تفسير سورة الحشر
بسم الله الرحمن الرحيم
الآيات 1 ـ 5
( سبح لله ما فى السموات وما فى الأرض ، وهو العزيز الحكيم * هو الذى أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ، ما ظننتم أن يخرجوا ، وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا ، وقذف فى قلوبهم الرعب ، يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدى المؤمنين فاعتبروا يا أولى الأبصار * ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم فى الدنيا ، ولهم فى الآخرة عذاب النار * ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ، ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب * ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليجزى الفاسقين )
يقدس كل شئ فى الأرض والسموات الله ويمجدونه ويوحده ويسبحونه
فالله هو العزيز : منيع الجانب
الحكيم : حكيم فى تشريعه وقدره
ن الله هو الذى نصر رسوله محمد صلى الله عليه وسلم على يهود بنى النضير وأخرجهم من المدينة فى ستة أيام فقط لأنهم نقضوا العهد الذى بينهم وبين المسلمين
وكانوا يظنون أن حصونهم الشديدة ستمنع بأس الله عنهم ولكن لم تغنى عنهم من الله شيئا
ودمرهم الله من حيث لم يكونوا يتوقعون
فأصبحوا هم الذين يخربون بيوتهم بأيديهم فيحملون ما يمكنهم معهم ويخلعون الأبواب والأسقف ليحملوها معهم على الإبل
وأنزل فى قلوبهم الخوف والجزع
وكانت أيضا المؤمنون يهدمون لهم ديارهم ليتسع المكان للقتال
وهذه ليعتبر من عنده بصيرة
ولولا أن الله كتب عليهم النفى من ديارهم وترك أموالهم لكان لهم عذاب أكبر من ذلك ولهم فى الآخرة عذاب أكبر
وذلك لأنهم خالفوا الله ورسوله وكذبوا بما أنزل الله علي رسله ومن يفعل ذلك فله عذاب فى النارشديد
وكان الرسول عندما حاصرهم أمر بقطع نخيلهم إهانة لهم وإرهابا ، فيقول الله أنه بإذنه تعالى وقدرته وهو الذى نصر المؤمنين عليهم عقابا لهم
الآيات 6 ـ 7
( وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء ، والله على كل شئ قدير * ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ، وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ، واتقوا الله ، إن الله شديد العقاب )
الفئ : المال الذى يؤخذ من الكفار بغير قتال ولا هجوم ( إيجاف ) بخيل ولا ركاب ( إبل )
يقول تعالى :
وما أعطى الله لرسوله من مال بغير حرب ولا قتال من الكافرين من يهود بنوا النضير ( منهم ) ولم تهجموا بخيول ولا مبارزة
ولكن الله أنزل الخوف والرعب فى قلوبهم وهذه جنود الله
والله يقدر على كل شئ وقاهر لكل شئ
وكذلك ما أعطاكم الله مالا بهذه الطريقة من البلدان الأخرى غير بنوا النضير فيصرف فى وجوه البر للمسلمين لذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل
وهذه الأوجه للصرف حددها الله لكى لا يستولى عليها الأغنياء ولا يصرفونها للفقراء
ثم يأمر الله المؤمنين بأن يطيعوا الله ورسوله فيما يأمر وينهى
ويأمر بتقوى الله شديد العقاب لمن عصاه
الآيات 8 ـ 10
( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله ، أولئك هم الصادقون * والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون فى صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون * والذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل فى قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم )
ويوضح الله الحالات التى تستحق من مال الفئ وهم : ـ
1 ـ الفقراء الذين تم إخراجهم من بيوتهم لمخالفتهم أهلهم ابتغاء مرضات الله
فهؤلاء هم الصادقون حقا بقولهم وفعلهم وهم المهاجرين
2 ـ والأنصار الذين ( تبوءوا ) سكنوا الديار قبل المهاجرين وآمنوا قبلهم وتركوا لهم ديارهم
هؤلاء أكرموا المهاجرين وأحبوهم وأعطوهم ديارهم وأموالهم ولا يجدون فى نفوسهم حسدا للمهاجرين بما فضلهم به الله وشرفهم وغفر لهم
ويقدمون ( يؤثرون ) حاجة الناس على حاجاتهم فى حال احتياجهم ( خصاصة )
وهؤلاء الذين اتقوا وتغلبوا على بخل الأنفس وهم المفلحون
3 ـ التابعون للمهاجرين والأنصار يأتسون بأعمالهم ولا يحسدونهم وليس فى قلوبهم غل للمؤمنين ويؤمنون بالله ورسوله
ويطلبون من الله الرحمة والمغفرة
الآيات 11 ـ 17
( ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون * لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون * لأنتم أشد رهبة فى صدورهم من الله ، ذلك بأنهم قوم لا يفقهون * لا يقاتلونكم جميعا إلا فى قرى محصنة أو من وراء جدر ، بأسهم بينهم شديد ، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ، ذلك بأنهم قوم لا يعقلون * كمثل الذين من قبلهم قريبا ، ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم * كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إنى برئ منك إنى أخاف الله رب العالمين * فكان عاقبتهما أنهما فى النار خالدين فيها ، وذلك جزاء الظالمين )
ويحدث الله عن المنافقين ووصفهم بأنهم إخوان الكافرين ( من أمثال عبد الله بن أبى بعثوا ليهود بنى النضير يعدونهم بالوقوف بجانبهم ونصرهم ) وقالوا لهم سننصركم ونخرج معكم للقتال ولا نطيع أحد يمنعنا عن نصركم
ويقول الله إنهم كاذبون فيما وعدوهم ولن يفعلوا ما قالوا ولن يقاتلوا معهم ولو قاتلوا سيهربون ويهزمون
فهم يخافون منكم أكثر من خوفهم من الله لأنهم أغبياء
ومن جبنهم لايقدرون على مواجهة جيش المسلمين ولكن يقاتلون من وراء الجدران أو فى حصون ليدفعوا عن أنفسهم الضرر
وبينهم وبين بعض عداوة شديدة
تراهم مجتمعين يخيل لك أنهم متحابين ولكن فى الحقيقة هم مختلفون لأنهم قوم أغبياء لا يعقلون
مثلهم كمثل يهود بنى قينقاع الذين حاربهم وأجلاهم الرسول صلى الله عليه وسلم من قبلهم
ومثل هؤلاء اليهود فى غرورهم ووعودهم للكفار كمثل الشيطان الذى اغتر الإنسان بوعده وأمره بالكفر ولما كفر هرب منه وتبرأمنه
كذلك هم يفعلون بالكفار الذين يوعدوهم بنصرهم ووقت القتال يهربون منهم
والفريقين فى نار جهنم خالدين فيها جزاء بما كفروا وجزاء كل ظالم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وسلوك الشيطان مع الإنسان بدأ بذلك ويوم القيامة أيضا يتبرأ منه ( كما اتضح فى سورة ق ـ 27 )
وقيل أيضا عن علىّ رضى الله عنه أن راهبا تعبد ستين سنة ، وإن الشيطان أراده فأعياه ، فعمد إلى امرأة فأجنها ، ولها أخوة فقال لأخوتها عليكم بهذا القس فيداويها
فجاؤوا بها إليه فداواها وكانت عنده ، فبينما هو يوما عندها إذ أعجبته ، فأتاها فحملت فعمد إليها فقتلها
فجاء أخوتها فقال الشيطان للراهب : أنا صاحبك ، إنك أعييتنى ، أنا صنعت هذا بك ، فأطعنى أنجك مما صنعت بك
فاسجد لى سجدة
فسجد
فلما سجد له قال : إنى برئ منك إنى أخاف الله رب العالمين
وذلك معنى الآية ( كمثل الشيطان إذ قال للشيطان اكفر فلما كفر قال إنى برئ منك إنى أخاف الله رب العالمين )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الآيات 18 ـ 20
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد ، واتقوا الله ، إن الله خبير بما تعملون * ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم ، أولئك هم الفاسقون * لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة ، أصحاب الجنة هم الفائزون )
يأمر الله بتقواه فى فعل ما أمر به والنهى عما نهى عنه
وحاسبوا أنفسكم وانظروا ما فعلتم من خير لتجدوا أجره غدا عند العرض على الله
ثم يؤكد بتقوى الله
والله يعلم جميع الأعمال لا تخفى عليه خافية
ولا تنسوا ذكر الله حتى لا ينسيكم العمل الصالح الذى ينفعكم فى أخراكم
وهؤلاء هم الخارجون عن طاعة الله ( الفاسقون )
ولا يسوى الله بين أصحاب الجنة الذين هم أصحاب العمل الصالح مع أصحاب النار
وبالطبع أصحاب الجنة هم الناجون يوم القيامة
الآيات 21
( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله ، وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون )
يوضح الله عز وجل قدر وعظمة القرآن الذى لابد من أن تخشع القلوب لسماعه وذكره بأن الجبل بالرغم من شدته وغلظته فهو يخضع ويتصدع خشوعا للقرآن لو أنزله الله عليه
فكيف لكم أيها الناس لا تخشعون وتتصدع قلوبكم لله وتتدبرون القرآن وتتعلموه وتلين قلوبكم للعمل به
واعلموا أن الله يضرب للناس الأمثال ليفكرون ويتدبرون
الآيات 22 ـ 24
( هو الله الذى لآ إله إلا هوعالم الغيب والشهادة ، هو الرحمن الرحيم *هو الله الذى لآ إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر ، سبحان الله عما يشركون * هو الله الخالق البارئ المصور ، له الأسماء الحسنى ، يسبح له ما فى السموات والأرض ، وهو العزيز الحكيم )
يخبر الله عن نفسه عز وجل ويعرفنا على صفاته فيقول :
هو الذى لا إله غيره وهو يعلم الغائب فى الأرض أو فى البحر أو فى الظلمات أو فى السماء ويعلم الظاهر والمشاهد من الكائنات جميعا
وهو ( الرحيم ) بالخلائق فى الدنيا والآخرة وهو الذى وسعت رحمته كل شئ رحمن واسع الرحمة ( رحمن )
هو ( الملك ) المالك لكل شئ المتصرف فيه ولا إله غيره يملكها ولا يدافعه شئ
وهو ( القدوس ) الطاهر المبارك
وهو ( السلام ) الذى سلمت صفاته من أى نقص أو عيب الكامل فى أفعاله
وهو ( المؤمن ) الحق الذى أمّن خلقه من أن يظلمهم
وهو ( المهيمن ) الرقيب الشاهد على أعمال العباد
وهو ( العزيز ) الذى قهر كل شئ وغلبه ذو عظمة وجبروت وكبرياء
وهو ( الجبار المتكبر) الذى لا يليق التكبر والجبرية إلا له
وهو ( الخالق ) الذى خلق كل شئ وحده
وهو ( البارئ ) الذى أبرز وأخرج كل ما خلق إلى الوجود
وهو ( المصور ) الذى أحسن صورة كل ما خلق وصور كل شئ كما يريد
وهو ( له الأسماء الحسنى ) وقال رسوله صلى الله عليه وسلم أن " لله تسعة وتسعين اسما ، مائة إلا واحدا ، من أحصاها دخل الجنة ، وهو وتر يحب الوتر " ... أحصاها أى علمها وعمل بها
وهو ( الحكيم ) حكيم فى ما شرع لعباده
وكل شئ يسبح باسمه ويعظمه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت بحمد الله تعالى.
بسم الله الرحمن الرحيم
الآيات 1 ـ 5
( سبح لله ما فى السموات وما فى الأرض ، وهو العزيز الحكيم * هو الذى أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ، ما ظننتم أن يخرجوا ، وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا ، وقذف فى قلوبهم الرعب ، يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدى المؤمنين فاعتبروا يا أولى الأبصار * ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم فى الدنيا ، ولهم فى الآخرة عذاب النار * ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ، ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب * ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليجزى الفاسقين )
يقدس كل شئ فى الأرض والسموات الله ويمجدونه ويوحده ويسبحونه
فالله هو العزيز : منيع الجانب
الحكيم : حكيم فى تشريعه وقدره
ن الله هو الذى نصر رسوله محمد صلى الله عليه وسلم على يهود بنى النضير وأخرجهم من المدينة فى ستة أيام فقط لأنهم نقضوا العهد الذى بينهم وبين المسلمين
وكانوا يظنون أن حصونهم الشديدة ستمنع بأس الله عنهم ولكن لم تغنى عنهم من الله شيئا
ودمرهم الله من حيث لم يكونوا يتوقعون
فأصبحوا هم الذين يخربون بيوتهم بأيديهم فيحملون ما يمكنهم معهم ويخلعون الأبواب والأسقف ليحملوها معهم على الإبل
وأنزل فى قلوبهم الخوف والجزع
وكانت أيضا المؤمنون يهدمون لهم ديارهم ليتسع المكان للقتال
وهذه ليعتبر من عنده بصيرة
ولولا أن الله كتب عليهم النفى من ديارهم وترك أموالهم لكان لهم عذاب أكبر من ذلك ولهم فى الآخرة عذاب أكبر
وذلك لأنهم خالفوا الله ورسوله وكذبوا بما أنزل الله علي رسله ومن يفعل ذلك فله عذاب فى النارشديد
وكان الرسول عندما حاصرهم أمر بقطع نخيلهم إهانة لهم وإرهابا ، فيقول الله أنه بإذنه تعالى وقدرته وهو الذى نصر المؤمنين عليهم عقابا لهم
الآيات 6 ـ 7
( وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء ، والله على كل شئ قدير * ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ، وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ، واتقوا الله ، إن الله شديد العقاب )
الفئ : المال الذى يؤخذ من الكفار بغير قتال ولا هجوم ( إيجاف ) بخيل ولا ركاب ( إبل )
يقول تعالى :
وما أعطى الله لرسوله من مال بغير حرب ولا قتال من الكافرين من يهود بنوا النضير ( منهم ) ولم تهجموا بخيول ولا مبارزة
ولكن الله أنزل الخوف والرعب فى قلوبهم وهذه جنود الله
والله يقدر على كل شئ وقاهر لكل شئ
وكذلك ما أعطاكم الله مالا بهذه الطريقة من البلدان الأخرى غير بنوا النضير فيصرف فى وجوه البر للمسلمين لذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل
وهذه الأوجه للصرف حددها الله لكى لا يستولى عليها الأغنياء ولا يصرفونها للفقراء
ثم يأمر الله المؤمنين بأن يطيعوا الله ورسوله فيما يأمر وينهى
ويأمر بتقوى الله شديد العقاب لمن عصاه
الآيات 8 ـ 10
( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله ، أولئك هم الصادقون * والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون فى صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون * والذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل فى قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم )
ويوضح الله الحالات التى تستحق من مال الفئ وهم : ـ
1 ـ الفقراء الذين تم إخراجهم من بيوتهم لمخالفتهم أهلهم ابتغاء مرضات الله
فهؤلاء هم الصادقون حقا بقولهم وفعلهم وهم المهاجرين
2 ـ والأنصار الذين ( تبوءوا ) سكنوا الديار قبل المهاجرين وآمنوا قبلهم وتركوا لهم ديارهم
هؤلاء أكرموا المهاجرين وأحبوهم وأعطوهم ديارهم وأموالهم ولا يجدون فى نفوسهم حسدا للمهاجرين بما فضلهم به الله وشرفهم وغفر لهم
ويقدمون ( يؤثرون ) حاجة الناس على حاجاتهم فى حال احتياجهم ( خصاصة )
وهؤلاء الذين اتقوا وتغلبوا على بخل الأنفس وهم المفلحون
3 ـ التابعون للمهاجرين والأنصار يأتسون بأعمالهم ولا يحسدونهم وليس فى قلوبهم غل للمؤمنين ويؤمنون بالله ورسوله
ويطلبون من الله الرحمة والمغفرة
الآيات 11 ـ 17
( ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون * لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون * لأنتم أشد رهبة فى صدورهم من الله ، ذلك بأنهم قوم لا يفقهون * لا يقاتلونكم جميعا إلا فى قرى محصنة أو من وراء جدر ، بأسهم بينهم شديد ، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ، ذلك بأنهم قوم لا يعقلون * كمثل الذين من قبلهم قريبا ، ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم * كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إنى برئ منك إنى أخاف الله رب العالمين * فكان عاقبتهما أنهما فى النار خالدين فيها ، وذلك جزاء الظالمين )
ويحدث الله عن المنافقين ووصفهم بأنهم إخوان الكافرين ( من أمثال عبد الله بن أبى بعثوا ليهود بنى النضير يعدونهم بالوقوف بجانبهم ونصرهم ) وقالوا لهم سننصركم ونخرج معكم للقتال ولا نطيع أحد يمنعنا عن نصركم
ويقول الله إنهم كاذبون فيما وعدوهم ولن يفعلوا ما قالوا ولن يقاتلوا معهم ولو قاتلوا سيهربون ويهزمون
فهم يخافون منكم أكثر من خوفهم من الله لأنهم أغبياء
ومن جبنهم لايقدرون على مواجهة جيش المسلمين ولكن يقاتلون من وراء الجدران أو فى حصون ليدفعوا عن أنفسهم الضرر
وبينهم وبين بعض عداوة شديدة
تراهم مجتمعين يخيل لك أنهم متحابين ولكن فى الحقيقة هم مختلفون لأنهم قوم أغبياء لا يعقلون
مثلهم كمثل يهود بنى قينقاع الذين حاربهم وأجلاهم الرسول صلى الله عليه وسلم من قبلهم
ومثل هؤلاء اليهود فى غرورهم ووعودهم للكفار كمثل الشيطان الذى اغتر الإنسان بوعده وأمره بالكفر ولما كفر هرب منه وتبرأمنه
كذلك هم يفعلون بالكفار الذين يوعدوهم بنصرهم ووقت القتال يهربون منهم
والفريقين فى نار جهنم خالدين فيها جزاء بما كفروا وجزاء كل ظالم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وسلوك الشيطان مع الإنسان بدأ بذلك ويوم القيامة أيضا يتبرأ منه ( كما اتضح فى سورة ق ـ 27 )
وقيل أيضا عن علىّ رضى الله عنه أن راهبا تعبد ستين سنة ، وإن الشيطان أراده فأعياه ، فعمد إلى امرأة فأجنها ، ولها أخوة فقال لأخوتها عليكم بهذا القس فيداويها
فجاؤوا بها إليه فداواها وكانت عنده ، فبينما هو يوما عندها إذ أعجبته ، فأتاها فحملت فعمد إليها فقتلها
فجاء أخوتها فقال الشيطان للراهب : أنا صاحبك ، إنك أعييتنى ، أنا صنعت هذا بك ، فأطعنى أنجك مما صنعت بك
فاسجد لى سجدة
فسجد
فلما سجد له قال : إنى برئ منك إنى أخاف الله رب العالمين
وذلك معنى الآية ( كمثل الشيطان إذ قال للشيطان اكفر فلما كفر قال إنى برئ منك إنى أخاف الله رب العالمين )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الآيات 18 ـ 20
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد ، واتقوا الله ، إن الله خبير بما تعملون * ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم ، أولئك هم الفاسقون * لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة ، أصحاب الجنة هم الفائزون )
يأمر الله بتقواه فى فعل ما أمر به والنهى عما نهى عنه
وحاسبوا أنفسكم وانظروا ما فعلتم من خير لتجدوا أجره غدا عند العرض على الله
ثم يؤكد بتقوى الله
والله يعلم جميع الأعمال لا تخفى عليه خافية
ولا تنسوا ذكر الله حتى لا ينسيكم العمل الصالح الذى ينفعكم فى أخراكم
وهؤلاء هم الخارجون عن طاعة الله ( الفاسقون )
ولا يسوى الله بين أصحاب الجنة الذين هم أصحاب العمل الصالح مع أصحاب النار
وبالطبع أصحاب الجنة هم الناجون يوم القيامة
الآيات 21
( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله ، وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون )
يوضح الله عز وجل قدر وعظمة القرآن الذى لابد من أن تخشع القلوب لسماعه وذكره بأن الجبل بالرغم من شدته وغلظته فهو يخضع ويتصدع خشوعا للقرآن لو أنزله الله عليه
فكيف لكم أيها الناس لا تخشعون وتتصدع قلوبكم لله وتتدبرون القرآن وتتعلموه وتلين قلوبكم للعمل به
واعلموا أن الله يضرب للناس الأمثال ليفكرون ويتدبرون
الآيات 22 ـ 24
( هو الله الذى لآ إله إلا هوعالم الغيب والشهادة ، هو الرحمن الرحيم *هو الله الذى لآ إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر ، سبحان الله عما يشركون * هو الله الخالق البارئ المصور ، له الأسماء الحسنى ، يسبح له ما فى السموات والأرض ، وهو العزيز الحكيم )
يخبر الله عن نفسه عز وجل ويعرفنا على صفاته فيقول :
هو الذى لا إله غيره وهو يعلم الغائب فى الأرض أو فى البحر أو فى الظلمات أو فى السماء ويعلم الظاهر والمشاهد من الكائنات جميعا
وهو ( الرحيم ) بالخلائق فى الدنيا والآخرة وهو الذى وسعت رحمته كل شئ رحمن واسع الرحمة ( رحمن )
هو ( الملك ) المالك لكل شئ المتصرف فيه ولا إله غيره يملكها ولا يدافعه شئ
وهو ( القدوس ) الطاهر المبارك
وهو ( السلام ) الذى سلمت صفاته من أى نقص أو عيب الكامل فى أفعاله
وهو ( المؤمن ) الحق الذى أمّن خلقه من أن يظلمهم
وهو ( المهيمن ) الرقيب الشاهد على أعمال العباد
وهو ( العزيز ) الذى قهر كل شئ وغلبه ذو عظمة وجبروت وكبرياء
وهو ( الجبار المتكبر) الذى لا يليق التكبر والجبرية إلا له
وهو ( الخالق ) الذى خلق كل شئ وحده
وهو ( البارئ ) الذى أبرز وأخرج كل ما خلق إلى الوجود
وهو ( المصور ) الذى أحسن صورة كل ما خلق وصور كل شئ كما يريد
وهو ( له الأسماء الحسنى ) وقال رسوله صلى الله عليه وسلم أن " لله تسعة وتسعين اسما ، مائة إلا واحدا ، من أحصاها دخل الجنة ، وهو وتر يحب الوتر " ... أحصاها أى علمها وعمل بها
وهو ( الحكيم ) حكيم فى ما شرع لعباده
وكل شئ يسبح باسمه ويعظمه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت بحمد الله تعالى.