مــــرحــــــباَ بـــأحـبـــاب الله مــعــاَ

في طريق الجنة


السبت، 2 أكتوبر 2021

تفسير سورة مريم

 

الآيات 1 ـ 6

(كهيعص * ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا

1 ـ الحروف فى بداية السور كما أوضحنا من قبل

2 ـ هذا ذكر من الله بعبده زكريا

3 ـ دعى زكريا ربه وهو فى خشوع ورجاء وخجل

4 ـ قال رب إنى كبرت فى السن وضعفت قوتى وشاب شعرى ولكنى تعودت منك الإجابة لدعائى

5 ـ وأخاف الموالى أن يسيئوا التعامل من بعدى مع الناس وليس لى ولد لأن زوجتى لا تنجب وأريد لى وريثا للنبوة ليكمل من بعدى الرسالة والدعوة


ويلاحظ أنه يقصد بالوراثة هى وراثة النبوة وليس المال لأن الأنبياء أعظم من أن يورثوا مالا كما أوضح رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم

6 ـ ليرثنى ويرث آل يعقوب فى النبوة والرسالة

 

الآية 7

( يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا )

استجاب الله لدعاء نبيه زكريا ونادته الملائكة تبشره بغلام سماه الله يحيى

لم يسمى أحد من قبله بهذا الإسم وليس له شبيها مثله

 

الآيات 8 ، 9

( قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا * قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا

تعجب زكريا بفرحة كيف يرزق الولد وقد كبر فى السن وأصبح شيخا ضعف  العظم وكذلك امرأته عاقر لا تلد وعجوز

فأجابه الملك : إن هذا على الله يسير وقد خلقك من قبل من لا شئ وهذا أعجب

 

الآيات 10 ، 11

( قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا )

طلب زكريا من ربه أن يجعل له علامة ودليل ليطمئن ويصدق ما وعده به

فقال له الملك : علامتك هى أن يمتنع لسانك عن الكلام ثلاث ليال بدون مرض

خرج زكريا من معبده شديد الفرح وأشار للناس أن يسبحوا الله فى الصباح والمساء أى طوال الوقت على فضله عليهم وذلك زيادة فى التقرب والشكر لله على أنعمه

 الآية 12 ـ 15

( يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا * وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا * وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا

 


وينتقل الحديث عن هذا الوليد يحيى بن زكريا بوصف الله لعبده الذى زكاه وطهره هدية لزكريا الذى عبد وأطاع ربه بإخلاص
هنا يأمر الله يحيى بأن يتمسك بنفس طريق ابيه من الطاعة لله والدعوة والإخلاص
ويصف يحيى بأنه منحه الحكم والنبوة منذ صغره رحمة وتطهير له فقد كان برا بوالديه مطيعا حنونا ويعده الله بالرحمة يوم أن خلقه ويوم أن يموت ويوم القيامة عند البعث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وكانت لزوجة زكريا أختا هى زوجة عمران النبى من أنبياء بنى اسرائيل من سلالة داود وكانت عاقرا فدعا عمران ربه وأنعم عليه بأن حملت زوجته ثم قتله اليهود
ووضعت زوجة عمران بنتا سمتها مريم
تكفل برعايتها زوج خالتها زكريا وتحمل أذى اليهود من أجلها وأجل دعوته وقتلوه أيضا خوفا على السلطان لأنه بشرهم بقدوم عيسى عليه السلام

وفى الآيات التالية يحدثنا الله عن مريم بنت عمران


الآيات 16  ـ 21

( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا )


وقد ذكرنا من قبل قصة ولادتها فى سورة آل عمران عند تفسيرها

نشأت فى بنى اسرائيل وكانت عابدة ناسكة وتكفلها زكريا بالرعاية


واعتزلت ( انتبذت ) أهلها وذهبت شرقى المسجد الأقصى واستترت منهم

( اتخذت من دونهم حجابا )

فأرسل الله لها جبريل بصورة انسان فخافت وظنت به سوء لها فتعوذت منه


فقال لها لا تخافى فأنا رسول الله و أرسلنى لأهديك غلام


فتعجبت كيف يكون لها غلام ولم يمسها إنسان ولم تكن بالباغية

 

فقال لها هذا أمر الله وسيكون علامة للناس على قدرة الله فى الخلق كما خلق آدم من تراب وخلق حواء من ذكر وهو آدم و  بلا أم  كذلك يخلق عيسى من أنثى بلا ذكر وخلق ذريته من ذكر وأنثى

وهذا من رحمة الله وقد قضى بذلك الأمر ولابد من حدوثه

 

الآيات 22 ، 23

( فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا * فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا )

ويخبر سبحانه عن حال مريم فقد حملت بالولد بعد أن نفخ الملك فى جيب درعها وخافت من قومها الشك بها شرا فاتخذت مأوى بعيدا عنهم ( قصيا )

وجاء موعد ولادتها واستندت إلى جذع النخلة ،  وتمنت الموت ولا تكن بمثل ما حدث لها فهى ستمتحن بهذا الولد ولن يصدقها أحدوتمنت لو كانت شيئا لا يعرفه أحد ( نسيا منسيا )

 

الآيات 24 ـ 26

( فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا

فناداها جبريل من أسفل الوادى وقال : لا تحزنى فقد جعل الله تحتك نهر صغير

وهزى جذع النخلة تسقط عليك بلحا رطبا اجمعيه لتأكلى منه واشربى واهدئى وطيبى نفسا

ومهما رأيت أحد فقولى اننى أنذر الصوم عن الكلام ولن أتحدث مع أحد

الآيات 27 ـ 33

( فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا * فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا )

يقول تعالى : عادت مريم إلى أهلها فاستنكروا أمرها وعاتبوها قالوا لقد جئت شيئا عظيما ( فريا ) ، يا سليلة الأنبياء ( يا أخت هارون ) ليس أبوك بالسوء وليست أمك باغية فلماذا فعلت ذلك

فصامت عن الكلام وأشارت لوليدها أن إسألوه


قالوا لها كيف يكلمنا وليد فى المهد ؟

فتكلم الوليد ليعرفهم بنفسه وقال : أنا عبد الله نبى من أنبيائه خلقنى وأعطانى كتاب سماوى لأنذركم به وجعلنى معلما للخير وأوصانى بالصلاة والزكاة ونافعا بالخير أينما ذهبت وطوال حياتى

وجعلنى برا بأمى ولم يجعلنى مستكبرا عن عبادته

ثم يثبت أنه مخلوق من عباد الله فيقول : لى السلامة من السوء عندما ولدت وعندما أموت وعند البعث كسائر الخلائق

 

الآيات 34 ـ 37

( ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ * مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ * وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ * فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ

وهذا هو عيسى ابن مريم الذى فيه يشكون ويختلفون وقالوا فيه أنه الله وطائفة قالت ابن الله

 

إن الله لا يتخذ أبناء لأنه عزيز وقوى ولا يضعف ليحتاج العون

ولكنه يقول للشئ كن فيكون

وأمر عيسى بأن يقول لقومه إن الله ربى وربكم فاعبدوه فهذا الطريق الصواب المستقيم

ولكن اختلف أهل الكتاب بعد أن بين عيسى لهم الأمر وقالوا كيف يتكلم الطفل الرضيع إنما الذى يتكلم هو الله وآخرون قالوا ابن الله وآخرون قالوا ثالث ثلاثة ابن وأب وروح

وهكذا كفروا وكان أولى بهم أن المعجزة تجعلهم يصدقون ما قال عن نفسه وهو عبد الله فالله لا يكذب

ويهددهم الله هؤلاء الكفار بأهوال يوم القيامة ولهم الويل مما يصفون


الويل وادى فى جهنم تتعوذ منه جهنم نفسها كل يوم مائة مرة

 

الآيات 38 ـ 40

( أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ * وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ * إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ )

ويوم القيامة ما أسمع وما أبصر هؤلاء الكفار ولكنهم فى الدنيا فى ضلال ولا يسمعون ولا يبصرون قلوبهم مغلقة عن الحق


فانذر الخلائق يا محمد يوم القيامة يوم تكون الحسرة ويكون قد قضى بينهم ودخلوا الجنة وفريق فى النار ولكنهم الآن فى غفلة ولا يؤمنون


فلله ميراث السموات والأرض وكل مخلوق عائد إلى الله

ثم يحدثنا جلاله عن إبراهيم عليه السلام فيقول :

 

الآيات 41 ـ 44

 ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا )

يا محمد اتل على قومك خبر إبراهيم الذى يدع الكفار أنهم على ملته وذريته وقد كان صديقا نبيا مع أبيه وقومه وما عبد الأصنام أبدا ونهى أبيه عن عبادتها

فقال لأبيه بلين ورفق : يا أبت لماذا تعبد ما لا يسمع ولا يرى ولا يدفع عنك بلاء

أنت والدى وتنظر لى أننى لست بخبرة ولكن الله أطلعنى على علم لم تطلع أنت عليه  فاتبعنى أبين لك طريق الرشاد والنجاة

يا والدى لا تتبع الشيطان فهو للإنسان عدو مبين عاص لربه

 

الآيات 45 ـ 48

( يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا * قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا * قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا )

وتستمر مشاعر الحب والرحمة من الإبن البار بأبيه فيقول إنى أخاف عليك يا أبى من غضب الله بشركك وعصيانك فيصبح لا مولى لك إلا الشيطان الذى يسوقك للعذاب ولا ينصرك

قال أبوه :  مادمت لا تريد عبادة آلهتنا فابتعد عن شتمها وسبها وإن لم تنتهى عن ذلك فسوف اقتص منك وابتعد عنى طويلا لكى لا تصيبك عقوبتى

قال إبراهيم : أما أنا فلن يصيبك منى مكروه ولك منى السلامة لحكم الأبوة ولكن ساستغفر لك الله ربى إنه يجيب دعوتى ويهتم بأمرى ( حفيا )

وسوف أتبرأ منكم ( اعتزلكم ) ومما تعبدون من دون الله وأعبد الله وحده لعلى لا أكون مثلكم شقيا خاسرا

 

الآيات 49 ـ 53

 ( فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلا جَعَلْنَا نَبِيًّا * وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا * وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولا نَّبِيًّا * وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا * وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا )

فلما تبرأ إبراهيم من قومه وما يعبدون من الأصنام والكواكب أنعم عليه بذرية صالحة ووهب له إسحاق واسماعيل وهو شيخ وامرأته عاقر وجعلهم من الأنبياء وجعل من ذريتهم الأنبياء يعقوب وولده يوسف  ويثنى الله عليهم جميعا

ثم يذكر كليمه موسى الذى ناداه من الجانب الأيمن لجبل الطور ويقول أنه كان مخلصا فى عبادته وكان من أولى العزم من الرسل ولبى له الله طلبه فى أن يجعل أخاه هارون نبيا ليعاونه على الدعوة

 

الآيات 54 ، 58

( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَّبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا * وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا * وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا )

وهذا ثناء من الله على نبيه إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام من هاجر الذى أسكنهم الحجاز ونبع الماء من تحت قدمه وهو رضيع

فهو التزم العبادة ووفاها حقها ودعى أهله للصلاة والزكاة ورضى الله عنه بطاعته له وحين أمر الله بذبحه فأطاع أمر الله وسلم لوالده ليذبحه

وجعل له الله شرف النبوة والرسالة

 

ثم هذا نبى الله إدريس الذى أخلص العبادة لله فجعله نبيا ورفعه إلى السماء وقبضت روحه فى السماء الرابعة

هؤلاء جميعا من ذرية آدم ومن بقى مع نوح ومن ذرية إبراهيم الخليل وابنه يعقوب الذين هداهم الله واختارهم لصلاحهم

هؤلاء الذين سجدوا لله باكين عند سماع آياته وخضعوا لقدرته وأطاعوه وحمدوه وشكروه

 

الآيات 59 ـ 63

 فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا * جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا * لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلاَّ سَلامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا * تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا

وجاءت من بعد هؤلاء الأنبياء والرسل قرونا أضاعوا الصلاة ولم يؤدوا الزكاة وعملوا المعاصى وتركوا الفرائض والواجبات واطمأنوا للدنيا ونسوا الآخرة

وهؤلاء سيلقون شرا وخسرانا ( غيا )

إلا من تاب وآمن وعمل الحسنى فيغفر لهم الله ويدخلهم فسيح جناته

جنات إقامة ( عدن ) وهى من الغيبيات التى يؤمنون بها والله وعده الحق

( إنه كان وعده مأتيا ) ولا يسمعون فيها أذى ولا كلاما ساقطا ولكن يسمعون كل حسن ولهم الرزق طوال الوقت فى الصباح والعشاء وما بينهما وهذه الجنة يرثها عباد الله الذين اتقوه فى جميع أفعالهم وأطاعوه .


الآيات 64 ـ 65

 ( وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا * رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا )


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل " ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا ؟ "

فنزلت هذه الآية يقول : لا ننزل إلا بأمر الله له ( ما بين أيدينا وما خلفنا  ) أمر الدنيا وأمر الآخرة  وما بينهما وهو البرزخ أو ما بين النفختين للممات والمحيا ... وما ينساك ربك خالق السموات والأرض وما بينهما ومدبر أمرهما

فاعبد الله واصبر على عبادته فهو سبحانه لا سمة ولا مثل له ولا شبيها

( سميا ) .


الآيات 66 ـ 72 

( وَيَقُولُ الإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا * أَوَلا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا * فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا * ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا * ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا * وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا )

وينكر الله على الإنسان أنه يتعجب للوعد بأن يعيده الله بعد الممات

ويقول له : ألم تنظر أن الله خلقك من قبل وكنت فى العدم وخلق آدم من تراب

ويقسم بأن يعيد الإنس والجن الذين عبدوا غير الله ويجمعهم حول جهنم قعودا

( جثيا ) ويأت من كل أمة ( شيعة ) ويبدأ بأكابرهم الذين كانوا زعماء الشر والجرم ( أشد على الله عتيا ) وهو أعلم بمن يستحق العذاب ويصليه النار


ويقول تعالى أن جميع الخلق سيردون النار ( وإن منكم إلا واردها ) وفسر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم  بأن يضرب على جهنم الصراط مثل حد السيف فتمر طائفة من المؤمنين كالبرق وتليها طائفة تمر كالريح وتليها من تمر كجرى الخيل وتليها من تمر كجرى البهائم ثم يمر من يجرى كجرى الرجل ومنهم من يسقط ويقوم وآخرين يسقطون فى النار والملائكة يقولون اللهم سلم سلم

أعاذنا الله ونجانا


وعندنا الفرصة للتوبة والإصلاح لنختار الفئة المنجاة

وهذا أمر قد قضى به الله

ثم ينجى الله المؤمنين ويترك الظالمين فى جهنم ( جثيا ) قعودا


الآيات   73 ، 74

( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا * وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا

ويذكر الله عز وجل أن الكافرين عندما تقرأ عليهم آيات الله فى القرآن يقولون للمؤمنين نحن أفضل منكم وأحسن اجتماعا فى أنديتنا وأماكن اجتماعنا  ( نديا )

ولكن الله يرد عليهم قائلا لقد أهلك الله أفضل وأقوى وأحسن أمتعة وأموالا ومناظر  منكم بسبب كفرهم ( أحسن أثاثا ورئيا )

 

الآية 75 ، 76

( قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا * وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا )  

قل للكافرين يا محمد لو كانوا هم على حق أو أنتم  فيمهله الله فترة ويدع الله الظالمين فى طغيانهم حتى ينقضى أجلهم  ثم تأت الساعة و يقضى بينهم ويعلم المحقون أنهم على حق ويعلم الكفار أنهم على باطل وليس لهم نصير ولا مدافع ويعذبون فى النار .

ويزيد الله الظالمين ظلما ويزيد المهتدين هدى ومن عمل صالحا فهو له الخير والجزاء عندما يرد ويرجع إلى الله

 

الآيات 77 ـ 80

( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا * أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا * كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا * وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا


قال خباب بن الأرت : كنت رجلا قينا ، وكان لى على العاص بن وائل دين ، فأتيته أتقاضاه منه

فقال : لا والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد

فقلت : لا والله لن أكفر بمحمد حتى تموت ، ثم تبعث

قال : فإنى إذا مت ثم بعثت جئتنى ولى  مال كثير  وولد فأعطيتك

فأنزل الله فيه الآية يقول :

هل رأيت يا محمد هذا الذى كفر بآيات الله ويدعى أن يؤتيه الله المال والولد فهل اطلع الغيب ، أم له عهد عند الله

لا بل سنسجل عليه ما يقول ويلقى الله وحيدا لا مال ولا ولد ونعذبه عذابا شديدا بكفره


الآيات 81 ـ 84

( وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا * كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا * أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا * فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا


هؤلاء الكفار اتخذوا آلهة من دون الله وظنوا أنها ستنصرهم وتعزهم

لا هذا يخالف ما ظنوا ستكون عليهم وبالا يوم القيامة

وهذه الشياطين تغوى الكفار وتزعجهم وتشدهم إلى معصية الله

فلا تتعجل يا محمد على هؤلاء فى العذاب فالله يعد لهم ألوانا من العذاب ويؤجلهم لأجل معدود محسوب

الآيات 85 ـ 87

( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا * وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا * لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا )

 

فأما المتقين المؤمنين فيجمعهم الله إلى الجنة جماعات ووفود

وأما الكافرين المجرمين فيساقون إلى النار عطاشا ( وردا ) ليس لهم شفيع كما يملك المؤمنون الشفاعة لبعض

الآيات 88 ـ 95

( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا )

لقد قال الكفار أن الله اتخذ ولدا ، زهذا قول عظيم ( إدا )

فالسموات تكاد تتشقق لهذا القول الباطل  والأرض تغضب وتكاد تنشق من شدة الغضب وتهدم الجبال على بعضها متتابعة لهذا الأذى فى التقول على الله

فالله لا يحتاج لإتخاذ الولد ولا يليق به مثل ذلك لجلاله وعظمته

فاتخاذ الولد يكون عن طلب العون عند الحاجة والسند عند الضعف والقصور

ولكن كل المخلوقات ماهى إلا عبيد لله الواحد ويوم القيامة يأتون لله فرادى لا ناصر ولا معين إلا الله

الآيات 96 ـ 98

 ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا * فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا * وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا )


فالذين آمنوا وفعلوا الخيرات يحبهم الله ويجعل الناس يحبونهم ، وهذا القرآن جعلناه واضحا سهلا على لسانك يا محمد لتبشر المؤمنين وتنذر الكافرين

 الفجار ( لدا )

وكم أهلك الله من أقوام وأمما كانت كافرة ظالمة من قبل هؤلاء فهل تسمع لأحد منهم صوتا ( ركزا ) .

وهذه الآيات قالها الله  ليربط على قلب رسوله صلى الله عليه وسلم

                    انتهت بحمد الله