مــــرحــــــباَ بـــأحـبـــاب الله مــعــاَ

في طريق الجنة


الثلاثاء، 28 سبتمبر 2021

تفسير سورة البقرة

 

 

 

شرح سورة البقرة

بسم الله الرحمن الرحيم

الآية 1

( ألم : )


الحروف فى بداية السور قال فيها العلماء عدة أقوال :

1 ـ أن هذا القرآن بنفس حروف الهجاء بلغة العرب ، حتى ينتبهوا لما ينزل من السماء على رسول الله
صلى الله عليه وسلم لأنه يحدثهم فى امور دنياهم وأخراهم

2 ـ أن هذا القرآن ينزل بنفس حروف الهجاء للغتهم ولم يفهموا معناها بالرغم من براعتهم فى استخدام اللغة

3 ـ ويتحدى البلغاء منهم أن يأتوا بسورة مثلها ، أو آية

فهو أداة إعجاز كما كانت العصاة أداة إعجاز موسى

4 ـ عندما يحدث البلغاء بحروف لم يفهموها فهذا يجذب الأنتباه

فكأنه يقول ( انتبهوا فالأمر جد خطير )

الآية 2

 

(  ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (

توجد العلامتان :. :. وهذه تقرأ بقراءتين بوقف عند علامة منهما

والوصل بعد الأخرى

أ ـ ( ذلك الكتاب لا ريب ) تعنى أن القرآن بلا شك أن فيه هدى للمتقين

ب ـ ( ذلك الكتاب لا ريب فيه ) تعنى أن القرآن ليس به شك ولا يحتمل الشك

وأنه هدى للمتقين

الآيات 3 ، 4 ، 5

(  الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ *وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ *أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )

تصف المتقين

بأنهم الذين يؤمنون بمحمد ومن سبقه من الرسل
... لماذا شرط الايمان بمحمد ؟
لان جميع الانبياء نبهوا بقدوم خاتم الانبياء ومعه الدين الذى اختاره الله للناس ومع ذلك كفروا به حقدا وحسدا ومسحوا الايات من التى تشير له من كتب الله التوراة والانجيل

ويؤمنون بالغيب ، ويؤدون الصلاة فى أوقاتها

وينفقون فى سبيل الله المال والنفس والوقت والجهد

ويؤمنون بالآخرة والحساب

وهؤلاء هم المفلحون الفائزون .

الآية 6 ، 7

 

(  إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ  *خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (


سبحانه وتعالى يصف الكفار من يهود المدينة والمشركين بأن لهم قلوب عليها أقفال ، والمقصود بها عقول حيث العقل محله القلب ، وأن إنذارهم أو عدم إنذارهم سواء بالنسبة لعقولهم التى ختم الله عليها فهم لا يؤمنون لأن الكبر طغى على استخدام العقل للإيمان .
...................................
8 ــــ 16


(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ  *يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ *فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ  *وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ  *أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ  *وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ  *وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ  *اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ  *أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ (

نزلت فى عبد الله بن أبى وأصحابه المنافقين ذلك أنهم خرجوا ذات يوم فاستقبلهم نفر من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فقال عبد الله لأصحابه " انظروا كيف أرد عنكم هؤلاء السفهاء

فذهب ، فاخذ بيد أبى بكر فقال : مرحبا بالصديق سيد بنى تميم وشيخ الإسلام وثانى رسول الله فى الغار ـ الباذل نفسه وماله لرسول الله

ثم أخذ بيد عمر فقال : مرحبا سيد بنى عدى بن كعب الفاروق القوى فى دين الله الباذل نفسه وماله لرسول الله

ثم أخذ بيد على بن أبى طالب فقال : مرحبا بابن عم رسول الله وختنه سيد بنى هاشم ما خلا رسول الله

ثم افترقوا فقال عبد الله لأصحابه : كيف رأيتمونى فعلت ، فإذا رأيتموهم فافعلوا كما فعلت

فأثنوا عليه خيرا فرجع المسلمون إلى النبى
صلى الله عليه وسلم فأخبروه بذلك فنزلت الآيات

الآيات 17 ـــ 20


(  مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ *صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ  *أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ  *يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )


وكان رجلان من المنافقين من أهل المدينة هربا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين فأصابهم المطر الذى ذكره الله فى الآية فيه رعد وبرق وصواعق ، فجعلا أصابعهما فى آذانهما خوفا من أن يصيبهما الرعد والصواعق ، وإذا لمع البرق مشيا فى ضوئه ليلا وإذا لم يلمع لم يبصرا ،فيثبتا مكانهما وجعلا يقولان ليتنا قد أصبحنا فنأت محمدا فنضع أيدينا فى يده .

وقد حدث
أسلما وحسن إسلامهما فضرب الله بهما المثل كمثال لمنافقى المدينة.

وقد كان المنافقين إذا حضروا مجلس الرسول
صلى الله عليه وسلم جعلوا أصابعهم فى آذانهم خوفا من أن يسمعوا كلامه كما فعل هذان الرجلان ، وقال أنهم يضعون أصابعهم فى آذانهم خوفا من أن يصيبهم الصواعق والنور الذى جاء به محمد وهو الضوء الذى يضئ لهم الطريق.

وكانوا إذا هلكت أموالهم وأولادهم قالوا مثلما قال هذان المنافقان وارتدوا كفارا


وهذا العرض لأنواع الناس الثلاث ـ المؤمنين ، والكفار ، والمنافقين ـ يأت فى بداية السورة إيضاحا للناس ليأتوا التقوى ويبتعدوا عن الكفر والنفاق حيث أن السورة تشمل بعد ذلك ما يهم الناس من أمور دينهم ودنياهم وأخراهم من تشريع وأحكام ويضرب الأمثال باليهود وفرعون وموسى وقومه ليكونوا عبرة لمن يعتبر .

 

الآيات 21 ، 22

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ )

ينتقل جل جلاله بعد ذلك لنداء الناس جميعا ويذكرهم بالمطر وخروج النبات من الأرض ، وأن ذلك من صنع الله وحده وأنه لا شريك له فى ذلك ويدعوهم إلى عبادته وطاعته إذ خلقهم من نفس واحده وخلق من قبلهم من الجن والإنس

فسبحانه الذى مهد الأرض وأسقط المطر وأخرج الزرع وهذه آيات للناس لعلهم يتقون

الآيات 23 ، 24

(  وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ *  فإن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ )

يتحدى الخالق سبحانه وتعالى من فى قلبه شك بأن يأتوا بسورة واحدة مثل آيات القرآن الكريم ويدعون الناس للإيمان بها وينفى عنهم أن يستطيعوا ذلك ، ويدعوهم للمخافة من العقاب والنار .

الآية 25

(  وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )


وفى مقابل العذاب يوجد التبشير بالثواب والجزاء للمؤمنين الذين يعملون الصالحات بأن لهم الجنة التى فيها من الثمرات التى يتعرفون عليها ولكنها لا تفسد وبصورة أجمل مما رأوها فى الحياة الدنيا وأن لهم فى الجنة أزواج طاهرة لا تحيض ولا يتغوطون ولا يتمخطون ولا يخرجون وخالدين فى الجنة.

الآية 26

(إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ )

تعجب بعض المشركين والمنافقين من أن الخالق يضرب الأمثال فى الآيات أحيانا بالبعوضة والذباب وأحيانا بالنحل والنمل ،

وفى هذه الآية يقول لهم أن الله لا يستحى من ذلك ليعلمهم دينهم ، والمؤمن من يتخذ العبرة والفهم ، أما الكافر فلا يهتدى قلبه ويضله الله على علم ، وأن هؤلاء هم الفاسقين


الآية 27

(   الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ )

توضح علامات الفسق وهى :

نقض عهد الله بعد تأكيده ( مثل العقود من زواج وتجارة واتفاقات ) ـ قطع ما أمر الله به أن يوصل من صلة الرحم والمودة فى القربى ـ أقتراب الفواحش ـ البعد عن تعاليم الله ، وأن هذا هو الخسران الواضح

الآية 28

(  كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )


يوضح سبحانه أن الله هو خالق الناس من العدم ثم أماتهم ثم يحييهم يوم القيامة تارة أخرى للمحاسبة والرجوع إلى الله الحى الذى لا يموت

الآية 29

(  هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )

1.                               
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كان الله ولم يكن شئ غيره ، وكان عرشه على الماء وكتب فى الذكر كل شئ وخلق السموات والأرض "


وقال لأبى هريرة " خلق الله التربة يوم السبت وخلق الجبال يوم الأحد وخلق الشجر يوم الأثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق النور يوم الأربعاء وبث الدواب يوم الخميس وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة آخر خلق خلق فى آخر ساعة من ساعات الجمعة بين العصر إلى الليل "

وقال
صلى الله عليه وسلم " يا أبا هريرة إن الله خلق السموات والأرض وما بينهما فى ستة أيام ثم استوى على العرش يوم السابع وخلق التربة يوم السبت "

وقال " إن الله كان عرشه على الماء ولم يخلق شيئا مما خلق قبل الماء ، فلما أراد أن يخلق الخلق أخرج من الماء دخانا فارتفع فوق الماء فسما ه سماء ثم أيبس الماء فجعله أرضا واحدة ثم فتقها فجعل سبع أرضين فى يومين ( الأحد والأثنين ) وخلق الأرض على حوت وهو النون الذى قال تعالى فيه ( ن والقلم وما يسطرون )

والحوت فى الماء ، والماء على صفات والصفات على ظهر ملك ، والملك على صخرة ، والصخرة فى الريح ، وهى الصخرة التى ذكرها لقمان ، ليست فى السماء ولا فى الأرض فتحرك الحوت فاضطرب فتزلزلت الأرض ، فأرسى عليها الجبال فقرّت

وخلق الله يوم الثلاثاء الجبال وما فيهن من المنافع وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والمدائن والعمران والخراب وفتق السماء وكانت رتقا فجعلها سبع سموات فى يومين الخميس والجمعة

وإنما سمى يوم الجمعة : لأنه جمع فيه خلق السموات والأرض وأوحى فى كل سماء أمرها ،

ثم قال : خلق فى كل سماء خلقها من الملائكة والبحار وجبال البرد ومالا يعلمه غيره

ثم زين السماء بالكواكب فجعلها زينة وحفظا يحفظ من الشياطين

فلما فرغ من خلق ما أحب استوى على العرش


وقال
صلى الله عليه وسلم " لما قضى الله الخلق كتب فى كتابه فهو عنده فوق العرش : إن رحمتى غلبت غضبى "


وعن أبي هريره
رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : " من أخذ شبرا من الأرض بغير حقه ، طوقه من سبع أرضين " رواه مسلم وأحمد.

ومن هذا نفهم أن الله خلق سبع سموات وسبع أرضين.

ويقول الإمام ابن كثير : ( إن كل واحده فوق الأخري والتى تحتها فى وسطها عند اهل الهيئه حتي ينتهي الأمر إلى السابعه ، وهي صماء لا جوف لها ، وفي وسطها المركز ، وهي نقطه مقدره متوهمه ، وهو محط الأثقال إليه ينتهي ما يهبط من كل جانب إذا لم يعاوقه مانع ).

وهذا هو ما أثبتته علوم تكون الأرض من وجود طبقات تختلف فى خواصها ومكوناتها حتى تصل إلى المركز ، وهو مركز ثقل الأرض ، والسموات بينها مسافات وفواصل أما الأرضين متراكمات، وقد إختلفالسلف فى تفسير ذلك .

ثم خلق سبحانه وتعالى كما وضح من الحديث الشريف ما على الأرض من سطحها الجبال ، الدواب ، الزروع ، البحار ، وكل شيء كان على وجه الأرض

الآية 30
... البقرة

(
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ )

يخبر الله الملائكة بأنه سيخلق خلقا من نوعا جديدا ليطبق تعاليم الله فى الأرض ويجعل منهم خلفاء لبعضهم البعض

فقالت الملائكة متسائلة بتعجب " كيف تخلق خلقا آخريسفك الدماء مثلما فعلت الجان من قبل ويفسدون فى الأرض ، وهل هذا بسبب تقصير منهم فى العبادة ، وكيف العظيم الذى نسبحه ونقدسه تكون مثل هذه المخلوقات التى لا تطيعه "

فقال لهم الله عز وجل أن هذا على قدر علمهم وإنما هو سبحانه يعلم ما لم يعلموا ، يعلم أنه سيكون منهكم الأنبياء والصالحين والشهداء والصديقون.

وهذا الخلق من نوع جديد .. فالخلق منها ماهو مجبول على الطاعة كالملائكة جنود الله ، ومنها ماهو يتصرف بالفطرة مثل جميع الحيوانات والنباتات والجمادات ومنها ما هو مخير وغير مبدع كالجان ، وكانت ارادة الله ان يخلق خلق جديد يبدع ويكتشف ويصنع وينشئ ويداوى ويطيع بارادته فخلق الانسان وفى ذلك كله اثبات لقدرة الله وعظمته فى الخلق

سبحانه وتعالى العلى القدير .
الآية 31

(وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (

2.                               
وليدل لهم على أنه الحق ويعلم قدرة من خلق ضرب لهم مثلا فعلم آدم أسماء الأشياء كلها وهى ما يتعارف عليه الناس ( إنسان ـ حيوان ـ أرض ـ سماء ـ جبل ـ جمل ـ حمار ـ وما شابه ذلك ... )

الآية 32

(
قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (


ثم عرض الأشياء على الملائكة وسألهم عن أسمائهم ، فلم يعرفوا وقالوا

(
سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا )

ثم عرض الأشياء نفسها على آدم فذكر أسمائها

وهذا يدل على أن الله سيتولى عباده بالتعليم والهداية

والله يحيط بكل شئ علمافقال للملائكة فى :

 الآية 33

( قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ )

ما تسرون .. أى ما يكتمون فى أنفسهم نم تعجب واستفسار ، وما يكتم إبليس من كبر وغرور وغيرة من هذا المخلوق الجديد ـ آدم ـ

وما يسرون من أنهم جبلهم الله على الطاعة والعبادة لله فلن يكن مثلهم من مخلوقات فى الطاعة

ما تبدون .. هو ما أظهروا من تساؤلات

الآية 34

(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (


أسر الملائكة إبليس عندما أفسدوا فى الأرض بعد أن قاتلوا الجن وأجلوهم إلى الجزر ، وكان إبليس ملكهم الصالح وأسمه عزازيل حينئذ ، وعاش مع الملا ئكة فى الجنة

عندما انتهى الله عز وجل من خلق آدم عليه السلام من الطين وتركه ليجف ، قال للملائكة ومعهم عزازيل إذا نفخت الروح فى آدم وقام رجلا فاسجدوا له ( والسجود هنا ليس سجود عبادة وإنما إنحناءة التحية )

1.                                               ولكن نظر إبليس نفسه بطريق المقايسة بينه وبين آدم ورأى نفسه أشرف من آدم ، فامتنع عن السجود


هذا القياس من إبليس كان فاسد الأعتبار فإن الطين أنفع وخير من النار حيث الطين فيه الرزانة والأناة والنوم أما النار فيها الطيش والخفة والسرعة والإحراق
ثم آدم شرفه الله بأربعة تشريفات

1 ـ خلقه بيده الكريمة

2 ـ نفخ فيه من روحه

3 ـ أمر الملائكة بالسجود له

4 ـ علمه الأسماء

وهنا كان عدم تنفيذ إبليس الأمر من الله كان من الكفر لأنه رد الأمر على ربه وامتنع استكبارا وليس عجزا
غضب الله عليه وأخرجه من رحمته وسماه إبليس ( أى خارج عن الطاعة وخارج من رحمة ربه )

الآية 35

(
وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ
(

خلق الله آدم عليه السلام من الطين الذى جمعه له ملك الموت من الأرض جميعها ولما نفخ فيه الروح ، وسجدت الملائكة تحية له ، ورفض إبليس فطرده الله من الجنة

مسح الله على ظهر آدم ، فخلق حواء لتكون له مؤنسا ،وسميت حواء لأنها خلقت من شئ حى ، وأمر الله تعالى آدم وزوجه بالعيش والتمتع من ثمار الجنة ، وكان يغطى جسمهما الشعر ولا يريان لهما عورة أو سوءة

وأراد أن يحقق سبحانه وتعالى السبب فى خلقهما وهو ( الطاعة الإرادية لله ، بعد أن لم يحققها الجن وإبليس ) ، فأمرهما أن لا يأكلا من إحدىالأشجار إختبارا لطاعتهما ، ويقال أنها كانت شجرة تين ومن قال أنها شجرة الحنطة ومن قال الكروم ومن قال النخلة

الآية 36

(
فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ )


أزلهما الشيطان ، أى أمرهما بالعصيان وأبعدهما عن الطاعة

أمرهما فى صورة النصيحة بالأكل من الشجرة وخدعهما بأنه ناصح أمين ، وغرهما أن الله منعكما منها حتى لا تصبحا ملكين ، أو تخلدان ،فأكلا من الشجرة ، وعند ذلك ظهرت لهما عورتهما ، فخجلا وأخذا يخطفان من أوراق الشجر ليغطيان سوءاتهما

فغضب الرحمن وقال لهما أخرجا من الجنة واهبطا إلى الأرض فاسكناها كعدوين يكيد كلاكما للآخرإلى فترة من الزمن ترجعون بعدها إلى الله للحساب

الآية 37

(فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال آدم عليه السلام أرأيت يا رب إن تبت ورجعت أعائدى إلى الجنة ، قال نعم "

وقيل أنه قال ( اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك ـ رب إنى ظلمت نفسى فاغفر لى ، إنك خير الغافرين ، اللهم لاإله إلا أنت سبحانك وبحمدك رب إنى ظلمت نفسى فاغفر لى إنك خير الراحمين ، اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك رب إنى ظلمت نفسى فتب علىّ إنك التواب الرحيم )

الآية 38 ، 39

(قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ
 *وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )



وبما أن الله قد خلق الأرض ليعمرها الإنسان فكان من الضرورى النزول إليها ، واشترط عليهم جميعا من عمل صالحا فعودته إلى الجنة ومن عمل شرا فعودته إلى النار

قيل أن مكان الهبوط كان هبوط آدم بالهند وحواء بجدة وإبليس بدستميسان على بعد أميال من البصرة ، وأهبط الحية التى تسلل فى فمها إلى الجنة للوسوسة بأصبهان

نزل آدم وبيده الحجر الأسود ومعه ورق من الجنة وثمار منها ، فنبتت شجرة الطيب هناك
وقيل نزل عند الصفا وحواء عند المروة

وعلمه الله صنعة كل شئ وزوده من ثمار الجنة غير أنها تتغير أما ما فى الجنة تتغير

الآية 40 ـــ 43

(يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ
 *وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ  *وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ  * وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ )

كانت اليهود قبل بعث الرسول صلى الله عليه وسلم ، ينادون بما نزل فى كتابهم من بعث الرسول ولكن عندما بعثه الله أنكروا عليه ذلك

ومن الروايات عن محمد بن سلمة الصحابى قال : لم يكن فى بنى عبد الأشهل إلا يهودى واحد يقال له : يوشع ، فسمعته يقول ـ وإنى لغلام فى إزار ـ قد أظلكم نبى يبعث من نحو هذا البيت ـ وأشار بيده إلى بيت الله ـ فمن أدركه فليصدقه
فبعث رسول الله فأسلمنا وهو بين أظهرنا لم يسلم حسدا وبغيا

وعلى هذا المنوال كان سلوك اليهود فى الشام ومكة والمدينة ، يقرون بما بعث به محمدا ، ولكن يمنعهم الحسد والغيرة من الأعتراف بأنه هو .

كانوا يمسحون من التوراة ما ينافى أهواءهم ويكتبون بأيديهم ما يحلوا لهم ، ويؤذون النبى وأصحابه ويتعرضون لنساء المسلمين.

وكانوا يسألونه عن أشياء وردت فى كتابهم ، وفى تاريخ رسالتهم ، فكان يجيب عنها الوحى ، فكان منهم من يسلم ومنهم من يكابر ويطغى .

ولهذا يوجه الله لهم النصيحة ويذكرهم بفضله عليهم وينهاهم عن أن يلبسوا الحق بالباطل وأن يكتمون ما ورد فى التوراة من أن محمدا هو الرسول المنتظر

ويامرهم باتباعة وإقامة الصلاة ودفع الزكاة.

الآية 44، 45 ، 46

( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ  *وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ  *الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ )


يوبخ الله علماء بنى إسرائيل فى آخر زمانهم وخطبائهم الجاهلون ، إذ كان يهود المدينة ينصحون أقاربهم وزويهم باتباع محمد صلى الله عليه وسلم
كما جاء بالتوراة كتابهم ،ولا يفعلون هم .

وينصحهم بالإيمان وإقامة الصلاة والخشوع لله والإيمان به

الآية 47 ، 48

(
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ   *وَاتَّقُواْ يَوْمًا لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ )

ويذكرهم بفضله عليهم ويحذرهم من عذاب يوم القيامة الذى لا ينفع فيه شفاعة الشافعين ولا مناصرة المناصرين وكل مسئول عن عمله

الآية 49

( وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ
(


يذكر الله اليهود بقصتهم مع فرعون ومع نبيهم موسى ويكشف أسرارا كان لا يعرفها إلا أحبارهم

وهى " كان موسى ومن آمن معه يعانون العذاب من فرعون الذى قال له أحد الكهنة أن نهاية ملكه على يد غلام يزلد من بنى إسرائيل

فكان فرعون يقتل الأولاد ويترك البنات ( يستحى بمعنى يترك ) وهذا يسبب أزمات خلقية للنساء بعدم الزواج وأزمات فى شعب كله من النساء ولا توجد الأيدى العاملة من الرجال للأعمال التى لا تصلح إلا للرجال ويتدمر المجتمع ( البلاء العظيم )

الآية 50

( وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ
(


بعث الله موسى الذى تربى فى بيت فرعون الذى رقق الله قلب امرأة فرعون له التى كانت لاتنجب اطفالا وليصبح عدوا لفرعون

ثم يذكرهم ( وهنا فى سورة البقرة مختصر ووردت تفاصيل القصة فى السور ـ طه ـ الشعراء ـ الأعراف ـ غافر ـ يونس ـ البقرة )

يذكرهم بأنه عندما أشتد أذى فرعون لموسى ومن معه أمر الله موسى أن يهرب ومن معه إلى الأراضى المقدسة

أمر الله موسى أن يخرج ومن معه من مصر ، وجعل ذلك الشهر هو أول سنة بنى إسرائيل وأمرهم أن يذبح كل أهل بيت حملا من الغنم ، فإذا كانوا لا يحتاجون إلى حملا فاليشترك الجار وجاره فيه ، فإذا ذبحوه فلينضحوا من دمه على أعتاب أبوابهم ليكون علامة على بيوتهم ولا يأكلونه مطبوخا ولكن مشويا برأسه وأكارعهوبطنه ولا يبيتوا منه شئ ولا يكسروا له عظما ولا يخرجوا منه شيئا خارج بيوتهم

وليكن خبزهم فطيرا سبعة أيام ابتداؤها من الرابع عشر من الشهر الأول من سنتهم وكذلك يفعل فى الربيع.

فإذا أكلوا فلتكن أوساطهم مشدودة وخفافهم فى أرجلهم وعصيهم فى أيديهم وليأكلوا بسرعة قياما وما تبقى من عشائهم فليحرقوه بالنار

(فإذا نسخت وهذه سنة لهم فى التوراة ما دامت فيهم بطل شرعيا )

وقتل الله فى هذه الليلة أبكار الفبط وابكار دوابهم ليشتغلوا عنهم ، وخرج بنو اسرائيل حتى انتصف النهار وأهل مصر فى مناحة عظيمة وعويل
أمر الوحى موسى أن يخرج ومن معه فحملوا أدواتهم وكانوا قد استعاروا من القبط ( أهل مصر ) حليا كثيرة من الذهب ، فخرجوا بها وعددهم 600 رجل بعد أن عاشوا فى مصر 430 سنةوحملوا معهم الفطير قبل ان يختمر

فسموا عامهم هذا عيد الفسخ أو عيد الفطير أو عيد الحمل

خرجوا من مصر ومعهم تابوت يوسف عليه السلام الذى كان قد أوصى بأن يدفن بأرض آبائه بالشام وقد حنطوه ووضعوه فى تابوت

وخرجوا على طريق بحر وكانوا فى النهار تغطيهم سحابة وأمامهم عمود نور ، وفى الليل أمامهم عمود نار حتى وصلوا إلى ساحل البحر نزلوا هناك

وأدركهم فرعون وجنوده من المصريين ، فقلق كثير من أتباع موسى حتى قال بعضهم ( كان بقاؤنا فى مصر أحب إلينا من الموت بهذه الصحراء )

قال لهم موسى :

(لا تخشوا فإن فرعون وجنوده لا يرجعون إلى بلدهم بعد ذلك )
أمر الله موسى أن يضرب بعصاه البحر فصار الماء على الجانبين كجبلين عظيمين وظهر بينهما اليابس ومر بنوا اسرائيل عليه ، وتبعهم فرعون وجنوده حتى إذا وصلوا منتصف الماء ضرب موسى البحر بعصاه أخرى فاجتمع الماء وغرق فرعون وجنوده وآمن فرعون وهو يغرق عندما لاتقبل توبة ممن كفر
وكان بنوا اسرائيل ينظرون إليهم من الجانب الآخر

 


الآيات 51 ، 52 ، 53

( وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ
 *ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون* وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )

جاوز اليهود مع نبيهم البحر ، وذهبوا قاصدين بلاد الشام ومكثوا ثلاثة أيام لايجدون ماء ، فطلبوا من نبيهم الماء ، فأمر الله موسى أن يأخذ خشبة وضعها فى الماء الأجاج فحلا وساغ شربه ، وعلمه الله وصايا وسنن وفرائض كثيرة

ومروا على قوم يعبدون لهم أصباما على صورة البقر فطلبوا من نبيهم أن يجعل لهم آلهة مثلهم ، فقال لهم موسى إن هؤلاء باطل ما يعملون وذكرهم بنعمة الله عليهم إذ نجاهم من فرعون.

ذهب موسى لميقات ( موعد ) مع ربه ومكث على جبل الطور يناجيه ويسأله عن أشياء كثيرة لمدة شهر وتركهم ، وأزاد له الله عشرا فأصبحت أربعين ليلة ، وترك قومه بعد أن أوصى أخاه هارون أن يظل فيهم ولا يتركهم
وكان رجل من السامريين من أهل الشام ، يسمى هارون السامرى قد رأى جبريل عليه السلام يمر خلف اليهود ليطمئن فرعون وجنوده إلى المرور خلفهم وكان يركب على فرس ، فأخذ قبضة من الرمال التى مر عليها واحتفظ بها
أخذ السامرى الحلى من القوم وقال أنه حرام عليهم الأحتفاظ بها وأسال الذهب وصنع لهم تمثالا على هيئة عجلا وألقى عليه الرمال التى معه ، وكلما دخل منه الريح وخرج أصدر صوت كالخوار للعجل إقتداء بمن رأول من عبدة الأبقار ، وقال أعبدوه حتى يرجع موسى

نهاهم هارون أخو بن عمران أخو موسى ولكنهم أذوه ولم ينتهوا

خاف أن يتركهم فيعيب موسى عليه تركهم وظل يدعوهم


قال الله لموسى إرجع فقد أفتتن قومك، فأخذ الألواح التى بها التوراة وعاد

عاد موسى وتشاجر مع أخيه وحرق العجل وألقاه فى البحر ، والقى الألواح من يده مغاضبا لهم وعنفهم من سوء ما فعلوا، فاعتذروا له ، وألقوا اللوم على السامرى ، فدعا عليه موسى أن يمرض وتخاف الناس مسه ، فمرض وطرده إلى الصحراء
وأمر موسى بنى إسرائيل أن يشربوا من البحر فمن كان يعبد العجل علق على شفاههم واصفرت ألوانهم ، أما المؤمنون منهم قبل الله توبتهم

الآية 54

(
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (

1.                                               ولكن الذين عبدوا العجل لم يتب الله عليهم إلا بشرط أن يقتلوا أنفسهم
فأخذ الذين لم يعبدوه السيوف بأيديهم ، وألقى الله عليهم ضبابا حتى لا يعرف القريب قريبه ولا النسيب نسيبه ، ثم مالوا على عابديى العجل فقتلوهم
ويقال أنهم فى صبيحة واحدة قتلوا سبعين ألفا


ثم ذهب موسى لربه يستغفر فغفر لهم بشرط ان يدخلوا الأرض المقدسة، وكان بها قوما جبارين وهم الآشوريين

الآية 55 ، 56

(
وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ     *ثُم بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )

كان هناك سبعين من علماء بنى اسرائيل ومعهم موسى عليه السلام وهارون ويوشع وناداب وأبيهو ، ذهبوا ليعتذروا عن باقى القوم فيما فعلوا من عبادة العجل وكانوا قد أمروا أن يتطيبوا ويغتسلوا ، فلما ذهبوا إلى الجبل نزل عليهم الغمام وعمود من النور يسطع فوق الجبل ، صعد موسى الجبل ودخل عمود النور وتكلم مع ربه وبنوا اسرائيل تسمع كلام الله

وبالرغم من ذلك طمعوا فى رؤية الله عز وجل وأوقفوا إيمانهم على ذلك

فأنزل الله عليهم صاعقة فماتوا ، ثم استغفر لهم موسى فغفر الله لهم وأحياهم

الآية 57 ، 58 ، 59

(
وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
 *وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ  *فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ )             

بنوا اسرائيل فى الطريق إلى الأراضى المقدسة الآن ، رزقهم الله العسل

( السلوى ) والسمان ( المن ) ( وهو طائر بين العصفور والحمام ) للتغذى عليها ، ولكنهم كانوا يظلمون أنفسهم بالرغم من آيات الله لهم ، وقال لهم أدخلوا قرية من القرى فى الطريق لعلهم يسهل لهم أسباب العيش وطلب منهم أن ينحنوا شكرا لله ويقولوا اللهم حط عنا خطايانا واغفر لنا ، فالبعض الذى آمن فعل ما قيل له والبعض زاد عتوا فرفض ورفع رأسه تحديا للسماء وقال ( حنطة .... وهى القمح ) بدلا من حطة استهزاءا بالقول ، فأنزل الله عليهم غضبه فأصابهم بالطاعون

( الطاعون مرض يظهر فى صورة خراريج شديدة الإلتهابات المملوءة بالصديد والتقيحات المعدية التى تسبب الوفاة )

الآية 60

(
وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (


طلب بنوا اسرائيل من موسى الماء والسقيا ، فسألها الله ، فقال له أضرب بعصاك حجرا تخرج منه الماء

وقد فعل وانفجرت 12 عين من الحجر وقسم بنوا اسرائيل أنفسهم وفقا لهذه العيون وأصبح موسى يحمل هذا الحجر معه فى مسيرتهم كلما احتاجوا للماء ضرب الحجر بالعصا    ويأمرهم أن يأكلوا ويشربوا مما رزقهم الله ولا يفسدوا

الآية 61

(
وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاؤُواْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ
(


بعد الفضل من الله والمرتبة العالية والتفضيل والأنعم من الله مازال البعض من بنو اسرائيل على تمردهم وسألوا موسى الطعام المعتاد من الفول والعدس والثوم والبصل والقثاء ، فغضب موسى وقال لهم أتريدون الطعام الدنى وتتركون ما فضلكم الله به ، من أراد ذلك فله أن ينزل إلى أى من الأمصار لينال ما يريد ( الأمصار هى المدن )

وفى تفسير آخر أنه يذكرهم بما لقوا من تعذيب بمصر من فرعون

وكانوا يكفرون بأنعم الله ومعجزاته ، ويقتلون الأنبياء ، فغضب الله عليهم


الآية 62

( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (


سأل سلمان الفارسى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوم قد عاش بينهم فى زمن الفترة ( قبل بعث الرسول ) وكان يظن انهم من أهل النار

فقال له رسول الله
صلى الله عليه وسلم : الآية ، إذ يبشر الله المؤمنون منهم والذين عاهدوهم بإيمان بدون أن ينقضوا عهودهم ، والمؤمنون من النصارى قبل البعثة ، والصابئين ( أى الخارجين على دينهم منهم من عبدة الكواكب ودخلوا الإسلام ) والذين آمنوا منهم بالله واليوم الآخر والمعتنقين لملة إبراهيم عليه السلام وعملوا صالحا لله بأن لهم الجنة ولا خوف عليهم .

الآية 63

(
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (


لما جاءهم موسى بالألواح فيها التوراة أمرهم الله بالأخذ بما فيها وقبولها بقوة وعزم

فقالوا : إ قراها علينا ، فإن كانت أوامرها ونواهيها سهلة قبلناها

فقال لهم : بل اقبلوها بما فيها

فراجعوه مرارا

فأمر الله الملائكة فرفعوا جبل الطور فوق رؤسهم حتى كان كأنه ظلة كالغمامة على رؤسهم وقيل لهم إن لم تقبلوها بما فيها وإلا سقط عليكم هذا الجبل

فقبلوا التوراة.
وأمروا بالسجود فسجدوا وهم أذلة ينظرون إلى الجبل بشق وجوههم
وصارت تلك سنة لليهود يقولون ( لاسجدة أعظم من سجدة رفعت عنا العذاب )

 

الآية 64 ، 65، 66


( ثُمَّ تَوَلَّيْتُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ * وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ  *فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ )


وبالرغم من رفع الجبل عليهم عادوا لما كانوا عليه من عصيان أوامر موسى وعدم تنفيذ أوامره والخوف من دخول بيت المقدس خوفا من الكنعانيين

ومن صور تحايلهم على شرع الله وعدم الإستسلام لأوامره قصة صيادين أهل هذه القرية التى تسمى أيلة



حرم الله فى التوراة العمل يوم السبت فى فترة من الزمان أختبارا لهم لكثرة تمردهم .


وقيل أن أهل مدينة أيلة بين مدينة مدين وجبل الطوركانوا متمسكين بدين التوراة فى تحريم السبت ، فى ذلك الزمان ، فكانت حيتانهم قد ألفت منهم السكينة فى هذا اليوم الذى كان يحرم عليهم فيه الصيد بالبحر ، وأيضا جميع المكاسب والتجارات والصناعات ، فكانت تأت الحيتان كثيرة مسترسلة يوم السبت ، ويوم لا يسبتون لا تأتيهم حيث كانوا يصطادونها ، وكان ذلك اختبارا لهم من الله بسبب فسقهم المتقدم ، فلما رأوا ذلك احتالوا على إصطيادها فى يوم السبت ، فنصبوا لها الشباك والحبال، وحفروا الحفر التى يجرى معها الماء إلى المصائد ، فإذا دخل السمك لا يستطيع أن يخرج ، فكانوا يفعلون ذلك يوم الجمعة وتدخل الحيتان يوم السبت فتحبسها المصائد وتظل بها يوم السبت ثم يأخذونها يوم الأحد .


ولذلك غضب الله عليهم وعلى إحتيالهم وإنتهاكهم محارمه.


وأفترق الذين لم يفعلوا ذلك فرقتين ، فرقة تنكر هذا الصنيع ،وفرقة لم ينهوا بل أنكروا على من أنكروا وقالوا : ( لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شدبدا )


أى ـــ ما الفائدة فى الإنكار عليهم والله يغضب عليهم وسيعذبهم


فلما لم ينتهوا أنجى الله الفرقة الناهية عن المنكر ، الآمرة بالمعروف وعذب الذين ظلموا وجعل منهم القردة والخنازير ليكونوا عبرة لمن خلفهم.


فيا أمة الإسلام اعتبروا ، كم من تحايلات على الشرع تحدث فى هذه الآونة ، وكم من ترك للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر .

ثم إن تحريم العمل فى يوم السبت كان فى فترة معينة من فترات الرسالة لبنى إسرائيل ، بسبب كثرة عصيانهم لله ولموسى عليه السلام ، ثم رفع ذلك


ونأسف أن نرى هذه الأيام البسطاء من الصيادين ينتهى عن الصيد يوم السبت ، من المسلمين .


فأمروا بالمعروف أيها المسلمون ، وارشدوا من تعرفون من مثل هؤلاء .



الآية من 67 إلى 73

تقص علينا قصة بقرة بنى إسرائيل

 )وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرُونَ  *قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ  *قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ  *قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ  *وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ  *فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (

الهدف منها : ليريهم الله مدى الغفلة والتكبر والظلم الذى كانوا فيه بالرغم من تفضيل الله لهم والمعجزات التى راجعهم بها ولكن لا فائدة منهم، ليكونوا عبرة للمسلمين :
القصة :

أثناء مسيرتهم وقبل دخول الأراضى المقدسة نزلوا القرى لتناول الغذاء الذى طلبوه

كان فى بنى إسرائيل رجل عظيم الثراء وكان له أبناء أخوة


قتله أحدهم وألقى بجثته فى مفترق طرق بين عدة قرى طمعا فى الميراث


وجد أحد أبناء أخيه جثته ، فأخذ يصرخ



قالوا : أسألوا فيه نبى الله موسى

فسأل موسى ربه ثم قال لهم إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة وتضربوه بجزء منها ليقوم يدلكم على قاتله


ودار بين موسى وبنى إسرائيل حوار يدل على القلوب الميتة ضعيفة الإيمان التى لا تثق بنبيها


فشددوا فى طلب صفات البقرة فشدد الله عليهم ودلهم على بقرة لم تكن مثلها إلا واحدة ، ولو أنهم فعلوا ما أمرهم الله لكانت أية بقرة تؤدى الغرض

ولكن شدد عليهم الله فوصف لهم بقرة وسط ( عوان ) غير كبيرة ( لافارض ) ولا الصغيرة ( البكر ) صفراء فاقع لونها تشرح نفس الناظرين إليها


(
لاذلول ) غير مذلله بالحراثة وسقى الأرض ( مسلمة لا شية فيها ) لاعيب فيها ولا علامة تخالف اللون الأصفر

وجدوا البقرة عند رجل منهم بعد بحث شديد وكان بارا بأبيه فطلبوها منه فطلب منهم مثل وزنها ذهب ، فأعطوه


وذبحوها وضربوا القتيل ببعض من عظامها فقام يشخب فى دمه وقال قتلنى فلان ابن أخى ثم عاد فمات


وأراهم الله أنه يحي الموتى ليصدقوا نبيهم .


ولكن ماذا بالرغم من ذلك ...؟

الآية 74


 ) ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (

وبالرغم من كل ذلك فإن اليهود قلوبهم قاسية لا تؤثر فيها آيات الله وشبهها الله بالحجارة ، ولو أن من الحجارة ما يثأثر بالماء فينشق وتجرى بها الأنهار تحفر مجرى لها ، ومن الحجارة الذى يتأثر ويسقط من خشية الله ولكن قلوب يهود أقسى من الحجارة .

الآية 75

(
أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ )

نزلت الآية فى السبعين رجلا الذين كانوا يذهبون مع موسى إلى ميقات ربه

فيقول للمؤمنين ولرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ، لا تظنوا أن اليهود بالمدينة سيؤمنون معكم فقد كان منهم من يذهبون مع موسى للميقات ويرون النورالذى ينزل عليهم ويسمعون كلام موسى مع الله وبالرغم من ذلك فقد حرفوا فى التوراة وزعموا أن هذا من كلام موسى ، وبعضهم كان يمحى كلام الله ويستبدله بكلام من عنده ويمحون الآيات التى تذكر صفات محمدا وتشهد بمجيئه


وكانوا يقولون سمعنا الله فى آخر كلامه يقول من استطاع التنفيذ ينفذ ومن لم يستطع فلا بأس


الآية 76 ،77

(
وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ  *أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ )

ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مخيمات اليهود بعد موقعة مع يهود بنو النضير وانتصاره عليهم ، وأخذ ينادى فيهم ويقول :

"
يا إخوان القردة ، يا أصحاب الخنازير "

فلما أصبحوا أخذوا يعاتبون بعضهم البعض وظنوا أن منهم من قال للرسول قصتهم فى مسخهم قردة وخنازير، ولكن الله هو الذى بلغ رسوله فى القرآن

والمقصود بقوله ( بما فتح الله عليكم ) ــ أى فتح عليهم من باب للعذاب


ثم يؤكد سبحانه وتعالى أن الله يعلم إسرارهم وعلانيتهم .


الآية 78

(
وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ )

ويقول ان بعضهم كان أميا جاهلا بأمور دينه وكانت أحبار اليهود تخدع هؤلاء بأن يمحون من التوراة ما لا يوافق أهواءهم والآيات التى تعاتب جحودهم وتعاقبهم ومسحوا آيات المسخ


الآية 79

( فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ )

يتوعد الله هؤلاء الذين غيروا فى كتاب الله بالويل

والويل واد فى جهنم تتعوذ منه جهنم نفسها كل يوم مائة مرة مما به من العذاب .


الآية 80 ، 81 ، 82

 

(وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ  *بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ  *وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (


كان أحبار اليهود يخدعون الناس ويقولون أن لهم أياما معدودات يتعرضون فيها للنار والعقاب لا تتعدى تسعة أيام ، ثم يخرجون منها ليدخلوا الجنة ويصب عليهم ماء الحياة


وقالوا أن عمر الدنيا هو سبعة آلاف سنة فقط وأن العذاب هو يوم عن كل ألف سنة .


فيؤنبهم الله على هذا القول والإفتراء بأن الله قال ذلك، ويسألهم من أين لهم بذلك ، ويقول لهم مؤكدا أن من أخطأ فعليه ما يسيحق من عقاب ، ومن أصلح فله الجنة .


الآية 83

)وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ (

يذكر سبحانه وتعالى بنى إسرائيل بما أنزل فى التوراة من أمربعبادة الله وحده لا شريك له ،
والإحسان للوالدين والمساكين والأقرباء وأمرهم فيها بالصلاة والزكاة ، وأن بعضهم أطاع و الأكثرين عصوه

 

الآية 84 ، 85 ، 86

)وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ  *ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ  *أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ )


يذكر الله اليهود بما نقضوا من عهود فى التوراة وعلى لسان موسى
فكانوا يقتلون الأنبياء ويقتلون بعض ،ويخرجون بعضهم البعض من ديارهم ويأسرون البعض
بالرغم من أن الأسير يكون من الأعداء الكفار وليس ممن عاهدوا على الإيمان
ويعدهم الله بالعذاب يوم القيامة والخزى فى الدنيا
ملحوظة:
الأسير يكون من الكفار ويترك بدفع الدّية وإلا فيعتبر من الرقاب التى عليها عتق
وليس الأسير من المؤمنين ، فأسرى المؤمنين ليس عليها دية ولا عتق

 

الآية 87 ، 88

(وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ  *وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ (

 
يذكرهم الله بأنه أرسل لهم موسى ، وبعث أنبياء من بعد كثيرين بلغت المئات ،
وأرسل عيسى عليه السلام ليعدل لهم ويبين بعض الأمور فى دينهم ، ولكنهم كانوا يقتلونهم ،
فيؤنبهم ويقول كلما أرسلنا إليكم رسول كذبتموه وقتلتموهم ، وقلتم قلوبنا مغلقة ولن نفهم شيئا ،
ولكن هذه لعنة الله عليهم بما فعلوالأن قليل منهم المؤمنون

 

الآية 89 ، 90

)وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ  *بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَن يُنَزِّلَ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ فَبَاؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ )


كان يهود خيبر تقاتل يهود غطفان ، وكلما ألتقوا هزمت يهود خيبر
فكانت تستفتح ( تعوذ بالله وتدعوه ) بالدعاء التالى ويقولون :
اللهم نسألك بحق محمد النبى الأمى الذى وعدتنا أن تخرجه لنا فى آخر الزمان أن تنصرنا عليهم ،فهزموا غطفان ،
ولما بعث النبى صلى الله عليه وسلم كفروا به .
ويروى محمد بن سلمة الصحابى يقول :
" لم يكن فى بنى عبد الأشهل إلا يهودى واحد يقال له : يوشع ، فسمعته يقول : ــوإنى لغلام فى إزار ــ
قد أظلكم نبى يبعث من نحو هذا البيت ــ ثم أشار بيده إلى بيت الله ــ فمن أدركه فليصدقه ،
فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمنا وهو بين أظهرنا لم يسلم حسدا وبغيا "
وعلى هذا المنوال كان سلوك اليهود فى الشام ومكة والمدينة يقرون بما بعث به محمدا ولكن يمنعهم الحسد والغيرة من الإعتراف بأنه هو .
الحسد والغيرة أدى بشعب الله المختار إلى الكفر والإنزلاق فى نار الجحيم ،
كانوا يمسحون من التوراة ما ينافى أهواءهم ويكتبون بأيديهم ما يحلو لهم ، ويؤذون النبى صلىالله عليه وسلم وأصحابه ويتعرضون لنساء المسلمين .


الآيات 91 ، 92 ، 93


(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاء اللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ  *وَلَقَدْ جَاءَكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ  *وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ )

فى هذه الآيات يذكرهم الله ويذكرهم ويعيد عليهم التذكرة لعلهم يرجعون ، ولكن دون فائدة ، فإذا قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنوا بما أنزل الله من القرآن ، يقولون لا بل نؤمن بالتوراة ، فيؤنبهم الله بأنهم لم يؤمنوا حتى بالتوراة بدليل قتلهم الأنبياء وعصيانهم لموسى عليه السلام ، فإذا اعتبروا هذا إيمانا فبئس الإيمان الذى آمنوا، فهم عبدة العجل الذى تمكن من قلوبهم ، وإذا قال أنبياءهم اسمعوا كلام الله قالوا سمعنا وعصينا
لعنهم الله


الآية 94

(
قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِندَ اللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ )


يؤنب الله اليهود فى أنهم يزعمون أنهم أحباء الله على ظلمهم وشركهم ويقول لهم إن كنتم كذلك فهل تنشرح قلوبكم لملاقاة الله وحب الموت فى سبيله ، والقتال فى سبيل الله ، ولكنهم كما تعود منهم يرهبون الجهاد مخافة الموت وملاقاة الله بما فعلوا من ذنوب ولو كانوا من المعمرين لجاء يوما ماتوا وعذبهم الله على ما يفعلون

 

 

الآيات 95 ، 96

 

(  وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ  *وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ )


والله يعلم إنهم لكاذبون ولن يتمنوا الموت بما يعلمون من أفعالهم السيئة

ويقول لنبيه أنهم أحرص الناس على حب الدنيا ومهما عاشوا سيلاقون الله ويعذبهم بأفعالهم ولن يبعدون أبدا عن النار مهما عاشوا وطغوا

الآية 97 ـ 98


(
قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ  *مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ )


كان عمر بن الخطاب يأتى اليهود فيسمع من التوراة فيتعجب


كيف أنها تصدق مافى القرآن …


فقال عمر لليهود :


نشدتكم بالله أتعلمون أنه نبى …؟


فقال عالمهم : نعم


فقال عمر : فلم لا تتبعونه ؟


قال : سألناه من يأتيه بنبوته ـ من الملائكة ـ قال عدونا جبريل لأنه كان ينزل بالغلظة والشدة والحرب والهلاك


فسألهم عمر : ومن رسولكم من الملائكة ؟


قالوا : ميكائيل ينزل بالقطر والرحمة


قال عمر : وكيف منزلتهما من ربهما ؟


قال: أحدهما عن يمينه والأخر على الجانب الآخر ( فجانبى الله سبحانه يمين )


قال عمر : لا يحل لجبريل أن يعادى ميكائيل ، ولا يحل لميكائيل أن يسالم عدو جبريل ( معناها أن جبريل وميكائيل لايجوز لهما المعاداة فهما المقربان لله ، ولا يجوز لميكائيل أن يسالم اليهود الذين عادوا جبريل )


وإننى أشهد أنهما وربهما سلم لمن سالموا وحرب لمن حاربوا .


يقول عمر
رضى الله عنه :
أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد أن أخبره فلما لقيته قال :

ألا أخبرك بآيات نزلت علىّ فقلت بلى يا رسول الله فقرأ الآيات


الآية 99 ـ 101

 

( وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ  *أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْدًا نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ )


عبد الله بن سلام اليهودى قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم :

أسألك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبى


ما أول أشراط الساعة ، وما أول طعام أهل الجنة ، وما ينزع ( يشبه ) الولد إلى أبيه ؟


قال النبى : أخبرنى بهن جبريل آنفا


قال : ذاك عدو اليهود من الملائكة


وهكذا.. كانت بنو إسرائيل يتفننون فى كيف يهدمون كل مقال وكل عهد وكل ما جاء بالكتاب تحديا



وكلما تيقن بالخبر أحدهم ، ظهر آخر ليختبر ويعاند ويجادل فى كتاب الله



الآية 102


(وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ .)

 

كانت بنوا اسرائيل تتبع السحر ويتعلمونه من الشياطين وذلك لانهم كفروا بالله وكفروا بما جاء به الملكين جبريل وميكائيل وذلك كان فى بابل حيث كان هاروت وماروت وهما اما انسين او جنين كانا يعلمان الناس السحر ويحذرونهم ان يتبعوه .

قال محمد ابن إسحاق /

لما ذكررسول الله صلى الله عليه وسلم سليمان فى المرسلين قال بعض أحبار اليهود " يزعم محمد أن بن داود كان نبيا ، والله ما كان إلا ساحر " ـ فأنزل الله الآية من سورة البقرة وفيها تبرئه من الله لسليمان ولم يتقدم فى الآية أن أحدا نسب سليمان إلى الكفر ولكن اليهود نسبته إلى السحر ، ولما كان السحر كفرا صاروا بمنزلة من نسبه إلى الكفر .


وقال ابن كثير ـ قال السدى ( كانت الشياطين تصعد إلى السماء فتقعد منها مقاعد للسمع فيستمعون من كلام الملائكة مما يكون فى الأرض من موت أو غيب أو أمر فيأتون الكهنة ويخبرونهم فتحدث الكهنة الناس فيجدونه كما قالوا ، فلما أمنتهم الكهنة كذبوا لهم وأدخلوا فيه غيره ، فزادوا مع كل كلمة سبعين كلمة ، فاكتتب الناس ذلك الحديث فى كتب وفشا ذلك فى بنى إسرائيل أن الجن تعلم الغيب ، فبعث سليمان فى الناس فجمع الكتب فى صندوق ثم دفنها تحت كرسيه ولم يكن أحد من الشياطين يستطيع أن يدنوا من الكرسى إلا احترق .


فلما مات سليمان عليه السلام وذهبت العلماء الذين كانوا يعرفون أمره وخلف من بعد ذلك خلف تمثل الشيطان فى صورة إنسان ، ثم أتى نفرا من بنى إسرائيل فقال لهم :


هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبدا ؟


قالوا : نعم


قال : احفروا تحت الكرسى


فذهب معهم وأراهم المكان وقام ناحيته


فقالوا له : فادنوا ( أى اقترب )


فقال : لا ولكننى ها هنا فى أيديكم فإن لم تجدوه فاقتلونى


فحفروا فوجدوا تلك الكتب ، فلما أخرجوها قال الشيطان : إن سليمان كان يضبط الإنس والجن والطير بهذا السحر ثم طار وذهب وفشا فى الناس أن سليمان كان ساحرا واتخذت بنو إسرائيل تلك الكتب .


ولما جاء محمدا
صلى الله عليه وسلم خاصموه بأن يجعل من سليمان نبيا فى القرآن على الرغم من أنه ساحرا فنزلت الآيات


الآيات 103 ـ 105


(وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ  *يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ * مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ  )


يرشد الله الكفار أن الإيمان بالله أفضل مما يفعلون وأنه تعالى يثيب المؤمنون خيرا


وكان رجلان من اليهود كلما لقيا الرسول صلى الله عليه وسلم قالا وهو يكلمهما ( راعنا سمعك واسمع غير مسمع )

ظن المسلمون أن هذا من التكريم عند أهل الكتاب للأنبياء ، فقالوا للرسول مثل ذلك ، فنزلت الآية 104 ، 105 ، ترشد المسلمون لهذا
ومعنى راعنا بلغة اليهود ( الأحمق والسب القبيح )

الآيات 106 ـ 107

 

(مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ )
يوجه الله سبحانه وتعالى هذه الآيات للرسول
صلى الله عليه وسلم ليعلم أنه الحق ، وأنه يحكم ما يريد ويحرم ويغير ما يريد وله الحق والقوة والفضل فى تسخير عباده

وكذلك يرد على الكفار من اليهود الذين قالوا أن الوحى يأت بالليل وينسى بالنهار ويحل أشياء ثم يحرمها وبالعكس .


فنزلت الآيات ترد عليهم بأن الله يفعل ما يريد ، وأن ذلك من صالح العباد .


الآية 108


(أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ )

قال رافع بن حريملة ، ووهب بن زيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم : " ائتنا بكتاب نقرؤه أو فجر لنا الأنهار نتبعك ونصدقك "


وكذلك أن قريشا طلبت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهبا ــ فنزلت الآية .

الآية 109ـ 110

(وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )


نزلت الآية لأن نفر من اليهود قالوا للمسلمين بعد وقعة أحد ( لو كنتم على حق ما هزمتم ، فارجعوا لديننا خير لكم )


وكان كعب بن الأشرف اليهودى شاعرا يهجوا الرسول صلى الله عليه وسلم ويحرص عليه المشركين ، فأمر الله نبيه بالصبر والعفو والصفح حتى يغير الله الأمور .

 

الآية 111، 112


(وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ )



ادعى اليهود والنصارى أنهم أحباء الله وأنه لن يدخل الجنة إلا من كان منهم

وهنا يرد الله عليهم ويسألهم عن دليلهم فى ذلك وأن هذه أمانى يتمنونها على الله ، ثم يقول لهم لا ليس كما تعتقدون ، إنما كل من اتجه لله راغبا وجهه ويحسن عمله رغبة فى رضا الله فله الأجر والثواب وأن الدين عند الله هو الإسلام لوجه الله والعمل الصالح



الآية 113

(
وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ )


تناظر اليهود ونصارى نجران وارتفعت أصواتهم يتهم كلا منهم الآخر بأنه ليس على شئ ، فنزلت الآية وقد سبقها أن من أسلم لله ورغب فى رضاه هو الذى على حق وأنه سبحانه يحكم بينهم ويعلمون الحق يوم الحساب


الآية 114

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ )


قيل أنها نزلت فى ططوس الرومى وأصحابه من النصارى حين قتلوا اليهود وخربوا بيت المقدس

وقيل أنها نزلت فى بختنصر الذى غزا اليهود وخرب بيت المقدس


وقيل نزلت فى المشركين فى مكة الذين منعوا المسلمين من دخول البيت الحرام لذكر الله .


وهى دائمة مع تطور الأزمان فيمن يخربون بيوت الله ويمنعون دخولها لذكر الله والصلاة من منافقى المسلمين أو أعداءهم .


الآية 115

(وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )


سخر اليهود من المسلمين عندما كانوا فى بدء الأمر بالصلاة يتوجهون إلى بيت المقدس ، ثم سمح الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بأن يتوجه إلى البيت الحرام ... فنزلت الآية يطمئن الله بها المسلمين أن المشرق والمغرب كلها لله وأن الأهم هو توجه القلب لله

 

الآية 116، 117

(وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ * بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ )

 

قال اليهود عزير ابن الله ، وقالت النصارى عيسى ابن الله وقال المشركون الملائكة بنات الله
فنزلت الآية تنفى الولد عن الله فتعالى عن أن يكون له حاجة للولد فإن اتخاذ الولد من سمة الخوف من العجز والرغبة فى المعين عند الكبر

فالله اذا أراد شئ فإنه يقول له كن فيكون

فهو له كل ما فى الأرض والسموات وهو خالقهن

قال ابن عباس عن النبى
صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " قال الله تعالى : كذبنى ابن آدم ولم يكن له ذلك ، وشتمنى ولم يكن له ذلك ، فأما تكذيبه إياى ، فزعم أنى لا أقدر أن أعيده كما كان ، وأما شتمه إياى فقوله : إن لى ولدا

فسبحانى أن أتخذ صاحبة أو ولد
" . رواه البخارى

الآية 118 ، 119

 

(وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِيَنَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ * إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ )

 

 

قال كفار العرب : ليت الله يكلمنا أو ينزل لنا معجزة لنؤمن يا محمد ، وهذا مثل ما قال النصارى لعيسى بن مريم ، وقالت اليهود لموسى عليه السلام ، وهكذا تتشابه قلوب الكفر والعتو والعناد

 

وقد أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم بشيرا بالجنة ونذيرا من النار ولا يسأله الله عن كفر من كفر الذين هم أصحاب الجحيم

 

ويقال أن الآية 119 نزلت لسببين :

 

1 ـ ذات يوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليت شعرى ... ما فعل أبواى ؟ "

2                  ـ  قال صلى الله عليه وسلم " لو أنزل الله بأسه باليهود لآمنوا

 

الآية 120 ، 121

 

(وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ * الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ )

 

يوضح الخالق سبحانه وتعالى لنبيه أن اليهود والنصارى سيظلون أعداء للمسلمين أبد الدهر فلن يرضوا عنهم حتى يترك الإسلام ويتبع ملتهم

ويرشده أن يترك ما يرضيهم ويقبل على ما يرضى الله ، لأن الهدى هدى الله يهدى من يشاء إلى الصراط المستقيم

وأنه لو اتبع ملتهم ليرضوا عنه بعد ما تعلمه من القرآن الكريم فإن هذا هو الخسران الواضح

فهؤلاء آمنوا بدينهم ويعلمون أن محمد حق ولكن يحسدون ويتنكرون له

ولهذا كانوا كافرين

 

الآية 122 ، 123

 

(يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ * وَاتَّقُواْ يَوْمًا لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ )

 

 

يكرر الله النداء والتحذير لبنى اسرائيل إذ أن صفة محمد موجودة عندهم فى التوراة

وحثهم على اتباعه وعدم كتمان صفاته والنعمة التى أنعم بها عليهم وتفضيله لهم

ويحذرهم من أن يحسدوا أبناء عمومتهم العرب من أن تكون النبوة من ذرية اسماعيل

وليست منهم ذرية إسحاق ويحذرهم يوم القيامة والحساب

 

        الآية 124

(وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ )

 

يطلب الله من نبيه أن يذكر أهل الكتاب بما كان عن إبراهيم عليه السلام

قل لهم يا من تدعون أنكم على ملة إبراهيم وهم ليسوا عليها " فقد ابتلى الله إبراهيم باختبارات وكلفه بأوامر ونهاه عن أشياء ، وقد قام بهن جميعا وعمل بها

وكان الجزاء أن جعله الله إماما يقتدى به ويتبع سبيله

 

وسأل إبراهيم ربه أن تكون الأئمة من ذريته فقال له الله أما من صلح فيجعل منهم النبوة والرسل ، وأما من ظلم فلا يعتد له ولا يقبله الله

 

ما هى الإبتلاءات التى اختبر الله بها عبده ؟

 

قيل هى المناسك

وقيل الطهارة فى الرأس ( قص الشارب والمضمضة والأستنشاق والسواك وفرق الرأس )

وفى الجسد ( تقليم الأظافر وحلق العانة والختان ونتف الإبط وغسل أثر البول والغائط )

 

وقيل ابتلاءه بالكواكب والشمس والقمر وعرف أن الله هو خالقها وأنه لا يزول

ثم هجرته إلى الشام ومصر ومكة

ثم الختان وذبح ابنه

وصبر على ذلك كله

 

الآية 125

(وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ )

 

جعل الله البيت الحرام محلا تشتاق إليه الأرواح ومن دخله كان آمنا مهما كانت عليه من آثام

والمقام هو الحجر الذى كان يقف عليه إبراهيم ليرفع البناء وكان كلما رفع جدارا ينقله ليقف عليه لرفع الآخر حتى أتم بناء جدران الكعبة وكانت آثار قدمه ظاهرة فيه

أمر الله المسلمين أن يصلوا عنده

وكان قديما ملتصقا بجدار الكعبة ولكن أخره عمر بن الخطاب حتى لا يعوق حركة الطائفين حول الكعبة

وأمر الله إبراهيم وإسماعيل أن يطهرا بيته من الشرك والأوثان لأستقبال الطائفين والمصلين

الآية 126 ـ 129

(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ *  وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ  *رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ    *رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )


يدعو إبراهيم ربه بأن يجعل مكة والمدينة محرما فيها القتال ويدعوه أن ينبت فيها الزرع ويكثر من رزق أهلها فيها وقد كانت قفراء
فتقبل الله دعوة إبراهيم على أن يؤمن أهلها ويتبعون أمر ربهم ويتوعد الكافرين بالعذاب المهين .

ويستمر إبراهيم وإسماعيل فى رفع القواعد للبيت وهما يدعوان الله أن يتقبل منهما وأن ييسر لهم الإيمان به والتسليم إليه وأن يجعل لهما من الذرية الصالحة التى تعبد الله فى الأرض مخلصين له الدين خائفين من الله أن لا يتقبل عملهما هذا .
وأن يبعث فى ذريتهما الرسول منهم الذى يعلمهم دينهم الحق ويعلمهم المناسك ، وقد وافق القدر هذه الدعوة بأن بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم من ذرية إسماعيل وأنبت الزرع وجعل من الناس من تستهوى قلوبهم زيارة البيت حتى يومنا هذا .

 

الآية 130 ـ 134

 

(وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ  *إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ  *وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ  *أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ  *تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ )

 

ومن يخالف طريق الحق الذى كان يتبعه إبراهيم عليه السلام فقد ظلم نفسه

حيث أن الله أختار لإبراهيم طريق الحق والفلاح وإنه فى الآخرة من الصالحين

فقد أمره الله أن يسلم وجهه لله فانقاد وأجاب

ووصى إبراهيم أولاده إسماعيل وإسحاق وإبنه يعقوب بأن يتبعوا طريق الحق

ووصاهم بأن لايموتون إلا وهم مسلمون

وكذلك وصى يعقوب أبناءه

وهذا احتجاج من الله تعالى على مشركى العرب أبناء اسماعيل وعلى كفار بنى إسرائيل

إذ أن يعقوب ابن إسحاق عندما حضرته الوفاة وصى بنيه بعبادة الله وحده .

ويقول سبحانه وتعالى إن السلف من آبائكم والأنبياء والصالحين

لا ينفعكم انتسابكم إليهم إذا لم تفعلوا خيرا يعود نفعه عليكم ، فلهم أعمالهم ولكم أعمالكم

 

الآية 135 ـ 138

(وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُولُواْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ  *فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ )


قولوا لأهل الكتاب لا نريد ما دعوتمونا إليه من اليهودية والنصرانية ، بل نتبع طريق إبراهيم المستقيم .


ويرشد الله عباده المؤمنين إلى الإيمان بما أنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وما أنزل على النبيين من قبله ولا يفرقوا بينهم .


فلو آمن الكفار بمثل ما آمن به أتباع محمد فهذا هو طريق الهداية ، وإن لم يتبعوه فسوف ينصرك الله عليهم .

( صبغة الله ) ـ أى دين الله هو الأفضل وطاعة الله هى الفلاح

الآية 139 ــ 141


(
قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ  *أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى  ،قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ  *تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )

يقول للمؤمنين أن يقولوا للكافرين ، وهل تناظروننا فى توحيد الله والإخلاص له واتباع أوامره ، فالله هو المتصرف فينا ، الذى يستحق العبادة وحده .


فنحن برآء منكم وانتم برآء منا ونحن نتوجه له وحده بالعبادة


ثم ينكر على اليهود والنصارى إدعائهم أن إبراهيم كان على ملتهم ، بل الله يعلم أنه كان متوجها لله وحده بالعبادة هو ومن بعده من الأنبياء ويهددهم بأن الله يعلم عملهم .

وأن هذه الأمة التى سبقتهم لها أعمالها وليس بغنى أنتسابهم إليهم ولا يغنى عنهم من الحساب .


الآية 142 ـ 143


( سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )

كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلى متجها نحو بيت المقدس ، وينظر إلى السماء من حين لآخر لعله يأت خبر السماء بإقرار ذلك أو تغييره ، فقال سفهاء المشركون واهل الكتاب تهكما إنه يصلى مرة نحو بيت المقدس ومرة يغير ذلك نحو البيت الحرام وقد كان يتمنى رسول الله أن يوجهه الله إلى البيت الحرام فاستجاب له وأمره بذلك وكان يصلى صلاة العصر فجاءه خبر السماء فتوجه نحوه


ويرد الله على المنافقين والسفهاء الذين تعجبوا من ذلك ليقول لهم أن هذا من أمر الله وله الشرق والغرب ، وأنه جعل أمة المسلمين هم الأفضل فى العبادات والشرائع وأن هذا اختبار لمن يتبع الرسول ومن ينقلب على عقبيه

وقيل انه العدل فيكون الناس شهداء على بعضهم البعض ويكون الرسول شهيدا عليهم وعلى جميع الامم




الآية 144


(قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ )


صلى النبى تجاه بيت المقدس 16 شهر ن وكان يعجبه أن يتوجه إلى البيت الحرام ، وأثناء صلاته صلاة العصر وكان يصلى معه قومه ، فخرج رجل ممن كان يصلى معه فمر على أهل المسجد وهم راكعون ، فقال : أشهد بالله لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مكة ، فداروا كما هم نحو البيت .

وقوله تعالى ( وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره ) معناها أمر الله باستقبال الكعبة من جميع جهات الأرض


ويستثنى من ذلك المسافر يصلى على راحلته أينما تسير ، وكذلك المخطئ الذى لا يمكنه تحديد الإتجاه


وقوله ( وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم ) أن اليهود والنصارى يعلمون فى كتبهم أن الله سيوجهك نحو البيت الحرام ولكنهم ينكرونه

الآية 145
    

(وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ )


يخبر الله رسوله
صلى الله عليه وسلم عن اليهود وكفرهم وعنادهم وإخفاءهم ما عرفوا عن الرسول فى كتبهم وأنه مهما أقام عليهم من حجة فلن يتبعوه وأنهم مستمسكون بآراءهم ولا فائدة من محاولة هدايتهم وأن الرسول مستمسك بما جاءه من الله ولا يحق له ارضاءهم لكيلا يغضب الله عليه .


الآية 146 ـ 147


(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ *الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ )


يخبر الله تعالى بأن أهل الكتاب يعرفون تماما صحة ما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم كما يعرف أحدهم ولده ويتقنون القول جيدا ولكنهم يكتمون هذا عن الناس حسدا من أنفسهم .

.
الآية 148 ـ 152


(وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ *وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ *كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ * فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ )


يقول سبحانه وتعالى أن اليهودى له وجهته التى يتجه إليها ، وكذلك النصرانى وأن المؤمنين وجهتهم إلى القبلة والمسجد الحرام

وأنه سبحانه وتعالى قادر على جمع الناس يوم القيامة مهما تفرقت أجسادهم


ويكرر للتأكيد وتعزيز وجهة المسلمين بأن وجهتهم إلى المسجد الحرام ويأمر بالإتجاه نحوه فى الصلاة من جميع أقطار الأرض والتكرار لأسباب


منها : لأنه أول ناسخ فى الإسلام


وقيل : الأول لمن يشاهد الكعبة، والثانى لمن فى مكة وبعيد عن الكعبةوالثالث لمن فى البلدان الأخرى


ولأن أهل الكتاب يعلمون أن من صفة هذه الأمة التوجه إلى الكعبة فإذا فقدوا هذه الصفة كان لهم الحجة على المؤمنين


وقد يوجه بعضهم الزعم بأن محمدا يزعم أنه على دين إبراهيم ثم لا يتوجه إلى الكعبة


ثم يقول سبحانه وتعالى لا تخشوا هؤلاء الظلمة ولكن الله أحق أن تخشوه


وهذا من عطف الله على المؤمنين بإتمام النعمة عليهم واختصاص هذه الأمة بالشرف والتفضيل ويذكر بأنه أرسل محمدا هداية ورحمة لهذه الأمةليعلمهم دينهم الذى ارتضى لهم والذى فيه خيرهم ونجاتهم ويأمر بذكر فضل الله وشكره على أنعمه



الآية 153 ـ 154

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ )


أمر الله بالشكر ثم يأمر بالصبر والًصلاة استعانة بهما على الضراء

قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم " عجبا للمؤمن لا يقضى الله له قضاء إلا كان خيرا له : إن أصابته سراء فشكر كان خيرا له ، وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له " .

وأنواع الصبر

صبر على ترك المحارم ، وصبر على فعل الطاعات ، وصبر على المصائب

ويخبر الله عن الشهداء كما أوضح رسوله ( إن أرواح الشهداء فى حواصل طيور خضر ، تسرح فى الجنة حيث شاءت ، ثم تأوى إلى قناديل معلقة تحت العرش ) .


الآيات155 ـ 157

(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ )
يخبر تعالى بأنه يختبر عبيده بقليل من الخوف ونقص الزروع والمال وأن بشرى الخير ورحمته لمن صبر

والصبر أنواع

صبر على الطاعات ، وصبر على البعد عن ما نهى الله عنه ، وصبر عند الشدائد


الآيات 158


(إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ )

        

قال عروة قالت عائشة : قلت : أرأيت قول الله تعالى ( ــــــــــــــــــــ ) الآية

قلت : فوالله ما على أحد جناح ألا يتطوف بهما ، فقالت عائشة : بئسما قلت يابن أختى ، إنها لو كانت على ما أولتها عليه ، كانت ( فلا جناح عليه ألا يطوف بهما )، ولكنها إنما أنزلت لأن الأنصار كانوا قبل أن يسلموا كانوا يهلون لمناة الطاغية التى كانوا يعبدونها عند المشلل وكان من أهل لها يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة ، فسألوا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يارسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة فى الجاهلية ، فأنزل الله الآية


قالت عائشة : ثم قد سنّ رسول الله الطواف بهما ، فليس لأحد أن يدع الطواف بهما


لما فرغ رسول الله
صلى الله عليه وسلم من طوافه بالبيت عاد إلى الركن فاستلمه ، ثم خرج من باب الصفا وهو يقول " إن الصفا والمروة من شعائر الله " ثم قال " أبدأ بما بدأ الله به "

وقوله ( ومن تطوع خيرا ) قيل يطوف بينهما فى حجه تطوعا ، أو عمرة تطوع ، وقيل المراد تطوع خيرا فى سائر العبادات


وقوله ( فإن الله شاكر عليم ) أى يثيب على القليل بالكثير ، عليم بقدر الجزاء


الآيات 159 ـ 162

(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ *إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ *إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ *خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ )


وعيد شديد بعقاب من كتم ما جاءت به الرسل فى كتب الله حيث أن اليهود والنصارى مسحوا من كتبهم آيات التبشير بقدوم محمد صلى الله عليه وسلم

اللاعنون : المقصود من الإنس والجن والملائكة وجميع الدواب


وغفر الله لمن تاب وآمن وأصلح وبين الحق


أما من استمر كفره ومات على ذلك فإن له عذاب شديد وخارج من رحمة الله ولا يخفف عنه العذاب


ولا هم ينظرون ــ أى لا يغير عنهم العذاب ساعة واحدة فهو متواصل


الآية 163

( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ )


يخبر سبحانه عن نفسه أنه يتفرد بالألوهية وأنه هو الرحمن الرحيم .


الآية 164

(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ )

يقول سبحانه ان ما فى السماء من ارتفاع وكواكب سيارة ودوران وما فيها من خلق والأرض من كثافة ومخلوقات بها ودوران وومنافع وكذلك ما فى الليل والنهار من تعاقب واختلاف وكذلك السفن التى تسير فى البحر وخواص الماء التى تحملها والأمطار التى تحملها السحب لتنزلها فى المكان المناسب على الأرض ويكون معها الرزق وماء الشرب والمنافع للناس وانبات الزروع

كل ذلك آيات للذين لهم عقول يعقلون بها ودلائل على وجود الخالق وصفاته وقدرته

وهنا يخبر بأن السحاب بين السماء والأرض والتى يعين العلم الحديث بأنه يوجد فى طبقة التروبوسفير وهى أول طبقة من طبقات الغلاف الغازى حول الأرض بين الأرض والسماء


الآيات 165 ـ 167

(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ * إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ *وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ  )

يخبر الله عن حال المشركين بالله الذين جعلوا له ندا ونظائر يحبونهم كحبهم لله

ويخبر بأن المؤمنون حقا هم الذين يحبون الله وحده ولا يجعلوا له أمثالا ونظائر

ويقول أن المشركين عندما يرون العذاب فى الآخرة سيعلمون أن لله وحده القوة وأنه شديد العذاب
ثم يذكر حال المشركين ومن اتبعوهم فى الدنيا عندما يعذبهم الله ، يتبرأ المشركين ممن اتبعوهم ، فيتمنى هؤلاء أن لو لم يتبعونهم ، ويتمنون أن لو أعيدوا إلى الدنيا ليتبرؤا هم منهم ، ولكن دون جدوى فهم جميعا فى نارجهنم، وسيرون نتيجة عملهم ليتحسروا فى النار .

الآيات 168 ـ169


(
يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّبًا وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ  *إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (


أحل الله أن يأكل الإنسان مما هو غير ضار طيب للأبدان والعقول ونهى عن اتباع الشيطان من تحريم ما أحل الله أو تناول ما حرم


ويحذر بأن الشيطان عدو واضح عداءه


الآيات 170 ـ 171

 

(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ

وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ *)

 

يقول الله لهؤلاء المشركين الكافرين اتركوا ما أنتم عليه من الضلالة ولكنهم يقولون أن آباءهم اتبعوا هذا الطريق الذى هم متبعوه حتى ولو كان آباءهم على طريق الضلالة

ويشبه الله هؤلاء بالدواب التى لا تعقل ، أو الذين أصموا ولا يسمعون ولا يرون ولا يتكلمون وهم بذلك لا يعقلون شيئا


الايات 172 ـ 173


(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ *إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (


يأمر الله تعالى المؤمنين بالأكل من طيبات مارزقهم الله ومن الحلال الطيب مع شكر الله على ما رزقهم ، وأن الحرام لا يتقبل الله معه الدعاء ومن الاطعمة الحرام الميتة ودم الترسة البحرية ولحم الخنزير


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا و إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إنى بما تعملون عليم ) ، وقال ( ياأيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ) ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر ، أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء ، يارب ، يارب ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذى بالحرام ، فأنى يستجاب لذلك ؟ "

لماذا لا آكل لحم الخنزير .؟

قال تعالى

(
إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله )

الميتة:
عندما يموت الكائن الحى تنشط بكتيريا التعفن وتفرز مواد سامة بالجسم


الدم :
يحتوى على بولينا وحمض بوليك وهى مواد سامة تفرز مع البول


لحم الخنزير:

يتغذى على القمامة والروث فتدخل الدودة الشريطية الجسم وتستقر فى العضلات وهى من نوع تينيا سوليم وهذه الدودة لها درجة مقاومة عالية للحرارة وجسمها مكون من قطع كل قطعة تحتوى على اعضاء الذكورة والأنوثة وتعمل كدودة كاملة فاذا قطعت نمت وظهر لها راس وطولها اكثر من10 امتار تسد الأمعاء وتؤدى للوفاة


اما الدودة التى تصيب الأبقار فهى من نوع تينياساجيناتا تستقر فى الأمعاء التى يمكن الإستغناء عنها .


ما أهل به لغير الله :

وهو مالم يذكر اسم الله عليه عند ذبحه أوذكر غير الله كالصليب مثلا فإن الذبيحة لا تنتفض فلا تتخلص مما بها من دم الا القليل الذى به سموم

 

الآيات 174 ـ 176

 

(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ )

 

يعنى الله بالقول اليهود الذين مسحوا اسم محمد فى التوراة وغيروا من صفاته حسدا منهم وكتموا ما أنزل الله وذلك ليشتروا عرض الدنيا القليل فإنما يأكلون النار فى بطونهم ولهم العذاب فى الدنيا والآخرة

فهؤلاء استعاضوا عن مغفرة الله بالعذاب ولن يصبروا على عذاب النار وذلك لأن الله أنزل الحق فى كتبه ولكنهم كتموا ما أنزل الله ولهذا حق عليهم العذاب

الآيات 177

(لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ )

 

عندما أمر الله المؤمنين بالتوجه إلى بيت المقدس أولا ،ثم حولهم إلى الكعبة ، تعجبت طائفة من أهل الكتاب وبعض المسلمين ، فأنزل الله الحكمة من ذلك وقال ليس الخير فى تغيير القبلة أو لأين أتوجه ولكن الخير فى طاعة الله وامتثال أوامره فأينما يوجه عبيده يتوجهون

وكذلك آداء الطاعات المختلفة من الإيمان بالله والرسل والكتب السماوية والملائكة والنبيين

وإخراج المال وهو محب له لذوى الحاجة من الأقرباء واليتامى والمساكين الذين لا يجدون قوت يومهم والمسافر الذى انتهت نفقته ويحتاج للزاد ، والسائلين المضطرون للطلب فيعطون من مال الزكاة

( وفى الرقاب ) وهم المكاتبون الذين لا يجدون ما يؤدونه فى كتابتهم ـ أى كتب على نفسه دين ولا يجد أن يسده

وأقام الصلاة وأدى الزكاة وخلص نفسه من الرزائل

والذين يوفون بالعهد فالمنافق هو من لا عهد له

والصابرين فى الخير والشر

فهذه هى التقوى

 

الآيات 178 ـ 179

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ *وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )

 

يقول تعالى أن العدل فى القصاص كتب على المؤمنين فلا تتجاوزوا الحد فحركم بحركم وعبدكم بعبدكم والمسلم لا يقتل بالكافر ولا يقتل الجماعة بالواحد ، ويمكن العفو بقبول الدية ومن ترك حقه تسامحا فلا ضرر

وقد شرع الله القصاص والتخفيف بقبول الدية من رحمته

 

الآيات 180 ـ 182

 

(كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ  *فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ  *فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )

 

يوص الله بجواز الوصية للوالدين والأقربين وهذه كانت قبل نزول آية المواريث وبعد ذلك نسخت ونزلت آية المواريث وأصبح لا وصية لوارث لأن لهم حق سيأخذونه بدون وصية

قوله ( إن ترك خيرا ) : أى مال

 

وقوله ( بالمعروف ) أى بالإحسان والرفق

فإذا وصى للأقربين الذين ليس لهم حق ميراث فلا يجور على حقوق الوارثين وقيل فى الثلث فقط

من غير الوصية فعليه الإثم

الجنف : الخطأ

 

الآيات 183 ـ 184

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ *أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ )

 

يقول الله تعالى : آمرا الأمة المسلمة بالصيام

ومعنى الصيام : الإمساك عن الطعام والشراب والجماع بشرط النية الخالصة لما فيه من طهارة للنفس من الرذائل والأخلاق السيئة وقد كان كتب على أقوام من قبل ويقول أن فى الصيام عون للنفس على التقوى

وأعطى الله رخصة لمن كان مريضا ويقع عليه الأذى بالصيام وكذلك المسافر بأن يفطروا على أن يتم إعادة الأيام التى فطر فيها بعد انتهاء الشهر

أما من لا يستطع الإعادة لمرض مزمن أو غير ذلك كالمرأة أو الرجل كبير السن ويضره الصيام فعليه أن يطعم عن كل يوم مسكينا

أما الشيخ الهرم الفانى فله أن يفطر ولا قضاء عليه

 

الآيات 185

 

(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (

 

يذكر سبحانه بأنه فضل شهر رمضان على باقى شهور العام بأن أنزل فيه القرآن ليهدى الناس إلى الحق ويخرجهم إلى نور الهداية والفلاح

وجعل فيه ليلة هى خير من ألف شهر فى ثواب من يغتنمها بالعبادة والطاعات وهو فى نفس الوقت يمدح القرآن الذى فيه هداية القلوب ومفرق بين الحق والباطل

ويؤكد على صوم هذا الشهر ولمن كان مريضا أو على سفر فله أن يفطر ويفدى يومه بإطعام مسكين عن كل يوم يفطره ثم يعيده بعد انتهاء الشهر

وأمر الله بالقضاء لإستكمال عدد أيام الشهر

وبعد انقضاء الشهر يجب ذكر الله وفضله بالتسبيح والتحميد والتكبير وشكر الله على اداء فرائضه وترك المحارم وحفظ الحدود .

 

الآية 186 ... البقرة

(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (

          الله لا يحتاج الوسيط

 قال النبى صلى الله عليه وسلم : " يقول الله تعالى : أنا عند ظن عبدى بى ، وأنا معه إذا دعانى "

الدعاء عبادة

وكان الصحابة إذا سألوا عن شئ فإن الله يقول لنبيه ( قل ...) ويجيب

ولكن هنا وعند الدعاء لم يقل ( قل لهم إنى قريب ) ولكن أجاب لنا سبحانه مباشرة ليزيل المسافات بيننا وبين اجابته السريعة

 

ولكن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ، ولا قطيعة رحم ، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال : إما أن يعجل له دعوته ، وإما أن يدخر له فى الأخرى ، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها " قالوا : إذا نكثر ، قال : " الله أكثر " .

 

وقال أبو هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول : دعوت فلم يستجاب لى "

 

وقال صلى الله عليه وسلم" للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة "

 

فأحيانا يدعو الإنسان بشر ولا يدرى أين خيره

وأحيانا يدعو بشئ ويجاب له فى وقت مؤجل لصالحه

وأحيانا يختبر ويؤجل له الخير فى الآخرة

ولا تمل الدعاء فإنه عبادة تشعرنا بضعفنا واحتياجنا لله ورحمته ومن ترك الدعاء دخل الكبر نفسه ، ولا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر

 

الآية 187

 

 ) أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ )

كان فى بداية الإسلام كان إذا أفطر الرجل يحل له الأكل والشرب والجماع حتى صلاة العشاء ،وإذا نام قبل ذلك فإنه بعد العشاء صلى أو لم يصلى حرم الطعام والشراب والجماع إلى الليلة التالية

ووجدوا فى ذلك مشقة كبيرة

ولهذا وضح الله لهم الطريقة التى يتبعونها فى الصيام

وهو أن يأت الرجل زوجته فى ليل رمضان من بعد صلاة المغرب وطوال الليل حتى الفجر ، ثم يمسك عن الطعام والشراب والجماع من الفجر حتى مغرب شمس ذلك اليوم وذلك لرفع العنت عن المسلم

 

وفى ذلك قال البراء بن عازب : كان أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائما فنام قبل أن يفطر لم يأكل إلى مثلها ، وأن قيس بن صرمة الأنصارى كان صائما وكان يومه ذلك يعمل فى أرضه فلما حضر الأفطار أتى امرأته ، فقال : هل عندك طعام ؟ قالت : لا، ولكن أنطلق فأطلب لك ، فغلبته عينه فنام

وجاءت امرأته فلما رأته نائما قالت : خيبة لك ، أنمت ؟

فلما انتصف النهار غشى عليه فذكر ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية ( أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ) ...حتى ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) ففرحوا بها بشدة

وهذا معناه إباحة الأكل والشرب والجماع من الليل حتى يتبين ضوء الصباح من ظلمة الليل

وهذا يدل على استحباب السحور قبل الفجر

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر "

وقوله ( ثم أتموا الصيام إلى الليل ) تحدد انتهاء فترة الصيام عند المغرب

وقال صلى الله عليه وسلم " لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر "

وقوله ( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون فى المساجد ) تعنى عدم الجماع ودواعيه من تقبيل ومعانقة وغير ذلك ما دام الرجل فى المسجد معتكفا

 

( حدود الله) أن هذه أوامر وضعها الله للناس وعليهم الألتزام بها

( كذلك يبين الله آياته للناس) يوضح أحكام الصيام وتفاصيله لعلهم يعرفون ويطيعون

 

الآية 188

(وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُون )

هذه فى الرجل يكون عليه دين ومال وينكره ويحلف للقاضى أنه ليس عليه شئ

أو يكون هناك خصومة بين أثنين ويحلف الرجل للقاضى أن المال ماله كذبا ويأخذ ما ليس له بحق

والقاضى بشر يصيب أو يخطئ ويكون الذى عليه الحق له القدرة على اظهار الحجة بالكلام

والله شهيد على ما بينهما

فإنما يأكل فى بطنه نارا ويصلى سعيرا

 

الآية 189

(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )

الأهلة : جمع هلال

وجعلها الله مواقيت للصلاة و للصوم والإفطار والحج والعبادات وعدة النساء

أما قوله ( ليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ) ذلك أن الناس فى الجاهلية كان إذا أحرم أحدهم فإنه يدخل البيت من ظهره ، فأنزل الله الآية

 

ويقول سبحانه أفعلوا ما أمركم الله واتركوا ما نهاكم عنه فذلك التقوى فيجازيكم إذا وقفتم بين يديه

 

 

الآية 190 ـ 193

 

(وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ  *وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ  *فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ  *وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ )

 

يحث الله على قتال أعداء الإسلام الذين يحاربون ويهمهم قتال المسلمين

ويأمر بعدم الإعتداء والتمثيل بالجثث وقتل الشيوخ والأطفال والصبيان الذين ليس لهم رأى فى القتال

وينهى عن قتال فى بلد الله الحرام إلا إذا أعتدى الكافرون على المسلمين فيه

فإن تراجعوا فإن الله يغفر لمن تاب منهم

وإن تراجعوا عن قتال المسلمين فيجب التراجع عنهم

 

الآية 194

 

(الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ *)

 

أمر الله بالعدل حتى مع المشركين

ولم يكن النبى صلى الله عليه وسلم يغزو فى الشهر الحرام إلا أن يغزى من العدو ، ويخبر الله أنه مع الذين اتقوا بالنصر فى الدنيا والآخرة

 

الآية 195

 

(وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )

يأمر الله بالإنفاق فى سبيل الله فى وجوه الطاعات وقتال الأعداء وما يقوى المسلمون على عدوهم وأن الإمتناع عن بذل المال فى سبيل الله إنما هو إلقاء النفس فى الهلاك

والإحسان إنما هو أعلى مراتب الطاعات

 

الآية 196

(وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )

 

يقول سبحانه عن أحكام العمرة والحج لمن بدأ فى أفعالهما ثم عرض له ما يصده عن إتمام المناسك فعليه ذبح ( والذبيحة تكون من الإبل أو البقر أو المعز أو شاة )

وقال العلماء إذا شرع أحد فى الحج أو العمرة عليه أن يشترط حتى لا يقع فى مثل ذلك

والإشتراط بأن يقول بعد صلاة ركعتى النية " أن محلى حيث حبستنى "

 

وذلك لأن عائشة رضى الله عنها قالت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب فقالت : يا رسول الله ، إنى أريد الحج ، وأنا شاكية ، فقال : " حجى واشترطى ، أن محلى حيث حبستنى "

ويجب عدم حلق الرأس حتى يتم توزيع الذبيحة

الحصار : أى منع الكفار الحجاج من دخول الحرم كما حدث فى عام الحديبية ، يمكن الحلق والذبح خارج الحرم

 

ولمن كان برأسه مرض أو حشرات له أن يحلق رأسه و صيام ثلاثة أيام فى الحج وسبعة بعده ، أو إطعام ستة مساكين أو ذبح شاة وتوزيعها على الفقراء

ومن خالف أمر الله فإن الله يعاقبه

 

الآية 197

 

(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ )

 

قوله تعالى ( الحج أشهر معلومات ) : الحج لا يجوز الإحرام به إلا فى أشهر معلومة( وهى شوال وذو القعدة وعشر من ذى الحجة )

وقوله : ( فمن فرض فيهن ) تعنى من أوجب بإحرامه الحج

وقوله : ( فلا رفث ) تجنب الجماع ودواعيه

وقوله ( ولا فسوق ) تعنى لا سباب

وقوله ( ولا جدال ) تعنى لا مجادلة وقت الحج ومناسكه ولا مخاصمة

وما يفعل الحاج من خير فإن الله يجاز به

 وقال ( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) حيث أن أهل اليمن كانوا لا يتزودون ويقولون نحن المتوكلون فأمرهم الله بالتزود وكذلك التحلى بالتقوى

ويحذر من العقاب لمن يخالف

 

الآية 198

 

(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ )

 

يحل الله المتاجرة فى موسم الحج

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحج عرفات " والوقوف من الزوال ( الظهر ) إلى طلوع فجر اليوم التالى ويمكن التحرك بعد الغروب

وبعد المرور بالمزدلفة وصلاة المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين وذكر الله وسميت المزدلفة المشعر الحرام لأنها داخل الحرم

وينبه سبحانه على ما أنعم الله به على المؤمنون من الهداية بعد الضلال

 

الآية 199

 

( ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )

 

كان أهل قريش يقفون فى طرف الحرم ويقولون نحن أهل الله فى بلدته وقطان بيته ولذلك أمرهم الله أن يقفون عرفات مع الناس ويندفعوا إلى المزدلفة مع جمهور الناس

 

الآيات 200 ـ 202

(فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ  *وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ *أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (

يأمر الله بالإكثار من ذكره فور الإنتهاء من المناسك كقول الصبى لأبويه أبى أمى فذكر الله والدعاء أمر

ومن أكثر الدعاء أعطاه الله الدنيا والآخرة ومن طلب الدنيا فقط أعطاه الدنيا وليس له حظ فى الآخرة

وحسنة الدنيا هى كل مطلب دنيوى من زوجة صالحة ومال وأبناء وعمل حلال وصحة وعافية وعلم نافع وحسنة الآخرة هى الجنة والبعد عن النار وتيسير الحساب ونور القبر والتقوى والرضا من الله

 

الآية 203

 

(وَاذْكُرُواْ اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ )

 

قيل أيام معدودات هى أيام التشريق وهى أيام العيد 10 ، 11 ، 12 ، 13 وهى أيام أكل وشرب وذكر لله خلف الصلوات وسائر الأحوال

وكان عمر رضى الله عنه يكبر فى قبته فيكبر باقى أهل السوق بتكبيره فتهتز منى بالتكبير ، وأيضا عند رمى الجمرات

ومن تعجل فى الرمى أيام 10 للجمرة الكبرى ثم 11، 12 فقط فلا ذنب عليه ثم ينزل الحرم لطواف الإفاضة ، ويدعو الله الناس للتقوى فى سائر المعاملات

 

الآيات 204 ـ 207

 

(وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ *وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ *وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ *وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ)

 

 

يقول الله سبحانه أن بعض الناس وهم المنافقون يظهر الإسلام ويبارز الله بما فى قلبه من كفر ونفاق ، فيظهر الحلف للناس بالإيمان ويقول الله شهيد على أنه كذلك وأن ما فى قلبه يوافق ما يظهره ولكن فى الحقيقة أن ما فى قلبه هو العوج وكذب وافتراء فهو سيئ الأفعال واعتقاده فاسد وفعله فاسد قبيح يدمر كل شئ

وقوله ( يهلك الحرث والنسل ) معناه يهلك محل نماء الزروع ونتاج الحيوانات ــــ أى يهلك كل شئ بفعله القبيح

والله لا يحب الفساد

وإذا وعظ هذا الفاجر بالرجوع عن فعله ويتق الله فإنه يغضب وتأخذه الحمية بسبب ما فعل من آثام ، ومثل هذا ليس له سوى الجحيم كافية لإهلاكه

وقوله ( ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله ) أن هناك نوع آخر من الناس وهو المؤمن على حق يدفع أمواله ونفسه ليرضى عنه الله

وهذه نزلت فى صهيب الرومى إذ أنه أسلم فى مكة ثم أراد الهجرة فمنعه الناس أن يأخذ ماله معه فتركه كله وهاجر فنزلت الآية فيه فقال له عمر بن الخطاب رضى الله عنه ربح البيع ، أما أنتم (من أخذوا ماله ) فلا أخسر الله تجارتكم فسأل ما ذاك قيل له أن الله أنزل هذه الآية

وقيل أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له " ربح البيع صهيب "

ثم فسر بعد ذلك أن هذه الآية لكل مجاهد فى سبيل الله

 

الآية 208 ـ 209

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ  *فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )

يقول سبحانه آمرا الناس بالدخول فى الإسلام والتمسك بكل تعليم الإسلام والحذر من غواية الشيطان فإنه عدو عداءه واضح يأمر بالسوء والفحشاء والتقول على الله ، فإن ميلتم عن الحق بعد ما قامت عليكم من حجج ، فإن الله شديد العقاب ولا يهرب من عقابه أحد عزيز شديد فى نقمته حكيم فى أمره

 

الآية 210

 

(هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ )

يعنى أن الله وجنده من الملائكة يأتى سبحانه يوم القيامة للفصل بين العباد ويجزى كل بعمله إن خيرا فخيرا وإن شرا فشر

 

الآية 211

)سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )

يوجه الله لليهود توبيخ بأنه آتاهم معجزات وآيات ليتأكدوا أن ما جاءهم مع نبيهم موسى هو الحق من ربهم ، فجاءهم بالعصاه التى تحولت لحية وكان يضرب بها الحجر فيخرج الماء منه وكان يدخل الغمام أمام أعينهم ويكلم الله ويسمعونه وغيرها من الآيات ومع ذلك فقد كانوا يخفون الآيات التى بها ذكر محمد الرحمة المهداه ويكتبون بأيديهم ما يستهويهم ويتوعدهم الله بالعذاب الشديد

 

الآيات  212

 

(زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ (

 

يخبر الله عن بنى إسرائيل كم شاهدوا من آيات واضحات تدل على صدقه من انفلاق البحر ومن العصاة وخروج الماء من الحجر عند ضربه وغيرها من الآيات التى وردت فى بداية السورة وبالرغم من ذلك بدلوا كلام الله وأعرضوا ، فيتوعدهم بالعقاب الشديد

ثم يخبر عن كفار قريش الذين أغرتهم مفاتن الحياة الدنيا وكفروا بالله وسخروا من المؤمنين فيتوعدهم بالعذاب يوم القيامة وان الذين آمنوا يرفعهم درجات فى الجنة ويجزل لهم العطاء فى الدنيا والآخرة

 

الآية 213

 

(كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )

 

خلق الله آدم وحواء وذريتهما حتى عشرة قرون وكان الناس على التوحيد والإيمان بالله

حتى جاء نوح وبدأ الناس أن يختلفوا ويعبدون غير الله مشركين به فبعث الله نوحا والنبيين من بعده وأنزل الكتب السماوية لينذر الناس ويهديهم طريق الرشاد وينذرهم عذاب الجبار

وهدى الله الناس بعلمه وهو يهدى من يشاء من خلقه وله الحكمة فى ذلك

 

الآية 214

 

(أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ )

يقول تعالى للمؤمنين أنه لابد من أختبارهم وابتلاءهم كما فعل بمن قبلهم من الأمم ليميز الله الخبيث من الطيب ، فيصيب الناس بالأمراض والألام والمصائب والفقر والسقم والخوف من الأعداء حتى يدعون بالفرج والمخرج ثم يفرج الله الكربات

 

الآية 215

(يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ )

 

يقول يا محمد يسألون كيف ينفقون ؟ فقل لهم اصرفوها فى هذه الوجوه

ومهما صدر من أفعالكم فإن الله يعلمه وسيجزى به

 

الآية 216

 

(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ )

 

يدعو الله المسلمين للجهاد فى سبيل رفعة كلمة الإسلام وهو يعلم أنه به مشقة وتعب السفر ومجاهدة الأعداء

ويقول لا تكرهوا الجهاد ففيه خير كثير فيعقبه النصر والإستيلاء على بلاد الكفار وأموالهم وأولادهم

وقد يحب المرء شيئا ويكون فيه شر كبير فلا تقعدوا عن القتال

والله أعلم بعواقب الأمور منكم وما يصلح حياتكم

 

الآية 217 ـ 218

 

(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ  *إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )

 

يسأل المؤمنون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حكم القتال فى الأشهر الحرم وفى أشهر الحج فقال الله أنه قد حرم القتال فيها وفى المسجد الحرام ولكن إذا اعتدى الكفار على المسلمين فيها فيجب قتالهم وإن تراجعوا فعلى المسلمين التراجع

ويقول أن الهدف من قتال الكفار للمسلمين هو مراجعتهم عن دينهم ليحذر المسلمين منهم

ويقول أن من يتراجع عن دينه بعد إيمانه ويمت وهو كافر فله عذاب الجحيم خالدا فيها

أما الذين يجاهدون فى سبيل رفعة دينهم وهاجروا فرارا بدينهم الحق فهم فى جنات الله خالدين فيها

 

الآيات 219 ـ 220

 

( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ * فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )

 

قال عمربن الخطاب : لما نزل تحريم الخمر قال : اللهم بين لنا فى الخمر بيانا شافيا ، فنزلت الآية

فالخمر هو كل ما خامر العقل

والميسر هو القمار

ويقول سبحانه أن إثمهما فى الدين وأما منافعهما فى دنيوية من حيث بيعها ومصالح التجارة والقليل من نفع البدن ولكن مضرتها أكبر بكثير من نفعها

 

وكانت هذه الآية الممهدة لتحريم الخمر ولهذا قال عمر قولته حتى نزل تحريمها فى سورة المائدة 90 ، 91

 

ثم قوله تعالى: ( ويسئلونك ماذا ينفقون قل العفو ) أى الفضل

فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل " إبدأ بنفسك فتصدق عليها ، فإن فضل شئ فلأهلك ، فإن فضل شئ عن أهلك فلذى قرابتك ، فإن فضل عن ذى قرابتك شئ فهكذا وهكذا "

وقيل أنها نسخت بآية الزكاة وأوجه النفقة فيها

 

وهكذا يوضح الله الأحكام لعلكم تتفكرون فى أحوال الدنيا وفناؤها وزوالها والإقبال على الآخرة دار البقاء

 

عندما نزلت الآيات فى سورتى الأنعام والنساء تحرم الأقتراب من مال اليتيم عزل كل من كان فى بيته يتيم طعامه عن طعامه وشرابه عن شرابه وإن تبقى شئ من طعام اليتيم يحبس له إما يأكله وإما يفسد فشق عليهم ذلك فشكوا للرسول فنزلت الآية بأنه يمكن مخالطة طعامهم وشرابهم لأنهم إخوان فى الدين والله يعلم نية الإفساد أو الإصلاح

 

ويقول لو شاء الله لشق عليكم ولكنه خفف عنكم

ويجوز لمن كان فقيرا أن يأكل بالمعروف بشرط ضمان البدل لمن أيسر

 

الآية 221

 

(وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ )

 

حرم الله زواج المسلمة من المشرك وحرم زواج المؤمن من المشركة من عبدة الأوثان واستثنى نساء أهل الكتاب

وذلك لأن مخالطتهم تبعث على حب الدنيا بما فيها من غضب لله ، أما المسلمين فهم عونا لبعضهم على طاعة الله

 

الآيات 222 ـ 223

 

(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ * نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ )

 

كانت اليهود إذا حاضت المرأة لا يؤاكلوها ولا يجامعوها فى البيوت ولذلك سأل أصحاب النبى النبى صلى الله عليه وسلم عن المحيض

نزلت الآية ومعناها عمل كل شئ إلا الجماع والمباشرة فى الفرج ومن فعل ذلك فقد أثم وعليه الإستغفار والتوبة

وإذا انتهت مدة الحيض عليها الإغتسال ( تطهرن ) قبل أن يقربها زوجها

وقوله ( نساؤكم حرث لكم ) أى موضع الولد ( أنى شئتم ) أى كيفما شئتم والأمام أو من الخلف فى موضع الحرث وهذا التفصيل لأن اليهود كانوا يقولون أنه إذا أتى الرجل إمرأته من الخلف فى موضع الولد جاء الولد أحول

ويحرم إتيان المرأة فى الدبر فهذا لواط

ويعلمنا الله التقوى للإلتزام بالطاعات ومراقبة لقائه

 

 

الآيات 224 ـ 225

 

(وَلاَ تَجْعَلُواْ اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ )

 

يقول تعالى لا تقسموا بالله على منع البر وصلة الأرحام والإصلاح بين الناس

ولا يحاسبكم الله إذا حلفتم قولا باللسان ولم تعقدوا العزم فإن الله يحاسب على ما أيقنت به وعزمت عليه النفس

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها ، فليكفر عن يمينه وليفعل الذى هو خير "

ومن حلف بغير الله فليكفر عن يمينه بقوله " لا إله إلا الله "

 

الآيات 226 ، 227

 

(لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )

 

الإيلاء : هو حلف الرجل على زوجته بأن لا يجامعها مدة إما 4 أشهر أو أقل

وعليه أن ينتظر ما عهد على نفسه من مدة حتى تنقضى وعلى زوجته أن تصبر معه فلا تطلب منه غير ذلك حتى يفى بقسمه

حتى تنقضى المدة فإن تراجعا فلا بأس والله يغفر لهما أما إن لم يفئ ( أى يجامعها ) فلها طلب الطلاق وإن علقها ولم يجامعها فى نهاية المدة للإضرار بها ولم يطلقها فعلى القاضى أن يطلقها منه

ونهاية المدة لا تعتبر طلاقا

 

الآية 228

 

( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

هذا أمر من الله للمطلقات بعد الدخول بهن بأن ينتظرن ثلاثة حيضات بدون زواج وبعدها يتزوجن إن أردن على أن تغتسلن من الحيضة الثالثة

 

ولا يحل للمطلقة أن تكتم ما فى بطنها من حمل إن وجد

 

وقوله ( إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر ) تهديد لهن إن فعلن غير ذلك

 

وزوجها الذى طلقها أحق بردها مادامت فى عدته إذا كان يريد خيرا

 

وقوله ( ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف ) تعنى بأن على الرجال أداء حقوق أيضا لهن بالمعروف

 

وللرجال على النساء فضل ( درجة ) فى الخلق والنفقة وطاعة الأمر

والله عزيز ذو انتقام لمن خالف أمره حكيم فى أوامره

 

الآيات 229 ـ 230

الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ )

 

كان الرجل قبل الإسلام من حقه يراجع إمرأته ولو مائة مرة مادامت فى العدة وكان ذلك يؤذى النساء ولهذا جعل الله عدد الطلقات ثلاثة فقط وأباح الرجعة فى الأولى والثانية ومنعها فى الثالثة

 

ولا يحل للرجال أن يضيقوا على النساء لتفتدى نفسها بما لها من صداق أو غيره إلا أن يكون برغبتها وعن طيب نفس وذلك إن كرهت المرأة معاشرة زوجها بدون تضييق منه

 

وهذا ما يعرف بالخلع ، وقيل لو أخذ منها شيئا وهو مضار لها فعليه رده

وهذه شرائع الله فلا تتعدوها

 

وإذا طلق الرجل إمرأته طلقة ثالثة فإنها تحرم عليه حتى يطأها زوج آخر وإن لم يدخل بها الثانى لا تحل للأول

فقد لعن الله ورسوله " المحل والمحلل له "

 

ولها أن ترجع لمعاشرة الأول إن ظنا أن يتعاشرا بالمعروف

وهذه شرائع الله يوضحها للمؤمنين

 

الآية 231

 

(وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُواْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )

 

كان الرجل إذا طلق إمرأته يراجعها قرب إنتهاء العدة ثم يطلقها حتى تطول عليها مدة العدة ولا تتزوج بغيره

فنهى الله عن ذلك الإعتداء وأمر الرجل بأن ينتظر عليها فى عدته مقيمة فى بيته حتى تنتهى عدتها ثم يخرجها بإحسان وبدون عداء

وإن أراد مراجعتها أثناء عدتها فله ذلك على أن يشهد على ذلك

 

الآية 232

 

(وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ )

 

وهذه الآية نزلت فى أن يطلق الرجل زوجته ثم بعد انقضاء العدة يريدا أن يتراجعا فيمنعها أهلها فنهى الله أن يمنعوها

 

وهذا يدل على أن المرأة لاتملك أن تزوج نفسها ولابد لها من ولى

وهذا يتعظ به ويؤمر به من كان يخشى الله وأزكى لقلوبكم

والله يعلم ما يصلح أمور عباده عندما يشرع

 

الآية 233

 

(وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلادَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )

هذا إرشاد للوالدات أن يكملن الرضاعة ومدتها سنتان

وعلى الوالد نفقة الوالدات وكسوتهن بالمعروف وما جرت عليه العادة بلا تقتير ولا إسراف

( لا تضار والدة بولدها ) أى لا تدفع المولود عنها لتضر أباه بعدم إرضاعه

( ولا مولود له بولده ) أى ولا ينتزع الوالد الولد من أمه ليضرها

( وعلى الوارث مثل ذلك ) على الوارث عدم الإضرار بالأم والنفقة عليها تماما مثل الوالد والقيام بحقوقها فى حالة وفاة الوالد

 

وإن اتفق والدا الطفل على فطامه قبل السنتين فلهما ذلك

 

وإذا اتفقت الوالدة مع الوالد على أن يستلم الطفل منها لأى سبب وعذر مقبول فعليه أن يسلمها أجرة رضاعتها للطفل بما اتفقا عليه وتعارفا عليه بالتى هى أحسن وله أن يسترضع أخرى بالأجر

واتقوا الله الذى لا يخفى عليه شيئا من أموركم

 

الآية 234

 

(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ )

 

وهذا أمر للنساء اللواتى يتوفى عنهن أزواجهن

عدتهن أربعة أشهر وعشرة ليال ( وهذا للمدخول بهن والغير مدخول بهن سواء )

فالآية عامة

* وغيرالمدخول بها لها الصداق كاملا وعليها عدة ولها ميراث

* أما المدخول بها فعدتها وضع الحمل وليس ارتباط بعدد الشهور فلو وضعت بعد اسبوع كانت نهاية عدتها

 

فإذا انتهت العدة لها ان تتزوج طيبا

 

الآية 235

 

(وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) 

ولا ذنب عليكم أن تعرضوا بخطبة النساء أثناء العدة بدون تصريح كأن يقول أريد التزويج من امرأة صفاتها كذا أو وددت لو رزقنى الله التزويج من امرأة كذا بحيث يلمح لها بطلبه

فإن الله يعلم ما يدور بنفوسكم فرفع عنكم الحرج

ولكن لا تواعدوهن سرا يريد الزنا

وقيل لا يقول لها انا عاشق وعاهدينى بعدم الزواج بغيرى ونحو ذلك

ولا تعقدوا العقد للزواج إلا بعد انتهاء العدة

ويحذر الله من عصيانه ويعطى الفرصة لمن اخطأ بالعودة لله فهو الغفور الرحيم

 

الآية 236

 

(لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ )

 

 

سمح الله تعالى بأن يطلق الرجل زوجته قبل أن يدخل بها وجعل لها الحق فى تعويضها عن ما فاتها من زوجها بعطاء بحسب حالة الزوج المادية

( الموسع ) ميسر ماديا

( المقتر ) غير ميسر ماديا

 

الآية 237

 

(وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )

 

ويجمع العلماء على أن من قد حدد لها مقدار من مؤخر الصداق أن يقسم نصفين وللزوجة نصفه فى حالة طلاقها قبل الدخول بها

وفى حالة تنازلها فللزوج أخذه كله

وفى حالة تنازل الزوج ( الذى بيده عقدة النكاح ) عن حقه لها فلها قبوله كله

 

ولكلاهما العفو والتقوى ولا تنسوا الإحسان بينكم فالله عليم بما بينكم

 

الآيات 238 ، 239

 

 

(حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلَّهِ قَانِتِينَ * فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ )

 

يأمر سبحانه بالمحافظة على الصلوات فى وقتها وخاصة صلاة العصر ( الصلاة الوسطى ) ويأمر بالقنوت فيها والخشوع

وذلك أن كان الرجل يحدث الآخر وهو فى الصلاة عند الضرورة فنزلت الآية تمنع التحدث فى الصلاة

 

وفى حالة القتال صلوا على أى حال راكبين أو مترجلين ، مستقبلى القبلة أو غير مستقبلين لها وتسمى صلاة الخوف وهى ركعة واحدة

فإذا انتهى الخوف فأتموا صلاتكم ركوعها وسجودها وخشوعها واشكروا الله أن منحكم رخصه

 

الآيات 240 ـ 242

(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ * كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ )

يشير سبحانه إلى أنه بعد إنتهاء عدة من توفى عنها زوجها أو وضعت حملها إذا كانت حاملا بأن لا تمنع من الخروج من بيت زوجها ، أو تتزوج

ويوضح سبحانه الآيات لأن فيها خير العباد

 

الآيات 243 ـ 245

 

 ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين خرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ * وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ

خرج أربعة آلاف من اليهود من بعد موسى من أرضهم فرارا من وباء الطاعون خوفا من الموت فأماتهم الله

مر عليهم نبى من أنبياء الله فى بنى إسرائيل فدعا ربه أن يحييهم ، فأحياهم الله

 

وهذه القصة عبرة لأن لا منجى من الله إلا إليه ولا يغنى حذر من قدر

 

وفى ذلك يقول صلى الله عليه وسلم " إذا كان بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه ، وإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه "

 

وهذا هو ما نعرفه الآن باسم الحجر الصحى

عليك السلام يارسول الله

 

وكما أن الحذر لا يغنى عن قدر فإن الفرار من الجهاد فى سبيل الله لا يقرب موتا ولا يبعد موتا

ويحث الله تعالى على الإنفاق فى سبيل الله فالله هو الرزاق يضيق ويوسع على من يشاء

والإنفاق فى جميع الأحوال على العيالوالأهل والأقارب والصدقات وفى الحرب وقيل يطلق أيضا على التسبيح والتحميد

 

الآيات 246 ، 247

 

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُواْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )

 

طلبوا من نبيهم يوشع بن نون أن يعين عليهم ملكا فعين لهم طالوت وكان رجلا من الجند وليس من بيت الملك فقد كان المعتاد أن يكون الملك من سبط لاوى ولكن طالوت كان من سبط بنيامين الفقراء

اعترضوا على نبيهم غيرة وحسدا وكان الأولى بهم طاعته

فقال لهم إن الله اختاره عليكم وزاده بالعلم وضخامة الجسموكان أشد قوة وصبرا فى الحرب والله يحكم أمره ويعطى الملك لمن يشاءويعلم من يستحقه ممن لا يستحقه

 

الآية 248

 

(وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ )

يقول لهم نبيهم إن علامة بركة طالوت أن تحمل الملائكة التابوت الذى سرقه أعداءهم منهم وهو صندوق من الذهب به عصا موسى وملابسه والحجر الذى كانت تنبع منه الماء وألواح التوراة

وتضعه الملائكة بين يدى طالوت ليثبتوا لهم اختيار الله له وتكون فيه وقار وجلالة ،

وجاء التابوت تحمله الملائكة بين السماء والأرض والناس ينظرون

 

الآية 249

 

(فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُوا اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ )

 

يقص سبحانه علينا ما تم من طالوت مع جنوده

وهو : أن طالوت أحب أن يغزو بلاد الأجداد ويدخلها كما أمره الله وهى أرض كنعان وبيت المقدس وأراد أن يختار من الجنود من له عزيمة وصبر على الجهاد فقال لهم إن الله مختبركم بنهر تمرون به فلا يشرب منه ولا يغتسل ولا يملأ ولا ينعم بالماء دون حاجة إلا من عطش فله أن يروى عطشه بغرفة بيده

ولكن للأسف الضعف المعتاد من بنى إسرائيل فقد شربوا منه إلا قليلا منهم المؤمنون

ولما جاوز طالوت النهر هو ومن معه من المؤمنون القليلون شاهدوا العدو وكان بها جالوت ملكا ظالما شديد البأس وعددهم كثير ، فخاف البعض ولكن علماؤهم طمأنوهم بأن الله معهم وكم من قلة غلبت كثرة بإذن الله ونصره للحق ، ونصحوهم بالصبر

النهر هو نهر الاردن

الآيات 250 ـ 252

 

(وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ * تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ )

 

عندما واجه أهل الإيمان العدو دعوا الله أن يثبتهم ويجنبهم الفرار منه وطلبوا من الله أن ينصرهم على عدوهم

وقتل داوود جالوت نفسه وجعل الله له الملك والنبوة وعلمه الحكمة

ولولا أن الله يدفع شرور بعض الناس بآخرين لفسدت الأرض فقد دفع الله عن بنى اسرائيل شر جالوت وجنوده بمقاتلة داود وطالوت وشجاعتهم وحكمتهم وهذا من فضل الله عليهم ورحمته

 

وهذه آيات الله يقصها الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم مطابقة للحق الذى يعلمه علماء أهل الكتاب

 

الآية 253

 

(تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ )

 

يخبر سبحانه أنه فضل بعض الرسل منهم موسى ومحمدا صلى الله عليهما وآدم وعيسى ورفع بعضهم على بعض وقد رأى النبى صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج الرسل فى درجات متفاوته وفقا لمنزلتهم عند الله

 

الروح القدس : هو جبريل عليه السلام

واختلاف الناس من بعد أن بعث الله الرسل إنما هو من قضاء الله وحكمته

 

الآية 254

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ )

 

يأمر سبحانه وتعالى بالإنفاق فى سبل الخير ليدخروا عند الله اعمالهم الصالحة والثواب يوم القيامة حيث لا أعمال تقبل بعد أن تقوم القيامة ولا يفادى أحد نفسه من عذاب الله ولا تنفعه أصدقاء ولا أهل ولا أبناء ولا خلالولا شفاعة الشافعين

ولا أظلم من من ظلم نفسه بكفره

 

الآية 255 آية الكرسى

 

(اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ )

 

لاإله إلا الله

عن أبى سعيد الخدرى عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ( قال موسى : يارب علمنى شيئا أذكرك به وأدعوك به ،

قال : قال يا موسى : لاإله إلا الله ، قال يارب كل عبادك يقول هذا ،

قال : قل لا إله إلا الله

قالموسى : إنما أريد شيئا تخصنى به

قال : ياموسى لو أن أهل السموات السبع والأرضين السبع فى كفة ولاإله إلا الله فى كفة مالت بهم لاإله إلا الله )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا تأخذه سنة ولا نوم

وقال ابن عباس : ( إن بنى إسرائيل قالوا لموسى : هل ينام ربك ؟

قال : اتقوا الله

فناداه ربه عز وجل : ياموسى سألوك هل ينام ربك ؟ فخذ زجاجتين فى يدك فقم الليل

ففعل موسى

فلما ذهب من الليل ثلثه نعس فسقط لركبتيه ثم أنتعش فضبطهما حتى إذا كان آخر الليل نعس فسقطت الزجاجتان فانكسرتا

فقال ربه عزوجل : يا موسى لو كنت أنام لسقطت السموات والأرض فهلكن كما هلكت الزجاجتان فى يدك )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لايؤده حفظهما

لايثقل عليع حفظ السموات والأرض

 

 

 

 

 

 

وجاء فى فضائلها

 

 

 

عن أبى هريرة قال : وكلنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان فآتآنى آت فجعل يحثو من الطعام ، فأخذته فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال : إنى محتاج وعلى عيال وبى حاجة شديدة

فخليت عنه ، فأصبحت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة ؟ )

قلت : يارسول الله شكا حاجة وعيالا فرحمته فخليت سبيله

فقال : أما أنه كذبك وسيعود

فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله فرصدته ، فجاء يحثو من الطعام ،

فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال : دعنى فإنى محتاج وعلى عيال لا أعود

فرحمته وخليت سبيله فأصبحت ، فقال لى رسول الله :

( يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة ؟ )

قلت : يا رسول الله شكا حاجة وعيالا فرحمته فخليت سبيله

فقال : ( إنه كذبك وسيعود )

فرصدته الثالثة ، فجاء يحثو من الطعام فأخذته

فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا آخر ثلاث مرات أنك تزعم أنك لا تعود ثم تعود

فقال : دعنى أعلمك كلمات ينفعك الله بها

قلت : ما هن ؟

قال : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسى فإنه لن يزال عليك من الله حافظا ولا يقربك شيطان حتى تصبح

فخليت سبيله، فأصبحت

فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما فعل أسيرك البارحة ؟ )

فقلت يا رسول الله زعم أنه سيعلمنى كلمات ينفعنى بها الله فخليت سبيله ،

قال : وما هى ؟

قلت : قال لى : إذا أويت إلى فراشك فأقرأ آية الكرسىمن أولها حتى تختم الآية ( الله لا اله إلا هو الحى القيوم ) ـــــــــــــ وقال لى : إنك لا يزال عليك من الله حافظا ولن يقربك شيطان حتى تصبح

فقال النبى صلى الله عليه وسلم : ( أما إنه صدقك وهو كذوب ـ تعلم من تخاطب منذ ثلاث يا أبا هريرة ؟ )

قلت : لا

قال : ( ذاك شيطان ) رواه البخارى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الآية 256

 

(لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )

 

يقول سبحانه وتعالى الحلال بين والحرام بين ولا تكرهوا أحدا على الدخول فى دين الإسلام فمن هداه الله شرح صدره للإسلام الذى هو بمثابة العروة المتينة التى لا تنفصل ولا تنقطع حتى الممات أما من آمن بالأوثان وغيرها مما يشرك به فهو فى ضلال وسيلقى عذاب عظيم

 

الطاغوت : هى كل ما يشرك به عبادة من دون الله مثل الأصنام والأضرحة وهوى النفس والمال والأهل والولد

 

الآية 257

(اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )

 

يخبر سبحانه وتعالى بأنه يهدى من اتبعوا هديه إلى سبل السلام ويخرجهم من الشك والضلال إلى النور ، أما الكافرين فيزيدهم ضلالا على ضلالتهم ويزين لهم الشيطان أعمالهم وبخرجهم من طريق الهداية إلى طريق الغواية والكفر والجحيم

 

الآية 258

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )

 

بعد خروج إبراهيم من النار

كان يملك بابل ملك يسمى النمرود

اسمه :

النمرود بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح

مدة ملكه : 400 سنة

( فهو عاش أكثر من ذلك بكثير )

وكان كافرا ممن ألهوا أنفسهم

سمع النمرود بإبراهيم ، فاستدعاه

ونشأت مناظرة بينهما

سأل إبراهيم من ربك هذا ..؟

قال إبراهيم : ربى الذى يحيى ويميت

قال النمرود : أنا أحى وأميت

( باعتبار أنه يحكم بقتل الرجل ويقتل ، وهذا من جهله أن الله قدر الأسباب وهو مجرد سبب )

قال إبراهيم : فإن الله يخرج الشمس من المشرق ، فلو استطعت فاخرجها من المغرب

وهنا كانت مناظرة فاحمة لعدو الله فبهت

واستمر خليل الله فى عرض قدرات الله فى خلقه وتسخير السحاب ونزول المطر والرياح وغيرها

 

الآية 259

 

(  أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )

 

وهذا الرجل المؤمن عزير الذى مر بقرية بيت المقدس بعد تخريب بختنصر لها وقتل أهلها فأصبحت خاوية ليس بها أحد ، وساقطة سقوفها وجدرانها ، فوقف يتفكر فيما أصبح حالها بعد ما كان بها من عمارة ، فقال كيف يحيى الله هذه البلدة بعد ما أصبحت على هذه الحال من خراب ، فأماته الله وهو فى موضعه مائة عام

وكان يحمل فى رحلته طعام وشراب من عصير العنب والتين  

وكان قد مات فى أول النهار ، ثم بعثه فى آخرالنهار ، فلما رأى الشمس باقية ظن أنها شمس ذلك اليوم .

فقال (، قال كم لبثت ، قال لبثت يوما أو بعض يوم )

فقيل له وحيا (قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه ، وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس ، وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما ) فطعامه لم يتغير طعمه ولم يفسد ، ورأى عظام حماره التى كانت قد بليت تتجمع أمام ناظريه لتكون هيكلا ثم كساه اللحم أمامه

وهكذا جعله الله آية ودليل يعرف الناس على قدرة الله فى بعث الأموات وإعادتهم إلى الحياة ليحذرهم من يوم القيامة والبعث للمحاسبة على ما سبق من أعمالهم فى الدنيا .

 

فلما وضح لعزير قدرة الله وعظمته قال : (أعلم أن الله على كل شئ قدير) .

 

 

الآية 260

 

(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )

 

عندما قال النمرود قولته بأنه يحى ويميت ضاقت نفسه وأراد على يقينه من قدرة الله تعالى أن يعلم كيف أن الله يحى ويميت فالنمرود عقيدته فى إحياء الموتى بأنه يستطيع أن يعفوا عن من حكم عليه بالإعدام ولا يقتله ويمكنه أن يقتل آخر ليس عليه أحكام

وسأله الله على علم عنده ( أولم تؤمن ) قال إبراهيم لا بل ليطمئن قلبى

أمره الله أن يذبح أربعة من الطير ويقطعها ويخلط أجزائها ويضع على كل جبل منها جزء ثم يصفق لها يدعوها فتجمعت أجزاء كل طير وعادت للحياة وأتته طائرة

وأعلم أن الله قوى عزيز فى أحكامه حكيم فى شرائعه

 

الآية 261

 

(مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) 

هذا مثل يضربه الله لمن ينفق ماله فى سبيله وأن الحسنة بعشر من أمثالها إلى سبعمائة ضعف وأنه سبحانه يضاعف لمن يشاء حسب إخلاصه فى عمله وهو الذى عنده الكثير ويعلم من يستحق الزيادة

 

الآيات 262 ـ 264

 

(الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ )

 

يمدح سبحانه وتعالى الذين يعطون الصدقات ثم لا يمنون على من أعطوهم ولا يؤذونهم

ويقول أن لهم الثواب من الله ولا خوف عليهم من أهوال الدنيا ولا يحزنون على من تركوا من أبناء من بعدهم ولا خوف عليهم من عذاب الآخرة

 

والكلمة الطيبة ودعاء المسلمين والعفو والمغفرة أفضل عند الله من الصدقة التى يتبعها اذى

والصدقة يبطلها المن والأذى

وضرب مثلا فى ذلك ليظهر لنا خطورة الأذى والمن بالذى يتصدق ليرائى الناس وهو كافر بنعمة ربه ومثله بالصخر الأملس عليه التراب وجاءه ريح أزالت ما عليه وتركته صلدا وكذلك المرائين أعمالهم كالتراب الذى لا قيمة له والمن يذهب به ولا يعود عليهم بنفع

 

الآية 265

 

(وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )

 

هؤلاء الذين ينفقون أموالهم رغبة وجه الله وهم يتحققون أن الله سيجازيهم خير الثواب كمثل بستان بمكان عال من الأرض أمطر عليها مطر شديد وأثمرت ضعفين من مثيلتها ، وإن لم يصبها المطر الشديد فلابد أن يصبها ولو رذاذ ولأنها عالية فهذا يكفيها ويثمرها

وكذلك عمل المؤمن كثيرا أو قليلا لا يبور أبدا

والله لا يخفى عليه شئ من عمل عباده

 

الآية 266

 

(أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ )

 

وهذه الآية ضربت مثلا لرجل غنى يعمل بطاعة الله ثم بعث الله له شيطانا فعمل بالمعاصى حتى أغرق ماله

وهذا تفسير عمر بن الخطاب وابن عباس للآية

 

الآيات 267 ـ 269

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ )

 

يأمر الله عباده أن ينفقوا الصدقات من أفضل ما عندكم ولا تخرجوا ما إن لو أعطاه لكم أحد رفضتموه وكرهتموه

ولا تجعلوا ما تخرجون من الحرام وتمنعوا الحلال

 

وهذا فى معنى أن البعض يقول أن أرباح البنوك حرام نأخذها ونخرجها صدقات ، فالله طيب لا يقبل إلا الطيب

 

وقوله ( ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه ) يعنى أنه لو كان لأحدكم حق عند أحد وأراد رده فتريدون أن لا تقبلوه إلا بإنقاصه قيمته وتريدون زيادة عليه

 

وقيل فى معناها أنكم إذا عرض عليكم لا تأخذونه إلا وأنتم مغمضين العيون لعدم استحبابه ... فلا تعطوا من هذا السيئ الذى تغمضوا أعينكم لو عرض عليكم لتأخذوه

وإذا كان الله يأمر بالصدقات فهو غنى عنكم وعنها

 

والشيطان يخوفكم الفقر وينهاكم عن الصدقات والنفقة فى سبيل الله

وفى نفس الوقت يأمر بالمعاصى والفواحش ومخالفة أمر الله

 

ولكن الله يعد عباده المغفرة والرحمة

وقال على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم " لا ينقص مال من صدقة "

 

والحكمة يمنحها الله للرسل والنبيين وأيضا من غيرهم من من يشاء من عباده ولا ينتفع بها إلا أصحاب العقول التى تعى معنى الكلام

 

الآيات 270 ، 271

 

(وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ *إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ )

 

يخبر سبحانه وتعالى بأنه يعلم ما يفعل المؤمنون من خيرات ونذور وهو يجازى خير الجزاء على أن تخفى وتعطى للفقراء ابتغاء وجه الله ويوم القيامة لا ينقذ الظالمون من عذاب الله

 

فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل ، ..........، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه "

 

الآيات 272 ـ 274

 

(لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ *لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحْصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ *الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ )

كان بعض المسلمين يكرهون أن يعطوا أنسابهم من المشركين ، فسألوا فرخص لهم النفقة

وذلك الترخيص لأن ما ينفقه المؤمن فهو ابتغاء لوجه الله وليس للفقراء وما ينفقون فلأنفسهم رغبة فى جزاء الله

وقوله ( للفقراء الذين أحصروا ...) هم الفقراء من المهاجرين الذين سكنوا المدينة وليس لهم سبب للمعيشة أو السفر لطلب الرزق فلهم الحق فى الصدقات

 

وقوله ( يحسبهم الجاعل أغنياء من التعفف ...) يقصد أنه بعض الفقراء يخجلون من الطلب تظن أنهم أغنياء ولا يدل على فقرهم وحاجتهم إلا بعض الصفات التى تدل على ذلك ولا يلحون فى المسألة

والله يجزى المتصدق يوم القيامة خير الجزاء

ويمدح سبحانه المتصدقين فى جميع الأحوال ليلا أو نهارا ، سرا أو علانية ويطمئنهم بأن لهم الثواب العظيم على ما فعلوا

 

الآية 275

 

(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )

 

آكلوا الربا يقومون من قبورهم يوم القيامة كمن عنده صرع من مس الشيطان

وذلك لأنهم قالوا إن البيع فى حاله مثل الربا فلم يحل الله ذلك ويحرم ذلك ، واعترضوا على الشرع

ويرد عليهم الله أنه \هو الحكيم العليم ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون ويعلم ما ينفع الناس وما يضرهم

 

فمن علم موعظة من الله فعليه الإلتزام بتنفيذها وما قد فعل من قبل فالله يغفره

ومن لم ينتهى فيعاقبه الله فى ا لنار

 

الآيات 276 ، 277

 

(يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ *إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ )

 

يمحو ويذهب الله الربا من يد صاحبه ويحرمه بركته ولا ينتفع به ويعذبه به فى الدنيا ويوم القيامة يعاقبه

ويكثر ويبارك ويعوض فى الصدقات ويضاعف أضعافا كثيرة

والله لا يحب كفور القلب أثيم القول والفعل

 

الآيات 278 ـ 281

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ *فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ *وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ *وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ )

 

يأمر الله عباده بتقواه وترك ما لهم من ربا عند الناس إن كانوا ءامنوا بما شرع الله وفرق بين البيع والربا ويهددهم بحرب من الله إن استمروا على ذلك

ويبشرهم بالخير وعدم الظلم إن تابوا فلهم رءوس أموالهم

كما يأمر بالصبر على المعسر الذى لا يجد الوفاء بما عليه من أموال

 

يقول صلى الله عليه وسلم " من أنظر معسرا ، فله بكل يوم مثله صدقة "

 

ويذكر الله عباده بيوم القيامة ويحذرهم عقوبته ويطمئنهم ثوابه

 

الآية 282

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُواْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )

 

يرشد الله عباده بأن يسجلوا المعاملات كتابة كى تحفظ الحقوق ويوضح أهمية وجود الشهود

أوضح أنه يجوز شهادة المرأة وشهادة الرجل تعادل شهادة مرأتين لأن المرأة عاطفية بطبعها وكثيرة النسيان بسبب كثرة الحمل والولادة والأنشغال بالأولاد والزوج وطبيعة خلقها كذلك

 

وللشهادة يجب وجود شهيدين ليكونا شهيدين على كلا منهما الآخر

وأمر الله بالعدل عند الكتابة وأن يكتب صاحب الدين الذى عليه الحق

وإن لم يستطع الكتابة فليملل وليه بالحق ولا ينقص منه شئ

وأمر بالتقوى عند الكتابة ومخافة الله

والشهادة أمر لا يمكن أن يرفضه من تطلب منه

 

وإذا كانت تجارة تدار يدا بيد فلا ضير فى عدم كتابتها على أن يؤدى الذى أؤتمن أمانته

ويأمر سبحانه بعدم الإضرار بالكاتب أو الشاهد

ومخالفة أوامر الله تعرض لغضبه وعقابه

والله يعلم حقائق الأمور

 

الآية 283

 

(وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ )

 

ويرشد الله من كان على سفر وتعامل بدين لأجل معلوم ولا يجد كاتبا ليكتب ولم يجد شهود فله أن تكون بينهم رهان مقبوضة فى يد صاحب الحق بدلا من الكتابة حتى يعودوا من السفر

ويأمر بعدم إخفاء الشهادة ولا تشهدوا الزور ومن فعل ذلك فهذا صاحب القلب الفاجر الآثم

 

الآية 284

 

( لِّلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )

يقول سبحانه وتعالى أنه يعلم ما فى السموات والأرض ويعلم ما يدور بالنفس ويعلم ما خفى وما ظهر وأنه يحاسب كل إنسان على نواياه

 

أشتد على الصحابة ذلك وخافوا من محاسبة الله على ما يدور بأنفسهم

فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " " أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا ؟ بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير "

 

فلما أقر بها القوم وذلت بها ألسنتهم نزلت الآية التالية 285

 

(آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ )

 

ولما فعلوا ذلك نسخها الله وأنزل

 

الآية 286

 

(لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ )

 

وفيها يطمئننا الله جل جلاله وعظمت رحمته بأنه يعفو عن ما دارت بنفسه شرور ولم يقدم عليها ولم يفعلها ومنع نفسه اتقاء وجه الله وله بها حسنة

وأنه يحاسب من قدم على المعصية وفعلها

والحسنات للحسنات والسيئات للسيئات

 

ويعلمنا دعوات ندعوه بها ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) فقد قال صلى الله عليه وسلم عن ربه وربنا " رفع عن أمتى ثلاث الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه "

( ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ) أى لا تكلفنا ما هو فوق طاقتنا مثلما أمر أقوام أخرى قبلنا

و( ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ) أى من البلاء والتكاليف والمصائب

 

و( واعف عنا ) اعف عن ما تعلم من تقصيرنا فى الطاعات والعبادات بيننا وبينك

 

( واغفر لنا ) اغفر لنا ما بيننا وبين عبادك من خصومات

 

( وارحمنا ) ارحمنا من أن نقع فى ذنب آخر واسترنا فى أخطائنا

( أنت مولانا ) أى ولينا وناصرنا وأنت المستعان وعليك توكلنا

( فانصرنا على القوم الكافرين ) الذين جحدوا دينك وانكروا وحدانيتك وعبدوا غيرك واستعانوا بغيرك واشركوا معك

 

هذه الآية قال فيها الحبيب " من قرأ بالآيتين ـ من آخر سورة البقرة ـ فى ليلة كفتاه "

تكفيه الشرور ، تكفيه فى قبول دعائه ، تكفيه أذى الجان ، تحفظه فى ليلته من كل سوء ، تعينه على التقوى ، تنصره فى جميع أموره إلا ما جاء به القدر

 

وهذه هى سورة البقرة التى توضح لنا الطريق الذى اختاره الله لنا

فقد وردت بها 99% من الأحكام والتشريعات التى توضح لنا منهاج الحياة

وهى منجاة من الشيطان ومن وسوسته ومن مكائده

فالبيت الذى لا توجد به البقرة كالبيت الخرب كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تمت بحمد الله تعالى .