مــــرحــــــباَ بـــأحـبـــاب الله مــعــاَ

في طريق الجنة


الثلاثاء، 28 سبتمبر 2021

تفسير سورة المائدة

 

شرح سورة المائدة 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الآيات 1 ـ 2

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَائِرَ اللَّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )

 

العقود : العهود

والمقصود ما أحل الله وما حرم وما فرض وما نهى ( أى الطاعة )

ويأمر بطاعة الله فى " عهد الله وعقد الحلف وعقد الشركة والبيع والنكاح واليمين "

ولا تحلوا شعائر الله التى حرم

ولا تحلوا القتال والمحارم فى الشهر الحرام ويجب تعظيمه

( ولا الهدى ولا القلائد ) : لا تمتنعوا عن الإهداء بأنعام  إلى البيت الحرام فتعظيمه من تعظيم الشعائر

ولا تتركوا تعليقها فى أعناقها لتتميز عن باقى الأنعام ليعلم أنها هدى إلى الكعبة ولا يتعدى عليها أحد بسوء

( ولا آمين البيت الحرام ) : من دخل البيت الحرام كان آمنا فلا تقاتلوا فيه

( يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا ) : وأيضا لا تعتدوا على من دخل البيت الحرام يطلب فضل الله ورضوانه فلا تمنعوهم ولا تصدوهم

( وإذا حللتم فاصطادوا ) : إذا انتهيتم من الإحرام يباح لكم ما حرم عليكم ومنها الصيد

ولا تجعلوا كرهكم لمن كانوا يتعرضون لكم ليمنعوكم من دخول المسجد الحرام أن تعتدوا عليهم وتقتصوا منهم ظلما وعدوان ولكن احكموا بالعدل

ويأمر الله المؤمنين بأن يتعاونوا على البر والتقوى وينهاهم عن أن ينصر بعضهم بعضا ظلما وعدوانا لأن الله شديد العقاب

 

لآية 3  

(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )

 

ينهانا الله عن أكل الميتة إلا السمك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عن ماء البحر : " هو الطهور ماؤه الحل ميتته "

لأن ملوحة ماء البحر الشديدة تمنع تحلل الميته فيه وتمنع فساده فهو طاهر

 

ونهانا عن أكل الدم المسفوح مثل دم الترسة

وينهى عن أكل لحم الخنزير لأنه يعيش على الجيفة

 

وينهى عن ( وما أهل به لغير الله ) : كل ما ذكر عند ذبحه اسم غير الله

والمنخنقة : وهو ما مات بالخنق

و الموقوذة : وهى ما تضرب بشئ ثقيل فتموت

والمتردية : وهى ما ماتت بسبب وقوعها من مكان مرتفع

والنطيحة : وهى ما ماتت بسبب نطح أغنام أخرى لها

وما أكل السبع : وهى ما هجم عليها سبع أو نمر أو فهد وأكل جزء منها فالباقى حرام تناوله

( إلا ما ذكيتم ) : أى ما يمكن ذبحه لأن ما زالت به حياة ولم يمت

 

وما ذبح على النصب : النصب هى حجارة وكان عددها 360 وكان العرب فى الجاهلية يذبحون عندها ويلطخون بالدم ما هو مواجه للكعبة ويطرحون اللحم عليها ، فنهى الله عن ذلك الفعل وحرم أكل اللحوم التى تنشر عليها ولو كانت ذكر اسم الله عليها لأن ذلك شرك مع الله بالنصب

 

ونهى الله عن ( وأن تستقسموا بالأزلام ) : جمع زلم وهى عبارة عن ثلاثة أقداح مكتوب عليها أفعل والثانى لاتفعل والثالث ليس عليه شئ وعند الإستخارة يضربون هذه الأزلام وما طلع منها واحدا فعل أو لا والغير مكتوب تعاد المحاولة ( مثل  القرعة للفعل أم لا ) لأن الشخص يوقف سعيه ويستشير هذه الأقداح وهذا من الشرك

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون فى جزيرة العرب ولكن بالتحريش بينهم "

وهذا فى معنى قوله تعالى ( اليوم يئس الذين كفروا من دينكم ) .. وينطبق على سائر الكفار

ويقول تعالى لا تخشوا ما يفعله الكفار ولا تخضعوا لهم والحق أن تخشوا الله تعالى ( فلا تخشوهم واخشونى )

 

ويقول لقد رضيت لكم الإسلام دينا وأكملت لكم الدين برسالة محمد صلى الله عليه وسلم فارضوه لأنفسكم

ومن احتاج لشئ مما حرم الله مضطرا وإلا الموت فله تناوله مادام لا يحاول بذلك معصية الله والله غفور رحيم لمن اضطر

 

الآية 4

 

(  يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ )

 

بعد أن نزلت آية التحريم لبعض المأكولات والخبائث الضارة سأل بعض الناس عن أشياء هل هى حلال أم حرام مثل شرب البول للتداوى ، والطين وقيل أن هذه ليست من الطيبات ونزلت الآية ( قل أحل لكم الطيبات )

 

أى أحل لكم الطيبات من الرزق وما ذكر اسم الله عليه

وأحل لكم ما تم اصطياده بالجوارح كالكلاب والصقور والفهود وغيرها مما يستخدم للصيد

وكلمة جارح أى ما يكسب من صيد بواسطتها

 

( مكلبين ) : مكلب للصيد أى تقتنص بالمخالب

( تعلمونهن مما علمكم الله ) : أى تدربوا الجارح للصيد لكم وليس أقتناص لنفسه

( فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه ) : مادام الجارح معلم أنه يمسك لك بالصيد فاذكر اسم الله عليه وتناوله حلالا

ويأمر الله بتقواه فى الطاعة

 

الآية 5

(الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )

 

يقول تعالى :  بالنسبة لطعام اليهود والنصارى فإنه حلال ( ويقصد هنا الطعام بما تم ذبحه بأيديهم حيث أنهم يذكرون اسم الله ولكنهم يخالفون فى صفته )

 

وسبب نزول الآية أن الصحابى عبد الله بن مغفل قال : أدلى بجراب من شحم يوم خيبر فحضنته وقلت : لا أعطى اليوم من هذا أحد والتفت فإذا النبى يبتسم ...فنزلت الآية

وكذلك ذبائح المسلمين حلال لهم

ثم ينتقل إلى التزوج من الحرائر من النساء ( المحصنات أى العفيفة  )  ليمهد للقول عن ذلك بالنسبة للزواج من حرائر أهل الكتاب

فيحل الله الزواج منهن وهذا لا يعارض النهى عن الزواج بالمشركات

 

ويعتنى بأن يرشد إلى إعطائهن ( أجورهن ) مهورهن  و البعد عن الزنا

 ( غير مسافحين )

(ولا متخذى أخدان ) أى لا تتخذوا عشيقات

 

 

الآية 6

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )

 

يعلمنا الله الوضوءقبل الصلاة فيقول :

 

*  قمتم إلى الصلاة تدل على وجوب النية للوضوء

*  غسل الوجه ... ويستحب  غسل اليدين جيدا ثم المضمضة والإستنشاق ثلاثا مثل ما فعل النبى صلى الله عليه وسلم

 

وحد الوجه هو ما بين منبت الشعر للرأس حتى الذقن ومن الأذن إلى الأذن

 

* غسل اليدين إلى المرفقين مبتدئا باليمين ثم اليسار

ويستحب الزيادة عن المرفق وهو عظمة الكوع كزيادة فى التحجيل يوم القيامة

 

*  مسح الرأس  وحرف الباء معناه جزء منها

* غسل الرجلين والإهتمام بالكعبين لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم  :

" ويل للأعقاب من النار "

 

وفى حالة عدم وجود الماء أو الأذى بالماء لمرض أو السفر وعدم توفر الماء فيجب التيمم والمحافظة على إقامة الصلاة فى مواقيتها

ويوضح طريقة التيمم سبحانه بقوله :

* ضرب التراب بالكفين ثم المسح على الوجه وأخرى ثم المسح على اليدين إلى المرفقين اليمنى ثم اليسرى

وهذا للتسهيل من الله علينا ولكن للتطهير وإسباغ نعمه علينا ويجب علينا شكره على ذلك

 

الآيات 7

 

(وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ )

يذكر الله عباده المؤمنين بنعمته فى شرعه وإرسال رسوله الكريم

ويذكرهم بما أخذ عليهم من وعود وعهود فى الطاعة ومناصرة الرسول ومتابعته والقيام بدينه وإبلاغ عنه ومبايعته على السمع والطاعة

ويؤكد بضرورة التقوى فى جميع الأحوال وأنه يعلم ما يدور بصدورهم

 

 

الآيات  8 ـ 10

 

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ * وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ )

 

ويقول للمؤمنين كونوا قوامين بالحق ( القسط ) لله وليس لأجل السمعة بين الناس

ولا يحملكم كره قوم على أن لا تعدلوا بينهم وهذا أقرب للتقوى وسيجزيكم الله على فعلكم إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا

ووعد الله المؤمنين المتقين بالمغفرة والرحمة والثواب العظيم

أما الكافرين فلهم عذاب النار والسعير

 

الآية 11

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ )

 

عن جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم نزل منزلا وتفرق الناس فى العضاة ( شجرة ضخمة لها شوك ) يستظلون تحتها ، وعلق النبى سلاحه بشجرة ، فجاء أعرابى إلى سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذه فسله ( أخرجه من غمده )

ثم أقبل على النبى صلى الله عليه وسلم فقال : من يمنعك منى ؟ قال : " الله " عز وجل ، قال الأعرابى مرتين أو ثلاثا : من يمنعك منى ؟ والنبى صلى الله عليه وسلم يقول : " الله "

فشام ( أغمد ) الأعرابى السيف فدعا النبى أصحابه فأخبرهم خبر الأعرابى وهو جالس إلى جنبه ولم يعاقبه .

والآية فى هذا المعنى

ومن يتق الله كفاه

 

الآيات 12 ـ 14

 

(  وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ * فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ )

يبين الله كيف أخذ على أهل الكتاب من اليهود والنصارى العهود ولكنهم نقضوها فلعنهم الله وأخرجهم من رحمته

فقد جعل الله من اليهود اثنى عشر زعيما  ( نقيبا ) على قبائلهم وعهد عليهم بطاعة الله ورسوله وكتابه التوراة وأمرهم بالصلاة والزكاة وعهد إليهم أن ينصروا الرسل ويساعدوهم على الحق ( عزرتموهم ) 

و( أقرضتم الله ..) وأنفقتم فى سبيل الله وجزاؤهم المغفرة وستر الخطايا وإدخالهم الجنة ومن خالف هذا الميثاق والعهد فقد ضل الطريق وله عذاب النار

ولكنهم نقضوا هذا العهد وقتلوا الأنبياء بدلا من نصرتهم وسعوا فى الفساد وحرفوا التوراة ومسحوا منها آيات التبشير بمحمد صلى الله عليه وسلم فلعنهم الله وجعل قلوبهم قاسية لا تقبل موعظة وتأولوا آيات كتاب الله وحرفوها وتركوا العمل بها

( نسوا حظا مما ذكروا به )

( ولا تزال أعينهم على خائنة منهم ...)  لا يزال مكرهم وغدرهم لك يا محمد ولأصحابك ، فلو عفوت عنهم لكان هذا خير النصر لك

 

(ثم نسخت هذه الآية بعد ذلك فى سورة التوبة بالأمر بقتالهم بسبب ما زاد من أذاهم للرسول وأصحابه )

وهؤلاء النصارى الذين ادعوا أنهم أتباع المسيح وهم ليسوا كذلك فهم خالفوا ما أتى به أخذ الله عليهم أيضا المواثيق ولكنم نقضوها مثلما فعل اليهود فألقى الله بينهم البغضاء وجعلهم طوائف كل طائفة تعادى الأخرى وتخالف عقيدتها وسيظلون كذلك حتى يوم القيامة

وسوف يخبرهم الله بما عملوا ويحاسبهم على ما كذبوا على الله ورسوله

 

الآيات 15 ، 16

 

(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )

ثم يحدث الله عز وجل أهل الكتاب من اليهود والنصارى ويقول لهم أنه أرسل لهم النبى محمد صلى الله عليه وسلم ليوضح لهم ما حرف آباءهم مما أنزل الله فى التوراة والإنجيل وبدلوا وكذبوا على الله وافتروا عليه ويسكت على كثير مما غيروا فلا فائدة فى بيانه

وأنه صلى الله عليه وسلم جاء بالقرآن الذى هو نور ورحمة لهم ويبين لهم ما يرحمهم من عذاب بأسهم فى الدنيا وعذاب النار فى الآخرة

فهو هدى ومنهج استقامة وطريق نجاة لمن اتبع رضا الله يرشدهم للحق ويبعدهم عن الضلال

 

الآيات 17 ـ 18

 

(لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ )

 

قالت النصارى أن عيسى عليه السلام هو ابن الله ولقد كفروا بمثل هذا القول ولكنه عبد الله ورسوله

فلو أراد الله أن يهلك المسيح وأمه والخلق جميعا لفعل وما منعه شئ

والله يملك كل شئ وهو القادر على ما يشاء ويخلق ما يشاء

ادعى اليهود والنصارى أنهم أحباء الله وأبنائه وهو يحبهم لأنهم ينتسبون لأنبيائه

فيقول لهم الله لو كان ذلك حقا فلماذا يعذبكم بذنوبكم ، ولكنكم بشر ممن خلق ومثلكم كمثل جميع أبناء آدم والله الحاكم فى عباده كيف يشاء وإليه المرجع والمآب

 

 

الآية 19

( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )

يقول الله عز وجل لليهود والنصارى أنه قد أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم لهم بعد فترة زمنية ( حوالى 600 سنة من بعد عيسى ) حتى لا تقولوا لم يأتنا من رسول ينهانا عن الشر ويرشدنا إلى الحق

فقد جاءكم محمدا والله قادر على عقاب الظالم وثواب المطيع

 

الآيات 20 ـ 26

 

( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ * يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ * قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ *  قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ )

يخبر الله تعالى عن موسى وقومه بعد أن أخذهم هاربا من فرعون وبعد أن عبدوا العجل بعد ما رأوا الآيات ثم ساروا مع موسى

قال لهم موسى اذكروا نعم الله عليكم فقد جعل فيكم الأنبياء إبراهيم واسحاق ويعقوب ويوسف وجمع لكم خير الآخرة مع خير الدنيا إذ جعل منكم الملوك ( أى لكم المنزل والأموال والأولاد والزوجة ـ وكانوا من ملك ذلك يسمى ملكا )

 

 وجعلكم علماء زمانكم وأشرف من القبط واليونان وسائر أصناف بنى آدم ( آتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين )

 

وأمرهم بأن يدخلوا معه الأرض المقدسة المطهرة وهى جبل الطور وما حولهالتى وعدكم بها الله ولا تتراجعوا عن الجهاد وتخسروا الدنيا والآخرة

 

قالوا يا موسى لن نقدر على الدخول لأن بها قوما ذو قوة شديدة ولا نقدر على مقاومتهم ولن ندخل ما داموا فيها ، وإن خرجوا منها ندخلها نحن

 

وحاول رجلان من المؤمنين أن يحرضوهم على الجهاد وقالا لو دخلتم متوكلين على الله فهو ينصركم عليهم لأنه وعدكم بها

 ولكن بلا فائدة ، بل أصروا على الرفض وقالوا اذهب يا موسى أنت وربك لتقاتلا ونحن هنا فى انتظارك

 

غضب موسى عليهم ودعا ربه أن لا حيلة له هو وأخوه فافصل بينى وبينهم يارب

فقضى الله عليهم بأن يتيهوا أربعين سنة لا يهتدون لطريق ولا يدخلوا الأرض المقدسة

وكان لهم فى التيه آيات عجيبة وخوارق عظيمة من مثل الغمام الذى يستظلون به والمن والسلوى والصخرة التى نبع منها الماء وعيون الماء ومعجزات عجيبة لموسى

ثم توفى هارون وبعده موسى بثلاث سنين وأقام بينهم يوشع بن نون خليفة لموسى ومات كثيرين من بنى اسرائيل فى هذا المكان

وبعد انتهاء الأربعين سنة خرج بهم يوشع من هذا التيه قاصدا الأرض المطهرة وحاصر من كانوا ببيت المقدس وطلب من الله أن يمسك الشمس حتى ينتصر ونصره الله وقال لهم ادخلوا من الباب خاشعين لنصر الله راكعين وقولوا حطة ( أى حط عنا خطايانا ) ولكنهم رفعوا رؤسهم وقالوا ( حنطة ) استهزاء بنبيهم

 

ويقول الله لنبيه محمد هذا كان سلوكهم من قبل فلا تحزن على القوم الفاسقين ولا تأسف عليهم

 

الآيات 27 ـ 31

 

( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ * فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ * فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ)

 وملخص القصة كما ذكرها أئمة السلف : أن آدم كان يزوج ذكر كل بطن بأنثى البطن الأخرى ، وهابيل أراد أن يتزوج بإخت قابيل الأكبر منه ، وكانت أخت قابيل حسناء ، فأراد قابيل أن يستأثر للزواج منها على أخيه ، ولكن آدم أمرهما أن يقربا قربانا لله ، وذهب آدم ليحج وترك بنيه .

فقرب هابيل جذعة سمينة جيدة لأنه كان صاحب غنم ، وقرب قابيل حزمة من ردئ زرعه لأنه كان صاحب زرع ، فنزلت النار من السماء ، فأكلت قربان هابيل وتركت قربان قابيل ، فغضب قابيل وقال لأخيه لأقتلنك ، حتى لا تتزوج من أختى الحسناء ، و قتل قابيل هابيل نتيجة لما استولى على قلبه من حسد لأخيه على حظه من زوجة حسناء تمناها قابيل لنفسه وهى لا تحق له .

وهكذا ... كان الحسد سببا فى تدمير أخوين ، هابيل الذى قتل ظلما ، وقابيل الحاقد الذى قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم برواية ابن مسعود : "لا تقتل نفسا ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها ، لأنه كان أول من سن القتل "رواه الجماعة .

وذكر مجاهد : ( أن قابيل عوجل بالعقوبة يوم قتل أخاه فعلقت ساقه إلى فخذه وجعل وجهه إلى اشمس كيفما دارت تنكيلا به وتعجيلا لذنبه وبغيه وحسده لأخيه لأبويه )

وقال
صلى الله عليه وسلم : " ما من ذنب أجدر أن يعجل الله عقوبته فى الدنيا مع ما يدخر لصاحبه فى الآخرة من البغى ، وقطيعة الرحم "

ثم أنه قال تعالى : (
فبعث الله غرابا يبحث فى الأرض ليريه كيف يوارى سوءة أخيه قال ياويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأوارى سوءة أخى فأصبح من النادمين )
وحصد قابيل من حسده الندم والعقوبة .

مكان الحادث

مغارة تسمى مغارة الدم بجبل قاسيون شمالى دمشق

عقوبته

علقت ساقه إلى فخذه وجعل وجهه إلى الشمس

 

الآيات 32 ـ 34

 

(مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ  *إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ  *إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )

 

يقول تعالى أن بسبب ما فعله قابيل بهابيل ابنى آدم شرع الله لبنى اسرائيل أن من قتل نفسا ظلما بغير أن تكون قصاصا أو بسبب الفساد فى الأرض بما يستحل العقاب بالقتل فكأنما قتل الناس جميعا

ومن حرّم قتل النفس ظلما فكأنما أحيا الناس جميعا

 

ويقول الله عزوجل : لقد جآءت الرسل من ربهم بالحجج والبراهين والدلائل الواضحة وبالرغم من ذلك فهم يرتكبون المحارم

 

إن جزاء الذين يكفرون ويقطعون الطريق ويخوفون السبيل أن يقتلوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو يصلبوا أو ينفوا من ارضهم ولإمام المسلمين الخيار فى أمره

وهذا من العار والذل والشر ( الخزى ) لهم بين الناس مع ما أخر لهم الله من عذاب جهنم  يوم القيامة

 

 

أما الذين تابوا قبل إقامة الحد عليهم بالعقوبه فإن الله غفور رحيم ولا يقام عليهم الحد

الآيات 35 ـ 37

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ     *إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ  *يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ )

 

يقول تعالى للمؤمنين أن يتقوه وتقربوا إلى الله بالطاعات وحاربوا فى سبيل رفع كلمة التوحيد والطاعة لله

والوسيلة هى الطرق للتقرب إلى الله

وقيل أنها علم فى أعلى درجات الجنة ومعناها تقربوا لتحصلوا على أعلى درجات فى الجنة

وهؤلاء الذين كفروا لو أن لأحدهم ملء الأرض ذهبا وجاء به يوم القيامة ليفتدى نفسه ما تقبل منه ، وله العذاب المؤلم فى جهنم

يحاولون أن يتخلصوا من العذاب ولكن بلا فائدة فهم مخلدون فى النار والتعذيب

 

الآيات 38 ـ 40

 

(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ    *فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ  *أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )

 

وضع الله حدا للسارق أو السارقة وهو أن تقطع يده اليمنى ، وذلك إذا سرق بحد أدنى مقدار ربع دينار فقد قال صلى الله عليه وسلم " تقطع يد السارق فى ربع دينار

 فصاعدا "

وذلك نتيجة ما كسبا حراما ومجازاة على فعلهما

فمن سرق بيده تقطع يده تنكيلا له على ما فعل والله قوى عزيز وحكيم فى انتقامه وشرعه

والذى تاب بعد سرقته فإن الله يقبل توبته ولابد عليه من رد ما سرق

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أما بعد .. فإنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وإنى والذى نفسى بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها "

 

ويقول تعالى : إن الله هو مالك كل ذلك ولا معقب لحكمه يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء

 

الآية 41

 

( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ )

 

نزلت هذه الآيات فى الكفار الذين يسارعون فى الكفر الذين يقدمون آراءهم على طاعة الله ورسوله ( من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ) فهم منافقون يقولون ما ليس بقلوبهم .

 

وكذلك  أعداء الإسلام والمسلمين ( ومن الذين هادوا ) وهؤلاء جميعا ( سمّاعون للكذب سمّاعون لقوم آخرين ) فهم لايستجيبون للرسول ولكن يستجيبون لأقوام أخرى لم تأت مجلس الرسول وينقلون الكذب لأقوام أخرى .

 

يتأولون كلام الرسول على غير تأويله ( يحرفون الكلم من بعد مواضعه ) ويبدلونه وفقا لأهوائهم .

 

( يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ) وهؤلاء هم اليهود الذين بدلوا كتاب الله ومسحوا منه وكتبوا بأيديهم وحرفوه فكانوا يتحاكموا إلى الرسول وما يحكم به لصالحهم يأخذوه وما لا يوافقهم يتركونه

 وقد كانت الحادثة التى نزلت فيها الآية هى :

 

أن اليهود وجدوا حد الرجم للزانى المحصن فى التوراة ، فكانوا إذا زنى الضعيف رجموه وإذا زنى الشريف تركوه ، ثم اتفقوا على أن يقيموا حلا وسطا بينهما وقرروا أن يكون الحد لكلاهما أن يكتفوا بالجلد والتعنيف ويركبوه على حمار بالمقلوب ويطاف به

ثم زنا رجل وامرأة يهوديين بعد الهجرة ، فقالت اليهود نحتكم إلى الرسول فإن حكم بالرجم لا نطيعه وإن حكم بالجلد والتعنيف اتبعنا ما قال

فذهبوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال لهم : " ما تجدون فى التوراة فى شأن الرجم ؟ "

فقالوا : نفضحهم ونجلدهم

قال عبد الله بن سلام ـ وهو يهودى أسلم ـ : كذبتم إن فيها الرجم

 فأتوا بالتوراة وفتحوها فوضع أحدهم يده على آية الرجم وقرأ ما قبلها وما بعدها

فقال له عبد الله بن سلام : ارفع يدك

فقرؤها فكانت حد الرجم ، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بهما فرجما

 

ونزلت فيهم الآية 41

 

ثم يقول عنهم الله ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ، ويقول : (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) إن الذين لم يحكموا بما أمر الله فهم كافرون وظالمون

ويقول عن الكفار كلهم أنهم فاسقون

(ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون )

وبالطبع اليهود مأمورون باتباع محمد صلى الله عليه وسلم ولكن الله أمره بأن يحكم بينهم بما ورد فى التوراة ليثبت لهم أن التوراة حق وهم حتى لا يتبعونها لظلمهم وكفرهم بها .

ثم قال تعالى فيهم : هؤلاء الذين وقعوا فى الفتنة ولا يريد الله هدايتهم ولهم العذاب الأليم الشديد فى الدنيا والآخرة

 

الآيات 42 ـ 44

 

(  سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَاؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ  * وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ  *إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) .

 

يقول الله عنهم هؤلاء يسمعون الباطل بدقة ( سمّاعون للكذب )  ويأكلون الحرام والرشوة ( السحت ) فكيف يستجيب لهم الله ، فإن جاؤك يا محمد لتحكم بينهم فاحكم بينهم وإن أردت أن لا تحكم فلا تفعل فهذا لا يضرك منه شئ

وإن حكمت فاحكم بينهم بالعدل ( بالقسط ) حتى لو كانوا لايلتزمون به لأن الله يحب العادلين .

ثم انظر كذبهم وظلمهم ، فهم قالوا أنهم يستمسكون بالتوراة ويتبعون ما جاءت به ثم إنهم لمصلحتهم تركوها وجاؤك لتحكم بينهم وهؤلاء ليسوا بمؤمنين

 

وهذه التوراة فيها حكم الله وشريعته التى انزل على نبيه موسى التى حكم بها موسى والأنبياء من بعده لا يخرجون عما بها ولا يحرفونه وكذلك الربانيون والعباد من الصالحين والأحبار وهم العلماء وذلك بما ( اسحفظوا ) استودعوا بكتاب الله وأمروا بالعمل به وكانوا شهداء على ذلك

فلا تخافوهم وخافوا الله وأطيعوه

والذين يحكمون بغير ما أنزل الله من أهل الكتاب ويخفونه فهم كافرون بفضل الله .

 

الآية 45

 

( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )

 

وهنا توبيخ لليهود فعندهم بالتوراة الأحكام والحدود واضحة ولكنهم عمدوا إلى تغييرها وفقا لأهوائهم وعنادا وبذلك كانوا ظالمون لأنهم لم ينصفوا المظلوم بهذا التغيير .

ومن عفا عن حقه وتصدق به فذلك كفارة للجانى فيرفع عنه القصاص وأجر للمجن عليه من الله .

 

الآيات  46 ـ 47

 

(  وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ * وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )

 

( وقفينا ) وأتبعنا أنبياء بنى إسرائيل بعيسى ابن مريم ليؤكد ما هو بالتوراة ويحل بعض ما كان حرم على اليهود وكان اإنجيل هدى ونور لإزالة الشبهات وحل المشكلات ومتبعا للتوراة ليس مخالف لها وهو زاجر لمرتكبى المحارم وموعظة للمتقين

ثم يؤكد أن الإنجيل لابد من أن يتبع ومن ما جاء به الإيمان بمحمد المبشر به فى التوراة والإنجيل

ومن لا يتبع ما فيه من أحكام فهو فاسقا خارجا على طاعة الله مائلا إلى الباطل

 

الآيات 48 ـ 50

( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّه مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ )

 

ذكر الله كلا من التوراة والإنجيل وهنا يذكر القرآن العظيم بأنه الحق والصدق الذى لا ريب فيه ويصدق على ما سبقه من الكتب ويؤكد ما جاء بها من تبشير بقدوم محمدا صلى الله عليه وسلم

ومهيمنا أى شهيدا على ما كان بها فما يوافقه فهو الحق وما خالفه فهو باطل

 

ويأمر الله رسوله بأن يحكم بما أنزل الله فى كتابه ولا تتبع ما تمليه أهواءهم ومصالحهم ولا يصرفك جهلهم عن الحق

 

ولكل أمة كانت منهجا وشرع إنما تتفق جميعها فى عقيدة التوحيد

 

وقد جعل الله اختلاف الشرائع بما يناسب القوم والأزمنة ولو أراد الله لجعل الناس أمة واحدة ولكن شاءت قدرته فى هذا الإختلاف ليختبر كل أمة فيما جاءها من شرع

 

فعلى الناس أن تتسابق فى فعل الخيرات واتباع ما جاء بالقرآن والمرجع والمصير إلى الله يوم القيامة

ويخبر الله الأمم فيما اختلفوا فيه يوم القيامة

ثم يؤكد الله على نبيه بضرورة الحكم بما أمر الله والحذر من اليهود أن يكذبون على الرسول صلى الله عليه وسلم فهم خونة

 

وإن خالفوا ما تحكم به بينهم فالله يقدر عليهم ويصيبهم بذنوبهم بأن يصرفهم عن الحق لأن أكثرهم خارج عن طاعة ربه

 

فهم يريدون حكم مثلما كان يحكم الناس فى الجاهلية بالضلالة والجهل ولكن ما أعدل حكم الله لمن كان له عقل وأيقن أن الله أحكم الحاكمين

 

الآيات 51 ـ 53

 

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ )

ينهى الله عباده المؤمنين عن موالاة اليهود والنصارى ومحاباتهم فى السر والعلانية

ويحذر بأن بعضهم أولياء لبعض

ويقول من يتولهم من المسلمين فهو منهم ومثلهم

والله لا يهدى الظالمين

 

ويقول عن بعض المسلمين الذين يسارعون فى موالاتهم بأن فى قلوبهم مرض فهم يقولون إننا نواليهم حتى إذا أصابتنا مصيبة من اليهود والنصارى يكون من توددنا إليهم معينا لنا على أعدائنا ، وهذا مرض وضعف فى قلوبهم

ويطمئنهم الله بأن النصر على هؤلاء من عند الله ويصبح هؤلاء نادمين على معصية الله

 

ويصبح المؤمنين يقولون أهؤلاء الذين توليتموهم انسلخوا عنكم وأصبحتم خاسرين نادمين وحبط عملكم عند الله

 

الآيات 54 ـ 56

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ  *إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ )

 

يقول الله أنه له قدرة على استبدال من يتراجع عن نصرة دينه وإقامة شريعته بآخرين يحبهم ويحبونه ويجاهدون من أجل رفعة كلمة الله والتوحيد وإقامة الشرع وهم أشد بأسا وقوة وأصلح طريقا

يكونوا أشد رحمة بالمؤمنين وأشد تنكيلا لأعداء الله

ولا يخشون فى سبيل ذلك عدوا ، وهذا من فضل الله الذى ينعم به على من أحب

والله علمه يسع كل شئ

 

والمؤمنين أولياءهم الله ورسوله والمؤمنين وهم يطيعون الله ويقيموا الصلاة ويؤدون الزكاة فى رضا بأمر الله لهم وهؤلاء هم حزب الله وأولياءه وهم الغالبون المنتصرون فى الدنيا والآخرة

 

 

الآيات 57 ، 58

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ  *وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ )

 

وهنا ينفر الله من أعداء الله وشريعته

فالمشركون وأهل الكتاب من اليهود والنصارى يهزأون من شرع الله ومن الصلاة التى هى أشرف ما فى الشريعة ويسخرون من المؤمنين لأنهم أناس ليس لديهم عقل يحكمونه ... فلا تتخذوا منهم أحباء وأولياء وذلك من تقوى الله .

 

الآيات 59 ـ 63

                    

(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ  *قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ  *وَإِذَا جَاؤُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَقَد دَّخَلُواْ بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ  *وَتَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ  *لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ )

 

يا محمد قل لهؤلاء الذين اتخذوا دينكم هزوا من أهل الكتاب هل تعيبون علينا أننا آمنا بالله وبالرسل وما أنزل علينا من القرآن وما أنزل على الذين من قبلنا من كتب ورسل

هذا فقط الذى تتخذونه علينا وهذا ليس بعيب ولكن أنتم الفاسقون الخارجون على الطريق المستقيم

 

ثم قل لهم هل أخبركم بأكثر شرا من ذلك عند الله يوم القيامة

هو أنكم ملعونون خارجون من رحمة الله ولا يرضى عنكم ، وقد مسخ منكم قردة وخنازير وجعل منكم من عبد الطاغوت ( والطاغوت هو كل ما يعبد من غير الله )

 

ولقد أضل الله منكم كثيرين وهذا هوالشر بعينه

 

وهؤلاء المنافقين الذين يظهرون الإيمان وفى قلوبهم الكفر دخلوا كمسلمين يا محمد ولكن يخرجون من عندك وقلوبهم مطوية على الكفر لم ينتفعوا بعلم ولا موعظة ولا زجر

والله يعلم سرائرهم وسيجزيهم بما عملوا

هؤلاء يسارعون فى المعصية وأكل ما حرم الله بالباطل وبئس عملهم هذا

ألم ينهاهم الأحبار أهل الدين والعلماء الربانيون عن فعل ذلك

لو أطاعوا لكان خيرا لهم ، فإن هؤلاء باطل عملهم

 

الآيات 64 ـ 66

 

(وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ  *وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ  *وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ )

 

يخبر الله تعالى عن اليهود لعنهم الله إلى يوم القيامة بأنهم قالوا إن الله بخيل ( يد الله مغلوله ) ووصفوه بالفقر وأنهم أغنياء

ورد الله عليهم قولهم ولعنهم فهم الذين بخلوا وهم الفقراء وهم الأذلة والحاسدين والحاقدين

إن الله واسع الفضل وواسع العطاء يعطى من يشاء وخزائنه مملوءة بالخير لجميع الخلائق

وما أنزل إليك يا محمد هو نقمة لليهود وأمثالهم فما يزيد أتباعك من خير فهو يزيد الكافرين حسدا لكم ويزيدهم كفرا وطغيانا وتكذيبا

وقلوبهم لا تجتمع وإنما تسرى بينهم العداوة والكره والتفرقة بينهم ولا يجتمعون على حق

وكتب الله عليهم كلما دبروا ليكيدوا لك ولأتباعك رد الله عليهم كيدهم

فهم من طبعهم الفساد فى الأرض والله لا يحب المفسدين

 

ثم يقول يا أهل الكتاب لو أنكم آمنتم واتقيتم الله ونفذتم تعاليم التوراة والإنجيل والقرآن لكان ذلك لكم خيرا ويكفر الله لكم ذنوبكم ويدخلكم جناته وقادكم ذلك إلى الرزق الوفير من الأرض ( تحت أرجلهم )  ومن السماء ( من فوقهم ) بلا عناء ولا شقاء

ثم يقول تعالى أن من أهل الكتاب مصلحون ولكن الكثيرين خارجون عن الطريق المستقيم

 

الآية 67

 

(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ )

يخاطب الله رسوله ويحثه على عدم الخوف وتبليغ ما أنزل الله للناس جميعا وأن الله يتعهده بالرعاية والحفظ من شرورهم وناصره عليهم

ويحذره لو أنه كتم شيئا من القرآن فهو بذلك لم يكن قد قام بتبليغ الرسالة

 

فعليك البلاغ وعلى الله الهداية وهو لا يهدى الكافرين الذين يخفون ما أنزل الله

 

الآيات 68 ، 69

 

(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ )

 

يأمر الله نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم بأن يقول لأهل الكتاب من اليهود والنصارى أنهم ليسوا على الدين من شئ حتى يؤمنوا بكل ما فى أيديهم من التوراة والإنجيل ويعملوا بكل ما فيه من طاعة وتصديق بمحمد وإتباعه كما أمرهم والعمل بشريعته وكذلك الإيمان بالقرآن الذى أنزل إليهم من الله

 

ويؤنب الكافرين منهم أن ما أنزل إليهم يزيدهم كفرا وظلما

فلا تحزن عليهم يا محمد

 

ويقول أن الذين آمنوا وهم المسلمون والذين هادوا وهم حملة التوراة والصابئون وهم طائفة من النصارى والمجوس الذين ليس لهم دين والذين يعبدون الملائكة والذين يقرؤن الزبور وكل فرقة من هؤلاء الذين آمنوا بالله وعملوا صالحا لا يقبل منهم إلا إذا آمنوا بمحمد وتوافق شرعهم مع شرع الإسلام وفى هذه الحالة لا خوف عليهم ولا هم يحزنون على ما فعلوا من قبل

 

وكان سبب النزول كما أوضحنا من قبل فى سورة البقرة أن :

 

سأل سلمان الفارسى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوم قد عاش بينهم فى زمن الفترة

( قبل بعث الرسول ) وكان يظن انهم من أهل النار

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : الآية ، إذ يبشر الله المؤمنون منهم والذين عاهدوهم بإيمان بدون أن ينقضوا عهودهم ، والمؤمنون من النصارى قبل البعثة ، والصابئين ( أى الخارجين على دينهم منهم من عبدة الكواكب ودخلوا الإسلام ) والذين آمنوا منهم بالله واليوم الآخر والمعتنقين لملة إبراهيم عليه السلام وعملوا صالحا لله بأن لهم الجنة ولا خوف عليهم .

الآيات 70 ـ 71

(لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُواْ وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ *وَحَسِبُواْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ )

يذكر الله تعالى أنه أخذ على بنى اسرائيل العهود والمواثيق بالسمع والطاعة لله ورسوله ولكنهم نقضوا عهودهم واتبعوا أهواءهم وخالفوا الشرع وقتلوا أنبياءهم

ثم تاب عليهم الله ولكنهم عادوا لما هم عليه ولا فائدة منهم

والله يعلم من يستحق الهداية ومن لا يستحق إلا الغواية منهم  ويرى ما يفعلون .

 

الآيات 72 ـ 75

 

(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ  *لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ  *مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ )

 

يصرح ويعلن الله بأن من قال أن عيسى ابن مريم ابن الله أو هو الله أو كما يدّعون ثالث ثلاثة فهو كافر

لقد قال المسيح بأنه عبد الله ورسوله وأمر أتباعه بعبادة الله وحده وأنه من يشرك بالله فمصيره إلى النار والحريق

فلا يوجد للكون إلا خالق واحد ولا إله إلا الله

ويحذرهم الله إن لم يتراجعوا عن قولهم الزور فى حق الله وحق عيسى ابن مريم ليعذبهم عذابا شديدا

وأولى بهم أن يتوبون إلى الله ليغفر لهم بدلا من أن يتقولوا من عند أنفسهم ما لم ينزل به الله سلطانا

إن عيسى ابن مريم خلقه الله كما خلق آدم وأنه وأمه المصدقة بالله المؤمنه به و كانا بشرا يأكلان الطعام ويمشون فى الأسواق ومثله كمثل الرسل التى أرسل الله من قبله ومن بعده

 

انظر يا محمد كيف نوضح لهم البينات فإلى أين يذهبون بأفكارهم وينصرفون

( يؤفكون ) بعيدا عما يبين الله لهم

 

الآيات 76 ـ 77

(قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ *قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ )

 

يا محمد قل لمن يعبدون الأصنام والنصارى وغيرهم ممن يعبد غير الله كيف تعبدون من لايملك لكم نفعا ولا ضرا ولا يملك لكم ولا لنفسه شيئا

بالرغم من أن الله هو السميع العليم

ثم يقول لأهل الكتاب لا تتجاوزوا فى دينكم الحد ولا تبالغوا فى تعظيم عيسى ابن مريم فتخرجوه عن حيز النبوة إلى مقام الألوهية فتضلوا عن الطريق المستقيم إلى الضلال

 

الآيات 78 ـ 81

 

(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ *كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ *ترَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ *وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّه وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ )

 

يخبر الله تعالى أنه لعن وأخرج من رحمته الكافرين من بنى إسرائيل منذ زمن أن أرسل داود نبيه وعلى لسان عيسى ابن مريم لأنهم عصوا الله واعتدوا على أنبياءه وخلقه

فلم يكن منهم أحد إلا ارتكب الجرائم والمحارم وهذا أسوأ ما كانوا يعملون

وكانوا يتخذون من المنافقين أولياء وهذا أعقبهم نفاقا فى قلوبهم وسخط الله عليهم وحكم عليهم بالعذاب الخالد فى النار

 

ولو كانوا اتخذوا من المؤمنين أولياء وآمنوا بالله والرسول لكان خيرا لهم ولكنهم اتخذوا الكافرين أولياء وخرجوا عن طاعة الله ورسوله

 

الآيات 82 ـ 86

 

(لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ * وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ * فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ )

ولأن كفر اليهود كفر عناد وجحود فهم أشد عداء للمسلمين وكذلك المشركون فهم قتلوا الأنبياء وبدلوا فى التوراة وحاولوا قتل محمد صلى الله عليه وسلم وسحروه وألبوا عليه المشركين .

أما من قالوا عن أنفسهم أنهم نصارى وهم فى الحقيقة زعموا فى عيسى غير الحق ولكنهم يظنون بأنفسهم الإيمان وقلوبهم بها رأفة بسبب رهبانيتهم ( رهبان تعنى بقلوبهم رهبة وخوف من الله ) والقتال ليس مشروعا فى ملتهم ولا يستكبرون على الخضوع لله برغم عدم فهمهم لصفاته ، هذا يجعلهم أقرب مودة للمسلمين .

 

والبعض منهم إذا سمعوا القرآن تتأثر قلوبهم وتفيض أعينهم دمعا بما عرفوا من تبشير بقدوم محمد ويقولون نشهد بصحة هذا ونؤمن به وننقاد مع المؤمنين

ويقولون هذا حق ويجب علينا الإيمان به وهذا الصنف يعتبر مؤمنا وقال فيه الله من قبل لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ويدخلهم الله جنته .

 

أما من كفر وكذب فله عذاب جهنم .

 

الآيات 87 ـ 88

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّبًا وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِيَ أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ )

 

قالت عائشة رضى الله عنها : أن ناسا من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبى صلى الله عليه وسلم عن عمله فى السر

فقال بعضهم : لاآكل اللحم

وقال بعضهم : لا أتزوج النساء

وقال بعضهم : لا أنام على فراش

فبلغ ذلك النبى  صلى الله عليه وسلم فقال : " ما بال أقوام يقول أحدهم كذا وكذا ، لكنى أصوم وأفطر ، وأنام وأقوم ، وآكل اللحم ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتى فليس منى " .

 

ونزلت الآية الكريمة فى هذا المعنى

يأمر الله المؤمنين بأن يحلوا ما أحل الله مع عدم الإسراف وتعدى الحدود فى تناول الحلال والله لا يحب تجاوز الحد فى كل شئ

 

الآية 89

 

(لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )

 

اللغو فى اليمين هى قول والله .. والله فى الحديث بغير قصد القسم بالله

وهذا لا يحاسب عليه الله بأنه قسم وإنما يحاسب الله على ما كان منه مقصود القسم بالله والتصميم عليه

 

وإذا لم تبرون بالقسم فالكفارة هى إطعام عشرة فقراء من أوسط ما تطعمون ( فمثلا أن يطعم عشرة خبز ولحم فى أكلة واحدة ) ، أو كسوتهم أو عتق عبد ( وهذا غير متوفر الآن ) وإذا لم يقدر المكلف على ذلك فعليه صيام ثلاثة أيام ليكفر عن سقوط يمينه

 

ومن الأفضل حفظ الأيمان وعدم القسم .

 

الآيات 90 ـ 93

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ * وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ * لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )

 

ينهى الله عباده عن تعاطى الخمر ولعب القمار والأنصاب وهى الحجارة التى كانوا يذبحون عندها والأزلام وهى كئوس الإستخارة التى كانوا يستقسمون بها

ويقول الله أن ذلك كله من عمل الشيطان ليوقع العداوة والبغضاء بين المؤمنين وينهاهم عن الصلاة وذكر الله

ثم يقول ( فهل أنتم منتهون ) تهديدا لمن لم يتراجع عن ذلك

 

والشطرنج نوع من هذا القمار وحرمه العلماء

ويقول أطيعوا الله والرسول وعلى الرسول البلاغ والله يحب المتقين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وهنا جدير بنا أن نتعرض للأحاديث فى تحريم الخمر: ـ

 

*  قال عمر بن الخطاب فى خطبته على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم : "

أيها الناس إنه نزل تحريم الخمر وهى من خمسة : العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير ، والخمر ما خامر العقل .

 

ما خامر العقل هذه تفتح آفاقا لكل ما عرف وقت الرسول صلى الله عليه وسلم وعمر

وكل ما يخامر العقل وقتنا مما لم يعرفه عمر يشمل السجائر والبانجو والحشيش ودواء الكحة الكثير الممتلئ بالكحول والعسل والمكيفات بجميع أنواعها

 

* كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم صديق من ثقيف لقيه يوم الفتح براوية خمر يهديها إليه فقال صلى الله عليه وسلم : " يا فلان أما علمت أن الله حرمها ؟ " فأقبل الرجل على غلام له فقال : اذهب فبعها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يافلان بماذا أمرته ؟ " فقال : أمرته أن يبيعها قال : " إن الذى حرم شربها حرم بيعها " فأمر بها فأفرغت فى البطحاء ( الأرض )

 

*  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لعنت الخمر على عشرة وجوه ، لعنت الخمر بعينها وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها " .

 

*  قال صلى الله عليه وسلم : " من شرب الخمر فى الدنيا ثم لم يتب منها حرمها فى الآخرة " .

* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن ، ولا يسرق سرقه حين يسرقها وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن " .

 

الآيات 94 ، 95

 

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ )

 

يقول تعالى :

يا من آمنتم بالله اتبعوا ما أحل وابتعدوا عما حرم

فإن الله يختبركم ليعلم الصالحين من العاصين

بأن تنال أيديكم وتمسكون بصغار الطير وفراخه وتنال رماحكم الكبير منه

فلا تقتلوا هذا الصيد وأنتم محرمين

 

ومن قتله عمدا ومعصية لله فجزاء له أن يقدر ثمن ذلك الطير وتشترى أمتعة توضع بالكعبة لإطعام الفقراء

 

ومن لم يجد فعليه بالصوم ليذوق ( وبال ) عقوبة ما فعل

ومن فعل ذلك قبل دخوله فى الإسلام فالله يعفوا عما فات ومن عاد بعد اسلامه فعليه العقوبة وينتقم منه الله

 

وقد أحل رسول الله قتل خمس من الدواب للمحرم وهى : الغراب والحدأة والعقرب والفأر والكلب العقور ( المسعور ) وأضاف إليهم العلماء الحية ولم يذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه من البديهى ضرورة قتلها فهى أشد ضررا مما ذكروا

 

الآيات 96 ـ 99

 

(أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * اعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ )

 

صيد البحر : الأسماك الطرية

طعامه : ماهو يابسا أو مملحا ـ أو ميتا

السيارة : المسافرون

وقد أحل الله صيد البحر أو ما يؤكل منه أما صيد البر فهو حرام للمحرم

ويأمر الله الناس بالتقوى فى ذلك ولا تنسون أنكم تجمعون إلى الله يوم القيامة

 

وقد وقد جعل الله الكعبة البيت الحرام قواما للناس الذين ليس لهم قوام ـ ( أى رئيس يمنع قويهم عن ضعيفهم أو مسئ يمنع عن المحسن أو ظالم يمنعه عن مظلوم )

وجعل الهدى والقلائد وهى ما ذكرت من قبل فى بداية السورة ليعلم الناس أن الله عليم بخبايا الأمور وما هو كائن فى السموات أو فى الأرض وهو معذب من عصاه وغفور لمن تاب وأصلح

 

ويهدد الله العاصين من الناس بأن ليس على الرسول إلا البلاغ والله هو معذب من يسئ ، ويعلم كل ما يفعل الناس فى السر والعلانية

 

الآيات 100 ـ 102

 

(  قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللَّهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ * قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ )

 

قل يا محمد للناس أن القليل النافع خير من الكثير الحرام الضار

يا أصحاب العقول السليمة اتبعوا ما أحل الله وابتعدوا عن الحرام وهذا فيه فلاحكم فى الدنيا والآخرة

 

وينهى الله المؤمنين عن السؤال عما لا يفيدهم والبحث عن أشياء لا قبل لهم بتحمل أذاها لو عرفوها

وكان أيضا من أسباب هذا النهى أن بعض المنافقين كانوا يسألون الرسول أسئلة ليهزؤا منه فنهاهم الله بهذه الآية لأن فى استهزائهم شر لهم

ويقول هناك أقوام تسأل عن أشياء لو أنها وضحت لهم لكان فيها أذاهم

 

ويقول اصبروا لأن ما تسألوا عنه ينزل به الوحى بالقرآن ويوضحه لكم الله

 

ولا تسألوا أشياء ربما تضيقون على أنفسكم بالسؤال كما فعلت اليهود عند سؤالهم عن البقرة التى أمروا بذبحها فلو كانوا ذبحوا أية بقرة لكانوا أدوا الغرض ولكنهم شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم

 وكانوا يسألوا رسولهم وإذا أوضح لهم يكفروا فيعذبهم الله بتكذيبهم

 

الآيات 103 ـ 104

 

(مَا جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَائِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ )

..............................................

البحيرة :  هى التى لايحلبها الناس ويمنعوها للطواغيت

            وقيل ( الناقة تنتج خمسة أبطن فإذا كان الخامس ذكر ذبح ويأكله الرجال فقط وإن كان أنثى تقطع جزء من أذنها ويقال بحيرة )

 

الطاغوت :  كل ما يعبد من دون الله

 

السائبة :  الدابة لا يحمل عليها شئ وتترك للآلهة 

          وقيل ( الغنم تلد ذكر ثم بعد ستة أولاد على نفس هيئة الأول فالسابع إذا كان ذكرا يذبح ويأكله الرجال فقط )

           وقيل كذلك ( الناقة تلد عشر إناث ليس بينهن ذكر تسيب ولا تحلب إلا للضيف ولا يجز وبرها

الوصيلة :  الناقة البكر ( الأولى لأمها ) التى تلد ثم تلد الثانى أنثى ـ  وهذه                                                               كانت تسيب للطواغيت

أو تصل الأول بالثانى أنثى

الحام :  ذكر الإبل يحمل عليه عددا من المرات المعدودة ثم لا يحمل عليه شئ ويسمى حام ويترك للطواغيت

 

وقد شرع هذه الشرائع عمرو بن لحى بن قمعة أحد رؤساء خزاعة الذين تولوا رعاية البيت الحرام بعد قبيلة جرهم وكان أول من غيّر شريعة إبراهيم عليه السلام وأدخل الأصنام البيت وشرع لها هذه الأنواع من الأنعام تقربا للأصنام

 

وهذا افتراء على الله كذبا وهم لا يعقلون

وإذا قال لهم الله ورسوله اتقوا الله قالوا نحن نعبد ونتبع ما كان آباؤنا يعبدون بالرغن من أن آباءهم خاطئون

 

الآيات 105

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )

 

يأمر الله المؤمنين بإصلاح أنفسهم ويجتهدون بالخير ما عليهم غير الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فقط

ولا يضرهم فساد غيرهم بشئ

وجميعا مرجعهم إلى الله ويحاسب كلٌ بعمله

 

الآيات 106 ـ 108

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الآثِمِينَ * فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ * ذَلِكَ أَدْنَى أَن يَأْتُواْ بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُواْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُواْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ )

 

يخبر الله إذا أشرف على أحد الموت وأحب أن يوصى وصية فيكون هناك اثنان للشهادة بما يوصى به ( شهادة بينكم )

ويكونا عدلين ( منكم ) من المسلمين

( أو آخران من غيركم ) من غير المسلمين من أهل الكتاب

وذلك إن كنتم مسافرين ( إن أنتم ضربتم فى الأرض )

وهنا يجوز شهادة أهل الكتاب عند هذان الشرطان فقط وهما عند السفر وعند الوصية ولا يوجد مسلمين

ويقام الشاهدان بعد صلاة العصر ويجتمع الناس ويحلفان بالله على ما شهدوا

ولكن إذا علم أنهما خائنان أو سرقا ( إن ارتبتم )

ويقولان :

( لا نشترى به ثمنا ) : لا نستعيض بقسمنا رغبة فى الدنيا الزائلة

ونشهد حتى لو كان المشهود عليه قريب لنا

ولا نكتم ولا نغيرشهادتنا بالله

ولو فعلنا نكون وقعنا فى إثم

 

ولو ظهر أن الشاهدان وقعا فى إثم فالآخران يقولان :

" نقسم بالله أن قولنا أحق وأصح وأثبت من شهادتهما السابقة وما قلنا ليس به خيانة ولو كذبنا عليهما نكون من الظالمين "

 

وبذلك تكونوا أتيتم الشهادة على الوجه المرضى من تحليف الذميين عند الشك بهما وأقرب لأداء الشهادة على وجهها

 

( أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم ) : يكون الدافع لهم على الإتيان بالشهادة على وجهها هو تعظيم الحلف بالله والخوف من الفضيحة بين الناس إذا ردت أيمانهم فيعرف أنهما وقعا فى إثم

 

ويوصى الله بالتقوى فى الشهادة ويقول أنه لا يهدى الفاسقين الخارجين عن طاعته واتباع شريعته

 

الآية 109

 

(  يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ )

ويوم القيامة يجمع الله الرسل ويخاطبهم فيما أتوا به لأممهم الذين أرسلهم إليهم

وتقول الرسل من شدة رهبة يوم القيامة : ربنا أنت تعلم الغيب ولا علم لنا إلا ما علمتنا وليس لعلمنا بالنسبة لعلمك يساوى شئ .

 

الآيات 110 ـ  111

 

(إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ * وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُواْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ )

 

وهنا مخاطبة الله لعيسى ابن مريم :

يذكر الله عيسى ابن مريم بأنعمه عليه مما أجرى على يديه من معجزات وتأييد

 

فقد خلقه بغير أب وجعل آيات الله تجرى عليه وعلى والدته مريم بأن جعله ينطق فى المهد ليبرئ أمه مما نسب إليها من فاحشة

 

وأيده بجبريل ( الروح القدس )

 

وجعله نبيا منذ الصغر داعيا إلى الله وهو صغير وهو كهلا وكلم الناس

 

وجعل الحكمة تسرى بلسانه

 

وعلمه ( الكتاب والحكمة ) : الكتابة والفهم

 

وعلمه التوراة والإنجيل

 

وجعله يصور من الطين على هيئة طيرا ثم ينفخ فيه فيصير طيرا بإذن الله

 

ويشفى مريض البرص وينطق الأكمه الأخرس بإذن الله

 

ويدعوا الأموات من قبورها فتحيا بقدرة الله

 

وكف أذى بنى اسرائيل عنه الذين سعوا فى قتله وكفروا وقالوا عنه ساحر

 

وأوحى لأتباعه من الحواريين بالإيمان به والإسلام لله

 

 

الآيات 112 ـ 115

 

(إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاء قَالَ اتَّقُواْ اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ * قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ * قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ )

 

ويقص الله لنا قصة المائدة :

 

قال اتباع عيسى ابن مريم ادع لنا الله ينزل لنا مائدة من السماء كل يوم لنأكل منها ونعلم أنك صادق فيما تقول لنا

 

فقال لهم اتقوا الله لعلها تكون فتنة لكم وتوكلوا على الله فى الرزق لو كنتم مؤمنين

ولكنهم قالوا نريد مشاهدتها نازلة من السماء لنزداد إيمانا بك وبرسالتك ونشهد أنها آية من الله ودليل نبوتك

 

فدعا عيسى الله وقال اللهم أنزل علينا المائدة من السماء لنتخذ هذا اليوم عيدا لنا نعظمه نحن ومن بعدنا ودليلا منك على قدرتك وإجابتك لدعائى فيصدقونى فيما أبلغهم عنكوارزقنا بلا تعب من عندك فأنت خير رازق

 

قال لهم الله سأنزلها عليكم ولكن من كذب بها من أمتك يا عيسى سنعذبه عذابا لم يتعذبه أحد من زمانكم

وأنزل عليهم المائدة كل يوم وكانوا يأكلون منها

 

الآيات 116 ـ 118

 

(وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )

 

يخاطب الله رسوله يوم القيامة إحقاقا للحق قائلا له هل أنت قلت لهم يا عيسى اتخذونى وأمى آلهة

 

وهذا توبيخ للكافرين الذين قالوا ملا يحدث به الله ورسوله على رؤوس الأشهاد يوم القيامة

 

فيقول عيسى ابن مريم تنزهت اللهم عن ذلك وليس لى أن أقول إلا الحق

 

لو كنت قلت ذلك فأنت تعلم ما أقول ولا يخفى عليك شئ

 

لقد قلت لهم اعبدوا الله ربى وربكم ولم أقل إلا ما أرسلتنى به

 

وكنت شهيد عليهم طالما كنت بينهم ولكن عندما توفيتنى كنت أنت الرقيب عليهم والشهيد

 

والأمر يرجع كله إليك إن تعذبهم فهم عبادك وإليك يرجع التصرف وإن تغفر لهم فأنت الغفور الرحيم القوى على أمرك حكيم فى أفعالك

 

الآيات 119 ـ 120

 

(  قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )

 

ويجيب الله رسوله وعبده عيسى ابن مريم فيما قاله متبرئا من النصارى الملحدين الكاذبين على الله فيقول له  :

 

إن اليوم ينفع الموحدين الصادقين توحيدهم وثوابهم الجنة ماكثين فيها خالدين يرضى الله عنهم ويرضون عنه وهذا فوز عظيم

 

ولله ملك السموات والأرض وما فيهن وكل شئ مرجعه إلى الله وهو المتصرف فيه وهو قاهر كل شئ ولا نظير له ولا ولد ولا صاحبة ولا إله غيره .

 

                                                                    تمت بحمد الله تعالى .