شرح سورة التوبة
هذه السورة آخر ما نزل من القرآن على رسول الله صلى الله
عليه وسلم
لم تبدأ بالبسملة لأن الصحابة لم يكتبوا البسملة فى
المصحف الإمام واقتدوا فى ذلك بأمير المؤمنين عثمان بن عفان رضى الله
عنه
نزلت لما رجع الرسول صلى اله عليه وسلم من غزوة
تبوك وأراد أن يحج
وكان المشركين يحضرون هذا الموسم ليطوفوا عراة بالبيت
كعادتهم فكره الرسول صلى اله عليه وسلم مخالطتهم
وأرسل أبا بكر أميرا على الحج هذا العام ليعلم الناس مناسك الحج وليأمر المشركين
بأن لا يحجوا بعد عامهم هذا
وأن ينادى فى الناس بأن الله ورسوله يتبرأون من المشركين
ثم أرسل فى تبعته على بن أبى طالب رضى الله
عنه ليكونوا عصبة معا .
وقيل أنها بدأت ببراءة من الله ورسوله من المشركين وهذا
ينافى سماحة البسملة
الآيات 1 ـ 2... التوبة
( بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ
عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُواْ
أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ )
تبرأ الله ورسوله من المشركين الذين لهم عهد مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم فيكمل عهدهم إلى مدتهم ومن كان عهده أقل من أربعة أشهر فيكمل له الأربعة
واعلموا أيها المشركين بأنكم لا تعجزون الله فى الأرض ، والله يخزى أعمالكم
الضالة .
الآية 3
( وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى
النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ
وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ
فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ
بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )
وآذان : وإنذار من
الله ومن الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الناس يوم الحج الأكبر يوم النحر الذى هو أفضل أيام الحج ومناسكه
وأكبرها جميعا
أن الله ورسوله برئ من المشركين وأفعالهم فى البيت ، ودعاءا لهم بالتوبة
فإن تبتم مما أنتم فيه من ضلال فهذا خير لكم فى الدنيا والآخرة ،
وإن توليتم
واستمررتم على ما أنتم فيه فاعلموا جيدا أنكم لن تعجزوا الله ولن تهربوا
منه ولن تعصوا عليه ، بل قادر عليكم وأنتم فى قبضته ، وبشر المشركين بالنكال
والعذاب فى الدنيا والجحيم فى الآخرة .
الآية 4 ... التوبة
( إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ
الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ
أَحَدًا فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ
يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ )
ومن كانت مدة عهده أكثر من أربعة أشهر وهم على عهدهم ولم ينقصوكم شيئا مما
تعاهدتم عليه ولم يستنصروا بأحد ولم ينصروا عدوا على المسلمين ، فعلى المسلمين أن
ينتظروا عليهم إلى مدة عهدهم ويستكملونها
وهذا من تقوى الله والله يحب من يتقيه ولو مع الكفار .
الآية 5
( فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ
فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ
وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ
وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )
فإذا انقضت الأربعة أشهر التى حرم فيها نقض العهود معهم وكانوا آمنين فيها
، فيجب على المسلمين قتل المشركين أينما وجدوهم فى الأرض وأسروهم وخذوهم
وحاصروهم فى حصونهم واقصدوهم واقعدوا مترصدين لهم فى الطرقات لكى
تضيقوا عليهم وتضطروهم للقتل أو الإسلام
فإن تابوا ودخلوا الإسلام وأقاموا الصلاة ودفعوا زكاة أموالهم فاتركوهم
وسالموهم لأن الله يحب العفو والمغفرة والرحمة .
الآية 6
(وَإِنْ
أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ
اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ )
وإذا استجار واستأمنك أحد هؤلاء المشركين الذين أمرت بأن تقاتلهم فاعطيه
الأمان واستجب لطلبه حتى تسمعه القرآن وتذكر له أوامر الدين الإسلامى ليكون عليه
حجة ، وهو آمن حتى يرجع بلده وداره
وذلك لأنهم لا يعلمون ويجب أن نعلمهم الدين وتنتشر الدعوة .
الآية 7
كيف يكون للمشركين أمان ويتركون فيما هم فيه وهم كافرون بالله وبرسوله
إلا المشركين الذين عاهدوهم فى صلح الحديبية
فإن تمسكوا بما تعاهدتم عليه من ترك الحرب عشر سنين فاستمروا فى عهدكم معهم
، لأن الله يحب المتقين
وإن نقضوا عهدهم فانقضوه واقتلوهم مثلهم كمثل باقى
المشركين
.
وقد نقضت قريش عهدهم بعد ستة سنوات فغزاهم الرسول فى
رمضان وفتح الله عليه البلد الحرام ومكنه منهم والحمد لله .
الآية 8
( كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ )
إلا : قرابة
ذمة : عهد
كيف تتركوا المشركين وهم لو نقضوا عهدهم وظهروا عليكم لن يرحموكم ولا
يراعوا فيكم قرابة ولا عهد
لو أرضوكم بألسنتهم فلن ترضى قلوبهم ويحملون لكم البغضاء ومعظمهم فاسقون
خارجون على أمر الله .
وهذا القول من الله لتحريض المسلمين على قتال المشركين والبراءة منهم .
الآية 9 ـ 11
(اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ
ثَمَنًا قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ
يَعْمَلُونَ * لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً
وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ * فَإِن تَابُواْ
وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ
وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ )
إن هؤلاء المشركين فضلوا على الإيمان بآيات الله ثمنا قليلا ودنيا غرورة
زائلة فحاولوا منع الناس عن اتباع طريق الله ورسوله ـــــ فبئس ما عملوا
إنهم لا يراعوا فيكم قرابة ولا عهد ، وهذا هو حق الإعتداء .
فإن تابوا واستقاموا وآمنوا وأقاموا الصلاة فى أوقاتها وأدوا شعائرها
ودفعوا زكاة أموالهم ، فهم إخوانكم فى الدين
إننا نوضح ثانيا الآيات للقوم ليعلموا .
الآية 12
وإذا نقض هؤلاء المشركين عهدهم معكم على المدة التى اتفقتم عليها
وعابوا فى دينكم بسب أو إنقاص ، فقاتلوا رؤوس الكفر
فهم لا عهد لهم لعلهم يرجعون عما هم عليه من عناد وضلال .
الآيات 13 ـ 15
( أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ
وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ
أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * قَاتِلُوهُمْ
يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ
وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ *
وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللَّهُ
عَلِيمٌ حَكِيمٌ )
وكيف لا تقاتلون المشركين وهم قوم نقضوا عهودهم وحاولوا إخراج رسول الله من
مكة وهم فعلوا ذلك فى يوم بدر حين خرجوا لنصر عيرهم ، فلما نجت استمروا على القتال
بغيا وتكبرا وقاتلوا مع حلفائهم بنى بكر لخزاعة أحلاف الرسول صلى الله عليه وسلم
هل تخافونهم ، فالله أحق أن تخافوه
لا تخافوا وقاتلوهم ينصركم الله عليهم ويعذبهم بأيديكم ويذهب غل نفوس
المؤمنين جميعا ويتوب على من يشاء من عباده
والله عليم بما يصلح عباده حكيم فى أوامره
عادل لا يجور ولا يضيع أجر عامل فى الدنيا ولا فى الآخرة .
الآية 16
( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ
الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ وَلاَ
رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )
أيها المؤمنون ، هل ظننتم أن نترككم بدون اختبار لنفرق بين الصادق من
الكاذب
ومن يطيع الله فى أوامره بالجهاد ومن يعصيه ومن يتخذ من غير الله ورسوله
والمؤمنين بطانة وعونا ( وليجة )
والله يعلم بما يكون وما لم يكن ويعلم أفعالكم ولا راد لقدره .
الآيات 17 ـ 18
( مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ اللَّه
شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ
وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ * إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ
اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ )
ليس للمشركين الحق فى أن يعمروا مساجد الله التى بنيت على اسمه لا شريك له
وهم يشهدون على أنفسهم بالشرك والكفر
لقد حبطت أعمالهم وبطلت وليس لهم إلا النار خالدين فيها
ولكن يجب أن المؤمنين هم الذين يعمروا مساجد الله فهم يؤمنون بالله لا شريك
له ويقيموا الصلاة فى أوقاتها ويؤدون الزكاة ولا يخشون إلا الله
وهؤلاء هم المهتدين المفلحون .
الآيات 19 ـ 22
ليس هناك مساواة بين عمارة
المشركين البيت والقيام على السقاية مع الشرك بالله وبين الإيمان بالله والجهاد مع
نبى الله صلى الله عليه وسلم والإيمان بالبعث واليوم الآخر ، إنهم لا يتساوون عند
الله
والله لا يحب أن يهدى من ظلم .
فمن آمن بالله وترك بلده وهاجر فى سبيل الله مجاهدا بماله ونفسه له درجات
عظيمة عند الله وهم الفائزون فى الدنيا والآخرة.
ويبشرهم الله ربهم بأن لهم الجزاء الأوفى فى جنات بها نعيم دائم .
خالدين فى الجنة إلى ما لا نهاية ، وما عند الله من أجر فهو عظيم وكبير .
الآيات 23 ـ 24
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءَكُمْ
وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إِنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن
يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ
وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ
اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا
أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ
فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي
الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ )
يأمر الله المؤمنين أن يتبرؤا من ذويهم وإخوانهم وآبائهم الذين كفروا
وأحبوا الكفر على الإيمان بالله وطاعة الله ورسوله ، ولا يتخذوا منهم أنصارا
ومن يتخذهم أنصار وأحباء فهو ظالم .
إذا كانت آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وقبائلكم وشعوبكم وأموالكم
التى اكتسبتوها وجمعتوها وتجارتكم التى تخافون ضياعها وخسارتها ومساكن تحبون أن
تقتنوها وإذا كان ذلك كله تحبونه أكثر مما تحبون الله والجهاد فى سبيل رفعة كلمة
التوحيد ودين الله فانتظروا عذاب الله وغضبه
ولا يهدى الله من فسق وخرج على طاعته وطاعة رسوله .
الآيات 25 ـ 27
( لَقَدْ
نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ
أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ
الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى
الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ
وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ * ثُمَّ يَتُوبُ
اللَّهُ مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَن يَشَاء وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )
حنين وادى بين مكة والطائف مسيرة ثلاثة ايام
وهذا فضل الله عليكم أيها المؤمنين ، نصركم الله فى غزوات كثيرة مع رسوله
وهذا النصر فضل من الله وليس بكثرة عددكم ولا بعدتكم وشجاعتكم ، والدليل أنكم يوم
حنين أعجبتكم كثرة عددكم ولكن مع ذلك فررتم هاربين إلا قليل منكم بقوا مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم
ثم أنزل الله السكينة على قلب رسوله صلى الله عليه وسلم ومن معه من مؤمنين ، وأنزل جنودا لم تراها
أعينكم وهم الملائكة ، ونصركم على الكافرين الذين عذبهم جزاء لهم بأعمالهم السيئة
وكفرهم
وتاب الله على من تبقى من قبيلة هوازن فأسلموا ولحقوا بالرسول صلى الله
عليه وسلم فرد عليهم ما سبى منهم وألف بين
قلوب المؤمنين .
والله غفور لمن تاب وأسلم ورحيم بمن عمل صالحا .
الآيات 28 ـ 29
يأمر الله المؤمنون بأن يمنعوا المشركين من دخول المسجد الحرام ولا حتى
مجرد الإقتراب منه لأنهم نجس فى دينهم فلا يحجون ولا يطوفون عراة كما كانوا يفعلون
من قبل .
وتدل الآية على نجاسة المشرك وطهارة المسلم
ولو أنكم أيها المؤمنون خفتم عيلة بمقاطعة الكافرين المسلمين فى تجارتهم وأسواقهم فسوف يعوضكم الله بما قطع عنكم بما يؤخذ من أهل الكتاب من جزية .
والله يعلم ما يصلح أموركم وحكيم فى أوامره .
وأمروا أهل الكتاب بدفع جزية ( ضريبة )
مقابل حمايتهم ومجارتهم معكم فى بلدكم إن لم يسلموا وذلك عن يد ( قهر وغلبة ) وهم صاغرون
( ذليلون حقيرون )
لهذا لا يجوز رفع أهل الذمة على المسلمين بل يجب تحقيرهم وإذلالهم .
الآيات 30 ـ 31
يحث الله المؤمنين على قتال الكافرين فيقول :
قالت اليهود أن عزير هو ابن الله ، وقالت النصارى المسيح هو ابن الله ،
وقالوا هذا بظنهم ولم ينزل لهم سلطان من الله بهذا ، الله قاتلهم فإلى أين ينصرفون
بعقولهم
اتبع اليهود أحبارهم واتبع النصارى رهبانهم وتركوا كتاب الله وأوامره وأحلوا ما حرم الله
وحرموا ما أحله
وما أمرهم المسيح ابن مريم إلا بعبادة الله وحده لا شريك له
تعالى الله وتقدس عما يصفوه به وتنزه عن أن يكون له ولد أو ابن أو صاحبة
الآيات 32 ، 33
( يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ
وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي
أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ
كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ )
يريد الكفار من المشركين ومن أهل الكتاب أن يطغوا على ما جاء به القرآن من
توحيد الله وما أرسل الله مع نبيه بالجدال ، مثلهم كالذى يريد أن يطفئ نور القمر
أو ضوء الشمس
ولكن الله عازم على أن يظهر الحق ، وينصر دينه الحق على جميع العقائد مهما
كره ذلك الكافرون
الآيات 34 ـ 35 .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ
الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ
وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ
وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى
عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ
وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ
تَكْنِزُونَ )
الأحبار : علماء اليهود
الرهبان : عبّاد النصارى
القسيسون : علماء النصارى
يحذر الله جل جلاله من علماء السوء وعبّاد الباطل مما ذكر فى الآية ومن
شابههم
فهم يأكلون أموال الناس بتحكمهم بمناصبهم بينهم
وهم مع ذلك يمنعون الناس عن اتباع الحق ويخلطون الحق بالباطل
وهؤلاء الذين يكنزون المال ولا ينفقونها فى الأوجه التى حددها الله ولا
يخرجون زكاة أموالهم ، فإنهم يفسدون بذلك أحوال الناس ، فبشرهم يا محمد بعذاب الله
الشديد.
فيوم القيامة توقد فيهم وفى أموالهم النار ويقال لهم توبيخا : هذا ما جمعتم
لأنفسكم
فذوقوا العذاب فى النار .
الآية 36
( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ
اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ
مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ
أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ
كَافَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ )
خلق الله السموات والأرض وكتب فى اللوح المحفوظ أن السنة تتكون من اثنا عشر
شهرا ، وتدور الشمس والقمر محافظة على هذا التقدير من الله لتظل دائما السنة تتكون
من اثنا عشر شهرا .
ومن هذه الأشهر جعل الله أربعة أشهر حرما ، يعظم فيها الظلم والخطيئة فيها
يكبر وزرها والمحاسبة عليها فيها أكثر من سائر الأشهر ، ويحرم فيها القتال .
فينهى الله الناس عن ظلم أنفسهم فيها ويأمر بقتال المشركين جميعا و فى جميع
الأشهر كافة إذا كان المشركين يقاتلون المسلمين جميعا و فى جميع الأشهر
ولكن إن لم يقاتلوا فلا يقتلوا فى هذه الأشهر الأربعة .
والله يحب وينصر من اتقاه .
وهذه الأشهر هى : ذو القعدة ــ ذو
الحجة ــ المحرم ــ رجب
فهذه ثلاثة متتاليات ، ثم رجب
وكان العرب يحرمونها فى الجاهلية ولكن بعضهم كان يتلاعب فيقدم ما يقدم
وينقص ويزيد كيف يحلوا لهم بما عرف بالنسئ
والله يحرم كل هذا
الآية 37
( إنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ
الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ
عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ
سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ )
ثم يقول الله جل جلاله :
إن النسئ : وهو تغيير ما شرع الله بأهواء
المشركين فيحلون شهر من هذه الأشهر عاما ويحرمونه عاما آخر ويغيروا فى الأشهر
فيحرمون شهر حلال حتى يوافقوا عدة الأربعة أشهر وفقا للحمية والعصبية الجاهلية ،
فكانوا يتركون شهر محرم عاما ويحلونه عاما آخر فهذا تلاعب بشرع الله وهذا مما وصفه
الله بأنه زيادة فى الكفر ، وقد زين لهم الشيطان سوء أعمالهم ولا يهدى الله قوما
كفروا بالله وشرائعه
الآيات 38 ـ 39 .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ
انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم
بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي
الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ * إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )
ينادى الله من تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك ويقول
لهم :
يا أيها المؤمنون ( ليحثهم بالإيمان الذى تحلوا به ) ماذا بكم ، ما لكم إذا
دعيتم للجهاد تكاسلتم وملتم إلى الأرض ونعيمها الزائل
هل رضيتم بالحياة الدنيا الزائلة بدلا من الآخرة الدائمة ونعيمها المقيم
إن متاع الدنيا قليل وزائل إذا قيس بنعيم الآخرة
لو أنكم دعاكم الرسول للجهاد وامتنعتم عن تلبيته فسوف يعذبكم الله عذابا
شديدا ويهلككم ويأت بقوم آخرون يطيعونه ولا تضروا الله ولا الرسول شيئا مهما قل
والله قادر على أن يفعل كل شئ وقادر على أن ينتصر على الأعداء بدونكم .
الآية 40
( إِلاَّ
تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ
اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ
اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ
لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ
هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )
إن لم تنصروا رسول الله ، فإن الله ناصره كما نصره من قبل يوم أن حاول
المشركين أن يقتلوه فهاجر وتتبعه المشركين ليقتلوه هو وصاحبه أبوبكر الصديق
واختبأا فى الغار ويقول لصاحبه لا تخشى شيئا فإن الله معنا ينجينا وينصرنا
على أعداءه وأعدائنا
وأنزل الله السكينة والطمأنينة على قلبه وساعده بجنود من الملائكة
لحمايتهما فى الغار لم ترون هذه الجنود
وجعل الله الشرك مهزوما وجعل كلمة التوحيد هى العليا وهزم المشركين
والله عزيز قوى فى انتقامه وانتصاره لا يغالب
وحكيم فى أقواله وأفعاله .
الآية 41
( انفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ
بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن
كُنتُمْ تَعْلَمُونَ )
يأمر الله المؤمنين بالخروج مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم للجهاد فى سبيل الله خفافا
وثقالا ( شبانا و كهولا ، و أغنياء وفقراء ، وقوى أو ضعيف )
وأن يجاهدوا فى سبيل الله بأموالهم وأنفسهم
وأن فى ذلك خير لهم لو كانوا يعلمون الغيب إذ يغرمون القليل ويعوضه الله
بالكثير من الغنائم فى الدنيا ويوم القيامة النعيم المقيم فى الجنة .
الآية 42
( لَوْ
كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَّتَّبَعُوكَ وَلَكِن بَعُدَتْ
عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا
مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ )
والذين تخلفوا فى غزوة تبوك عن الخروج مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم
فلو كان عرضا قريبا غنيمة قريبة
أو وسفرا قاصدا سفرا قريبا
كانوا جاؤوا معك
ولكن بعدت عليهم الشقة ( المسافة إلى الشام
) فاعتزروا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم
يحلفون للرسول صلى الله عليه وسلم لو لم يكن عندنا
أعذار لكنا خرجنا معك
هم يحلفون كذبا ويهلكون أنفسهم بالتخلف عنك
والله يعلم حقيقة نفوسهم فهم كاذبون .
الآيات 43 ـ 45
( عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ
لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ * لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ
وَأَنفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ * إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ )
يعاتب الله نبيه صلى الله عليه وسلم لأنه أذن للمتخلفين
بالقعود
حتى تعلم من يكذب ومن يستحق القعود
فلا يحق لمؤمن بالله واليوم الآخر أن يستئذن فى عدم الخروج للجهاد بنفسه
وماله
والله يعلم خبايا النفوس ويعلم من اتقى ومن غير ذلك .
ولكن الذين يستئذنون لذلك هم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر وقلوبهم فى
شك يتخبطون فى التردد والشك .
الآيات 46 ـ 47
ولو كانوا صادقين وأرادوا الخروج معك لكانوا استعدوا لذلك
ولكن الله كره خروجهم فجعلهم يتكاسلون وثبط عزائمهم وقدّر أن يقعدوا مع
القاعدين
ولو أنهم خرجوا معكم لكانوا يسيرون بينكم بالشر والفتنة
وينشرون النميمة بينكم ومنكم ذوى النفوس الضعيفة التى تسمع لهم
والله يعلم خبايا النفوس ويعلم الظالمين .
الآية 48 .. التوبة
( لَقَدِ ابْتَغَوُاْ الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ
الأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ )
هؤلاء المخلفون كانوا من قبل يمكرون ويكيدون لك ولأصحابك وحاربوكم
ولما انتصر الله لأصحابه ونصركم عليهم دخلوا فى الإسلام بالظاهر وهم كارهون
الآية 49
( وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلاَ فِي
الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ )
من المنافقين من يقول لك يا محمد إئذن لى فى القعود ولا تفتننى فى نفسى
بجوارى الروم ونساءهم ، فلا طاقة لى بتحمل البعد عنهن والصبر عليهن
إن قولهم هذا أسقطهم فى الفتنة
وجهنم ستحيط تحوطا بالكافرين فلا مهرب ولا محيد عنها .
الآيات 50 ، 51
( إِن
تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا
أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ * قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ
مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ )
يعلم الله أن هؤلاء المنافقين يبغضونك يا محمد ، فإن أصابتك حسنة ونصر على
الأعداء يحزنون ، وإن أصابتك سيئة يفرحوا ويقولون لقد أخذنا حذرنا بعدم متابعتك
قل لهم نحن تحت مشيئة الله وقدره ولن يصيبنا إلا ما أراد لنا الله وكتبه
علينا
فالله ملجأنا ونحن نتوكل عليه وهو حسبنا .
الآيات 52 ـ 54.
( قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ
وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ
أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ * قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَّن
يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ * وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ
مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ
يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ
كَارِهُونَ )
قل لهم يا محمد : إذا كنتم تتربصون وتنتظرون لنا فنحن فى حسنيين النصر أو
الشهادة
ولكننا ننتظر لكم عذاب من الله إما بأن نقتلكم أو نسبوكم
فانتظروا ونحن منتظرون معكم
قل لهم : مهما أنفقتم طائعين أو كارهين فلن يقبل منكم الله نفقاتكم لأنكم
قوم خرجوا على طاعة الله
ولن تقبل أعمالكم ونفقاتكم لأن الله لا يقبل من الأعمال إلا الخالصة لله مع
الإيمان به ولكنكم كفرتم بالله وبرسوله
ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى : ولا همة لكم فى
عمل ولا قصد
ولا ينفقون نفقه إلا وهم كارهون أن ينفقونها كرها .
الآية 55
( فلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ )
فلا تغتر بما لديهم من أموال وأولاد فإنها فتنة لهم
ويريد الله بأن يعذبهم بأمرهم بالزكاة منها فى سبيل الله
ويريد أن يميتهم على الكفر ليكون عذابهم أشد
الآيات 56 ، 57
( وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم
مِّنكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ * لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ
مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ )
ويقسموا لك أنهم مؤمنون ولكن هم ليسوا منكم ولكنهم يختلفون عنكم بفزعهم
وجزعهم ولهذا أقسموا
فلو وجدوا حصن ليتحصنوا فيه أو مغارات فى جبل أو مدخلا
نفقا فى الأرض لأسرعوا بالذهاب إليه هاربين .
الآيات 58ـ 59
( وَمِنْهُم
مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ
يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ *
وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُواْ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا
اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ
رَاغِبُونَ )
ومن بينهم من (
يلمزك ) يعيب عليك فى تقسيم
الصدقات
فإن أعطيتهم منها رضوا ، وإن لم تعطيهم غضبوا لأنفسهم
ولكن لو كانوا مؤمنين لرضوا بما قسم الله ورسوله وقالوا حسبنا طاعة الله
وطاعة الرسول ليرزقنا الله من فضله ونحن نرغب فيما أعطانا الله لكان ذلك خيرا لهم
الآية 60
( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )
ولكن الصدقات لا تحل إلا لمن فرض الله وقسم وهم الفقراء والمساكين والسعاة
الذين يعملون على جلبها والذين تؤلف بها قلوبهم ليدخلوا فى الإسلام ولمن تعتق
رقبته من الزكاة ومن غرم بسبب دخوله فى الإسلام فخسر ماله وفى سبيل الله للجهاد
وابن السبيل وهو المسافر وليس معه ما يعينه فى سفره
وكل هؤلاء هم الذين حدد الله وفرض لهم بتقديره لأنه عليم ببواطن الأمور
وظاهرها وحكيم فى أقواله وأفعاله
الآية 61 .
( وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
ومن المنافقين من يؤذون النبى بالكلام فيقولون هو يستمع لمن يتحدث معه فى
شأننا ويصدقه وإذا قلنا له يصدقنا ( أذن )
قل لهم يا محمد أنك أذن للخير ولا تسمع إلا للخير وتميز بين الصادق والكاذب ويصدق الله ويصدق المؤمنين ، وهو رحمة بأنه حجة على الكافرين .
ومن يؤذون رسول الله فإن لهم العذاب المؤلم من الله .
الآيات62 ، 63
إن المنافقين يحلفون بالله كذبا ليرضوكم عنهم ولكنهم مخطئون فأولى لهم أن
يرضوا الله ورسوله بأن يخلصوا إيمانهم ونياتهم وأعمالهم لله ويطيعوا الله ورسوله
ألم يعلموا أن من يحارب الله ورسوله ويخرج على طاعته فإن له العذاب فى نار
الجحيم خالدا فيها لا يخرج منها ولا يخفف عنه العذاب
وهذا هو أعظم خزى لهم فى الآخرة وذل وشقاء كبير
الآيات 64 ـ 66
( يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ
تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ
مَّا تَحْذَرُونَ * وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ
وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن
نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ
مُجْرِمِينَ )
يقول المنافقون القول بينهم ، ثم يقولون إن الله لن يفشى سرنا ويخرج من
أخبار ما قلنا .
قل لهم افعلوا ما شئتم واستهزئوا فالله سيفضح أمركم ويفشى ما تسرون
ولو حاسبتهم على ما يقولون فإنهم يقولون لك إننا كنا نلعب
فقل لهم كيف تلعبون وتستهزئون بآيات الله وبالرسول .
أبقولكم هذا تعتذرون ، فلا تعتذروا لقد كفرتم بعد إيمانكم بفعلكم هذا
فلن نعفوا عنكم جميعا فلو عفونا عن بعضكم فسوف نعذب الآخرين المجرمين منكم
.
الآيات 67 ـ 68
( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ
بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ
وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ
هُمُ الْفَاسِقُونَ * وَعَدَ اللَّه الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ
وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ
اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ )
المنافقون يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف بعكس صفات المؤمنين
ويمنعون أيديهم عن الإنفاق فى سبيل الله
ونسوا ذكر الله فعاملهم الله من جنس عملهم فنسيهم كما نسوه
فالمنافقون خارجون عن طريق الحق داخلون فى طريق الضلالة
وقد أعد الله للمنافقين والمشركين والكفار عقابا فى نار جهنم خالدين فى
العذاب وكفاهم ذلك ، ولعنهم وطردهم الله من رحمته ولهم عذاب دائم .
الآيات 69 ـ 70
(كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ
كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلادًا
فَاسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ
الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُواْ أُوْلَئِكَ
حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ
الْخَاسِرُونَ * أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ
نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ
وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ
لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )
فيصيبهم عذاب فى الدنيا كما أصاب الذين سبقوهم من الكفار
فقد كانوا أكثر منهم قوة وأكثر أموالا وأولادا واستمتعوا بدينهم كذبا
وباطلا مثل ما استمتعتم أيها الكفار وفعلتم كما فعلوا
هؤلاء خسروا أنفسهم وخسروا الدنيا والآخرة ، وهذا هو حق الخسران
ألم تخبر يا محمد المنافقين بأخبار الذين من قبلهم مثل قوم نوح وقوم عاد
وقوم ثمود وقوم إبراهيم وقوم شعيب فى مدين وقوم لوط فى مدائنهم المؤتفكات عندما
جاءتم رسلهم بالآيات الواضحات فكذبوهم
لما ظلموا أهلكهم الله بذنوبهم ، ولم يكن الله يظلمهم ولكنهم ظلموا أنفسهم .
الآية 71
( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ
بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )
يقول الله تعالى مبشرا المؤمنين بأنهم هم الفائزون الذين سعدوا فى الدنيا
والآخرة
الذين من صفاتهم أنهم خاشعون لله فى صلاتهم ويحافظون عليها
وهم يبتعدون عن الكلام الذى لا فائدة ولا طائل منه ويبعدون عن الكلام
المؤدى للشرك والظلم
ويؤدون زكاة أموالهم ، ويزكون أنفسهم من صفات الشرك
والذين يبتعدون عن الزنا ويحفظوا فروجهم من الحرام ولكن على أزواجهم أو ما احل الله لهم من السرارى فليس عليهم حساب ولا مجازاة
ومن صفاتهم المحافظة على المواثيق والعهود والإلتزام بها
ولا يضيعون صلاتهم بل يحافظون عليها فى مواعيها ومناسكها
ويطيعون أوامر الله ورسوله
فهؤلاء الذين كانت تلك صفاتهم هم الوارثون للجنة خالدين فيها أبدا ويرحمهم
ويغفر الله لهم
والله عزيز قوى لا يغالب فيعز من أطاعه ، وحكيم فى أفعاله وأقواله .
الآية 72
( وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ
تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي
جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ )
يعد الله المؤمنين والمؤمنات بأن يدخلهم جنات بها من كل الخيرات خالدين
فيها على الدوام
وفيها مساكن طيبة القرار حسنة البناء فى جنات طيبة
ورضا الله أكبر وأعظم ، وهذا لهم فوز عظيم كبير .
الآيات 73 ـ 74 ... التوبة
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ
وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * يَحْلِفُونَ
بِاللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ
إِسْلامِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ
أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا
لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي
الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ )
يامحمد يا نبى الله قاتل الكفار وامنافقين واشدد عليهم وعاملهم بغلظة ،
فمصيرهم إلى الجحيم وبئس المصير
إنهم يقسمون بالله كذبا ليرضوكم عنهمولكنهم ما قالوا إلا الكفر بعد أن
دخلوا الإسلام وأرادوا إيذاءكم ولم يستطيعوا ذلك
وما للرسول عندهم من ذنب إلا أن الله أنعم عليهم من فضله ثم دعاهم الله إلى
التوبة
فلو تابوا فإنه خير لهم وإن لم يتوبوا ويستمروا على فعلهم فإن الله يعذبهم
عذابا شديدا مؤلما فى الدنيا والآخرة ولن يجدوا لهم أحد ممن فى الأرض لينصرهم أو
يتولى أمورهم وينجيهم من عذاب الله
الآيات 75 ـ 78
( وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ
لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُم مِّن
فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّوْا وَّهُم مُّعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ
يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ
يَكْذِبُونَ * أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ
يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ )
إن من المنافقين من وعد الله إن رزقه من الفضل فأغناه ليتصدق ويصلح من عمله
.
فلم أوسع الله له الرزق بخل وأخلف وعده مع الله
وهذا الكذب والتراجع أدخل فى نفوسهم النفاق
ألا يعلم هؤلاء أن الله يعلم ما تكن صدورهم سرا ويعلم ما يدور من حديث
بينهم فى الخفاء ، وأن الله يعلم كل شئ خفى أو كبير أو صغير فى السماء أو فى الأرض
.
الآيات 79 ـ 80
( الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ
مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * اسْتَغْفِرْ
لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً
فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ )
المؤمنون الذين يسخرون من اخوانهم المؤمنين ويؤذونهم ليمنعونهم من الصدقات ويعيبوا عليهم فمرة يقولون هذا يرائى ومرة يقولون الله غنى عن صدقاتكم القليلة ، فإن الله يسخر منهم بنفس صنيعهم لينتصر للمؤمنين منهم ويعذبهم عذابا شديدا
فهؤلاء المنافقين لا يستحقوا أن تستغفر لهم ، فلو استغفرت لهم كثيرا وبالغت
فى الدعاء لهم فلن يغفر لهم الله لأنه يعلم سرهم وكفروا بالله وبالرسول ، ولا يهدى
الله من أضل وخرج على طاعة الله .
الآيات 81 ، 82
( فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ
وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ
كَانُوا يَفْقَهُونَ * فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا جَزَاء بِمَا
كَانُواْ يَكْسِبُونَ )
فرح المنافقون فى غزوة تبوك بأن يقعدوا عن الخروج مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم وكرهوا أن يجاهدوا معه بأموالهم وأنفسهم وقال بعضهم لبعض لا تخرجوا فإن
الجو شديد الحرارة
قل لهم يا محمد إن نار جهنم التى تنتظرهم أكثر وأشد حرا لو أنهم كانوا
يفهمون ذلك
دعهم يضحكوا فإنهم سيضحكون قليلا الآن ثم يوم القيامة سيبكون كثيرا عندما
يلقوا جزاء ما يفعلون فى الدنيا ويلقون العذاب فى الآخرة .
الآيات 83 ـ 84
( فَإِن رَّجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِّنْهُمْ
فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَدًا وَلَن
تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ
فَاقْعُدُواْ مَعَ الْخَالِفِينَ * وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ
تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ
وَهُمْ فَاسِقُونَ )
فلو عاد إليك أحد منهم يامحمد ليستئذنك ليخرج معك فارفض وقل لهم لا لن
تقاتلوا معى أعداء ولن تخرجوا معى أبدا .
فبما أنكم رضيتم أن تقعدوا فى أول مرة فلن تخرجوا معى واقعدوا مع من تخلف
من النساء والولدان .
ولا تدعوا ولا تصلى على أحد منهم عند موته ولا تقف على قبره فهم ماتوا
كافرين بالله وبالرسول وخرجوا عن طريق الله المستقيم .
الآيات 85 ـ 87
(وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ
وَأَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا
وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ * وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ
أَنْ آمِنُواْ بِاللَّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ
الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ * رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى
قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ )
فلا تغتر بما لديهم من أموال وأولاد فإنها فتنة لهم
ويريد الله بأن يعذبهم بأمرهم بالزكاة منها فى سبيل الله
ويريد أن يميتهم على الكفر ليكون عذابهم أشد
وإذا أمرك الله بوحى وسورة من القرآن بأن تؤمنوا بالله وتجاهدوا فى سبيله
العدو تجدهم يستئذنون فى القعود مع أنهم قادرون عليه
ورضوا لأنفسهم العار بالقعود مع النساء والولدان وبسبب نكوثهم عن الجهاد
طبع على قلوبهم فهم لا يفهمون ما فيه صلاح أمرهم وما فيه مضرة لهم ليجتنبوه .
الآيات 88 ـ 89
( لَكِنِ
الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ
وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ
لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ
الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )
أما رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون معه
جاهدوا من أجل رفع كلمة التوحيد وطاعة الله وبذلوا أموالهم وأنفسهم فى سبيله ،
فلهم الجنات والخيرات جزاء لهم وهم المفلحون الذين أعد لهم الله جنات بها نعيم
مقيم دائم خالدين فيها وهذا هو الفوز العظيم .
الآية 90
( وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ
وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ
مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
وجاء ذوى الأعذار من الأعراب ليستئذنوا فى القعود ، وامتنع عن الجهاد الذين
كذبوا الله وكذبوا الرسول
سوف يعذب الله الكافرين منهم عذابا أليما .
الآيات 91 ـ 93
( لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى
الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ
وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَلاَ عَلَى
الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ
عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ
يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ * إِنَّمَا السَّبِيلُ
عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاء رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ
مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ )
إن أصحاب الأعذار الذين يسمح لهم بالقعود هم الضعفاء والمرضى كالأعمى
والأعرج والذين لا يملكون مالا ، وهم ينصحون الناس بالخروج ولا يصدونهم ولم يثبطوا
من عزائمهم ، فلا حرج عليهم ولا ذنب والله يغفر لهم ويرحمهم .
ولا حرج على الذين كهلوا ولا يقدرون على السير وقلوبهم تبكى وأعينهم أنهم
لا يقدرون على الخروج معك ويريدون أن تحملهم على دابة وليس عندك ما تحملهم عليه
وليس معهم مالا لينفقوه .
إنما المحاسبة على الذين يملكون المال والعافية ويريدون أن يقعدوا مع
الضعفاء المتخلفون بعذر فهؤلاء طبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون ما ينتظرهم من
عذاب .
الآيات 94 ـ 96
إذا رجع المنافقون إلى المدينة فإنهم يعتذرون لكم عن قعودهم
فقل لهم يا محمد لن نصدقكم ولا تعتذروا فإن الله أخبرنا بحقيقة أمركم
وسيظهر الله عملكم للناس فى الدنيا ويوم القيامة ترجعون إلى الله ليخبركم بأعمالكم
خيرها وشرها ويجازيكم عليها .
هم يحلفون لكم حتى لا تؤنبوهم على قعودهم ، فدعوكم منهم واحتقروهم لأنهم
نجس فى باطنهم خبثاء ، وليس لهم إلا عذاب
الجحيم جزاء لهم بما عملوا
هم يقسمون لكم حتى ترضوا عنهم ، فلو رضيتم عنهم فإن الله لا يرضى عنهم
لأنهم خرجوا على الحق إلى الضلال .
الآيات 97 ـ 99
( الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ
يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ
حَكِيمٌ * وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا
وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ
سَمِيعٌ عَلِيمٌ * وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن
يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ
اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ
اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )
من الأعراب من هم كفارا ومنافقين ومؤمنين
وكفرهم ونفاقهم أشد من كفر غيرهم وأجدر وأحرى
أن لا يعرفوا حدود الله ليتوقفوا
عندها ويحسنوا لأنهم أكثر جفاء من غيرهم بطبيعتهم
والله يعلم ما فى النفوس وحكيم فى أقواله وأفعاله
منهم من يعتبر أن النفقة فى سبيل الله خسارة وغرامه له
وهم يتربصون بكم وينتظرون بكم الحوادث
عليهم دائرة السوء : ستنقلب عليهم الدائرة والسوء
لهم
ومن الأعراب من يؤمن بالله والرسول وينفق للتقرب إلى الله وإلى الرسول وهى
تقرب لهم وسيعود لهم خيرهم بمغفرة من الله ورحمة فالله غفور رحيم بعباده المؤمنين
.
الآيات 100 ـ 102
والذين سبقوا من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم وأحسنوا عملهم فإن الله
يرضى عنهم كما رضوا عنه ويعد لهم جنات فيها من كل الخيرات يتمتعون فيها إلى مالا
نهاية وليس هناك فوز أعظم من ذلك
ويوجد من الذين حولكم من الأعراب ومن أهل المدينة منافقون قد كبروا وشبوا
على النفاق منذ صغرهم ( مردوا ) ، أنت لا تعرفهم ولكن الله يعرفهم سوف يعذبهم الله
ويضاعف لهم العذاب ثم يرجعون إلى الله ليذيقهم العذاب الشديد .
ومنافقون آخرون اعترفوا بذنوبهم وتراجعوا وهم يخلطون أعمال حسنة بأعمال
سيئة ، لعل الله يغفر لهم ويقبل توبتهم إن تابوا
فالله غفور لمن تاب وأصلح ورحيم بالمؤمنين .
الآيات 103 ـ 104
( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم
بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ * أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ
عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ
الرَّحِيمُ )
هؤلاء الذين اعترفوا بذنوبهم خذ من أموالهم صدقات لتطهرهم بها وادع لهم
واستغفر لهم وصلى عليهم لأن صلواتك رحمة لهم والله يسمع دعاءك وعليم بمن يستحق
المغفرة
فالله هو يقبل الصدقات ويجازى عليها ويحاسبهم ويغفر ذنوبهم بها ويرحمهم .
الآية 105
( وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )
وقل لهم اعملوا الخير لأن الله ورسوله يرى عملكم وتعرض أعمالهم على الله والرسول والمؤمنين ويوم القيامة يخبركم بما فعلتم .
الآية 106
( وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )
وهؤلاء الثلاثة الذين خلفوا عن التوبة وهم : مرارة بن الربيع وكعب بن مالك
وهلال بن أمية الذين قعدوا عن غزوة تبوك كسلا ميلا لزخرف الحياة وليس شكا ونفاقا
وقد عادوا لمحاسبة النفس ومخافة الله
وهؤلاء تحت رحمة الله إما يعذبهم وإما أن يغفر لهم
والله يعلم حقيقة ما بنفوسهم وحكيم فى أقواله وأفعاله .
الآيات 107 ـ 108
( وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا
وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى
وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا
لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ
فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ
الْمُطَّهِّرِينَ )
سبب نزول الآية :
كان بالمدينة قبل أن يدخلها الرسول صلى الله
عليه وسلم رجل اسمه أبو عامر الراهب من الخزرج ، وكان تنصر فى
الجاهلية وتعلم علم أهل الكتاب وكان ذو شرف بين الخزرج ، فلما قدم مهاجرا إلى
المدينة واجتمع المسلمون عليه وأصبح للإسلام كلمة عالية ويوم بدر بدأ أبو عامر
عداوته للمسلمين وأسرع إلى كفار قريش يحفزهم على قتال المسلمين وكانت الفوز
للمسلمين بعد أن امتحنهم الله
وكان أبوعامر الكافر قد حفر حفائر ما بين الصفين فوقع فى
إحداها رسول الله صلى الله عليه وسلم وجرح وكسرت رباعيته
وشج رأسه
فى بداية المبارزة تقدم أبو عامر هذا إلى قومه من
الأنصار وحاول استمالتهم لنصرته فلما عرفوا نفاقه سبوه وكان الرسول صلى الله
عليه وسلم قد دعاه ليقرأ عليه القرآن فأبى أن يسلم فدعا عليه أن
يموت بعيدا طريدا
وذهب أبوعامر إلى هرقل ملك الروم ليستنصره على النبى صلى الله
عليه وسلم فوعده ومناه فكتب إلى جماعة من الأنصار المنافقين
ووعدهم ويمنيهم بعودته وأمرهم بأن يبنوا له مكانا معقلا يقدم عليه إليهم فبنوا له
مسجدا وطلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم يصلى
فيه ليكون حجة لهم بإثباته وقالوا له أنهم بنوه للضعفاء منهم فى الليلة الشاتية ،
فوعدهم بذلك بعد أن يرجع من تبوك
ولكن الله أوحى إليه بخبر هذا المسجد أنه للإضرار بالمسلمين
وأن مسجد قباء هو خير منه بنى على أساس التقوى أما مسجد ضرار فهو للإضرار
بالمسلمين ونهاه عن الصلاة فيه
فأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم من هدمه
قبل مقدمه للمدينة .
يقول الله جل وعلا عن هذا المسجد مظهرا حقيقة من قاموا
ببنائه من المنافقين :
الذين بنوا مسجد ضرار من المنافقين لإيذاء المسلمين وهذا من الكفر وهم
يحلفون أنهم إنما بنوه للخير والرفق بالناس ، فالله يشهد على كذبهم وكفرهم وأنهم
إنما أرادوا أن يفرقوا بين المسلمين
فلا تصلى فيه ولا تقم فيه يا محمد ، إن مسجد قباء الذى أسس من أول يوم على
التقوى وفيه رجال يحبون ان يطهروا نفوسهم هو خير من هذا الذى أسس على الغدر
والتفريق بين المسلمين وهذا الأحق لك أن تصلى فيه لأن الله يحب المتطهرين المتقين
.
الآيات 109 ـ 110... التوبة
( أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ
وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ
فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ
الظَّالِمِينَ * لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي
قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )
لا يتساوى ما أسس بنيانه على تقوى الله وخشيته وطاعته وهو مسجد قباء مع
الذى أسس لتفريق المسلمين وإيذاءهم وكفرا ، وليس مصير له إلا الإنهيار فى نار جهنم
ولا يهدى الله عمل المفسدين .وهو مسجد ضرار
وفعلهم ذلك أورثهم نفاقا فى قلوبهم وشك حتى تتقطع قلوبهم بموتهم
والله يعلم نفوس خلقه وحكيم فيما يقضى عليهم به .
الآية 111
يعوض الله المؤمنين الذين يجاهدون بأموالهم وبأنفسهم فى سبيل رفع كلمة
التوحيد بالجنة ونعيمها
فهم يقاتلون الكفار ويقتلون وقد وعد الله بذلك فى جميع كتبه التوراة والإنجيل
وفى القرآن تأكيدا لما وعد به من حسن الجزاء
ولا يخلف الله وعده
فليستبشر من بايع الله ورسوله على الجهاد فإن ذلك هو أعظم الجزاء والفوز
العظيم .
الآية 112
( التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ )
وهذه صفات المؤمنين :
تائبون من ذنوبهم ، تاركون للفواحش
يعبدون الله بالقول والفعل ودائمون عليها
حامدون الله على نعمائه قولا وعملا بالصوم والصلاة الطاعات
انهم سائحون أى صائمون راكعون وساجدون فى الصلاة
راكعون وساجدون ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر يحفظون حدود الله ولا
يتعدونها فى حلاله وحرامه
وبشر المؤمنين بالسعادة فى الدنيا والآخرة
الآيات 113 ـ 114
( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن
يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُولِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا
تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ * وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ
إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا
تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ
لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ )
عندما حضرت أبا
طالب الوفاة قال له النبى صلى
الله عليه وسلم " أى عم ،
قل : لا إله إلا الله ، كلمة أحاج لك بها عند الله "
فقال أبوجهل
وعبد الله بن أمية : يا أبا طالب ، أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فقال : أنا على ملة
عبد المطلب
فقال النبى صلى
الله عليه وسلم : لأستغفرن لك ما لم أنه عنك "
فنزلت الآية :
لا يحق للنبى ولا للمؤمنين أن يستغفروا للمشركين حتى ولو كانوا قرباء لهم
من بعد أن اتضح لهم أنهم لا مصير لهم إلا الجحيم
ولو كان إبراهيم عليه السلام قال لأبيه سأستغفر لك ربى واستغفر له ، فهذا
كان وعد له ولكنه عندما تبين له أنه عدو لله والمؤمنين فإنه تبرأ منه
إن إبراهيم كان كثير الدعاء رحيم بعبادة ربه تواب .
الآيات 115 ـ 116
( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ
حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * إِنَّ اللَّهَ
لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ
اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ )
وإذا كان بيد الله الهدى والضلالة فإنه تعالى لا يضل أحد إلا بعد أن يرسل
له الرسل ويوضح له طريق الهداية ويقدم له الحجة ثم يجد منه الضلال والعناد والكفر
والله يعلم ما بالنفوس كبيرا أو صغيرا سرا وعلانية .
فالله يملك السموات والأرض وما فيهن ويحي الموتى ويميت الأحياء وبيده كل شئ
وليس للكافرين ولى ولا نصير ينقذهم من عذاب الله وعقابه .
وهكذا يحرض الله المؤمنين على قتال الكافرين لأنهم ليس لهم حجة فى كفرهم .
الآية 117
( لَقَد تَّابَ اللَّه عَلَى النَّبِيِّ
وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ
مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ
إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )
المقصود بالعسرة كما
أوضح عمر بن الخطاب رضى الله عنه هو أنه قال :
خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
تبوك فى قيظ شديد ، فنزلنا منزلا فإصابنا فيه عطش حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع ،
وحتى إن كان الرجل ليذهب يلتمس الماء فلا يرجع حتى يظن أن رقبته ستنقطع ، وحتى إن
الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه ويجعل ما بقى على كبده ، فقال أبوبكر الصديق رضى الله
عنه : يا رسول الله ، إن الله قد عودك فى الدعاء خيرا ، فادع لنا فقال : "
تحب ذلك ؟ "
قال : نعم
فرفع يديه صلى الله عليه وسلم فلم
يرجعهما حتى سالت السماء ، فأهطلت ثم سكنت ، فملؤوا ما معهم ، ثم ذهبنا ننظر فلم
نجدها جاوزت العسكر .
ويقول عز وجل :
لقد تاب الله وغفر للنبى والمهاجرين والأنصار فى ساعة العسرة بعد أن كادت
قلوبهم تزيغ عن الحق ويشكون فى دين الرسول صلى الله
عليه وسلم من شدة المشقة
ثم رزقهم الدعاء والرجوع إلى الله والثبات على دينهم لأن الله رؤوف بعباده
المؤمنين رحيم بهم .
الآيات 118 ، 119... التوبة
( وَعَلَى
الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا
رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ
اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ
التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ
مَعَ الصَّادِقِينَ )
هؤلاء
هم : كعب بن مالك ، ومرارة بن
الربيع ، وهلال بن أمية
وقد شهدوا بدرا
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
وتخلفوا عن
الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك بغير عذر إلا أن كان الحر
شديد ، وكانت لهم زروع حان حصادها وجمعها وبيعها
وكان كعب بن
مالك كما قص عن نفسه مترددا فى الخروج حتى خرج الرسول صلى الله عليه وسلم وعاد ودخل المسجد
ليصلى ، فجاءه ما يزيد عن الثمانين رجلا تخلفوا ليحلفوا له ويعرضوا أعذارهم
الزائفة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ بقولهم ويترك
سرائرهم إلى الله ويدعوا لهم
حتى جاءه هؤلاء
الثلاثة فلم يكذبوا واعترفوا بذنبهم وقد حزنوا وتألمت نفوسهم حسرة على ما فعلوه
فحزن الرسول صلى الله
عليه وسلم وترك
أمرهم حتى ينزل فيهم وحيا من الله .
فنزلت الآيات بعد
مرور خمسون ليلة وهم فى تعذيب لأنفسهم ، والرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معرضون
عنهم ، تخبر بعفو الله عنهم إذ تابوا وأنابوا إلى الله وضاقت نفوسهم فعفا عنهم ،
وافتضح أمر من دونهم ممن اعتذروا وكذبوا على الرسول صلى الله
عليه وسلم بحجج
واهية وهم منافقون .
ويدعوا الله المؤمنين بالتقوى والصدق مع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وأنفسهم .
الآية 120
( مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ
الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللَّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ
بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ
نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ
الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ
عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ )
يعاتب الله المتخلفين فى غزوة تبوك فيقول :
لا يحق للمؤمنين من أهل المدينة وممن حولهم من أحياء العرب أن يتخلفوا عن
الخروج للجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يعزوا نفسه عن
نفسه ، وأن ما يصيبهم من عطش ولا تعب ولا مجاعة مخمصة
ولا أن ينزلوا منزلا يخيف الكفار وما ينالون من غلبة عليهم إلا كتب الله لهم به
عملا صالحا وثوابا جزيلا لأن الله لا يضيع أجر المحسنين
الآية 121
( وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ
يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا
كَانُواْ يَعْمَلُونَ )
وما ينفقونه من مال قليل أو كثير ولا يسافرون سفرا بعيدا أو قريبا إلا
يجزيهم الله به أجرا عظيما جزاء لهم بما عملوا .
الآية 122
( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَافَّةً فَلَوْلاَ
نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ
وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُون)
يأمر الله المؤمنين بأن يخرج بعضهم للجهاد والبعض يكون للتفقه فى الدين
فيما ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من وحى لينذروا قومهم إذا رجعوا بما
كان من أمر العدو ليحذروه .
الآية 123
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ
يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ
اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ )
ويأمر المؤمنين بقتال العدو أولا بأول والأقرب فالأقرب
وليظهروا الشدة على عدوهم ، والله يساعد من اتقاه و أطاعه .
الآية 124 ، 125
( وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ
أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ
إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ
رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ )
وعندما تنزل سورة من آيات القرآن على نبى الله صلى الله عليه وسلم ، فمن المنافقين يقولون
لبعضهم البعض من منكم زادته هذه إيمانا ؟
فالذين آمنوا يزدادون ثقة بالله ورسوله ويزداد إيمانهم ويستبشرون برحمة
الله
أما المنافقين فتزيدهم شك وتردد وريبة على ما هم به من شك وهؤلاء هم
الكافرون ويموتون على الكفر .
الآيات 126 ، 127
( أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ
مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ * وَإِذَا مَا
أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُم مِّنْ أَحَدٍ
ثُمَّ انصَرَفُواْ صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُون )
ألم ير هؤلاء المنافقون أنهم يمتحنون كل عام مرة أو مرتين بالقتال ومع ذلك
لا يتوبون من ذنوبهم السابقة ولا يتذكرون أفعالهم
وإذا نزلت عليك سورة من القرآن يا محمد فإنهم ينظرون لبعضهم البعض ويسألون
هل أحد يراكم ثم يتسللون وينصرفوا من مجلسك
صرف الله قلوبهم عن الحق والهدى فهم قوم لا يفهمون .
الآيات 128 ، 129
( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا
عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ * فَإِن تَوَلَّوْا
فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ
الْعَرْشِ الْعَظِيمِ )
يا أيها المؤمنون ، لقد أرسلنا إليكم رسولا من جنسكم يعز عليه ويشق عليكم ،
فاتبعوه ولا تشقوا عليه مهمته .
يا محمد إذا أعرض عنك المنافقون فلا تحزن وقل حسبى الله ونعم الوكيل والله
هو رب العرش العظيم الذى هو السقف لجميع المخلوقات والسموات ويرى الخلائق وإليه
مصيرهم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تمت بحمد الله تعالى .