تفسير سورة النجم
تفسير سورة النجم
بسم الله الرحمن الرحيم
الآيات 1 ـ 4
( والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحى يوحى )
يقسم الله بقدرته فى خلق النجوم لما لها من شدة وعظمة وأن الفجر يهوى بنور النجوم وترمى الشياطين بالشهاب وهو مثل النجم الدقيق
وقال البعض المقصود به أن القرآن مثل النجم الذى بدأ ضوءه فى القلوب
وهذا القسم ليؤكد أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يضل الطريق الحق ولم يكن من الغاوين الذين يعدلون عن الحق إلى الضلال
وما يقرأ على الناس من القرآن لا ينقله عن هوى نفسه لغرض بنفسه
وإنما يوحى به إليه عن طريق رسول الملائكة جبريل بلا زيادة أو نقصان
الآيات 5 ـ 11
( علمه شديد القوى * ذو مرة فاستوى * وهو بالأفق الأعلى * ثم دنا فتدلى * فكان قاب قوسين أو أدنى * فأوحى إلى عبده ما أوحى * ما كذب الفؤاد ما رأى )
يخبر الله عز وجل بأن ما جاء به محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الناس ليس من عند نفسه وإنما علمه جبريل عليه السلام
ووصف جبريل عليه السلام بأنه ( شديد القوى ) أى قوى على ما يحملهمن رسالة حفيظ عليها
وأنه ( ذو مرة ) : أى ذو منظر جميل وقوى شديد
( فاستوى ) : ظهر واستوى فى فى الأفق
( وهو بالأفق الأعلى ) : فى السماء عند مطلع الشمس
( ثم دنا فتدلى ) : ثم نزل وهبط وجاء قريبا بين السماء والأرض
( فكان قاب قوسين أو أدنى ) : اقترب إلى محمد صلى الله عليه وسلم وكان مثل اقتراب قوسين من بعضهما
وقيل أن الرسول أخبر أنه رأى جبريل وله ستمائة جناح تتعلق بها اللألئ
( فأوحى إلى عبده ما أوحى ) : فأوحى الله عز وجل إلى جبريل عليه السلام ما أوحى به إلى محمد صلى الله عليه وسلم
( ما كذب الفؤاد ما رأى ) : رآه بفؤاده وهو حق لا كذب
الآيات 12 ـ 18
( أفتمارونه على ما يرى * ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى * إذ يغشى السدرة ما يغشى * ما زاغ البصر وما طغى * لقد رأى من آيات ربه الكبرى )
أتكذبونه فيما رأى
لقد رآه مرة أخرى على صورته الحقيقية ليلة الإسراء والمعراج عند سدرة المنتهى وهى شجرة ضخمة عند الجنة عند السماء السابعة
( إذ يغشى السدرة ما يغشى ) : على السدرة ملائكة كثيرة ويغطيها نور الله عز وجل وبها ألوان عجيبة وفراش من ذهب
وعند السدرة أمر الرسول بالصلوات الخمس وخواتيم البقرة وغفر لمن لايشرك بالله من أمة محمد صلى الله عليه وسلم
ويؤكد الله عز وجل أن ما رآه رسوله صلى الله عليه وسلم حق وليس بزيغ للبصر وما راح يمينا ولا يسارا وما جاوز حدود ما أراد أن يريه الله عز وجل ( ما طغى )
لقد رأى آيات الله عز وجل الدالة على عظمته
الآيات 19 ـ 26
( أفرءيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى * ألكم الذكر وله الأنثى * تلك إذا قسمة ضيزى * إن هى إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان ، إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ، ولقد جاءهم من ربهم الهدى * أم للإنسان ما تمنى * فلله الآخرة والأولى * وكم من ملك فى السموات لا تغنى شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى )
اللات : صنم من صخرة بيضاء منقوشة وعليها بيت بالطائف له أستار وخدام وحوله فناء وكانوا يفتخرون بها قوم ثقيف
واشتقوا اسمها من اسم الله لتعنى أنها اله انثى
ومن نطقها اللاتّ قال أنها كانت رجل يلت العجين للحجاج ولما مات جعلوا له قبر ثم عبدوه
العزى : مشتق من العزيز وهى شجرة عليها أستار بين مكة والطائف وكانت قريش تعظمها
مناة : صخرة بين مكة والمدينة وكانت الأوس والخزرج وخزاعة يعظمونها ويخرجون من عندها إلى الكعبة للحج
يسخر الله من الكفار فيما عبدوا من هذه الطواغيت وغيرها التى انتشرت حول الكعبة
ثم يقول لهم أتجعلون له الولد وأنثى وتحبون لكم الذكور
هذه قسمة ليست بعادلة حتى لو كانت بين البشر ( ضيزى )
هذه أسماء باطلة أنتم الذين سميتوها ولم ينزل الله بها من شئ وليس لكم عليها حجة
فأنتم تتبعون ظنكم وأهواءكم
لقد جاءكم الهدى والحق من ربكم ومع ذلك انقادتم لأهواءكم
وليس ما يتمنى الإنسان بحق
إنما الأمر كله لله فى الدنيا والآخرة
حتى الملائكة المقربون ليس لهم حق إلا فيما يرضاه الله فكيف لكم أنتم تتأولون على الله بالرغم من أنه لم يأذن لكم فى عبادة هذه الأوثان
الآيات 27 ـ 30
( إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى * وما لهم به من علم ، إن يتبعون إلا الظن ، وإن الظن لا يغنى من الحق شيئا * فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا * ذلك مبلغهم من العلم ، إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى )
وهؤلاء الذين يطلقون على الملائكة أسماء أنثى وادعوا أنها بنات الله
ليس عندهم علم بما ادعوا وهو كذب وباطل
فهم يظنون والظن لا يصدق الواقع
دعك منهم يا محمد وأعرض عن من أعرض عن الحق ونسى ذكر ربه فهو لا يريد إلا الدنيا والسعى لها
والله أعلم بمن هم فى ضلالة ويعلم من المهتدى ويعلم بما يفسد عباده ويعلم ما يصلح شأنهم
الآيات 31 ، 32
( ولله ما فى السموات وما فى الأرض ليجزى الذين أساؤا بما عملوا ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى * الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم ، إن ربك واسع المغفرة ، هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة فى بطون أمهاتكم ، فلا تزكوا أنفسكم ، هو أعلم بمن اتقى )
يخبر الله عز وجل أنه مالك السموات والأرض وما فيهن وله الخلق يجازى كل عامل بعمله إن كان خيرا فخيرا وإن كان شرا فشرا
يغفر لمن أحسنوا الذين ابتعدوا عن الذنوب الكبيرة كالقتل والسرقة وقول الزور والنميمة والغيبة وابتعدوا عن الفواحش وهو الزنا بالقول والفعل والقلب والجوارح
إلا اللمم فيغفر الله وهى محقرات الذنوب والأعمال
فالله أعلم بكم من أنفسكم فهو خلقكم من الأرض وذلك عندما أنشأ أبوكم آدم ثم أنشأكم فى بطون أمهاتكم من ماء مهين
ويعلم نفوسكم وأحوالكم وكتب لكم الرزق والعمل والأجل
فلا تمدحوا أنفسكم وتشكروها
الله أعلم بالصالح منها والطالح
الآيات 33 ـ 41
( أفرأيت الذى تولى * وأعطى قليلا وأكدى * أعنده علم الغيب فهو يرى * أم لم ينبأ بما فى صحف موسى * وإبراهيم الذى وفى * ألا تزر وازرة وزر أخرى * وأن ليس للإنسان إلا ما سعى * وأن سعيه سوف يرى * ثم يجزاه الجزاء الأوفى )
يذم الله الذى امتنع عن ذكر الله
وأطاع قليلا ثم انقطع عن العمل
هل امتنع عن الإنفاق لأن عنده علم من الغيب بأن ما فى يده سينفد إذا أنفق أكثر من ذلك ؟
أم أنه أم أنه لم تصله ما أنزل فى صحف موسى ( التوراة )
وما جاء به إبراهيم فى الصحف التى استوفت كل شئ
وكل نفس عليها وزرها تحاسب عن نفسها
ولا يحمل الإنسان وزر غيره فعليه وزره فقط
والله يرى عمل كل إنسان ويحاسب عليه يوم القيامة
ويجزيه بما عمل أتم الجزاء
الآيات 42 ـ 55
( وأن إلى ربك المنتهى * وأنه هو أضحك وأبكى * وأنه هو أمات وأحيا * وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى * من نطفة إذا تمنى * وأن عليه النشأة الأخرى * وأنه هو أغنى وأقنى * وأنه هو رب الشعرى * وأنه أهلك عادا الأولى * وثمود فما أبقى * وقوم نوح من قبل ، إنهم كانوا هم أظلم وأطغى * والمؤتفكة أهوى * فغشاها ما غشى * فبأى آلاء ربك تتمارى )
والموعد مع الله يوم القيامة
ويضرب الله الأمثال للناس فى قدرته على خلق الأشياء وضدها
خلق الضحك والبكاء
والموت والحياة
والذكر والأنثى من نطفة من منى
وقادر على الإحياء بعد الممات يوم القيامة
وهو الذى يملك لعباده المال ويبقيه عندهم ( وقيل أغنى وأفقر )
والله هو رب نجم الشعرى الذى تعبدونه ( كان العرب يعبدون نجم يسمى مرزم الجوزاء )
والله هو الذى أهلك قوم هود ( عاد )
وأهلك ثمود فلم يبق منهم أحد
ومن قبلهم أهلك قوم نوح الذين كانوا أشد ظلما
وأهلك المؤتفكات وهم قوم لوط وهذا اسم مدائنهم
أهوى ( قلبها بهم وجعل عاليها سافلها )
فغشاها ( غطاها ) بمطر من الحجارة
فبأى نعم الله وقدرته تكذب وتنكر أيها الإنسان ؟
الآيات 56 ـ 62
( هذا نذير من النذر الأولى * أزفت الأزفة * ليس لها من دون الله كاشفة * أفمن هذا الحديث تعجبون * وتضحكون ولا تبكون * وأنتم سامدون * فاسجدوا لله واعبدوا )
وهذا يا محمد إنذار مرسل كما أرسل لهم نذير
اقتربت الساعة
ولا يستطع أحد دفعها من دون الله
أتعجبون من أن يكون القرآن وإرسال محمد حقا
وتسخرون وتستهزؤن
وتضحكون ولا تخافون
وأنتم تغنون فرحون ومعرضون
فأولى لكم أن تصدقوا وتوحدوا الله وتخضعون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تمت بحمد الله تعالى .