مــــرحــــــباَ بـــأحـبـــاب الله مــعــاَ

في طريق الجنة


الخميس، 24 فبراير 2011

الطور.. هل أى جبل أم هو جبل موسى ؟

تفسير سورة الطور

 
بسم الله الرحمن الرحيم


الآيات 1 ـ 16


( والطور * وكتاب مسطور * فى رق منشور * والبيت المعمور * والسقف المرفوع * والبحر المسجور * إن عذاب ربك لواقع * ما له من دافع * يوم تمور السماء مورا * وتسير الجبال سيرا * فويل يومئذ للمكذبين * الذين هم فى خوض يلعبون * يوم يدعون إلى نار جهنم دعّا * هذه النار التى كنتم بها تكذبون * أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون * اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم ، إنما تجزون ما كنتم تعملون )


يقسم الله بمخلوقاته الدالة على قدرته وأنه قادر على تعذيب من يعصاه


الطور : الجبل الذى به أشجار مثل ما كلم عنده موسى عليه السلام


كتاب مسطور : اللوح المحفوظ


وقيل الكتب السماوية التى تنزل على الرسل


فى رق منشور : مكتوبه الأقدار فى رقائق منشورة


البيت المعمور : هو بيت الله فى السماء السابعة فوق الكعبة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون حتى يوم القيامة

السقف المرفوع : السماء


البحر المسجور : البحر المفتوح على بعضه ويحيط بالسماء السابعة وفوقه العرش ويسقط يوم القيامة الماء ليحى الموتى


وقيل أنه البحر يوم القيامة يوقد نارا


وقيل البحار تفتح على بعضها وتغرق الأرض


إن عذاب الله بالكافرين سيقع يوم القيامة


وليس أحد يقدر على منعه


يوم تمور السماء مورا : يوم القيامة تتحرك السماء وتتشقق وتنكشف


وتسير الجبال سيرا : وتنسف الجبال وتذهب


والويل يوم القيامة لمن كذب وعصى


الذين هم يلعبون فى الدنيا ويخوضون فى الباطل


يوم يدّعون : يساقون إلى نار جهنم


ويقال لهم هذه النار التى كذبتم بها


ادخلوها إنها حقيقة وليست سحرا


وسواء عليكم صبرتم على عذابها أم لم تصبروا فأنتم فيها معذبون


وهذا جزاء عملكم وما جنته أيديكم


الآيات 17 ـ 20


( إن المتقين فى جنات ونعيم * فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم * كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون * متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين )


يبشر الله الذين يتقون ويحذرون غضب الله بأن لهم جنات لهم فيها كل ما تشتهى الأنفس من نعيم


فرحين بعطاء الله ونجاتهم من النار


وتقدم لهم المشروبات التى يشتهونها ويقال لهم اهنأوا هذا جزاء عملكم


منعمين على سرر متراصة ولهم أزواج من الحور العين الصافية قلبا وقالبا


الآيات 21 ـ 28


( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ كل امرئ بما كسب رهين * وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون * يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم * ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون * وأقبل بعضهم على بعض يتسآءلون * قالوا إنا كنا قبل فى أهلنا مشفقين * فمنّ الله علينا ووقانا عذاب السّموم * إنا كنا من قبل ندعوه ، إنه هو البر الرحيم )


من صلح من الآباء يكافأه الله بأن يرفع أبناءه الذين اتبعوه فى طريق الهداية إلى درجته لتقر عينه ويجمع الآباء بالأبناء


وكذلك من صلح من الأبناء فبدعوته لآبائه المؤمنين تزداد درجاتهم ولا ينقص من أعمالهم شئ .


قال صلى الله عليه وسلم : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له "


كل امرئ بما كسب رهين : ولا يؤاخذ الله أحد بذنب أحد


وفى الجنة لهم الفواكه واللحوم التى تشتهيها نفوسهم


والخمر التى لا يهذون بشربها كما يحدث فى الدنيا


ويخدمهم ولدان مثل اللؤلؤ فى جمالهم وحسن منظرهم فى الجنة


ويحدث بعضهم البعض فى الجنة عن جمال ما يجدون فى الجنة


ويقولون لقد كنا فى الدنيا نخشى عذاب الله


فتصدق الله علينا وأنعم علينا الآن فى الجنة واستجاب دعواتنا فهو الرحيم البر بعباده .


الآيات 29 ـ 34


( فذكر فما أنت بنعمت ربك بكاهن ولا مجنون * أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون * قل تربصوا فإنى معكم من المتربصين * أم تأمرهم أحلامهم بهذا ، أم هم قوم طاغون * أم يقولون تقوله ، بل لا يؤمنون * فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين )


يأمر الله نبيه بأن يبلغ الناس رسالته ويقول له أنت لست بمجنون ولا بساحر


لقد قالوا عنك شاعر وننتظر موته لنتخلص منه


قل لهم تربصوا وانتظروا فنحن معكم ننتظر ولنا النصر عليكم فى الدنيا والآخرة


أم إن عقولهم تأمرهم بما يقولون من كذب وزور


إنهم قوم طاغون ضالون


ويقولون إنه يتقول القرآن من عنده


بل كفرهم هو الذى جعلهم يقولون هذا


لو كانوا صادقين فليتقولوا مثله


الآيات 35 ـ 43


( أم خلقوا من غبر شئ أم هم الخالقون * أم خلقوا السموات والأرض ، بل لا يوقنون * أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون * أم لهم سلم يستمعون فيه ، فليأت مستمعهم بسلطان مبين * أم له البنات ولكم البنون * أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون * أم عندهم الغيب فهم يكتبون * أم يريدون كيدا ، فالذين كفروا هم المكيدون * أم لهم إله غير الله ، سبحان الله عما يشركون )


يقول الله ليثبت ربوبيته وألوهيته :


هل الكفار هم الذين خلقوا أنفسهم .. أم خلقوا من لاشئ؟


هل هم الذين خلقوا السموات والأرض


هل هم الذين يملكون خزائن الأرض أم هم المتصرفون فى الملك


هل لهم سلم يطلعون عليه ويسمعون ما يحدث بالملأ الأعلى فوق السموات


فليقول من فعل هذا ويأت بالدليل


هل عرف أن لله البنات والملائكة كما يدعون ؟


يدعى الكفار بأن لهم البنون ولله البنات فلهم الويل


أم إنك يا محمد تطلب منه أجر ثقيل عليهم


هل عندهم علم من الغيب


هل يريدون الكيد لك يا محمد ولأصحابك فسيعود كيدهم على أنفسهم وبالا


هل هؤلاء الكفار لهم غير الله إلاها


تنزه الله عن ذلك وعن ما يشركون به


الآيات 44 ـ 49


( وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم * فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذى فيه يصعقون * يوم لا يغنى عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون * وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون * واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا ، وسبح بحمد ربك حين تقوم * ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم )


وهؤلاء المكذبون لو يروا قطعا عظيمة تهبط عليهم من السماء ليعذبهم الله فسيكذبوا أيضا ويقولون هذا سحاب متراكم بعضه على بعض ولا يظنون أنه عذاب الله


فاتركهم حتى يأت يوم القيامة ويصعقهم الله


اليوم الذى لا ينفع فيه تدبيرهم ولا يجدون من ينصرهم


وللظالمين عذابا أقل من عذاب يوم القيامة فى الدنيا ، ويبتليهم الله بالمصائب ولكنهم لا يفهمون أن ذلك عذاب الله من ظلمهم


فاصبر يا محمد على أذاهم فأنت على مرأى منا وبحفظنا


واحمد الله وسبحه فى صلاتك وبعدها ( تقوم ) : للصلاة


وسبحه بالليل حين تقوم من فراشك بالصلاة والتلاوة


وحين تقوم من أى مجلس فقل


" لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير


سبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله "


وهذا ما علمنا رسول الله بقوله قبل الدعاء فى الليل والصلاة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تمت بحمد الله تعالى .

الثلاثاء، 22 فبراير 2011

المجادلة

تفسير سورة المجادلة



بسم الله الرحمن الرحيم


الآية1


( قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها وتشتكى إلى الله والله يسمع تحاوركما ، إن الله سميع بصير )


قالت عائشة رضى الله عنها : الحمد لله الذى وسع سمعه الأصوات ، لقد جاءت المجادلة إلى النبى صلى الله عليه وسلم تكلمه وأنا فى ناحية البيت ما أسمع ما تقول


فأنزل الله عز وجل ( قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها ....)


سبحان الله الذى سمع المرأة التى كانت تشتكى زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزل فى ذلك قرآنا


الآية 2


( الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم ، إن أمهاتهم إلا اللآئى ولدنهم ،وإنهم يقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور )


الظهار مشتقة من الظهر
كان الرجل فى الجاهلية يقول لأمرأته إذا غضب منها أنت علىّكظهر أمى


وكان فى الجاهلية الظهار هو طلاق


ولكن فى الإسلام جعل الله للظهار كفارة ولم يجعله طلاقا


ويقول الله تعالى :
الذين يظاهرون من نسائهم ، هن ليسوا مثل أمهاتكم ولكن أمهاتكم هن الذين ولدنكم


فلا تصير المرأة مطلقة بهذا القول


وهذا يعتبر قول زور وباطلا ما أنزل الله به من خبر


والله يعفو عما كان بينكم فى الجاهلية ويغفر لكم بدخولكم الإسلام ويعفو عن اللغو بدون نية المتكلم


الآية 3 ، 4


( والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ، ذلكم توعظون به ، والله بما تعملون خبير * فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا ، فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ، ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله ، وتلك حدود الله ، وللكافرين عذاب أليم )


الذين يظاهرون ( ثم يعودون لما قالوا ) : قيل فيها قولان


1 ـ أن يمسك الرجل زوجته بعد الظهار زمنا ولا يطلقها


2 ـ أن يعود بعد الظهار للجماع أو ينوى عليه


وفى ذلك لا يحل أن يفعل ذلك إلا بعد أن يكفر عن يمينه


والكفارة هى : عتق رقبة من قبل أن يجامعها


( ذلك توعظون به ) : هذا زجر لكم حتى لا تعودوا لمثل ذلك


والله عليم خبير بما هو صالح لكم


ومن لم يجد لعتق الرقبة فعليه صيام شهرين متتابعين


ومن لم يستطع الصيام فعليه إطعام ستين مسكينا من أوسط ما يطعم أهله ويمكن جمع الستين فى وجبة واحدة


وقد شرع الله هذا لتؤمنوا بالله ورسوله وتطيعوه وهذه محارم الله فلا تتعدوها


والذين لم يلتزموا بها وكفروا بها لهم عذاب أليم من الله فى الدنيا والآخرة


الآيات 5 ـ 7


( إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم ، وقد أنزلنا آيات بينات وللكافرين عذاب مهين * يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا ، أحصاه الله ونسوه ، والله على كل شئ شهيد * ألم تر أن الله يعلم ما فى السموات وما فى الأرض ، ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولآ أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ، ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة ، إن الله بكل شئ عليم )


يحادون : يشاقون ويعاندون


كبتوا : لعنوا واخزوا وأهينوا


يقول تعالى : إن الذين شاقوا الله ورسوله وعاندوا شرعه أخزاهم الله ولعنهم كما فعل بمن مثلهم من قبل


وقد أوضحنا الآيات من قبل والكافرون المعاندون لهم العذاب المهين المخزى


ويوم القيامة يبعثهم الله جميعهم ويخبرهم بأعمالهم من خير وشر


فقد حفظه الله عليهم وهم نسوا ما فعلوا


والله يشهد على جميع أفعالهم لا يخفى عليه من شئ


إن الله يحيط بكل شئ فى السموات وفى الأرض ويسمع كل شئ ويرى


فما تحدث ثلاثة سرا إلا كان رابعا بينهم ولا أكثر من ذلك ولا أقل فإن الله يراهم ويسمعهم وهو قريب بينهم ويحيط بكل أفعالهم


والله ينبئهم بكل ما عملوا وقالوا يوم القيامة ويحاسبهم عليه


الآيات 8 ـ 10


( ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول وإذا جاؤك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون فى أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول ، حسبهم جهنم يصلونها ، فبئس المصير * يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول وتناجوا بالبر والتقوى ، واتقوا الله الذى إليه تحشرون * إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله ، وعلى الله فليتوكل المؤمنون )

يقول الله تعالى لنبيه محذرا من اليهود أنهم يتحدثون فيما بينهم بالذنب ويتواصون بمعصية الله ورسوله ومخالفته


وإذا دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلموا عليه ويقولون عليك السام ، وهذا القول يخالف السلام الذى حيا به الله رسوله والمؤمنون
( فالسام تعنى الموت )


فهم يحرفون الكلام ويقولون لو كان هذا رسول الله لكان عذبنا بما نقول فسيعذبهم الله فى نار جهنم تحيط بهم وبئس القرار


ثم يرشد الله عباده المؤمنين بأن تكون محادثاتهم فيما بينهم بالخير والتواصى بالحق وطاعة الله ورسوله وتقوى الله الذى إليه مرجعهم


ثم يحذر بأن لا يكونوا مثل الكفار من أهل الكتاب الذين يتناجون بمعصية الله واتبعوا الشيطان ليسوءهم ويضرهم ويريد أن يضر المؤمنين ولكنه لن يضرهم إلا بإذن الله


الآية 11


( يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا فى المجالس فافسحوا يفسح الله لكم ، وإذا قيل لكم انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ، والله بما تعملون خبير )
يؤدب الله عباده المؤمنين ويعلمهم السلوك الحسن فى التعامل مع بعضهم البعض فيقول :


إذا قيل لك اتسع فى المجلس عليك أن توسع


يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه فيجلس فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا "


وإذا قيل انهضوا للقتال أو إلى عمل الخير فأطيعوا


وهذا ليس بنقص للحق ولكنه رفعة للدرجات عند الله ولا يضيع أعمالكم التى يعلمها الله ويجازى عليها


الآيات 12 ـ 13


( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدى نجواكم صدقة ، ذلك خير لكم وأطهر ، فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم * ءأشفقتم أن تقدموا بين يدى نجواكم صدقات ، فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله ، والله خبير بما تعملون )
يأمر الله المؤمنين بأن إذا أراد أحدهم أن يحدث الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحدثه بأدب وتوقير وأن يتقدموا بالصدقات لتطهرهم ويكونون أهلا لهذه المناجاة


ثم يرخص فيمن لا يجد صدقة يتقدم بها لله بسبب فقره أن يستثنى من ذلك


ويقول أنتم خفتم من استمرار الأمر بالصدقات عند مناجاة الرسول ( لأن لم يعمل بالآية سوى على بن ابى طالب ) فنسخها وتاب على المؤمنين


وقال : التزموا بآداء الصلاة على وجهها ودفع الزكاة وطاعة الله ورسوله


والله يعلم أفعالكم جميعها .


الآيات 14 ـ 19


( ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون * أعد الله لهم عذابا شديدا ، إنهم ساء ما كانوا يعملون * اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين * لن تغنى عنهم أموالهم ولآ أولادهم من الله شيئا ، أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون * يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ، ويحسبون أنهم على شئ ، ألا إنهم هم الكاذبون * استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله ، أولئك حزب الشيطان ، ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون )


وهؤلاء المنافقين الذين تولوا الكفار سرا وهم فى حقيقة الأمر ليسوا مع المؤمنين وليسوا مع الكفار


وهؤلاء المنافقون يقسمون كذبا وهم يعلمون أنهم كاذبون


وهذا هو اليمين الغموس فإذا لقوا المؤمنين والرسول حلفوا أنهم مؤمنون وإذا لقوا الكفار حلفوا أنهم يناصروهم ويكذبون وهم يعلمون أنهم كاذبون


وهؤلاء أعد الله لهم العذاب الشديد المهين


فهم يقسمون بالكذب ليحموا أنفسهم وأموالهم من الكفار ومن المؤمنين ولكن لن تنفعهم أولادهم ولا أموالهم وهم فى النار والعذاب خالدين ولن يحموا أنفسهم من الله


ويوم القيامة حين يجمعهم الله وسيحلفون له أيضا كذبا كما كانوا يحلفون للمؤمنين ويظنون أنهم كانوا على الطريق السوى


ملك الشيطان قلوبهم ونسوا أن يذكروا الله ، فهم حزب الشيطانوليس لهم إلا الخسارة


الآيات 20 ـ 22


( إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك فى الأذلين * كتب الله لأغلبن أنا ورسلى إن الله قوى عزيز * لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ، أولئك كتب فى قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ، ويدخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ، رضى الله عنهم ورضوا عنه ، اولئك حزب الله ، ألا إن حزب الله هم المفلحون )


هؤلاء الذين يعاندون الله ورسوله وينتهون عن الطاعة هم أشقياء مبعدون عن الصواب مطرودين من رحمة الله


لأن الله حكم بأن ترتفع كلمته فوق أعناق المنافقين والكافرين ويغلب أمره هو ورسله فهو عزيز قوى الجانب لا يقهر


والمؤمنون حقا لا يتوالون الذين شاقوا الله ورسله ولو كانوا أقربائهم أو أبنائهم


والذين لا يوادون الكفار هم الذين ثبت الله قلوبهم على الإيمان وزينهم بروح طيبة وعوضهم برضا الله عنهم وأرضاهم بنعيم فى الدنيا والآخرة


وهؤلاء هم حزب الله الفائز بالسعادة والنصر والجنة .


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتهت بحمد الله تعالى .

الأحد، 20 فبراير 2011

سورة الحديد ...معجزة فى ذاتها

تفسير سورة الحديد



بسم الله الرحمن الرحيم


الآيات 1 ـ 3


( سبح لله ما فى السموات والأرض ، وهو العزيز الحكيم * له ملك السموات والأرض ، يحى ويميت ، وهو على كل شئ قدير * هو الأول والآخر والظاهر والباطن ، وهو بكل شئ عليم )


يخبرنا الله تعالى بأن جميع المخلوقات فى السموات وفى الأرض من نبات وحيوان تسبح بحمده وتقدسه جل جلاله


فهو العزيز قوى الجانب لا يقهر و حكيم فى أفعاله وأوامره


ولله امتلاك كل مافى السموات السبع والأرضين السبع وهو الذى يحي وهو الذى يميت ، وقادر على كل شئ فما شاء يكون وما لم يشأ لم يكن


فهو الأول لا شئ قبله ، وهو الآخر فلا شئ بعده


وهو الظاهر لا شئ فوقه


وهو الباطن ولا شئ دونه


ويعلم كل شئ ظاهرا وباطنا


الآيات 4 ـ 6


( هو الذى خلق السموات والأرض فى ستة أيام ثم استوى على العرش ، يعلم ما يلج فى الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها ، وهو معكم أين ما كنتم ، والله بما تعملون بصير * له ملك السموات والأرض ، وإلى الله ترجع الأمور * يولج الليل فى النهار ويولج النهار فى الليل ، وهو عليم بذات الصدور )


يخبر الله عن خلق السموات والأرض وما بينهما فى ستة أيام


ثم استوى بعد الخلق على عرشه


يعلم ما يدخل فى الأرض من حبوب وماء


ويعلم ما يخرج من الأرض من زروع ونباتات وثمار


ويعلم ما ينزل من السماء من ماء وثلج وبرد وأقدار وملائكة


ويعلم ما يصعد إلى السماء من أعمال العباد ومن أرواح الموتى ومن الملائكة


وهو مع العباد رقيب عليهم يشهد أعمالهم فى كل مكان يكونون فى البر أو البحر أو فى البيوت أو فى أى مكان لا يخفى عليه سرهم وعلانيتهم دعاءهم ونجواهم


وهو الذى يملك كل شئ فى السموات وفى الأرض وترجع إليه كل المخلوقات


ويرجع العباد يوم القيامة إلى الله ليحكم بينهم


يقلب الليل والنهار ويتابعهم فى نظام لا يتغير ومرة يدخل الليل فى طول النهار ومرة يأخذ النهار من طول الليل فى نظام محكم ليتكون الفصول الأربعة


والله يعلم ما فى السرائر ويعلم ما يدور بالنفوس


الآيات 7 ـ 11


( آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه ، فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير * وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين * هو الذى ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور ، وإن الله بكم لرؤف رحيم * وما لكم ألا تنفقوا فى سبيل الله ولله ميراث السموات والأرض ، لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل ، أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ، وكلا وعد الله الحسنى ، والله بما تعملون خبير * من ذا الذى يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له ، وله أجر كريم )


يأمر الله بالإيمان به وبرسوله واتباع أوامره كما ينبغى أن تطاع


ويامر بالإنفاق ويقول أنكم ( مستخلفين فيه ) أى أن ما بأيديكم من مال كان بأيدى غيركم ثم صار إليكم ويجب عليكم الطاعة والإنفاق منه وإلا حاسبكم على ذلك


وللمنفقين الأجر والثواب


ولماذا لا تؤمنوا بالله والرسول وهو بينكم ويبرهن لكم على ذلك بالحجج والآيات الواضحة


والله أمركم وأخذ عليكم ميثاقا بعد خلق آدم وأشهدكم على أنه الله الذى خلقكم


والله أنزل على محمد القرآن ليهديكم من الجهل والضلال والكفر إلى نور الحق والإيمان وذلك القول ليحثهم على الإنفاق


والله رؤف رحيم بما أنزل من الهداية مع الرسل


وكيف لا تنفقون وتخشون الفقر والله هو الذى يملك السموات والأرض وما فيهما وبيده خزائنهما


ولا يستوى من أنفق فى سبيل الله قبل فتح مكة فى حال الشدة والإحتياج ومن أنفق بعد الفتح وبعد أن ظهر الإسلام وهدأت الأمور


فهؤلاء الذين أنفقوا فى الشدة لهم درجات أعلى عند الله


ولكن لكل منهما درجات ويعدهم الله بالجزاء الأوفى


والله يعلم ما تفعلون


فمن ينفق فى سبيل الله يضاعف له الحسنات كلا وفق ما أنفق ووقت أن أنفق ووفق نيته وضميره


الآيات 12 ـ 15


( يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ، ذلك هو الفوز العظيم * يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب * ينادونهم ألم نكن معكم ، قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأمانى حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور * فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا ، مأواكم النار ، هى مولاكم ، وبئس المصير )


يخبر الله عن المؤمنين والمؤمنات بأن لهم نور يوم القيامة يسعى بين أيديهم وكلٌ حسب عمله ، وكتبهم فى أيديهم بأيمانهم


ويقال لهم لكم البشارة اليوم بالجنات التى تجرى تحتها النهار تظلون فيها مخلدون وهذا لكم الفوز العظيم


أما المنافقين والمنافقات فهم فى ظلمات مع الأهوال والعذاب ويقولون للمؤمنين نريد أن ننال من نوركم


فيخدعهم الله مثلما خدعوا المؤمنين فى الدنيا


فيقال لهم ارجعوا وراءكم ستجدون النور فيرجعون فينشأ بينهم وبين المؤمنين سور بين الجنة والنار من جانب فيه نعيم الجنة والجانب الآخر عذاب النار


( فالعقاب من جنس العمل )


وينادى المنافقون ويقولون للمؤمنين نحن كنا معكم فى الدنيا ونصلى معكم ونحضر معكم الغزوات


فيقول المؤمنون كنتم معنا ليقول الناس أنكم مؤمنون ولكنكم فتنتم أنفسكم بالمعاصى واللذات والشهوات و( تربصتم ) أجلتم التوبة و( ارتبتم ) تشككتم فى البعث بعد الموت ( وغرتكم الأمانى ) فقلتم سوف يغفر لنا الله حت فات الأوان وجاء أمر الله وأنتم على معصيته وغركم الشيطان ( غركم بالله الغرور )


ولو أن أحدكم أراد أن يفتدى نفسه من عذاب الله بملء الأرض ذهبا لا يقبل منه اليوم ولا من الكافرين ، ولكم النار مأوى لكم هى أولى بكم وبئس المصير


الآيات 16 ، 17


( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم ، وكثير منهم فاسقون * اعلموا أن الله يحى الأرض بعد موتها ، قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون )


يقول الله تعالى :


ألم يحين الوقت للمؤمنين أن تخشع قلوبهم لذكر الله وتلين عند سماع القرآن فيطيعوه


ولا يكونوا مثل الذين كانوا من قبلهم من اليهود والنصارى الذين أتتهم الرسل والكتب من الله لما طال بهم الزمن بدلوا كتاب الله وقست قلوبهم عن ذكر الله وخرجوا على طاعته فلا يقبلون موعظة وفسدت أعمالهم وقلوبهم

فالله الذى يحيى الأرضبعد موتها قادر على إحياء القلوب بعد قسوتها فيجعلها تلين بالقرآن وتهتدى العقول


الآيات 18 ـ 19


( إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم أجر كريم * والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجر ونورهم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم )


إن المتصدقين والمتصدقات بأموالهم على الفقراء والمحتاجين ابتغاء رضوان الله يضاعف الله لهم الحسنات بعشر أمثالها ولهم الأجر العظيم


والذين آمنوا بالله ورسله وأطاعوه هم الصدّيقين


والشهداء لهم أجر عظيم عند الله ولهم نور يسعى بين أيديهم يتحرك معهم يضئ لهم يوم القيامة


أما الذين كفروا وكذبوا بآيات الله فهؤلاء الأشقياء ولهم نار الجحيم


الآيات 20 ـ 21


( اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر فى الأموال والأولاد ، كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما ، وفى الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان ، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور * سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم )


إن أمر الحياة فى الدنيا محقرا فهو لعب وانشغال بالأولاد والأموال والتكاثر فيهما والتفاخر بينكم مثل ذلك كمثل مطر جاء بعد الجفاف وأنبت الأرض نبات أعجب به الكفار كما أعجبوا بالحياة الدنيا ثم يصفر النبات ويذبل ويصبح حطاما بعد اخضراره ( تماما مثل الإنسان يكون طفلا ثم رجلا شابا قويا ثم يكبر ويضعف ويشيب )


وفى الآخرة يكون إما العذاب الشديد وإما المغفرة والرحمة


فمتاع الدنيا هو متاع يغتر صاحبه به ثم يؤدى به إلى النار


فهيا تسابقوا إلى رحمة الله ورضوانه ليغفر لكم ويدخلكم جنات واسعة كعرض السموات والأرض أعدها الله للمؤمنين بالله والرسل وهذا فضل من الله يمن به على من يرضى من عباده


والله واسع الفضل


وقيل فى هذه الآية لما نزلت قال فقراء المهاجرين : يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور والدرجات العلا والنعيم المقيم


قال : وما ذاك ؟


قالوا : يصلون كما نصلى ويصومون كما نصوم ويتصدقون ولا نتصدق ويعتقون ولا نعتق


قال : " أفلا أدلكم على شئ إذا فعلتموه سبقتم من بعدكم ، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم : تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين "


فرجعوا وقالوا : سمع إخواننا أهل الأموال ما فعلنا ففعلوا مثله


فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) "


الآيات 22 ـ 24


( ما أصاب من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم إلا فى كتاب من قبل أن نبرأها ، إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ، والله لا يحب كل مختال فخور * الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ، ومن يتول فإن الله هو الغنى الحميد )


يخبر الله تعالى أنه يعلم كل شئ من قبل وقوعه لأنه قدره من قبل الخلق وخلق الإنسان


يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قدر الله المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة "


وعلم الله بالأشياء قبل وقوعها سهل على الله


ويعلمكم الله بذلك حتى تعلموا أن ما أصابكم مقدر عليكم فلا تحزنوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم ولا تفاخر بينكم فكل شئ بقدر الله ورزقه وليس بعملكم


فالله لا يحب المتكبر الفخور بنفسه المتعال على الناس


والذين يفعلون المنكر ويجبرون الناس على فعله ويبخلون بما رزقهم الله ويأمرون غيرهم بالبخل الله غنى عنهم وعن طاعتهم


الآية 25


( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ، وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب ، إن الله قوى عزيز )


ويقول سبحانه أنه أرسل الرسل بالمعجزات والكتب السماوية وأمر بالعدل حتى يتبع الناس الرسل ويطيعون الله فيما أمرهم ويحكمون بالعدل والحق


ويقول أنه تعالى جعل الحديد رادعا لمن يرفض اتباع الرسل وأمر نبيه بصناعة السيوف و الدروع والنصال والرماح للقتال وضرب الرقاب لمن كذب وخالف وعصى


وكذلك جعل فى الحديد المنفعة فى السلم كصناعة المنشار والقدوم والآلات الزراعية وإبرة الحياكة وغير ذلك


ويعلم الله من ينصر دينه وهو قوى عزيز ينصر من يجاهد فى سبيله




يلاحظ كلمة ( وأنزلنا الحديد ) لأن الحديد النقى ينزل من السماء فى صورة نيازك أما الموجود على الأرض وفيها فهو فى صورة مركبات الحديد والإنسان يمكنه استخلاصه منها


الآيات 26 ، 27


( ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا فى ذريتهما النبوة والكتاب ، فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون * ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا فى قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها ، فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم ، وكثير منهم فاسقون )


أرسل الله نوحا نبيا ورسولا


وأرسل إبراهيم عليه السلام


وجعل النبوة والرسل من ذريتهما وأنزل الكتب السماوية


وكان من ذريتهم المؤمن والخارج على الطاعة


حتى أرسل موسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم من ذريتهما


وجعل فى قلوب الحواريين الذين اتبعوا عيسى خشية ورحمة بالخلق


وابتدعت النصارى رهبانية فرضوها على أنفسهم ولم يفرضها الله عليهم


وقصدوا بذلك رضوان الله


ولكنهم لم يراعوها كما ينبغى ولم يلتزموا بها


( فهم أخطأوا بالبدعة


وأخطاوا بعدم الإلتزام بها )


فالمؤمنين منهم جزاهم الله خيرا


والفاسقين الخارجين على طاعة الله لهم العذاب






الآيات 28 ، 29


( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم ، والله غفور رحيم * لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شئ من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم )




ويعد الله المؤمنين والمتقين برحمة ومغفرة وأجران


ويجعل لهم نورا يسعى بين أيديهم يوم القيامة


ليتحقق أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على رد عطاء الله ولا إعطاء ما منع الله


والله يعطى من يشاء وهو ذو فضل عظيم






قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين :


رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بى فله أجران


وعبد مملوك أدى حق الله وحق مواليه فله أجران


ورجل أدب أمته فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران "


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


تمت بحمد الله تعالى .


الجمعة، 18 فبراير 2011

الحشر

تفسير سورة الحشر



بسم الله الرحمن الرحيم


الآيات 1 ـ 5


( سبح لله ما فى السموات وما فى الأرض ، وهو العزيز الحكيم * هو الذى أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ، ما ظننتم أن يخرجوا ، وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا ، وقذف فى قلوبهم الرعب ، يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدى المؤمنين فاعتبروا يا أولى الأبصار * ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم فى الدنيا ، ولهم فى الآخرة عذاب النار * ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ، ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب * ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليجزى الفاسقين )


يقدس كل شئ فى الأرض والسموات الله ويمجدونه ويوحده ويسبحونه
فالله هو العزيز : منيع الجانب


الحكيم : حكيم فى تشريعه وقدره


ن الله هو الذى نصر رسوله محمد صلى الله عليه وسلم على يهود بنى النضير وأخرجهم من المدينة فى ستة أيام فقط لأنهم نقضوا العهد الذى بينهم وبين المسلمين


وكانوا يظنون أن حصونهم الشديدة ستمنع بأس الله عنهم ولكن لم تغنى عنهم من الله شيئا


ودمرهم الله من حيث لم يكونوا يتوقعون


فأصبحوا هم الذين يخربون بيوتهم بأيديهم فيحملون ما يمكنهم معهم ويخلعون الأبواب والأسقف ليحملوها معهم على الإبل


وأنزل فى قلوبهم الخوف والجزع


وكانت أيضا المؤمنون يهدمون لهم ديارهم ليتسع المكان للقتال


وهذه ليعتبر من عنده بصيرة


ولولا أن الله كتب عليهم النفى من ديارهم وترك أموالهم لكان لهم عذاب أكبر من ذلك ولهم فى الآخرة عذاب أكبر


وذلك لأنهم خالفوا الله ورسوله وكذبوا بما أنزل الله علي رسله ومن يفعل ذلك فله عذاب فى النارشديد


وكان الرسول عندما حاصرهم أمر بقطع نخيلهم إهانة لهم وإرهابا ، فيقول الله أنه بإذنه تعالى وقدرته وهو الذى نصر المؤمنين عليهم عقابا لهم


الآيات 6 ـ 7


( وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء ، والله على كل شئ قدير * ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ، وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ، واتقوا الله ، إن الله شديد العقاب )






الفئ : المال الذى يؤخذ من الكفار بغير قتال ولا هجوم ( إيجاف ) بخيل ولا ركاب ( إبل )


يقول تعالى :


وما أعطى الله لرسوله من مال بغير حرب ولا قتال من الكافرين من يهود بنوا النضير ( منهم ) ولم تهجموا بخيول ولا مبارزة


ولكن الله أنزل الخوف والرعب فى قلوبهم وهذه جنود الله


والله يقدر على كل شئ وقاهر لكل شئ


وكذلك ما أعطاكم الله مالا بهذه الطريقة من البلدان الأخرى غير بنوا النضير فيصرف فى وجوه البر للمسلمين لذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل


وهذه الأوجه للصرف حددها الله لكى لا يستولى عليها الأغنياء ولا يصرفونها للفقراء


ثم يأمر الله المؤمنين بأن يطيعوا الله ورسوله فيما يأمر وينهى


ويأمر بتقوى الله شديد العقاب لمن عصاه


الآيات 8 ـ 10


( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله ، أولئك هم الصادقون * والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون فى صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون * والذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل فى قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم )


ويوضح الله الحالات التى تستحق من مال الفئ وهم : ـ


1 ـ الفقراء الذين تم إخراجهم من بيوتهم لمخالفتهم أهلهم ابتغاء مرضات الله


فهؤلاء هم الصادقون حقا بقولهم وفعلهم وهم المهاجرين


2 ـ والأنصار الذين ( تبوءوا ) سكنوا الديار قبل المهاجرين وآمنوا قبلهم وتركوا لهم ديارهم


هؤلاء أكرموا المهاجرين وأحبوهم وأعطوهم ديارهم وأموالهم ولا يجدون فى نفوسهم حسدا للمهاجرين بما فضلهم به الله وشرفهم وغفر لهم


ويقدمون ( يؤثرون ) حاجة الناس على حاجاتهم فى حال احتياجهم ( خصاصة )


وهؤلاء الذين اتقوا وتغلبوا على بخل الأنفس وهم المفلحون


3 ـ التابعون للمهاجرين والأنصار يأتسون بأعمالهم ولا يحسدونهم وليس فى قلوبهم غل للمؤمنين ويؤمنون بالله ورسوله


ويطلبون من الله الرحمة والمغفرة




الآيات 11 ـ 17


( ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون * لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون * لأنتم أشد رهبة فى صدورهم من الله ، ذلك بأنهم قوم لا يفقهون * لا يقاتلونكم جميعا إلا فى قرى محصنة أو من وراء جدر ، بأسهم بينهم شديد ، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ، ذلك بأنهم قوم لا يعقلون * كمثل الذين من قبلهم قريبا ، ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم * كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إنى برئ منك إنى أخاف الله رب العالمين * فكان عاقبتهما أنهما فى النار خالدين فيها ، وذلك جزاء الظالمين )


ويحدث الله عن المنافقين ووصفهم بأنهم إخوان الكافرين ( من أمثال عبد الله بن أبى بعثوا ليهود بنى النضير يعدونهم بالوقوف بجانبهم ونصرهم ) وقالوا لهم سننصركم ونخرج معكم للقتال ولا نطيع أحد يمنعنا عن نصركم


ويقول الله إنهم كاذبون فيما وعدوهم ولن يفعلوا ما قالوا ولن يقاتلوا معهم ولو قاتلوا سيهربون ويهزمون


فهم يخافون منكم أكثر من خوفهم من الله لأنهم أغبياء


ومن جبنهم لايقدرون على مواجهة جيش المسلمين ولكن يقاتلون من وراء الجدران أو فى حصون ليدفعوا عن أنفسهم الضرر


وبينهم وبين بعض عداوة شديدة


تراهم مجتمعين يخيل لك أنهم متحابين ولكن فى الحقيقة هم مختلفون لأنهم قوم أغبياء لا يعقلون


مثلهم كمثل يهود بنى قينقاع الذين حاربهم وأجلاهم الرسول صلى الله عليه وسلم من قبلهم


ومثل هؤلاء اليهود فى غرورهم ووعودهم للكفار كمثل الشيطان الذى اغتر الإنسان بوعده وأمره بالكفر ولما كفر هرب منه وتبرأمنه


كذلك هم يفعلون بالكفار الذين يوعدوهم بنصرهم ووقت القتال يهربون منهم




والفريقين فى نار جهنم خالدين فيها جزاء بما كفروا وجزاء كل ظالم .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


وسلوك الشيطان مع الإنسان بدأ بذلك ويوم القيامة أيضا يتبرأ منه ( كما اتضح فى سورة ق ـ 27 )


وقيل أيضا عن علىّ رضى الله عنه أن راهبا تعبد ستين سنة ، وإن الشيطان أراده فأعياه ، فعمد إلى امرأة فأجنها ، ولها أخوة فقال لأخوتها عليكم بهذا القس فيداويها


فجاؤوا بها إليه فداواها وكانت عنده ، فبينما هو يوما عندها إذ أعجبته ، فأتاها فحملت فعمد إليها فقتلها


فجاء أخوتها فقال الشيطان للراهب : أنا صاحبك ، إنك أعييتنى ، أنا صنعت هذا بك ، فأطعنى أنجك مما صنعت بك


فاسجد لى سجدة


فسجد


فلما سجد له قال : إنى برئ منك إنى أخاف الله رب العالمين


وذلك معنى الآية ( كمثل الشيطان إذ قال للشيطان اكفر فلما كفر قال إنى برئ منك إنى أخاف الله رب العالمين )


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الآيات 18 ـ 20


( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد ، واتقوا الله ، إن الله خبير بما تعملون * ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم ، أولئك هم الفاسقون * لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة ، أصحاب الجنة هم الفائزون )


يأمر الله بتقواه فى فعل ما أمر به والنهى عما نهى عنه


وحاسبوا أنفسكم وانظروا ما فعلتم من خير لتجدوا أجره غدا عند العرض على الله


ثم يؤكد بتقوى الله


والله يعلم جميع الأعمال لا تخفى عليه خافية


ولا تنسوا ذكر الله حتى لا ينسيكم العمل الصالح الذى ينفعكم فى أخراكم


وهؤلاء هم الخارجون عن طاعة الله ( الفاسقون )


ولا يسوى الله بين أصحاب الجنة الذين هم أصحاب العمل الصالح مع أصحاب النار


وبالطبع أصحاب الجنة هم الناجون يوم القيامة




الآيات 21


( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله ، وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون )


يوضح الله عز وجل قدر وعظمة القرآن الذى لابد من أن تخشع القلوب لسماعه وذكره بأن الجبل بالرغم من شدته وغلظته فهو يخضع ويتصدع خشوعا للقرآن لو أنزله الله عليه


فكيف لكم أيها الناس لا تخشعون وتتصدع قلوبكم لله وتتدبرون القرآن وتتعلموه وتلين قلوبكم للعمل به


واعلموا أن الله يضرب للناس الأمثال ليفكرون ويتدبرون




الآيات 22 ـ 24


( هو الله الذى لآ إله إلا هوعالم الغيب والشهادة ، هو الرحمن الرحيم *هو الله الذى لآ إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر ، سبحان الله عما يشركون * هو الله الخالق البارئ المصور ، له الأسماء الحسنى ، يسبح له ما فى السموات والأرض ، وهو العزيز الحكيم )


يخبر الله عن نفسه عز وجل ويعرفنا على صفاته فيقول :


هو الذى لا إله غيره وهو يعلم الغائب فى الأرض أو فى البحر أو فى الظلمات أو فى السماء ويعلم الظاهر والمشاهد من الكائنات جميعا


وهو ( الرحيم ) بالخلائق فى الدنيا والآخرة وهو الذى وسعت رحمته كل شئ رحمن واسع الرحمة ( رحمن )


هو ( الملك ) المالك لكل شئ المتصرف فيه ولا إله غيره يملكها ولا يدافعه شئ


وهو ( القدوس ) الطاهر المبارك


وهو ( السلام ) الذى سلمت صفاته من أى نقص أو عيب الكامل فى أفعاله


وهو ( المؤمن ) الحق الذى أمّن خلقه من أن يظلمهم


وهو ( المهيمن ) الرقيب الشاهد على أعمال العباد


وهو ( العزيز ) الذى قهر كل شئ وغلبه ذو عظمة وجبروت وكبرياء


وهو ( الجبار المتكبر) الذى لا يليق التكبر والجبرية إلا له


وهو ( الخالق ) الذى خلق كل شئ وحده


وهو ( البارئ ) الذى أبرز وأخرج كل ما خلق إلى الوجود


وهو ( المصور ) الذى أحسن صورة كل ما خلق وصور كل شئ كما يريد


وهو ( له الأسماء الحسنى ) وقال رسوله صلى الله عليه وسلم أن " لله تسعة وتسعين اسما ، مائة إلا واحدا ، من أحصاها دخل الجنة ، وهو وتر يحب الوتر " ... أحصاها أى علمها وعمل بها


وهو ( الحكيم ) حكيم فى ما شرع لعباده


وكل شئ يسبح باسمه ويعظمه .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتهت بحمد الله تعالى.


الأربعاء، 16 فبراير 2011

النجم

تفسير سورة النجم

تفسير سورة النجم


بسم الله الرحمن الرحيم


الآيات 1 ـ 4


( والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحى يوحى )


يقسم الله بقدرته فى خلق النجوم لما لها من شدة وعظمة وأن الفجر يهوى بنور النجوم وترمى الشياطين بالشهاب وهو مثل النجم الدقيق


وقال البعض المقصود به أن القرآن مثل النجم الذى بدأ ضوءه فى القلوب


وهذا القسم ليؤكد أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يضل الطريق الحق ولم يكن من الغاوين الذين يعدلون عن الحق إلى الضلال


وما يقرأ على الناس من القرآن لا ينقله عن هوى نفسه لغرض بنفسه


وإنما يوحى به إليه عن طريق رسول الملائكة جبريل بلا زيادة أو نقصان


الآيات 5 ـ 11


( علمه شديد القوى * ذو مرة فاستوى * وهو بالأفق الأعلى * ثم دنا فتدلى * فكان قاب قوسين أو أدنى * فأوحى إلى عبده ما أوحى * ما كذب الفؤاد ما رأى )


يخبر الله عز وجل بأن ما جاء به محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الناس ليس من عند نفسه وإنما علمه جبريل عليه السلام


ووصف جبريل عليه السلام بأنه ( شديد القوى ) أى قوى على ما يحملهمن رسالة حفيظ عليها


وأنه ( ذو مرة ) : أى ذو منظر جميل وقوى شديد


( فاستوى ) : ظهر واستوى فى فى الأفق


( وهو بالأفق الأعلى ) : فى السماء عند مطلع الشمس


( ثم دنا فتدلى ) : ثم نزل وهبط وجاء قريبا بين السماء والأرض


( فكان قاب قوسين أو أدنى ) : اقترب إلى محمد صلى الله عليه وسلم وكان مثل اقتراب قوسين من بعضهما


وقيل أن الرسول أخبر أنه رأى جبريل وله ستمائة جناح تتعلق بها اللألئ


( فأوحى إلى عبده ما أوحى ) : فأوحى الله عز وجل إلى جبريل عليه السلام ما أوحى به إلى محمد صلى الله عليه وسلم


( ما كذب الفؤاد ما رأى ) : رآه بفؤاده وهو حق لا كذب


الآيات 12 ـ 18


( أفتمارونه على ما يرى * ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى * إذ يغشى السدرة ما يغشى * ما زاغ البصر وما طغى * لقد رأى من آيات ربه الكبرى )


أتكذبونه فيما رأى


لقد رآه مرة أخرى على صورته الحقيقية ليلة الإسراء والمعراج عند سدرة المنتهى وهى شجرة ضخمة عند الجنة عند السماء السابعة


( إذ يغشى السدرة ما يغشى ) : على السدرة ملائكة كثيرة ويغطيها نور الله عز وجل وبها ألوان عجيبة وفراش من ذهب


وعند السدرة أمر الرسول بالصلوات الخمس وخواتيم البقرة وغفر لمن لايشرك بالله من أمة محمد صلى الله عليه وسلم


ويؤكد الله عز وجل أن ما رآه رسوله صلى الله عليه وسلم حق وليس بزيغ للبصر وما راح يمينا ولا يسارا وما جاوز حدود ما أراد أن يريه الله عز وجل ( ما طغى )


لقد رأى آيات الله عز وجل الدالة على عظمته


الآيات 19 ـ 26


( أفرءيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى * ألكم الذكر وله الأنثى * تلك إذا قسمة ضيزى * إن هى إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان ، إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ، ولقد جاءهم من ربهم الهدى * أم للإنسان ما تمنى * فلله الآخرة والأولى * وكم من ملك فى السموات لا تغنى شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى )


اللات : صنم من صخرة بيضاء منقوشة وعليها بيت بالطائف له أستار وخدام وحوله فناء وكانوا يفتخرون بها قوم ثقيف


واشتقوا اسمها من اسم الله لتعنى أنها اله انثى


ومن نطقها اللاتّ قال أنها كانت رجل يلت العجين للحجاج ولما مات جعلوا له قبر ثم عبدوه


العزى : مشتق من العزيز وهى شجرة عليها أستار بين مكة والطائف وكانت قريش تعظمها


مناة : صخرة بين مكة والمدينة وكانت الأوس والخزرج وخزاعة يعظمونها ويخرجون من عندها إلى الكعبة للحج


يسخر الله من الكفار فيما عبدوا من هذه الطواغيت وغيرها التى انتشرت حول الكعبة


ثم يقول لهم أتجعلون له الولد وأنثى وتحبون لكم الذكور


هذه قسمة ليست بعادلة حتى لو كانت بين البشر ( ضيزى )


هذه أسماء باطلة أنتم الذين سميتوها ولم ينزل الله بها من شئ وليس لكم عليها حجة


فأنتم تتبعون ظنكم وأهواءكم


لقد جاءكم الهدى والحق من ربكم ومع ذلك انقادتم لأهواءكم


وليس ما يتمنى الإنسان بحق


إنما الأمر كله لله فى الدنيا والآخرة


حتى الملائكة المقربون ليس لهم حق إلا فيما يرضاه الله فكيف لكم أنتم تتأولون على الله بالرغم من أنه لم يأذن لكم فى عبادة هذه الأوثان


الآيات 27 ـ 30


( إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى * وما لهم به من علم ، إن يتبعون إلا الظن ، وإن الظن لا يغنى من الحق شيئا * فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا * ذلك مبلغهم من العلم ، إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى )


وهؤلاء الذين يطلقون على الملائكة أسماء أنثى وادعوا أنها بنات الله


ليس عندهم علم بما ادعوا وهو كذب وباطل


فهم يظنون والظن لا يصدق الواقع


دعك منهم يا محمد وأعرض عن من أعرض عن الحق ونسى ذكر ربه فهو لا يريد إلا الدنيا والسعى لها


والله أعلم بمن هم فى ضلالة ويعلم من المهتدى ويعلم بما يفسد عباده ويعلم ما يصلح شأنهم


الآيات 31 ، 32


( ولله ما فى السموات وما فى الأرض ليجزى الذين أساؤا بما عملوا ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى * الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم ، إن ربك واسع المغفرة ، هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة فى بطون أمهاتكم ، فلا تزكوا أنفسكم ، هو أعلم بمن اتقى )


يخبر الله عز وجل أنه مالك السموات والأرض وما فيهن وله الخلق يجازى كل عامل بعمله إن كان خيرا فخيرا وإن كان شرا فشرا

يغفر لمن أحسنوا الذين ابتعدوا عن الذنوب الكبيرة كالقتل والسرقة وقول الزور والنميمة والغيبة وابتعدوا عن الفواحش وهو الزنا بالقول والفعل والقلب والجوارح


إلا اللمم فيغفر الله وهى محقرات الذنوب والأعمال


فالله أعلم بكم من أنفسكم فهو خلقكم من الأرض وذلك عندما أنشأ أبوكم آدم ثم أنشأكم فى بطون أمهاتكم من ماء مهين


ويعلم نفوسكم وأحوالكم وكتب لكم الرزق والعمل والأجل


فلا تمدحوا أنفسكم وتشكروها


الله أعلم بالصالح منها والطالح


الآيات 33 ـ 41


( أفرأيت الذى تولى * وأعطى قليلا وأكدى * أعنده علم الغيب فهو يرى * أم لم ينبأ بما فى صحف موسى * وإبراهيم الذى وفى * ألا تزر وازرة وزر أخرى * وأن ليس للإنسان إلا ما سعى * وأن سعيه سوف يرى * ثم يجزاه الجزاء الأوفى )


يذم الله الذى امتنع عن ذكر الله


وأطاع قليلا ثم انقطع عن العمل


هل امتنع عن الإنفاق لأن عنده علم من الغيب بأن ما فى يده سينفد إذا أنفق أكثر من ذلك ؟


أم أنه أم أنه لم تصله ما أنزل فى صحف موسى ( التوراة )


وما جاء به إبراهيم فى الصحف التى استوفت كل شئ


وكل نفس عليها وزرها تحاسب عن نفسها


ولا يحمل الإنسان وزر غيره فعليه وزره فقط


والله يرى عمل كل إنسان ويحاسب عليه يوم القيامة


ويجزيه بما عمل أتم الجزاء


الآيات 42 ـ 55


( وأن إلى ربك المنتهى * وأنه هو أضحك وأبكى * وأنه هو أمات وأحيا * وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى * من نطفة إذا تمنى * وأن عليه النشأة الأخرى * وأنه هو أغنى وأقنى * وأنه هو رب الشعرى * وأنه أهلك عادا الأولى * وثمود فما أبقى * وقوم نوح من قبل ، إنهم كانوا هم أظلم وأطغى * والمؤتفكة أهوى * فغشاها ما غشى * فبأى آلاء ربك تتمارى )


والموعد مع الله يوم القيامة


ويضرب الله الأمثال للناس فى قدرته على خلق الأشياء وضدها


خلق الضحك والبكاء


والموت والحياة


والذكر والأنثى من نطفة من منى


وقادر على الإحياء بعد الممات يوم القيامة


وهو الذى يملك لعباده المال ويبقيه عندهم ( وقيل أغنى وأفقر )


والله هو رب نجم الشعرى الذى تعبدونه ( كان العرب يعبدون نجم يسمى مرزم الجوزاء )


والله هو الذى أهلك قوم هود ( عاد )


وأهلك ثمود فلم يبق منهم أحد


ومن قبلهم أهلك قوم نوح الذين كانوا أشد ظلما


وأهلك المؤتفكات وهم قوم لوط وهذا اسم مدائنهم


أهوى ( قلبها بهم وجعل عاليها سافلها )


فغشاها ( غطاها ) بمطر من الحجارة


فبأى نعم الله وقدرته تكذب وتنكر أيها الإنسان ؟


الآيات 56 ـ 62


( هذا نذير من النذر الأولى * أزفت الأزفة * ليس لها من دون الله كاشفة * أفمن هذا الحديث تعجبون * وتضحكون ولا تبكون * وأنتم سامدون * فاسجدوا لله واعبدوا )


وهذا يا محمد إنذار مرسل كما أرسل لهم نذير


اقتربت الساعة


ولا يستطع أحد دفعها من دون الله


أتعجبون من أن يكون القرآن وإرسال محمد حقا


وتسخرون وتستهزؤن


وتضحكون ولا تخافون


وأنتم تغنون فرحون ومعرضون


فأولى لكم أن تصدقوا وتوحدوا الله وتخضعون


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تمت بحمد الله تعالى .



الثلاثاء، 8 فبراير 2011

ما معنى الحاقة ...؟

تفسير سورة الحاقة
ـــــــــــــــــــــــــــ


بسم الله الرحمن الرحيم


الآيات 1 ـ 12

( الحاقة * ما الحاقة * وما أدراك ما الحاقة * كذبت ثمود وعاد بالقارعة * فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية * وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية * سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية * فهل ترى لهم من باقية * وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة * فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية * إنا لما طغا الماء حملناكم فى الجارية * لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية )


الحاقة : من أسماء يوم القيامة ومعناة يتحقق فيه الوعد بالجزاء والوعيد بالعقاب


وتكرارها معناه يال من عظمتها وشدتها على المكذبين


ثم يذكر سبحانه أمثلة لأقوام أهلكها بسبب تكذيبهم من قبل لتكون عبرة لمن له عقل


هؤلاء ثمود قوم صالح : أهلكهم بصيحة وزلزلة فجعلتهم صرعى


وعاد قوم هود : أهلكهم بريح شديدة باردة سلطها عليهم سبع ليال وثمانية أيام متتالية نحسات ( حسوما ) فأصبح الناس مثل جزوع النخل مقطوعة الرأس بالية


ولم يعد لهم من باقيين


وهذا فرعون ومن يشبهه من الأقوام التى من قبله


و( المؤتفكات ) وهم الذين كذبوا بالرسل وهم قوم لوط ومدائنه


هؤلاء كذبوا جميعا وفعلوا الفواحش فأخذهم الله أخذة أليمة شديدة


وهؤلاء قوم نوح عندما أذوه وكذبوه دعا عليهم فارتفع الماء وعم الطوفان وغرقوا جميعا إلا نوح ومن اتبعه فى السفينة التى حملهم الله بها


وهذا كله لتعقله ( تعيها ) أذن تفهم ( واعية ) وتنتفع بما أرسل الله


الآيات 13 ـ 18


( فإذا نفخ فى الصور نفخة واحدة * وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة * فيومئذ وقعت الواقعة * وانشقت السماء فهى يومئذ واهية * والملك على أرجائها ، ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية * يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية )


وهنا أهوال يوم القيامة يخبرنا بها الله :


1 ـ النفخة الأولى تفزع المخلوقات


2 ـ النفخة التالية يصعق من فى السماء والأرض إلا من شاء الله


وتدك الجبال وتطيح الأرض وتبدل أرض بغيرها لقد قامت القيامة


3 ـ ثم النفخة التى تبعث من فى القبور وهى نفخة واحدة لا يخالف أمر الله شئ ولا تحتاج لتكرار فهى واحدة


وتنشق السماء وتفتح أبوابها


والملائكة فى أنحاء السماء

ويحمل عرش الرحمن ثمانية ملائكة أقوياء شداد


وتعرض الخلائق على الله وأعمالهم لا يخفى منها شئ سرا أو علانية


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أذن لى أن أحدثكم عن ملك من حملة العرش ، بعد ما بين شحمة أذنه وعنقه مخفق الطير سبعمائة عام "


أى سرعة طيرا يطير سبعمائة عام


وقيل ليس بثمانية ولكن ثمانية صفوف من الملائكة ... والله أعلم


الآيات 19 ـ 24


( فأما من أوتى كتابه بيمينه فيقول هآؤم اقرؤا كتابيه * إنى ظننت أنى ملاق حسابيه * فهو فى عيشة راضية * فى جنة عالية * قطوفها دانية * كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم فى الأيام الخالية )


وتتطاير الصحف التى كتبت بها أعمال العباد


فمن تلقى كتابه سهلا بيمينه يسعد ويعلن من فرحته ... اقرؤا كتابى لقد نجوت


كنت موقنا فى الدنيا بقدوم هذا اليوم


ويدخل الجنة ويكون راضيا سعيدا فيها


بها الفواكه القريبة يقطف منها كيف يشاء


ويقال لهم هنيئا بما فعلتم من خير فى الدنيا





الآيات 25 ـ 37


( وأما من أوتى كتابه بشماله فيقول ياليتنى لم أوت كتابيه * ولم أدر ما حسابيه * ياليتها كانت القاضية * ما أغنى عنى ماليه * هلك عنى سلطانيه * خذوه فغلوه * ثم الجحيم صلوه * ثم فى سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه * إنه كان لا يؤمن بالله العظيم * ولا يحض على طعام المسكين * فليس له اليوم هاهنا حميم * ولا طعام إلا من غسلين * لا يأكله إلا الخاطئون )
ويا لحسرة هؤلاء :


من أخذ كتابه صعبا بشماله من وراء ظهره ، يقول ليتنى ما أخذته


ولم أعرف بما أحاسب


( ياليتها كانت القاضية ) وليتنى مت ولم أعد للحياة


لم يدفع عنى مالى


لم يعد لى مال ولا جاه


ويؤمر الملائكة الزبانية بأخذه من عنقه وتوضع فى رقبته الأغلال والقيود ويغمر فى الجحيم


ويدخل فى سلسلة طولها سبعون ذراعا من ذراع الملك يعلق بها ليشوى فى النار كالبهائم


فهو كذب بيوم القيامة ولم يؤمن بالله ولم يرعى حقوق العباد ولم يحسن إليهم


ويوم القيامة ليس له من قريب ( حميم ) ينجيه ولا شفيع يطاع


وليس له طعام إلا شر الطعام فى جهنم من الدم والصديد ( غسلين )


الآيات 38 ـ 43


( فلا أقسم بما تبصرون * ومالا تبصرون * إنه لقول رسول كريم * وما هو بقول شاعر ، قليلا ما تؤمنون * ولا بقول كاهن ، قليلا ما تذكرون * تنزيل من رب العالمين )


ويقسم الله بما يشاهد من خلقه وما لا يشاهد إن كلا مه وحى نزل به جبريل وليس بكلام شعر من عند محمد ولا كاهن وإنما هو قول نزل من الله رب الخلائق أجمعين


الآيات 44 ـ 52


( ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين * وإنه لتذكرة للمتقين * وإنا لنعلم أن منكم مكذبين * وإنه لحسرة على الكافرين * وإنه لحق اليقين * فسبح باسم ربك العظيم )


ولو أن محمدا تقول بكلام على الله من عنده كما زعمتم أيها المكذبون لأنتقمنا منه بليمين ( التى هى أشد بطشا من اليسار ) ثم قطعنا منه العرق الآتى من القلب ( الوتين ) ولا يقدر أحدا منكم أن يحجز عنه


وهذا القرآن ليتذكر من له عقل


وبالرغم من هذا التبيان يعلم الله أن سيكون منكم مكذبين


ويكون التكذيب حسرة لمن كذب


وهذا خبر حق فسبح بحمد الله الذى أنزل القرآن العظيم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتهت بحمد الله تعالى .