تفسير سورة الصافات
بسم الله الرحمن الرحيم
الآيات 1 ـ 5
( والصافات صفا * فالزاجرات زجرا * فالتاليات ذكرا * إن إلاهكم لواحد * رب السموات والأرض وما بينهما ورب المشارق )
يقسم الله بعرض لصفوف من الملائكة مختلفة الوظائف وقدرته فى خلقهم بأن من خلق هو الله الواحد الذى خلق السموات والأرض وما بينهما وما فيهن وأنه هو الذى خلق المشارق والمغارب بسبب دوران الأرض حول الشمس
وهذا من الإعجاز العلمى فى القرآن يثبت حركة الأرض حول الشمس فتتكون مشارق على كل بلد تشرق عليه الشمس وتتكون مغارب على كل بلد تغرب من عليه الشمس بسبب الدوران حول المحور
وقيل تفسيرات أخرى فى معنى الزاجرات : أنها ما زجر الله عنه فى القرآن
التاليات : الملائكة تتلوا القرآن من عند الله للناس
الآيات 6 ـ 10
( إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب * وحفظا من كل شيطان مارد * لا يسمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب * دحورا ولهم عذاب واصب * إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب )
يخبر سبحانه وتعالى عن قدرته فى أنه زين السماء الدنيا بالكواكب والنجوم والأقمار تضئ لأهل الأرض وحفظها من الشياطين المتمردة ( مارد ) التى كانت تصعد لتتسمع إلى القلم وهو يكتب الأقدار وينقلون الخبر لأوليائهم من الكهنة ولكى لا يصلوا إلى السموات العلا والملائكة ( الملأ الأعلى ) فجعل فيها الشهب التى يقذف بها الشياطين فتحرقهم من كل جانب من السماء
ويرجمون ويمنعون ( دحورا ) ولهم فى الآخرة العذاب الموجع ( واصب )
ومن خطف الخبر وحاول الهرب يتبعه الشهاب ليحرقه .
الآيات 11 ـ 19
( فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنا ، إنا خلقناهم من طين لازب * بل عجبت ويسخرون * وإذا ذُكروا لا يذكرون * وإذا رأوا يستسخرون * وقالوا إن هذا إلا سحر مبين * أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون * أو آباؤنا الأولون * قل نعم وأنتم داخرون * فإنما هى زجرة واحدة فإذا هم ينظرون )
اسأل يا محمد هؤلاءالمكذبون من أشد خلقا السموات والأرض والملائكة والشياطين أم خلقهم هم ، الذين خلقتهم من الطين اللزج الذى يتماسك ببعضه ؟
وإذا كان كذلك فلم ينكرون البعث ؟
أنت يا محمد تعجب من أمرهم وإنكارهم وهم يسخرون مما تقول
ويصرون على عدم التصديق
وكلما رأوا دلائل على صحة ذلك يستهزئون
ويقولون إن هذا سحر واضح
ويتعجبون هل بعد أن نموت وتتفرق أجزائنا نحن وآبائنا يعيدنا الله مرة ثانية ؟
قل لهم نعم يعيدكم وأنتم عندئذ حقيرون تحت قدرة الله وعظمته
فما هى إلا دعوة واحدة من الله فتصحون وتخرجون وتأتون من فوركم إلى الله عز وجل تنظرون أهوال القيامة .
الآيات 20 ـ 26
( وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين * هذا يوم الفصل الذى كنتم به تكذبون * احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون * من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم * وقفوهم إنهم مسئولون * ما لكم لا تناصرون * بل هم اليوم مستسلمون )
ويوم القيامة يجد الكفار الخوف والحسرة ويقولون هذا يوم القيامة يا ويلنا
فتقول لهم الملائكة إنه يوم القيامة الذى كذبتم به
فيأمر الله الملائكة بأن يجمعوا الكفار وأمثالهم وما عبدوا فى الدنيا ويلقونهم فى نار الجحيم
( أزواجهم ) : أمثالهم
( قفوهم ) : احبسوهم وأوقفوهم حتى يسألون عما فعلوا
ويقال لهم ماذا حدث كيف لا تتناصرون كما زعمتم ؟
إنهم اليوم منقادون لله ولا يحيدون عن أمره
الآيات 27 ـ 37
( وأقبل بعضهم على بعض يتسآءلون * قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين * قالوا بل لم تكونوا مؤمنين * وما كان لنا عليكم من سلطان ، بل كنتم قوما طاغين * فحق علينا قول ربنا ، إنا لذائقون * فأغويناكم إنا كنا غاوين * فإنهم يومئذ فى العذاب مشتركون * إنا كذلك نفعل بالمجرمين * إنهم كانوا إذا قيل لهم لآ إله إلا الله يستكبرون * ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون * بل جاء بالحق وصدّق المرسلين )
ويوم القيامة يقبل الكافرون على بعضهم ويتسآءلون ويتعاتبون ويلقى اللوم بعضهم على بعض
يقول الضعفاء لساداتهم الذين قادوهم فى الدنيا للكفر ، أنتم الذين أشرتم علينا بذلك
فيقول ساداتهم لا بل أنتم كنتم غير مؤمنين
ولم يكن لنا عليكم من سطوة وإجبار لهذا الشرك منكم ، إنكم كنتم خارجين عن الحد
لقد حكم الله علينا ونحن مثلكم فى العذاب
إذا كنا أغويناكم فنحن أيضا مثلكم فى الغواية
وهم يوم القيامة حينئذ مشتركون فى العذاب
وهكذا يكون حال المجرمين يوم القيامة من العذاب
فهم يستحقونه لأنهم كانوا إذا قيل لهم قولوا لا إله إلا الله يتكبرون ويكذبون
ويقولون لا يحق لنا أن نترك آلهتنا ونسير خلف شاعر مجنون ـــ يقصدون محمد صلى الله عليه وسلم
لا إنه ليس بشاعر ولا مجنون ولكنه رسول الله حقا وجاء بالحق كما جاء المرسلون من قبله .
الآيات 38 ـ 49
( إنكم لذآئقوا العذاب الأليم * وما تجزون إلا ما كنتم تعملون * إلا عباد الله المخلصين * أولئك لهم رزق معلوم * فواكة وهم مكرمون * فى جنات النعيم * على سرر متقابلين * يطاف عليهم بكأس من معين * بيضاء لذة للشاربين * لا غول ولا هم عنها ينزفون * وعندهم قاصرات الطرف عين * كأنهن بيض مكنون )
إنكم أيها المشركون ستذوقون العذاب المؤلم بسبب ما فعلتم
ولكن عباد الله الذين أخلصوا العبادة لله لهم الجنة ( رزق معلوم )
يكرمون فيها بكل الطرق المختلفة المتنوعة ( فواكه )
ينظرون إلى بعضهم البعض على سرر متكئين
ويمر عليهم ولدان بكئوس من خمر لذيذ طعمها طيب ولونها طيب تختلف عن خمر الدنيا
( لا غول ) غير متعبة للبطن
و ( عنها ينزفون ) لا تذهب عقولهم
وعندهم الزوجات ( قاصرات الطرف ) عيونهم قاصرة عن النظر لغيرهم عفيفات
توصف جمالهن بأنهن كالبيض المحفوظ عن اللمس كاللؤلؤ .
الآيات 50 ـ 61
( فأقبل بعضهم على بعض يتسآءلون * قال قائل منهم إنى كان لى قرين * يقول أءنك لمن المصدقين * أءذا متنا وكنا ترابا وعظاما أءنا لمدينون * قال هل أنتم مطّلعون * فاطلع فرآه فى سواء الجحيم * قال تالله إن كدت لتردين * ولولا نعمة ربى لكنت من المحضرين * أفما نحن بميتين * إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين * إن هذا لهو الفوز العظيم * لمثل هذا فليعمل العاملون )
وهنا يخبر الله عز وجل عن تساؤلات أهل الجنة
فيسألون عن أحوالهم وما كانوا عليه فى الدنيا وهم يتسامرون على سررهم يحكون
يقول أحدهم لقد كان لى شيطان ( أو قيل القرين السيئ من الإنس ) يوسوس لى ويقول أنت تصدق ما يقوله محمد هل بعد أن نموت ونصير ترابا وعظاما نعود ثانية للحياة ونحاسب على أعمالنا ؟
( مدينون ) : محاسبون
هل رأيتم إنه هذا الكافر أصبح الآن فى وسط الجحيم بتكذيبه وينظرون فيجدونه فى النار
( قال تالله إن كدت لتردين ) : فبيول المؤمن للكافر والله لقد كدت أن تهلكنى معك لو أطعتك
ولولا فضل الله علىّ لكنت من المحضرين معك فى العذاب
ثم يقول فرحا : لسنا بميتين ثانية ولن نعذب ثانية والله لقد فزنا بالجنة فوزا عظيما
ثم يقول أهل الجنة : لمثل هذا النعيم حق أن يعمل من أراد خيرا من أهل الدنيا
الآيات 62 ـ 70
( أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم * إنا جعلناها فتنة للظالمين * إنها شجرة تخرج فى أصل الجحيم * طلعها كأنه رؤوس الشياطين * فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون * ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم * ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم * إنهم ألفوا آباءهم ضالين * فهم على آثارهم يهرعون )
يقول الله تعالى حال المؤمنين هذا أفضل أم حال الكفار الذين هم فى الجحيم يأكلون من شجر الزقوم التى تنبت من أصل الجحيم
وهى فتنة للناس فمنهم من يصدق بها ومنهم من يكذب ويقولون كيف أن شجر ينبت فى النار ألم تأكله النيران
وهذه الشجرة طلعها ( عضو الذكورة فى النبات ) شكله مثل رؤوس الشياطين بشع المنظر
إنهم سيأكلون منها ويملؤن بطونهم بسوء طعمها وسوء ريحها
ثم يشربون عليها مزجا من الحميم وهو الصديد والزيت المغلى الذى يسيل أمعاءهم
ثم بعد نعيمهم فى الدنيا يرجعون إلى هذا الجحيم والعذاب
هذا نتيجة أنهم اتبعوا آباءهم فى الضلال وجروا على طريقتهم
الآيات 71 ـ 74
( ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين * ولقد أرسلنا فيهم منذرين * فانظر كيف كان عاقبة المنذرين * إلا عباد الله المخلصين )
لقد ضل كثيرا من الأمم السابقة بنفس هذه الطريقة
وقد أرسلنا فغيهم النبيين والرسل
ولكن دمر الله المكذبين ونجى الرسل ومن اتبعوهم ممن أخلصوا العبادة لله .
الآيات 75 ـ 82
( ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون * ونجيناه وأهله من الكرب العظيم * وجعلنا ذريته هم الباقين * وتركنا عليه فى الآخرين * سلام على نوح فى العالمين * إنا كذلك نجزى المحسنين * إنه من عبادنا المؤمنين * ثم أغرقنا الآخرين )
ولما قال الحق أن هناك أمم سابقة ضلوا فأخذهم العذاب ، بدأ يعرض بعضا منهم :
هذا نوح عليه السلام وجد التكذيب والأذى من قومه 950 سنة ، فنادى ربه
يقول أنى مغلوب فانتصر لدينك وللمؤمنين ، ونعم المجيبون هو الله
نجاه الله وأهله معه من الضيق والكرب ودمر الخلق جميعا وأبقى أهل نوح الذين آمنوا معه
وأصبح ذرية نوح هى الناس جميعا الباقية
( تركنا عليه فى الآخرين ) : أصبح الثناء والحديث الحسن بين الآخرين من الناس لنوح وذريته
وهذا هو الثناء الحسن على نوح ( سلام من ربه ) بين الأمم كلها إلى يوم القيامة
وهذا هو الجزاء لمن أحسن وآمن وعمل صالحا
فهو عبد الله المؤمن
وأغرق الله الكفار جميعا ولم يبق أحد منهم
الآيات 83 ـ 87
( وإن من شيعته لإبراهيم * إذ جاء ربه بقلب سليم * إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون * أئفكا آلهة دون الله تريدون * فما ظنكم برب العالمين )
ومن أهل دين وسنة نوح كان إبراهيم
لقى الله بقلبه السليم من الشرك على كلمة التوحيد
ينكر على أبيه وقومه عبادة الأصنام
يقول لهم ماذا تعبدون من دون الله هل تريدون باطلا غير الله؟
ما ظنكم أن الله فاعل بكم وأنتم تعبدون غيره ؟
الآيات 88 ـ 98
( فنظر نظرة فى النجوم * فقال إنى سقيم * فتولوا عنه مدبرين * فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون * ما لكم لا تنطقون * فراغ عليهم ضربا باليمين * فأقبلوا إليه يزفون * قال أتعبدون ما تنحتون * والله خلقكم وما تعملون * قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه فى الجحيم * فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين )
وتوضح الآيات فى القرآن الكريم أن إبراهيم عليه السلام فكر وتدبر بالفطرة على أن للكون خالق مدبر
نهى قومه عن عبادة الأصنام ، ولكن أباه رفض أن يعقل
وعظ أهل بابل وكسر أصنامهم ، ووعظ أهل حران وراجعهم عن عبادة الكواكب
ماذا فعل بالأصنام ..؟
كان لهم عيد يخرجون للإحتفال به خارج البلاد
طلب آزار من ابنه إبراهيم الخروج معه ،
فتعلل إبراهيم وقال أنه مريض ( سقيم )
تركه آزار وعمد إبراهيم إلى الأصنام التى كانوا قد وضعوا أمامها الطعام والشراب وأخذ يوبخهم أنهم لا يأكلون ولا يشربون ، لماذا لا تتكلمون ؟
وأخذ القدوم وصار يضرب أعناقها ويكسرها وترك الكبير منها وعلق فى رقبته القدوم
عاد القوم ورأوا ما كان عليه من حال الأصنام وسألوا إبراهيم
فقال إنه كبيرهم فاسألوه .... وكيف تعبدون ما لا ينطقون وتتركون عبادة الله الذى خلقكم وخلقهم ؟
ففكروا لحظة فوجدوا أنهم مخطئون فى زعمهم أنهم آلهة
ولكن الكبر والعتو عاد لنفوسهم وأمروا بمعاقبة إبراهيم
كيف عاقبوه ...؟
جمعوا الحطب وأوقدوه فى حفرة كبيرة حتى أن المرأة إذا مرضت تنذر إذا عوفيت أن تحمل الحطب
لتوقد به حريق إبراهيم وذلك لمدة كبيرة من الزمن ، حتى تأججت
ثم وضعوا إبراهيم فى كفة منجنيق ( مثل كفة الميزان ) صنعها رجل من الأكراد يسمى هزن
( وهو أول من صنع المجانيق ـ آلات حربية ـ فخسف الله به الأرض )
كتفوا إبراهيم وهو يقول " لا إله إلا أنت سبحانك لك الحمد ولك الملك لا شريك لك "
وعندما ألقوا به فى النار قال : " حسبنا الله ونعم الوكيل "
قال محمد صلى الله عليه وسلم :" لما ألقى إبراهيم فى النار قال : اللهم ‘نك فى السماء واحد وأنا فى الأرض واحد أعبدك "
ظهر جبريل لإبراهيم يعرض له المساعدة ، وعرض له ملك المطر العون ،
ولكن الله كان أسرع منهم إجابة فقال : ( يا نار كونى بردا وسلاما على إبراهيم )
وعاش أربعين يوما لا يشعر بحر النار وفى روضة خضراء لا تمسه النار
ونصره الله عليهم
الآيات 99 ـ 107
( وقال إنى ذاهب إلى ربى سيهدين * رب هب لى من الصالحين * فبشرناه بغلام حليم * فلما بلغ معه السعى قال يابنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى ، قال يا أبت افعل ما تؤمر ، ستجدنى إن شاء الله من الصابرين * فلما أسلما وتله للجبين * وناديناه أن يا إبراهيم * قد صدقت الرؤيا ، إنا كذلك نجزى المحسنين * إن هذا لهو البلاء المبين * وفديناه بذبح عظيم )
وبعد أن نجاه الله من الكفار هاجر من بينهم وقال : (وقال إنى ذاهب إلى ربى سيهدين )
ودعا ربه بأن يعوضه عن قومه وعشيرته بالذرية الصالحة فدعا ربه وقال : (رب هب لى من الصالحين )
( فبشرناه بغلام حليم ) :
بعد مضى عشرون سنة ببيت المقدس قالت سارة لإبراهيم أن يتزوج من جاريتها هاجر ليرزق منها الولد لأنها عاقر
وولدت هاجر إسماعيل وكان لإبراهيم 86 سنة
( فلما بلغ معه السعى ) : ولما كبر وترعرع وبدأ يسعى ويعمل مع أبيه قال له :
(يابنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى ، قال يا أبت افعل ما تؤمر ، ستجدنى إن شاء الله من الصابرين * فلما أسلما وتله للجبين * وناديناه أن يا إبراهيم * قد صدقت الرؤيا ، إنا كذلك نجزى المحسنين * إن هذا لهو البلاء المبين * وفديناه بذبح عظيم ) :
وهنا قصة الذبيح اسماعيل وهى كالآتى :
فلما بلغ اسماعيل سن الشباب وبدأ يسعى مع أبيه فى شئون الحياة ، رأى إبراهيم عليه السلام ـ ورؤيا الأنبياء حق ـ فى المنام أنه يذبح ابنه ، ولده العزيز الذى رزقه الله به وهو قد بلغ من العمر 86 سنة وبعد أن امره الله أن يسكنه وأمه بلاد قفراء بلا أنيس ولا زرع ولا ماء ، وليس له غيره
ولكنه يسارع إلى طاعة ربه وعرض الأمر على ولده كى لا يأخذه على غرة ، ويسارع الإبن للإستسلام لأمر ربه ويشجع الأب على تنفيذ ما أمر الله به
( تله للجبين ) : ألقاه على وجهه لئلا يشاهده فى حال ذبحه وسمى إبراهيم واستشهد الإبن لملاقاة الرب
أمر السكين على حلقه فلم تذبحولم تقطع
ونودى يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا ونجحت أنت وإبنك فى الإختبار الواضح
وجعل الله له فداء بكبش أبيض أقرن ، رآه مربوطا بشجرة صغيرةمن أشجار الطلع ، فى فجوة جبل وعليه قطعة من الصوف الأحمر ، وقيل أنه الكبش الذى قدمه هابيل ولد آدم عليه السلام وتقبل منه وكان يرعى فى الجنة أربعين خريفا
فذبحه إبراهيم بمنى وقيل فى مقام إبراهيم .
الآيات 108 ـ 113
( وتركنا عليه فى الآخرين * سلام على إبراهيم * كذلك نجزى المحسنين * إنه من عبادنا المؤمنين * وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين * وباركنا عليه وعلى إسحاق ، ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين )
وهكذا ظلت أنباء إبراهيم بين الناس سيرة طيبة وعليه بركات وسلام من ربه وهذا جزاء من أحسن وأخلص لله العمل وهو من المؤمنين الصالحين
ثم بشره الله كمزيد من المكافأة له بإسحاق وهو فى سن التسعة والتسعين من زوجته سارة فى سن التسعين وجعله نبيا من الصالحين وكان من ذرية إسماعيل وإسحاق من هم مؤمنون وآخرون غير ذلك ظالمون لأنفسهم
الآيات 114 ـ 122
( ولقد مننا على موسى وهارون * ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم * ونصرناهم فكانوا هم الغالبين * وآتيناهما الكتاب المستبين * وهديناهما الصراط المستقيم * وتركنا عليهما فى الآخرين * سلام على موسى وهارون * إنا كذلك نجزى المحسنين * إنهما من عبادنا المؤمنين )
وهذا موسى وأخوه هارون أنبياء الله
نجاهم الله وقومهما بنوا إسرائيل وفرج كرباتهم فقد كان فرعون يقتل أبناءهم ويترك النساء ويسخرهم فى الأعمال المرهقة الدنية
ونصرهم الله على فرعون وأعوانه وجعلهم يأخذون أرضهم وأموالهم
وأنزل على موسى التوراة بها الطريق المستقيم الواضح هداه
وأبقى لهم الذكرى الجميلة بين من بعدهم
ولموسى وهارون السلام والجزاء من ربهما والرحمة لأنهما كانا مؤمنين بالله صالحين العمل
وهكذا يجازى الله من آمن وعمل صالحا مخلصا لله
الآيات 123 ـ 132
( وإن إلياس لمن المرسلين * إذ قال لقومه ألا تتقون * أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين * الله ربكم ورب آبائكم الأولين * فكذبوه فإنهم لمحضرون * إلا عباد الله المخلصين * وتركنا عليه فى الآخرين * سلام على إل ياسين * إنا كذلك نجزى المحسنين * إنه من عبادنا المؤمنين )
وهذا إلياس ( إدريس ) نبى الله
وقصته :
إدريس عليه السلام
ويسمى أيضا ( إليا س )
* هو الجيل السابع من ولد آدم
* وهو أول نبى بعد آدم عليه السلام
* أدرك من حياة آدم 308 سنة
* أول من خط بالقلم على الرمل
" سؤل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخط بالقلم فقال " إنه كان نبى يخط به فمن وافق خطه فذاك " ـــــــ يعنى له مثل فضله من الكتابة
* أول من لبس المخيط ، وكان كلما غرز بالإبرة قال ( سبحان الله )
فأخبر الله الملك أنه يرفع له مثل عمل بنو آدم جميعهم فى عصره
فأحب أن يزداد فطلب من صديق له من الملك أن يكلم له ملك الموت ليدعه أكثر وقت ممكن حتى يزداد من العمل الصالح ، فطار به الملك وهو على ظهره إلى السماء الرابعة ، فقابل ملك الموت وكلمه فى ذلك ، فقال ملك الموت أنه يندهش أن طلب منه قبض روح إدريس فى السماء بالرغم من أنه يعلم أنه يعيش على الأرض
وهذا تفسير قوله تعالى : ( ورفعناه مكانا عليا ) : سورة مريم
* عانى النبى إدريس فى سبيل دعوته ولهذا ذكره الله من ضمن الرسل والأنبياء الذين صبروا وعانوا
وكان قومه يعبدون بعل
فقال لهم اتقوا الله كيف لكم تعبدون بعل وتتركون من خلقه وخلقكم الله أحسن الخالقين
إن الله ربكم ورب آبائكم القدامى
ولكنهم كذبوه وهم يحضرون يوم القيامة ليحاسبهم الله
إلا الموحدين منهم المخلصون العمل لله وحده
وترك الله سيرة طيبة لإدريس بين الناس من بعده
وله السلام والرحمة من ربه فهو من المؤمنين الصالحين وهذا هو جزاء كل من آمن وعمل صالحا وأخلص العبادة لله وحده
الآيات 133ـ 138
( وإن لوطا لمن المرسلين * إذ نجيناه وأهله أجمعين * إلا عجوزا فى الغابرين * ثم دمرنا الآخرين * وإنكم لتمرون عليهم مصبحين * وبالليل أفلا تعقلون )
وهذا لوطا وقصته :
هو إبن الأخ لإبراهيم
لوط بن هاران
نزح مع عمه ، وأنزله مدينة سدوم
كان أهلها يأتون المنكر فى ناديهم وفعل الفواحش التى ابتدعوها ولم يكن يعرفها من قبل أحد وهى الشذوذ الجنسى
فكانوا يأتون الرجال بدلا من النساء
وكانوا يفعلون جميع الشرور
نهاهم لوط ولكن دون جدوى مع الإيذاء ، والسخرية منه ومن المؤمنين
أرسل الله لهم ثلاثة ملائكة هم : ( جبريل وميكائيل وإسرافيل )
الذين مروا أولا على إبراهيم وبشروه بمولد اسحاق
ثم أخبروه بأنهم قد أرسلهم الله لإهلاك قوم لوط ،
وأمروا لوطا أن يترك القرية هو ومن تبعه من المؤمنين ويترك زوجته التى كانت ترسل إلى قومها إذا أتى ضيف الى زوجها ليفعلوا به الفاحشة
وحاول أهل القرية أن يغتصبوا الملائكة الذين ظنوا أنهم شبان حسنة المظهر وقاومهم لوط وقاوموه
ضرب جبريل وجوههم بطرف جناحه فطمست أعينهم كما قال تعالى :
( ولقد راودوه عن ضيفه ، فطمسنا اعينهم ...)
وخرج لوط باهله إلا زوجه ، فاقتلع جبريل بطرف جناحه بلادهم وكانت 7 مدائن بمن فيهن من أحياء وزرع ومبانى وحيوانات ، وقيل كان عددهم 400 نسمة وقيل 4 آلاف نسمة ، ورفعها إلى السماء ثم قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها
ثم أمطرت عليهم السماء حجارة من سجيل ( شديدة الصلابة ) منضود ( يتبع بعضها البعض ) مسومة ( مكتوب على كل حجر اسم من يسقط عليه )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولهذا كانت عقوبه اللائط الرجم بالحجارة
وقال صلى الله عليه وسلم " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به "
وقال أبو حنيفة : ( إن اللائط يلقى من شاهق جبل ويتبع بالحجارة كما فعل بقوم لوط )
ويقول الله سبحانه وتعالى فى هذه السورة يخبر عن لوط :
فهذا لوط بعث لقومه فكذبوه فنجاه الله هو وأهله إلا إمرأته العجوز فقد هلكت مع قومها ودمر أرضهم وتركها بحيرة منتنة قبيحة المنظر والطعم والرائحة لما كان يفعل فيها من القبائح وأنتم تمرون عليها ليلا ونهارا أيها المسافرون فلتعتبروا بها وتتعظوا
الآيات 139 ـ 148
( وإن يونس لمن المرسلين * إذ أبق إلى الفلك المشحون * فساهم فكان من المدحضين * فالتقمه الحوت وهو مليم * فلولا أنه كان من المسبحين * للبث فى بطنه إلى يوم يبعثون * فنبذناه بالعراء وهو سقيم * وأنبتنا عليه شجرة من يقطين * وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون * فآمنوا فمتعناهم إلى حين )
أرسل الله نبيه يونس فى قرية نينوى من الموصل ودعاهم فكذبوه وتمردوا وأصروا
توعدهم يونس بالعذاب بعد ثلاث وخرج غاضبا من بينهم ولم يصبر على الدعوة لهم
خاف أهل نينوى وقذف الله فى قلوبهم الإيمان فآمنوا جميعا
وكانت ساعة عظيمة من توبة التائبين والإنابة إلى الله والتضرع والبكاء من النساء والرجال والصبيان والدواب والأنعام
كشف الله عنهم العذاب فى الدنيا والآخرة
مضت الثلاثة أيام وجاء يونس ليرى ما حدث فوجد هم سالمين فأغضبه ذلك
خاف أن يقتله أهل القرية ويظنوه كاذبا فقد كان عقاب من يكذب القتل فهرب منهم
سار حتى شاطئ البحر فوجد سفينة تبحر فطلب من أصحابها أن يأخذوه معهم فأخذوه
اضطربت السفينة وأوشكت على الغرق وأيقنوا أنه لابد من إلقاء أحدهم فى البحر لتستقر بهم
عرض يونس نفسه ليلقوا به ولكنهم رفضوا إذ أنه ضيف استجار بهم ولكنه أصر
اتفقوا على أن يقترعوا فيمن يلقون به وكرروا ثلاث مرات وفى كل مرة تقع على يونس فأيقن أن هذه مشيئة الله وأنه المستهدف
ألقوه فى البحر فابتلعه حوت ضخم
قال تعالى ( وإن يونس لمن المرسلين * إذ أبق إلى الفلك المشحون * فساهم فكان من المدحضين * فالتقمه الحوت وهو مليم )
ساهم : المقصود بها القرعة
أبق : هرب كالعبد
أمر الله الحوت أن لا يهضمه ولا يكسر له عظما وطاف الحوت به البحار كلها
ولما استقر فى بطن الحوت ظن أنه مات ولكنه حرك جوارحه وعلم أنه حى
سجد يونس لله شكرا وعذرا وقال ( يارب اتخذت لك مسجدا لم يعبدك فيه أحد من قبل ... سبحانك إنى كنت من الظالمين )
وسمع يونس وهو يطوف فى البحر ببطن الحوت أصوات الحيتان والأسماك تسبح فأخذ يدعوا الله حتى أمر الله الحوت أن يخرجه ويلقى به إلى شاطئ أرض لا نبات بها وهو ضعيف البدن
( فنبذناه بالعراء وهو سقيم )
( وأنبتنا عليه شجرة من يقطين )
فكان إلقائه بأرض لا نبات فيها حتى لا يتلوث بدنه الضعيف العارى وجلده الذائب بالماء المالح
ثم أنبت فوقه شجرة القرع ذات الأوراق العريضة التى من خواصها أنها لا يقف عليها ذباب ولا حشرات
وأخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يأكل من ثمارها حتى برئ ويبست
فبكى عليها يونس فأوحى له الله عز وجل معاتبا " أتبكى على شجرة أن يبست ولا تبكى على مائة ألف أو يزيدون أردت أن تهلكهم
عندما صح جسد يونس خرج يمشى فلقى غلام يرعى الغنم ، فسأله عن قومه فقال إنه من قوم يونس
فطلب منه أن يسلم على قومه ويخبرهم بأنه لقى يونس
فقال له الغلام إن كنت تكذب فإنه من كذب فعقابه القتل فمن يشهد لى ؟
قال تشهد لك هذه الشجرة وهذه البقعة
فشهد له الغلام بأنه هو
وكان ذلك حيلة من ذكاء الغلام ليتأكد أنه يونس
فقال يونس للشجرة والمكان : إذا جاء كما هذا الغلام فاشهدا له
قالتا : نعم
وهذا بالطبع من قدرة الله وارادته
فعاد الغلام إلى قومه وأخبر الملك بأمر يونس بعد أن ظنوا هلاكه فى البحر
فأمر الملك بقتل الغلام حيث أنه ظنه كاذبا
فأكد الغلام صدقه وطلب البرهان فأرسل معه بعض خاصته
وشهدت الشجرة والبقعة بما كان بينه وبين يونس
فكرم الملك الغلام وجعله على كرسى الحكم اربعين سنة كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكان ذلك من الشهادة بأن يونس كان على حق فيما قال يونس عن ربه وأنه نبى الله
الآيات 149 ـ 160
( فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون * أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون * ألا إنهم من إفكهم ليقولون * ولد الله وإنهم لكاذبون * أصطفى البنات على البنين * ما لكم كيف تحكمون * أفلا تذكرون * أم لكم سلطان مبين * فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين * وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ، ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون * سبحان الله عما يصفون * إلا عباد الله المخلصين )
جعل المشركين لله تعالى عن ذلك البنات وقالوا أنهم الملائكة
وجعلوا لأنفسهم البنين ، وكرهوا البنات
وبذلك فضلوا أنفسهم على الله .... فاسألهم هل هذا يليق بالله؟
وهل شاهدوا خلق الملائكة حتى يدّعوا ذلك؟
ومن ظلمهم وكذبهم قالوا لله ولد
وقالوا الله فضل البنات لنفسه
كيف لكم بهذا القول والقسمة؟
أليس لكم عقول؟
أم لكم حجة على ما تدّعون ؟
قل لهم هاتوا برهانكم على ذلكإن صدقتم
وقالوا أن الملائكة بنات وأمهاتهن الجن
فتنزه الله وتنزهت صفاته عما يصفونه به
إلا المؤمنين المخلصين فى عبادتهم لله فهم لا يصفون الله بهذه الصفات أبدا
الآيات 161 ـ 170
( فإنكم وما تعبدون * ما أنتم عليه بفاتنين * إلا من هو صال الجحيم * وما منا إلا له مقام معلوم * وإنا لنحن الصافون * وإنا لنحن المسبحون * وإن كانوا ليقولون * لو أن عندنا ذكرا من الأولين * لكنا عباد الله المخلصين * فكفروا به ، فسوف يعلمون )
( فإنكم وما تعبدون * ما أنتم عليه بفاتنين * إلا من هو صال الجحيم ) : إنكم وما تعبدون من دون الله لن تقدروا على فتنة وإنقياد إلا من هم أصحاب النار من الضالين المكذبون
( وما منا إلا له مقام معلوم) : وقل لهم إنه كل منا له موضع مخصوص فى السموات ومقام للعبادة لا يتعداه
( وإنا لنحن الصافون * وإنا لنحن المسبحون ) : ونحن نقف صفوفا للصلاة فى طاعة الله ، ونصتف لنسبح الله ونحمده ونمجده وخاضعون إليه
( وإن كانوا ليقولون * لو أن عندنا ذكرا من الأولين * لكنا عباد الله المخلصين * فكفروا به ، فسوف يعلمون ) : وقد كانوا يا محمد قبل أن تأتيهم يتمنون لو كان عندهم من يذكرهم بالله وبما كان من القدماء فى العصور الأولى ولكن عندما أرسلناك لهم كفروا فسوف نعذبهم ويعلمون نتيجة تكذيبهم هذا .
الآيات 171 ـ 179
( ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون * فتول عنهم حتى حين * وأبصرهم فسوف يبصرون * أفبعذابنا يستعجلون * فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين * وتول عنهم حتى حين * وأبصر فسوف يبصرون )
وقد سبق أن كتبنا لعبادنا المرسلين فى الكتاب الأول أنهم هم وأتباعهم المنصورون
وأن الله ينصر جنده المؤمنين
فدعك من الكافرين يا محمد واصبر عليهم
وارتقب فسوف يرون ما يحل بهم بسبب تكذيبهم
فهم يستعجلون العذاب بسبب تكذيبهم
ولو أنزلنا عليهم العذاب وبدارهم فسيكون هلاكهم ودمارهم
فدعهم لأجل معلوم
وسترى ويرون
الآيات 180 ـ 182
( سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين )
تنزه الله وتعالى عما يصفونه به الكافرون وتقدست أسماؤه
وللمرسلين السلام فى الدنيا والآخرة
والحمد لله حمدا كثيرا على نعمه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تمت بحمد الله تعالى .
بسم الله الرحمن الرحيم
الآيات 1 ـ 5
( والصافات صفا * فالزاجرات زجرا * فالتاليات ذكرا * إن إلاهكم لواحد * رب السموات والأرض وما بينهما ورب المشارق )
يقسم الله بعرض لصفوف من الملائكة مختلفة الوظائف وقدرته فى خلقهم بأن من خلق هو الله الواحد الذى خلق السموات والأرض وما بينهما وما فيهن وأنه هو الذى خلق المشارق والمغارب بسبب دوران الأرض حول الشمس
وهذا من الإعجاز العلمى فى القرآن يثبت حركة الأرض حول الشمس فتتكون مشارق على كل بلد تشرق عليه الشمس وتتكون مغارب على كل بلد تغرب من عليه الشمس بسبب الدوران حول المحور
وقيل تفسيرات أخرى فى معنى الزاجرات : أنها ما زجر الله عنه فى القرآن
التاليات : الملائكة تتلوا القرآن من عند الله للناس
الآيات 6 ـ 10
( إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب * وحفظا من كل شيطان مارد * لا يسمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب * دحورا ولهم عذاب واصب * إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب )
يخبر سبحانه وتعالى عن قدرته فى أنه زين السماء الدنيا بالكواكب والنجوم والأقمار تضئ لأهل الأرض وحفظها من الشياطين المتمردة ( مارد ) التى كانت تصعد لتتسمع إلى القلم وهو يكتب الأقدار وينقلون الخبر لأوليائهم من الكهنة ولكى لا يصلوا إلى السموات العلا والملائكة ( الملأ الأعلى ) فجعل فيها الشهب التى يقذف بها الشياطين فتحرقهم من كل جانب من السماء
ويرجمون ويمنعون ( دحورا ) ولهم فى الآخرة العذاب الموجع ( واصب )
ومن خطف الخبر وحاول الهرب يتبعه الشهاب ليحرقه .
الآيات 11 ـ 19
( فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنا ، إنا خلقناهم من طين لازب * بل عجبت ويسخرون * وإذا ذُكروا لا يذكرون * وإذا رأوا يستسخرون * وقالوا إن هذا إلا سحر مبين * أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون * أو آباؤنا الأولون * قل نعم وأنتم داخرون * فإنما هى زجرة واحدة فإذا هم ينظرون )
اسأل يا محمد هؤلاءالمكذبون من أشد خلقا السموات والأرض والملائكة والشياطين أم خلقهم هم ، الذين خلقتهم من الطين اللزج الذى يتماسك ببعضه ؟
وإذا كان كذلك فلم ينكرون البعث ؟
أنت يا محمد تعجب من أمرهم وإنكارهم وهم يسخرون مما تقول
ويصرون على عدم التصديق
وكلما رأوا دلائل على صحة ذلك يستهزئون
ويقولون إن هذا سحر واضح
ويتعجبون هل بعد أن نموت وتتفرق أجزائنا نحن وآبائنا يعيدنا الله مرة ثانية ؟
قل لهم نعم يعيدكم وأنتم عندئذ حقيرون تحت قدرة الله وعظمته
فما هى إلا دعوة واحدة من الله فتصحون وتخرجون وتأتون من فوركم إلى الله عز وجل تنظرون أهوال القيامة .
الآيات 20 ـ 26
( وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين * هذا يوم الفصل الذى كنتم به تكذبون * احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون * من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم * وقفوهم إنهم مسئولون * ما لكم لا تناصرون * بل هم اليوم مستسلمون )
ويوم القيامة يجد الكفار الخوف والحسرة ويقولون هذا يوم القيامة يا ويلنا
فتقول لهم الملائكة إنه يوم القيامة الذى كذبتم به
فيأمر الله الملائكة بأن يجمعوا الكفار وأمثالهم وما عبدوا فى الدنيا ويلقونهم فى نار الجحيم
( أزواجهم ) : أمثالهم
( قفوهم ) : احبسوهم وأوقفوهم حتى يسألون عما فعلوا
ويقال لهم ماذا حدث كيف لا تتناصرون كما زعمتم ؟
إنهم اليوم منقادون لله ولا يحيدون عن أمره
الآيات 27 ـ 37
( وأقبل بعضهم على بعض يتسآءلون * قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين * قالوا بل لم تكونوا مؤمنين * وما كان لنا عليكم من سلطان ، بل كنتم قوما طاغين * فحق علينا قول ربنا ، إنا لذائقون * فأغويناكم إنا كنا غاوين * فإنهم يومئذ فى العذاب مشتركون * إنا كذلك نفعل بالمجرمين * إنهم كانوا إذا قيل لهم لآ إله إلا الله يستكبرون * ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون * بل جاء بالحق وصدّق المرسلين )
ويوم القيامة يقبل الكافرون على بعضهم ويتسآءلون ويتعاتبون ويلقى اللوم بعضهم على بعض
يقول الضعفاء لساداتهم الذين قادوهم فى الدنيا للكفر ، أنتم الذين أشرتم علينا بذلك
فيقول ساداتهم لا بل أنتم كنتم غير مؤمنين
ولم يكن لنا عليكم من سطوة وإجبار لهذا الشرك منكم ، إنكم كنتم خارجين عن الحد
لقد حكم الله علينا ونحن مثلكم فى العذاب
إذا كنا أغويناكم فنحن أيضا مثلكم فى الغواية
وهم يوم القيامة حينئذ مشتركون فى العذاب
وهكذا يكون حال المجرمين يوم القيامة من العذاب
فهم يستحقونه لأنهم كانوا إذا قيل لهم قولوا لا إله إلا الله يتكبرون ويكذبون
ويقولون لا يحق لنا أن نترك آلهتنا ونسير خلف شاعر مجنون ـــ يقصدون محمد صلى الله عليه وسلم
لا إنه ليس بشاعر ولا مجنون ولكنه رسول الله حقا وجاء بالحق كما جاء المرسلون من قبله .
الآيات 38 ـ 49
( إنكم لذآئقوا العذاب الأليم * وما تجزون إلا ما كنتم تعملون * إلا عباد الله المخلصين * أولئك لهم رزق معلوم * فواكة وهم مكرمون * فى جنات النعيم * على سرر متقابلين * يطاف عليهم بكأس من معين * بيضاء لذة للشاربين * لا غول ولا هم عنها ينزفون * وعندهم قاصرات الطرف عين * كأنهن بيض مكنون )
إنكم أيها المشركون ستذوقون العذاب المؤلم بسبب ما فعلتم
ولكن عباد الله الذين أخلصوا العبادة لله لهم الجنة ( رزق معلوم )
يكرمون فيها بكل الطرق المختلفة المتنوعة ( فواكه )
ينظرون إلى بعضهم البعض على سرر متكئين
ويمر عليهم ولدان بكئوس من خمر لذيذ طعمها طيب ولونها طيب تختلف عن خمر الدنيا
( لا غول ) غير متعبة للبطن
و ( عنها ينزفون ) لا تذهب عقولهم
وعندهم الزوجات ( قاصرات الطرف ) عيونهم قاصرة عن النظر لغيرهم عفيفات
توصف جمالهن بأنهن كالبيض المحفوظ عن اللمس كاللؤلؤ .
الآيات 50 ـ 61
( فأقبل بعضهم على بعض يتسآءلون * قال قائل منهم إنى كان لى قرين * يقول أءنك لمن المصدقين * أءذا متنا وكنا ترابا وعظاما أءنا لمدينون * قال هل أنتم مطّلعون * فاطلع فرآه فى سواء الجحيم * قال تالله إن كدت لتردين * ولولا نعمة ربى لكنت من المحضرين * أفما نحن بميتين * إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين * إن هذا لهو الفوز العظيم * لمثل هذا فليعمل العاملون )
وهنا يخبر الله عز وجل عن تساؤلات أهل الجنة
فيسألون عن أحوالهم وما كانوا عليه فى الدنيا وهم يتسامرون على سررهم يحكون
يقول أحدهم لقد كان لى شيطان ( أو قيل القرين السيئ من الإنس ) يوسوس لى ويقول أنت تصدق ما يقوله محمد هل بعد أن نموت ونصير ترابا وعظاما نعود ثانية للحياة ونحاسب على أعمالنا ؟
( مدينون ) : محاسبون
هل رأيتم إنه هذا الكافر أصبح الآن فى وسط الجحيم بتكذيبه وينظرون فيجدونه فى النار
( قال تالله إن كدت لتردين ) : فبيول المؤمن للكافر والله لقد كدت أن تهلكنى معك لو أطعتك
ولولا فضل الله علىّ لكنت من المحضرين معك فى العذاب
ثم يقول فرحا : لسنا بميتين ثانية ولن نعذب ثانية والله لقد فزنا بالجنة فوزا عظيما
ثم يقول أهل الجنة : لمثل هذا النعيم حق أن يعمل من أراد خيرا من أهل الدنيا
الآيات 62 ـ 70
( أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم * إنا جعلناها فتنة للظالمين * إنها شجرة تخرج فى أصل الجحيم * طلعها كأنه رؤوس الشياطين * فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون * ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم * ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم * إنهم ألفوا آباءهم ضالين * فهم على آثارهم يهرعون )
يقول الله تعالى حال المؤمنين هذا أفضل أم حال الكفار الذين هم فى الجحيم يأكلون من شجر الزقوم التى تنبت من أصل الجحيم
وهى فتنة للناس فمنهم من يصدق بها ومنهم من يكذب ويقولون كيف أن شجر ينبت فى النار ألم تأكله النيران
وهذه الشجرة طلعها ( عضو الذكورة فى النبات ) شكله مثل رؤوس الشياطين بشع المنظر
إنهم سيأكلون منها ويملؤن بطونهم بسوء طعمها وسوء ريحها
ثم يشربون عليها مزجا من الحميم وهو الصديد والزيت المغلى الذى يسيل أمعاءهم
ثم بعد نعيمهم فى الدنيا يرجعون إلى هذا الجحيم والعذاب
هذا نتيجة أنهم اتبعوا آباءهم فى الضلال وجروا على طريقتهم
الآيات 71 ـ 74
( ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين * ولقد أرسلنا فيهم منذرين * فانظر كيف كان عاقبة المنذرين * إلا عباد الله المخلصين )
لقد ضل كثيرا من الأمم السابقة بنفس هذه الطريقة
وقد أرسلنا فغيهم النبيين والرسل
ولكن دمر الله المكذبين ونجى الرسل ومن اتبعوهم ممن أخلصوا العبادة لله .
الآيات 75 ـ 82
( ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون * ونجيناه وأهله من الكرب العظيم * وجعلنا ذريته هم الباقين * وتركنا عليه فى الآخرين * سلام على نوح فى العالمين * إنا كذلك نجزى المحسنين * إنه من عبادنا المؤمنين * ثم أغرقنا الآخرين )
ولما قال الحق أن هناك أمم سابقة ضلوا فأخذهم العذاب ، بدأ يعرض بعضا منهم :
هذا نوح عليه السلام وجد التكذيب والأذى من قومه 950 سنة ، فنادى ربه
يقول أنى مغلوب فانتصر لدينك وللمؤمنين ، ونعم المجيبون هو الله
نجاه الله وأهله معه من الضيق والكرب ودمر الخلق جميعا وأبقى أهل نوح الذين آمنوا معه
وأصبح ذرية نوح هى الناس جميعا الباقية
( تركنا عليه فى الآخرين ) : أصبح الثناء والحديث الحسن بين الآخرين من الناس لنوح وذريته
وهذا هو الثناء الحسن على نوح ( سلام من ربه ) بين الأمم كلها إلى يوم القيامة
وهذا هو الجزاء لمن أحسن وآمن وعمل صالحا
فهو عبد الله المؤمن
وأغرق الله الكفار جميعا ولم يبق أحد منهم
الآيات 83 ـ 87
( وإن من شيعته لإبراهيم * إذ جاء ربه بقلب سليم * إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون * أئفكا آلهة دون الله تريدون * فما ظنكم برب العالمين )
ومن أهل دين وسنة نوح كان إبراهيم
لقى الله بقلبه السليم من الشرك على كلمة التوحيد
ينكر على أبيه وقومه عبادة الأصنام
يقول لهم ماذا تعبدون من دون الله هل تريدون باطلا غير الله؟
ما ظنكم أن الله فاعل بكم وأنتم تعبدون غيره ؟
الآيات 88 ـ 98
( فنظر نظرة فى النجوم * فقال إنى سقيم * فتولوا عنه مدبرين * فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون * ما لكم لا تنطقون * فراغ عليهم ضربا باليمين * فأقبلوا إليه يزفون * قال أتعبدون ما تنحتون * والله خلقكم وما تعملون * قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه فى الجحيم * فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين )
وتوضح الآيات فى القرآن الكريم أن إبراهيم عليه السلام فكر وتدبر بالفطرة على أن للكون خالق مدبر
نهى قومه عن عبادة الأصنام ، ولكن أباه رفض أن يعقل
وعظ أهل بابل وكسر أصنامهم ، ووعظ أهل حران وراجعهم عن عبادة الكواكب
ماذا فعل بالأصنام ..؟
كان لهم عيد يخرجون للإحتفال به خارج البلاد
طلب آزار من ابنه إبراهيم الخروج معه ،
فتعلل إبراهيم وقال أنه مريض ( سقيم )
تركه آزار وعمد إبراهيم إلى الأصنام التى كانوا قد وضعوا أمامها الطعام والشراب وأخذ يوبخهم أنهم لا يأكلون ولا يشربون ، لماذا لا تتكلمون ؟
وأخذ القدوم وصار يضرب أعناقها ويكسرها وترك الكبير منها وعلق فى رقبته القدوم
عاد القوم ورأوا ما كان عليه من حال الأصنام وسألوا إبراهيم
فقال إنه كبيرهم فاسألوه .... وكيف تعبدون ما لا ينطقون وتتركون عبادة الله الذى خلقكم وخلقهم ؟
ففكروا لحظة فوجدوا أنهم مخطئون فى زعمهم أنهم آلهة
ولكن الكبر والعتو عاد لنفوسهم وأمروا بمعاقبة إبراهيم
كيف عاقبوه ...؟
جمعوا الحطب وأوقدوه فى حفرة كبيرة حتى أن المرأة إذا مرضت تنذر إذا عوفيت أن تحمل الحطب
لتوقد به حريق إبراهيم وذلك لمدة كبيرة من الزمن ، حتى تأججت
ثم وضعوا إبراهيم فى كفة منجنيق ( مثل كفة الميزان ) صنعها رجل من الأكراد يسمى هزن
( وهو أول من صنع المجانيق ـ آلات حربية ـ فخسف الله به الأرض )
كتفوا إبراهيم وهو يقول " لا إله إلا أنت سبحانك لك الحمد ولك الملك لا شريك لك "
وعندما ألقوا به فى النار قال : " حسبنا الله ونعم الوكيل "
قال محمد صلى الله عليه وسلم :" لما ألقى إبراهيم فى النار قال : اللهم ‘نك فى السماء واحد وأنا فى الأرض واحد أعبدك "
ظهر جبريل لإبراهيم يعرض له المساعدة ، وعرض له ملك المطر العون ،
ولكن الله كان أسرع منهم إجابة فقال : ( يا نار كونى بردا وسلاما على إبراهيم )
وعاش أربعين يوما لا يشعر بحر النار وفى روضة خضراء لا تمسه النار
ونصره الله عليهم
الآيات 99 ـ 107
( وقال إنى ذاهب إلى ربى سيهدين * رب هب لى من الصالحين * فبشرناه بغلام حليم * فلما بلغ معه السعى قال يابنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى ، قال يا أبت افعل ما تؤمر ، ستجدنى إن شاء الله من الصابرين * فلما أسلما وتله للجبين * وناديناه أن يا إبراهيم * قد صدقت الرؤيا ، إنا كذلك نجزى المحسنين * إن هذا لهو البلاء المبين * وفديناه بذبح عظيم )
وبعد أن نجاه الله من الكفار هاجر من بينهم وقال : (وقال إنى ذاهب إلى ربى سيهدين )
ودعا ربه بأن يعوضه عن قومه وعشيرته بالذرية الصالحة فدعا ربه وقال : (رب هب لى من الصالحين )
( فبشرناه بغلام حليم ) :
بعد مضى عشرون سنة ببيت المقدس قالت سارة لإبراهيم أن يتزوج من جاريتها هاجر ليرزق منها الولد لأنها عاقر
وولدت هاجر إسماعيل وكان لإبراهيم 86 سنة
( فلما بلغ معه السعى ) : ولما كبر وترعرع وبدأ يسعى ويعمل مع أبيه قال له :
(يابنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى ، قال يا أبت افعل ما تؤمر ، ستجدنى إن شاء الله من الصابرين * فلما أسلما وتله للجبين * وناديناه أن يا إبراهيم * قد صدقت الرؤيا ، إنا كذلك نجزى المحسنين * إن هذا لهو البلاء المبين * وفديناه بذبح عظيم ) :
وهنا قصة الذبيح اسماعيل وهى كالآتى :
فلما بلغ اسماعيل سن الشباب وبدأ يسعى مع أبيه فى شئون الحياة ، رأى إبراهيم عليه السلام ـ ورؤيا الأنبياء حق ـ فى المنام أنه يذبح ابنه ، ولده العزيز الذى رزقه الله به وهو قد بلغ من العمر 86 سنة وبعد أن امره الله أن يسكنه وأمه بلاد قفراء بلا أنيس ولا زرع ولا ماء ، وليس له غيره
ولكنه يسارع إلى طاعة ربه وعرض الأمر على ولده كى لا يأخذه على غرة ، ويسارع الإبن للإستسلام لأمر ربه ويشجع الأب على تنفيذ ما أمر الله به
( تله للجبين ) : ألقاه على وجهه لئلا يشاهده فى حال ذبحه وسمى إبراهيم واستشهد الإبن لملاقاة الرب
أمر السكين على حلقه فلم تذبحولم تقطع
ونودى يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا ونجحت أنت وإبنك فى الإختبار الواضح
وجعل الله له فداء بكبش أبيض أقرن ، رآه مربوطا بشجرة صغيرةمن أشجار الطلع ، فى فجوة جبل وعليه قطعة من الصوف الأحمر ، وقيل أنه الكبش الذى قدمه هابيل ولد آدم عليه السلام وتقبل منه وكان يرعى فى الجنة أربعين خريفا
فذبحه إبراهيم بمنى وقيل فى مقام إبراهيم .
الآيات 108 ـ 113
( وتركنا عليه فى الآخرين * سلام على إبراهيم * كذلك نجزى المحسنين * إنه من عبادنا المؤمنين * وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين * وباركنا عليه وعلى إسحاق ، ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين )
وهكذا ظلت أنباء إبراهيم بين الناس سيرة طيبة وعليه بركات وسلام من ربه وهذا جزاء من أحسن وأخلص لله العمل وهو من المؤمنين الصالحين
ثم بشره الله كمزيد من المكافأة له بإسحاق وهو فى سن التسعة والتسعين من زوجته سارة فى سن التسعين وجعله نبيا من الصالحين وكان من ذرية إسماعيل وإسحاق من هم مؤمنون وآخرون غير ذلك ظالمون لأنفسهم
الآيات 114 ـ 122
( ولقد مننا على موسى وهارون * ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم * ونصرناهم فكانوا هم الغالبين * وآتيناهما الكتاب المستبين * وهديناهما الصراط المستقيم * وتركنا عليهما فى الآخرين * سلام على موسى وهارون * إنا كذلك نجزى المحسنين * إنهما من عبادنا المؤمنين )
وهذا موسى وأخوه هارون أنبياء الله
نجاهم الله وقومهما بنوا إسرائيل وفرج كرباتهم فقد كان فرعون يقتل أبناءهم ويترك النساء ويسخرهم فى الأعمال المرهقة الدنية
ونصرهم الله على فرعون وأعوانه وجعلهم يأخذون أرضهم وأموالهم
وأنزل على موسى التوراة بها الطريق المستقيم الواضح هداه
وأبقى لهم الذكرى الجميلة بين من بعدهم
ولموسى وهارون السلام والجزاء من ربهما والرحمة لأنهما كانا مؤمنين بالله صالحين العمل
وهكذا يجازى الله من آمن وعمل صالحا مخلصا لله
الآيات 123 ـ 132
( وإن إلياس لمن المرسلين * إذ قال لقومه ألا تتقون * أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين * الله ربكم ورب آبائكم الأولين * فكذبوه فإنهم لمحضرون * إلا عباد الله المخلصين * وتركنا عليه فى الآخرين * سلام على إل ياسين * إنا كذلك نجزى المحسنين * إنه من عبادنا المؤمنين )
وهذا إلياس ( إدريس ) نبى الله
وقصته :
إدريس عليه السلام
ويسمى أيضا ( إليا س )
* هو الجيل السابع من ولد آدم
* وهو أول نبى بعد آدم عليه السلام
* أدرك من حياة آدم 308 سنة
* أول من خط بالقلم على الرمل
" سؤل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخط بالقلم فقال " إنه كان نبى يخط به فمن وافق خطه فذاك " ـــــــ يعنى له مثل فضله من الكتابة
* أول من لبس المخيط ، وكان كلما غرز بالإبرة قال ( سبحان الله )
فأخبر الله الملك أنه يرفع له مثل عمل بنو آدم جميعهم فى عصره
فأحب أن يزداد فطلب من صديق له من الملك أن يكلم له ملك الموت ليدعه أكثر وقت ممكن حتى يزداد من العمل الصالح ، فطار به الملك وهو على ظهره إلى السماء الرابعة ، فقابل ملك الموت وكلمه فى ذلك ، فقال ملك الموت أنه يندهش أن طلب منه قبض روح إدريس فى السماء بالرغم من أنه يعلم أنه يعيش على الأرض
وهذا تفسير قوله تعالى : ( ورفعناه مكانا عليا ) : سورة مريم
* عانى النبى إدريس فى سبيل دعوته ولهذا ذكره الله من ضمن الرسل والأنبياء الذين صبروا وعانوا
وكان قومه يعبدون بعل
فقال لهم اتقوا الله كيف لكم تعبدون بعل وتتركون من خلقه وخلقكم الله أحسن الخالقين
إن الله ربكم ورب آبائكم القدامى
ولكنهم كذبوه وهم يحضرون يوم القيامة ليحاسبهم الله
إلا الموحدين منهم المخلصون العمل لله وحده
وترك الله سيرة طيبة لإدريس بين الناس من بعده
وله السلام والرحمة من ربه فهو من المؤمنين الصالحين وهذا هو جزاء كل من آمن وعمل صالحا وأخلص العبادة لله وحده
الآيات 133ـ 138
( وإن لوطا لمن المرسلين * إذ نجيناه وأهله أجمعين * إلا عجوزا فى الغابرين * ثم دمرنا الآخرين * وإنكم لتمرون عليهم مصبحين * وبالليل أفلا تعقلون )
وهذا لوطا وقصته :
هو إبن الأخ لإبراهيم
لوط بن هاران
نزح مع عمه ، وأنزله مدينة سدوم
كان أهلها يأتون المنكر فى ناديهم وفعل الفواحش التى ابتدعوها ولم يكن يعرفها من قبل أحد وهى الشذوذ الجنسى
فكانوا يأتون الرجال بدلا من النساء
وكانوا يفعلون جميع الشرور
نهاهم لوط ولكن دون جدوى مع الإيذاء ، والسخرية منه ومن المؤمنين
أرسل الله لهم ثلاثة ملائكة هم : ( جبريل وميكائيل وإسرافيل )
الذين مروا أولا على إبراهيم وبشروه بمولد اسحاق
ثم أخبروه بأنهم قد أرسلهم الله لإهلاك قوم لوط ،
وأمروا لوطا أن يترك القرية هو ومن تبعه من المؤمنين ويترك زوجته التى كانت ترسل إلى قومها إذا أتى ضيف الى زوجها ليفعلوا به الفاحشة
وحاول أهل القرية أن يغتصبوا الملائكة الذين ظنوا أنهم شبان حسنة المظهر وقاومهم لوط وقاوموه
ضرب جبريل وجوههم بطرف جناحه فطمست أعينهم كما قال تعالى :
( ولقد راودوه عن ضيفه ، فطمسنا اعينهم ...)
وخرج لوط باهله إلا زوجه ، فاقتلع جبريل بطرف جناحه بلادهم وكانت 7 مدائن بمن فيهن من أحياء وزرع ومبانى وحيوانات ، وقيل كان عددهم 400 نسمة وقيل 4 آلاف نسمة ، ورفعها إلى السماء ثم قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها
ثم أمطرت عليهم السماء حجارة من سجيل ( شديدة الصلابة ) منضود ( يتبع بعضها البعض ) مسومة ( مكتوب على كل حجر اسم من يسقط عليه )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولهذا كانت عقوبه اللائط الرجم بالحجارة
وقال صلى الله عليه وسلم " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به "
وقال أبو حنيفة : ( إن اللائط يلقى من شاهق جبل ويتبع بالحجارة كما فعل بقوم لوط )
ويقول الله سبحانه وتعالى فى هذه السورة يخبر عن لوط :
فهذا لوط بعث لقومه فكذبوه فنجاه الله هو وأهله إلا إمرأته العجوز فقد هلكت مع قومها ودمر أرضهم وتركها بحيرة منتنة قبيحة المنظر والطعم والرائحة لما كان يفعل فيها من القبائح وأنتم تمرون عليها ليلا ونهارا أيها المسافرون فلتعتبروا بها وتتعظوا
الآيات 139 ـ 148
( وإن يونس لمن المرسلين * إذ أبق إلى الفلك المشحون * فساهم فكان من المدحضين * فالتقمه الحوت وهو مليم * فلولا أنه كان من المسبحين * للبث فى بطنه إلى يوم يبعثون * فنبذناه بالعراء وهو سقيم * وأنبتنا عليه شجرة من يقطين * وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون * فآمنوا فمتعناهم إلى حين )
أرسل الله نبيه يونس فى قرية نينوى من الموصل ودعاهم فكذبوه وتمردوا وأصروا
توعدهم يونس بالعذاب بعد ثلاث وخرج غاضبا من بينهم ولم يصبر على الدعوة لهم
خاف أهل نينوى وقذف الله فى قلوبهم الإيمان فآمنوا جميعا
وكانت ساعة عظيمة من توبة التائبين والإنابة إلى الله والتضرع والبكاء من النساء والرجال والصبيان والدواب والأنعام
كشف الله عنهم العذاب فى الدنيا والآخرة
مضت الثلاثة أيام وجاء يونس ليرى ما حدث فوجد هم سالمين فأغضبه ذلك
خاف أن يقتله أهل القرية ويظنوه كاذبا فقد كان عقاب من يكذب القتل فهرب منهم
سار حتى شاطئ البحر فوجد سفينة تبحر فطلب من أصحابها أن يأخذوه معهم فأخذوه
اضطربت السفينة وأوشكت على الغرق وأيقنوا أنه لابد من إلقاء أحدهم فى البحر لتستقر بهم
عرض يونس نفسه ليلقوا به ولكنهم رفضوا إذ أنه ضيف استجار بهم ولكنه أصر
اتفقوا على أن يقترعوا فيمن يلقون به وكرروا ثلاث مرات وفى كل مرة تقع على يونس فأيقن أن هذه مشيئة الله وأنه المستهدف
ألقوه فى البحر فابتلعه حوت ضخم
قال تعالى ( وإن يونس لمن المرسلين * إذ أبق إلى الفلك المشحون * فساهم فكان من المدحضين * فالتقمه الحوت وهو مليم )
ساهم : المقصود بها القرعة
أبق : هرب كالعبد
أمر الله الحوت أن لا يهضمه ولا يكسر له عظما وطاف الحوت به البحار كلها
ولما استقر فى بطن الحوت ظن أنه مات ولكنه حرك جوارحه وعلم أنه حى
سجد يونس لله شكرا وعذرا وقال ( يارب اتخذت لك مسجدا لم يعبدك فيه أحد من قبل ... سبحانك إنى كنت من الظالمين )
وسمع يونس وهو يطوف فى البحر ببطن الحوت أصوات الحيتان والأسماك تسبح فأخذ يدعوا الله حتى أمر الله الحوت أن يخرجه ويلقى به إلى شاطئ أرض لا نبات بها وهو ضعيف البدن
( فنبذناه بالعراء وهو سقيم )
( وأنبتنا عليه شجرة من يقطين )
فكان إلقائه بأرض لا نبات فيها حتى لا يتلوث بدنه الضعيف العارى وجلده الذائب بالماء المالح
ثم أنبت فوقه شجرة القرع ذات الأوراق العريضة التى من خواصها أنها لا يقف عليها ذباب ولا حشرات
وأخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يأكل من ثمارها حتى برئ ويبست
فبكى عليها يونس فأوحى له الله عز وجل معاتبا " أتبكى على شجرة أن يبست ولا تبكى على مائة ألف أو يزيدون أردت أن تهلكهم
عندما صح جسد يونس خرج يمشى فلقى غلام يرعى الغنم ، فسأله عن قومه فقال إنه من قوم يونس
فطلب منه أن يسلم على قومه ويخبرهم بأنه لقى يونس
فقال له الغلام إن كنت تكذب فإنه من كذب فعقابه القتل فمن يشهد لى ؟
قال تشهد لك هذه الشجرة وهذه البقعة
فشهد له الغلام بأنه هو
وكان ذلك حيلة من ذكاء الغلام ليتأكد أنه يونس
فقال يونس للشجرة والمكان : إذا جاء كما هذا الغلام فاشهدا له
قالتا : نعم
وهذا بالطبع من قدرة الله وارادته
فعاد الغلام إلى قومه وأخبر الملك بأمر يونس بعد أن ظنوا هلاكه فى البحر
فأمر الملك بقتل الغلام حيث أنه ظنه كاذبا
فأكد الغلام صدقه وطلب البرهان فأرسل معه بعض خاصته
وشهدت الشجرة والبقعة بما كان بينه وبين يونس
فكرم الملك الغلام وجعله على كرسى الحكم اربعين سنة كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكان ذلك من الشهادة بأن يونس كان على حق فيما قال يونس عن ربه وأنه نبى الله
الآيات 149 ـ 160
( فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون * أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون * ألا إنهم من إفكهم ليقولون * ولد الله وإنهم لكاذبون * أصطفى البنات على البنين * ما لكم كيف تحكمون * أفلا تذكرون * أم لكم سلطان مبين * فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين * وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ، ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون * سبحان الله عما يصفون * إلا عباد الله المخلصين )
جعل المشركين لله تعالى عن ذلك البنات وقالوا أنهم الملائكة
وجعلوا لأنفسهم البنين ، وكرهوا البنات
وبذلك فضلوا أنفسهم على الله .... فاسألهم هل هذا يليق بالله؟
وهل شاهدوا خلق الملائكة حتى يدّعوا ذلك؟
ومن ظلمهم وكذبهم قالوا لله ولد
وقالوا الله فضل البنات لنفسه
كيف لكم بهذا القول والقسمة؟
أليس لكم عقول؟
أم لكم حجة على ما تدّعون ؟
قل لهم هاتوا برهانكم على ذلكإن صدقتم
وقالوا أن الملائكة بنات وأمهاتهن الجن
فتنزه الله وتنزهت صفاته عما يصفونه به
إلا المؤمنين المخلصين فى عبادتهم لله فهم لا يصفون الله بهذه الصفات أبدا
الآيات 161 ـ 170
( فإنكم وما تعبدون * ما أنتم عليه بفاتنين * إلا من هو صال الجحيم * وما منا إلا له مقام معلوم * وإنا لنحن الصافون * وإنا لنحن المسبحون * وإن كانوا ليقولون * لو أن عندنا ذكرا من الأولين * لكنا عباد الله المخلصين * فكفروا به ، فسوف يعلمون )
( فإنكم وما تعبدون * ما أنتم عليه بفاتنين * إلا من هو صال الجحيم ) : إنكم وما تعبدون من دون الله لن تقدروا على فتنة وإنقياد إلا من هم أصحاب النار من الضالين المكذبون
( وما منا إلا له مقام معلوم) : وقل لهم إنه كل منا له موضع مخصوص فى السموات ومقام للعبادة لا يتعداه
( وإنا لنحن الصافون * وإنا لنحن المسبحون ) : ونحن نقف صفوفا للصلاة فى طاعة الله ، ونصتف لنسبح الله ونحمده ونمجده وخاضعون إليه
( وإن كانوا ليقولون * لو أن عندنا ذكرا من الأولين * لكنا عباد الله المخلصين * فكفروا به ، فسوف يعلمون ) : وقد كانوا يا محمد قبل أن تأتيهم يتمنون لو كان عندهم من يذكرهم بالله وبما كان من القدماء فى العصور الأولى ولكن عندما أرسلناك لهم كفروا فسوف نعذبهم ويعلمون نتيجة تكذيبهم هذا .
الآيات 171 ـ 179
( ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون * فتول عنهم حتى حين * وأبصرهم فسوف يبصرون * أفبعذابنا يستعجلون * فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين * وتول عنهم حتى حين * وأبصر فسوف يبصرون )
وقد سبق أن كتبنا لعبادنا المرسلين فى الكتاب الأول أنهم هم وأتباعهم المنصورون
وأن الله ينصر جنده المؤمنين
فدعك من الكافرين يا محمد واصبر عليهم
وارتقب فسوف يرون ما يحل بهم بسبب تكذيبهم
فهم يستعجلون العذاب بسبب تكذيبهم
ولو أنزلنا عليهم العذاب وبدارهم فسيكون هلاكهم ودمارهم
فدعهم لأجل معلوم
وسترى ويرون
الآيات 180 ـ 182
( سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين )
تنزه الله وتعالى عما يصفونه به الكافرون وتقدست أسماؤه
وللمرسلين السلام فى الدنيا والآخرة
والحمد لله حمدا كثيرا على نعمه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تمت بحمد الله تعالى .