مــــرحــــــباَ بـــأحـبـــاب الله مــعــاَ

في طريق الجنة


الأربعاء، 29 سبتمبر 2021

تفسير سورة الرعد

 


بسم الله الرحمن الرحيم

الآية 1

)
المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِيَ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ )
المر: الحروف المقطعة فى بدايات السور كما شرحنا من قبل وهى :

قال فيها العلماء عدة أقوال :

1 ـ أن هذا القرآن بنفس حروف الهجاء بلغة العرب ، حتى ينتبهوا لما ينزل من السماء على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه يحدثهم فى امور دنياهم وأخراهم

2 ـ أن هذا القرآن ينزل بنفس حروف الهجاء للغتهم ولم يفهموا معناها بالرغم من براعتهم فى استخدام اللغة

3 ـ ويتحدى البلغاء منهم أن يأتوا بسورة مثلها ، أو آية

فهو أداة إعجاز كما كانت العصاة أداة إعجاز موسى

4ـ عندما يحدث البلغاء بحروف لم يفهموها فهذا يجذب الأنتباه

فكأنه يقول ( انتبهوا فالأمر جد خطير)

تلك آيات الكتاب : وهذا القرآن آيات الله لعباده
والذى أنزل إليك من ربك الحق : وهذا هو الصحيح يا محمد
ولكن أكثر الناس لا يؤمنون ) : ولكن مهما حرصت فإن كثير من الناس لا يؤمنون بسبب عنادهم وظلمهم ونفاقهم )

 

الآية 2 ... الرعد

(اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ )

    
يخبر الله عن عظمة قدرته فى خلق السموات فقد رفعها كالقبة حول الأرض من جميع الجهات بقدرته بدون أعمدة
ثم استوى على كرسيه وليس كاستواء البشر وإنما يعلم الله الكيفية
والسموات تحاط بالبحر المسجور ويحاط البحر بالعرش والكرسى على العرش
أما السماء الدنيا وهى المحيطة مباشرة بالأرض جملها الله بالشمس والقمر والنجوم التى تنير الأرض وكلا من هذه الأجرام السماوية تجرى فى مسار ثابت لا يتغير وذلك لفترة حددها الله حتى تقوم الساعة
والله يدبر أمور الخلق جميعا والعباد
ويوضح سبحانه الدلالات التى تدل على قدرته
حتى تتأكدوا وتؤمنوا أنه قادر على إعادتكم يوم القيامة

 

الآيات 3 ، 4 ... الرعد

( وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ )

وهو الذى مد الأرض : جعل الله الأرض متسعة ممتدة طولا وعرضا
وجعل فيها رواسى وأنهارا : وجعل فيها جبالا ليثبتها وأجرى فيها الأنهار ليسقى الأحياء على الأرض
ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين : وخلق النباتات من كل نوع صنفان
يغشى الليل النهار ، إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون : وجعل الليل والنهار متتاليان متتابعان وذلك كله لعل الذين عندهم عقول راجحة يفكرون فى عظمة الله وقدرته
وفى الأرض قطع متجاورات : أراضى صالحة للزراعة تنفع الناس يجاور بعضها البعض
وجنات من أعناب وزرع ونخيل: وفى الأرض جنات تمتلئ بالزروع والأعناب المختلفة والنخيل

صنوان: تجتمع أصولها فى مكان واحد مثل التين والعنب والنخيل
وغير صنوان : أو أماكن متفرقة
يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض فى الأُكل : وجميعها تسقى وتروى بماء واحد ومع ذلك تختلف فى الطعم والرائحة والشكل
إن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون : ولعل ذلك يكون دلالات على قدرة الله ويتفكر الناس فيها ليتعرفوا على قدرته وصفاته سبحانه وتعالى .

الآية 5 ... الرعد


)
وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )

 ولو تعجبت يا محمد فالعجب من هؤلاء الكفار الذين يكذبون بالقيامة بالرغم ما يشاهدونه من آيات الله
فالعجب كل العجب من أنهم ينكرون إعادة الخلق بعد الموت
فمن يتفكر فى قدرة الله يعلم أن إعادة الخلق أسهل من بداية خلقه
إنهم كافرون بقدرة الله
سيسحبون فى النار والقيود فى رقابهم وهم خالدون فيها على الدوام

الآية 6 ... الرعد

 (  وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ )


* هؤلاء المكذبون يستعجلون بالعقوبة ويقولون لك لو انت على حق هات العذاب الذى تعد به بدلا من الإيمان والحسنات
* وقد خلت من قبلهم المثلات : وقد وقع ذلك بالأمم السابقة من أمثالهم
* ومع ذلك فالله يغفر للناس من ظلم منهم ثم تاب واستغفر وأناب
* : زمع المغفرة للتوابين فإنه شديد العقاب لمن كفر وطغى

 

الآية 7 ... الرعد

(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ )

يقول الكافرون تعنتا وظلما : لو أن محمد أتى لنا بمعجزة من السماء لنصدقه كأن يجعل جبل الصفا مثلا ذهبا
أنت يا محمد منذر لهم تبلغ آيات ربك
وليس عليك هداهم فالله يهدى من يشاء ولكل قوم نبى بآيات مناسبة لهم

الآيات 8 ـ 9 ... الرعد

( اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ )

يخبر الله عن علمه التام بكل شئ حتى أنه يعلم الجنين فى بطن أمه ويعلم ما تحمل من ذكر أو انثى ، شقى أم سعيد ، حسن أم قبيح ، ويعلم السقط ( تغيض ) ويعلم ما زاد حمله عن موعده
ويعلم كل شئ غائب عن الأعين وكل شئ تراه العباد
فالله هو الكبير واكبر من كل شئ
وهو المتعال فوق كل شئ وقاهر كل شئ

الآية 10 ... الرعد

(سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (

ويعلم ويحيط بكل خلقه ، فيعلم قولهم سواء أكان يسر قوله أو يعلنه
ويرى كل خلقه سواء كان يسير فى ظلمة الليل يختفى به أو كان يسير علانية فى النهار ( سارب )




الاية 11 ... الرعد

( لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ )
وللعبد ملائكة يحرسونه بالليل وملائكة يحرسونه فى النهار ليحفظونه من الحوادث والسوء وكذلك يكتبون كل ما يفعل عن يمينه وشماله ، وذلك بأمر الله

( فلكل عبد اربعة ملائكة فى الليل بين كاتب وحارس وأربعة بالنهار )
والله لا يغير سلوك العباد حتى يغيروا ما بأنفسهم
ولو أراد بهم سوء لا يستطع ملائكة ولا إنس ولا جان أن يدفعوه عنهم
ولا ناصر لمن أراد الله به السوء

 

الآيات 12 ـ 13... الرعد

(هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ *وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (



البرق : هو ضوء ينشأ بسبب تفريغ كهربى بين سحابتين مشحونتين بالكهرباء المختلفة فى النوع عندما تقتربان

الرعد : هو صوت اندفاع الهواء فى منطقة التفريغ الكهربى إذ ترتفع حرارة الهواء بين السحابتين فيندفع الهواء من المناطق المجاورة إلى منطقة التفريغ

الصاعقة : هى عملية التفريغ الكهربى بين السحاب المشحون وبين القمم المرتفعة للمبانى أو الأشجار وتحترق بسببها الأشياء التى مرت فيها الكهرباء

وكل هذا لا دخل للإنسان فيه وإنما يحدثه الله عز وجل

وكلا من الرعد والبرق والصواعق تسبح بحمد الله والله يعلم تسبيحهم

والملائكة تسبح بحمد الله والجميع يخشاه

وعجبا للكفار التى تجادل فى آيات الله وقدرته ويشكون فيها

والله شديد ( المحال ) القوة .

ومهما يصيبهم الله يقولون هذه الطبيعة وتغيراتها ولا يريدون أن يفيقوا .

الآية 14 ... الرعد

( لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ )

له دعوة الحق : له كلمة التوحيد لا إله إلا الله

والذين يدعون من دونه : الذين يعبدون آلهة غير الله ، فهم لا يستجيبون لهم

مثلهم كمثل من يضع يده على الماء فهو لا يملك أن يقبض عليه ليضعه فى فمه فلا يستطيع

ودعوى الكافرين باطلة لا تنفع فى الدنيا وهى فى الآخرة عليهم وبال 

الآية 15 ... الرعد

( وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ )

الله قاهر كل شئ خلقه ويسجد لطاعته كل شئ طوعا من المؤمنين وكرها من الكافرين فى الصباح ( الغدو ) وفى آخر النهار ( الآصال )

الآية 16 ... الرعد

 

قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (

وهنا إقرار يؤخذ من الكافرين باعترافهم أن الله هو خالق السموات والأرض ومن فيهن

فكيف لهم أن يعبدوا غير الله الخالق

ويوبخهم بأن لا يتساوى المؤمن والكافر فمثلهم كمثل الأعمى والبصير أو الظلمات والنور لا يتساويان

هؤلاء الكافرون الضالون جعلوا لله آلهة مناظرة تخلق مثل خلقه فتشابه عليهم الخلق فلا يميزون بين مخلوقات الله أو مخلوقات غيره ... وهذا توبيخ لهم ووصفهم بالضلال

فالله هو خالق كل شئ ولا شريك له وهو قاهر كل شئ .


الآية 17 ... الرعد

( أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ )


يضرب الله الأمثال ليوضح للناس أن الحق باق والباطل يفنى فيقول سبحانه وتعالى :

 

الله ينزل المطر من السماء ويسير الماء فى الأرض شاقا له مجرى ، وهناك مجرى واسع وآخر ضيق

وهذا هو حال القلوب منها ما يتسع لعلم كثير ومنها ما هو ضيق

وفجأة يأت على وجه الماء زبد عال عليه


ومثال آخر وهو : ما يوقد عليه نار من فضة وذهب ليسيل ويصنع منه الحلية فيعلوا هذا المصهور زبد مثل الذى علا الماء

وهذا الزبد فى الحالتين يذهب لا ينتفع به


كذلك الحق والباطل فالحق يستفاد منه والباطل كالزبد الذى لا يستفاد به

الآية 18 ... الرعد

 )لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ )

من أطاع الله فله الجزاء الحسن والجنة ، أما الذين كفروا فلهم العذاب الشديد فى النار ولو يمكنهم أن يفتدوا انفسهم بملء الأرض ذهبا لا يتقبل منهم وليس لهم إلا العذاب فى الجحيم وبئس القرار كانت ويسئلون ويحاسبون على جميع أفعالهم .

 

الآية 19 ... الرعد

أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ )

يا محمد لا يتساوى عند الله من يعلم من الناس أن ما جئت به هو الحق ولا شك عنده فيه وأنه هو حق من الله ومن كذب ولا يهتدى ولا يفهم ولا يصدق

إنما يتعظ من كان لديه عقل يتدبر ويميز بين الحق والباطل .

 

الآيات 20 ـ 25 ... الرعد

( الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلاَ يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ  *وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ *وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ  *جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ  *سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ  *وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ )


وهؤلاء اصحاب العقول :

يوفون بعهودهم

وليسوا بخائنين

ويصلون الأرحام ويحسنون إليهم

ويخشون الله ويخافون الحساب يوم القيامة

ويصبرون على الطاعات وعلى الإبتلاءات يرغبون رضا الله

ويؤدون الصلاة فى مواعيدها ويحسنون أركانها

وينفقون المال فى أوجهه الشرعية بلا تبذير ولا تقطير فى السر والعلانية

ويدفعون السيئات بالحسنات

وهؤلاء لهم نعم الدار و الإقامة فى الجنة خالدين فيها ويجمع بينهم وبين من صلح من ذرياتهم وآبائهم وعشيرتهم

والملائكة تدخل عليهم من كل ناحية يهنئونهم بنعم الجزاء ويسلمون عليهم


أما من كفر ومن أثم ونقض عهد الله وخان فليس له إلا سوء الجزاء وسوء الديار فى النار

الآية 26 ... الرعد

اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاء وَيَقْدِرُ وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ )

إن الله هو الذى يرزق عباده فيوسع على من شاء ويضيق على من يشاء

والناس تفرح بمتاع الدنيا بالرغم من أن الدنيا فى الآخرة قليلة ضئيلة ولا تتعدى أن تكون متعة زائلة سريعا  

 

الآيات 27 ـ 29

وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ *الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ )

يقول الكفار ليأتنا محمد بمعجزة من ربه حتى نصدقه ( كأن يجعل جبل الصفا ذهبا أو يزيح الجبال من حول مكة فتصبح بساتين أو يجرى لنا ينبوعا )

فقل لهم يا محمد إنكم ضللتم فأضلكم الله ولا يهدى الله إلا من يشاء ممن عملوا صالحا وتابوا إلى الله الذين تسكن قلوبهم لذكر الله وتطمئن نفوسهم وترضى بالله ناصرا ولهم الجنة والفرح وقرة العين

وقيل أن طوبى هى شجرة فى الجنة فى كل دار من ديار الجنة غصن منها ويسير الراكب في ظلها ألف سنة فلا يقطعها وهى من حسن النعيم فى الجنة .


الآية 30 ... الرعد

كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِيَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ )

وكما ارسلناك يا محمد فى هذه الأمة أرسلنا من قبلك رسل فى الأمم السابقة لتتأسى بهم ولتقص عليهم ما حدث لمن كفر من قبلهم مثل كفرهم وهم يأنفون من وصف الله بصفة الرحمن

فقل لهم أنه لا إله إلا الله وعليه الإعتماد والتوكل وإليه المرجع والتوبة ولا يستحق ذلك إلا هو .

 

الآية 31 ... الرعد

وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَل لِّلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ )

هذا مدح من الله للقرآن فيقول :

لو كان فى الكتب الماضية كتاب تسيّر به الجبال عن مواضعها  أو تشق به الأرض أو تكلم به الموتى فى القبور ، لكان هذا القرآن هو الذى يتصف بذلك وليس غيره

ولكن مرجع الأمور كلها إلى الله وحده فما يشأ يكون وما لم يشأ لم يكن

أفلم ييئس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا : ألم ييأس المؤمنون من أن يؤمن الناس جميعا

فلو شاء الله لهداهم جميعا ولكن الله يهدى من يعلم أن به خير ويضل من يستحق الضلالة

والذين كفروا لا تزال تصيبهم الدوائر والمصائب حولهم أو قريبة منهم بما يصنعون ليتعظوا

وسيبقى الحال هكذا حتى ينصر الله نبيه وأيضا حتى يأت وعد الله يوم القيامة فالقرآن لكل زمان

 

الآية 32 ... الرعد

(  وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ )

يقول الله عز وجل لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم ليهون عليه تكذيب الكفار له :

لقد استهزأ الكفار من قبل فى الأمم السابقة برسلهم فتركتهم وأجلتهم ( فأمليت ) ثم أخذتهم أخذة رابية ودمرتهم

أرأيت كيف كان العقاب للكافرين

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذا المعنى : " إن الله ليملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته "

الآية 33

(  أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَاء قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي الأَرْضِ أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ وَصُدُّواْ عَنِ السَّبِيلِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ )

* : فالله حفيظ عليم رقيب على كل نفس ويعلم ما عملوا من خير وشر

* : وعبدوا مع الله آلهة أخرى قل لهم عرفونا بهم فإنهم لا حقيقة لهم

* : أم إنكم تعلمون ما خفى عنه بظنكم

*: ولكن زين للكافرين ضلالهم وما هم عليه وبعدوا عن الحق

* : فمن لم يهده الله فلا هادى له ومن أضل فلا هادى له

 

الآيات 34 ، 35 ... الرعد

 )لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ * مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ )

يعذب الله الكافرين فى الدنيا والآخرة ، وعذاب الآخرة أشد وأعنف من عذاب الدنيا

وليس لهم من ناصر ينصرهم ويقيهم من عذاب الله


أما الجنة التى وعد الله بها عباده المؤمنون المتقون تسرح فيها الأنهار من ماء عذب وخمر لم يتغير طعمه ومن ما يحلوا للنفس الشرب منه

طعام فيها دائم لا ينتهى

وظلال أشجارها دائمة لا تيبس

وهذه هى جزاء من اتقى وخشى الرحمن

أما عقاب الكفار فهو النار

ولا يستوى المؤمن بالكافر يوم القيامة .

 

الآيات 36 ، 37 ... الرعد

وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ  *وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ )

* : من أهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين يؤدون ما فيه من الحق

* : يفرحون بما أنزل إليك يا محمد من القرآن لما يوجد فى كتبهم من التبشير بقدومك

* : ولكن بعضا من اليهود والنصارى ينكرون بعض ما جاءك من الحق حسدا وغيرة

* : فقل لهم إنى بعثنى الله لأعبد الله وحده لا شريك له وأدعوا الناس إلى سبيل الله وإليه مرجعى ومصيرى .

(وكذلك ): وكما أنزلنا المرسلين من قبلك وأنزلنا عليهم الكتب السماوية

* : أنزلنا القرآن عليك محكما معربا

* : ولو اتبعت آراءهم من بعد ما جاءك العلم من الله

* : فلن ينصرك من غضب الله أحد

( وهذا إنذار لأهل العلم كى لا يتبعوا أهل الضلالة وهم يعلمون الحق من ربهم )

 

الآيات 38 ، 39 ... الرعد


وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ  *يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ )


وكما أنك يا محمد رسولا من البشر فقد أرسلنا من قبلك رسل مثلك من البشر يأكلون الطعام ولهم أبناء وأزواج

 

ولم يكن لرسول أن يأت قومه بمعجزة إلا بعد أن يأذن الله ويحكم ما يريد

ولكل شئ مدة مكتوبة محددة عند الله ومقدار

 

ويغير الله ما يشاء ويثبت ما يشاء بإرادته

 

وقيل إلا الموت والحياة فلا يغيرهما

وعند الله أصل الكتاب الذى به الأقدار والحلال والحرام

 

الآيات 40 ، 41 ... الرعد

وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ  *أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ )

وسوف نرى أعداءك يا محمد بعض الذى نعدهم به من الخزى والعذاب فى الدنيا

أو نتوفاك قبل ذلك

فليس عليك إلا الإبلاغ بما أمرت وعلينا حسابهم وجزاؤهم

 

( أولم يروا أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها ): لها عدة معان وهى :

ألم ير الكافرون كيف أن الله ينقص الأنفس والثمرات

ألم يروا كيف أن الله قادر على خراب الأرض

ألم يروا كيف ينصر الله المسلمين على المشركين

ألم يروا كيف تخرب الأرض بموت العلماء والفقهاء وأهل الخير

ألم يروا الكافرون كيف نفتح لمحمد فتحا بعد فتح ويظهر الإسلام على الشرك


* : وحكم الله هو النافذ ولا يعارضه فى ذلك شئ والله سريع المحاسبة والقضاء .

 

الآية 42

( وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ )


وقد مكر الذين من قبلهم : وقد مكر الكافرون من قبل فى الأمم السابقة برسلهم وأخرجوهم من بلادهم

فلله المكر جميعا : فمكر الله بهم ونصر المؤمنين عليهم

 يعلم ما تكسب كل نفس وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار :  والله يعلم ما تضمر النفوس ويعلم الأسرار ويجازى كل بعمله وسيعلم الكافرون لمن حسن المقام

الآية 43 ... الرعد

وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ )

 

يقول الكافرون لك إنك لست مرسلا من عند الله

فقل لهم الله الشاهد علىّ وعليكم

والذى يعلم من الكتاب ( التوراة ) وهو عبد الله بن سلام اليهودى الذى أسلم يشهد على حقيقة ما جاء بالتوراة ومسحته أيدى اليهود والنصارى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تمت بحمد الله