تفسير سورة ق
آية 1 ، 2
( ق * والقرآن المجيد )
ق : هى حرف من حروف القرآن ومثله مثل باقى الحروف فى بدايات السور وقد قلنا عنها من قبل فى سورتى البقرة وآل عمران :
الحروف فى بداية السور قال فيها العلماء عدة أقوال :
1 ـ أن هذا القرآن بنفس حروف الهجاء بلغة العرب ، حتى ينتبهوا لما ينزل من السماء على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه يحدثهم فى امور دنياهم وأخراهم
2 ـ أن هذا القرآن ينزل بنفس حروف الهجاء للغتهم ولم يفهموا معناها بالرغم من براعتهم فى استخدام اللغة
3 ـ ويتحدى البلغاءمنهم أن يأتوا بسورة مثلها ، أو آية
فهو أداة إعجاز كما كانت العصاة أداة إعجاز موسى
4 ـ عندما يحدث البلغاء بحروف لم يفهموها فهذا يجذب الأنتباه
فكأنه يقول ( انتبهوا فالأمر جد خطير )
يقسم سبحانه بالقرآن كريم الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه
وقيل على ماذا القسم فقيل أنه على مضمون الكلام من بعده وهو أن الرسول حق والقرآن حق والله واحد أحد قادر على أن يحيي الموتى ليوم القيامة والحساب
( بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شئ عجيب )
يتعجب الكافرون كيف يرسل الله نبى من البشر
ولم يتفكروا ... لو أن الله أرسل لهم رسول من الملائكة للبس عليهم الأمر لأنه سيتخذ هيئة الإنس ليحدثهم
ومن غير الإنسان يتحدث مع الإنسان ليتفهمه ويفهمه
الآيات 3ـ 5
( أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد * قد علمنا ماتنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ * بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم فى أمر مريج )
يقول الكافرون هل إذا متنا وبليت أجسامنا نعود للحياة مرة أخرى فهذا شئ عجيب مستحيل الحدوث ( رجع بعيد )
ثم يرد على تعجبهم سبحانه ويقول : لقد علمنا ما تأكل الأرض من أجسادهم ( تنقص الأرض ) وعندنا كتاب يحفظ كل ذلك
إنهم يكذبون بذلك فهم فى اضطراب ( مريج ) ملتبس عليهم الأمر
الآيات 6 ـ 11
( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج * والأرض مددناها وألقينا فيها رواسى وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج * تبصرة وذكرى لكل عبد منيب * ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد * والنخل باسقات لها طلع نضيد * رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج )
يحدثنا الله عن نعمه الجليلة علينا
خلق سبع سماوات فى طبقات وزين السماء الدنيا بمصابيح تخدم الإنسان وتنير الأرض وتدفئها وليس بها شقوق ( فروج )
ووسع الأرض ومدها وجعل فيها الجبال لتثبتها وتمنع اضطرابهاوأنبت فيها من أنواع الزروع والثمار والنخيل حسنة المنظر ( بهيج )
وجعل كل ذلك تبصرة ودلالة على قدرته ووجوده وعظمته لكل من كان عبدا مطيعا لله وجل يخاف ويرجع إليه ( منيب )
وأنزل المطر من السماء الدنيا وأنبت به البساتين والزروع والحبوب التى يحصدها الإنسان ويدخرها
والنخل العالى الشاهق فى الطول ( باسقات ) لها أعضاء ذكرية ( طلع ) كالقطن المنضود ( نضيد )
وهذا كله رزق للخلق ( العباد ) وأنزل المطر فأحيا به الأرض الهامدة
( بلدة ميتا )
ويقول سبحانه أن ذلك تماما كما يحيى الله الموتى يسقط المطر الشديد فتعود الأجساد إلى الحياة ( كذلك الخروج )
وهنا نتذكر معا أن 75 % من جسم الإنسان ماء ، وعند الوفاة تفقد الأعضاء حيويتها وتتوقف عن العمل فيجف الماء بالجسم ولا تعويض وبذلك تشبه الأرض الجافة
وعند القيامة ينزل الله المطر الغزير من البحر المسجور الذى تحت عرش الرحمن ويحيط بالسموات فيعود الماء إلى الأجسام وتربوا كما تربوا الأرض الجافة بعد ريها
ويضرب لنا الله المثل بذلك لنعرف و لنتأكد من حتمية البعث وأنه أسهل على الله من الخلق الأول
الآيات 12 ـ 14
( كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود* وعاد وفرعون وإخوان لوط * وأصحاب الأيكة وقوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد )
ويضرب الله الأمثال ببعض الأقوام لنتعرف عليهم ونعتبر:
قوم نوح:
هم بنو راسب .. ولد نوح بعد وفاة آدم عليه السلام ب126 سنة ، وبينه وبين آدم عشرة قرون ، كلها على التوحيد والإسلام ، وهو أول أولى العزم من الرسل .
هلك أناس صالحون وردت أسماءهم فى سورة نوح " ود ـ سواع ـ يغوث ـ يعوق ـ نسر "
أوحى الشيطان إلى قومهم أن ينصبوا لهم نصبا عند مجالسهم حولوها إلى تماثيل ثم بمرور السنين عبدوها ، وهم أول من عبد الأصنام
نهاهم نوح عن عبادتهم فأذوه ، فأمره الله بصنع سفينة ضخمة جمع فيها المؤمنين ومن كل نوع من المخلوقات الذكر والأنثى ،ثم أرسل عليهم طوفان أغرقهم جميعا ،ونجى نوحا ومن معه .
أصحاب الرس:
هم قوم كان لهم بئر ترويهم وتكفى أرضهم ، وكان لهم ملك عادل حسن السيرة ، فلما مات حزنوا عليه حزنا شديدا ، وبعد أيام تصور لهم الشيطان فى صورته ، وقال لهم إنى لم أمت ولكن تغيبت لأرى صنيعكم ، ففرحوا بشدة وأخبرهم أنه لا يموت أبدا ثم ضرب بينهم وبينه حجاب يحدثهم ولا يرونه ...فعبدوه
بعث الله نبيا يسمى حنظلة بن صفوان نهاهم عن عبادته وأخبرهم أنما الشيطان يحدثهم وأمرهم بعبادة الله وحده فقتلوه ودفنوه (رسوه ) فى البئر ، فغار الماء فى البئر حتى هلكوا من العطش ويبست الأشجار وانقطعت الثمار وخربت الديار فهلكوا عن آخرهم وسكنت الجن والوحوش ديارهم .
أصحاب الأيكة :
هم قوم شعيب ،كان أهل مدين كفارا يقطعون الطريق ، وكانت لهم شجرة من نبات الآيك وهونبات عشبي لاثمر له حولها غيضة ملتفة بها ( الأيكة ) وكانوا من أسوأ الناس معاملة يطففون الميزان وينقصوا المكيال، وغيرها من الموبقات ، فنهاهم شعيب عن تلك الأعمال القبيحة فلما أصروا عاقبهم الله بثلاثة طرق
1 ـ رجفة شديدة
2 ـ صيحة عظيمة
3 ـ الظلة ـــوهى أن عذبهم الله عدة أيام بحرارة شديدة ثم أرسل سحابة فاجتمعوا يستظلون بها ، فأرسل منها الشرر والنيران التى أهلكتهم جميعا .
قوم تبع
كان أهل سبأ باليمن عربا من قبيلة حمير كلما ملك فيهم رجل سموه تبعا ، كما يقال كسرى لملك الفرس ، وقيصر لملك الروم ، وفرعون لملك مصر من الكفار ، والنجاشى لملك الحبشة .
وتبع المقصود بالقرآن هو ــ أسعد أبى كر ب الحميرى .
وهو من قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تسبوا تبعا فإنه قد كان أسلم " ، وقال " لاتسبوا أسعد الحميرى فإنه أول من كسى الكعبة ".
قدم أسعد الحميرى المدينة للإغارة عليها فلم يهج أهلها وترك بينهم إبنا له عليهم ، فقتلوه ــ فقدم إليها وهو مجمع على أن يخرج أهلها ويستأصلهم ، ويقطع أشجارها ،ودار بينه وبين أهلها قتالا فى الليل ، فجاءه حبران من أحبار اليهود فقالوا له لا تهدم المدينة فهى مهاجر نبى يخرج من هذا الحرممن قريش فى آخر الزمان تكون داره وقراره ، فانصرف تبعا عن المدينة.
وكان قومه يعبدون الأصنام فقالوا له :ألا ندلك على كنز من الزبرجد واللؤلؤ، والياقوت ، والذهب ، والفضة،غفل عنه الملوك من قبلك ؟ ،يريدون بذلك حثه على هدم الكعبة بحجة البحث عن الكنز .
قالوا : بيت بمكة يعبده أهله ويصلون عنده .
فسأل تبعا الحبران اليهوديان فقالا له : ما أراد القوم إلا إهلاكك وهلاك جندك
فقال : ماذا تأمرانى ؟
قالا : تصنع عنده ما يصنع أهله من طواف ، وتعظيم وتكريم ، وتحلق رأسك وتذل له .
فسألهما لماذا لا يفعلان ذلك
قالا : إنه بيت أبينا إبراهيم و أهله منعانا منه
فصدق كلامهما وفعل مثلما نصحاه أن يفعل وأوصى بكسوة الكعبة وطاف ونحر ستة أيام .
ثم عاد تبعا إلى قومه ، باليمن ، فأبوا عليه ما فعل حتى يحاكموه إلى النار
وقد كان باليمن فى هذا الوقت نارا تخرج عليهم إذا اختلفوا ليتحاكموا إليها ،فخرجوا بأوثانهم وخرج تبعا والحبران بالتوراة وتقدموا إلى المكان الذى تخرج منه النار فخرجت عليهم فأكلت أوثانهم وأحرقتهم ،وقضى الله عليهم وخرج تبعا والحبران والتوراة لم تمسسهم النار ، ودخل أهل اليمن فى دين اليهودية .
قوم هود :
قبيلة سكنت الأحقاف ( جبال الرمل ) من حضرموت ، كانوا يسكنون الخيام ذات الأعمدة الضخمة ، وهم أول قوم زين لهم الشيطان عبادة الأصنام بعد نوح ، وأصنامهم تسمى ( صمدا ـ صمودا ـ هرا )
منحهم الله بسطة فى الجسم وقوة البدن ورغد العيش ، ولكنهم عبدوا الأصنام وأفسدوا فى الأرض فأرسل لهم نبيهم هود فكذبوه فمنع الله عنهم المطر ثلاثة سنوات فكادوا أن يهلكوا ، ثم أرسل عليهم ريحا شديدة ظنوا أنها عارض ممطر لهم ولكنها كانت ريحا سلطها الله عليهم سبعة ليال وثمانية أيام متتابعة (حسوما ) فأصبحوا صرعى جميعا .
ثمود قوم صالح
قبيلة سميت باسم جدهم الحفيد الثانى لنوح عليه السلام ،سكنوا الحجر ( بين الحجاز و تبوك 9 وكانوا يعبدون الأصنام
أرسل الله لهم صالحا نبيا يأمرهم بعبادة الله وحده ، فاشترطوا لأن يفعلوا ذلك أن يخرج لهم ناقة ضخمة من الصخر ، فأخرج لهم الله الناقة ،ولما صعب عليهم أن تشرب ماءهم وتأكل المرعى ذبحوها بعد أن خططوا ودبروا وكذبوا أيضا ، فأرسل الله عليهم صيحة من السماء ورجفة من الأرض أهلكهم بها جميعا .
فرعون قوم موسى علي السلام :
حاكم مصر فى عهد موسى عليه السلام ، أستخف بعقول القوم وأدعى الألوهية وأفسد وقتل الأولادالذكور وترك الإناث وعبده قومه وأذى موسى وقومه فعاقبه الله بالغرق فى البحرهو وجنوده .
إخوان لوط :
لوط هو إبن هاران أخو إبراهيم عليه السلام ، كان قومه يأتون الفاحشة فى مدينة حران وأرسل الله عليهم الملائكة دمروا القرية بمن فيها بعد أن أمره إبراهيم عليه السلام بالخروج إلى مدينة سدوم هو ومن تبعه من أهله أما إمرأته كانت من الهالكين إذ كانت تعين قومه عليه .
وسماهم الله فى سورة النجم بالمؤتفكة عندما قال تعالى ( والمؤتفكة أهوى )
أى مدائن لوط التى أهوى بها، إذ رفعها جبريل عليه السلام على طرف جناحه إلى عنان السماء ، ثم قلبها فجعل عاليها سافلها وأمطر عليهم حجارة من سجيل " جهنم " .
واحذر فمن علامات الإشاره لفعل الفاحشه عندهم كانت البنطلون الساقط والصفاره بالفم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الآية 15
( أفعيينا بالخلق الأول ، بل هم فى لبس من خلق جديد )
ويقول سبحانه هنا أفعجزنا عن خلق كل هؤلاء الأوائل حتى يكون عندهم شك فى الخلق بعد الموت
أى لم نعجز عن الخلق الأول ولن نعجز عن إعادتهم بعد الموت ليوم القيامة
الآيات 16 ـ 18
( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد * إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )
يقول سبحانه أنه خالق الإنسان وهو الذى علمه ويعلم جميع أموره حتى لدرجة أنه يعلم ما يدور فى نفسه دون النطق به
وملائكته تعالى أقرب إلى الإنسان من حبل وريده الذى يسرى فيه دمه
فهناك ملكين يجلسان مترصدان عن يمين ويسار كل إنسان يكتبون كل ما يفعل ويقول ولا يترك كلمة ولا حرف
الآيات 19 ـ 22
( وجاءت سكرة الموت بالحق ، ذلك ما كنت منه تحيد * ونفخ فى الصور ذلك يوم الوعيد * وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد * لقد كنت فى غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد )
وجاءت سكرات الموت التى كشفت عن الحقيقة واليقين ، وهذا الذى كنت تهرب منه ولا محالة فقد أتى
وانتهى الزمن بالنسبة لك فلحظات وينفخ فى الصور ( البوق ) ويقال هذا يوم القيامة الذى وعدكم الله
وتحضر الأنفس ومع كل نفس ملك يسوقها ويشهد علي أعمالها وكتاب به كل أفعالها
هذا اليوم واللقاء الذى كنت غافلا عنه فهاأنت قوى البصر ( حديد ) وترى يوم القيامة الذى كنت تؤجل الإستقامه لحين يأت ويكذب به الكافرون
الآيات 23 ـ 29
( وقال قرينه هذا ما لدى عتيد * ألقيا فى جهنم كل كفار عنيد * مناع للخير معتد مريب * الذى جعل مع الله إلاها آخر فألقياه فى العذاب الشديد * قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان فى ضلال بعيد * قال لا تختصموا لدى وقد قدمت إليكم بالوعيد * ما يبدل القول لدى وما أنا بظلام للعبيد )
ويقول الملك الذى يسوق الإنسان القرين من الملائكة هذا فلان الذى وكلت به قد أحضرته
ويقول عن الكافر هذا كان كافر عنيد فألقياه فى النار فهو كان معاندا للحق معارض بالباطل
وهو كان لا يؤدى ما عليه من واجبات ويمنع الخير ويتعدى الحد فى أمره
وقد أشرك بالله وجعل معه آلهة أخرى فعذبوه فى النار
ويقول كذلك قرينه من الجان الذى أغواه أنا برئ منه وما أضللته وإنما هو الذى كان ضالا قابلا للعمل بالباطل
فيقول الله لهذا الإنسان وقرينه من الجن لا تختصمان ولا يلقى بعضكما الذنب على الآخر فقد أرسلت لكم الرسل والمبشرين وضللتم وكذبتم
قد قضيت بينكم ولا يبدل عندى القول
فالله لا يظلم أحد وكل فرد يحاسب بعمله
الآيات 30 ـ 35
( يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد * وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد * هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ * من خشى الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب * ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود * لهم ما يشاؤن فيها ولدينا مزيد )
يلقى الكافرون والمشركين والطغاة والعاصون فى نار جهنم ويقال هل امتلأت واكتفيت ؟ فترد النار وتقول هل من زيادة فأنا أريد أكثر
وذلك من شدة حنقتها على الطغاة
ثم تقرب الجنة من المؤمنين و تدخل أهل الطاعات والمؤمنين الجنة ويقال لهم هنيئا فهذا جزاء التائبين المتقين الذين يحفظون العهد مع الله ويخشونه بالغيب ويستغفرونه وجاءوا اليوم بقلب سليم خاضع ،
ادخلوا الجنة سلمتم من عذاب الله ولكم كل ما تتمنون خالدين فى النعيم
الآيات 36 ـ 37
( وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا فى البلاد هل من محيص * إن فى ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد )
يقول تعالى أنه من قبل هؤلاء الطغاة كانت هناك قرونا على الضلال أهلكها الله وقد كانوا أشد ظلما وقوة وساروا فى البلاد يطلبون الأرزاق وطافوا فى البلاد أكثر مما طفتم أنتم ولكن لم يعجزوا الله
وهذا فيه عبرة لكل من كان عنده عقل مفكر ، واستمع للقول وشهد بقلبه عليه .
الآيات 38 ـ 40
( ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما فى ستة أيام وما مسنا من لغوب * فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب * ومن الليل فسبحه وأدبار السجود )
قالت اليهود : " إن الله خلق الخلق فى ستة أيام واستراح اليوم السابع ، وهو يوم السبت ، ويسمونه يوم الراحة .
فأنزل الله الآية من قوله تعالى :
( ولقد خلقنا السموات و الأرض وما بينهما فى ستة أيام وما مسنا من لغوب ).فقد أتت اليهود الرسول صلى الله عليه وسلم فسألت عن خلق السموات والأرض فقال : " خلق الله الأرض يوم الأحد والأثنين ، وخلق الجبال ـــ وما فيها من المنافع ـــ يوم الثلاثاء ، وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء ،
وخلق يوم الخميس السماء ،وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر ".
قالت اليهود ثم ماذا ... يا محمد ؟
قال : " ثم استوى على العرش " .
قالوا : قد أصبت ـ لو تممت ثم استراح ـ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا ، فنزلت الآيات ( ق 38 ـ 39 ) .
من أين أتى اليهود هذا الفكر ...؟
حرم الله فى التوراة العمل يوم السبت فى فترة من الزمان أختبارا لهم .
ويهون سبحانه على رسوله والمؤمنين ويقول اصبر واصبروا ولا يحزنك قولهم واستعن على الصبر بالتسبيح وذكر الله فى جميع الأوقات فى الليل وبعد الصلوات الخمس وقبل طلوع الشمس وقبل غروبها
يعنى فى جميع الأوقات والحالات
الآيات 41 ـ 45
( واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب * يوم يسمعون الصيحة بالحق ، ذلك يوم الخروج * إنا نحن نحي ونميت وإلينا المصير * يوم تشقق الأرض عنهم سراعا ، ذلك حشر علينا يسير * نحن أعلم بما يقولون ، وما أنت عليهم بجبار ، فذكر بالقرآن من يخاف وعيد )
ويقول يا محمد استمع يوم ينفخ فى الصور وينادى المناد اخرجوا من الأرض فيخرج الناس ويأت ربك بالحق وتتشقق الأرض عن الناس ويجمعهم الله وهذا سهل عليه فالله يحي ويميت ... فلا تحزن فالله يعلم بما يقولون ويحيط بما يعملون
وما أنت بالذى تجبر الناس على أن يؤمنوا بالقوة
فما عليك إلا الدعوة لتوحيد الله والتذكير بما فى القرآن ويتبعك من يخاف الله ويخشى عذابه
هذه هى سورة ق
تعريف بالنفس وتعريف بالكون من حولنا وتعريف بأنفسنا ومن حولنا وأننا لا نترك هباء وغير وحيدون بدون مراقبة ثم الموت ثم الحساب وتخلد الحياة بعد ذلك لما وضعناه لأنفسنا من منهج
فاختاروا الهدف وحققوه بالمنهج
أعافنا الله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا وهدانا جميعا الطريق المستقيم وصبرنا عليه
آية 1 ، 2
( ق * والقرآن المجيد )
ق : هى حرف من حروف القرآن ومثله مثل باقى الحروف فى بدايات السور وقد قلنا عنها من قبل فى سورتى البقرة وآل عمران :
الحروف فى بداية السور قال فيها العلماء عدة أقوال :
1 ـ أن هذا القرآن بنفس حروف الهجاء بلغة العرب ، حتى ينتبهوا لما ينزل من السماء على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه يحدثهم فى امور دنياهم وأخراهم
2 ـ أن هذا القرآن ينزل بنفس حروف الهجاء للغتهم ولم يفهموا معناها بالرغم من براعتهم فى استخدام اللغة
3 ـ ويتحدى البلغاءمنهم أن يأتوا بسورة مثلها ، أو آية
فهو أداة إعجاز كما كانت العصاة أداة إعجاز موسى
4 ـ عندما يحدث البلغاء بحروف لم يفهموها فهذا يجذب الأنتباه
فكأنه يقول ( انتبهوا فالأمر جد خطير )
يقسم سبحانه بالقرآن كريم الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه
وقيل على ماذا القسم فقيل أنه على مضمون الكلام من بعده وهو أن الرسول حق والقرآن حق والله واحد أحد قادر على أن يحيي الموتى ليوم القيامة والحساب
( بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شئ عجيب )
يتعجب الكافرون كيف يرسل الله نبى من البشر
ولم يتفكروا ... لو أن الله أرسل لهم رسول من الملائكة للبس عليهم الأمر لأنه سيتخذ هيئة الإنس ليحدثهم
ومن غير الإنسان يتحدث مع الإنسان ليتفهمه ويفهمه
الآيات 3ـ 5
( أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد * قد علمنا ماتنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ * بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم فى أمر مريج )
يقول الكافرون هل إذا متنا وبليت أجسامنا نعود للحياة مرة أخرى فهذا شئ عجيب مستحيل الحدوث ( رجع بعيد )
ثم يرد على تعجبهم سبحانه ويقول : لقد علمنا ما تأكل الأرض من أجسادهم ( تنقص الأرض ) وعندنا كتاب يحفظ كل ذلك
إنهم يكذبون بذلك فهم فى اضطراب ( مريج ) ملتبس عليهم الأمر
الآيات 6 ـ 11
( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج * والأرض مددناها وألقينا فيها رواسى وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج * تبصرة وذكرى لكل عبد منيب * ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد * والنخل باسقات لها طلع نضيد * رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج )
يحدثنا الله عن نعمه الجليلة علينا
خلق سبع سماوات فى طبقات وزين السماء الدنيا بمصابيح تخدم الإنسان وتنير الأرض وتدفئها وليس بها شقوق ( فروج )
ووسع الأرض ومدها وجعل فيها الجبال لتثبتها وتمنع اضطرابهاوأنبت فيها من أنواع الزروع والثمار والنخيل حسنة المنظر ( بهيج )
وجعل كل ذلك تبصرة ودلالة على قدرته ووجوده وعظمته لكل من كان عبدا مطيعا لله وجل يخاف ويرجع إليه ( منيب )
وأنزل المطر من السماء الدنيا وأنبت به البساتين والزروع والحبوب التى يحصدها الإنسان ويدخرها
والنخل العالى الشاهق فى الطول ( باسقات ) لها أعضاء ذكرية ( طلع ) كالقطن المنضود ( نضيد )
وهذا كله رزق للخلق ( العباد ) وأنزل المطر فأحيا به الأرض الهامدة
( بلدة ميتا )
ويقول سبحانه أن ذلك تماما كما يحيى الله الموتى يسقط المطر الشديد فتعود الأجساد إلى الحياة ( كذلك الخروج )
وهنا نتذكر معا أن 75 % من جسم الإنسان ماء ، وعند الوفاة تفقد الأعضاء حيويتها وتتوقف عن العمل فيجف الماء بالجسم ولا تعويض وبذلك تشبه الأرض الجافة
وعند القيامة ينزل الله المطر الغزير من البحر المسجور الذى تحت عرش الرحمن ويحيط بالسموات فيعود الماء إلى الأجسام وتربوا كما تربوا الأرض الجافة بعد ريها
ويضرب لنا الله المثل بذلك لنعرف و لنتأكد من حتمية البعث وأنه أسهل على الله من الخلق الأول
الآيات 12 ـ 14
( كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود* وعاد وفرعون وإخوان لوط * وأصحاب الأيكة وقوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد )
ويضرب الله الأمثال ببعض الأقوام لنتعرف عليهم ونعتبر:
قوم نوح:
هم بنو راسب .. ولد نوح بعد وفاة آدم عليه السلام ب126 سنة ، وبينه وبين آدم عشرة قرون ، كلها على التوحيد والإسلام ، وهو أول أولى العزم من الرسل .
هلك أناس صالحون وردت أسماءهم فى سورة نوح " ود ـ سواع ـ يغوث ـ يعوق ـ نسر "
أوحى الشيطان إلى قومهم أن ينصبوا لهم نصبا عند مجالسهم حولوها إلى تماثيل ثم بمرور السنين عبدوها ، وهم أول من عبد الأصنام
نهاهم نوح عن عبادتهم فأذوه ، فأمره الله بصنع سفينة ضخمة جمع فيها المؤمنين ومن كل نوع من المخلوقات الذكر والأنثى ،ثم أرسل عليهم طوفان أغرقهم جميعا ،ونجى نوحا ومن معه .
أصحاب الرس:
هم قوم كان لهم بئر ترويهم وتكفى أرضهم ، وكان لهم ملك عادل حسن السيرة ، فلما مات حزنوا عليه حزنا شديدا ، وبعد أيام تصور لهم الشيطان فى صورته ، وقال لهم إنى لم أمت ولكن تغيبت لأرى صنيعكم ، ففرحوا بشدة وأخبرهم أنه لا يموت أبدا ثم ضرب بينهم وبينه حجاب يحدثهم ولا يرونه ...فعبدوه
بعث الله نبيا يسمى حنظلة بن صفوان نهاهم عن عبادته وأخبرهم أنما الشيطان يحدثهم وأمرهم بعبادة الله وحده فقتلوه ودفنوه (رسوه ) فى البئر ، فغار الماء فى البئر حتى هلكوا من العطش ويبست الأشجار وانقطعت الثمار وخربت الديار فهلكوا عن آخرهم وسكنت الجن والوحوش ديارهم .
أصحاب الأيكة :
هم قوم شعيب ،كان أهل مدين كفارا يقطعون الطريق ، وكانت لهم شجرة من نبات الآيك وهونبات عشبي لاثمر له حولها غيضة ملتفة بها ( الأيكة ) وكانوا من أسوأ الناس معاملة يطففون الميزان وينقصوا المكيال، وغيرها من الموبقات ، فنهاهم شعيب عن تلك الأعمال القبيحة فلما أصروا عاقبهم الله بثلاثة طرق
1 ـ رجفة شديدة
2 ـ صيحة عظيمة
3 ـ الظلة ـــوهى أن عذبهم الله عدة أيام بحرارة شديدة ثم أرسل سحابة فاجتمعوا يستظلون بها ، فأرسل منها الشرر والنيران التى أهلكتهم جميعا .
قوم تبع
كان أهل سبأ باليمن عربا من قبيلة حمير كلما ملك فيهم رجل سموه تبعا ، كما يقال كسرى لملك الفرس ، وقيصر لملك الروم ، وفرعون لملك مصر من الكفار ، والنجاشى لملك الحبشة .
وتبع المقصود بالقرآن هو ــ أسعد أبى كر ب الحميرى .
وهو من قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تسبوا تبعا فإنه قد كان أسلم " ، وقال " لاتسبوا أسعد الحميرى فإنه أول من كسى الكعبة ".
قدم أسعد الحميرى المدينة للإغارة عليها فلم يهج أهلها وترك بينهم إبنا له عليهم ، فقتلوه ــ فقدم إليها وهو مجمع على أن يخرج أهلها ويستأصلهم ، ويقطع أشجارها ،ودار بينه وبين أهلها قتالا فى الليل ، فجاءه حبران من أحبار اليهود فقالوا له لا تهدم المدينة فهى مهاجر نبى يخرج من هذا الحرممن قريش فى آخر الزمان تكون داره وقراره ، فانصرف تبعا عن المدينة.
وكان قومه يعبدون الأصنام فقالوا له :ألا ندلك على كنز من الزبرجد واللؤلؤ، والياقوت ، والذهب ، والفضة،غفل عنه الملوك من قبلك ؟ ،يريدون بذلك حثه على هدم الكعبة بحجة البحث عن الكنز .
قالوا : بيت بمكة يعبده أهله ويصلون عنده .
فسأل تبعا الحبران اليهوديان فقالا له : ما أراد القوم إلا إهلاكك وهلاك جندك
فقال : ماذا تأمرانى ؟
قالا : تصنع عنده ما يصنع أهله من طواف ، وتعظيم وتكريم ، وتحلق رأسك وتذل له .
فسألهما لماذا لا يفعلان ذلك
قالا : إنه بيت أبينا إبراهيم و أهله منعانا منه
فصدق كلامهما وفعل مثلما نصحاه أن يفعل وأوصى بكسوة الكعبة وطاف ونحر ستة أيام .
ثم عاد تبعا إلى قومه ، باليمن ، فأبوا عليه ما فعل حتى يحاكموه إلى النار
وقد كان باليمن فى هذا الوقت نارا تخرج عليهم إذا اختلفوا ليتحاكموا إليها ،فخرجوا بأوثانهم وخرج تبعا والحبران بالتوراة وتقدموا إلى المكان الذى تخرج منه النار فخرجت عليهم فأكلت أوثانهم وأحرقتهم ،وقضى الله عليهم وخرج تبعا والحبران والتوراة لم تمسسهم النار ، ودخل أهل اليمن فى دين اليهودية .
قوم هود :
قبيلة سكنت الأحقاف ( جبال الرمل ) من حضرموت ، كانوا يسكنون الخيام ذات الأعمدة الضخمة ، وهم أول قوم زين لهم الشيطان عبادة الأصنام بعد نوح ، وأصنامهم تسمى ( صمدا ـ صمودا ـ هرا )
منحهم الله بسطة فى الجسم وقوة البدن ورغد العيش ، ولكنهم عبدوا الأصنام وأفسدوا فى الأرض فأرسل لهم نبيهم هود فكذبوه فمنع الله عنهم المطر ثلاثة سنوات فكادوا أن يهلكوا ، ثم أرسل عليهم ريحا شديدة ظنوا أنها عارض ممطر لهم ولكنها كانت ريحا سلطها الله عليهم سبعة ليال وثمانية أيام متتابعة (حسوما ) فأصبحوا صرعى جميعا .
ثمود قوم صالح
قبيلة سميت باسم جدهم الحفيد الثانى لنوح عليه السلام ،سكنوا الحجر ( بين الحجاز و تبوك 9 وكانوا يعبدون الأصنام
أرسل الله لهم صالحا نبيا يأمرهم بعبادة الله وحده ، فاشترطوا لأن يفعلوا ذلك أن يخرج لهم ناقة ضخمة من الصخر ، فأخرج لهم الله الناقة ،ولما صعب عليهم أن تشرب ماءهم وتأكل المرعى ذبحوها بعد أن خططوا ودبروا وكذبوا أيضا ، فأرسل الله عليهم صيحة من السماء ورجفة من الأرض أهلكهم بها جميعا .
فرعون قوم موسى علي السلام :
حاكم مصر فى عهد موسى عليه السلام ، أستخف بعقول القوم وأدعى الألوهية وأفسد وقتل الأولادالذكور وترك الإناث وعبده قومه وأذى موسى وقومه فعاقبه الله بالغرق فى البحرهو وجنوده .
إخوان لوط :
لوط هو إبن هاران أخو إبراهيم عليه السلام ، كان قومه يأتون الفاحشة فى مدينة حران وأرسل الله عليهم الملائكة دمروا القرية بمن فيها بعد أن أمره إبراهيم عليه السلام بالخروج إلى مدينة سدوم هو ومن تبعه من أهله أما إمرأته كانت من الهالكين إذ كانت تعين قومه عليه .
وسماهم الله فى سورة النجم بالمؤتفكة عندما قال تعالى ( والمؤتفكة أهوى )
أى مدائن لوط التى أهوى بها، إذ رفعها جبريل عليه السلام على طرف جناحه إلى عنان السماء ، ثم قلبها فجعل عاليها سافلها وأمطر عليهم حجارة من سجيل " جهنم " .
واحذر فمن علامات الإشاره لفعل الفاحشه عندهم كانت البنطلون الساقط والصفاره بالفم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الآية 15
( أفعيينا بالخلق الأول ، بل هم فى لبس من خلق جديد )
ويقول سبحانه هنا أفعجزنا عن خلق كل هؤلاء الأوائل حتى يكون عندهم شك فى الخلق بعد الموت
أى لم نعجز عن الخلق الأول ولن نعجز عن إعادتهم بعد الموت ليوم القيامة
الآيات 16 ـ 18
( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد * إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )
يقول سبحانه أنه خالق الإنسان وهو الذى علمه ويعلم جميع أموره حتى لدرجة أنه يعلم ما يدور فى نفسه دون النطق به
وملائكته تعالى أقرب إلى الإنسان من حبل وريده الذى يسرى فيه دمه
فهناك ملكين يجلسان مترصدان عن يمين ويسار كل إنسان يكتبون كل ما يفعل ويقول ولا يترك كلمة ولا حرف
الآيات 19 ـ 22
( وجاءت سكرة الموت بالحق ، ذلك ما كنت منه تحيد * ونفخ فى الصور ذلك يوم الوعيد * وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد * لقد كنت فى غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد )
وجاءت سكرات الموت التى كشفت عن الحقيقة واليقين ، وهذا الذى كنت تهرب منه ولا محالة فقد أتى
وانتهى الزمن بالنسبة لك فلحظات وينفخ فى الصور ( البوق ) ويقال هذا يوم القيامة الذى وعدكم الله
وتحضر الأنفس ومع كل نفس ملك يسوقها ويشهد علي أعمالها وكتاب به كل أفعالها
هذا اليوم واللقاء الذى كنت غافلا عنه فهاأنت قوى البصر ( حديد ) وترى يوم القيامة الذى كنت تؤجل الإستقامه لحين يأت ويكذب به الكافرون
الآيات 23 ـ 29
( وقال قرينه هذا ما لدى عتيد * ألقيا فى جهنم كل كفار عنيد * مناع للخير معتد مريب * الذى جعل مع الله إلاها آخر فألقياه فى العذاب الشديد * قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان فى ضلال بعيد * قال لا تختصموا لدى وقد قدمت إليكم بالوعيد * ما يبدل القول لدى وما أنا بظلام للعبيد )
ويقول الملك الذى يسوق الإنسان القرين من الملائكة هذا فلان الذى وكلت به قد أحضرته
ويقول عن الكافر هذا كان كافر عنيد فألقياه فى النار فهو كان معاندا للحق معارض بالباطل
وهو كان لا يؤدى ما عليه من واجبات ويمنع الخير ويتعدى الحد فى أمره
وقد أشرك بالله وجعل معه آلهة أخرى فعذبوه فى النار
ويقول كذلك قرينه من الجان الذى أغواه أنا برئ منه وما أضللته وإنما هو الذى كان ضالا قابلا للعمل بالباطل
فيقول الله لهذا الإنسان وقرينه من الجن لا تختصمان ولا يلقى بعضكما الذنب على الآخر فقد أرسلت لكم الرسل والمبشرين وضللتم وكذبتم
قد قضيت بينكم ولا يبدل عندى القول
فالله لا يظلم أحد وكل فرد يحاسب بعمله
الآيات 30 ـ 35
( يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد * وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد * هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ * من خشى الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب * ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود * لهم ما يشاؤن فيها ولدينا مزيد )
يلقى الكافرون والمشركين والطغاة والعاصون فى نار جهنم ويقال هل امتلأت واكتفيت ؟ فترد النار وتقول هل من زيادة فأنا أريد أكثر
وذلك من شدة حنقتها على الطغاة
ثم تقرب الجنة من المؤمنين و تدخل أهل الطاعات والمؤمنين الجنة ويقال لهم هنيئا فهذا جزاء التائبين المتقين الذين يحفظون العهد مع الله ويخشونه بالغيب ويستغفرونه وجاءوا اليوم بقلب سليم خاضع ،
ادخلوا الجنة سلمتم من عذاب الله ولكم كل ما تتمنون خالدين فى النعيم
الآيات 36 ـ 37
( وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا فى البلاد هل من محيص * إن فى ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد )
يقول تعالى أنه من قبل هؤلاء الطغاة كانت هناك قرونا على الضلال أهلكها الله وقد كانوا أشد ظلما وقوة وساروا فى البلاد يطلبون الأرزاق وطافوا فى البلاد أكثر مما طفتم أنتم ولكن لم يعجزوا الله
وهذا فيه عبرة لكل من كان عنده عقل مفكر ، واستمع للقول وشهد بقلبه عليه .
الآيات 38 ـ 40
( ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما فى ستة أيام وما مسنا من لغوب * فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب * ومن الليل فسبحه وأدبار السجود )
قالت اليهود : " إن الله خلق الخلق فى ستة أيام واستراح اليوم السابع ، وهو يوم السبت ، ويسمونه يوم الراحة .
فأنزل الله الآية من قوله تعالى :
( ولقد خلقنا السموات و الأرض وما بينهما فى ستة أيام وما مسنا من لغوب ).فقد أتت اليهود الرسول صلى الله عليه وسلم فسألت عن خلق السموات والأرض فقال : " خلق الله الأرض يوم الأحد والأثنين ، وخلق الجبال ـــ وما فيها من المنافع ـــ يوم الثلاثاء ، وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء ،
وخلق يوم الخميس السماء ،وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر ".
قالت اليهود ثم ماذا ... يا محمد ؟
قال : " ثم استوى على العرش " .
قالوا : قد أصبت ـ لو تممت ثم استراح ـ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا ، فنزلت الآيات ( ق 38 ـ 39 ) .
من أين أتى اليهود هذا الفكر ...؟
حرم الله فى التوراة العمل يوم السبت فى فترة من الزمان أختبارا لهم .
ويهون سبحانه على رسوله والمؤمنين ويقول اصبر واصبروا ولا يحزنك قولهم واستعن على الصبر بالتسبيح وذكر الله فى جميع الأوقات فى الليل وبعد الصلوات الخمس وقبل طلوع الشمس وقبل غروبها
يعنى فى جميع الأوقات والحالات
الآيات 41 ـ 45
( واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب * يوم يسمعون الصيحة بالحق ، ذلك يوم الخروج * إنا نحن نحي ونميت وإلينا المصير * يوم تشقق الأرض عنهم سراعا ، ذلك حشر علينا يسير * نحن أعلم بما يقولون ، وما أنت عليهم بجبار ، فذكر بالقرآن من يخاف وعيد )
ويقول يا محمد استمع يوم ينفخ فى الصور وينادى المناد اخرجوا من الأرض فيخرج الناس ويأت ربك بالحق وتتشقق الأرض عن الناس ويجمعهم الله وهذا سهل عليه فالله يحي ويميت ... فلا تحزن فالله يعلم بما يقولون ويحيط بما يعملون
وما أنت بالذى تجبر الناس على أن يؤمنوا بالقوة
فما عليك إلا الدعوة لتوحيد الله والتذكير بما فى القرآن ويتبعك من يخاف الله ويخشى عذابه
هذه هى سورة ق
تعريف بالنفس وتعريف بالكون من حولنا وتعريف بأنفسنا ومن حولنا وأننا لا نترك هباء وغير وحيدون بدون مراقبة ثم الموت ثم الحساب وتخلد الحياة بعد ذلك لما وضعناه لأنفسنا من منهج
فاختاروا الهدف وحققوه بالمنهج
أعافنا الله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا وهدانا جميعا الطريق المستقيم وصبرنا عليه