد شيئا تخصنى به


قال : ياموسى لو أن أهل السموات السبع والأرضين السبع فى كفة ولاإله إلا الله فى كفة مالت بهم لاإله إلا الله )


الحى القيوم


حى فى ذاته لا يموت ولا ينام لأن فى النوم موتة مؤقته


لا تأخذه سنة ولا نوم


وقال ابن عباس : ( إن بنى إسرائيل قالوا لموسى : هل ينام ربك ؟


قال : اتقوا الله


فناداه ربه عز وجل : ياموسى سألوك هل ينام ربك ؟ فخذ زجاجتين فى يدك فقم الليل


ففعل موسى


فلما ذهب من الليل ثلثه نعس فسقط لركبتيه ثم أنتعش فضبطهما حتى إذا كان آخر الليل نعس فسقطت الزجاجتان فانكسرتا


فقال ربه عزوجل : يا موسى لو كنت أنام لسقطت السموات والأرض فهلكن كما هلكت الزجاجتان فى يدك )


قيوم قيم لغيره فجميع الموجودات تفتقر إليه وهو غنى عنها .


.................................................................................


ويشرح الله لأهل الكتاب ما وقعوا فيه ليهدى من يستحق الهداية منهم فيقول فى سورة المائدة :


الآيات 15 ، 16


( ياأهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير ، قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم )


ثم يحدث الله عز وجل أهل الكتاب من اليهود والنصارى ويقول لهم أنه أرسل لهم النبى محمد صلى الله عليه وسلم ليوضح لهم ما حرف آباءهم مما أنزل الله فى التوراة والإنجيل وبدلوا وكذبوا على الله وافتروا عليه ويسكت على كثير مما غيروا فلا فائدة فى بيانه


وأنه صلى الله عليه وسلم جاء بالقرآن الذى هو نور ورحمة لهم ويبين لهم ما يرحمهم من عذاب بأسهم فى الدنيا وعذاب النار فى الآخرة


فهو هدى ومنهج استقامة وطريق نجاة لمن اتبع رضا الله يرشدهم للحق ويبعدهم عن الضلال


الآيات 17 ـ 18
( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ، قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن فى الأرض جميعا ، ولله ملك السموات والأرض وما بينهما ، يخلق ما يشاء ، والله على كل شئ قدير * وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه ، قل فلم يعذبكم بذنوبكم ، بل أنتم بشر ممن خلق ، يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ، ولله ملك السموات والأرض وما بينهما ، وإليه المصير )


قالت النصارى أن عيسى عليه السلام هو ابن الله ولقد كفروا بمثل هذا القول ولكنه عبد الله ورسوله


فلو أراد الله أن يهلك المسيح وأمه والخلق جميعا لفعل وما منعه شئ


والله يملك كل شئ وهو القادر على ما يشاء ويخلق ما يشاء


ادعى اليهود والنصارى أنهم أحباء الله وأبنائه وهو يحبهم لأنهم ينتسبون لأنبيائه


فيقول لهم الله لو كان ذلك حقا فلماذا يعذبكم بذنوبكم ، ولكنكم بشر ممن خلق ومثلكم كمثل جميع أبناء آدم والله الحاكم فى عباده كيف يشاء وإليه المرجع والمآب


الآية 19


( يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير ، والله على كل شئ قدير )


يقول الله عز وجل لليهود والنصارى أنه قد أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم لهم بعد فترة زمنية ( حوالى 600 سنة من بعد عيسى ) حتى لا تقولوا لم يأتنا من رسول ينهانا عن الشر ويرشدنا إلى الحق


فقد جاءكم محمدا والله قادر على عقاب الظالم وثواب المطيع


الآيات 72 ـ 75


( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ، وقال المسيح يا بنى إسرائيل اعبدوا الله ربى وربكم ، إنه من يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنة ومأواه النار ، وما للظالمين من أنصار * لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ، وما من إله إلا إله واحد ، وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم * أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه ، والله غفور رحيم * ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة ، كانا يأكلان الطعام ، انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون )


يصرح ويعلن الله بأن من قال أن عيسى ابن مريم ابن الله أو هو الله أو كما يدّعون ثالث ثلاثة فهو كافر


لقد قال المسيح بأنه عبد الله ورسوله وأمر أتباعه بعبادة الله وحده وأنه من يشرك بالله فمصيره إلى النار والحريق


فلا يوجد للكون إلا خالق واحد ولا إله إلا الله


ويحذرهم الله إن لم يتراجعوا عن قولهم الزور فى حق الله وحق عيسى ابن مريم ليعذبهم عذابا شديدا


وأولى بهم أن يتوبون إلى الله ليغفر لهم بدلا من أن يتقولوا من عند أنفسهم ما لم ينزل به الله سلطانا


إن عيسى ابن مريم خلقه الله كما خلق آدم وأنه وأمه المصدقة بالله المؤمنه به و كانا بشرا يأكلان الطعام ويمشون فى الأسواق ومثله كمثل الرسل التى أرسل الله من قبله ومن بعده


انظر يا محمد كيف نوضح لهم البينات فإلى أين يذهبون بأفكارهم وينصرفون


( يؤفكون ) بعيدا عما يبين الله لهم


وهكذا ينفى الله الحق عن نفسه صفة اتخاذ الولد ، فكيف لنا أن ننسب له الولد ظنا ؟!


وإليكم أعزائى قصة المسيح بالقرآن وما كان محمدا بقارئ حتى يتعلم ما جاء فى كتابكم ، والذى شهد النجاشى بصدقها عندما أراد مشركوا العرب ومؤمنوها أن يحكموه بينهما :




كانت لزوجة زكريا أختا هى زوجة عمران النبى من أنبياء بنى اسرائيل من سلالة داود وكانت عاقرا فدعا عمران ربه وأنعم عليه بأن حملت زوجته ثم قتله اليهود


ووضعت زوجة عمران بنتا سمتها مريم


تكفل برعايتها زوج خالتها زكريا وتحمل أذى اليهود من أجلها وأجل دعوته وقتلوه أيضا خوفا على السلطان لأنه بشرهم بقدوم عيسى عليه السلام


وفى الآيات التالية يحدثنا الله عن مريم بنت عمران


الآيات 16 ـ 21


( واذكر فى الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا * فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا * قالت إنى أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا * قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا * قالت أنى يكون لى غلام ولم يمسسنى بشر ولم أك بغيا * قال كذلك قال ربك هو علىّ هين ، ولنجعله آية للناس ورحمة منا ، وكان أمرا مقضيا )


وقد ذكرنا من قبل قصة ولادتها فى سورة آل عمران عند تفسيرها


نشأت فى بنى اسرائيل وكانت عابدة ناسكة وتكفلها زكريا بالرعاية


واعتزلت ( انتبذت ) أهلها وذهبت شرقى المسجد الأقصى واستترت منهم


( اتخذت من دونهم حجابا )


فأرسل الله لها جبريل بصورة انسان فخافت وظنت به سوء لها فتعوذت منه


فقال لها لا تخافى فأنا رسول الله و أرسلنى لأهديك غلام


فتعجبت كيف يكون لها غلام ولم يمسها إنسان ولم تكن بالباغية


فقال لها هذا أمر الله وسيكون علامة للناس على قدرة الله فى الخلق كما خلق آدم من تراب وخلق حواء من ذكر وهو آدم و بلا أم كذلك يخلق عيسى من أنثى بلا ذكر وخلق ذريته من ذكر وأنثى


وهذا من رحمة الله وقد قضى بذلك الأمر ولابد من حدوثه


الآيات 22 ، 23


( فحملته فانتبذت به مكانا قصيا * فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتنى مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا )


ويخبر سبحانه عن حال مريم فقد حملت بالولد بعد أن نفخ الملك فى جيب درعها وخافت من قومها الشك بها شرا فاتخذت مأوى بعيدا عنهم ( قصيا )


وجاء موعد ولادتها واستندت إلى جذع النخلة ، وتمنت الموت ولا تكن بمثل ما حدث لها فهى ستمتحن بهذا الولد ولن يصدقها أحدوتمنت لو كانت شيئا لا يعرفه أحد ( نسيا منسيا )

الآيات 24 ـ 26


( فناداها من تحتها ألا تحزنى قد جعل ربك تحتك سريا * وهزى إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا * فكلى واشربى وقرى عينا ، فإما ترين من البشر أحدا فقولى إنى نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا )


فناداها جبريل من أسفل الوادى وقال : لا تحزنى فقد جعل الله تحتك نهر صغير


وهزى جذع النخلة تسقط عليك بلحا رطبا اجمعيه لتأكلى منه واشربى واهدئى وطيبى نفسا


ومهما رأيت أحد فقولى اننى أنذر الصوم عن الكلام ولن أتحدث مع أحد


الآيات 27 ـ 33


( فأتت به قومها تحمله ، قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا * يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا * فأشارت إليه ، قالوا كيف نكلم من كان فى المهد صبيا * قال إنى عبد الله أتانى الكتاب وجعلنى نبيا * وجعلنى مباركا أينما كنت وأوصانى بالصلاة والزكاة ما دمت حيا * وبرا بوالدتى ولم يجعلنى جبارا شقيا * والسلام علىّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا )


يقول تعالى : عادت مريم إلى أهلها فاستنكروا أمرها وعاتبوها قالوا لقد جئت شيئا عظيما ( فريا ) ، يا سليلة الأنبياء ( يا أخت هارون ) ليس أبوك بالسوء وليست أمك باغية فلماذا فعلت ذلك


فصامت عن الكلام وأشارت لوليدها أن إسألوه


قالوا لها كيف يكلمنا وليد فى المهد ؟


فتكلم الوليد ليعرفهم بنفسه وقال : أنا عبد الله نبى من أنبيائه خلقنى وأعطانى كتاب سماوى لأنذركم به وجعلنى معلما للخير وأوصانى بالصلاة والزكاة ونافعا بالخير أينما ذهبت وطوال حياتى


وجعلنى برا بأمى ولم يجعلنى مستكبرا عن عبادته


ثم يثبت أنه مخلوق من عباد الله فيقول : لى السلامة من السوء عندما ولدت وعندما أموت وعند البعث كسائر الخلائق


الآيات 34 ـ 37


( ذلك عيسى ابن مريم ، قول الحق الذى فيه يمترون * ما كان لله أن يتخذ من ولد ، سبحانه ، إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون * وإن الله ربى وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم * فاختلف الأحزاب من بينهم ، فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم )


وهذا هو عيسى ابن مريم الذى فيه يشكون ويختلفون وقالوا فيه أنه الله وطائفة قالت ابن الله


إن الله لا يتخذ أبناء لأنه عزيز وقوى ولا يضعف ليحتاج العون


ولكنه يقول للشئ كن فيكون


وأمر عيسى بأن يقول لقومه إن الله ربى وربكم فاعبدوه فهذا الطريق الصواب المستقيم


ولكن اختلف أهل الكتاب بعد أن بين عيسى لهم الأمر وقالوا كيف يتكلم الطفل الرضيع إنما الذى يتكلم هو الله وآخرون قالوا ابن الله وآخرون قالوا ثالث ثلاثة ابن وأب وروح


وهكذا كفروا وكان أولى بهم أن المعجزة تجعلهم يصدقون ما قال عن نفسه وهو عبد الله فالله لا يكذب


ويهددهم الله هؤلاء الكفار بأهوال يوم القيامة ولهم الويل مما يصفون


الويل وادى فى جهنم تتعوذ منه جهنم نفسها كل يوم مائة مرة


فاحذروا غضب الرب


الآيات 38 ـ 40


( أسمع بهم و أبصر يوم يأتوننا ، لكن الظالمون اليوم فى ضلال مبين * وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضى الأمر وهم فى غفلة وهم لا يؤمنون * إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون )


ويوم القيامة ما أسمع وما أبصر هؤلاء الكفار ولكنهم فى الدنيا فى ضلال ولا يسمعون ولا يبصرون قلوبهم مغلقة عن الحق


فانذر الخلائق يا محمد يوم القيامة يوم تكون الحسرة ويكون قد قضى بينهم ودخلوا الجنة وفريق فى النار ولكنهم الآن فى غفلة ولا يؤمنون


فلله ميراث السموات والأرض وكل مخلوق عائد إلى الله


الآيات 88 ـ 95


( وقالوا اتخذ الرحمن ولدا * لقد جئتم شيئا إدا * تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا * أن دعوا للرحمن ولدا * وما ينبغى للرحمن أن يتخذ ولدا * إن كل من فى السموات والأرض إلا آت الرحمن عبدا * لقد أحصاهم وعدهم عدا * وكلهم آتيه يوم القيامة فردا )


لقد قال الكفار أن الله اتخذ ولدا ، وهذا قول عظيم ( إدا )


فالسموات تكاد تتشقق لهذا القول الباطل والأرض تغضب وتكاد تنشق من شدة الغضب وتهدم الجبال على بعضها متتابعة لهذا الأذى فى التقول على الله


فالله لا يحتاج لإتخاذ الولد ولا يليق به مثل ذلك لجلاله وعظمته


فاتخاذ الولد يكون عن طلب العون عند الحاجة والسند عند الضعف والقصور


ولكن كل المخلوقات ماهى إلا عبيد لله الواحد ويوم القيامة يأتون لله فرادى لا ناصر ولا معين إلا الله


إن هذا القول عند الله عظيم فلا تتبسطوا فيه .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


إن قضية اتخاذ الولد تنم عن ضعف الوالد .


كلنا يحب أن يكون له ولد يسعد به فى صغره ، ثم يكون له عونا عند كبره وعجزه


سند ، معين على أعباء الحياة


وأنى لله من السعادة بالولد وله ملك السموات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى ، ولوكان له ولد لكان أول من آمن بوجوده الأنبياء والرسل ، ولكنهم جميعا بلا استثناء نفوا ذلك .


وأنى لله من العجز والكبر والإحتياج للعون ، وهو معين الخلائق وله كل شئ مستعينا بقوته وعزته ورحمته وكل شئ له وهو القيوم الذى تفتقر إليه الخلائق


سبحانه وتعالى عما يصفون .
..............................................................................................