حقى فى الظن... ما هو؟
كثير جدا منا يظن فى بعض تصرفات الغير ، أو يقلق من التعامل مع البعض ، أو يتسرع بالحكم على سلوكيات ليس له من إدراك لمعناها إلا الظن، ثم يفاجأ أنه أساء الظن بفلان ، فعاش فترة فى ضيق وألم ، أو أن فلان كان مظلوم وتسرعت أنت برد فعل أكبر من مجرد الحزن ، فتسئ التعامل وتصبح أنت ظالم وليس مجنى عليك .
ولهذا أبدأ تدريجيا نتناقش فى الموضوع
أنواع الظن: ـ
1 ــ ظن حسن 2 ــ ظن سيئ
لمن الظن ...؟
1 ــ ظن فى الخالق عز وجل 2 ــ ظن فى العبد
ونبدأ فى الظن فى الله
ــ عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" يقول الله عز وجل : أنا عند ظن عبدى بى ، وأنا معه إذا ذكرنى ، فإن ذكرنى فى نفسه ، ذكرته فى نفسى ، وإن ذكرنى فى ملأ ، ذكرته فى ملأ خير منهم ، وإن تقرب إلىّ شبرا ، تقربت إليه ذراعا ، وإن تقرب إلىّ ذراعا تقربت إليه باعا ، وإن أتانى يمشى ، أتيته هرولة " رواه البخارى
وقال الله : برواية أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " قال الله تعالى : أنا عند ظن عبدى بى "
فما لنا إلا أن نحسن الظن بلالله ليحسن الله بنا الجزاء ولا بسئ الظن فيسوء بنا العقاب والعذاب .
2 ــ إن الله يحب عبده ، فكيف للعبد أن يسئ الظن بخالقه
يقول أبو هريرة رضى الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إن الله تبارك وتعالى إذا أحب عبدا ، نادى جبريل عليه السلام : إن الله قد أحب فلانا فأحبه ، فيحبه جبريل ، ثم ينادى جبريل فى السماء : إن الله قد أحب فلانا فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ويوضع له القبول فى الأرض "
ــ والله يأمر الملائكة أن تصبر على المسئ ، فكيف لا نحسن الظن بخالقنا وهو يحب أن يرحمنا ؟!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما عن الظن بالعباد
يوجد نوعان :
ظن حسن أمرنا الله به ، وظن سيئ نهانا اله ورسوله عنه ، إلا فى موضعه المناسب الذى يقى المسلمين من أخذ الحذر من الغادر، وهذا يحتاج فطنة وتجربة.
فعن الظن ينهانا الله عز وجل فيقول : ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن . إن بعض الظن إثم ) الحجرات 12
ويقول أبو هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث " . متفق عليه
فكثير منا يسئ الظن ببعض تصرفات الآخرين وقد يكون هذا الآخر ما ظهر منه خلاف ما بطن ، وليس هو مقصود ما فى باطنه ، فنصبح على تسرعنا من ردود أفعال ومن آلام نفسية نادمين ، وقد يترتب عليه ما يغضب الله من سلوكيات .
فدع الأمر لله وأحسن الظن ولا تخشى الغادر .
فإنه ...
عن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" إن الغادر يرفع له لواء يوم القيامة يقال : هذه غدرة فلان ابن فلان "
فماذا تقول يا غادر لربك حين يسألك ، فالله سيكلمك يوم القيامة وليس بينك وبينه حجاب ، هل ستتحمل تساقط لحم وجهك بغدرك أمام العليم الخبير ...؟
فعن عدى بن حاتم رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مامنكم من أحد إلا وسيكلمه الله يوم القيامة ، ليس بين الله وبينه ترجمان ، ثم ينظر فلا يرى شيئا قدامه ، ثم ينظر بين يديه فتستقبله النار ، فمن استطاع منكم أن يتقى النار ولو بشق تمرة "
وسوء الظن يجلب التفرقة ودخول الشيطان
فعن أبى عباس رضى الله عنهما ، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال :
" من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه ، فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات ، إلا مات ميتة جاهلية "
وكيف بك يا من أسأت الظن بأخيك المسلم أن لا تعفو ولا تتسامح وقد فرح الله بتوبة عبده ، فلربما الذى أساء إليك أعترف بذنبه وتراجع عنك ، وعاد لرشده ، وأنت لاتدرى أنه عذب نفسه بسبب إساءته لك ، وفرح الله بتوبته ، وأنت مازلت على غضبك ومازلت تسئ الظن بتصرفاته .
قال النبى صلى الله عليه وسلم : " لله أفرح بتوبة العبد من رجل نزل منزلا وبه مهلكة ، ومعه راحلته ، عليها طعامه وشرابه ، فوضع رأسه فنام نومة ، فاستيقظ وقد ذهبت راحلته حتى إذا اشتد عليه الحر والعطش ، أو ماشاء الله ، قال : أرجع إلى مكانى ، فرجع ، فنام نومة ، ثم رفع رأسه ، فإذا راحلته عنده " .
وكيف ...؟
والله يأمر ملائكته أن تصبر على المسيئ وأنت تتعجل بالحكم عليه
فعن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" يقول الله تبارك وتعالى : إذا أراد عبدى أن يعمل سيئة ، فلا تكتبوها عليه حتى يعملها ، فإن عملها فاكتبوها بمثلها ، وإن تركها من أجلى فاكتبوها له حسنة ، وإذا أراد أن يعمل حسنة فلم يعملها ، فاكتبوها له بعشر أمثالها ، إلى سبعمائة " .
ولكن :
المؤمن كيسا فطنا ، ولابد له من الحذر مع عدم سوء الظن ، فالحذر واجب
يقى الوقوع فى الأضرار
إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين )
وكفى بالله نهيا وتحريما للغش والخداع .
قال تعالى : ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير مااكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ) الأحزاب 58
وقال ليحرم الغدر ( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا ) الآسراء 34
فاحسنوا الظن بالعباد وتوكلوا على الله ، فمن يتوكل على الله فهو حسبه .