الآيات 71 ـ 73
( فانطلقا حتى إذا ركبا فى السفينة خرقها ، قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا * قال ألم أقل إنك لن تستطيع معى صبرا * قال لا تؤاخذنى بما نسيت ولا ترهقنى من أمرى عسرا )
يخبر الله عن موسى وصاحبه الخضر بأنهما بدءا رحلتهما بأن ركبا سفينة ولما استقلت السفينة فى البحر عمد الخضر إلى لوحا من الألواح ونزعه ثم رقعها
فاستغرب موسى ولم يملك نفسه فقال متعجبا : ماذا فعلت لقد خرقت السفينة وهذا يغرقها ويغرق من بها
فقال الخضر : ألم أشترط عليك عدم السؤال عن شئ حتى أخبرك بنفسى لأنك لم تحط بسبب شئ؟
قال موسى : أعذرنى ولا تضيق علىّ فقد نسيت من شدة ما رأيت سأصبر ولا أسألك ثانيا
الآيات 74 ـ 76
( فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا * قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معى صبرا * قال إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبنى قد بلغت من لدنى عذرا )
يخبر سبحانه أن موسى والخضر نزلا قرية فلقيا غلاما يلعب مع آخرين ، فعمد الخضر إليه من بينهما فقتله
فلما رأى موسى ذلك استنكر الفعل وقال كيف تقتل نفسا بغير حق وهو صغير لم يفعل شيئا فهذا شئ منكر فعله
فقال له الخضر : ألم أقل أنك لن تصبر معى ولا تسألنى
قال موسى يعتذر : لو سألتك ثانيا فدعنى واترك صحبتى وهو يعترف بذلك أنه أخطأ فى سؤاله ولكن معه عذره أن الأمر غريب ويستحق العجب فلا تثقل علىّ
الآيات 77 ، 78
( فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه ، قال لو شئت لتخذت عليه أجرا * قال هذا فراق بينى وبينك ، سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا )
ثم يوالى الله الإخبار عنهما ويقول : استمر الصاحبان فى المسير ودخلا قرية وقد كانا قد تعبا وجاعا ، ولكن أهل القرية بخلاء ورفضوا استضافتهما
وأثناء المسير وجدا جدارا يوشك أن يسقط فرده الخضر إلى حاله وأقامه
فاستغرب موسى وقال : كيف تخدمهم بدون مقابل وهم رفضوا استضافتنا فالأولى كنت أخذت منهم أجر إقامة الجدار
قال الخضر : أنت اشترطت عند قتل الغلام أن أفارقك إن سألت أخرى وعلينا الآن أن نفترق ولكن سأخبرك بتفسير كل ما تعجبت له ولم تصبر عليه
الآيات 79
( أما السفينة فكانت لمساكين يعملون فى البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا )
وبدأ الرجل الصالح يفسر ما صدر من تصرفاته ويعلل أسبابها فقال لموسي :
كانت السفينة لصيادين فى البحر يعملون بالصيد ، وكان ملك هذه المدينة حاكم ظالم يستولى على كل سفينة جيدة لنفسه غصبا من أصحابها
وأراد الخضر أن يحميها من هذا الملك فخلع إحدى ألواحها حتى يمروا بعيدا عنه ثم يعيده مرة أخرى حتى إذا رآها الملك وجد بها عيبا فيتركها لأصحابها
الآية 80 ، 81
( وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا * فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما )
وهذا الغلام الذى قتله الخضر فقد علم الله أنه إذا كبر سوف يكون من الكافرين سيئ الخلق مع أبويه اللذان كانا مؤمنين بالله صالحين وكان بكفره سيسبب لهما العذاب فى الدنيا والآخرة
فأراد الله أن يعوضهما عن حزنهما عليه بآخر أقرب إلى البر لهما وأحسن فى صلة الرحم بهما
وقيل أن الله أبدلهما ببنت بارة بهما ولما كبرت قتل زوجها فى ميدان القتال فى سبيل الله وكانت حاملا وحبسها اليهود لعلها تنجب نبيا من أنبياء الله بعد أن قتل أعداءهم الكثير من بنوا لاوى وكانت طوال حملها تدعو الله أن تنجب ذكرا ولما وضعت أنجبت ذكرا وأسمته شمعون ( أى سمع الله دعائي ) وكان نبيا من الأنبياء الصالحين الذين دخل اليهود بسببه القدس
الآية 82
( وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين فى المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك ، وما فعلته عن أمرى ، ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا )
ويفسرالخضر سبب تثبيته للجدار بدون أن يطلب أجر وهم فى أشد الحاجة وبخل عليهم أهل القرية ــ ( وقال هنا قرية وليست مدينة لأن من سمات أهل القرى الكرم بخلاف ما وجدا من أهل هذه القرية ) ــ أن هذا الجدار كان ليتيمين أبوهما صالحين وقد تركا لهما ورث كبير فأراد الله أن يكبرا ويشتد عودهما ثم يستخرجا الكنز
وهذا كله ليس من علم الخضر ولكن أخبره به الله وأمره بتلك الأفعال
ثم يحدثنا الله بعد ذلك عن أمر ذى القرنين
فيقول فى الآية 83 ( ويسئلونك عن ذى القرنين ، قل سأتلوا عليكم منه ذكرا )
يسأل اليهود محمدا صلى الله عليه وسلم عن ذى القرنين
فقل لهم يا محمد سأقرأ عليكم قرآنا بخصوصه
الآية 84
0( إنا مكنا له فى الأرض وآتيناه من كل شئ سببا )
يقول سبحانه : إنا أعطيناه ملكا عظيما متمكنا من كل شئ تتمكن منه الملوك من مال وجنود وآلات الحرب والحصار ويسر الطرق والوسائل ووسائل الإتصال والإنتقال والتغلب على الأعداء وإذلال أهل الشرك وغيره حتى يتنقل على الأرض بدون أية عوائق
الآيات 85 ـ 88
( فأتبع سببا * حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب فى عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا ياذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا * قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا * وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا *)
* فأتبع سببا : اتخذ الأسباب للسير بين الشرق والغرب
* ثم اتخذ الطريق إلى مغرب الأرض حتى وصل إلى مكان رأى فيه منظر الشمس وكأنها تغرب فى فى طين أسود حار
فوجد عندها أناس منهم الظالمون الكفار ومنهم الصالحون ( قلنا ) وأمكنه الله من أن يسيطر عليهم ويأسر بعضهم ويترك البعض
* فقال ذو القرنين بأنه سوف يعذب كافرهم الذى بدوره سيعذبه الله يوم القيامة
* والذين آمنوا بالله واتبعوه سوف يقول لهم قولا ميسورا معروفا
الآيات 89 ـ 91
( ثم أتبع سببا * حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا * كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا )
يقول تعالى أن ذو القرنين اتخذ الأسباب وسار متجها نحو الشرق وكلما مر بقوم دعاهم لتوحيد الله وطاعته اتبعوه وإلا أرغمهم واستعان من كل أمة بجنود تعينه على القتال حتى انتهى إلى أمة فى نهاية الأرض ليس لهم أبنية تحميهم من الشمس ولا أشجار يستظلون بها ويقول سبحانه أنه مطلع على أحوال هؤلاء القوم ولا يخفى عليه منهم شئ
الآيات 92 ـ 96
( ثم أتبع سببا * حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا * قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون فى الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا * قال ما مكنى فيه ربى خير فأعينونى بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما * آتونى زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتونى أفرغ عليه قطرا )
يقول تعالى :
ثم سلك ذو القرنين طريقا حتى وصل إلى جبلين بينهما فتحة يخرج منها قبيلتين يسميان يأجوج ومأجوج على بلاد الترك فيفسدون ويقتلون ويدمرون
فاستغاث الترك بذى القرنين وشكوا له ما هم به من أذى وعرضوا عليه أن يدفعوا له جزية فى مقابل أن يبنى لهم سدا يغلق هذه الثغرة بين الجبلين حتى لا ينفذ منها يأجوج ومأجوج
وقال ذو القرنين بعفة نفس وقصد للخير إن ما أعطانى الله من خير وقوة أفضل من الجزية التى تعطونى ولكن ساعدونى بعملكم
احضروا قطع الحديد ووضعه فوق بعض حتى ساوى وحازى بين قمتى الجبلين ثم أمرهم أن يشعلوا النيران فيه حتى أصبح كله نارا ثم طلب منهم إضافة النحاس المذاب المصهور فجعل منه سبيكة النحاس والحديد القوية
وهذا إشارة لطريقة صنع سبيكة الحديد والنحاس
الآيات 97 ـ 99
( فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا * قال هذا رحمة من ربى ، فإذا جاء وعد ربى جعله دكاء ، وكان وعد ربى حقا * وتركنا بعضهم يومئذ يموج فى بعض ، ونفخ فى الصور فجمعناهم جمعا )
يخبر سبحانه عن يأجوج ومأجوج بأنهم لم يقدروا على صعود الجبل ولم يقدروا على ثقبه
واستخدم كلمة اسطاعوا الخفيفة للصعود واستخدم كلمة استطاعوا الثقيلة للثقب لأن الصعود أسهل من ثقب الجبل
ويوم القيامة يدك الله الجبل ويساويه بالأرض لأن وعد الله حق فى أمر القيامة ويخرج يأجوج ومأجوج ويدمرون ويقتلون بعض
وينفخ فى البوق ويجمع البشر للحساب
الآيات 100 ـ 102
( وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا * الذين كانت أعينهم فى غطاء عن ذكرى وكانوا لا يستطيعون سمعا * أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادى من دونى أولياء ، إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا )
ويوم القيامة تعرض جهنم على الكافرين الذين كان ذكر الله يصعب عليهم ولا يرون أن الله جدير بالذكر ولا يسمعون أوامره
فهل حسب الكافرين أنهم يمكنهم اتخاذ ما خلق الله آلهة لهم من دون الله ثم يتركهم بغير حساب
فقد أعد الله لهؤلاء جهنم يصلونها وساءت مصيرا
الآيات 103 ـ 106
( قل هل أونبئكم بالأخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا * أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا * ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتى ورسلى هزوا )
وهنا يخبر الله عن أكثر الخلق خسرانا فى عملهم وهم اليهود والنصارى الذين ظنوا أن أعمالهم حسنة ولكنهم فى ضلال
فاليهود كذبوا بمحمد صلى الله عليه وسلم والنصارى كذبوا بخير الجنة وقالوا لا طعام فيها ولا شراب وهناك طائفة تسمى الحرورية ينقضون عهود الله
فهؤلاء جميعا كفروا بالله وظنوا أنهم مؤمنون فلا عمل صالح يقبل منهم وجزاؤهم جهنم لأنهم بذلك سخروا من الرسل وما جاؤا به
الآيات 107، 108
( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا * خالدين فيها لا يبغون عنها حولا )
ويخبر سبحانه عن عباده السعداء وهم المؤمنون لهم جنات الفردوس هى منازلهم وضيافتهم خالدين فيها لا يختارون غيرها ولا يتمنون غيرها من جمال نعيمها
الآيات 109 ، 110
( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربى لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا * قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلىّ أنما إلهكم إله واحد ، فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا )
ثم يقول يا محمد لو أن ماء البحر حبر للكتابة يكتب آيات الله ونعمه والدلائل عليه لأنتهى ماء البحر قبل أن يتم الكتابة ولو أحضر مثله ما أكمل
ويقول يا محمد : قل لهم أنا مثلكم بشر ولكن يوحى لى أن الله واحد والخالق واحد
فمن يريد ثواب الآخرة فليعمل الصالح كما أمر الله ولا يشرك بعبادة الله أحد
( فانطلقا حتى إذا ركبا فى السفينة خرقها ، قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا * قال ألم أقل إنك لن تستطيع معى صبرا * قال لا تؤاخذنى بما نسيت ولا ترهقنى من أمرى عسرا )
يخبر الله عن موسى وصاحبه الخضر بأنهما بدءا رحلتهما بأن ركبا سفينة ولما استقلت السفينة فى البحر عمد الخضر إلى لوحا من الألواح ونزعه ثم رقعها
فاستغرب موسى ولم يملك نفسه فقال متعجبا : ماذا فعلت لقد خرقت السفينة وهذا يغرقها ويغرق من بها
فقال الخضر : ألم أشترط عليك عدم السؤال عن شئ حتى أخبرك بنفسى لأنك لم تحط بسبب شئ؟
قال موسى : أعذرنى ولا تضيق علىّ فقد نسيت من شدة ما رأيت سأصبر ولا أسألك ثانيا
الآيات 74 ـ 76
( فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا * قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معى صبرا * قال إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبنى قد بلغت من لدنى عذرا )
يخبر سبحانه أن موسى والخضر نزلا قرية فلقيا غلاما يلعب مع آخرين ، فعمد الخضر إليه من بينهما فقتله
فلما رأى موسى ذلك استنكر الفعل وقال كيف تقتل نفسا بغير حق وهو صغير لم يفعل شيئا فهذا شئ منكر فعله
فقال له الخضر : ألم أقل أنك لن تصبر معى ولا تسألنى
قال موسى يعتذر : لو سألتك ثانيا فدعنى واترك صحبتى وهو يعترف بذلك أنه أخطأ فى سؤاله ولكن معه عذره أن الأمر غريب ويستحق العجب فلا تثقل علىّ
الآيات 77 ، 78
( فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه ، قال لو شئت لتخذت عليه أجرا * قال هذا فراق بينى وبينك ، سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا )
ثم يوالى الله الإخبار عنهما ويقول : استمر الصاحبان فى المسير ودخلا قرية وقد كانا قد تعبا وجاعا ، ولكن أهل القرية بخلاء ورفضوا استضافتهما
وأثناء المسير وجدا جدارا يوشك أن يسقط فرده الخضر إلى حاله وأقامه
فاستغرب موسى وقال : كيف تخدمهم بدون مقابل وهم رفضوا استضافتنا فالأولى كنت أخذت منهم أجر إقامة الجدار
قال الخضر : أنت اشترطت عند قتل الغلام أن أفارقك إن سألت أخرى وعلينا الآن أن نفترق ولكن سأخبرك بتفسير كل ما تعجبت له ولم تصبر عليه
الآيات 79
( أما السفينة فكانت لمساكين يعملون فى البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا )
وبدأ الرجل الصالح يفسر ما صدر من تصرفاته ويعلل أسبابها فقال لموسي :
كانت السفينة لصيادين فى البحر يعملون بالصيد ، وكان ملك هذه المدينة حاكم ظالم يستولى على كل سفينة جيدة لنفسه غصبا من أصحابها
وأراد الخضر أن يحميها من هذا الملك فخلع إحدى ألواحها حتى يمروا بعيدا عنه ثم يعيده مرة أخرى حتى إذا رآها الملك وجد بها عيبا فيتركها لأصحابها
الآية 80 ، 81
( وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا * فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما )
وهذا الغلام الذى قتله الخضر فقد علم الله أنه إذا كبر سوف يكون من الكافرين سيئ الخلق مع أبويه اللذان كانا مؤمنين بالله صالحين وكان بكفره سيسبب لهما العذاب فى الدنيا والآخرة
فأراد الله أن يعوضهما عن حزنهما عليه بآخر أقرب إلى البر لهما وأحسن فى صلة الرحم بهما
وقيل أن الله أبدلهما ببنت بارة بهما ولما كبرت قتل زوجها فى ميدان القتال فى سبيل الله وكانت حاملا وحبسها اليهود لعلها تنجب نبيا من أنبياء الله بعد أن قتل أعداءهم الكثير من بنوا لاوى وكانت طوال حملها تدعو الله أن تنجب ذكرا ولما وضعت أنجبت ذكرا وأسمته شمعون ( أى سمع الله دعائي ) وكان نبيا من الأنبياء الصالحين الذين دخل اليهود بسببه القدس
الآية 82
( وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين فى المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك ، وما فعلته عن أمرى ، ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا )
ويفسرالخضر سبب تثبيته للجدار بدون أن يطلب أجر وهم فى أشد الحاجة وبخل عليهم أهل القرية ــ ( وقال هنا قرية وليست مدينة لأن من سمات أهل القرى الكرم بخلاف ما وجدا من أهل هذه القرية ) ــ أن هذا الجدار كان ليتيمين أبوهما صالحين وقد تركا لهما ورث كبير فأراد الله أن يكبرا ويشتد عودهما ثم يستخرجا الكنز
وهذا كله ليس من علم الخضر ولكن أخبره به الله وأمره بتلك الأفعال
ثم يحدثنا الله بعد ذلك عن أمر ذى القرنين
فيقول فى الآية 83 ( ويسئلونك عن ذى القرنين ، قل سأتلوا عليكم منه ذكرا )
يسأل اليهود محمدا صلى الله عليه وسلم عن ذى القرنين
فقل لهم يا محمد سأقرأ عليكم قرآنا بخصوصه
الآية 84
0( إنا مكنا له فى الأرض وآتيناه من كل شئ سببا )
يقول سبحانه : إنا أعطيناه ملكا عظيما متمكنا من كل شئ تتمكن منه الملوك من مال وجنود وآلات الحرب والحصار ويسر الطرق والوسائل ووسائل الإتصال والإنتقال والتغلب على الأعداء وإذلال أهل الشرك وغيره حتى يتنقل على الأرض بدون أية عوائق
الآيات 85 ـ 88
( فأتبع سببا * حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب فى عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا ياذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا * قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا * وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا *)
* فأتبع سببا : اتخذ الأسباب للسير بين الشرق والغرب
* ثم اتخذ الطريق إلى مغرب الأرض حتى وصل إلى مكان رأى فيه منظر الشمس وكأنها تغرب فى فى طين أسود حار
فوجد عندها أناس منهم الظالمون الكفار ومنهم الصالحون ( قلنا ) وأمكنه الله من أن يسيطر عليهم ويأسر بعضهم ويترك البعض
* فقال ذو القرنين بأنه سوف يعذب كافرهم الذى بدوره سيعذبه الله يوم القيامة
* والذين آمنوا بالله واتبعوه سوف يقول لهم قولا ميسورا معروفا
الآيات 89 ـ 91
( ثم أتبع سببا * حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا * كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا )
يقول تعالى أن ذو القرنين اتخذ الأسباب وسار متجها نحو الشرق وكلما مر بقوم دعاهم لتوحيد الله وطاعته اتبعوه وإلا أرغمهم واستعان من كل أمة بجنود تعينه على القتال حتى انتهى إلى أمة فى نهاية الأرض ليس لهم أبنية تحميهم من الشمس ولا أشجار يستظلون بها ويقول سبحانه أنه مطلع على أحوال هؤلاء القوم ولا يخفى عليه منهم شئ
الآيات 92 ـ 96
( ثم أتبع سببا * حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا * قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون فى الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا * قال ما مكنى فيه ربى خير فأعينونى بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما * آتونى زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتونى أفرغ عليه قطرا )
يقول تعالى :
ثم سلك ذو القرنين طريقا حتى وصل إلى جبلين بينهما فتحة يخرج منها قبيلتين يسميان يأجوج ومأجوج على بلاد الترك فيفسدون ويقتلون ويدمرون
فاستغاث الترك بذى القرنين وشكوا له ما هم به من أذى وعرضوا عليه أن يدفعوا له جزية فى مقابل أن يبنى لهم سدا يغلق هذه الثغرة بين الجبلين حتى لا ينفذ منها يأجوج ومأجوج
وقال ذو القرنين بعفة نفس وقصد للخير إن ما أعطانى الله من خير وقوة أفضل من الجزية التى تعطونى ولكن ساعدونى بعملكم
احضروا قطع الحديد ووضعه فوق بعض حتى ساوى وحازى بين قمتى الجبلين ثم أمرهم أن يشعلوا النيران فيه حتى أصبح كله نارا ثم طلب منهم إضافة النحاس المذاب المصهور فجعل منه سبيكة النحاس والحديد القوية
وهذا إشارة لطريقة صنع سبيكة الحديد والنحاس
الآيات 97 ـ 99
( فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا * قال هذا رحمة من ربى ، فإذا جاء وعد ربى جعله دكاء ، وكان وعد ربى حقا * وتركنا بعضهم يومئذ يموج فى بعض ، ونفخ فى الصور فجمعناهم جمعا )
يخبر سبحانه عن يأجوج ومأجوج بأنهم لم يقدروا على صعود الجبل ولم يقدروا على ثقبه
واستخدم كلمة اسطاعوا الخفيفة للصعود واستخدم كلمة استطاعوا الثقيلة للثقب لأن الصعود أسهل من ثقب الجبل
ويوم القيامة يدك الله الجبل ويساويه بالأرض لأن وعد الله حق فى أمر القيامة ويخرج يأجوج ومأجوج ويدمرون ويقتلون بعض
وينفخ فى البوق ويجمع البشر للحساب
الآيات 100 ـ 102
( وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا * الذين كانت أعينهم فى غطاء عن ذكرى وكانوا لا يستطيعون سمعا * أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادى من دونى أولياء ، إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا )
ويوم القيامة تعرض جهنم على الكافرين الذين كان ذكر الله يصعب عليهم ولا يرون أن الله جدير بالذكر ولا يسمعون أوامره
فهل حسب الكافرين أنهم يمكنهم اتخاذ ما خلق الله آلهة لهم من دون الله ثم يتركهم بغير حساب
فقد أعد الله لهؤلاء جهنم يصلونها وساءت مصيرا
الآيات 103 ـ 106
( قل هل أونبئكم بالأخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا * أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا * ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتى ورسلى هزوا )
وهنا يخبر الله عن أكثر الخلق خسرانا فى عملهم وهم اليهود والنصارى الذين ظنوا أن أعمالهم حسنة ولكنهم فى ضلال
فاليهود كذبوا بمحمد صلى الله عليه وسلم والنصارى كذبوا بخير الجنة وقالوا لا طعام فيها ولا شراب وهناك طائفة تسمى الحرورية ينقضون عهود الله
فهؤلاء جميعا كفروا بالله وظنوا أنهم مؤمنون فلا عمل صالح يقبل منهم وجزاؤهم جهنم لأنهم بذلك سخروا من الرسل وما جاؤا به
الآيات 107، 108
( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا * خالدين فيها لا يبغون عنها حولا )
ويخبر سبحانه عن عباده السعداء وهم المؤمنون لهم جنات الفردوس هى منازلهم وضيافتهم خالدين فيها لا يختارون غيرها ولا يتمنون غيرها من جمال نعيمها
الآيات 109 ، 110
( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربى لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا * قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلىّ أنما إلهكم إله واحد ، فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا )
ثم يقول يا محمد لو أن ماء البحر حبر للكتابة يكتب آيات الله ونعمه والدلائل عليه لأنتهى ماء البحر قبل أن يتم الكتابة ولو أحضر مثله ما أكمل
ويقول يا محمد : قل لهم أنا مثلكم بشر ولكن يوحى لى أن الله واحد والخالق واحد
فمن يريد ثواب الآخرة فليعمل الصالح كما أمر الله ولا يشرك بعبادة الله أحد