مــــرحــــــباَ بـــأحـبـــاب الله مــعــاَ

في طريق الجنة


الجمعة، 1 أبريل 2011

تفسير سورة الأعراف

تفسير سورة الأعراف


بسم الله الرحمن الرحيم


الآيات 1 ـ 3


( المص * كتاب أنزل إليك فلا يكن فى صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين * اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء ، قليلا ما تذكرون )


المص : حروف بداية السورة وقد تكلمنا عنها فى سور سابقة


الحروف فى بداية السور قال فيها العلماء عدة أقوال :


1 ـ أن هذا القرآن بنفس حروف الهجاء بلغة العرب ، حتى ينتبهوا لما ينزل من السماء على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه يحدثهم فى امور دنياهم وأخراهم


2 ـ أن هذا القرآن ينزل بنفس حروف الهجاء للغتهم ولم يفهموا معناها بالرغم من براعتهم فى استخدام اللغة


3 ـ ويتحدى البلغاء منهم أن يأتوا بسورة مثلها ، أو آية


فهو أداة إعجاز كما كانت العصاة أداة إعجاز موسى


4 ـ عندما يحدث البلغاء بحروف لم يفهموها فهذا يجذب الأنتباه


فكأنه يقول ( انتبهوا فالأمر جد خطير )


ــــ هذا كتاب أرسل إليك من الله فلا يكن فى صدرك شك منه ولا تتحرج فى الإبلاغ به الكافرين وتذكر المؤمنين


قل لهم اتبعوا ما أنزل الله ولا تشركوا به ولا تتبعوا أولياء غير الله ورسوله


ولكن قليل تنفعهم الذكرى


الآيات 4 ـ 7


( وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قآئلون * فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين * فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين * فلنقصن عليهم بعلم ، وما كنا غائبين )


وكثير من القرى أهلكها الله بسبب غيهم وتكذيبهم فجاءها أمر الله وعقابه ليلا ( بياتا ) أو هم فى ساعة القيلولة من النهار ( قائلون )


وهذان الوقتان هما ساعتى لهو وغفلة


وعندما يأتيهم العذاب يعترفون بخطأهم وذنوبهم
ويوم القيامة يسألهم الله عما أجابوا به الرسل


ويسأل الرسل عن إبلاغ رسالاتهم


ويخبرهم الله بما عملوا والله شهيد على أفعالهم ولا يغفل عنها


الآيات 8 ، 9


( والوزن يومئذ الحق ، فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون )


ويوم القيامة يفرق بين الناس أوزان أعمالهم


فمن ثقلت موازين الخير له فهو من الناجين من العذاب وقد فلح أمره وله الجنة


ومن خفت موازين أعماله عن وزن الشر فقد خسر ومصيره إلى النار وهذا نتيجة تكذيبه وظلمه وعدم طاعته لأوامر الله


الآية 10


( ولقد مكناكم فى الأرض وجعلنا لكم فيها معايش ، قليلا ما تشكرون )


ويقول سبحانه أنه قد جعل للناس المنازل والأعمال والمعايش فى الأرض مما مكنهم من استغلالها وبالرغم من ذلك فقليل من العباد الشاكرين لأنعم الله المحافظين على شرعه وأوامره


الآية 11


( ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلآ إبليس لم يكن من الساجدين )


ويقص الله سبحانه علينا قصة الإنسان وخلقه وما بدر من غيرة الشيطان لنأخذ حذرنا منه ومن غوايته فلا نقع فى شركه فيقول :


صور الله آدم من تراب بعد أن جعله صلصال ثم ألقى فيه الروح


وأمر الملائكة بالسجود لآدم تحية له إعترافا بقدرة الله فى خلقه وعظمة خلقه


فسجد الملائكة كلهم جميعا ولكن إبليس كان من الجن فامتنع عن السجود


الآية 12


( قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك ، قال أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين )


عاتبه الله قائلا لماذا لم تسجد وتطيع أمرى


قال مستكبرا وكله غيرة وتفضيل لنفسه : أنا أفضل منه خلقتنى من نار وخلقت آدم من طين فكيف أسجد له


( وما أدراه أن النار أفضل من التراب ؟ ... فهذا من دافع غروره وحقده وغيرته ) ، وبذلك رد أمر الله وعصاه
الآيات 13 ـ 15


( قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين * قال أنظرنى إلى يوم يبعثون * قال إنك من المنظرين )


قال له الله أخرج من الجنة وطرده


ليس لك أن تنعم فى جنتى وقد عصيتنى


أخرج إنك من ( الصاغرين ) المحتقرين الممبوذين


فقال الشيطان : رب اتركنى بلا موت حتى يوم القيامة يوم يبعث الخلق


قال له الله : لك ما تريد وأنت من المتروكين إلى يوم البعث


فالشيطان الأول ( عزازيل ) متروك إلى يوم القيامة أما ذريته فيموتون وأعمارهم طويلة


الآيات 16 ـ 17


( قال فبما أغويتنى لأقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ، ولا تجد أكثرهم شاكرين )


وبدأ تحدى الشيطان فقال :


يارب كما أضللتنى سوف أقعد لهم بالمرصاد على طريق الحق والنجاة وأضلهم عنه


سآتيهم من كل مكان عن اليمين لأبطئهم عن الحسنات ، وعن الشمال لأزين لهم طريق المعصية ، ومن خلفهم لأدمرهم بما فعل الآباء ليفعلوا مثلهم وأحزنهم على ما فاتهم


ومن بين أيديهم فى حاضرهم لأضلهم عن البعث والجنة والنار، ولن تجد منهم موحدين طائعين شاكرين لنعمتك عليهم


الآية 18


( قال اخرج منها مذؤما مدحورا ، لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين )


فقال له الله : اخرج من الجنة فأنت من المعيبين ( مذؤما ) المطرودون من رحمة الله ( مدحورا )


ومن اتبعك من الإنس مثلك


سأملأ بك ومن تبعك من الإنس والجن جهنم
الآيات 19 ـ 21


( ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فوسوس لهما الشيطان ليبدى لهما ما ورى عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين * وقاسمهما إنى لكما لمن الناصحين )


وقال الله لآدم وزوجته حواء اسكنا الجنة وتمتعا بكل ما فيها من ثمرات إلا شجرة واحدة


ولكن بدأ الشيطان غدره وحسده ووسوس لهما ليحرمهما من النعيم الذى طرد منه


فقال لهما : إن ربكما منعكما من الأكل من هذه الشجرة حتى لا تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين


وأقسم لهما بالله أنه ينصحهما لمصلحتهما


وللأسف خدعهم بالقسم بالله


الآيات 22 ، 23


( فدلاهما بغرور ، فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ، وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين * قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين )
ولكن الشيطان مازال يغريهما حتى ذاقا من الشجرة


فظهرت لهما سوآتهما التى كان الله أخفاها استحياء لهما


فظلا يخطفان من ورق الشجر فى الجنة ويغطيان سوآتهما كهيئة الثوب ويجريان حياء


فنادى عليهما الله وقال لهما : ألم أقل لكما لا تأكلان من هذه الشجرة ؟


ألم أحذركما من عدوكما الشيطان ؟


ألم أقل لكما إن الشيطان لكما عدو واضح حقده وعداءه لكما ؟


فقالا ربنا اغفر لنا فقد ظلمنا أنفسنا


ولو لم تغفر لنا سنكون من الخاسرين المعذبين وانت خير الراحمين
الآيات 24 ـ 25


( قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ، ولكم فى الأرض مستقر ومتاع إلى حين * قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون )


فغفر الله لهما ومنحهما الفرصة للإختبار


وأراد الله أن يعمروا الأرض


فقال لهم اهبطوا إلى الأرض جميعا آدم وحواء وإبليس والحية التى تسللت للدخول إلى الجنة ليوسوس الشيطان لآدم وحواء


فأنتم جميعا أعداء الإنس والشياطين ولكم زمن تعيشون على الأرض ثم تموتون بأقداركم ثم تخرجون منها ليلقى كل منكم جزاء عمله


الآية 26


( يا بنى آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوآتكم وريشا ، ولباس التقوى ذلك خير ، ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون )


ويمن الله على بنى آدم بأن أنزل عليهم اللباس الذى يخفى ويستر العورات


والريش وهو زخرف الملابس التى يتزين بها


ويؤكد أن أفضل من ذلك كله هو لباس التقوى والإيمان وخشية الله الذى يتحلى به المؤمن فيعقبه لباس يلبسه المتقون يوم القيامة


الآية 27


( يا بنى آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما ، إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ، إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون )


ويعيد الله التحذير ثانية لبنى آدم ليذكرهم بعداء إبليس لآدم من قبل وسعيه لإخراجه هو وحواء من الجنة التى هى دار النعيم إلى الدنيا على الأرض التى هى دار التعب والعناء وكشف العورات التى كانت مستورة فى الجنة


ويقول الله أن إبليس وذريته وأعوانه يرون الناس ولكن الناس لا يرونهم


وهكذا جعل الله الشياطين والكافرين أولياء بعضهم لبعض وبئس الولى الشيطان


الآية 28


( وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها ، قل إن الله لا يأمر بالفحشاء ، أتقولون على الله ما لا تعلمون )


كانت العرب لا يطوفون بالبيت فى ثيابهم التى لبسوها ويقولون لا نطوف فى ثياب عصينا الله فيها


أما قريش ويسمون الحُمس يطوفون فى ثيابهم


ومن سلفه من العرب ثوبا من الحمس يطوف فيه


ومن معه ثوب جديد يطوف فيه ثم يرميه فلا يأخذه أحد


ومن لا يجد ثوبا جديدا ولا ثوب أحمسى فإنه يطوف عريانا


ولو كانت إمرأة فهى تطوف عارية ليلا


وهذا شئ ابتدعوه هم واتبعوا آباءهم


فأنكر الله عليهم ذلك وأنزل الآية


قل لهم يا محمد إنكم تتقولون ذلك على الله ، إن الله لا يأمر بالفواحش فكيف تتقولون على الله ما لا تعلمون ؟


الآيات 29 ، 30


( قل أمر ربى بالقسط ، وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين ، كما بدأكم تعودون * فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة ، إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون )


قل لهم إن الله يأمر بالعدل والإستقامة


يأمركم الله أن تتبعوا ما جاء به المرسلين من الشرائع والإخلاص فى عبادته بما يوافق الشرع


إن الله بدأ خلق بنى آدم من مؤمنين وكافرين


فالكافرين اتخذوا من الشيطان وليا وأطاعوه بدلا من طاعة الله تعالى وظنوا أنهم هم المهتدون
الآية 31


( يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ، إنه لا يحب المسرفين )


يستحب أن تتجملوا عند الصلاة ( الجمعة والعيدين وتستخدموا السواك والملابس البيضاء ) وأحل لكم أن تأكلوا وتشربوا مما تحبون ولكن بدون إسراف ولا مخيلة


فالله لا يحب المغالين فيما أحل وشرع


الآية 32


( قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق ، قل هى للذين آمنوا فى الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة ، كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون )


كانت العرب تحرم بعض الطعام وتحل آخر


قل لهم يا محمد كيف يحرم الكفار بعض المآكل والمشارب من تلقاء أنفسهم


هذه الأطعمة أحلها الله لمن آمن بالله وعبده مخلصا له الدين وهى يوم القيامة لهم خاصة بهم من دون الكفار فالجنة محرمة على الكافرين
الآية 33


( قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغى بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )


إن الله يحرم الفواحش الظاهرة والخفية


ويحرم الإثم وهى الخطايا المتعلقة بالفاعل نفسه


والبغى وهى الخطايا التى تتعدى إلى غير الفاعل من الناس


فقد حرم الله هذا وذاك


كما حرم أن يشرك به فى العبادة


وأن تفتروا على الله وتدعون ما لم يأمر به
الآيات 34 ـ 36


( ولكل أمة أجل ، فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ، ولا يستقدمون * يابنى آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتى فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون * والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار ، هم فيها خالدون )


ولكل جيل وقت مقدر لهم


فعندما ينتهى هذا الوقت لا يتغير حتمهم وينتهون فلا يقدم ولا يؤخر عنه شئ


يا أيها الناس سيبعث لكم رسل يقصون عليكم آيات الله ويبشرونكم ويحذرونكم


فمن اتبع هدى الله وأطاعه فقد فاز


ومن كذب وكفر واستكبر وعصى فليس له إلا عذاب الجحيم خالدا فيه


الآية 37


( فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته ، أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب ، حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين )


لا أحد أكثر ظلما من الذين كفروا بالله وكذبوا عليه وكذبوا بآياته


هؤلاء قد كتب لهم نصيبهم من العمل والرزق والعمر فإذا انقضى أجلهم جاءت الملائكة لينتزعوا أرواحهم أفزعوهم وضربوا ظهورهم وقالوا أين الذين كنتم تدعون من دون الله لينقذوكم من العذاب


قال الكفار لقد ذهبوا عنا فلا نريد منهم نفعا ولا شرا


وبذلك يشهد الكفار على أنفسهم بالكفر والفسق واعترفوا بذنبهم


الآيات 38 ـ 39


( قال ادخلوا فى أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس فى النار ، كلما دخلت أمة لعنت أختها ، حتى إذا ادّاركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار ، قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون * وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون )


يقول سبحانه للمشركين كونوا مع الأمم الذين سبقوكم من أشكالكم ومثلكم من الجن الكافر والإنس الكافرون يوم القيامة تكونون معا جميعا


وكلما ألقيت أمة فى النار فهى تلعن الأخرى حتى يجتمعوا فيها جميعا تقول آخرهم دخولا وهم الأتباع لأولاهم وهم المتبعون وأشد جرما يشكونهم لله فيقولون : ربنا هؤلاء هم الذين أضلونا فضاعف لهم العقوبة والعذاب


فيقال لهم قد حدث وجوزى كل حسب عمله


وتقول المتبعون لمن اتبعوهم لستم بأفضل منا فتعذبوا بما فعلتم


وهكذا تلعن كلا منهما الأخرى وهذا حال أهل النار كما أخبر عنهم الرحمن


الآيات 40 ـ 41


( إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتحُ لهم أبوابُ السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلجَ الجملُ فى سمِ الخياط ، وكذلك نجزى المجرمين * لهم من جهنمَ مهادٌ ومن فوقهم غواشٍ ، وكذلك نجزى الظالمين )


هؤلاء المجرمين المكذبين بالله وبآياته وبرسوله واستكبروا لا يرفع لهم عمل صالح ولا يقبل لهم دعاء


ولو أن الجمل كان يستطيع أن يمر من ثقب إبرة الخياطة لكانوا استطاعوا أن يدخلوا الجنة


( وهذا معناه أنهم مستحيل لهم أن يدخلوا الجنة )


وهذا عقاب كل مجرم


لهم فرش من النار فى جهنم ( مهاد ) وعليهم ألحفة ( غواش ) وغطاء من نار فإنهم كانوا مجرمين .
الآيات 42 ـ 43


( والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها أولئك أصحاب الجنة ، هم فيها خالدون * ونزعنا ما فى صدورهم من غل تجرى من تحتهم الأنهار ، وقالوا الحمد لله الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله ، لقد جاءت رسل ربنا بالحق ، ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون )


أما المؤمنون الذين أحسنوا أعمالهم وأخلصوها لله وهذه كلها أعمال فى وسع المؤمن أن يؤديها فلا تكليف فوق طاقة الإنسان ولهم جزاء الجنة خالدين فى خيرها ونعيمها


وفيها ينزع الله ما فى النفوس من أحقاد فلا حسد ولا كراهية وإنما هم فيها إخوان متحابين ويقال لهم هذا جزاؤكم نتيجة أعمالكم الصالحة


ويحمدون الله ويشكرونه على أن هداهم للإيمان وأنه بما أرسل الله من رسل ليهديهم طريق الرشاد.


الآية 44 ـ45


( ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا ، قالوا نعم ، فأذّن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين * الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون )


ويخاطب أهل الجنة أهل النار فيقولون لقد وجدنا ما وعدنا به الله فى الجنة


فماذا عنكم هل وجدتم ما حذركم منه الله فى النار فيقولون نعم


وذلك لتوبيخهم وتأنيبهم


وينادى مناد أن على أهل النار اللعنة والخروج من رحمة الله لأنهم كانوا ظالمين


فقد كفروا بالآخرة وصدوا الناس عن طاعة الله ورسوله واتباع الشرع وكان طريقهم عوج عن الطريق المستقيم


الآيات 46 ـ 47


( وبينهما حجاب ، وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ، ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم ، لم يدخلوها وهم يطمعون * وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين )


بين الجنة والنار سور يحجب كلاهما عن الآخر


الأعراف جمع عرف وهو المنطقة المرتفعه


والأعراف هنا تل بين الجنة والنار يحبس عليه أناس لهم ذنوب استوت حسناتهم بمقدار سيئاتهم


( يعرفون كلا بسيماهم ) : يعرفهم أهل الجنة بما عملوا من حسنات ويعرفهم أهل النار بما عملوا من سيئات


وهم على التل يلقون السلام على أهل الجنة وياللحسرة لم يدخلوا الجنة التى كانوا يطمعون أن يدخلوها


وينظروا إلى النار وأهلها يعرفونهم ويقولون يا الله لا تجعلنا معهم


الآيات 48 ، 49


( ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا مآ أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون * أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ، ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون )


ويعرف رجال الأعراف بعض رؤس الكفر فى النار بعلامات على وجوههم فينا دونهم ويقولون هكذا لم ينقذكم جمعكم وقوتكم واستكباركم من عذاب الله


ثم يقول الله سبحانه هؤلاء الذين أقسمتم أيها الكفار أن لا يصيبهم رحمة من الله قد منّ الله عليهم وقال لهم ادخلوا الجنة برحمة منه وفضل ولا تحزنوا ولا تخافوا


ويدخل الله أهل الأعراف الجنة


الآيات 50 ـ 51


( ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين * الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا ، فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون )


وهكذا يصبح أهل النار فى ذلة يسألون أهل الجنة الماء والمأكل والمشرب فلا يستجيبون لهم


أعطونا من الماء والمأكل فيقال لهم إن الله حرمهم عليكم فقد كفرتم به وبنعمه


فقد اعتززتم بالرزق فى الدنيا وطغيتم وكذبتم وكانت الدنيا لكم زخرفا ونسيتم لقاء ربكم فى يومكم هذا


واليوم تنسون كما فعلتم فى الدنيا والجزاء من جنس العمل تتركون فى النار كما تركتم لقاء الله


الآيات 52 ـ 53


( ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون * هل ينظرون إلا تأويله ، يوم يأتى تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذى كنا نعمل ، قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون )


يقول تعالى :


هذا كتاب الله القرآن مفصلواضح جاء به رسول الحق وعلمنا ما فصلنا به ، فماذا ينتظرون ؟ هل ينتظرون ما وعدوا به من العذاب والعقاب والجنة والنار ( تأويله )


فإذا جاء تأويله الذى هو يوم القيامة يقول الذين تناسوه وهم فى الدنيا لقد صدق الآن المرسلون فهل من شفعاء يشفعوا لنا ؟


أو أننا نعود إلى الدنيا ونعمل صالحا ولا نفعل ما فعلنا من قبل


لقد خسروا أنفسهم وحكم عليهم بالنار مخلدين


وذهب عنهم ما كانوا يعبدون من دون الله فلا ناصر ولا شفيع .


الآية 54


( إن ربكم الله الذى خلق السموات والأرض فى ستة أيام ثم استوى على العرش يغشى الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ، ألا له الخلق والأمر ، تبارك الله رب العالمين )


يخبر الله الخلق عن نفسه جل وعلا : هو الله خالق السموات والأرض وما بينهما فى ستة أيام ( الأحد والأثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة ) والجمعة اجتمع فيه الخلق كله وخلق آدم


أما يوم السبت لم يتم فيه خلق وسمى سبت لأنه انقطع فيه عملية الخلق ولم يتم فيه شئ وهو اليوم السابع


ثم بعد ذلك استوى الله على عرشه ولا نعرف كيفية الإستواء ولا يمكن تشبيهه


يعلوا ظلام الليل ضياء النهار والعكس ويحدث ذلك بسرعة ومداومة ( حثيثا )


والشمس والقمر والنجوم تسبح فى فلك بأمر الله وتسخيره


والله هو المتصرف المالك لكل هذا


فتبارك الله الذى له الملك وحده .


الآيات 55 ، 56


( ادعوا ربكم تضرعا وخفية ، إنه لا يحب المعتدين * ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا ، إن رحمت الله قريب من المحسنين )


وبعد أن عرفنا عن نفسه سبحانه وعن قدرته وعظمته يفتح لنا باب الطلب ويدعونا لدعائه فى السر والعلانية وتذللا واستكانة ( تضرعا وخفية ) بشرط عدم الإعتداء فى الدعاء وعدم المراآه بالجهر فى الدعاء فالله لا يحب ذلك


ولا تفسدوا فى الأرض


ويأمر بالعبادة تذللا وطمعا والطاعة خوفا من عقابه وطمعا فى جزاءه


فمن أحسن عمله سيجد رحمة الله به واسعة


الآيات 57 ـ 58


( وهو الذى يرسل الرياح بشرا بين يدى رحمته ، حتى إذا أقلّت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات ، كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون * والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه ، والذى خبث لا يخرج إلا نكدا كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون )


ويستمر تعريف الله لنا بنفسه العظيمة ليبرهن على قدرته لنسلم له وندعوه وحدهفيقول :


هو الذى يحمل الرياح من بلد لآخر التى تحمل ماء المطر الذى هو من رحمة الله بعباده ، حتى يكثر ما تحمله من ماء ينزله فى أرض تحتاجه تكون جافة مجدبة لا زرع ولاماء الشرب أو الرى ( ميت ) فينزل ما بالسحاب من ماء وينبت الزرع من كل الثمرات والأنواع وتمتلئ العيون والآبار بالماء وتحيا الأرض بعد موتها


وهذه هى نفسها طريقة إحياء الموتى من الإنس والجن


والأرض الطيبة تخرج منها نبات طيب حسنا بإذن الله


أما الأرض الخبيثة لا يخرج منها إلا الخبائث


وهذا مثل يضربه الله للمؤمن ( كالأرض الطيبة ) والكافر ( كالأرض الخبيثة )


الآيات 59 ـ 62


( لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم * قال الملأ من قومه إنا لنراك فى ضلال مبين * قال يا قوم ليس بى ضلالة ولكنى رسولٌ من رب العالمين * أبلغكم رسالات ربى وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون )


بدأ الله ذكر آدم عليه السلام فى بداية السورة


ثم يذكر الأنبياء الواحد بعد الآخر


فهنا يأت الحديث عن نوح عليه السلام فيقول قصته مع قومه :


الملأ : الكبراء والسادة والقادة


وبينه وبين آدم 10 قرون ( 1000 ) سنة كلها على الإسلام والتوحيد


• هو أول رسول يبعث فى الأرض ، لأن من قبله كانوا أنبياء


• قومه يسمون بنو راسب


• نزلت عليه الرسالة وعمره ( 50 أو 350 أو 480 ) ـ هناك اختلاف


• سور ( نوح ـ هود ـ المؤمنون ـ الشعراء ـ العنكبوت ) تحكى قصته كاملة


• كانت هناك رجال من الصالحين ، ماتوا ، وحزنت أتباعهم كثيرا عليهم فنصبوا لهم على قبورهم نصبا ، ثم حولوها إلى تماثيل ، وبالتدريج تمسحوا فيها كما يحدث هذه الأيام من أضرحة الأموات، وبالتدريج عبدوها


• هؤلاء الصالحين هم ( ود ـ سواع ـ يغوث ـ يعوق ـ نسر ) ، وقد وردت أسماءهم بسورة نوح


• اشتدت الناس فى المعاصى ورسول الله يدعوهم ويناله الأذى ويسب ويقال مجنون، وإمرأته تصفه كما وصفه الناس بالجنون ، وهو لايمل الدعوة لتوحيد الله والطاعة ، ( للأسف هذا مشابه لما يحدث الآن ) هو يكبر فى السن والناس لم تكن كلها من مثل عمره ، فكانت تأتى أجيال وتموت أجيال وهو على دينه يدعوالناس، ولكن إزداد الطغيان


• شكى رسول الله لربه عناد الناس


• مر به رجل يحمل حفيده على ظهره وقال لحفيده ( أوصيك يابنى عندما تكبر أن لا تتبع هذا الرجل المخبول ، فهو يسب آلهتنا ويعيبهم ويسفه أحلامنا ، فقال له الحفيد وما دام كذلك لماذا لا تتخلصوا منه ؟ٌ


• قال الرجل : لأنه شيخ عجوز ، وكيف نتخلص منه؟ قال : أنزلنى لأريك فأنزله فمسك بصخرة وشج بها رأس نوح عليه السلام


• وهنا تأكد نوح أن الأجيال التالية ستموت فى قلوبها الرحمة وأن لا جدوى من دعاءهم


الآيات 63 ـ 64
( أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون * فكذبوه فأنجيناه والذين معه فى الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا ، إنهم كانوا قوما عمين )


فأمره بأن يزرع فى الصحراء شجرا ويقطع أخشابه ويبنى به سفينة ضخمة ، وبعضا من أبنائه المذكورين أعلاه آمنوا به وأحفاده عاونوه فى ذلك ، وصنع مسامير ضخمة من الخشب ليمسك بها أجزاء السفينة


• كلما مر به أحد يسخر منه ومن معه ويقولون مجنون ، فهل من المعقول أن يبنى أحد فى الصحراء سفينة ويصبر على نمو الأشجار وأين الماء الذى تسير فيه السفينة؟


• وصبر نبى ورسول الله على الأذى ومن معه


• حتى إذا انتهى البناء ، وفار التنور ( قيل أن التنور هو عين ماء بالهند ، وقيل بالكوفة ، وقيل بالجزيرة العربية ، ـــــــــــ أما علىّ بن أبى طالب فقال معناها فلق الصبح وظهور النهار ، وعند الجمهور أن التنور فلق سطح الأرض وخروج البراكين من كل مكان حيث معناها فى اللغة بار الفرن ، ومن المعروف أن بعد البركان تخرج الماء والفيضانات من البحور لتغطى الأرض ) وانهمرت السماء بالمطر الغزير ، وانفجرت العيون ، وارتفع الماء والسفينة تعلو على سطحه


• وأمر الله رسوله نوح أن يجمع المؤمنون معه وكانوا من أهله إلا إبن له يسمى يام ، وزوجته أمر بتركهم حيث أخذ ينادى عليه ولم يستجب وأصر الكفر والعصيان وقال سأحتمى بالجبل ولكن الماء غطى الجبل وغرق يام


• أمر الله نوحا أن يأخذ من كل نوع من المخلوقات نبات ، وحيوان ، زوجان ذكر وأنثى ، لتستمر الحياة بعد ذلك


• قال محمد صلى الله عليه وسلم ( لما حمل نوح فى السفينة من كل زوجين اثنين قال أصحابه وكيف نطمئن أو كيف تطمئن المواشى ومعنا الأسد ، فسلط الله عليها الحمى ـ أى على الأسد ليضعفه ـ فكانت أول حمى نزلت فى الأرض ، ثم شكوا الفأرة فقالوا : الفويسقة تفسد علينا طعامنا ومتاعنا فأوحى الله إلى الأسد فعطس فخرجت الهرة منه ـأى خافت القطة من عطسه فخرجت ـ فتخبأت الفأرة منها


• وركبوا فى السفينة 150 يوما ، وخرجوا منها يوم عاشوراء من محرم ، وصاموا يومهم


قصة نوح موجودة بالتوراة ، وفى معتقدات النصارى على لسان حام إبن نوح الذى أحياه عيسى عليه السلام بإذن الله




سالوه عن السفينة فقال : " طولها 1200 ذراع ـ والذراع 64 سم ـ وعرضها 600 ذراع ، مكونة من 3 طبقات


طبقة فيها الوحش ، وطبقة فيها الإنس ، وطبقة فيها الطير


ولما كثر روث الدواب أوحى الله إلى نوح أن أغمز ذنب الفيل فوقع منه خنزير وخنزيرة فأقبلا على الروث فأكلاه


ولما وقع الفأر يحزز السفينة ويقرضه أوحى الله إلى نوح أن أضرب بين عينى السد فخرج من منخره سنور وسنورة فأقبلا على الفأر


سال الحواريون عيسى عليه السلام كيف علم نوح أن البلاد غرقت ؟


قال بعث الغراب ياتيه الخبر فوجد جيفة فوقع عليها فدعا عليه نوح بالخوف ولذا الغراب لا يألف البيوت


ثم بعث حمامة فجاءت بورق زيتون بمنقارها وطين برجلها ، فعلم بأن البلاد غرقت وطوقتها الخضرة


وأخذ يرسلها كل فترة حتى عادت برجلها جفاف فعلم أن الأرض جفت فنزل ومن معه من السفينة


بنى نوح قرية سماها ثمانين بعدد من كانوا معه ، وأصبحوا على 80 لغة لا يفهمون بعض وقام نوح يعبر عنهم


قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ( صام نوح الدهر إلا يوم الفطر ويوم الأضحى )


مكث نوح فى قومه بعد ان بعثه الله وقبل الطوفان 950 سنة يدعوا قومه وهذا ما ورد فى القرآن


وذكر ابن عباس أنه عاش بعد الطوفان 350 سنة ، وبعث وعمره 480 سنة


فيكون مجموع ما عاشه 1780 سنة


مات ودفن بالمسجد الحرام الذى جدد بعد الطوفان


الآيات 65 ـ 72•


( وإلى عاد أخاهم هودا ، قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ، أفلا تتقون * قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك فى سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين * قال يا قوم ليس بى سفاهة ، ولكنى رسول من رب العالمين * أبلغكم رسالات ربى وأنا لكم ناصح أمين * أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ، واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم فى الخلق بسطة ، فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون * قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا ، فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين * قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب ، أتجادلوننى فى أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزّل الله بها من سلطان ، فانتظروا إنى معكم من المنتظرين * فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا ، وما كانوا مؤمنين )


الملأ : كبراء القوم من السادة والقادة


سفاهة : ضلال وعدم ادراك وضعف التفكير


زادكم بسطة : زيادة فى الطول والضخامة


آلاء : نعم الله


نذر : نترك


رجس : سخط


أسماء سميتموها : أصنام أطلقتم عليها أسماء


هود بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح


من قبيلة عاد جدهم الأكبر ، يسكنون الأحقاف ( جبال الرمل ) باليمن بين عمان وحضرموت ، المطلة على البحر


يسكنون الخيام ذات الأعمدة الضخمة


هم من ذرية نوح وأولاده الذين نجوا معه وكانوا مؤمنين وموحدين بالله


وقوم عاد أول من زين لهم الشيطان بعد الطوفان عبادة الأصنام


وأصنامهم هى ( صمدا ، صمودا ، هرا ) .


طبيعة حياتهم : .


منحهم الله بسطة فى الجسم وقوة البدن ورغد العيش ، وفجروا العيون ، وزرعوا الأرض وعمروها ، وشيدوا القصور ، ولكن أفسدوا فى الأرض ،


فأرسل الله لهم هودا نبيا لهدايتهم ، وما كان منهم إلا العناد والأستكبار.


حبس الله عنهم المطر ثلاث سنين حتى كادوا أن يهلكوا ، فأمرهم هود بالتوبة والأستغفار ووعدهم بذلك أن ينزل الله لهم المطر ، ولكنهم أصروا العناد
أنكروا واستعجلواالعذاب كدليل لهم أنه من الصادقين ( الأعراف 71 )


فجاءهم رد السماء بالعذاب
هلاكهم :


قال تعالى : ( فارسلنا عليهم ريحا صرصرا فى أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون )


أرسل الله عليهم ريحا صرصرا ،( أى شديدة ولها صوت مزعج وباردة ) فى أيام نحسات ( متتابعات ) لمدة سبع ليال وثمانية أيام متتابعة ( الحاقة 6 ـ 8 )


فأصبحوا صرعى فى ديارهم كأنهم أصول نخل متآكلة جوفاء ، وقيل أن الريح كانت تقطع رؤوسهم .


قال تعالى ( وتلك عاد جحدوا ربهم وعصوا رسله ) هود 59


عاد جحدت نصيحة هود وهو رسول واحد ، ولكن صيغة الجمع فى الآية ( رسله ) لأن كل رسول يدعوا إلى نفس الشئ وجميع الرسل تدعوا لعبادة الله وحده ، فمن عصى رسولا فكأنما عصى الرسل كلها .
الآيات 73 ـ 79


( وإلى ثمود أخاهم صالحا ، قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ، قد جاءتكم بينة من ربكم ، هذه ناقة الله لكم آية ، فذروها تأكل فى أرض الله ، ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم * واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم فى الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا ، فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا فى الأرض مفسدين * قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه ، قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون * قال الذين استكبروا إنا بالذى آمنتم به كافرون * فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين * فأخذتهم الرجفة فأصبحوا فى دارهم جاثمين * فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربى ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين )


بينة : علامات واضحة


آلاء : نعم


فعقروا الناقة : ذبحوها


جاثمين : صرعى


من هم ثمود ...؟


هم قبيلة مشهورة تسمى ثمود باسم جدهم الأكبر أخوه جديس ( حيث جديس وثمود ابنا عابر بن أرم بن سام بن نوح )


وهم عرب عاربة ( أى عرب من قوم العرب أصلا ولكن قوم اسماعيل ومن بعده يقال لهم عرب مستعربة حيث تزوج من قبيلة جرهم العاربة فأصبح ينتمى لهم )






مكانهم :


سكنوا الحجر الذى بين الحجاز وتبوك.


زمانهم ودينهم :


كانوا بعد عاد ويعبدون الأصنام ولم يعتبروا مما كان من امر عاد ونبيهم هود


كانوا يبنون القصور فى السهول وينحتون فى الجبال بيوتا شاهقة محكمة الصنع ويزرعون النخل .


من صالح ؟


رسول الله صالح بن عبد بن ماسح بن عبيد بن حاجر بن ثمود بن عابر بن ارم بن سام بن نوح






وهؤلاء المشركون فى كل زمان ، قتلوا أنبياءهم حسدا وحقدا عليهم بما فضلهم الله برسالاته ، ودوما قالوا مثل ما قال قوم ثمود لنبيهم صالح :


قال تعالى : ( فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفى ضلال وسعر * أألقى الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر ) القمر 24 ـ 25


سخرية ، واستهزاء ، واستعلاء وكبرياء مدمر لصاحبه ، تعجب من أمر الوحى ، كيف يلقى الذكر والنبوة والرسالة على واحدغير هذه النفوس المريضة التى تتكبر على الداعية وتخشى اتباعه حتى لا يكون له الإيثار عليهم .


يعلمون الحق بدليل اشتراطهم عليه بأن يأت النبى بالآيات ليستدلوا بها على صدقه ، فبأت بها بإذن الله .


تشددوا فى اشتراطهم وطلبوا خروج ناقة ضخمة عظيمة من بين الصخور فأخرجها الله لهم ، ولكن العتو والكبر والحسد فى نفوس تبغض أن يتفضل النبى من الله خالقه عليهم ، فدمروا أنفسهم.


كان اشتراطهم فى خروج الناقة أن أخرجها الله لهم عشراء ضخمة وعلى الصفة التى طلبوها ، ولكنهم جحدوا بها عندما رأوا أن وجودها فى ضررهم ، فالماء أصبح قسمة بينهم وبينها، وبالرغم من أنهم كانوا يشربون لبنها ، وتأتي يوما تشرب ماء البئر فيرفعون احتياجهم من الماء ، ولكنهم لم يصبروا ، دبروا وخططوا وذبحوها بالرغم من تحذير نبيهم لهم من ذبحها ، فآتاهم العذاب ، والعذاب الذى استعجلوه لأنفسهم ، فقد قالوا لنبيهم قل لربك أن ينزل بنا العذاب إن كنت من المرسلين .


قال تعالى : ( وقالوا ياصالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين ) الأعراف77






فقال لهم صالح بم أخبرنا به تعالى : ( قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة ) ــــ ( لولاتستغفرون الله لعلكم ترحمون ) ـــ توبوا إلى الله وإرجعوا عن شرككم وآذاكملبعضكم البعض وللمؤمنين ، ولكن دون جدوى من دعائه ومناجاته .


قال تعالى : ( فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين )


وحاولوا قتل صالحا ، ومن تبعه من المؤمنين ، فكان عقاب الحسدوالكبر والاستعلاء ( فأخذتهم الرجفة فأصبحوا فى دارهم جاثمين ) الأعراف 78


وقال تعالى : ( وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا فى ديارهم جاثمين . كأن لم يغنوا فيها ألا أن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود ) هود 67 ــ 68


قال تعالى : ( فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين * فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن فى ذلك لآية لقوم يعلمون ) النمل 51 ـ52


وجاء العذاب ......


قتلوا الناقة يوم الأربعاء ، فأنذرهم بثلاثة أيام ، فأصبحت ثمود يوم الخميس وجوههم مصفرة ، وفى يوم الجمعة وجوههم محمرة ، ويوم السبت الثالث وجوههم مسودة ، ويوم الأحد تحنطوا وقعدوا ينتظرون العذاب من الله ، فجاءت صيحة من السماء ورجفة شديدة ففاضت أرواحهم وزهقت أنفسهم .


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم برواية عن جابر : " لا تسألوا الآيات ــ دلائل الحق ــ فقد سألها قوم صالح فكانت ــ الناقة ــ ترد من هذا الفج وتصدر من هذا الفج فعتوا عن أمر ربهم فعقروها وكانت تشرب ماءهم يوما ويشربون لبنها يوما ، فعقروها ، فأخذتهم صيحة أهمد الله بها من تحت أديم السماء ــ ما أظلهم من السماء ــ منهم إلا رجلا كان فى حرم الله "


وقالوا : من هو يا رسول الله ؟ قال صلى الله عليه وسلم : " هو أبو رغال ، فلما خرج من الحرم ، أصابه ما أصاب قومه " رواه أحمد .


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الآيات 80 ـ 84


( ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين * إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء ، بل أنتم قوم مسرفون * وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون * فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين * وأمطرنا عليهم مطرا ، فانظر كيف كان عاقبة المجرمين )


الغابرين : الباقين فى العذاب




وهذا إبن الأخ لإبراهيم


لوط بن هاران


نزح مع عمه ، وأنزله مدينة سدوم


كان أهلها يأتون المنكر فى ناديهم وفعل الفواحش التى ابتدعوها ولم يكن يعرفها من قبل أحد وهى الشذوذ الجنسى


فكانوا يأتون الرجال بدلا من النساء


وكانوا يفعلون جميع الشرور


نهاهم لوط ولكن دون جدوى مع الإيذاء والسخرية منه ومن المؤمنين


أرسل الله لهم ثلاثة ملائكة ( جبريل وميكائيل وإسرافيل ) الذين مروا أولا على إبراهيم وبشروه بمولد اسحاق ،


ثم أخبروه بأنهم قد أرسلهم الله لإهلاك قوم لوط ،


وأمروا لوطا أن يترك القرية هو ومن تبعه من المؤمنين ويترك زوجته التى كانت ترسل إلى قومها إذا أتى ضيف الى زوجها ليفعلوا به الفاحشة


وحاول أهل القرية أن يغتصبوا الملائكة الذين ظنوا أنهم شبان حسنة المظهر وقاومهم لوط وقاوموه


ضرب جبريل وجوههم بطرف جناحه فطمست أعينهم


قال تعالى ( ولقد راودوه عن ضيفه ، فطمسنا اعينهم ...)


وخرج لوط باهله إلا زوجه ، فاقتلع جبريل بطرف جناحه بلادهم وكانت 7 مدائن بمن فيهن من أحياء وزرع ومبانى وحيوانات ، وقيل كان عددهم 400 نسمة وقيل 4 آلاف نسمة ، ورفعها إلى السماء ثم قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها


ثم أمطرت عليهم السماء حجارة من سجيل ( شديدة الصلابة ) منضود ( يتبع بعضها البعض ) مسومة ( مكتوب على كل حجر اسم من يسقط عليه )


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ولهذا كانت عقوبه اللائط الرجم بالحجارة


وقال صلى الله عليه وسلم " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به "


وقال أبو حنيفة : ( إن اللائط يلقى من شاهق جبل ويتبع بالحجارة كما فعل بقوم


لوط )


وجعل الله مكان هذه القرية بحيرة منتنة لا ينتفع بمائها ، وصارت عبرة لمن يتعظ




الآيات 85 ـ 87


( وإلى مدين أخاهم شعيبا ، قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ، قد جاءتكم بينة من ربكم ، فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها ، ذالكم خير لكم إن كنتم مؤمنين * ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا ، واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم ، وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين * وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذى أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا ، وهو خير الحاكمين )


شعيب وقومه أهل مدين أصحاب الأيكة


* توجد مدين عند أطراف الشام ناحية الحجاز قريبا من بحيرة قوم لوط


* شعيب هو الحفيد الرابع لأحد أبناء إبراهيم عليه السلام


وقيل فى نسبه كثيرا وهو ممن آمن بإبراهيم مع لوط ،


* وهم ليسوا ببعيد عن قوم لوط من الناحية الزمنية


* سمى خطيب الأنبياء لفصاحته


* أهل مدين كانوا كفارا لهم شجرة من نبات الآيك ( نبات عشبى لا ثمر


له ) تلتف حولها نباتات كثيفة وكانوا يعبدونها ، وكانوا من أسوأ الناس فى المعاملات من بخس الميزان والتطفيف وقطع الطريق


* نهاهم نبيهم عن ذلك ولكن استهزؤا به


والأحداث تتكرر مع كل نبى من إيذاء وسخرية واصرار على المعصية والكفر والعناد وتضرب لهم الأمثال بمن سبقوهم ، ودون فائدة


• كان شعيبا ضعيفا بينهم بسبب ضعف بصره فقد كان ضريرا بسبب كثرة البكاء من شدة خوفه من الله وحبه له وخوفه من النار وشوقه إلى الجنة


• كانت له عشيرة وقبيلة تحميه


• وبعد الإصرار على المعصية يأت العذاب من السماء


• سلط الله عليهم زلزالا عنيفا زهقت أرواحهم معه


• أرسل عليهم صيحة من السماء أخمدت الأصوات


• سلط عليهم الحر الشديد ثم أرسل عليه ظلة تجمعوا تحتها فأسقطت عليه الشرر والنيران التى أبادتهم جميعا


قال لهم شعيب :


أوفوا الكيل والميزان ولا تخسروا الناس حقوقهم


لا تفسدوا بعد الإصلاح


لا تقطعوا الطريق على الناس


لا تتوعدون الناس بالقتل إن لم يعطوكم أموالهم


لا تصدون الناس عن طاعة الله


انظروا كنتم ضعفاء فاكثر الله عددكم وزادكم قوة


وان كنتم اختلفتم معنا فى القول فانتظروا حتى يفصل الله بيننا وبينكم


تذكرة


ألا ترون معى أن كارثة كل قوم أنهم يأتون المعاصى وترسل السماء التنبيهات ، وإصرار القوم على المعصية تأت معه العقوبة


وإذا استعرضنا مساوئ كل قوم سنجدها موجودة بيننا مثلها ، مما يدعونا إلى شديد الخوف من عقوبة السماء ؟


اللهم طهر المسلمين من المعاصى والذنوب والآثام .


الآيات 88 ـ 89


( قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن فى ملتنا ، قال أولو كنا كارهين * قد افترينا على الله كذبا إن عدنا فى ملتكم بعد إذ نجانا الله منها ، وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا ، وسع ربنا كل شئ علما ، على الله توكلنا ، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين )


قال كبراء القوم وساداتهم لشعيب ومن معه سنخرجكم من القرية و إما أن تعودوا إلى طريقتنا وملتنا


فقال شعيب ومن معه : هل أنتم فاعلون ذلك حتى لو كنا نكره ذلك


لو فعلنا ما تطلبون منا كنا بذلك افترينا على الله وكذبنا


وهذا لا يحق لنا إلا لو شاء الله لنا ذلك


فهو يعلم كل شئ ونحن نتوكل عليه فى جميع أمورنا


اللهم احكم بيننا وبين قومنا بالحق


وأنت خير من حكم وعدل


الآيات 90 ـ 93


( وقال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون * فأخذتهم الرجفة فأصبحوا فى دارهم جاثمين * الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها ، الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين * فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربى ونصحت لكم ، فكيف آسى على قوم كافرين )


وقاوم الكافرون شعيبا ونهوا الناس عن اتباعه وقالوا لهم ستخسرون لو اتبعتوه


فأنزل الله بهم زلزالا عنيفا جعلهم صرعى فى بيوتهم


وكأنهم لم يسكنوا بيوتهم هذه من قبل فقد خربت


وأصبح الخاسرون هم الكفار وأصابهم ما توعدوا به المؤمنين


ثم يوبخهم شعيبا ويقول : لايحق لى أن أحزن عليكم فقد أبلغتكم رسالات ربى وأعرضتم عنها وليس لى أن أحزن على أناس كفروا بالله منعمهم .


الآيات 94 ، 95


( وما أرسلنا فى قرية من نبى إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون * ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون )


يخبر الله تعالى عن الأمم السابقة التى أرسل لها الأنبياء بأنه قد ابتلى أهلها بالبأساء والضراء ( أى الأمراض والأسقام والفقر والحاجة والأذى ) ليجعلهم يتضرعون لله ويخشعون ويدعونه ثم يكشف عنهم الضر فلا يرجعون إلى الطاعة


ثم يبدل السيئات بالحسنات أيضا اختبارا لهم فينتهى المرض ويتحول الفقر إلى غنى حتى ( عفوا ) كثرت الأموال والأولاد وللأسف يظنون أن الأمر كما حدث لآباءهم وأن هذا أمر الحياة فلا يرجعون لله ولا يتضرعون ولا يرجعون لله ولا يخشون


فأخذهم الله فجأة بالعقوبة والتدمير


الآيات 96 ـ 99


( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون * أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون * أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون * أفأمنوا مكر الله ، فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون )


لو آمنت الناس بما أرسلت به الرسل وصدقوا واتبعوهم وفعلوا الخيرات وانتهوا عن المعاصى لكان خيرا لهم وأنعم الله عليهم بخير وفير من السماء والأرض


لكنهم كذبوا الرسل وعصوا فأنزلنا بهم العذاب وأهلكناهم بسبب ذنوبهم وآثامهم


يحذر الله الناس من انتهاك حرماته فيقول هل أمنتم أن يأت عقاب الله فجأة وأنتم نائمون ليلا ، أو يأت فى النهار وأنتم مشغولون بالحياة واللعب


فتدبير الله لا يؤتمن وعلى المؤمنون بالله أن يعملوا وينشغلوا بالطاعات لينجيهم من عقابه فالمجرمون يعملون المعاصى وهم آمنون وهذا هو الخسران الواضح


الآية 100


( أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ، ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون )


ألم يتبين للناس أن الله لو أراد لأصابهم بسبب ذنوبهم


ويختم على قلوبهم فلا يتقبلون موعظة ولا تذكير


الآيات 101 ـ 102


( تلك القرى نقص عليك من أنبائها ، ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل ، كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين * وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين )


وبعد أن قص الله على نبيه أخبار قوم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب يقول له :
إنما نقص عليك أخبار الأمم السابقة فقد أرسلنا إليهم الرسل بالحجج والآيات والدلائل ولكنهم لم يؤمنوا بسبب تكذيبهم واستكبارهم وطبع الله على قلوبهم وما كان من أكثرهم إلا الفسق والخروج عن الطاعة ولم يكن لهم عهد يحافظون عليه


والعهد هو ما أخذه الله عليهم وفطرهم عليه عندما أخرجهم من ظهر آدم عليه السلام وأشهدهم على أنه خالقهم ولا إله إلا هو
الآية 103


( ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملائه فظلموا بها ، فانظر كيف كان عاقبة المفسدين )


وبعد ذكر الأقوام السابق ذكرها ومن بعد شعيبا فقد أرسل موسى بالحجج والدلائل


إلى فرعون وقومه وحاشيته من كبراء القوم فى مصر


ولكنهم جحدوا بها وكفروا ظلما وعتوا


فانظر يا محمد كيف عاقبناهم وأغرقناهم أجمعين


الآيات 104 ـ 106


( وقال موسى يا فرعون إنى رسولٌ من رب العالمين * حقيق على أن لآ أقول على الله إلا الحق ، قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معى بنى إسرائيل * قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين )


وتلك مناظرة بين موسى وفرعون ، قال موسى :


يا فرعون لقد أرسلنى الله الذى خلق كل شئ وهو مالك كل شئ


ولا يحق لى أن أقول على الله إلا الحق


لقد جئت لكم بآيات واضحات من الله دليلا على صدقى


فأطلق سراح بنى إسرائيل الذى استعبدتهم وقهرتهم فهم من سلالة إسرائيل ( يعقوب نبى الله ) وأتركهم يأتون معى لنرحل عن مصر


قال فرعون أنا لا أصدقك ولو كنت جئت بدلائل كما تقول فأظهرها لنراها إن كنت صادقا .
الآيات 107 ، 110


( فألقى عصاه فإذا هى ثعبان مبين * ونزع يده فإذا هى بيضاء للناظرين * قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم * يريد أن يخرجكم من أرضكم ، فماذا تأمرون )


وتلك المعجزات والآيات التى جاء بها موسى ، فكانت له عصى يهش بها على أغنامه ويدافع بها عن نفسه


ألقى موسى العصا أمام فرعون فتحولت إلى حية ضخمة فاتحة فمها تجرى نحو فرعون


ووضع يده سليمة فى جيبه ثم أخرجها فإذا هى بيضاء تتلأ لأ بغير مرض ولا برص ، وإذا أدخلها ثانية تعود كما هى سليمة


كان قوم فرعون فى هذا الزمان من السحرة الذين يخدعون أعين الناس بأعمال سحر عجيبة ولكنها كلها من الخدع للبصر وتفشى ذلك فيهم ، ولهذا أرسل الله لهم موسى بهذه الآيات ليتأكدوا أن هذا ليس بأعمال سحر ولكنها آيات عظيمة


قال الكبراء من القوم هذا ساحر يخدع أبصاركم بسحره


ويريد من وراء ذلك أن يخرج بنى إسرائيل من الأرض بذلك السحر


وقال فرعون : أشيروا علىّ ماذا نفعل


وكان الفراعنة يستعبدون بنى إسرائيل ويسخرونهم فى الأعمال الصعبة والمهينة


فلا طاقة لهم بخروج بنوا اسرائيل ، فمن أين لهم بمن يعمل فى ما يتركوه ـ وهذا هو السر فى محاربة موسى والعناد معه .


الآيات 111 ـ 114


( قالوا أرجه وأخاه وأرسل فى المدائن حاشرين * يأتوك بكل ساحر عليم * وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين * قال نعم وإنكم لمن المقربين )


قال الكبراء والوزراء أخر موسى وأخاه ( أرجه ) هارون


وابعث ( أرسل ) فى الأقاليم والمدن من يجمع لك السحرة ( حاشرين ) من جميع البلاد من من هم أعلم الناس بعلم السحر .


وجاء السحرة من كل البلاد وقالوا لابد أن تعطينا أجر عملنا لو كنا نحن الغالبين


وذلك لشدة ثقتهم بما يعملون من سحر


فوعدهم فرعون لتحفيزهم وقال سأجزل لكم العطاء وستكونون من الخاصة المقربين لفرعون .
الآيات 115 ، 116


( قالوا يا موسى إما أن تلقى وإما أن نكون نحن الملقين * قال ألقوا ، فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاؤا بسحر عظيم )


وبدأت المبارزة


فقال السحرة هل تلقى عصاك أم نبدأ نحن


فقال موسى : لا بل ابدؤا أنتم وألقوا عصيكم


فلما ألقوا عصيهم خيلوا لأبصارالناس كأن الحبال والعصيان تتحرك كما لو كانت حيات تسعى


ولكن هذا كله من الخيال وليس الواقع


الآيات 117 ـ 122


( وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك ، فإذا هى تلقف ما يأفكون * فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون * فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين * وألقى السحرة ساجدين * قالوا آمنا برب العالمين * رب موسى وهارون )


خاف موسى ولكن الله أوحى إليه بأن لا تخف وألق عصاك


فألقى موسى عصاه فتحولت إلى ثعبان حقيقى التهم جميع ما فعل السحرة


تلقف : تأكل وتلتهم


يأفكون : باطل يتوهمونه حق


فانتصر الحق على الباطل


وعرفت السحرة أن موسى على حق لأنهم يعلمون حقيقة ما يفعلون من أعمال سحرية ولهذا كانوا أسرع الناس فى الإيمان


فسجد السحرة كلهم جميعا وقالوا آمنا برب موسى وهارون رب العالمين
العالمين : الإنس والجن والخلق جميعا


الآيات 123 ـ 126


( قال فرعون ءآمنتم به قبل أن ءآذن لكم ، إن هذا لمكر مكرتموه فى المدينة لتخرجوا منها أهلها ، فسوف تعلمون * لأقطعن ّ أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنّكم أجمعين * قالوا إنا إلى ربنا منقلبون * وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جآءتنا ، ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين )


قال فرعون : إنكم خطتم لذلك مع موسى لتعاونوه على أن يخرج بنى إسرائيل من البلدة وتكن لكم دولة مستقلة وتخرجوا أكابرها ورؤساءها فسوف ترون ما أفعل بكم


سأقطع أيديكم اليمنى و أرجلكم اليسرى وأعلقكم على جذوع النخل


فقال له السحرة إنا آمنا بالله الذى نرجع إليه وعقابه أشد من عقابك ، فما فعلنا من شئ غير أن آمنا بالله وآياته


فسنصبر على عذابك لنتخلص من عذاب الله


اللهم أنزل علينا الصبر وثبتنا على دينك وتوفنا تابعين لله ولرسوله ( موسى عليه السلام )


الآيات 127 ـ 129


( وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا فى الأرض ويذرك وآلهتك ، قال سنقتل أبناءهم ونستحى نساءهم وإنا فوقهم قاهرون * قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا ، إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده ، والعاقبة للمتقين * قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا ، قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم فى الأرض فينظر كيف تعملون )


وقال الوزراء والكبراء من قوم وحاشية فرعون :


هل تترك موسى وأتباعه من السحرة الذين آمنوا معه يفسدوا رعيتك ويدعونهم إلى عبادة الإله الواحد بدلا منك


فقال لهم فرعون : نقتل أبناءهم ونترك النساء فنذلهم ونقهرهم


قال موسى لأتباعه : اصبروا فإن الله سينتقم من أعداءكم ويورثكم أرضهم فاستعينوا بالله ، وسوف تكون العاقبة لكم بسبب تقواكم لله


قال المؤمنون : ياموسى لقد آذانا فرعون من قبل أن تأتينا ومن بعد أن آتيتنا وهذا سلوكه معنا دائما


قال لهم موسى : لعل الله يهلك عدوكم ويرفعكم عليه وينصركم وترثون أرضه فاتقوا الله فهو يختبركم ليرى ما تفعلون


الآيات 130 ـ 131


( ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذّكرون * فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه ، وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ، ألآ إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون )


اختبر الله آل فرعون بالجوع سنوات وقلة الزروع لعلهم يرجعون إلى الله ولكنهم كانوا إذا جاءهم خير قالوا هذا نستحقه وإذا أصابتهم سيئة وقحط قالوا هذا من شؤم تواجد موسى بيننا


ولكن مصائبهم هذه عند الله ومن عند الله وسيحاسبهم عليها ، وكل شئ من عند الله ولكنهم يجهلون
الآيات 132 ـ 135


( وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين * فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين * ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك ، لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بنى إسرائيل * فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون )


أصر فرعون وأعوانه على المعصية ، وقالوا مهما فعلت ومهما جئت بأدلة فلن نؤمن لك


فعاقبهم الله بطرق عديدة ليرجعوا منها : الطوفان بسبب الأمطار الغزيرة المغرقة المتلفة للزروع والموت للناس والزرع والثمار ـ بجيوش الجراد التى تأكل الزرع ـ


بالقمل وهو السوس الذى يخرج من القمح والقمل الذى يأكل الإبل ويضر الناس ومثله الجرب ـ الضفادع التى أصبحت فى كل بيت وفى الطعام والخبز ـ تحول الماء إلى دم مخفف بالماء ، ولكن بلا فائدة فكلما أصابهم شئ من هذا لجأوا لموسى ووعدوه لئن دعوت ربك ليرفع عنا غضبه لنؤمنن لك فإذا دعى الله رفع الرجز ( العذاب ) عادوا لكفرهم وإذا عذبهم بآخر لجأوا لموسى وهكذا أصروا على الكفر ونكثوا عهودهم .


الآيات 136 ـ 137


( فانتقمنا منهم فأغرقناهم فى اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين * وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التى باركنا فيها ، وتمت كلمت ربك الحسنى على بنى إسرائيل بما صبروا ، ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون )
وتمرد فرعون وقومه فأغرقهم الله فى البحر جميعا وذلك لأنهم كذبوا ببآيات الله وتغافلوا عنها


وأورث الله الأرض لبنوا إسرائيل الذين كان فرعون وحاشيته يستضعفونهم وأسكنهم الشام وكانت كلمة الله هى العليا ودمر فرعون وأرضه وخرب ما كانوا يصنعون من عمارات ومزارع


......................................................................................................




 عندما أشتد أذى فرعون لموسى ومن معه أمر الله موسى أن يهرب ومن معه إلى الأراضى المقدسة


أمر الله موسى أن يخرج ومن معه من مصر ، وجعل ذلك الشهر هو أول سنة بنى إسرائيل وأمرهم أن يذبح كل أهل بيت حملا من الغنم ، فإذا كانوا لا يحتاجون إلى حملا فاليشترك الجار وجاره فيه ، فإذا ذبحوه فلينضحوا من دمه على أعتاب أبوابهم ليكون علامة على بيوتهم ولا يأكلونه مطبوخا ولكن مشويا برأسه وأكارعه وبطنه ولا يبيتوا منه شئ ولا يكسروا له عظما ولا يخرجوا منه شيئا خارج بيوتهم


وليكن خبزهم فطيرا سبعة أيام ابتداؤها من الرابع عشر من الشهر الأول من سنتهم وكذلك يفعل فى الربيع.


فإذا أكلوا فلتكن أوساطهم مشدودة وخفافهم فى أرجلهم وعصيهم فى أيديهم وليأكلوا بسرعة قياما وما تبقى من عشائهم فليحرقوه بالنار


(فإذا نسخت وهذه سنة لهم فى التوراة ما دامت فيهم بطل شرعيا )


وقتل الله فى هذه الليلة أبكار القبط وابكار دوابهم ليشتغلوا عنهم ، وخرج بنو اسرائيل حتى انتصف النهار وأهل مصر فى مناحة عظيمة وعويل


أمر الوحى موسى أن يخرج ومن معه فحملوا أدواتهم وكانوا قد استعاروا من القبط ( أهل مصر ) حليا كثيرة من الذهب ، فخرجوا بها وعددهم 600 رجل بعد أن عاشوا فى مصر 430 سنةوحملوا معهم الفطير قبل ان يختمر


فسموا عامهم هذا عيد الفسخ أو عيد الفطير أو عيد الحمل


خرجوا من مصر ومعهم تابوت يوسف عليه السلام الذى كان قد أوصى بأن يدفن بأرض آبائه بالشام وقد حنطوه ووضعوه فى تابوت


وخرجوا على طريق بحر وكانوا فى النهار تغطيهم سحابة وأمامهم عمود نور ، وفى الليل أمامهم عمود نار حتى وصلوا إلى ساحل البحر نزلوا هناك


وأدركهم فرعون وجنوده من المصريين ، فقلق كثير من أتباع موسى حتى قال بعضهم ( كان بقاؤنا فى مصر أحب إلينا من الموت بهذه الصحراء )


قال لهم موسى :
(لا تخشوا فإن فرعون وجنوده لا يرجعون إلى بلدهم بعد ذلك )


أمر الله موسى أن يضرب بعصاه البحر فصار الماء على الجانبين كجبلين عظيمين وظهر بينهما اليابس ومر بنوا اسرائيل عليه ، وتبعهم فرعون وجنوده حتى إذا وصلوا منتصف الماء ضرب موسى البحر بعصاه أخرى فاجتمع الماء وغرق فرعون وجنوده وآمن فرعون وهو يغرق عندما لاتقبل توبة ممن كفر


وكان بنوا اسرائيل ينظرون إليهم من الجانب الآخر
الآيات 138 ، 139


( وجاوزنا ببنى إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم ، قالوا يا موسى اجعل لنا إلاها كما لهم آلهة ، قال إنكم قوم تجهلون * إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون )


جاوز اليهود مع نبيهم البحر ، وذهبوا قاصدين بلاد الشام ومكثوا ثلاثة أيام لايجدون ماء ، فطلبوا من نبيهم الماء ، فأمر الله موسى أن يأخذ خشبة وضعها فى الماء الأجاج فحلا وساغ شربه ، وعلمه الله وصايا وسنن وفرائض كثيرة


ومروا على قوم يعبدون لهم أصناما على صورة البقر فطلبوا من نبيهم أن يجعل لهم آلهة مثلهم ، فقال لهم موسى : أنتم قوم تجهلون عظمة الله وجلاله ويجب أن ينزه عن الشريك


إن هؤلاء الذين يعبدون الأصنام هالك ( متبر ) ما هم فيه وباطل ما يعملون


الآيات 140 ، 141


( قال أغير الله أبغيكم إلاها وهو فضلكم على العالمين * وإذ أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ، يُقتّلون أبناءكم ويستحيون نساءكم ، وفى ذالكم بلاءٌ من ربكم عظيم )


كيف بعد أن فضلكم الله على الإنس والجن تريدون منى أن أشرككم غيره فى العبادة


وذكرهم بنعمة الله عليهم إذ نجاهم من فرعون الذين كانوا يسقونهم العذاب ويسخرونهم فى الأعمال المهينة ويقتلون أولادهم ويتركون النساء وكان ذلك من المصيبة العظيمة عليهم


الآية 142


( وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة ، وقال موسى لأخيه هارون اخلفنى فى قومى وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين )


ذهب موسى لموعد ( ميقات ) مع ربه ومكث على جبل الطور يناجيه ويسأله عن أشياء كثيرة لمدة شهر وتركهم ، وأزاد له الله عشرا فأصبحت أربعين ليلة ، وترك قومه بعد أن أوصى أخاه هارون أن يظل فيهم ولا يتركهم ولا يتبع ما يأمره المفسدين منهم .


الآية 143


( ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرنى أنظر إليك ، قال لن ترانى ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف ترانى ، فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا ، فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين )


ولما جاء موسى لميقات الله تعالى وكلمه الله ، سأل الله تعالى أن يجعله ينظر إليه ويراه


فقال له الله لن تستطيع أن ترانى لأن تكوين موسى الإنسانى لا يقدر على تحمل ذلك


وقال له الله : أنظر إلى الجبل سأتجلى له فإن استطاع الجبل الإستقرار فسوف ترانى


وتجلى سبحانه وتعالى للجبل فلم يتحمل وصعق الجبل ودك وإنهار وتسوى بالأرض ، وسقط موسى مغشيا عليه


ولما أفاق موسى من غشيته قال أستغفر الله وتبت عن طلب الرؤية ثانية وأشهد بأن الله حق وأنا أول الموقنين بذلك


الآيات 144 ، 145


( قال يا موسى إنى اصطفيتك على الناس برسالاتى وبكلامى فخذ مآ آتيتك وكن من الشاكرين * وكتبنا له فى الألواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها ، سأوريكم دار الفاسقين )


قال له الله تعالى :


يا موسى إنى اختارتك وميزتك على الأنبياء فى زمانك برسالاتى وبكلامى المباشر بغير الوحى


فعليك أن تتبع ما آمرك به وتمسك به وكن من الشاكرين لأنعم الله .


وكتب الله لموسى المواعظ والأحكام وشريعة بنى إسرائيل على ألواح من الجواهى مبينة للحلال والحرام وموضحة كل شئ .


فتمسك بها يا موسى وأأمر قومك بالتمسك بها وتنفيذ ما بها


فسوف أنصركم على عدوكم وسترون عاقبة من خرج على طاعة الله من الظالمين فى أرض الشام وأملككم أرضهم وديارهم


الآيات 146 ، 147


( سأصرف عن آياتى الذين يتكبرون فى الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغى يتخذوه سبيلا ، ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين * والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم ، هل يجزون إلا ما كانوا يعملون )


يقول تعالى :


سأمنع المتكبرين الطاغين من أن يفهموا الحجج والأدلة على عظمتى وشريعتى


وكما تكبروا بغير حق وظلموا الناس فسوف أغلق قلوبهم عن اتباع الحق وكلما رأوا آية من آيات الله يعرضوا عنها ويبتعدوا عن طريق الحق إلى طريق الضلالة وذلك بسبب ظلمهم وإعراضهم عن آيات الله واتباع سبيله وتغافلوا عنها.


ومن استمر على طغيانه وغفلته فسوف لا يقبل منه أى عمل صالح يفعله لغير الله


وهذا جزاء أعمالهم الباطلة .


الآيات 148 ، 149


( واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ، ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا ، اتخذوه وكانوا ظالمين * ولما سُقط فى أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين )


.....................................................................................................


وكان رجل من السامريين من أهل الشام ، يسمى هارون السامرى قد رأى جبريل عليه السلام يمر خلف اليهود ليطمئن فرعون وجنوده إلى المرور خلفهم وكان يركب على فرس ، فأخذ قبضة من الرمال التى مر عليها واحتفظ بها


أخذ السامرى الحلى من القوم وقال أنه حرام عليهم الأحتفاظ بها وأسال الذهب وصنع لهم تمثالا على هيئة عجلا وألقى عليه الرمال التى معه ، وكلما دخل منه الريح وخرج أصدر صوت كالخوار للعجل إقتداء بمن رأول من عبدة الأبقار ، وقال أعبدوه حتى يرجع موسى


نهاهم هارون أخو بن عمران أخو موسى ولكنهم أذوه ولم ينتهوا


خاف أن يتركهم فيعيب موسى عليه تركهم وظل يدعوهم


قال الله لموسى إرجع فقد أفتتن قومك، فأخذ الألواح التى بها التوراة وعاد


الآيات 150 ـ 151


( ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتمونى من بعدى ، أعجلتم أمر ربكم ، وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه ، قال ابن أم إن القوم استضعفونى وكادوا يقتلوننى فلا تشمت بى الأعداء ولا تجعلنى مع القوم الظالمين * قال رب اغفر لى ولأخى وأدخلنا فى رحمتك ، وأنت أرحم الراحمين )


عاد موسى وتشاجر مع أخيه وحرق العجل وألقاه فى البحر ، والقى الألواح من يده مغاضبا لهم وعنفهم من سوء ما فعلوا، فاعتذروا له ، وألقوا اللوم على السامرى ، فدعا عليه موسى أن يمرض وتخاف الناس مسه ، فمرض وطرده إلى الصحراء


وأمر موسى بنى إسرائيل أن يشربوا من البحر فمن كان يعبد العجل علق على شفاههم واصفرت ألوانهم ، أما المؤمنون منهم قبل الله توبتهم


قال لهم موسى : تعجلتم لأمر الله بئس ما فعلتم من بعدى


وأخذ يجر رأس أخيه وألقى الألواح من شدة غضبه


فقال له هارون : لا تشمت بى الأعداء لقد خالفونى وأوشكوا على أن يقتلونى لما نهيتهم وخفت أتركهم تقول عند عودتك لقد فرقت جمعهم


فتركه موسى ودعا الله أن يغفر له ولأخيه وينزل رحمته سبحانه عليهما


الآيات 152 ـ 153


( إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة فى الحياة الدنيا ، وكذلك نجزى المفترين * والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم )


الذين عبدوا العجل غضب الله عليهم وذلهم فى الدنيا بأن جعلهم يقتلون بعضهم بعضا وهذا عقاب من افترى على الله بالكذب أو الشرك


ولكن الذين فعلوا السيئات ثم أنابوا إلى الله وتابوا وآمنوا بالله فيغفر لهم الله ذنوبهم


وهذا تنبيه من الله لكل من ادعى بدعة ليست من الله ولا رسوله وليست من الحق فى شئ فله الذل فى الدنيا ويوم القيامة العذاب الكبير


وهذا الحدث ورد فى سورة البقرة كما أوضحنا من قبل




 ( وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذ كم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم ، فتاب عليكم ، إنه هو التواب الرحيم )


البقرة 54


ولكن الذين عبدوا العجل لم يتب الله عليهم إلا بشرط أن يقتلوا أنفسهم


فأخذ الذين لم يعبدوه السيوف بأيديهم ، وألقى الله عليهم ضبابا حتى لا يعرف القريب قريبه ولا النسيب نسيبه ، ثم مالوا على عابديى العجل فقتلوهم


ويقال أنهم فى صبيحة واحدة قتلوا سبعين ألفا
الآيات 154 ، 155


( ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح ، وفى نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون * واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا ، فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياى ، أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ، إن هى إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدى من تشاء ، أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا ، وأنت خير الغافرين )


وبعد أن هدأ غضب موسى على قومه أخذ الألواح التى كان قد ألقى بها من شدة غضبه على عبدة العجل غيرة على الله وأسفا له وكانت قد تكسرت لأنها من جواهر الجنة فجمعها ووجد فيها ما هو هداية ورحمة لمن يخشى الله ويتبع ما فيها .


ثم بدأ موسى ينفذ تعاليم ربه


فاختار سبعين رجلا ممن لم يعبدوا العجل وكانوا لم ينهوا قومهم عن عبادته وذهب بهم ليدعوا ربهم فاهتز بهم الجبل


فقال موسى يستغفر ربه : لو أردت يارب لأهلكتنا جميعا فلا تحاسبنا بما فعل السفهاء واغفر لنا


هذا ابتلاؤك واختبارك والحكم حكمك تهدى من تشاء وتضل من تشاء


نحن أولياؤك فاغفر لنا وارحمنا


ومن غيرك يرحم ويغفر فأنت خير الراحمين ولا يغفر الذنوب إلا أنت
الآية 156


( واكتب لنا فى هذه الدنيا حسنة وفى الآخرة إنا هدنا إليك ، قال عذابى أصيبُ به من أشاءُ ورحمتى وسعت كّل شئ ، فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون )


قال موسى : اللهم اجعل لنا فى الدنيا والآخرة نصيبا من الحسنات والثواب فنحن رجعنا وتبنا عن ذنوبنا ورجعنا إليك


قال تعالى لموسى : أنى أفعل ما أريد أعذب من أريد وأغفر لمن أريد وأرحم جميع المخلوقات رحمة واسعة


سأوجب رحمتى للمؤمنين المتقين الذين يقيمون الصلاة ويدفعون الزكاةمن مالهم وأنفسهم ويطيعونى ويصدقون بآياتى


الآية 157


( الذين يتبعون الرسول النبى الأمى الذى يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التى كانت عليهم ، فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذى أنزل معه أولئك هم المفلحون )


ويغفر للذين يؤمنون بالرسول الذى كتبت صفاته فى التوراة وفى الإنجيل


وهذا الرسول يأمرهم بالخير وينهاهم عن الشر


ويحل لهم ما حرموه على أنفسهم ولم ينزل الله به أمر مثل ما حرموه من الإبل والأنعام


ويحرم عليهم أكل الخبيث من الطعام كلحم الخنزير والخمر والربا


ويسقط عنهم ما قيدوا أنفسهم به من أمور فلهم اليسر وليس التعسير


فمن يؤمن به ويعظمه وينصره ويتبع القرآن الذى بلغ به فهم المفلحون فى الدنيا والآخرة




هكذا كان التبشير فى الكتب السماوية ومع الأنبياء جميعا بمحمد صلى الله عليه وسلم
الآيات 158


( قل يا أيها الناس إنى رسول الله إليكم جميعا الذى له ملك السموات والأرض ، لآ إله إلا هو يحى ويميت ، فآمنوا بالله ورسوله النبى الأمى الذى يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون )


يا محمد : قل لجميع الناس فى جميع الأقطار على الأرض أنا رسول من الله إليكم جميعا


فالله هو الذى يملك السموات والأرض وجميع ما فيهن


الله هو الذى يحي ويميت


وهو الذى أرسلنى فآمنوا بالله ورسوله النبى الأمى الذى وصف لكم فى الكتب السماوية وبشرتم به


الذى يصدق بالله قولا وعملا ويؤمن بكلامه فى القرآن واتبعوا طريقه وهذا هو الصراط المستقيم


الآيات 159 ـ 162


( ومن قوم موسى أمةٌ يهدون بالحق وبه يعدلون * وقطعناهم اثنتى عشرة أسباطا أمما ، وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر ، فانبجست منه اثنتا عشرة عينا ، قد علم كل أناس مشربهم ، وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى ، كلوا من طيبات ما رزقناكم ، وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون * وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيث شئتم وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا نغفر لكم خطيآتكم ، سنزيد المحسنين * فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذى قيل لهم فأرسلنا عليهم رجزا من السماء بما كانوا يظلمون )


وليس جميع قوم موسى فى زمانهم كانوا فاسقين ولكن كان منهم مجموعة يتبعون الحق ويعدلون به


طلب بنوا اسرائيل من موسى الماء والسقيا ، فسألها الله ، فقال له أضرب بعصاك حجرا تخرج منه الماء


وقد فعل وانفجرت 12 عين من الحجر وقسم بنوا اسرائيل أنفسهم وفقا لهذه العيون وأصبح موسى يحمل هذا الحجر معه فى مسيرتهم كلما احتاجوا للماء ضرب الحجر بالعصا


وظلل الله بالسحب على بنوا اسرائيل فى الطريق إلى الأراضى المقدسة ورزقهم الله العسل( السلوى ) والسمان ( المن ) ( وهو طائر بين العصفور والحمام ) للتغذى عليها ، ولكنهم كانوا يظلمون أنفسهم بالرغم من آيات الله لهم ، وقال لهم أدخلوا قرية من القرى فى الطريق لعلهم يسهل لهم أسباب العيش وطلب منهم أن ينحنوا شكرا لله ويقولوا اللهم حط عنا خطايانا واغفر لنا ، فالبعض الذى آمن فعل ما قيل له والبعض زاد عتوا فرفض ورفع رأسه تحديا للسماء وقال ( حنطة ) بدلا من حطة استهزاءا بالقول ، فأنزل الله عليهم غضبه فأصابهم بالطاعون


والحنطة هى القمح


الآية 163


( وسئلهم عن القرية التى كانت حاضرة البحر إذ يعدون فى السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرّعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم ، كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون )


واسأل اليهود يا محمد عن أصحاب القرية التى كانت تقع على البحر وقد خالفوا أمر ربهم عندما نهاهم عن صيد البحر يوم السنت فتحايلوا ليخالفوا شرع الله فكانت تأتى الحيتان ( شرعا ) ظاهرة على سطح الماء يوم السبت وباقى الأيام لا تأتيهم ليختبرهم الله بفسقهم وخروجهم على طاعته
فقد حرم الله فى التوراة العمل يوم السبت فى فترة من الزمان أختبارا لهم لكثرة تمردهم .


وقيل أن أهل مدينة أيلة بين مدينة مدين وجبل الطور ، وكانت تقع على بحر القُلزُم وكانوا متمسكين بدين التوراة فى تحريم السبت ، فى ذلك الزمان ، فكانت حيتانهم قد ألفت منهم السكينة فى هذا اليوم الذى كان يحرم عليهم فيه الصيد بالبحر ، وأيضا جميع المكاسب والتجارات والصناعات ، فكانت تأت الحيتان كثيرة مسترسلة يوم السبت ، ويوم لا يسبتون لا تأتيهم حيث كانوا يصطادونها ، وكان ذلك اختبارا لهم من الله بسبب فسقهم المتقدم ، فلما رأوا ذلك احتالوا على إصطيادها فى يوم السبت ، فنصبوا لها الشباك والحبال، وحفروا الحفر التى يجرى معها الماء إلى المصائد ، فإذا دخل السمك لا يستطيع أن يخرج ، فكانوا يفعلون ذلك يوم الجمعة وتدخل الحيتان يوم السبت فتحبسها المصائد وتظل بها يوم السبت ثم يأخذونها يوم الأحد .


ولذلك غضب الله عليهم وعلى إحتيالهم وإنتهاكهم محارمه.
الآيات 164 ـ 166




( وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا ، قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون * فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون * فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين )
وأفترق الذين لم يفعلوا ذلك ثلاث فرق :


ـ فرقة ارتكبت ما نهى عنه الله


ـ و فرقة تنكر هذا الصنيع


ـ وفرقة لم ينهوا بل أنكروا على من أنكروا وقالوا :


( لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا )




أى ـــ ما الفائدة فى الإنكار عليهم والله يغضب عليهم وسيعذبهم
فقالت الفرقة المنكرة نأسف لربكم على بما فعلنا من أمر بالمعروف والنهى عن المنكر


وذلك كزيادة فى تأنيبهم والإصرار على موقفهم من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ليتبرؤا مما هم فيه


فلما لم ينته الفاعلون أنجى الله الفرقة الناهية عن المنكر ، الآمرة بالمعروف وعذب الذين ظلموا بعذاب شديد ( بئيس ) وجعل منهم القردة والخنازير ليكونوا عبرة لمن خلفهم.


وبذلك عذب الخاطئين


ونجا الأمرين بالمعروف الناهين عن المنكر


وسكت عن الساكتين وتجاهلهم لأنهم تجاهلوا وسكتوا عن الحق


فالجزاء من جنس العمل


الآيات 167


( وإذ تأذّن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب ، إن ربك لسريع العقاب ، وإنه لغفور رحيم )


وأمر ( تأذن ) الله ليبعث على اليهود بسبب عصيانهم ومخالفة شرعه من يسقيهم العذاب إلى يوم القيامة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم


فالله سريع العقاب لمن عصاه وخالف شرعه وغفور رحيم لمن تاب ورجع إليه


الآيات 168 ـ 170
( وقطعناهم فى الأرض أمما ، منهم الصالحون ومنهم دون ذلك ، وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون * فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ، ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه ، والدار الآخرة خير للذين يتقون ، أفلا تعقلون * والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين )
فرق الله اليهود فى الأرض فرقا وطوائف فيهم الصالح وفيهم الطالح واختبرهم بالرخاء وبالشدة والرهبة والرغبة والبلاء والعافية لعلهم يرجعون عما يعملون من سيئات .


وبعد هذا الجيل الذى صلح فيه من صلح وطغى من طغى جاء جيل آخر درسوا التوراة وورثوا الكتاب عن أنبيائهم ولكن لا خير فيهم واستبدلوا الحق بباطل الدنيا ويعدون أنفسهم بمغفرة الله


وإذا تعرضوا لمثل ما فعل السابقون وقعوا فيه ، يعملون الذنب ويستغفرون ثم يقعوا فيه ثانية ويفعلوا ما فعلوا من قبل


وقيل هم النصارى


لا يعرض لهم شئ من الدنيا إلا أخذوه حلالا أو حراما ويتمنون المغفرة


وينكر الله عليهم ذلك بالرغم ما أخذ عليهم من مواثيق وعهود بأن يبينوا الحق للناس ولا يكتموا الحق من الله


فإن الآخرة خير من الدنيا وثوابها أعظم لمن اتقى


أليس لهؤلاء عقول يفرقون بها بين الحق والباطل


أما الذين اعتصموا بكتاب الله وأوامره وأقاموا الصلاة فالله لايضيع عمل المصلحين لعملهم .


الآية 171


( وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا مآ آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون )


وكلما أمرهم موسى بما أمره الله تثقل عليهم ولا يعملوا بها فرفع الملائكة عليهم الجبل كأنه ظلة وكادوا يدكونهم به لولا استغفارهم


...................


لما جاءهم موسى بالألواح فيها التوراة أمرهم الله بالأخذ بما فيها وقبولها بقوة وعزم


فقالوا : إ قراها علينا ، فإن كانت أوامرها ونواهيها سهلة قبلناها


فقال لهم : بل اقبلوها بما فيها


فراجعوه مرارا


فأمر الله الملائكة فرفعوا جبل الطور فوق رؤسهم حتى كان كأنه ظلة كالغمامة على رؤسهم وقيل لهم إن لم تقبلوها بما فيها وإلا سقط عليكم هذا الجبل


فقبلوا التوراة.


وأمروا بالسجود فسجدوا وهم أذلة ينظرون إلى الجبل بشق وجوههم


وصارت تلك سنة لليهود يقولون ( لاسجدة أعظم من سجدة رفعت عنا


العذاب )


الآيات 172 ـ 174


( وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم ، قالوا بلى شهدنا ، أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين * أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم ، أفتهلكنا بما فعل المبطلون * وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون )


يخبرنا الله :


استخرج ذرية بنى آدم من أصلابهم شاهدين على أنفسهم بأن الله هو ربهم وأنه لا إله إلا هو وفطرهم وجبلهم على ذلك


وفى ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله أخذ الميثاق من ظهرآدم بنعمان يوم عرفة ، فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرها بين يديه ، ثم كلمهم قبلا ، قال :


( ألست بربكم ، قالوا بلى شهدنا ، أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين * أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم ، أفتهلكنا بما فعل المبطلون )


وهكذا نوضح لك يا محمد الآيات لعل المشركون يتراجعون عن شركهم .


الآيات 175 ـ 177


( واتل عليهم نبأ الذى آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين * ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه ، فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ، ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا ، فاقصص القصص لعلهم يتفكرون * ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون )
يقول تعالى :


اذكر عليهم يا محمد خبر هذا الرجل الذى أتاه الله العلم ، ولكنه اتبع خطوات الشيطان فكان من ( الغاوين ) أى الهالكين الحائرين


ولو شاء الله لرفع قدره وصلح عمله ورفعه من التدنس عن قاذورات الدنيا ودخل الجنة ولكن هذا الرجل اتبع هواه وركن لما فى الأرض من نعمة زائلة وأصبح كالكلب يلهث فى جميع الأحوال مستمرا فى ضلاله


( وقال العلماء أنه اندلع لسانه على صدره مثل الكلب عند لهثه )


وهذا مثال لأقوام كذبوا بنعم وآيات الله


فقص عليهم القصص ليعتبروا ولا يكونوا مثله إن أعطاهم الله علما فلا يجحدوه فبئس الأقوام المكذبين فهم لا يظلمون إلا أنفسهم فمن اتبع هواه مثله كمثل الكلب






وقصة هذا الرجل هى :


كان رجل من بنى إسرائيل يدعى بُلعُم بن آبر وهو من قوم كنعان ، وهذا الرجل كان يعرف اسم الله الأعظم وكان يدعوا به وكان مجاب الدعوة .


ولما انتهت الأربعون سنة فى التيه معاقبة لعصيان اليهود ومات موسى وهارون ، بعث الله تلميذ موسى عليه السلام يوشع بن نون نبيا


دعا بنى إسرائيل وأخبرهم بأنه نبى وأن الله يأمره أن يقاتل الجبارين فى الأرض المقدسة ـــ وهى أرض كنعان من الشام بلاد يعقوب عليه السلام ــــ ويدخلها مع بنوا اسرائيل


بايعوه وصدقوه


انطلق بُلعُم وأتى الجبارين من قوم كنعان وقال لهم : لا تخافوا من بنى إسرائيل فإنى إذا خرجتم تقاتلوهم أدعوا عليهم فيهلكون


وكان بلعم له ما يشاء من الدنيا عندهم إلا أنه كان لا يستطيع أن يأتى النساء لأنهن عظيمات فى قومهن ، فكان ينكح أتانا له


سار بلعم إلى الجبل المطل على عسكر بنى إسرائيل وهو جبل حسبان ، ووقف يدعوا على بنى إسرائيل


ولكن الله كان يصرف دعاءه ولسانه فكلما دعا بشر على بنى إسرائيل جعل لسانه يدعو على الجبارين ولا يدعو على الإسرائيليين


فقال له قومه : أتدرى ما تصنع يا بلعم ؟إنما تدعو لهم وتدعو علينا


فقال هذا ما لاأملك قد غلب الله على لسانى قد ضاعت منى الدنيا والآخرة


وقرر الإحتيال والمكر


جملوا النساء وأعطوهن السلع وذهبن لبيعها فى معسكر الإسرائيليين وأمروهن بإغواء بنى إسرائيل ولا يمنعن أنفسهن منهم


ففعلن كما أمرن


فلما دخلت النساء المعسكر مرت إمرأة كنعانية برجل عظيم من بنى إسرائيل ولما رآها أعجبته ، فأخذها وذهب إلى نبيه وقال له :


إنى أظنك ستقول هذا حرام عليك لا تقربها ؟


قال النبى : أجل هى حرام عليك


قال الرجل : فوالله لا أطيعك فى هذا ، ودخل بها قبته فوقع عليها


فأرسل الله الطاعون فى بنى إسرائيل


وكان فنحاص بن العيزار بن هارون غائبا فلما جاء أخبر الخبر فأخذ حربته من حديد كلها ودخل القبة على المرأة والزانى من بنى إسرائيل وأدخلهما فى الحربة ثم خرج بهما رافعهما إلى السماء وهو يقول :


اللهم هكذا نفعل بمن يعصيك


ورفع الله عنهم الطاعون


وهلك منهم بالطاعون سبعين ألفا
الآية 178، 179


( من يهد الله فهو المهتدى ، ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون * ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس ، لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها ، أولئك كالأنعام بل هم أضل ، أولئك هم الغافلون )


من هداه الله فلا مضل له ومن أضله الله فهذا الخسران والخيبة ولا هادى له
ثم يقول تعالى :


لقد خلقنا ( ذرأنا ) لجهنم كثير من الجن والإنس يعملون بعمل أهل النار


هؤلاء لهم قلوب ( عقول ) لا يفهمون بها ولهم عيون لا تبصر الحق ولهم آذان لا تسمع النصيحة حتى يهتدوا


فهم مثلهم كمثل الأنعام الضالة التى لا تنتفع بهذه الحواس بل هم أضل منهم لأن الأنعام قد تطيع صاحبها بطبعها ، أما الكفار والمشركين والعاصين لا يطيعون لا بطبع ولا بعقل .


الآية 180


( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ، وذروا الذين يلحدون فى أسمائه ، سيجزون ما كانوا يعملون )


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لله تسعة وتسعين إسما ، مائة إلا واحدا ، من أحصاها دخل الجنة ، وهو وتر يحب الوتر "


كما قال صلى الله عليه وسلم " ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال : اللهم إنى عبدك ابن عبدك ابن أمتك ، ناصيتى بيدك ، ماض فىّ حكمك ، عدل فىّ قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك ، سميت به نفسك ، أنزلته فى كتابك ، أو علمته أحدا من خلقك ، أو استأثرت به فى علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبى ونور صدرى وجلاء حزنى وذهاب همى ، إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه فرحا "
وهذا دليل على أن أسماء الله لا تقتصر على التسعة والتسعين فقط


ولما سؤل الرسول صلى الله عليه وسلم : يارسول الله أفلا نتعلمها ؟


فقال " بلى ينبغى لكل من سمعها أن يتعلمها "


وفى الآية يقول تعالى :


ادعوا الله بأسمائه ودعوكم من الكافرين الذين ينكرون اسمائه ويدعون بها غيره من الأصنام مثل اللات والعزى


فالله يعلم ما يعملون وسيجزيهم بما عملوا


الآيات 181 ـ 183


( وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون * والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون * وأملى لهم ، إن كيدى متين )


يقول سبحانه :


ومما خلقنا من أمم تدعوا إلى الحق وتحكم به ويعملون به


أما المكذبين الذين اتخذوا طريقا غير طريق الله سوف نستدرجهم ونفتح لهم أبواب الرزق الوفير حتى يغترون بالدنيا حتى يظنون أنهم قادرون عليها ثم نأخذهم بعذاب شديد


فالله يملى لهم ويتركهم حتى إذا أخذهم لم يفلتهم
الآيات 184 ـ186


( أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة ، إن هو إلا نذير مبين * أولم ينظروا فى ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شئ وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم ، فبأى حديث بعده يؤمنون * من يضلل الله فلا هادى له ، ويذرهم فى طغيانهم يعمهون )


ألم يتفكر المكذبون بآياتنا


ليس محمد بمجنون بل رسول الله حقاينذر من كان له قلب ( عقل ) يفكر به


أم لم ينظر هؤلاء المكذبون فى ملك الله وسلطانه فى السموات والأرض وما خلق فيهما ليعتبروا


ألم يحذروا أن ينتهى أجلهم ويعذبوا بما فعلوا


فبماذا بعد كل هذا من التحذير والترهيب يصدقون


فمن غضب الله عليه وأضله فلا أحد يمكنه هدايته ولن يوقظهم من غفلتهم أحد


الآية 187


( يسئلونك عن الساعة أيان مرساها ، قل إنما علمها عند ربى ، لا يجليها لوقتها إلا هو ، ثقلت فى السموات والأرض ، لا تأتيكم إلا بغتة ، يسئلونك كأنك حفى عنها ، قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون )


يسألونك يا محمد متى القيامة ومتى تنتهى الدنيا


فقل لهم إنما هذا من علم الله وحده


هو يعلم متى وقتها ومتى تكون


وخفى علمها عن أهل السموات والأرض


تأتى فجأة وعلى غفلة منكم


هم يسألونك يا محمد كأنك تعلم شئ عن موعدها


فقل لهم يعلمها الله أما الناس فلا يعلمون ذلك


الآية 188


( قل لا أملك لنفسى نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ، ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء ، إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون )


قل لهم يا محمد أنك لا تعلم إلا ما علمك الله به


و أنك لا تملك لنفسك من خير ولا شر إلا بإذن الله


ولو أنك كنت تعلم الغيب لكنت استكثرت من الخير لنفسك وأبعدت عنك الشر والفقر


وقل لهم أنك نذير من العذاب وبشير بالثواب والجنة لمن آمن وعمل صالحا
الآيات 189 ، 190


( هو الذى خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها ، فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به ، فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين * فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما ، فتعالى الله عما يشركون )


خلق الله الناس جميعا من آدم وحواء التى خلقها ليركن ويسكن إليها وجعل لهما الذرية


ثم يسيق الحديث العام على ذريتهما من الذكر والأنثى فيقول :


فلما وطئها ( تغشاها ) أى وطأ بعض الذكور الإناث حملت أول الحمل الخفيف فى مدته الأولى بدون تعب


ثم استمرت بحمله ( فمرت به ) ، ولما ثقل الحمل وكبر الولد فى بطنها دعوا الله بأن يجعله بشرا حسنا سويا ووعدا أن لو جعله الله جيدا حسنا ليشكرون الله و يطيعونه


ولكن لما جعله الله بشرا سويا خلفا وعدهما لله جعلوا الشركاء لله وعبدوا غيره كما حدث من اليهود والنصارى والمشركين


فتطهر وعلا الله عما أشركوا به .


الآيات 191 ـ 194


( أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون * ولا يستطيعون لهم نصرا ولآ أنفسهم ينصرون * وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم ، سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون * إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم ، فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين )


عجبا للمشركين ، كيف يشركون فى عبادة الله من لا يخلق شئ بل تعدى ذلك أن الله خلقهم هم


ولا يستطيعون نصر هؤلاء المشركين ولا حتى ينصرون أنفسهم لينقذوهم وينقذون هؤلاء المشركين من عذاب الله


ولو دعوتهم إلى طريق الله وطاعته لا يستجيبون ، وإذا دعوتهم أو لم تدعوهم فهو سواء بالنسبة لهم فهم لا يستجيبون


هؤلاء الذين تعبدون من دون الله هى مخلوقات الله وعباده مثلكم تماما


وجربوا وادعوهم لتروا هل يستجيبوا لكم أم لا لو كان ما زعمتم به بصدق فى اعتقادكم فهى أصنام لا تعى من دعاءكم شيئا .


الآيات 195 ـ 198


( ألهم أرجل يمشون بها ، أم لهم أيد يبطشون بها ، أم لهم أعين يبصرون بها ، أم لهم آذان يسمعون بها ، قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون * إن وليى الله الذى نزل الكتاب ، وهو يتولى الصالحين * والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولآ أنفسهم ينصرون * وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا ، وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون )


قل لهم يا محمد انظروا فهى أصنام ليس لها أرجل ولا أيادى ولا أعين لتبصر ولا آذان لتسمع


جربوا وادعوهم ولا تؤخرونى لحظة واحدة واجتهدوا


الله هو الولىّ لى الذى أنزل القرآن وهو ولىّ الصالحين من عباده


أما ما تعبدون من دونه لا يقدرون على إعانتكم ولا إعانة أنفسهم


فهم يتوجهون إليكم بعيون مصورة كأنها تنظر إليكم ولكن فى الحقيقة هى لا تراكم فهى جمادات وحجارة لا تبصر .


الآيات 199 ـ 200


( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين * وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله ، إنه سميع عليم )


يا محمد خذ ما أتوك به من أموال وما عفى لك منها فخذه واصفح عن المشركين واعف عن السيئ من أخلاقهم


" وكان ذلك لمدة عشر سنين من بداية الدعوة حتى تستقيم الأمور ويقوى المسلمين ثم أمره بالغلظة عليهم بعد ذلك "


وإذا وسوس لك الشيطان بغير ذلك ليغضبك منهم فتعوذ بالله من الشيطان


فالله يسمع ويرى ويعلم خبايا الأمور


الآيات 201 ـ 202


( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون * وإخوانهم يمدونهم فى الغى ثم لا يقصرون )


فإن من صفات المؤمنين أنهم إذا أصابهم غضب ووسوسة من الشيطان لجأوا لله وتعوذوا به وتذكروا عقاب الله فيتوبون ويرجعون ويستقيموا على الحق


وإخوان الشياطين من الإنس يساعدون الشياطين على المعاصى ويستجيبون لهم ويزيدونهم جهلا وسفها و( لا يقصرون ) لا ينتهون عما يفعلون ولا تنتهى الشياطين عن غوايتهم


الآية 203


( وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها ، قل إنما اتبع ما يوحى إلىّ من ربى ، هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون )


وكلما جئت لهم بآية ومعجزة من الخوارق يقولون لك لو كنت تأت بها أنت من السماء وتطلبها من الله فنراها


فقل لهم أنا اتبع ما يوحيه الله ويأمرنى به


هذا القرآن أعظم المعجزات وأوضح الدلالات من الله ربى وربكم لمن آمن هو رحمة ونجاة من الشرور .


الآية 204


( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون )


وإذا سمعتم القرآن يتلى فأنصتوا له واستمعوا ولا تشوشوا عليه ففيه رحمة لكم لو تدبرتوه


الآيات 205 ، 206

( واذكر ربك فى نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والأصال ولا تكن من الغافلين * إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون )


ويأمر الله المؤمنين بتذكر الله والتسبيح فى النفس والعلانية فى أول النهار وفى آخره خشية ورهبة ولا تغفل عن ذكر الله


فمن يرغب فى رحمة الله وجزاءه يفعل مثل ما يفعل الملائكة من عبادة وطاعة لله ولا يستكبرون عن ذلك ويسبحون ويسجدون ويصلون لله .


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


تمت بحمد الله تعالى