مــــرحــــــباَ بـــأحـبـــاب الله مــعــاَ

في طريق الجنة


الأربعاء، 19 يناير 2011

القلم

تفسير سورة القلم



بسم الله الرحمن الرحيـــــــم


الآيات 1 ـ 7


( ن ، والقلم وما يسطرون * ما أنت بنعمة ربك بمجنون * وإن لك لأجرا غير ممنون * وإنك لعلى خلق عظيم * فستبصر ويبصرون * بأييكم المفتون * إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين )


ن : من الحروف فى بداية السور


وقيل اسم القلم للكتابة ويقصد التعلم


وقيل الحوت على تيار البحر المسجور المحيط بالسماوات والذى ينزل يوم القيامة على صورة مطر لإحياء الموتى


وقيل أنه الحوت الذى يكون زيت كبده أول طعام أهل الجنة


القلم وهو القلم للكتابة


ويقال أنه القلم الذى كتب الأقدار


وهو تنبيه إلى فضل الله فى خلقه ما أنعم به على الإنسان من المقدرة على التعليم والتعلم


وما يسطرون : وما يكتبون


ويقسم الله بما سبق لمحمد أنه ليس بمجنون كما وصفه الكفار فيقول


والذى خلق الأقدار للخلائق من قبل أن يخلق السموات والأرضين إنك على حق وإن لك أجرا بما سببوه لك من أذى وهذا الأجر غير مقطوع


فسوف يعلمون وتعلم من منكم الذى هو مفتون ومجنون


فالله يعلم الضال ويعلم المهتدى


الآيات 8 ـ 16


( فلا تطع المكذبين * ودوا لو تدهن فيدهنوم * ولا تطع كل حلاف مهين * هماز مشاء بنميم * مناع للخير معتد أثيم * عتل بعد ذلك زنيم * أن كان ذا مال وبنين * إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين * سنسمه على الخرطوم )


فلا تطع يا محمد المكذبين


تمنوا لو ترخص لهم عبادة آلهتهم فيرخصون لأنفسهم عبادة آلهتهم وتترك ما أنت عليه


ولا تطيع كل كاذب يحلف بأيمانه الكاذبة وهو ضعيف مكابر


( هماز ) مغتاب ( مشاء بنميم ) يمشى بين الناس بالنميمة


( منّاع للخير ) يمنع الخير ( معتد ) يتجاوز الحد المشروع ( أثيم ) يأتى المحرمات


( عتل ) فظ غليظ ( زنيم ) لئيم فحّاش


مقابل ما أنعمنا عليه من مال وأولاد فهو يكذب بالقرآن ويقول إنه أساطير وقصص القدماء.


( سنسمه على الخرطوم ) فسوف تكون له سمة وعلامة على وجهه وسواد يوم القيامة


الآيات 17 ـ 21


( إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين * ولا يستثنون * فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون * فأصبحت كالصريم * فتنادوا مصبحين )


يضرب الله مثلا لكفار قريش فيما أهدى لهم الله من الرحمة والنعيم وهو بعثة محمدا صلى الله عليه وسلم ولكنهم قابلوا ذلك بالجحود تماما مثل هؤلاء الأخوة الذين مات أبوهم وورثوا عنه جنة وبستان عظيم فأقسموا فيما بينهم أن يجمعوا ثمارها ليلا ولا يعلم فقير بها ولا يعطون منها مسكين


فعاقبهم الله بأن أرسل عليها آفة من السماء ( طائف من ربك ) فأهلكها وأصبحت ( كالصريم ) كالليل الأسود وهشيما يابسا وذلك وهم نائمون


وعند الصباح نادى بعضهم بعضا ليذهبوا للحصاد


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


يا ترى ماذا سيجدون ؟ وما سيكون حالهم عندما يجدون أنها تدمرت ؟


هذا ما سنعرفه لاحقا فى الآيات المقبلة إن شاء الله


الآيات 21 ـ 29


( فتنادوا مصبحين * ان اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين * فانطلقوا وهم يتخافتون * أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين * وغدوا على حرد قادرين * فلما رأوها قالوا إنا لضالون * بل نحن محرومون * قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون * قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين )


ولما كان الصبح نادوا على بعض ليذهبوا بستانهم


وقالوا لو كنتم تصرون على ما اتفقتم عليه هيا بنا


ومضوا إلى بستانهم وهم يتحدثون بصوت خافت


لا تمكنوا أحد فقيرا اليوم على دخول جنتكم


واستمروا على قوتهم فى القرار والغيظ


فلما وصلوا رأوا ما أصابها من دمار


قالوا لا بل نحن أخطأنا الطريق ليست هذه جنتنا


وتراجعوا فقالوا لا بل هى ولكن لا نصيب لنا فيها


قال الأخ الأوسط فى الرأى والخير : لقد قلت لكم سبحوا الله واشكروه على ما أعطاكم


فقالوا نحن ظلمنا أنفسنا وندموا على ما فعلوا حيث لا ينفع الندم


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ثم يبدأ اللوم والحسرة فى الآيات القادمة


الآيات 30 ـ 33


( فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون * قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين * عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها ، إنا إلى ربنا راغبون * كذلك العذاب ، ولعذاب الآخرة أكبر ، لو كانوا يعلمون )


وأخذ يلوم بعضهم بعضا ، كيف أننا فكرنا وعزمنا على حرمان أى مسكين مما أنعم الله علينا به


وأفيقوا لما صنعوا ، لنا الويل على ما دبرنا واعتدينا


نحن نتوب إلى الله ونأمل من الله أن يعوضنا خيرا منها


وهذا هو العذاب بعينه لمن خالف شرع الله وتقواه وعذاب الآخرة أشد وأشق


وربما الإعتراف بالذنب والرجوع إلى الله فى الدنيا يفيد ويبدل الله السيئات بالحسنات ، ولكن كيف بعذاب يوم القيامة الذى لا تراجع بعده ؟ ... نعوذ بالله من فوت أوان التوبة


الآيات 34 ـ 41


( إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم * أفنجعل المسلمين كالمجرمين * ما لكم كيف تحكمون * أم لكم كتاب فيه تدرسون * إن لكم فيه لما تخيرون * أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون * سلهم أيهم بذلك زعيم * أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين )


يقول تعالى :


إن المتقين لهم الأجر العظيم عند الله


ولا مساواة بين المسلمين والكافرين


فكيف تظنون ذلك ؟


فهل عندكم كتاب من السماء يشهد بذلك وينطق بحكم مثل هذا


أم عندكم مواثيق بهذا ؟


أم عندكم عهود من الله بأنكم على حق ؟


قل لهم من المتكفل بذلك منهم ؟


أم لهم شركاء من الأصنام فلو صدقوا فليأتوا بهم .


الآيات 42 ـ 47


( يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون * خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ، وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون * فذرنى ومن يكذب بهذا الحديث ، سنستدرجهم من حيث لا يعلمون * وأملى لهم إن كيدى متين * أم تسئلهم أجرا فهم من مغرم مثقلون * أم عندهم الغيب فهم يكتبون )


يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يكشف ربنا عن ساقه ، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ، ويبقى من كان يسجد فى الدنيا رياء وسمعة ، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا "


وقال الصحابة رضوان الله عليهم أن المقصود بالساق هى الشدة والكرب يوم القيامة


وهؤلاء الذين تكبروا فى الدنيا أذلاء يوم القيامة كلما أراد أحدهم السجود من شدة الخشوع تعود ظهورهم إلى أقفيتهم ، فقد دعاهم الله للسجود فى الدنيا ولكنهم تكبروا وأبوا


فدعك يا محمد من المكذبين واترك أمرهم لله العزيز المقتدر ، فسوف يستدرجهم الله وهم لا يشعرونويظنون أنهم فى كرامة من الله


وسوف نؤخرهم ولمن كذب فتدبير الله عظيم


( إن الله ليملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته )


فأنت يا محمد تدعوهم إلى الله بدون أن تطلب منهم أجر يثقل عليهم وكذلك لا يعلمون الغيب كى ينكروا .




الآيات 48 ـ 52


( فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم * لولا أن تداركه نعمة من ربه ، لنبذ بالعراء وهو مذموم * فاجتباه ربه فجعله من الصالحين * وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون * وما هو إلا ذكر للعالمين )


يا محمد اصبر على أذى قومك فالله سيجعل لك العاقبة ، ولا تتفعل مثلما فعل يونس الذى نفر من تكذيب قومه فأكله الحوت


فلولا أنه تراجع عن ذنبه فى عدم الصبر وأنعم الله عليه بالمغفرة فأخرجه من بطن الحوت لهلك


وانظر يامحمد أصابك الكفار بالحسد وأذى العين وقالوا عنك مجنون ولكنه قرآن كريم من رب العالمين وتذكرة لمن يعتبر



أسباب نزول الآيات :


1ـ أراد الكفار أن يعينوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أى يصيبوه بأذى العين ) فنظر إليه قوم من قريش فقالوا : ما رأينا مثله ولا مثل حججه


وكانت العين فى بنى أسد حتى إذا كانت الناقة السمينة والبقرة السمينة تمر بأحدهم فيعينها ثم يقول يا جارية خذى المكتل والدرهم فأتينا بلحم من لحم هذه البقرة فما تبرح حتى تقع بالموت فتنحر وتباع


2 ـ كان الرجل من العرب يظل لا يأكل يومين وثلاثة ثم تمر به الغنم فيصيبها بالعين فتسقط ثم يأخذ منها ويأكل


وأراد الكفار إصابة الرسول ليتخلصوا منه بأذى العين ، فأنزل الله الآيات يخبره


وأنزل له المعوذتين للشفاء


السبت، 15 يناير 2011

المعارج

تفسير سورة المعارج



بسم الله الرحمن الرحيم
الآيات 1 ـ 7


( سأل سائل بعذاب واقع * للكافرين ليس له دافع * من الله ذى المعارج * تعرج الملائكة والروح إليه فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة * فاصبر صبرا جميلا * إنهم يرونه بعيدا * ونراه قريبا )


سأل الكافرين رسول الله عن عذابه إين هو ...ويرد عليهم الله


1 ـ استعجل الكفار بالسؤال عن عذاب الله الذى هو لا محالة واقع بهم


2 ـ وهو مرصد للكافرين لا محالة


3 ـ ولا مانع له إذا أراد الله ذو الفضل والنعم أن يكون


4 ـ تصعد إليه سبحانه الملائكة وأرواح الناس ـ وقيل جبريل رسول الملائكة ـ فى يوم مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون


وفى ذلك أقوال يستدل عليها من ذلك هى :


أ ـ أن المسافة بين العرش وقرار الأرض مسيرة خمسين ألف سنة


ب ـ مدة بقاء الدنيا خمسين ألف سنة منذ الخلق إلى قيام الساعة


ج ـ يوم القيامة يعادل خمسين ألف سنة وهذا واضح من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال :


" ما من صاحب كنز لا يؤدى حقه إلا جعل صفائح يحمى عليها فى نار جهنم فتكوى بها جبهته وجنبه وظهره حتى يحكم الله بين عباده فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار " .


د ـ اليوم الفاصل بين الدنيا والآخرة وبه الحكم بين العباد يعادل خمسين ألف سنة


5 ـ اصبر يا محمد على قومك واستعجالهم العذاب وتكذيبهم بهذا اليوم


6 ـ هم يرونه بعيدا


7 ـ ولكن الله يراه قريبا فكل آت قريب


الآيات 8 ـ 18


( يوم تكون السماء كالمهل * وتكون الجبال كالعهن * ولا يسئل حميم حميما * يبصرونهم يود المجرم لو يفتدى من عذاب يومئذ ببنيه * وصاحبته وأخيه * وفصيلته التى تؤيه * ومن فى الأرض جميعا ثم ينجيه * كلا إنها لظى * نزاعة للشوى * تدعو من أدبر وتولى * وجمع فأوعى)


ويكون هذا العذاب واقع :


8 ـ يوم تكون فيه السماء مثل الزيت عندما ينسكب


9 ـ وتصبح الجبال مثل الصوف المنفوش هشة


10 ـ ولايسأل قريب قريبه عن حاله لأنه مشغول بنفسه


11 ـ بالرغم من أنهم يرون بعض ( يبصرونهم )


ويتمنى المجرم لو يفتدى نفسه من العذاب فى هذا اليوم بأولاده أحب


شئ لنفسه


12 ـ ولو حتى زوجته وأخيه


13 ـ أو بعشيرته التى يعيش بينهم


14 ـ ولو حتى بمن فى الأرض جميعا لينجو من العذاب


15 ـ فإن النار شديدة الحرارة


16 ـ تنزع الجلود والأطراف والوجه


17 ـ تنادى النار على أهلها ممن كذب بقلبه وأعرض عن العمل الصالح


18 ـ وانشغل بجمع المال ومنع حق الله منه


الآيات 19 ـ 35


( إن الإنسان خلق هلوعا * إذا مسه الشر جزوعا * وإذا مسه الخير منوعا * إلا المصلين * الذين هم على صلاتهم دائمون * والذين فى أموالهم حق معلوم * للسائل والمحروم * والذين يصدقون بيوم الدين * والذين هم من عذاب ربهم مشفقون * إن عذاب ربهم غير مأمون * والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون * والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون * والذين هم بشهاداتهم قائمون * والذين هم على صلاتهم يحافظون * أولئك فى جنات مكرمون )


19 ـ 21 ـ يخبر سبحانه عن أن الإنسان من صفاته الجزع والرعب فإذا أصابه شر خاف وجزع وإذا أصابه خير بخل به


إلا من عصم الله واتصف بصفات المؤمنين الذين :


22 ، 23 ـ يصلون ويحافظون على صلواتهم من احيث الخشوع والموعد والدوام عليها وتأديتها على وجهها السليم


24 ، 25 ـ وفى أموالهم نصيب لذوى الحاجات


26ـ 28 ـ الذين يؤمنون بيوم القيامة ويخافون الله ويخشون عذابه


29 ، 30 ـ ولا يقعون فى الزنا والحرام من اللواط والإستمناء وجميع ما حرم الله ولا يقربون إلا أزواجهم التى أحل الله لهم أو ما أحل من السرارى


31 ـ ومن يريد غير ما أحل الله فهو من الباغين المتعدين لحدود الله


32 ـ الذين يوفون بالعهد ولا يخونوا الأمانة ولا يغدروا


33 ـ ولا يكتمون الشهادة ولا يزيدون ولا ينقصون فيها


34 يحافظون على مواعيد الصلاة وأركانها ومستحباتها


35 ـ هؤلاء يكرمهم الله بجميع أنواع الملذات والمسار




الآيات 36 ــ 39


( فمال الذين كفروا قبلك مهطعين * عن اليمين وعن الشمال عزين * أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم * كلآ ، إنا خلقناهم مما يعلمون )


ثم يقول تعالى :


36 ـ ما بال هؤلاء الكافرين الذين هم عندك نافرين مسرعين عنك يامحمد


37 ـ ينفرون عن اليمين وعن اليسار متفرقين


38 ـ أيظن هؤلاء وهم على هذه الحالة أنهم سيدخلون الجنة


39 ـ لا لا لا ... فهم ضعفاء و خلقناهم من ماء مهين ضعيف


الآيات 40 ـ 44


( فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون * على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين * فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذى يوعدون * يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون * خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ، ذلك اليوم الذى كانوا يوعدون )


40 ، 41 ـ ويقسم الله بالذى جعل السموات والأرض وجعل المشارق والمغارب فى كل مكان على وجه الأرض أنه قادر على أن يهلكهم ويخلق خيرا منهم وليس بعاجز عن ذلك ( مسبوقين )


42 ـ دعهم فى تكذيبهم وعنادهم حتى يجدوا يوم القيامة الذى وعدناهم ويذوقوا وباله


43 ـ يوم يقومون من القبور يجرون كأنهم يهدفون إلى علم وهدف


( نصب ) يسعون له ( يوفضون )


44 ـ مرهقون من الذل مقابل هذا العناد


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الخميس، 13 يناير 2011

عبس

سورة عبس



بسم الله الرحمن الرحيم


الآيات 1 ـ 16


( عبس وتولى * أن جاءه الأعمى * وما يدريك لعله يزكى * أو يذكر فتنفعه الذكرى * أما من استغنى * فأنت له تصدى * وما عليك ألا يزكى * وأما من جاءك يسعى * وهو يخشى * فأنت عنه تلهى * كلآ إنها تذكرة * فمن شاء ذكره * فى صحف مكرمة * مرفوعة مطهرة * بأيدى سفرة * كرام بررة )



كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاطب عظماء قريش لعلهم يسلموا ، فجاء ابن أم مكتوم وكان أعمى يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن شئ وأخذ يلح


فعبس الرسول صلى الله عليه وسلم فى وجهه وأعرض عنه ، واستمر يحدث الآخرين


فنزلت الآيات يعاتب الله رسوله ويقول له :


لقد عبست وكشرت فى وجه الأعمى


وما يدريك ربما تتطهر نفسه أو تنفعه التذكرة فينفر من المحارم


أما المشركين والعظماء فأنت تتعرض لهم ليهتدوا


وليس عليك هدايتهم


والذى جاء إليك يطلب الهداية تنشغل عنه


لا : إن القرآن لتذكر به ويتساوى الصغير والكبير ، الغنى والفقير ، الرجل والمرأة والسادة والعبيد


ومن من شاء ذكر الله فى جميع أموره


والقرآن مكتوب عند الله فى صحف موقرة ( مكرمة ) عالية القدر ( مرفوعة )


( مطهرة ) من الدنس أو العيب


تنقلها أيدى الملائكة من الله إلى رسوله


وهذه الملائكة حسنة المنظر والخلق




الآيات 17 ـ 23


( قتل الإنسان ما أكفره* من أى شئ خلقه * من نطفة خلقه فقدره * ثم السبيل يسره * ثم أماته فأقبره * ثم إذا شاء أنشره * كلا لمّا يقض مآ أمره * )


يذم الله ويلعن هؤلاء الذين أنكروا البعث فكثيرا ينكر ( ما أكفره )


والكفر هو إخفاء الحقيقة وإنكارها


ثم يبين للإنسان كيف خلقه ليتأكد من أن الله قادر على إعادته


خلقه من نطفة ثم من علقة وهى قطعة من الدم تعلق بجدار رحم الأم ثم من مضغة وهى قطعة لحم قدر ما يمضغ ثم تتشكل وتتكون عظاما وأنسجة وأجهزة ثم


( قدره ) : حدد له قدره من أجل ورزق وعمله شقى أم سعيد وبأى أرض يموت


( ثم السبيل يسره ) هداه ويسره إلى الخروج من بطن أمه


( ثم أماته فأقبره ) : ثم يموت ويجعله فى قبر


( ثم إذا شاء أنشره ) : ثم يبعثه بعد موته


( كلا لما يقض ما أمره ) : ثم هذا الكافر لم يؤد ما فرض الله عليه






الآيات 24 ـ 32


( فلينظر الإنسان إلى طعامه * أنا صببنا الماء صبا * ثم شققنا الأرض شقا * فأنبتنا فيها حبا * وعنبا وقضبا * وزيتونا ونخلا * وحدائق غلبا * وفاكهة وأبا * متاعا لكم ولأنعامكم )


ويستدل الله سبحانه بقدراته المختلفة على قدرته فى إحياء الموتى ويقول للإنسان أنظر لطعامك وشرابك فقد أنزلنا الماء من السماء ( صببنا الماء صبا ) ،


وأسكناه فى الأرض وتخللها وأنبت الزرع ( شققنا الأرض شقا ) ،




وأنبتنا زرعا مختلفا ألوانه من أرض واحدة منه الحبوب ومنه العنب


و( قضبا) علف الحيوان مثل العشب والدروة والقت ،


وخلق الزيتون


والنخل منه البلح والتمر والمطبوخ والعجوة وزيت النخيل ولكثرة ما يؤخذ من النخل يقال دائما ( نخلا ) وليس بلحا


و( حدائق )البساتين ( غلبا ) النخل والأشجار الضخمة العظيمة ، والفاكهة الرطبة و( أبا ) الحشيش للبهائم


وقد جمع بين الفاكهة والأب لأن الفاكهة مايؤكل طريا للإنسان والأب ما يؤكل طريا للبهائم


ثم قال أن هذا معاشا لكم ولأنعامكم






الآيات 33 ـ 42


( فإذا جاءت الصاخة * يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه * لكل امرئ منهم شأن يغنيه * وجوه يومئذ مسفرة * ضاحكة مستبشرة * ووجوه يومئذ عليها غبرة * ترهقها قترة * أولئك هم الكفرة الفجرة *)


فعند صرخة النفخة الأولى لإسرافيل للقيامة


يوم القيامة يهرب كل بنفسه ولا يبتعد الأهل والأصحاب من هول ذلك اليوم


فكل إنسان يهمه ما ينتظره من جزاء عمله


وتكون هناك وجوه مستنيرة وهى وجوه المؤمنين


ووجوه كئيبة وهى وجوه الكفار الفجار

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

النازعات

تفسير سورة النازعات







بسم الله الرحمن الرحيم


الآيات 1 ـ 5


( والنازعات غرقا * والناشطات نشطا * والسابحات سبحا * فالسابقات سبقا * فالمدبرات أمرا * )






النازعات غرقا : الملائكة تغرق فى نزع بعض الأرواح بصعوبة ... وهى أرواح الظالمين والكفار


الناشطات نشطا : الملائكة تنزع أرواحا سهلة وسريعة وهى أرواح المؤمنين والصالحين


السابحات : قيل ملائكة وقيل السفن وقيل النجوم ـــ وأظنها الملائكة لأنها استعراضا لأنواع الملائكة


فالسابقات سبقا : الملائكة


المدبرات أمرا : الملائكة تدبر الأمر من السماء إلى الأرض بأمر ربها






الآيات 6 ـ 14


(  يوم ترجف الراجفة * تتبعها الرادفة * قلوب يومئذ واجفة * أبصارها خاشعة * يقولون أءنا لمردودون فى الحافرة * أئذا كنا عظاما نخرة * قالوا تلك إذا كرة خاسرة * فإنما هى زجرة واحدة * فإذا هم بالساهرة )


الراجفة ــ الرادفة : هما النفختان الأولى يموت الأحياء ، والثانية لتخرج الأموات من الأرض يوم القيامة


فى هذا اليوم تخاف القلوب


وتذل وتخضع الأبصار




( يقولون أئنا لمردودون فى الحافرة ) : وهؤلاء كفار قريش يعجبون وينكرون البعث ويقولون هل نعود للحياة بعد أن نزلنا القبور


فهل بعد أن كنا عظاما هشة بالية ( نخرة ) نعود


فهى عودة مخسرة لنا


إنما هو أمر الله لإسرافيل بالنفخ فى الصور للبعث نفخة واحدة فإذا هم قيام ينظرون على وجه الأرض ثانيا ( بالساهرة ) .




الآيات 15 ـ 26


( هل أتاك حديث موسى * إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى * اذهب إلى فرعون إنه طغى * فقل هل لك إلى أن تزكى * واهديك إلى ربك فتخشى * فأراه الآية الكبرى * فكذب وعصى * ثم أدبر يسعى * فحشر فنادى * فقال أنا ربكم الأعلى * فأخذه الله نكال الآخرة والأولى * إن فى ذلك لعبرة لمن يخشى )






يخبر الله محمدا صلى الله عليه وسلم عن موسى عبده ورسوله ابتعثه إلى فرعون وأيده بالمعجزات ولكنه استمر على عصيانه فدمره الله فى الدنيا وله عذاب النار فى الآخرة


أتاك : سمعت بخبره


ناداه ربه : كلمه الله


المقدس : المطهر


طوى : اسم الوادى


طغى تمرد وتكبر


تزكى : تسلم وتطيع


أهديك : أدلك


تخشى : تطيع


الآية الكبرى : الحجة الواضحة


أدبر يسعى : رجع يجمع السحرة ليقابلوا الحق بالباطل


فحشر : جمع


فنادى : نادى قومه


فأخذه الله نكال الآخرة والأولى : انتقم منه وجعله عبرة فى الدنيا ويوم القيامة


وفى ذلك عبرة لمن يتعظ
الآيات 27 ـ 33


( ءأنتم أشد خلقا أم السماء بناها * رفع سمكها فسواها * وأغطش ليلها وأخرج ضحاها * والأرض بعد ذلك دحاها * أخرج منها ماءها ومرعاها * والجبال أرساها * متاعا لكم ولأنعامكم )


ويحتج الله على منكرى البعث ويقول أيها الناس إن خلق السماء أصعب من خلقكم ، فقد جعلها عالية البناء واسعة مستوية مزينةبالكواكب




وجعل ليلها مظلما ونهارها مضئ


والأرض بعد ذلك دحاها : وخلق الأرض قبل السماء وبعد ذلك دحاها : أى أخرج منها الماء والمرعى وشق البحار والأنهار وجعل الجبال والرمال وقد فسرت الآية بما بعدها ( 31 ، 32 )


وكل ذلك متاعا للإنسان والحيوان ، وخلق الحيوان متاعا للإنسان




الآيات 34 ـ 46


( فإذا جاءت الطامة الكبرى * يوم يتذكر اإنسان ما سعى * وبرزت الجحيم لمن يرى * فأما من طغى * وآثر الحياة الدنيا * فإن الجحيم هى المأوى * وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هى المأوى * يسئلونك عن الساعة أيان مرساها * فيم أنت من ذكراها * إلى ربك منتهاها * إنما أنت منذر من يخشاها * كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها )


الطامة : القيامة


ويعلم كل إنسان عمله


وتظهر النار فيراها الناس


ومن قدم الدنيا على الآخرة بظلم فإن مصيره إلى النار


ومن خاف ومنع نفسه عن هواها فإن مصيره إلى الجنة


ثم يقول إن الكفار يسئلون عن القيامة متى تكون ، فليس علمها عندك


إن الله هو أعلم بها


إنما بعثك الله لتنذر بها من يخشى هذا اليوم






فإذا قاموا من قبورهم فإن الدنيا عندهم كأنها ساعة من النهار أو الليل


عشية : ما بين الظهر إلى الغروب


الضحى : ما بين طلوع الشمس إلى نصف النهار


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


النبأ

تفسير سورة النبأ



بسم الله الرحمن الرحيم


الآيات 1 ـ 6


( عم يتساء لون * عن النبأ العظيم * الذى هم فيه مختلفون * كلا سيعلمون * ثم كلا سيعلمون * ألم نجعل الأرض مهادا *)






ينكر الله على المشركين سؤالهم عن القيامة العظيمة الخبر التى منهم كافر بها ومنهم مؤمن


سوف يعلمون عند وقوعها أنها الحق ويؤكد تهديده ووعيده لهم






ويضرب الأمثال لقدرته وعظمته تعالى بالإشارة لما خلق من خلق عظيم يدل عليه وعلى قدرته فيقول :


لقد جعلنا الأرض ممهدة للخلائق






الآيات 7


( والجبال أوتادا *)


وتلك الجبال جعلها الله لتثبت الأرض فجعلها كالوتد فى الأرض


يمتد الجبل فى داخل الأرض بنفس طوله وشكله كالوتد وقد وجد أن الجبال لو أختلف طولها وصفاتها ومواضعها على المناطق المختلفة على الأرض لأختل توازن الأرض وطاحت فى الفضاء


سبحان من خلق


الآيات 8 ـ 16


( وخلقناكم أزواجا * وجعلنا نومكم سباتا * وجعلنا الليل لباسا * وجعلنا النهار معاشا * وبنينا فوقكم سبعا شدادا * وجعلنا سراجا وهاجا * وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا * لنخرج به حبا ونباتا * وجنات ألفافا )


ويقول سبحانه : لقد خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلنا التناسل بذلك






وقطعنا منكم الحركة بالنوم لتحصلوا على الراحة


وجعل الليل سكنا بظلامه الذى يغطى الأرض


وجعل النهار مضيئا للتعايش


وخلق السموات السبع واسعة مرتفعة محكمة متقنة مزينة بالكواكب والنجوم


وجعل الشمس كالسراج المضئ متوهج ضوءها على أركان الأرض


وأنزل الماء من السحب


والماء منصب متتابع كثير ( ثجاجا )


وأخرج بماء المطر الزرع على مختلف ألوانه من حبوب تجفف وتؤكل أو نبات يؤكل أخضر


وجعل البساتين والحقول بما فيها من نعيم متنوع مجتمع فى أرض


واحدة ( ألفافا )






الآيات 17 ـ 30


( إن يوم الفصل كان ميقاتا * يوم ينفخ فى الصور فتأتون أفواجا * وفتحت السماء فكانت أبوابا * وسيرت الجبال فكانت سرابا * إن جهنم كانت مرصادا * للطاغين مآبا * لابثين فيها أحقابا * لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا * إلا حميما وغساقا * جزاء وفاقا * إنهم كانوا لا يرجون حسابا * وكذبوا بآياتنا كذابا * وكل شئ أحصيناه كتابا * فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا )




الفصل : يوم القيامة المحدد الموعد


الصور : بوق ضخم (ميكروفون ) ينفخ فيه إسرافيل لتموت المخلوقات ثم ينفخ أخرى لتحى للحساب


أفواجا : جماعات




وتفتح السموات وتصبح طرقا لنزول الملائكة


سيرت الجبال فكانت سرابا : تتحرك الجبال وتظهر كالسحاب من شدة حركتها ( كما تظهر أذرع المروحة كالسحاب عندما تدور ) ثم تذهب وتختفى


مرصادا : جهنم معدة ومجهزة للذين طغوا فى أعمالهم


مآبا : مرجع ومنقلب


لابثين فيها أحقابا : يمكثون بها قرون وقرون


لا يأكلون فيها إلا الزقوم ولا يشربون إلا الماء الحار


ولا يجدون الطيب ( بردا ) من الطعام والشراب


وهذا جزاء وفق ( مثل ) عملهم


فهم ظنوا أنهم لن يحاسبوا


وكذبوا بآيات الله ودلائله


وكل شئ من أعمالهم جمعناه وكتبناه عليهم ويجزون به


ذوقوا ياأصحاب النار وليس لكم إلا العذاب






الآيات 31 ـ 36


( إن للمتقين مفازا * حدائق وأعنابا * وكواعب أترابا * وكأسا دهاقا * لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا * جزآء من ربك عطاء حسابا )


ويقول سبحانه مخبرا عن المؤمنين أصحاب الجنة أن لهم متنزها ( مفازا )


فى البساتين والحدائق ، وتكعيبات العنب


كواعب أترابا : الحور العين ذات الصدور الغير مترهلة وفى سن واحدة


وكأسا دهاقا : كؤوس مملوءة صافية


لا يسمعون فيها كلاما فيه كذب أو إثم


وهذا جزاء بما عملوا من الله على إحسانهم


عطاء حسابا : عطاء الله الكافى الشامل






الآيات 37 ـ 40


( رب السموات والأرض وما بينهما الرحمن ، لا يملكون منه خطابا * يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا * ذلك اليوم الحق ، فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا * إنا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتنى كنت ترابا *)


الله هو رب السموات والأرض وما بينهما له الجلال والعظمة


لايقدر أحد على محادثته إلا بإذنه


تقوم الأرواح من بنوا آدم والملائكة صفوفا فلا يقدر أحد على الكلام


ولا يتكلم إلا الرسل ومن أذن له الله أن يتكلم ويقول الحق الذى منه لا إله إلا الله


اليوم هذا يوم حق كائن لا محالة


فمن خشى ذلك اليوم اتخذ طريق الهدى ومنهج الله


ويقول الله احذروا يوم القيامة فهو قريب


يوم يعرض على الإنسان عمله خيرا وشرا


ويتمنى الكافر أن لو كان عد ما

ص

تفسير سورة ص







بسم الله الرحمن الرحيم


الآيات 1 ـ 3






( ص ، والقرآن ذى الذكر * بل الذين كفروا فى عزة وشقاق * كم أهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولات حين مناص )






ص : الحروف فى بداية السور قال فيها العلماء عدة أقوال :






1 ـ أن هذا القرآن بنفس حروف الهجاء بلغة العرب ، حتى ينتبهوا لما ينزل من السماء على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه يحدثهم فى امور دنياهم وأخراهم






2 ـ أن هذا القرآن ينزل بنفس حروف الهجاء للغتهم ولم يفهموا معناها بالرغم من براعتهم فى استخدام اللغة






3 ـ ويتحدى البلغاء منهم أن يأتوا بسورة مثلها ، أو آية






فهو أداة إعجاز كما كانت العصاة أداة إعجاز موسى






4 ـ عندما يحدث البلغاء بحروف لم يفهموها فهذا يجذب الأنتباه






فكأنه يقول ( انتبهوا فالأمر جد خطير )






والقرآن ذى الذكر : قسم بالقرآن ذو الشرف والشأن والمكانة وفيه تذكيركم ونفع لمعاشكم






بل الذين كفروا فى عزة وشقاق : إن فى القرآن تذكرة لمن يتذكر وعبرة لمن يعتبر ولكن الكافرين لم ينتفعوا به وهم فى ( عزة ) استكبار و






( شقاق ) مخالفة وعناد






كم أهلكنا من قبلهم من قرن : لقد أهلك الله أمما من قبلهم كفروا وتكبروا






فنادوا ولات حين مناص : حين جاءهم العذاب صرخوا واستغاثوا


ولات : قالوا ... لالالا






حين مناص : ولكن هذا ليس بوقت فرار ولا نجاة ولا إجابة






الآيات 4 ـ 11






( وعجبوا أن جاءهم منذر منهم ، وقال الكافرون هذا ساحر كذاب * أجعل الآلهة إلها واحدا ، إن هذا لشئ عجاب * وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم ، إن هذا لشئ يراد * ما سمعنا بهذا فى الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق * أءنزل عليه الذكر من بيننا ، بل هم فى شك من ذكرى ، بل لما يذوقوا عذاب * أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب * أم لهم ملك السموات والأرض وما بينهما ، فاليرتقوا فى الأسباب * جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب )






يخبر الله عن الكافرين أنهم تعجبوا أن بشرا منهم مثلهم يأت من قبل الله لينذرهم وزعموا أنه ساحر يكذب على الله






وقالوا إنه يزعم أن المعبود واحدا فقط وهذا شئ عجيب لأنهم يعبدون الكثير مثل آباءهم






( وانطلق الملأ منهم ) : قال رؤساءهم وساداتهم ( امشوا واصبروا ) امضوا فى دينكم وعبادة آلهتكم ( إن هذا لشئ يراد ) ولا تستجيبوا لما يدعوكم إليه محمد فهو يريد الشأن والمكانة لنفسه






وقالوا : لم نسمع مثل ما يدعونا إليه فى آبائنا فهذا ( اختلاق ) كذب






إنهم ينكرون عليه أن ينزل القرآن عليه من بينهم ويشكون فى صدقه






وقالوا ذلك لأنهم لم يذوقوا عذاب الله






فهل عندهم رحمات من الله القوى الجانب ( العزيز ) الذى يعطى من يريد ( الوهاب )


أم إنهم لهم ملك السموات والأرض ، فإن كان كذلك فليصعدوا بطرقا إلى السماء


هؤلاء كافروا يوم بدر من الكفار المكذبين مهزومون بإذن الله ( جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب )






الآيات 12 ـ 16






( كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد * وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة ، أولئك الأحزاب * إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب * وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق * وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب )


يخبر الله ويضرب الأمثال بالأقوام السابقة مثل قوم نوح وعاد وفرعون ذو الجند القوية كالأوتاد ، وثمود وقوم لوط وقوم شعيب أصحاب الأيكة وقد كذبوا أنبياءهم


( أولئك الأحزاب ) : هؤلاء الذين استحق أن يقال عنهم أحزاب فهم كانوا أكثر قوة ومالا






وهؤلاء جميعا كذبوا الرسل وحق عقابهم وتعذيبهم


( وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق ) : إن الساعة تأتيهم فجأة بنفخة واحدة ينفخها اسرافيل فلا تبقى من أحد فى السموات والأرض إلا من أراد الله






( وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب ) : ينكر الله على المشركين الذين يستعجلون العذاب قبل يوم القيامة


وبعض الكفار قالوا أرنا منازلنا فى الجنة ونحن نؤمن لك ــــــ وينكر الله عليهم ذلك






الآيات 17 ـ 20






( اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب * إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشى والإشراق * والطير محشورة ، كل له أواب * وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب )


يدعو الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالتحلى بالصبر على قول المشركين ويضرب له الأمثال بمن سبقه من أنبياء مثل داود


( ذا الأيد ) ذو القوة فى طاعته


( إنه أواب ) : إنه كان كثير الرجوع إلى الله فى جميع شئونه






ويخبر بأنه تعالى سخر له الجبال تسبح مثل تسبيحه عند شروق الشمس وعند غروبها


وكذلك الطيور كانت تقف مقيدة فى السماء عندما تسمع تغنمه بالزبور وتسبح معه


( الطير محشورة ) : محبوسة فى الهواء من حوله لا تريد تركه


( كل له أواب ) : كل من الطير والجبال مطيعة له وتسبح معه


( وشددنا ملكه ) : جعل الله له ملكا عظيما من كل ما يحتاج له الملوك


( وآتيناه الحكمة ) : أعطاه الله فهما وتعقل وفطنة


( وفصل الخطاب ) : الكلام السديد الفاصل فى الحكم والقضاء






الآيات 21 ـ 25






( وهل أتاك نبؤا الخصم إذ تسوروا المحراب * إذدخلوا على داود ففزع منهم ، قالوا لا تخف ، خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط * إن هذا أخى له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزنى فى الخطاب * قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ، وإن كثيرا من الخلطاء ليبغى بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم ، وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب * فغفرنا له ذلك ، وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب * )


ثم يقص الله لرسوله قصة عرضت لداود نبيه ليأخذ منها العبرة والعظة


فيقول له :


كان داود يتعبد فى محرابه فى بيته وقد أمر بأن لا يدخل عليه أحد


فدخل عليه رجلان صعدوا من فوق سور البيت فخاف منهم


فقالوا له لا تخاف نحن أخوين على دين واحد وجئنا نسألك تحكم فى أمر بيننا






( ولا تشطط ) : لا تخالف عن الحق






هذا أخى عنده تسعة وتسعون نعجة وعندى نعجة واحدة وهو يريد أن يشتريها منى وعنفنى القول عندما رفضت


فقال له داود : لقد ظلمك فى سؤاله هذا






وقيل فى سبب ذلك قصصا من الإسرائيليات الله أعلم بصحتها أنها كانت سببا فى هذا البلاء فلا نتعرض لها هنا






ولكن اختفى الرجلان من أمامه بعد أن نظر أحدهما إلى الآخر وابتسم فعلم أنهما ملكان أرسلهما الله لإختباره فى قضاءه وعلم أنه بذلك تسرع فى الحكم من قبل أن يعرف حقيقة الأمر لما سمع قول الزور ، وتذكر ما فعل من أمره ( لو صحت قصة خطأه كما ورد فى الإسرائيليات )






فرجع إلى ربه وخر ساجدا واستغفر الله على ذنب له وتاب


غفر الله لداود نبيه ويخبر عنه أن له قربة عند الله ومكانة عالية وحسن مرجع فى الجنة جزاء لنبوته وعدله التام فى حكمه وقضاءه






الآية 26


( يا داود إنا جعلناك خليفة فى الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ، إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب )


وهذه وصية من الله لجميع ولاة الأمور وهى أن يحكموا بالعدل بين الناس ولا يتبعوا أهواءهم أو أهواء ذويهم أو أهواء أصحاب الحاجة وأن يتريثوا فى حكمهم ويبحثوا عن الحقيقة ويتأسوا بداود عليه السلام


ولا يضلوا عن سبيل الله لأن من يضل له عذاب شديد يوم القيامة






الآيات 27 ـ 29


( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ، ذلك ظن الذين كفروا ، فويل للذين كفروا من النار * أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين فى الأرض أم نجعل المتقين كالفجار * كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب )


يخبر الله بأنه لم يخلق ما خلق عبثا كما يظن الكفار


فالويل لهم من عذاب شديد فى النار






فلا يتساوى عند الله المؤمنين بالفاجرين


فلابد من دار آخرة ليكرم الله فيها المؤمن ويعاقب الكافر


وهذا أنزل فى القرآن الكريم ليدرسه أصحاب العقول الراجحة ويتذكروا ويعملوا صالحا .






الآيات 30 ـ 33


( ووهبنا لداود سليمان ، نعم العبد ، إنه أواب * إذ عرض عليه بالعشى الصافنات الجياد * فقال إنى أحببت حب الخير عن ذكر ربى حتى توارت بالحجاب * ردوها علىّ فطفق مسحا بالسوق والأعناق )


ويقول سبحانه أنه رزق داود ابنا نبيا ورثه فى نبوته ويثنى على سليمان بأنه عبد صالح كثير الرجوع إلى الله وكثير الطاعة والعبادة ( أواب )






ويقول من أمثلة طاعته أنه ذات يوم كانت تعرض عليه مظاهر مملكته ومنها الخيل التى تقف على ثلاث أرجل وحافر الرابعة تأهبا للحركة


( الصافنات ) السريعة ( الجياد )






وطال زمن العرض حتى العشاء حتى ذهبت بعيدا عن النظر ( توارت بالحجاب )


وأفاق سليمان من الإنشغال بها فوجد أن قد فاتته الصلاة فى العصر ، فحزن جدا وأنب نفسه


كيف أن نعيم ملكه قد شغله عن تقربه إلى الله فطلب إعادتها ليقتص من نفسه وأخذ يضرب أعناقها وعراقيبها ( قيل بالسيوف والبعض قال بيده لأن ليس لها ذنب ليعذبها )


فأبدله الله خيرا منها وهى الريح يأمرها ويركبها وتجرى بأمره






الآيات 34






( ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب )


( جسدا ) : شيطانا يسمى صخر وقيل حبقيق وقيل أسماء أخرى ...


( على كرسيه ) : فى ملكه


( أناب ) : عاد سليمان إلى ربه وتاب وشكر الله


قيل فى ذلك :


أن شيطانا تشكل فى صورة سليمان وأخذ خاتمه من زوجته ولبسه وجلس على كرسى سليمان أربعين يوما يحكم بين الناس وهم ينكرون أحكامه وسليمان تائها


ولما أنكر الناس أحكام الشيطان ذهبوا إلى نساءه وعلموا بوجود سليمان فذهبوا للشيطان وقرؤا التوراة فطار هاربا إلى البحر وسقط منه الخاتم فى الماء وابتلعته سمكة


وذهب سليمان حيث اشتد به الجوع إلى البحر وعمد إلى اثنين من الصيادين وطلب سمكة وقال أنا سليمان فضربه أحد الصيادين بعصا حتى شجه ولكن الآخر نهى زميله وأعطى سليمان سمكة فقام إلى الماء يغسل دمه وشق بطن السمكة فوجد خاتمه فلبسه فعادت له مهابته وملكه


وجلس على كرسه وحكمه ثانيا فرجع إلى الله يستغفر ويشكر الله






الآيات 35 ـ 40






( قال رب اغفر لى وهب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى ، إنك أنت الوهاب * فسخرنا له الريح تجرى بأمره رخاء حيث أصاب * والشياطين كل بناء وغواص * وآخرين مقرنين فى الأصفاد * هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب * وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب )


ودعا سليمان الله أن يغفر له ويهب له ملكا عظيما لا يعطيه غيره كابتلاء ليرى الله كيف يعدل فى حكمه ويستمر على عدله


فالله هو القادر على أن يعطى كيف يشاء






فجعل الله له الريح تسرى بأمره وتجئ وتروح لينة طيبة ( رخاء ) ويأمرها تذهب إلى ما يريد من البلاد ( حيث أصاب )


وسخر له الشياطين والجان واستعملهم فى البناء وصناعة التماثيل والقدور العظيمة والمحاريب والأعمال الشاقة ومنهم غواصون يستخرجون له اللؤلؤ والجواهر من البحر






( وآخرين مقرنين فى الأصفاد ) : من يعصى منهم يوثق بالأغلال






وأمر بصخر الشيطان فعاقبه بحبسه فى صندوق من حديد وألقاه فى البحر






( هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب ) : يقول الله لسليمان هذا ما أعطيناك من ملك وسلطان فأعط من شئت واحرم من شئت لا حساب عليك مهما فعلت فهو صواب






الآيات 41 ـ 44






( واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الشيطان بنصب وعذاب * اركض برجلك ، هذا مغتسل بارد وشراب * ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولى الألباب * وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث ، إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب )






ويذكر الله عبده ورسوله أيوب ويصفه بأنه كان قد ابتلاه الله ولم يلجأ إلا لله يطلب رفع الأذى عنه


( بنصب ) مرض فى جسده


( عذاب ) بلاء فى ماله وولده


( اركض برجلك ) اضرب برجلك


( مغتسل ) نبع الماء يغتسل منه


( شراب ) يشرب من نبع الماء


( أهله ) زوجته و أولاده


( وهبنا له أهله ومثلهم معهم ) أحياهم الله وأعطاه مثلهم معهم


( ذكرى لأولى الألباب ) تذكرة لأصحاب العقول


( ضغثا ) شمراخ به مائة قضيب ضعيف من البوص أو القش


( ولا تحنث ) ولا تقسم ثانيا


( أواب ) يرجع إلى الله وينيب إليه










وهذا أيوب الذى قال فيه ربه : ( إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب )


فهو أحد الأنبياء الكرام من ذرية إبراهيم عليه السلام


وزوجه ليا بنت يعقوب قدوة فى الزوجة الوفية


وذكر الله قصته فى سورتى الأنبياء 83 ـ 84 ، ص 41 ـ 44


فقد كان من الأنبياء الأغنياء وزوجه ليا بنت يعقوب كانت تعيش فى رغد ونعيم


ولم يؤمن بنبوته إلا ثلاث نفر


كان أيوب برا تقيا يحسن لليتامى والفقراء والأرامل والمساكين ويكرم الضيف وشاكرا لأنعم الله


وكان له أولاد وأهلون كثيرون


وكانت ليا زوجه عابدة شاكرة لله


ابتلى أيوب فى جسده بأنواع كثيرة من البلاء


وبقى لسانه شاكرا ذاكرا لله


ابتعد عنه الناس والأقارب والأبناء وانتهى ماله ونعيمه الذى كان


كانت ليا تخدم الناس لتأت له بالطعام إلى أنها باعت ضفائر شعرها لتحصل على لقيمات قليلة


وكلما سألته ليا بأن يدعوالله ليرفع عنه فتنته رفض رغبة منه أن يكفر عنه الله ويرفعه درجات فى الجنات


إلى أن رجلين من أقاربه كانا يروحان ويجيئان عليه فقال أحدهما للآخر :


( لقد أذنب أيوب ذنبا عظيما ولهذا يعاقبه الله )


حزن أيوب ودعا ربه فقال ( رب إنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين ) وخرجت زوجه لحاجته فأوحى له ربه أن أركض برجلك وضرب الأرض برجله فانبعث الماء من عين فاغتسل فبرئ بإذن الله


أرسل الله فى أندران له فملأ أحدهما ذهب والآخرفضة


وكشف الله البلاء مقابل الصبر الجميل


وقال تعالى ( وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث )






قيل فى ذلك أن إمرأة أيوب كانت لها ضفائر شعر جميلة وغزيرة فباعتها لتحضر له خبز وأطعمته إياه ، فغضب أيوب وأقسم لإن عاد إلى الصحة ليضربنها مائة جلدة


فأشار له الله بأن يأخذ حزمة من قش الشعير بها مائة قضيب ويضربها ضربة واحدة ليفى بقسمه


وهذا المخرج لأنه كان نعم العبد أواب إلى ربه






قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بينما كان أيوب يغتسل عريانا خر عليه رجل من جراد من ذهب ، فجعل يحثى فى ثوبه ، فناداه ربه : يا أيوب ، ألم أغنك عما ترى ؟ قال : بلى يارب ، ولكن لا غنى لى عن بركتك )


والرجل من جراد : سرب من الجراد


مهما تمرد الإنسان على ابتلاء الله ، فهل يستطيع أن يذهب عنه البلاء ؟


فالصبر الجميل يقابله الله برفع الأذى والجزاء الأوفى


فاصبر وما صبرك إلا بالله






ويستفاد من القصة






* المؤمنين هم أصبر الناس على البلاء وأرضى نفس عند الشدائد






* المؤمن لا يطمع فى الدنيا ( قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى )






* لنا فى الأنبياء القدوة الحسنة ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب )






* ما ينزل من مصائب فهو لحكمة من الله ولقضاء مكتوب ( ما أصاب من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم إلا فى كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير )






• قال صلى الله عليه وسلم " من يرد الله به خيرا يصب منه "


• وقال " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضى فله الرضا ومن سخط فله السخط "


• وقال صلى الله عليه وسلم " يقول الله تعالى : إذا ابتليت عبدى المؤمن فلم يشكنى إلى عواده أطلقته من إسارى ، ثم أبدلته لحما خيرا من لحمه ، ودما خيرا من دمه ، ثم يستأنف العمل "






وهذا قوله تعالى فى سورة العنكبوت ( الم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين )






ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ














الآيات 45 ـ 48


( واذكر عبدنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولى الأيدى والأبصار * إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار * وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار * واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل ، وكل من الأخيار )






ويذكر الله أنبياءه وما لهم من فضائل فى العمل الصالح والعلم النافع والبصيرة والقوة فى العبادة ( أولى الأيدى ) والفقه فى الدين ( الأبصار )






ويقول إنا جعلناهم يعملون للآخرة ونزع ما فى قلوبهم من حب الدنيا وحبب إليهم الآخرة ( إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار )






وهم الذين اختارهم الله






ويذكر أيضا كلا من اسماعيل واليسع وذا الكفل فهم أيضا ممن اصطفى الله واختار لحسن عملهم






وكلنا يعلم عن ابراهيم عليه السلام كما ذكرنا قصته فى موضوعنا ( ليس ببعيد فإنهم أجدادنا )


واسحاق هو ابن إبراهيم من سارة بالشام وأخاه يعقوب


واسماعيل هو أخاهما من هاجر بالجزيرة العربية






اليسع هو اليسع بن أخطوب وهو الأسباط بن عدي بن شوتلم بن أفراثيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل






‏ ويقال‏:‏ هو ابن عم إلياس ( النبي عليهما السلام) ويقال‏:‏ كان مستخفياً معه بجبل قاسيون من ملك بعلبك،منطقة بانياس بسوريا ( بلاد الشام ) ثم ذهب معه إليها، فلما قبض إلياس، خلفه اليسع في قومه، ونبأه الله بعده‏.‏






وأهل بعلبك كانوا يعبدون صنما يسمى بعلا فدعى إلياس ( إل ياسين ) قومه من بنى اسرائيل لعبادة الواحد رب العالمين ولكن كذبوه وخلفه اليسع






وذا الكفل هو : نبى الله لأن اسمه اقترن بهؤلاء النبيين


لما كبر اليسع أراد أن يستخلف على الناس ، فجمعهم وقال من يتقبل لى ـ يتكفل ـ بثلاث أستخلفه


يصوم النهار ويقوم الليل ولا يغضب


فقام رجل وقال : نعم وسكت الناس


وقال اليسع فى اليوم التالى مثلها ، فقام نفس الرجل وقال : نعم وسكت الناس


فاستخلفه وسماه الله ذا الكفل






الآيات 49 ـ 54


( هذا ذكر ، وإن للمتقين لحسن مآب * جنات عدن مفتحة لهم الأبواب * متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب * وعندهم قاصرات الطرف أتراب * هذا ما توعدون ليوم الحساب * إن هذا لرزقنا ما له من نفاد )






هذا القرآن فيه ذكر لمن يتذكر


ولمن اتقى الله فى أفعاله وآمن بالله السعادة فى الآخرة ومرجع حسن


( جنات عدن ) : جنات للإقامة


( مفتحة لهم الأبواب ) : إذا جاؤها تفتح لهم أبوابها وتسهل إستضافتهم


( متكئين فيها ) : متربعين على سرر


ومهما طلبوا من فاكهة أو شراب أو طعام يؤتى لهم به


( وعندهم قاصرات الطرف ) : زوجات قاصرة عيونهم عن النظر لغير أزواجهن


( أتراب ) : متساويات فى السن


وهذا ما وعد الله عباده المؤمنين يوم القيامة


وهذا هو رزق الله الذى لا ينقطع ولا ينفد






الآيات 55 ـ 64






( هذا وإن للطاغين لشر مآب * جهنم يصلونها فبئس المهاد * هذا فليذوقوه حميم وغساق * وآخرين من شكله أزواج * هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار * قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم ، أنتم قدمتموه لنا ، فبئس القرار * قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا فى النار * وقالوا ما لنا لا نرى رجالا نعذهم من الأشرار * اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار * إن ذلك لحق تخاصم أهل النار )






ويعرض الله لنا خبر الكافرين ويقول :


إن للخارجين عن طاعة الله لسوء المنقلب


يدخلون جهنم تحيط بهم من جميع الجوانب وهذا سوء القرار


ليذوقوا الحار الذى انتهى حره والبارد الذى لا يطاق برده من الألم






( وآخرين من شكله أزواج ) : وعذاب آخر من هذا النوع كل عذاب وضده


كالزمهرير والسموم ، والصعود والهوى ، والحميم والزقوم للتعذيب






ويخبر الله عن أقوال أهل النار


( هذا فوج مقتحم ) : ويدخل النار معكم أيها الطاغين






( لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار ) : يقول أهل النار لا تحية لكم فأنتم من أهل النار


( قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم ) : فيرد عليهم الداخلون وأنتم لا مرحبا بكم






( أنتم قدمتموه لنا فبئس القرار ) : أنتم قد دعوتمونا إلى ما أفضى بنا إلى هذا المصير ، فبئس المصير






ويدعون يارب زدهم عذابا أضعافا فى النار فهم الذين تسببوا فى هذا لنا






ويقال لهم لكم جميعا ضعف العذاب ... كما ورد فى سورة الأعراف






ويبحث الكفار عن رجالا كانوا يظنون أنهم من الأشرار ، هؤلاء سخرنا منهم فى الدنيا وظننا أنهم فى ضلالة






هذا غريب نظن أن أبصارنا لا تصل إليهم ... وهذا من شدة استغرابهم من أن عدم دخول هؤلاء من المحال ، والحق هو أنهم من سخروا منهم فى الدنيا إنما هم مؤمنون دخلوا الجنة






وهذا هو يا محمد حديث أهل النار بعضهم لبعض






الآيات 65 ـ 70






( قل إنما أنا منذر ، وما من إله إلا الله الواحد القهار * رب السموات والأرض وما بينهما العزيز الغفار * قل هو نبأ عظيم * أنتم عنه معرضون * ما كان لى من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون * إن يوحى إلىّ إلا أنما أنا نذير مبين )


قل يا محمد للمكذبين : أنا منذر ولست كما تزعمون


والله وحده هو القادر على قهر أى شئ


فهو مالك السموات والأرض ومن فيهن وما بينهما


فهو مع عظمته غفار لمن يشاء


قل لهم يا محمد إنه خبر عظيم أن يرسلنى الله لكم بالقرآن


أنتم عنه غافلون


فلولا الوحى ما كنت أعلم اختلاف آدم مع ابليس واختصام الشيطان وما فعل


إنما علمته من القرآن الذى علمنى ربى






الآيات 71 ـ 74


( إذ قال ربك للملائكة إنى خالق بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين * فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا ابليس استكبر وكان من الكافرين * )






أخبر الله تعالى الملائكة بإرادته فى خلق بشرا من طين ، وقال لهم إذا نفخت فيه الروح فاسجدوا تحية له تكبيرا لله على قدرته






خلق الله آدم بيده الكريمة من قبضة من الأرض قبضها له ملك الموت






نفخ فيه من روحه التى خلق الله وكان طوله ستون ذراعا ( 34 متر تقريبا )






أمر الملائكة بالسجود له فسجدت إلا إبليس استكبارا وجحودا وغيرة


















الآيات 75 ـ 85






( قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدى ، استكبرت أم كنت من العالين * قال أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين * قال فاخرج منها فإنك رجيم * وإن عليك لعنتى إلى يوم الدين * قال رب فأنظرنى إلى يوم يبعثون * قال فإنك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم * قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين * قال فالحق والحق أقول * لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين *)






يحاسب الله إبليس لماذا لم يسجد كما أمره مع الملائكة هل هذا تكبرا واستعلاء






فقال أنه أفضل من آدم فهو قد خلق من النار ولكن آدم من التراب ( وهذا بالطبع تقدير إبليس وليس النار خيرا من الطين )






فغضب الله عليه وطرده من الجنة ومن رحمة الله إلى يوم القيامة لأنه رد الأمر على ربه






فقال إبليس يارب أتركنى فى الدنيا إلى يوم القيامة


فقال الله له إنه بتاركه إلى يوم القيامة لينظر ماذا يفعل






فأقسم على الله بعزته أنه سيغوى ويفتن البشر جميعا ليخرجهم أيضا من رحمة الله مثله






واستثنى المخلصين الذين لن يقدر عليهم


فقال الله له : أنا الحق وأقول الحق سأملأ جهنم منك ومن ذريتك وممن تبعك من الإنس .






ومما سبق يهدف الله أن رسوله يعلم الناس بقصة وجودهم ليأخذوا حذرهم من الشيطان














الآيات 86 ـ 88


( قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين * إن هو إلا ذكر للعالمين * ولتعلمن نبأه بعد حين )






قل يا محمد لهؤلاء المشركين هذا النصح لا أسألكم عليه أجر تعطونيه


( وما أنا من المتكلفين ) : ولا أنقص ولا أزيد على ما أرسلنى به ربى






إنما أبتغى وجه الله بتذكرة الإنس والجن


( ولتعلمن نبأه بعد حين ) : وسوف تعلمون خبره وصدقه قريبا بعد الموت


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ