شرح
سورة النساء
ــــــــــــــــ
بسم الله
الرحمن الرحيم
الآيات 1
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم
مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً
كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )
يأمر الله خلقه بتقواه والنداء للناس جميعا لانه يذكرهم ببدء الخلق لادم
وحواء وانهم من نسلهما
التقوى : عبادة الله وحده وطاعته فى كل الأمور فى السر
والعلانية
وينبه الله الناس على أنه يستحق ذلك بتوضيح قدرته التى خلقهم بها من نفس
واحدة وهو آدم عليه السلام
( وخلق منها زوجها ) وهى حواء
( وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ) : وجعل
ذريتهما كثيرة من الرجال والنساء ونشرهم فى الأرض
( واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام )
: اتقوا الله الذى تسألون بعضكم به عند التعاهد
فيقول الرجل للآخر " أسألك بالله وبالرحم " لأهمية
الرحم بينهم
بالعامية تقولون " وحياة ربنا وحياة أبوك "
فالله مراقب لجميع أحوالكم وأقوالكم وأفعالكم
الآيات 2
(وَآتُواْ
الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ
أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا )
يأمر الله بإعطاء اليتامى حقوقهم من أموالهم التى ورثوها عندما يبلغون سن
الحلم ، وينهى عن الإستيلاء على أموال اليتامى وضم أموالهم إلى أموالكم
( ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ) : لا تعجل
بالرزق الحرام قبل أن يأتيك الحلال
فقد كان بعض الناس يأخذ مثلا الشاة السمينة من غنم اليتيم ويعطى اليتيم
الشاة الضعيفة ... وهكذا
( ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم ) : لا
تخلطوا أموال اليتامى مع أموالكم فتأكلوها جميعا
( إنه كان حوبا كبيرا ) : وهذا ظلما عظيما
الآية 3 ـ 4
(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ
تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى
وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا
مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ *وَآتُواْ النِّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ
نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا
مَّرِيئًا )
يقول
سبحانه وتعالى :
إذا كان تحت كفالتكم يتيمة ويريد الزواج منها ويخشى أن يعطيها مهرا مثل
التى من مثيلتها لابد له أن يعدل ويعطيها مثل مثيلتها من النساء
وإلا لا تنكحها ولك اثنين وثلاث وأربع غيرها ممن يطيب لك
وهذا المعنى أوضحته السيدة عائشة
( فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم
) : إن خفتم من تعداد النساء ألا تستطيعوا أن
تعدلوا بينهن فاقتصر على الزواج بواحدة أو ما عندكم من جوارى فإنه لا يجب
العدل بين الجوارى ولكن يستحب العدل بينهن
( ذلك أدنى ألا تعولوا ) : وهذا حل حتى لا تجوروا
على النساء ولا تعلوا عليهن
( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ) :
واعطوا النساء ما فرضتم من الصداق بطيب نفس ...
وهو ما يعرف لدينا مؤخر الصداق فلابد من أن يدفعه الرجل لزوجته وهى معه وليست إذا
طلقت كما يحدث الآن والبعض يأكله حتى بعد الطلاق
فإذا طابت نفسها عنه وتركته فلا حرج أن تأخذوه طيبا
الآيات 5 ـ6
( وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ
اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ
قَوْلاً مَّعْرُوفًا * وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا
بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ
أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن
كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ
بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ
عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا )
ينهى الله عن تمكين السفهاء من التصرف فى أموال الناس التى بها معايشهم
وتجاراتهم ( قياما )
والسفيه هو المجنون أو الصغير الذى لا يقدر المسئولية وناقص
العقل وناقص الدين والذى فلس وزادت عليه الديون ولا يقدر على أدائها ويجوز الحجر
على هؤلاء .
ولك أن تنفق عليهم من كسوة وطعام وأحسن لهم فى الصلة والبر
وتتضمن الآية البر والإحسان للعائلة فى النفقة والبر
واختبروا اليتامى حتى سن البلوغ فإذا وجدتم صلاح دينهم وتعقلهم يرفع عنهم
الحجر وتدفع لهم أموالهم
و يقول لمن كان وليا على يتيم لا تأكلوا أموال اليتامى بدون حاجة ضرورية
من كان غنيا فليستعفف عن مال اليتيم ولا يأكل منه شئ
ومن كان فقيرا فله أن يأخذ القليل بقدر رعايته له كأجر
بالمعروف : بالحسنى
وعندما تجدوا أنهم اصبحوا قادرين على إدارة أموالهم ادفعوها إليهم وأشهدوا
عليهم حتى لا ينكر أحدهم تسلم ماله
والله رقيب عليكم وشاهد عليكم .
الآيات 7 ـ 10
( لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا
تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ
الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا
مَّفْرُوضًا * وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى
وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً
مَّعْرُوفًا * وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ
تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا
اللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا * إِنَّ
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي
بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا )
الآية 7 تعنى أن الجميع سواء فى حكم الله فى الوراثة بحسب ما فرض
الله لكل منهم
وإذا حضر قسمة الميراث أقرباء ممن ليس لهم فى الميراث فاجعلوا لهم من
التركة نصيب إرضاء لنفوسهم وقولوا لهم قولا لينا
ومن يحب أن تعامل ذريته الضعيفة من بعده بخير وتقوى الله عليه أن يعامل ذرية غيره بالخير ولا يأكل أموال
اليتامى ظلما وينصح ذريته بالقول الحق
فمن يأكل أموال اليتامى ظلما فكأنما يأكل النار فى بطنه يوم القيامة وله
عذاب النار
الآية 11
( يُوصِيكُمُ
اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ
نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً
فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا
تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ
أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ
مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لاَ
تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ
اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا )
يفسر الله توزيع الميراث
يبدأ بأن يأمر بالعدل بين الذكور والإناث
فرض للذكر ضعف ما للأنثى حيث هو مكلف بالنفقة
وكانت فى الجاهلية تحرم الأنثى من الميراث
ولو كانت بنتين فقط فلهما الثلثين .......والثلث الباقى لباقى الورثة
ولو كانت نساء أكثر من اثنتين فلهن
جميعا الثلثان
ولو كانت بنتا واحدة فلها النصف
وإن كان له أبوان على قيد الحياة فلكل منهما السدس
وإن لم تكن إلا بنت واحدة لها النصف وللأبوين كل واحد منهما السدس
ولو انفردت الأم والأب بالميراث
فللأم الثلث والأب يأخذ الثلثان
ان كان الوالدان ومعهما زوجة أو زوج فى حالة وفاة الزوجة ولا توجد أبناء
يأخذ الزوج النصف والزوجة الربع
والأم فى هذه الحالة تأخذ ثلث الباقى
إن لم يكن هناك أولاد وتوجد الأبوين وأخوة فالأب يرث الثلثان والأم ترث
السدس فقط والباقى لباقى الورثة
وإن لم يوجد ورثة آخرين فالأب يأخذ الباقى
وقال العلماء لو كان الأخوة واحدا تأخذ الأم الثلث ولو كانوا أكثر لا تأخذ
إلا السدس
وذلك بعد استيفاء الديون وتطبيق الوصية
ولا وصية لوارث
وهذا التقسيم من الله لأن النفع والضرر يعلمه الله
وهذا فرض من الله العليم الحكيم فى أمره
الآية 12
( وَلَكُمْ
نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ
لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ
بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ
وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن
بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً
أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ
فَإِن كَانُواْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ
وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ
وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ )
دائما التوزيع بعد آداء الدين أو إيفاء الوصية
إذا ماتت الزوجة وليس لها أبناء فلزوجها نصف ما تركت
ولو كان لها ولد فللزوج الربع
وإذا مات الزوج وليس له أولاد فللزوجة الربع
وإن كان له ولد فلها الثمن فقط
مع العلم بأن لو كان الرجل متزوج أكثر من زوجة يشتركن
كلهن فى ما خصص لواحدة
ولو كان رجل ليس له ولد ولا والد ( كلالة
) : وله أخ وأخت فكل واحد يرث السدس
ولو كانوا أكثر من ذلك يشترك الأخوات فى الثلث الذى هو من حق الأثنين
وصية غير مضار : أى يجب لتنفيذ الوصية أن تكون على العدل وليس الإضرار
وهذا حكم الله العليم الحليم بعباده
الآيات 13 ، 14
( تِلْكَ
حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي
مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ
يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ )
وهذه الفرائض التى فرضها الله فى أحكام المواريث من حدود الله فلا تعتدوها
ومن أطاع الله ورسوله جزاؤه الجنة بها أسباب النعيم كلها خالدا فيها
ومن غير أحكام الله وقسمته فهو لا يرضى بما قسم الله وحكم به وهذا ليس له
إلا الجحيم والعذاب المؤلم المهين
ومعنى جنات تجرى من تحتها
الأنهار : أى بها أسباب النعيم والمتع فى المأكل والمشرب ،
أنهارالماء العذب التى تنبت الفواكه وأنهار العسل المصفى وأنهار اللبن وأنهار
الخمر التى لا تذهب العقل ومعنى مكنيا عن الخير كله
الآيات 15 ، 16
( وَالَّلاتِي
يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً
مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ
يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً * وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا
وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا )
فى بداية الإسلام كان حكم المرأة الزانية تحبس فى البيت لا تخرج منه حتى
الموت
وبعد ذلك نزلت سورة النور ونسخ الحكم وأصبح الجلد لغير
المحصنة والرجم للمحصنة
( يجعل الله لهن سبيلا ) : إقامة الحد عليهما
واللذان يفعلان الفاحشة يؤذون بالشتم والضرب بالنعال وهذا كما أوضحنا فى
بدء الرسالة ونسخ بإقامة الحد
ولو تابا وامتنعا عن الذنب فارفعوا
عنهما الأذى ولا تعنفوهما فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له
الآيات 17 ـ 18
( إِنَّمَا
التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ
يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ
عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ
لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ
قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ
أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا )
يقبل الله التوبة ممن عمل السوء بجهل ثم يتوب
ولا يقبل الله التوبة ممن يعمل الذنب ويعلم بخطأه ويصر على فعله ويؤجل
التوبة فإذا تاب بعد ذلك فلا يقبل منه توبة
وللتائب من الذنب قبول توبته النصوح مالم يغرغر
أما الكافر فلا توبة له إلا بأن يقلع عن كفره
والله يعلم الصادق فى توبته من غيره وهو حكيم فى حكمه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ونتيجة
لعلمه كانت حكمته وكان يعفو عن كثير ، وكان يقبل التوبة عن عباده الذين علم عن
طبيعة ضعف النفس البشرية ، وعن عداوة الشيطان لها ، وعن أهوائها وغرائزها
فقال : ( يوم نقول لجهنم هل امتلأتوتقول هل من مزيد ) .
وقال : (
وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد ) .
وقال : (
هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ ) .
هذا هو الوعيد والوعد من الرحمن .. إن جهنم لمن أصر علي المعصية إنها تطلب
المزيد من العصاة الذين لم يسعدهم الحظ بنفس لوامة منيبة إلي الله ، لمن تكبر
وتجبر ، لمن أبي الإنقياد إلي الحق .
لأن .. (
ـــــــــ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ــــــــــ )
لمن لم يكن
له نصيب من سعادة النفس ، وتحقيق الذات في قدرتها علي النجاه من غضب الله ، وجمح
شهواتها والإمساك برباطة جأشها عن الإنزلاق مع الأهواء .
ولكن الذين استطاعوا أن يقولوا لرغباتهم ونفوسهم ..لا.. هؤلاء الأمنون من الفزع
الأكبر يوم القيامة،الأمنون عند سؤال القبر ، المزحزحون عن النار ( لايمسهم السوء ) يوم القيامة ( ولا هم يحزنون ) .
الدنيا دار متاع زائل ، قليل ، تذهب عن قريب ،والآخرة هى الدار التى لاتزول
والنعيم المقيم ، لازوال لها ولا انقضاء وثواب لا انتقال منه .
احذر أن
تنعم برحمة الله ومغفرته ثم تعود لما كنت عليه
احذر من أن يقسوا قلبك وتسخر من المعصية وتستصغرها وتصر عليها ،
احذر من اليأس من رحمة الله فيحنوا قلبك على الشيطان وتستسلم لأوامره .. ثم يأت
الموت بغته ، ذلك الذى نفر منه فنلاقيه فى المسير ، أو على الفراش ، أو فى شربة
ماء أو فى ضحكة من القلب ، أو فى كلمة ، فلا يعلم الغيب إلا العليم القدير ويقول :
( ذلك ما كنت منه
تحيد ) ق 19
ماذا تقول غدا وقد أصررت ، ماذا تقول غدا وقد استضعفت ، ماذا تقول غدا وقد
ضيعت ، انتظرت إقتراب اللقاء وقد أتاك بغته ، ماذا تقول غدا وقد سخرت ، ماذا تقول
غدا وقد عصبت على عيناك فلم تعد ترى غير المعصية ، وصممت أذناك فلم تعد تسمع إلا
الضلال والمضلين ، ماذا تقول إذا سئلت عما فعلت ، وعن عمرك فيما أفنيت؟؟
تساؤلات وتساؤلات ...
هل لنا من توبة ؟
سألها نادمون .. سألها خائفون .. سألها هاربون .
فأما النادمون فبشراهم بالندم والعودة والإنابة إلى الله .
وأما الخائفون فسعداهم،
فهذا طريق الرجوع والخلاص .
أما الهاربون ...
فهؤلاء الذين يبررون لأنفسهم أن لا توبة ولا مغفرة ويبرر لهم الشيطان أعمالهم ،
هاربون إلى الشيطان ليحقق لهم أسبابا موهمة ليستمروا على الضلالة ، هاربون من
أنفسهم إلى الشيطان .
قال لهم الرحمن عودوا فإنى أنا الغفور الرحيم ، ولكنهم يغمضون أعينهم ويصمون
آذانهم حتى لا يعودوا ، أستحوذ عليهم الشيطانفأمتعهم بالمعصية وآيسهم من رحمة الله
ونسوا قوله تعالى : (
إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون )
يوسف 87
وإنه لا يقنط من رحمة الله إلا الظالمون .
الآية 19
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن
تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا
آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ
بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا
وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا )
كان الناس
فى الجاهلية إذا مات الرجل فإن أحد أقاربه يتزوجها ، وإن أرادوا يزوجوها فعلوا ،
وإن أرادوا عدم تزويجها لم يسمحوا لها بذلك ويسبق للتزوج بها من يلقى عليها ثوبا
وكذلك كان
من عادتهم أن لو كان للرجل جارية فإن أحد أقاربه يلقى عليها ثوبا ، فإن كانت جميلة
تزوجها وإن كانت دميمة حبسها حتى الموت
ولهذا نزلت
الآية بالنهى عن تزويج المرأة رغما عن إرادتها كأنهم يرثونها مع الميراث
ثم يقول
سبحانه لا تضروا النساء فى العشرة لتترك صداقها وحقوقها لتتخلص من معاشرة زوجها
إلا إذا
زنت المرأة فلا حقوق لها وله الحق من مضايقتها لتخلع نفسها
ويأمر الله
الرجال بالمعاشرة الطيبة
فمن يجد
شيئا يكرهه فى زوجته حتما سيجد فيها صفات أخرى يحبها
وعسى أن
يجعل الله الخير فى الدنيا بالصبر عليها
قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : " خيركم
خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلى " .
الآيات
20 ـ 22
( وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ
زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا
أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا *
وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم
مِّيثَاقًا غَلِيظًا * وَلاَ تَنكِحُواْ مَا
نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً
وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً )
وإذا أراد
رجل أن يسرح زوجته ويتزوج بأخرى فعليه دفع كل مالها من مؤخر صداق وحقوقها كامله
وأى شئ أعطاه لها فهو من حقها ولو كان ملايين
ويوبخ الله
الرجل الذى يتعدى حدود الله ويقول كيف لك أن تأخذ صداقها وقد كانت بينكم معاشرة
وأفضى بعضكم لبعض وكان بينكم عهود وميثاق أمام الله واستحللت فرجها
ومن يأخذ منها
شئ فهذا ذنب كبير تعاقب عليه ( كمن سرق )
ويحرم الله
الزواج من زوجة الأب فهى أصبحت كالأم بمجرد عقد الأب عليها ، وهذا مثله كالزنا والفاحشة يكرهه الله وبئس الطريق
ما قد سلف : ما كان يحدث قبل
نزول آية التحريم فهو يغفره الله وينتهى عنه
الآيات
23 ، 24
( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ
أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ
وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ الَّلاتِي أَرْضَعْنَكُمْ
وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ الَّلاتِي
فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ الَّلاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ
تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ
الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا
قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا *وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا
مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء
ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا
اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ
عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
عَلِيمًا حَكِيمًا )
ما يحرم من
النسب يحرم من الرضاعة
تحرم من
الرضاعة ما فوق الثلاث رضعات
أم الزوجة
تحرم بمجرد العقد سواء دخل عليها أم لا
الربيبة : هى بنت الزوجة تحرم فى حالة الدخول بالأم ،
وإن لم يدخل بالأم حل الزواج منها ( فإن لم تكونوا دخلتم
بهن فلا جناح عليكم )
فى
حجوركم : تعيش معه وأمها فى
مسكن واحد
وتحرم زوجة
الإبن
وحرم الجمع
بين الأختين
( المحصنات من النساء ) : تحرم المرأة المتزوجة ..............وقيل
العفيفة لا تنكح إلا بعد إعطائها مهرها والشهود والولى
( إلا ما ملكت أيمانكم ) : المرأة فى حالة السبى من الحرب
( كتاب الله عليكم ) : كتب الله عليكم ذلك
( وأحل لكم ما وراء ذلك ) : ما هو غير ذلك فهو حلال
( أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين ) : تتزوجوا بأموالكم
وليس بالزنا
( أجورهن فريضة ) : تفرضوا لهن مهرا
( ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به
من بعد الفريضة ) : زواج المتعة
إذا انقضت المدة فليس لها بعد ذلك شئ وهى منه بريئة ولابد أن تستبرئ ما فى رحمها
منه
ولا ميراث
بينهما
والله يعلم
ما يدور بين الزوجين وله الحكمة من تشريعه
الآية
25
(وَمَن
لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ
فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ
أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ
أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ
مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ
بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ
ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ
وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )
ومن لم يكن
معه مالا ليتزوج من الحرائر العفيفات فله أن يتزوج من الإماء والله يعلم بواطن
الأمور
ويستأذن
مولى الأمة فهو ولى أمرها ولا زواج إلا بإذنه
وادفعوا
لهن مهورهن بطيب نفس ولا تبخسوهن حقوقهن استهانة بها أنها أمة ( جارية )
وتعففوا عن
الزنا بهن
ولا تتخذوا
منهن خليلة وصديقة
فإذا تزوجن
وأتين الزنا فعليهن نصف عقاب الحرائر
( ذلك لمن خشى العنت منكم ) : وهذا مصرح لمن لا يمتلك مهر
الحرائر ويخشى الوقوع فى الزنا ولا يصبر على شهوته
ولو صبرتم
كان أفضل من التزوج بالجارية
والله غفور
رحيم
الآيات
26 ـ 28
(يُرِيدُ
اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ
وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ *
وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ
الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا * يرِيدُ
اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا )
يبين الله
للمؤمنين ما أحل لهم وما حرم ويرشد إلى الطرق الحسنة الحميدة فى طرق السابقين
ويريد أن
يتوب عليهم من الإثم والمحارم وهو يعلم ما يصلح للناس وحكيم فى شرعه وأقداره وأفعاله وأقواله
ويريد الله
أن يخفف عن المؤمنين فى شرعه وأوامره ونواهيه لما يعلم من ضعف الإنسان فى همته
وعزائمه
الآيات
29 ـ 31
(يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ
بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ
تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ
نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ
عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا )
ينهى الله
المؤمنين عن يأكل بعضهم أموال البعض بالباطل ( أى
بالرشوة والقمار والربا والسرقة والإغتصاب )
و لهم أن تكون بينهم تجارة يرضى كلا منهم بها وبطريق
مشروع
ومن يفعل
ذلك فكأنما قتل نفسه وأخيه
والله رحيم
بكم فيما يأمركم به
ومن يأكل
مال أخيه باطلا فسوف يعذبه الله فى نار جهنم خالدا فيها وهذا سهل على الله
ومن ينتهى
عن ويتجنب المحارم فإن الله غفور رحيم يكفر عنه سيئاته ويدخله الجنة
الآيات
32 ، 33
( وَلاَ
تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ
نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ
وَاسْأَلُواْ اللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا * وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ
وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ
اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا )
ينهى الله
عن تمنى الرجل مال الآخر أو ما أعطاه الله من نساء أو أولاد أو ما يراه خيرا
فكلٌ له
جزاء عمله إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا
وللرجال
نصيبهم الذى قسم الله من الميراث وللنساء نصيبهم
واسألوا
الله وادعوه يرزقكم من فضله
والله أعلم
بمن يستحق الخير ومن لا يستحق
( ولكل جعلنا موالى مما ترك الوالدان والأقربون ، والذين عقدت
أيمانكم فآتوهم نصيبهم ، إن الله كان على كل شئ شهيدا )
ولكل منكم
أيها الناس جعلنا عصبة من أقاربه ووالداه ليرثهم
ومن عقدتم
لهم أيمان أن يرثوكم لابد أن يعطوا نصيبهم
الذى تعاقدتم لهم به ( تدخل فى الوصية )
وقيل أن
عندما آخى الرسول بين المهاجرين والأنصار أصبح لهم عند بعض ميراث الأخوة ثم نسخت
بنزول الآية
والله شهيد
بينكم على ذلك
الآية
34
( الرِّجَالُ
قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ
وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ
لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَالَّلاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ
فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ
أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا
كَبِيرًا )
الرجل هو
الكبير للمرأة المؤدب لها لأن الله فضل الرجل على المرأة وهو أفضل منها فى عقله
وصبره وعليها طاعته
وكذلك
بنفقته عليها فلها عليه مهر وصداق وانفاق
فالصالحات
من النساء هن المطيعات لأزواجهن
اللواتى
تحفظن زوجها فى غيبته فى ماله وعرضه وفى نفسها
أما
اللواتى تنشزن منهن أى التى ترتفع عن طاعة زوجها
فعلى الزوج أن يعظها أولا
وإن لم
تتراجع فله أن يهجرها بأن يعطيها ظهره ولا يجامعها ولا يكلمها
وإن لم
تتراجع فله أن يضربها ضربا غير مبرح ويتجنب الوجه ولا يشتمها وإنما هو ضرب إهانة
فقط
وإلا فله
أن يشكوها لوليها
وإن أطاعته
بعد ذلك فيمتنع عن إيذائها
والله هو
العلى الكبير .... وهذا تخويف للرجال من التعدى والإعتداء والمبالغة فى الأذى
الآية
35
( وَإِنْ خِفْتُمْ
شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ
أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ
كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا )
وإذا وقع
الخلاف بين الزوجين يبعث الحاكم لثقة من أهل الزوج وآخر من أهل الزوجة فيجتمعان
للنظر فى أمرهما ويبحثان إما النصيحة أو التفريق بينهما
ولو أرادا
الإصلاح يوفق الله بينهما وإن أرادا غير ذلك فليفترقا ويأخذ كل ذى حق حقه
الآية
36
( وَاعْبُدُواْ اللَّهَ
وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى
وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ
وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ
اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا )
ويأمر الله
بعبادته وحده ولا شريك له
كما يأمر
بالإحسان فى معاملة الوالدين والأقارب واليتامى والمساكين الذين لا يجدون كفايتهم
، والجيران الذين هم أقرباء والجيران الأغرباء لا قرابة بهم ويوصى بعابر السبيل
وهو الضيف مارا أثناء سفره
وكذلك
بالرقيق ويعادلها الخدم فى وقتنا الحالى
فإن الله
لا يحب التكبر والتعالى على الناس المتعاجب بنفسه وهو عند الله حقير ليس له قيمة
الآية
37 ـ 39
( الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ
بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا
لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا * وَالَّذِينَ
يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ
بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاء قَرِينًا * وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الآخِرِ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِم عَلِيمًا )
يذم الله
البخلاء فى النفقات وكذلك من ينصحون غيرهم بالبخل
فالبخلاء
يجحدون نعمة الله ولا تظهر عليهم نعمته ( ويكتمون ما
آتاهم الله من فضله )
وهؤلاء لهم
العذاب الشديد ( وأعتدنا
للكافرين عذابا مهينا ) والكفر هنا
هو إخفاء نعمة الله
وقد
سبق أن عرفنا كلمة الكفر تعنى التغطية والستر والإنكار
وكذلك
الذين ينفقون رياء ويقصدون السمعة ومدح الناس لهم لكرمهم فلا يقبل الله منهم
نفقاتهم لأنهم لو كانوا مؤمنين ما فعلوا ذلك وكانت نفقاتهم لإرضاء الله وحده
وطاعته وهذا من فعل الشيطان الذى اتخذوه صديقا واتبعوه وهو بئس القرين
ثم يقول
تعالى : وأى شئ يضرهم لو آمنوا بالله وخافوا عذاب الآخرة وكانت نفقاتهم من أجل
الإخلاص فى إيمانهم وأنفقوا فى الوجوه التى يرضاها الله
فالله يعلم
النوايا الصالحة من الناسدة ويجازى عليها
الآيات
40 ـ 42
( إِنَّ اللَّهَ لاَ
يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن
لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا
مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا * يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ
لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا )
ويقول
لهؤلاء ليشجعهم على النفقة من أجل طاعة الله :
إن الله لا
يظلم أحد يوم القيامة ولا مثقال ذرة
ولكن يضاعف
الحسنات
ويجزى
العطاء
وليخبر
الله عن هول القيامة بأن يقول لرسوله :
كيف يكون
الحال إذا جئنا بالرسل شهداء على أممهم وكنت أنت شهيد على كل هؤلاء
فى ذلك
اليوم يتمنى الكافرون والبخلاء لو أن الأرض تنشق عنهم لتخفيهم فى باطنها ، ولا
يستطيعون أن ينكروا أفعالهم عن الله
الآية 43
( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ
تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ
تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم
مِّن الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ
صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
عَفُوًّا غَفُورًا )
قبل
تحريم الخمر وقد كان الناس تمثل من حياتهم أهمية كبيرة ، فحرمها الله بالتدريج:
أول
ما بدأ نهى عن الصلاة والإقتراب
من المسجد فى حالة السكر وكذلك نهى الجنب والحائض عن ذلك حتى يغتسلوا
إلا عابرى
سبيل أى المرور بها وعدم البقاء بها إذا كانت تيسر طريقا للدخول من باب والخروج من
الآخر فقط
والقول ( حتى تعلموا ما تقولون ) يوضح أن السكران يذهب عقله ويخلط
بين الكلمات ولا خشوع له فلا تقبل صلاته
وهذا
ينفر من الخمر الذاهبة بالعقل
أما المريض
الذى يؤذيه الماء ، والمسافر والذى خرج من غائط أو نام أو لمس النساء ولا يجد ماء
للوضوء فعليه بالتيمم
وطريقة
التيمم هى ضرب التراب باليدين
والمسح على الوجه ، وأخرى ثم المسح على اليدين ( الكفين )
وهذه رحمة
من الله ومغفرة لمن لم يجد ماء للوضوء
وهنا
نقف عند معلومة وهى أن التراب الجاف يقتل أنواعا من الجراثيم
الآيات
44 ـ 46
( أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ
وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ * وَاللَّهُ
أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا * مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن
مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ
وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ
قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ
وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ
قَلِيلاً )
وهنا يذكر
الله تعالى اليهود نزلت التوراة تخبرهم عن محمد صلى الله عليه وسلم ولكنهم غيروا الآيات ومسحوها وهم بذلك يفضلون
الضلالة عن أن يهتدوا ويودون لو أن المؤمنون يكفرون مثلهم
والله يعلم
بأنهم لكم أعداء ويحذركم منهم والله كافيا ليكون وليا ونصيرا لمن استعان به
وهؤلاء
اليهود يفسرون الكلام على غير معناه
ويقولون
سمعنا كلامك يا محمد ولن نطيعك
ويستهزئون
به ويقولون اسمع ما نقول لا سمعت
ويلوون
ألسنتهم كأنهم يقولون راعنا سمعك أى اعطنا سمعك وهم يقصدون بالرعونة سب النبى وهذا
سب للدين
ولو كانوا
قالوا سمعنا وأطعنا لكان لهم ذلك خير وأفضل
ولكن الله
يلعنهم بسبب كفرهم
وقلوبهم
مغلقة لا يؤمنون بعيدين عن الحق
الآيات
47 ـ 48
)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا
نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا
فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ
السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً *إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن
يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ
فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا )
يأمر الله
اليهود والنصارى بأن يؤمنوا بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وهو القرآن الذى
يصدق فيه على الأخبار التى توجد فى كتبهم
ويهددهم
الله بأن يضرب على وجوههم ولا يبق لهم سمعا أو بصرا وتحول وجوههم مكان ظهورهم
فيزدادون ضلالة
أو يلعنهم
ويجعل منهم القردة والخنازير مثل من ضلوا فى موضوع السبت
والله إذا
أمر بشئ فيكون
فالله لا
يرضى لعبده الكفر والشرك فلا يغفر ويغفر أى شئ آخرلمن تاب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ماذا
عن السبت ...؟
قالت اليهود : " إن الله خلق الخلق فى
ستة أيام واستراح اليوم السابع ، وهو يوم السبت ، ويسمونه يوم الراحة .
فأنزل الله الآية من قوله تعالى :
( ولقد خلقنا
السموات و الأرض وما بينهما فى ستة أيام وما مسنا من لغوب ). ق 38
* أتت اليهود الرسول صلى الله عليه وسلم فسألت عن خلق السموات والأرض
فقال : " خلق الله الأرض يوم الأحد والأثنين ، وخلق الجبال ـــوما فيها من
المنافع ـــ يوم الثلاثاء ، وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء ،
وخلق يوم الخميس السماء ،وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر ".
قالت اليهود ثم ماذا ... يا محمد ؟
قال : " ثم استوى على العرش " .
قالوا : قد أصبت ـ لو تممت ثم استراح ـ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا
شديدا ، فنزلت الآيات ( ق 38 ـ 39 ) .
قال تعالى : (ولقد خلقنا السموات
والأرض وما بينهما فى ستة أيام وما مسنا من لغوب * فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد
ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ) .
من أين أتى اليهود هذا الفكر
...؟
حرم الله فى التوراة العمل يوم السبت فى فترة من الزمان أختبارا لهم .
وقيل أن أهل مدينة أيلة بين مدينة مدين وجبل الطوركانوا متمسكين بدين التوراة فى
تحريم السبت ، فى ذلك الزمان ، فكانت حيتانهم قد ألفت منهم السكينة فى هذا اليوم
الذى كان يحرم عليهم فيه الصيد بالبحر ، وأيضا جميع المكاسب والتجارات والصناعات ،
فكانت تأت الحيتان كثيرة مسترسلة يوم السبت ، ويوم لا يسبتون لا تأتيهم حيث كانوا
يصطادونها ، وكان ذلك اختبارا لهم من الله بسبب فسقهم المتقدم ، فلما رأوا ذلك
احتالوا على إصطيادها فى يوم السبت ، فنصبوا لها الشباك والحبال، وحفروا الحفر
التى يجرى معها الماء إلى المصائد ، فإذا دخل السمك لا يستطيع أن يخرج ، فكانوا
يفعلون ذلك يوم الجمعة وتدخل الحيتان يوم السبت فتحبسها المصائد وتظل بها يوم
السبت ثم يأخذونها يوم الأحد .
ولذلك غضب الله عليهم وعلى إحتيالهم وإنتهاكهم محارمه.
وأفترق الذين لم يفعلوا ذلك فرقتين ، فرقة تنكر هذا الصنيع ،وفرقة لم ينهوا بل
أنكروا على من أنكروا وقالوا : ( لم تعظون قوما الله مهلكهم أو
معذبهم عذابا شدبدا )
أى ــ ما الفائدة فى الإنكار
عليهم والله يغضب عليهم وسيعذبهم
فلما لم ينتهوا أنجى الله الفرقة الناهية عن المنكر ، الآمرة بالمعروف وعذب الذين
ظلموا وجعل منهم القردة والخنازير ليكونوا عبرة لمن خلفهم.
فيا أمة الإسلام اعتبروا ، كم من تحايلات على الشرع تحدث فى هذه الآونة ،
وكم من ترك للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر .
ثم إن تحريم العمل فى يوم السبت كان فى فترة معينة من فترات الرسالة لبنى إسرائيل
، بسبب كثرة عصيانهم لله ولموسى عليه السلام ، ثم رفع ذلك
ونأسف أن نرى هذه الأيام البسطاء من الصيادين
ينتهى عن الصيد يوم السبت ، من المسلمين .
فأمروا بالمعروف أيها المسلمون ، وارشدوا من تعرفون من مثل هؤلاء .
الآيات
49 ـ 52
)أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ
اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً * انظُرْ
كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا * أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ
يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء
أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً *أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ
اللَّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا )
يعلم الله
بخبايا الأمور وحقائقها ، ولهذا ينهانا عن أن نزكى
( نمدح ) أنفسنا
فالله الذى
يعلم من يستحق التزكية ومن لا يستحق هو الذى يزكى شخص ويحط من آخر
والله لا
يظلم أحد ولو قدر فتيل
ويقول يا
محمد هل ترى هؤلاء الذين زكوا أنفسهم فجعلوا أنفسهم أبناء لله وأحباب ، فهم يفترون
كذبا على الله
وهذا وحده
كفيل بأن يدخلهم نار جهنم
وهؤلاء
الذين آتاهم الكتاب من الله يؤمنون بالسحر ( الجبت
) والطاغوت
( الشيطان ) ، ويفضلون الكفار على المسلمين
فهؤلاء
يلعنهم الله ويخرجهم من رحمته ولن يجدوا من ينصرهم وينقذهم من عذاب الله
الآيات
53 ـ 55
( أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ
مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا *أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا
آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا *فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ
وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا )
إنهم ليس
لهم نصيب من الملك
ولو كان
لهم نصيبا لما أعطوا أحدا من الناس شيئا ولا حتى ما يملأ النقير
النقير
: هو النقطة فى النواة
بل ما
يفعلون هو بسبب حسدهم لمحمد والمؤمنون على ما رزقه الله من النبوة لأنه من العرب
بنو إسماعيل وليس من بنى إسرائيل
ولم ذلك
الحسد فإن جدهم جميعا هو إبراهيم الذى
آتاه الله الكتاب والحكمة
وهم بنوا
اسرائيل آتاهم الملك العظيم
من اليهود
من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ومنهم من
كفر
وتكفيهم
نار جهنم عقوبة
الآية
56 ـ 57
)إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ
نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا
لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا *وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ
فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً )
يتوعد الله
الكافرين بأن يغمرهم فى النار ، وتجدد جلودهم كلما احترقت ليجدد لهم العذاب لأقصاه
لأن
الإحساس يوجد على أشده فى الجلد لكثرة الخلايا الحسية به
ويعد
المؤمنين بالجنات التى تمتلئ بالنعيم والأنهار فى جميع أرجائها مما تشتهى الأنفس
خالدين لا يحولون عنها أبدا
وفى الجنة
يمتعون بأزواج لا تحيض مطهرة وأخلاقهن طاهرة من الرذيلة
ولهم فى
الجنة الظلال
يقول صلى الله عليه وسلم " إن
فى الجنة لشجرة يسير الراكب فى ظلها مائة عام لا يقطعها "
الآية
58
( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى
أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ
اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا )
يأمر الله
الناس بأن يؤدوا الأمانات التى أؤتمنوا عليها إلى أماكنها وأن يحكموا بالعدل إذا
وكل إليهم حكما بين الناس
والأمانات
هى : كل ما أؤتمن عليه الإنسان وتشمل ما
أمر به من حقوق بين العبد وربه ( كالصلاة والزكاة والصيام والكفارات والنذور
والعبادات بكافة أنواعها والطاعات ) وما هو بين العبد والآخرين من العباد (
كالودائع والإحسان للفقراء والمساكين واليتامى والعلاقات المختلفة بين العباد من
صلة رحم ومن امتناع عن غيبة أو نميمة وعدم السرقة وغيرها من العلاقات ... ) وما هو
بينه وبين نفسه ( كل ماهو تشمله السريرة ويطلع عليها الله مع النفس ) مما أمر الله
به ونهى عنه
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الآية
59
( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ
مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ
إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ
تَأْوِيلاً )
سبب نزول الآية :
قال
على بن أبى طالب : " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية بقيادة عبد الله بن حذافة بن قيس من الأنصار
فلما
خرجوا وجد عليهم فى شئ ( أى شد عليهم فى
أمر )
فقال
لهم : أليس قد أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تطيعونى ؟
قالوا
: بلى
قال
: فاجمعوا لى حطبا ، ثم دعا بنار فأضرمها فيها ثم قال : عزمت عليكم لتدخلنها
فقال
لهم شاب منهم : إنما فررتم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار
فلا
تعجلوا حتى تلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أمركم أن تدخلوها فادخلوها
فرجعوا
إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم فأخبروه
فقال
لهم : " لو دخلتموها ما خرجتم منها أبدا
إنما الطاعة فى المعروف "
معنى الآيات :
يأمر الله
المؤمنون بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وطاعة
أولى الأمر من أهل الفقه والدين والحكام الذين يحكمون بما أنزل الله
ويقول إذا
اختلفتم فى شئ يرد التنازع إلى ما ورد فى القرآن وسنة رسول الله
ويحفزهم
على ذلك بأن يذكرهم أن هذا من الإيمان بالله ويوم القيامة
وهذا
التحاكم بالله ورسوله فيه الخير وأحسن جزاء
الآيات
60 ـ 63
( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ
يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن
قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن
يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيدًا *وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى
الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا *فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ
ثُمَّ جَاؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا
وَتَوْفِيقًا *أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ
اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي
أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا )
يعيب الله
على الذين زعموا بأنهم مؤمنين بالله وبرسله وبما أنزل ثم يتحاكموا فى فصل الخصومات
إلى غير الله من باطل
وإذا قيل
لهم نتحاكم بما أنزل الله فإن المنافقين يعرضون عن كتاب الله ويستكبرون عنه
ثم كيف إذا
وقعوا فى مصائب بسبب ذنوبهم يعتذرون ويقولون نحن ذهبنا لغيرك و ما أردنا إلا
الإحسان وليس إعتقادا فى صحة ما هم عليه
هذا النوع
من الناس هم المنافقون ويعلم الله ما فى قلوبهم ، والله سيجزيهم بما فى قلوبهم فلا
تعنفهم واتركهم وعظهم بكلام بليغ
العبادة : الطاعة
الطاغوت : هو كل معبود من دون الله
قد يكون شيطان أو ساحر أو طاغية أو حاكم ــــ وكل من
هؤلاء له قانون أو نظام يأمر باتباعه
هذا القانون أو النظام
يسمى جبت
..... والمعنى فى الاية : أهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا في حرب مع شريعة الله؛
لأنهم كانوا يؤمنون بالطاغوت، وكانوا يؤمنون بالجبت ، وهي شريعة الطاغوت، فكانوا
يؤيدون الكفار ضد المؤمنين، وكانوا يشجعونهم على شركهم، وكانوا ينوّهون بشأنهم،
ويقولون حسدا وبغيا: (هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا(
الآيات 64
ـ 65
( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن
رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ
أَنفُسَهُمْ جَاؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ
لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا * فَلاَ
وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ
لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ
تَسْلِيمًا )
يقول الله
عز وجل أن أى رسول يرسله للناس لابد من أن يطيعوه ، وطاعتهم لا تكون إلا لمن وفقه
الله ووجد فيه خيرا
ويوضح
للمذنبين بأن من يستغفر الله ويعود إليه وإلى ما أمره على لسان رسوله فسوف يجد
الله غفور تواب رحيم
ويقسم الله
بذاته المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يرضى بحكم الله ورسوله فيما يختلفون فيه ،
ويرضون بحكم الله ولا يجدون فى أنفسهم إلا الرضا والإنقياد والطاعة لأمر الله
الآيات
66 ـ 70
) وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ
اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ
قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ
خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا *وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن
لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا *وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا
مُّسْتَقِيمًا * وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ
فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ
وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا *ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا )
يخبر الله
بأن بعض الناس لو أمرهم بما هم يفعلونه شرا فلا يفعلوه وذلك لأن فى طبعهم المخالفة
،
ولو أنهم
يفعلون ما يعظهم به لكان ذلك لهم خيرامن مخالفة أوامر الله
ولعل الله
يدخلهم الجنة أجرا لهم ولكان هداهم فى الدنيا والآخرة
ومن يطع
الله ورسوله فإن له مثل أجر الأنبياء والصالحين والشهداء وهو رفيقهم فى الجنة
وهذا من
عطاء الله وفضله
والله يعلم
الصالح ويعلم ما هو غير ذلك
الآيات
71 ـ 74
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ
حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعًا *وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن
لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ
عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدًا *وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ
اللَّه لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا
لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا *فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا )
انفروا : الخروج للجهاد
ثبات : جماعة بعد جماعة وفرقة بعد فرقة
انفروا
جميعا : كلكم مع بعض
يأمر الله
تعالى المؤمنين بالحذر من العدو والتأهب للجهاد والخروج فى سبيل الله وإعداد العدة
والأسلحة والخروج فى جماعات متتالية أو الخروج دفعة واحدة
ويقول يوجد
منكم من يبطئ عن الجهاد وإذا أصابكم قتل وشهادة يظن أن هذا خيرا له من الله أنه لم
يخرج معكم فلم أقتل ( وهو لا يدرى ما فاته من خير
بالشهادة )
وإذا نصركم
الله وغنمتم غنائم يتحسر ويقول ليتنى كنت معهم فيصيبنى شئ من هذه الغنائم
كأنه
ليس منكم ومن دينكم ( كأن لم تكن بينكم وبينه مودة )
ثم يحفز
الله المؤمنين على القتال ويقول أن من يبيع آخرته من أجل قليل الدنيا هم ليسوا
بمؤمنين ويقول لهم قاتلوا فى سبيل الله
ولكن من
يقاتل فى سبيل الله سواء قتل أو غلب فله عند الله الأجر العظيم فله الجنة إن قتل
وله الغنيمة والثواب إن عاد منزله سالما
الآيات
75 ، 76
( وَمَا لَكُمْ لاَ
تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ
وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ
هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا
وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا * الَّذِينَ
آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ
فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ
الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا )
يحرض الله
المؤمنين على القتال فى سبيله وإنقاذ الضعفاء من الرجال والنساء والولدان الذين
يدعون الله أن يخرجهم من مكة التى ظلموا بها واجعل لنا من يتولى أمرنا ويكون
لنا ناصرا من عندك
المؤمنون
يقاتلون فى طاعة الله
أما
الكافرون فهم يقاتلون فى طاعة الشيطان
ويأمر الله
بالقتال فى سبيل الله لأن تدبير الشيطان ضعيف
الآيات
77
( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ
أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ
عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ
اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا
الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا
قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً)
فى بداية
الإسلام كان المسلمون مأمورون بالصلاة والزكاة وكانوا مأمورون بالصفح والعفو
والصبر على المشركين ( قيل لهم كفوا أيديكم )
وكانوا
يتمنون أن يقاتلوا المشركين لينتقموا منهم إذ أذوهم ولكن الوقت لم يكن مناسبا لذلك
لقلة عددهم وقلة عدتهم من السلاح
ثم أمروا
بعد ذلك فى المدينة بالقتال ، فلما أمرهم الله بالقتال خاف بعضهم بشدة وقالوا
لماذا كتبت علينا القتال يا الله فلولا أخرت الفريضة لأن لا تتيتم أولادنا وتترمل
زوجاتنا
فيقول لهم
الله إن متاع الدنيا قليل وما ادخره الله لكم فى الآخرة أعظم وأكبر فكل نفس ذائقة
الموت ولن تموتوا إلا بأجلكم ولن تظلموا مقدار فتيل
الفتيل
هو الخيط الرفيع فى نواة البلحة
الايات
78 ـ 79
( أَيْنَمَا
تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن
تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ
سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ فَمَا
لِ هَؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا *مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ
فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ
لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا )
فإذا جاء
الموت لن تستطيعون الهرب منه ولو اختبأتم فى بروج عالية مشيدة محصنة
فإذا جاءهم
رزق وخصب وزروع وأولاد يقولون أنعم الله علينا
وإن أصابهم
نقص فى الأموال والأولاد والثمرات يقولون هذا بسبب اتباعنا للرسول
لا كل شئ
بقدر الله الحسنة والسيئة
فمال هؤلاء
لا يدركون ولا يفهمون بجهلهم
ما أصابك
يا محمد فهو بلطف من الله وفضله
وما أصابك
من شر فهو بسوء عملك وذنبك
فأرسلناك
للناس لتبلغهم شرائع الله والله شهيد بينك وبينهم على عنادهم وكفرهم
الآيات
80 ، 81
( مَّنْ يُطِعِ
الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ
حَفِيظًا *وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا
بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ
وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى
اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً )
برزوا
: خرجوا
يبيتون
: يسرون
يخبر الله
بأن من يطع الرسول فهو بذلك قد أطاع الله
ومن عصاه
فكأنما عصى الله ولا عليك يا محمد فعليك البلاغ وعلى الله الحساب فهو يحفظ أفعالهم
وهؤلاء
المنافقون الذين يظهرون الطاعة لك ثم إذاخرجوا من عند رسول الله ( برزوا
) أسروا بينهم غير ما أظهروه للنبى
ولكن الله
يحفظ ما أسروه ( يبيتون ) ويعلمه ويكتبه عليهم
( فأعرض
عنهم ) : فاصفح عنهم يا محمد ولا تكشف أمورهم ولا تخافهم
ويكفيك أن
تتوكل على الله المعين الناصر لك
الآيات
82 ، 83
)أَفَلاَ
يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ
فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا *وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ
الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ
وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ
وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ
إِلاَّ قَلِيلاً )
يأمر الله
بتدبر القرآن
ولو كان
مفتعلا من عند غير الله سيجد الناس به اختلافات وأخطاء كثيرة
وهذا رد
على المنافقين والكفار من أن محمد يلقنه بشر
ومن الناس
يفشى الأمور من قبل أن يتحقق منها ( ... أذاعوا به )
وهذه نزلت
عندما اعتزل الرسول نساءه فقالوا لقد طلق الرسول نساءه
وتنطبق على
كل أمر من أمور المسلمين خيرا أو شرا ( أمن أو خوف )
فنشر
الشائعات يسبب ضرر كبير .
فأولى لهم
أن يتحققون من الأمر قبل إذاعته
ولولا رحمة
الله بكم لكنتم فى أذيال الشيطان ودمركم إلا القليل ممن يتقون الله
الآية 84
( فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ
أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ
تَنكِيلاً* )
يرغب الله
المؤمنين بالقتال ويقول لرسوله ابدأ بنفسك ورغب المؤمنين وشجعهم عليه
فقد قال
الرسول للمؤمنين يوم بدر " قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض "
لعل
بتحريضك هذا ترتفع همم المؤمنين وتدفعوا شر الكافرين عنكم
والله هو
أقدر عليهم فى الدنيا والآخرة
الآيات
85 ــ 87
(مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا
وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللَّهُ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا * وَإِذَا
حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ
كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا *اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ
لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ
مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا )
من يفعل شئ
يترتب عليه خير المسلمين فله نصيب من ذلك وله ثواب مثل ثواب كل من فعل مثله
ومن يفعل
ما يترتب عليه شر فعليه وزر ما فعل ووزر كل من اتبع طريقه
والله على
كل شئ شهيد ( مقيتا )
وإذا ألقى
عليكم السلام من أحد فردوا عليه بمثله أو أفضل منه والله يحسب أعمالكم ويحفظها
ويقسم الله
بوحدانيته أنه سيجمع الخلق ليوم القيامة الذى لا شك فيه لحسابهم
وليس هناك
أصدق من قول الله وخبره ووعده ووعيده
الآيات
88 ـ 91
)فَمَا
لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ
أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن
تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً *وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا
كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّىَ
يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ
حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا * إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىَ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم
مِّيثَاقٌ أَوْ جَاؤُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ
وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ
اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا
جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً *سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ
أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّواْ إِلَى الْفِتْنَةِ
أُرْكِسُواْ فِيهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ
وَيَكُفُّواْ أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ
وَأُوْلَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا )
اختلف
المؤمنون فى أمر المنافقين عندما رجعوا عن القتال فى أحد
فقالت
طائفة نقتلهم
وقالت
طائفة أخرى إنهم مؤمنون فلا يقتلوا
فنزلت
الآية إذ قال لا تختلفوا فيهم فقد أوقعهم الله فى الخطأ ( أركسهم وردهم
بسبب عصيانهم
فهل تريدون
هداية من لا طريق له إلى الهدى وأضله الله
وهم يودون
لكم الضلالة كما ضلوا لتكونوا مثلهم لبغضهم لكم
فلا
تتولونهم حتى يهاجروا ويجاهدوا مثلكم
فلا
توالوهم ولا تتخذوا منهم مجاهدا للأعداء واقتلوهم
إلا الذين
من تحيزوا لقوم بينكم وبينهم هدنة فعاملوهم مثل هؤلاء الذين هادنتم
وهؤلاء
تكره قلوبهم قتالكم ولا يريدون قتال قومهم فهم ليسوا لكم ولا عليكم فلا تقاتلوهم
والله من
لطفه ورحمته منع أيديهم عن القتال عنكم
ولو أراد
الله أن يجعلهم يقاتلوكم لفعلوا
فإذا
امتنعوا عن قتالكم وسالموا لكم فلا تقاتلوهم
ويوجد
آخرين من المنافقين يظهرون المحبة ليأمنوا على أنفسهم وأولادهم وأموالهم ولكنهم فى
الباطن مع الكفار فإن لم يسالموكم ويمتنعوا عن قتالكم فاقتلوهم أينما وجدتموهم
( ثقفتموهم ) وهؤلاء الذين جعل الله للمؤمنين
عليهم سلطانا واضحا ( مبينا ) .
الآيات
92 ـ 93
)وَمَا
كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا
خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ
إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ
فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ
مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً
فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ
وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا *وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا
مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ
وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا )
لا يحق
للمؤمن أن يقتل مؤمنا
وإذا وقع
القتل خطأ : فكفارته عتق رقبة .............ولأهل القتيل يدفع لهم عوضا عما فاتهم
من قتيلهم
ولو تصدق
بها أهل القتيل سقطت الدية
وإذا كان
القتيل مؤمنا وأهله كفار : كفارته عتق رقبة مؤمنة ولا دية لأهله
وإن كان
مؤمنا وأهله بينهم وبين المسلمين هدنة : فله عتق رقبة ودية كاملة لأهله
وإن كان
كافرا وأهله بينهم وبين المسلمين هدنة : فلأهله نصف دية وتحرير رقبة مؤمنة
وفى حالة
عدم وجود رقاب للعتق تقدر ثمنها ويتصدق به
ومن لا يجد
ما يعتق به رقبة فعليه صيام شهرين متتابعين إلا بوجود عذر المرض أو الحيض والنفاس
وهذه توبة
من القاتل خطأ والله حكيم فى شرعه عليم بما ينفع الناس
أما من قتل
مؤمنا متعمدا فهذا ذنب كبير اقترن بالشرك بالله وجزاءه عذاب جهنم فى الآخرة لا يخرج منها ابدا
ومخلدا فيها والقتل فى الدنيا
بحكم القاضى
الآية
94
( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ
تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ
عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ
كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللَّهَ
كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا )
فى غزوة من
الغزوات
كان رجل فى
غنيمته فلحقه المسلمون فقال : السلام عليكم
فقتلوه
وأخذوا غنيمته
فأنزل
الله ( ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا )
( عرض الدنيا ) : الغنيمة
ولهذا ينهى
الله عن قتل من أعلن أو أشار لإسلامه فى الجهاد
ويقول أن
ما عند الله من أجر هو مغانم أكبر
( كنتم كذلك من قبل فمن الله
عليكم فتبينوا ) : لقد كنتم من قبل تخفون إيمانكم مثل هذا الرجل وأنعم الله
عليكم بأن أظهرتم إيمانكم
فلابد أن
تتبينوا قبل القتل هل هذا مؤمن أم كافر
ويهدد الله
بأنه يعلم ويخبر ما فى نفوسكم
الآيات
95 ، 96
( لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ
وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى
وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا *دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا
رَّحِيمًا )
لا يتساوى
عند الله المجاهدون فى سبيله والقاعدون بلا جهاد إلا من كان به ضرر يقعده
وكان
عبد الله ابن أم مكتوم أعمى فشكا للرسول عدم مقدرته على الجهاد ولو كان بصيرا
لجاهد
فأنزل
الله ( غير أولى الضرر )
وكذلك
المجاهدون بأموالهم وأنفسهم لا يستوون بالقاعدين عن الجهاد بالنفس والمال
والجهاد
فرض كفاية من قدر عليه سقط الذنب عن الآخرين ولكن المجاهدون لهم درجات أكبر من
درجات القاعدون
والله يغفر
لمن قعد ويرحمه وأجر المجاهد عظيم فى درجات علا بالجنة
الآيات
97 ـ 100
( إِنَّ الَّذِينَ
تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ
كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُواْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ
وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ
مَصِيرًا *إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ
الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ
يَهْتَدُونَ سَبِيلاً *فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن
يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا *وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن
بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ
وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا )
سبب
نزول الآية 97 :
كان قوم
أسلموا وأخفوا إسلامهم عن المشركين
ويوم بدر
أخرجهم المشركين معهم لقتال المسلمين فأصيب بعضهم
فقال
المسلمون هؤلاء كانوا ضعفاء واستخفوا استغفروا لهم
فنزلت
الآية
يقول الله
لهم كانت أرض الله واسعة فلم لم تهاجروا مع من هاجر واستثنى منهم الضعفاء من
الشيوخ والصبيان والنساء الذين لم تكن لهم حيلة فالله غفور رحيم
ثم يبشر
ويرغب الله المسلمين فى الهجرة ويقول من يهاجر فى سبيل الخلاص بدين الله فإنه يجد
( مراغما ) خلاصا عما يكره
و( سعة ) وسعة من الرزق
وإذا مات
فإنه يكون شهيدا ويقع أجره على الله
وفى
سبب ذلك :
كان أبو
ضمرة بن العيص مصابا فى بصره وقال سأهاجر وأنا رجل ذو حيلة وتجهز ليلحق بالنبى صلى
الله عليه وسلم ولكن أدركه الموت فى الطريق عند التنعيم
فنزلت
الآية ( ومن يخرج
من بيته مهاجرا ......فقد وقع أجره على الله )
الآية
101
( وَإِذَا ضَرَبْتُمْ
فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاةِ إِنْ
خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ
لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا )
يحذر الله
المسلمين عند سفرهم من الكفار ويقول لهم خففوا فى الصلاة واقصروا ( الرباعية تخفف إلى ثنائية ) حتى لا يصل إليهم الكفار و
اللحاق بهم فهم عدو واضح عداوته .
وقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : هى " صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته " .
وهذه
صلاة السفر وصلاة الخوف
الآية
102
(وَإِذَا
كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ
وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَائِكُمْ
وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ
وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ
تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم
مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن
مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ
إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا )
يعلم
الله نبيه والمسلمون طريقة صلاة الخوف :
تكون
فى اتجاه العدو ولا يستدبروه
فهى
أنواع كثير تبعا لحالة الحرب :
القبلة
تكون فى اتجاه العدو حتى لا يهجم عليهم العدو
فمرة
تكون فى اتجاه القبلة ومرة فى غير ذلك
وتكون
ركعة واحدة أو اثنين أو أربعة وفقا للحالة
تكون
جماعة أو فرادى
تكون
حاملين الأسلحة أو واضعيها
تكون
راكبا أو ماشيا
وفى
الآية يكلم
الله رسوله ويقول : إذا كنت تصلى معهم جماعة فعليك الإمامة ويصلى
معك مجموعة ركعة واحدة ويسلموا بدون أن تسلم أنت وتأت مجموعة أخرى تصلى الركعة
الثانية حتى يصلوا جميعا بإمامة واحدة
وخذوا
حذركم بحمل السلاح لأن العدو يريد أن تغفلوا عن أسلحتكم ويهجم عليكم فجأة وبسرعة
ولا ضير للمرضى أن يضعوا الأسلحة فى الصلاة
وللكافرين
العذاب المخزى المهين
الآيات
103 ، 104
( فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُواْ
اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ
فَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا
مَّوْقُوتًا *وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء
الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ
وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا )
ويأمر الله
بكثرة الذكر بعد صلاة الخوف فى جميع أحوالكم
وبالطبع
الأمر بالذكر بعد كل صلاة ولكن مؤكد وأكثر فى صلاة الخوف لما تصدق الله به على
الخائف من تخفيف
وإذا انتهى
الخوف فصلوها كما أمرتم بإقامتها وعددها وموعدها لأن الصلاة كتبت عليكم فى مواقيت
ولا تضعف
عزيمتكم فى طلب عدوكم واقتلوهم وحاصروهم
فكما
تصيبكم جراح هم أيضا يصيبهم ولكنكم تطلبون مرضاة الله وهم يرجون مرضاة الطاغوت
والعناد والبغى
والله يعلم
بنفوسكم ويحاسب عليها وله حكمة فى شرعه
الآيات
105 ـ 109
( إِنَّا أَنزَلْنَا
إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ
وَلاَ تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا * وَاسْتَغْفِرِ
اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا *وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ
يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا
*يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ
وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ
اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا *هَاأَنتُمْ هَؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم
مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً )
يقول الله
تعالى :
لقد أنزلنا
الكتاب عليك يا محمد يتضمن الحق
ولك أن
تحكم بين الناس بما تراه حقا
ولا تساند
الخائنين واستغفر الله عما تراه لعله يكون ليس حقاولا تدافع عن الخائنين ، فالله
لايحب الخيانة والخونة
وهؤلاء
المنافقين ينكرون عليك وعلى الناس قبائحهم ويعلنونها إلى الله
فهم يضمرون
ما يغضب الله والله يعلم عنهم كل شئ فى ضمائرهم وما يخفونه عنك
فلو صدقتموهم
فى الدنيا ودافعتم عنهم ، فمن ذا الذى يدافع عنهم يوم القيامة عندما يعذبون بما
علم الله مما يخفونه عن الناس
ولن يكون
لهم يومئذ وكيل .
الآيات
110 ـ 113
( وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ
يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا *وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا
يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا *وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ
إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا
مُّبِينًا *وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ
وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ
إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ
الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ
اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا )
يخبر الله
عن كرمه وجوده على كل من تاب وأصلح بعد ظلمه وذنبه
فالله يغفر
له ويتوب عليه لأنه غفور رحيم
ومن عمل
سوءا فإنه يجلب عقابه على نفسه ولا يرفع عنه أحد العقاب
والله يعلم
كل شئ وحكيم فى شرعه
وهذا الذى
يذنب الذنب ثم يتهم به بريئا غيره فهو قد جلب لنفسه ذنبا عظيما يقع هو فيه
ويمن الله
على نبيه بأن أنزل عليه القرآن وهداه للحكمة وعلمه ما لم يكن يعلم فوقاه الله شر
المضلين الذين هم فى الحقيقة لا يضلون إلا أنفسهم
إن فضل
الله على محمد صلى الله عليه وسلم والمؤمنين عظيم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الآيات
114 ـ 115
(لاَّ
خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ
مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاء
مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا *وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى
وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ
جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )
كثير من
كلام الناس لا خير فيه
ولكن الخير
فيما كان من أمر بالمعروف ونهى عن منكر
أو إصلاح
بين الناس أو أمر بصدقة
والذى يفعل
ذلك رغبة فى مرضاة الله فله الأجر العظيم من الله
ومن يخرج
على طاعة الرسول والشرع الذى جاء به ومن بعد ما اتضح الطريق والخير من الشر وخالف
الشرع
فإن الله
يعذبه فى الدنيا ويدخله جهنم يوم القيامة ويكون له سوء المصير
الآيات
116 ـ 122
( إِنَّ اللَّهَ لاَ
يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن
يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا *إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ
إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا *لَّعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ
لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا *وَلأُضِلَّنَّهُمْ
وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ
وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ
وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا *يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا
يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا *أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ
وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا * وَالَّذِينَ
آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن
تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ
أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً )
لا يغفر
الله أن يشرك به
وما غير
ذلك فالتوبة تجب ما قبلها بشرط أن تكون النية عدم الرجوع لمثل ذلك الذنب مرة أخرى
وتأنيب النفس على الذنب و آداء الحقوق لأصحابها
والشرك
بالله هو الضلال البعيد كل البعد عن طريق الحق وهو الخسران بعينه
فهذه
الأصنام التى يعبدونها و الملائكة التى ادعوا أنها بنات الله وقالوا هى تقربنا إلى
الله إنما أمرهم الشيطان بهذا وفى الحقيقة هم يعبدون الشيطان الذى زينها لهم
لعن الله
الشيطان وطرده من رحمته فقد قال سآخذ من عباد الله مقدار من المعصية لن يتراجع عنه
من الإيذاء لهم
فقال
سأبعدهم عن طريق الحق
سأزين لهم
ترك التوبة وأعدهم بالأمانى والغرور الذى يدمرهم
سآمرهم بشق
آذان الأنعام واجعلهم يشركون بالله بتمييز الوصيلة والسائبة والبحيرة ..... كما
سبق شرحه فى سورة المائدة
قال سآمرهم
يغيروا خلق الله من مثل النمص والوشم وتفليج الأسنان وغيره ...........
ومن يتبع
الشيطان فقد خسر الدنيا والآخرة
فهو يمنى
أتباعه ويعدهم ولكن هذا كذب وافتراء وسيتبرأ منهم يوم القيامة
ومن يتبعه فيدخله
الله جهنم ولن يجدوا عنها خلاص
أما من آمن
ولم يتبع الشيطان وأطاع الله ورسوله يدخله الله جنته تجرى فيها كل الخيرات
والأنهار ووعد الله لهم حق
ولا
أحد أصدق من الله فى تحقيق وعده
الآيات
123ـ 126
( لَّيْسَ
بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ
بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا *وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ
مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا *وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ
أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّه وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ
حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً *وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ
وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطًا )
الدين ليس
بالأمانى ولكن بالعمل
فمن عمل
خيرا يجد خيرا ومن يعمل سوءا يجز بهولن ينقذه من عذاب الله أحد
ومن يعمل
صالحا ولا فرق بين ذكر ولا أنثى فى ذلك وإنما العمل الصالح يكافأ بالجنات ولا يظلم
الله أحد ولا بمقدار النقير ( النقير هو النقرة التى فى ظهر نواة البلحة )
وأخلص
العمل هو اتباع شرع الله الذى أرسل ممع رسوله
ومحمد اتبع
ملة إبراهيم المائل إلى الحق بعيدا عن الضلال
ويرغب الله
فى اتباع سبيل إبراهيم ومحمد الذى اتبع طريقه فيقول أن الله يحب إبراهيم واتخذه
خليلا
قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله اتخذنى خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا
" .
والجميع فى
السموات والأرض ملكه وعبيده ويحيط بكل شئ فيهن
الآية
127
(وَيَسْتَفْتُونَكَ
فِي النِّسَاء قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي
الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ
لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ
وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ
اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا )
قالت عائشة
: هو الرجل تكون عنده اليتيمة هو وليها ووارثها قد شركته فى مالهحتى فى العذق
فيرغب أن ينكحها ويكره أن يزوجها رجلا فيشركه فى ماله بما شركته فيعضلها
فنزلت
الآية
وقالت
عائشة : ثم إن الناس استفتوا رسول الله صلى اله عليه وسلم
بعد هذه الآية فيهن
فأنزل الله
الآية
رغب الله
أن تنكح المرأة اليتيمة بالعدل فى حقها كما سبق أن أوضحنا فى بداية السورة
وهنا يؤكد
الله للناس بعد سؤالهم فى نكاح اليتيمة فأمر أن تساوى بمثلها فى مهرها وصداقها
وينهى أن
يعضل الرجل المرأة وعليه السماح لها بالزواج من غيره إذا كان هو لا يرغب فى الزواج
منها
ويرغب فى
ذلك بالتشجيع بالجزاء على فعل الخيرات
الآيات
128 ـ 130
(وَإِنِ
امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاحَ
عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ
الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا
تَعْمَلُونَ خَبِيرًا *وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن
تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ
فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللَّهَ
كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا *وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ
كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا )
يخبر الله
عن حال الزوجين ففى حال نفور الرجل من المرأة وتخشى الزوجة ذلك من زوجها أو يعرض
عنها فلها أن تسقط من حقها عنده أو تتنازل عن بعض من النفقة أو الكسوة وعليه أن
يقبل ذلك ولا حرج عليها لعل ذلك يكون أفضل من الطلاق
فإذا كان
بخيلا فتركها البعض من حقوقها أفضل من الفراق
أو تكون
كبيرة سنا ويريد فراقها ليخفف عنه الأعباء فعليها بعض التنازلات
وإن لم ترض
بالتنازل فلها الإختيار
ويقول الله
للناس لن تستطيعوا العدل بين النساء مهما حرصتم على ذلكفلابد من تفاوت فى المحبة
فلا تميلوا لواحدة وتتركوا الأخرى فتكون كالمعلقة لا زوج لها ولا مطلقة
ويرغب الله
فى قسمة العدل وعدم الميل لواحدة دون الأخرى
ولو حدث
الطلاق فالله سيرزق كلا منهما ويعوض كلا منهما عن الآخر
فالله واسع
الفضل وحكيم فى أفعاله
الآيات
131 ـ 134
(وَلِلَّهِ
مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ
الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللَّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ
فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا
حَمِيدًا *وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ
وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً *إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا
النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا *مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ
الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا )
والله مالك
جميع الخلق فى السموات والأرض وما بينهما
وقد أوصى
الله الناس جميعا بتقواه كما أوصى أهل الكتاب من قبل
ومن يكفر
بالله فهو غنى عن الخلق جميعا فهو محمود فى صفاته
والله قائم
على كل شئ ورقيب شهيد على كل شئ فى السموات والأرض
ولو أراد
أن يدمر الخلق جميعهم ويخلق غيرهم لفعل
وهو قادر
على ذلك
فمن أراد
ثواب الآخرة فليعمل لها عملها وعند الله ثواب الدنيا والآخرة
ومن أراد
الدنيا فما له غيرها
والله يسمع
ويبصر أفعالكم
الآية
135
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى
أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ
فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ
وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ
خَبِيرًا )
يأمر الله
المؤمنين أن يحكموا ويشهدوا بالحق ولا يخشون لومة لائم
وتكون
شهادتهم عادلة ولو على آبائهم أو أبنائهم أو أقاربهم أو أنفسهم
فلا ترعى
أحد لغناه ولا تشفق على أحد لفقره وإنما تمسكوا بالعدل فى جميع شئونكم
ومن يحرف
ويكذب أو يكتم شهادة فالله يعلم نفوسكم وأسراركم
الآية
136
)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن
قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ
وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا )
ثم يأمر
الله المسلمين بالإيمان بالله وبالرسل و بالرسالات السابقة والقرآن والكتب التى
أنزلها من قبل وبالملائكة ويوم القيامة والقدر
ومن كفر
بواحدة فهو قد ضل عن الطريق المستقيم
وهذا
هو الإيمان ويختلف عن الإسلام الذى هو النطق بالشهادتين وإقامة الصلاة وإيتاء
الزكاة وصيام رمضان والحج
الآيات
137 ـ 140
( إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ
كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً *بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا *الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ
الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ
جَمِيعًا *وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا
سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ
مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ
إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا )
هؤلاء
الذين كفروا وآمنوا ثم كفروا وتكرر ذلك منهم وماتوا على الكفر فلا يقبل لهم الله
توبة ولهم عذاب الحريق
وهؤلاء
المنافقين لهم مثل عذاب الكافرين
فهم اتخذوا
الكافرين لهم أولياء بدلا من المؤمنين فطبع الله على قلوبهم
هل كانوا
يظنون أن العزة سيجدونها عند الكفار
لا بل
العزة كلها لله وحده وعند الله
وهذا معناه
أن من أراد العزة فلابد أن يطيع الله ويخلص عبادته
ثم ينهى
الله عن الجلوس مع من يخوض فى الإسلام والمسلمين ويهزأ منهم فأمر بترك المجلس حتى
ينتهوا
ومن يدخل
فى نقاشهم ويودهم فى الحديث فهو مثلهم وعليه مثل عقابهم
وكما اشترك
المنافقين فى الكفر مع الكفار فسوف يشتركون معا العذاب فى جهنم
الآية
141
( الَّذِينَ
يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللَّهِ قَالُواْ أَلَمْ
نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ
عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
سَبِيلاً )
يتربصون
بكم : المنافقين ينتظرون أن تزول دولتهم ويظهر الكفار
عليهم
فإن كان
للمؤمنين نصر من الله وفتح يتوددون للمؤمنين ويقولون لقد كنا معكم
وإن كان
للكفار نصر أحيانا على المؤمنين قالوا لهم نحن كنا ننصركم ونساعدكم خفية حتى
انتصرتم
ولكن الله
يعلم بواطنكم أيها المنافقين وسيخبركم بما فعلتم يوم القيامة ويحاسبكم عليه
الآيات
142 ، 143
( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ
وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلاَ
يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً * مُّذَبْذَبِينَ
بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ
فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً )
ظن
المنافقين من جهلهم أنهم بسلوكهم هذا يخدعون الله
ولكن الله
يعلم سرائرهم فقد ظنوا أنهم يروج أمرهم عند الناس ولكن يكشفهم الله ويفضحهم يوم
القيامة ويعذبهم
فهم كسالى
عن الصلاة ويصلون ليراهم الناس
ولا يذكرون
الله ولا يخشعون فى صلاتهم بل هم ساهون غافلون
فهم لا إلى
الكفار ولا مع المؤمنين بل مذبذبين
وقد غضب
الله عليهم وأضلهم ولن يجدوا لهم نصير من دون الله
الآيات
144 ـ 147
)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ
أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلَّهِ
عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا * إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي
الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا *إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللَّهِ
وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ
اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا *مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ
بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا)
يحذر الله
تعالى المنافقين عن اتخاذ الكافرين أولياء بدلا من المؤمنين بمصادقتهم والتودد
إليهم وإفشاء أسرار المسلمين لهم
ويقول لهم
هل تريدون أن يأخذ عليكم الله الحجة ويعذبكم بها
فالمنافقين
ليس لهم إلا بيوت لها أقفال وأبواب تطبق عليهم فى قاع جهنم وتوقد من تحتهم وأعلاهم نارا ( الدرك الأسفل )
ولن يقدر
على تخليصهم أحد
إلا من تاب
وأصلح وأخلص عمله لله فيجد الله غفورا رحيما مثله مثل المؤمنين
فإن الله
جعل للمؤمنين جزاء عظيما
فمن يفعل
صالحا عمله لنفسه ومن أساء فعليها ولا يفيد عذابكم ولا يؤخر من شئ فالله يعلم كل
شئ ويجزى به
الآيات
148 ـ 149
( لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ
الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا
عَلِيمًا *إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ
تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا )
لا يحق
لأحد الدعاء على غيره إلا من ظلمه ولو صبر فإنه خير له
فالله يسمع
ويعلم كل شئ ويقبل الدعاء لنصرة المظلوم
وكذلك لا
يحق الشكوى والحديث عن المساوئ إلا فى حالة التظلم
ولمن سامح
فإن الله غفور
الآيات
150 ـ 152
( إِنَّ الَّذِينَ
يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللَّهِ
وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن
يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً *أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ
حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا *وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللَّهِ
وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ
يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا )
هذا عتاب
من الله على اليهود والنصارى الذين فرقوا بين الله ورسله يؤمنون برسول ويكفرون
بآخر وذلك لما وجدوا عليه آباءهم ومن كفر بنبى أو رسول فهو كافر بسائر الأنبياء
فالإيمان
لا يتجزأ وكل الأنبياء بشروا بقدوم بعضهم فمن كذب برسول فقد كذب بمن بشر بقدومه
اليهود
كذبوا بعيسى ومحمد عليهما السلام
والنصارى
كذبت بمحمد صلى الله عليه وسلم
وكلاهما
كافر
وأعد الله
للكافرين العذاب الأليم
أما من آمن
بالله وجميع رسله وكتبه والملائكة واليوم الآخر والقدر فيؤجره الله خير الجزاء
والله يغفر له ذنوبه ويغفر لمن تاب .
الآيات
153 ـ 154
(يَسْأَلُكَ
أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاء فَقَدْ
سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللَّهِ جَهْرَةً
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ
مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى
سُلْطَانًا مُّبِينًا *وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ
بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ
لاَ تَعْدُواْ فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا )
طلب اليهود
والنصارى من الرسول عليه السلام أن ينزل عليهم كتابا من السماء كما نزلت التوراة
وبعضهم قال
أنزل علينا صحفا مخصوص لفلان ولفلان وذلك من باب التعنت والجحود
ويقول الله
لنبيه لا تعجب منهم فقد سألوا موسى رسولهم ما هو أكبر من ذلك ، لقد قالوا له أرنا
الله بأعيننا ، فأصابهم الله بصاعقة ثم عفا عنهم
ولكن رجعوا
للكفر ثانية وجمعوا حليهم من الذهب وصنعوا عجلا عبدوه وموسى بينهم ، ثم عفا الله
عنهم بالرغم من ذلك
ورفع عليهم
جبل الطور وكاد أن يسقطه عليهم ثم عفا أيضا بعد ذلك
وقال لهم
ادخلوا بيت المقدس واشكروا الله وقولوا حطة ( حط عنا
ذنوبنا ) فسخروا وقالوا حنطة ( قمح )
ولا جدوى
فقد أمرهم بعدم الصيد يوم السبت وتعدوه وخانوا أنفسهم وتحايلوا على ذلك كما ذكرنا
من قبل
وأخذ عليهم
الله المواثيق ليؤمنوا بالله ورسوله ولكن طبع الله على قلوبهم بكفرهم
الآيات
155 ـ 159
(فَبِمَا
نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنبِيَاء
بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا
بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً * وَبِكُفْرِهِمْ
وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا *وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا
الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا
صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي
شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا
قَتَلُوهُ يَقِينًا *بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ
وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا *وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ
عَلَيْهِمْ شَهِيدًا )
من الذنوب
التى اقترفها اليهود والتى يستحقون عليها الطرد من رحمة الله وتعذيبهم :
ـ نقض المواثيق والعهود
ـ كفرهم بآيات الله
ـ قتل عدد كبير من الأنبياء
ـ قولهم قلوبنا غلف أى فى غطاء مغلفة لا تصل
إليها النصيحة ولكن فى الحقيقة أن الله
طبع عليها فلا يؤمنون بكفرهم وعنادهم
ـ إتهام مريم بالزنا
ـ إدعائهم بأنهم قتلوا المسيح عيسى ابن مريم رسول
الله ، وهم يسخرون بهذا القول كما لو قالوا هذا الذى ادعى أنه رسول الله فقد
قتلناه
ولكن فى
الحقيقة أنهم لم يقتلوه ولكن رؤا من هو شبه له فظنوا أنه هووظنوا أنهم قتلوه
وكانوا غير متيقنين من ذلك أما المسيح فقد
نام ورفعه الله إليه فى السماء بجسده ويوم القيامة يشهد عليه من آمنوا به ورأوه
عند رفعه وينزله الله ليقتل المسيح الدجال ويصير الناس كلها أمة واحدة على دين
إبراهيم وهو اإسلام الحنيفية ويشهد يوم القيامة على من آمنوا به
والله على
ذلك قوى حكيم فى قضاؤه
خبررفع المسيح
عن
ابن عباس قال : لما أراد الله أن يرفع عيسى إلى السماء خرج على أصحابه وفى البيت اثنا
عشر رجلا من الحواريين ، يعنى فخرج عليهم من عين فى البيت ورأسه يقطر ماء فقال :
إن
منكم من يكفر بى اثنتى عشرة مرة بعد أن آمن بى
ثم
قال : أيكم يلقى عليه شبهى فيقتل مكانى ويكون معى فى درجتى
فقام
شاب من أحدثهم سنا
فقال
له : اجلس ، ثم عاد عليهم
فقام
ذلك الشاب
فقال
: اجلس ثم عاد عليهم
فقام
الشاب
فقال
: أنا
فقال
: أنت هو ذاك
فألقى
عليه شبه عيسى ، ورفع عيسى من روزنة فى البيت إلى السماء
وجاء
الطلب من اليهود فأخذوا الشبه فقتلوه ثم صلبوه
فكفر
به بعضهم اثنتى عشرة مرة بعد أن آمن به
وافترقوا
ثلاث فرق
فقالت
فرقة : كان الله فينا ما شاء ثم صعد إلى السماء وهؤلاء يسمون اليعقوبية
وقالت
فرقة : كان فينا ابن الله ما شاء ثم رفعه الله إليه وهؤلاء السنطورية
وقالت
فرقة : كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء الله ثم رفعه الله إليه وهؤلاء المسلمون
فتظاهرت
الكافرتان على المسلمة فقتلوها
فلم
يزل الإسلام طامسا حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم .
الآيات 160
ـ 162
)فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ
حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ
اللَّهِ كَثِيرًا *وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ
نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا
لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا *لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي
الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا
أُنزِلَ مِن قَبْلِك وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ
وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ
أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا )
كان لليهود
أشياء حلالا ثم حرمها الله عليهم فى التوراة بسبب ظلمهم واختلافهم ومخالفة رسولهم
وصدهم عن اتباع الحق
وبسبب
أكلهم الربا الذى نهاهم الله عنه ولكنهم اتخذوا الحيل وأكلوا أموال الناس بالباطل
ولهذا أعد
لهم الله العذاب الأليم
أما
الثابتون على الحق العالمين بالطريق الحق والموفون بعهدهم المؤمنون بالله واليوم
الآخر فسيدخلهم الله الجنة جزاء لهم
الآيات
163 ـ 165
( إِنَّا أَوْحَيْنَا
إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ
وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ
وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا
دَاوُودَ زَبُورًا *وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ
عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ
مُوسَى تَكْلِيمًا *ورسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ
لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ
اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا )
يذكر الله
أنه تعالى قد أوحى إلى محمد صلى الله عليه وسلم كما أوحى للأنبياء من قبله وهم نوح
ومن بعده من أنبياء وإبراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب وأسباط اليهود وموسى وعيسى
ووأيوب ويونس وهارون وسليمان ومن قبله داود الذى أنزل معه الزبور
ورسلا
كثيرا قصصهم الله على نبيه ومنهم لم يذكرهم وشرف موسى بكلامه عز وجل
وقد أرسلهم
ليبشروا بالجزاء والثواب لمن آمن وينذروا من كفر بالعذاب الأليم
حتى لا
تكون للناس حجة يحتجون بها بعد كل هؤلاء الرسل والكتب
الآيات
166 ـ 170
( لَّكِنِ
اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ
يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا * إِنَّ
الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّواْ ضَلالاً
بَعِيدًا * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ
لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ
ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * يَا أَيُّهَا
النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْرًا
لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا )
ومهما كفر
من كفر وخالفك من خالف فإن الله يشهد أنك مرسل بالحق والقرآن العظيم وفيه علم الله
وما يرضاه لعباده
وكذلك تشهد
الملائكة على صدق ما أرسل إليك يا محمد
ويكفيك
شهادة الله عز وجل بذلك
وهؤلاء الكفار
الذين ضلوا الطريق وخرجوا عن الحق ما كان الله ليهديهم ولا يغفر لهم
وليس لهم
إلا نار جهنم خالدين فيها وهذا سهل ويسير على الله
ثم يخاطب
الله جميع الناس بأن محمد رسول من الله ويأمرهم بالإيمان به لو أرادوا خيرهم فى
الدنيا والآخرة
ومن يكفر
فالله غنى عنه فهو يملك خزائن السموات والأرض
وهو يعلم
كل شئ فيهن وحكيم فى حكمه وأوامره وثوابه وعقابه
الآية
171
(يَا
أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ
إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ
أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ
تَقُولُواْ ثَلاثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ
سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي
الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً )
وهذا نداء
لليهود والنصارى ومن شاكلهم ينهاهم عن المغالاة فى التصديق بعيسى حتى رفعوه إلى
منزلة الألوهية فمن قائل هو الله ومن قائل ابن الله
إنما ذلك
ما قاله لهم الرهبان كذبا
فالمسيح هو
رسول الله لينذر الناس وخلقه مثلما خلق آدم وروح من عنده أنزلها فى بطن مريم بكلمة
قالها جبريل عليه السلام ونفخة فى جيب درعها وكان أولى بهم تعظيم الله فى قدرته
على خلقه بلا أب
فلا تفتروا
على الله غير الحق
وآمنوا بما
قاله الله عنه فقط ولا تفتروا من عندكم الأقاويل
وإن لم
تتراجعوا عن قولكم وكفركم بالله ونسب الولد له سبحانه عن ذلك فإن جميع الخلق فى
السموات والأرض وما فيهن هم خلقه وعبيده وتحت تصرفه فلا يحتاج الولد
الآيات
172 ـ 175
( لن
يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلَّهِ
وَلاَ الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ
وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ
فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ
اسْتَنكَفُواْ وَاسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلاَ يَجِدُونَ
لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا * يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن
رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ
فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا
مُّسْتَقِيمًا )
يستنكف : يقتنع ويستكبر
وكما قيل
المسيح ابن الله قيل الملائكة بنات الله
ولهذا يقول
تعالى :
لن يقتنع
ولا يستكبر المسيح أو الملائكة عن عبادة الله وحده
فمن يستكبر
فله يوم القيامة العذاب الأليم ولن يجدوا من يخلصهم منه
وأما الذين
آمنوا بالله ووحدوه فلهم الجنات وجزاء ما عملوا وزيادة
ثم يعلن
الله لجميع الناس أنه جاءهم دليل واضح وضياء بالحق
فمن اعتصم
بالقرآن فيرحمه الله ويدخله جناته ويهديهم إلى الطريق المستقيم
الآية 176
( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ
اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ
وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا
وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن
كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ
يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(
دخل
رسول الله صلى الله
عليه وسلم على جابر
بن عبد الله وهو مريض فتوضأ ثم قال : " صبوا عليه "
فقال
جابر : إنه لا يرثنى إلا كلالة فكيف الميراث ؟
فنزلت
الآية
الكلالة
: من يموت وليس له ولد ولا والد
والكلمة
مأخوذة من الإكليل المحيط بالرأس من جوانبه
معنى الآية
:
يسألونك يا
محمد عن الكلالة ، فقل لهم الله يجيبكم
لو مات رجل
ليس له ولد ولا والدين ولكن له أخت فلها
نصف التركة
ولو ماتت
امرأة ليس لها أولاد ولا والدين فله جميع
ما تركت
ولو كان
للمتوفى أختان أو أكثر فلهما الثلثان يتقاسموا فيه
ولو كان
أخوة من بنات وبنين يقسم للذكر مثل حظ الأنثيين
ويوضح الله
لكم التقسيم حتى لا تضلوا عن الحق
لأن الله
يعلم عواقب الأمور .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تمت بحمد
الله تعالى .