مــــرحــــــباَ بـــأحـبـــاب الله مــعــاَ

في طريق الجنة


الأربعاء، 1 ديسمبر 2010

تفسير سورة الفيل

تفسير سورة الفيل


  بسم الله الرحمن الرحيم

( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل . ألم يجعل كيدهم فى تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل . ترميهم بحجارة من سجيل . فجعلهم كعصف مأكول ) سورة الفيل

وليتسنى لنا معرفة خطورة الحسد على تدمير القادة ، نستعرض قصة أصحاب الأخدود وعلاقتهم بأبرهه الأشرم الذى كان حاذقا فى قيادته وحكيما فى كسب قواده ومنقاديه ، ثم جعل الحسد منه عصف مأكول .

وتبدأ القصة عندما دخلت أهل نجران باليمن فى دين النصرانية على يد رجل يقال له

( فيميون )من الشام ، وكان مجاب الدعوة ، وله صاحب يسمى صالح .

كانا يتعبدان يوم الأحد ويعملان باقى الأسبوع ، وكان يدعو للمرضى فيشفون بإذن الله

أسرهما بعض العراب وباعوهما بنجران ، وكان الذى اشترى فيميون يراه يتعبد ليلا فيضئ البيت نورا ، وكان أهل نجران يعبدون نخلة طويلة يضعون عليها حلى نساءهم كقرابين .

فقال فيميون لسيده " هل إن دعوت على هذه الشجرة فهلكت أفتعلمون أنكم على باطل وتقطعونها ؟ "

قال : نعم

فدعا الله عليها ، فأرسل الله عليها قاصفا انتزعها من أصلها ، فاتبعه أهل نجران على النصرانية .

وكان عليهم الملك ( ذو نواس ) الذى كان له ساحرا ، لما كبر طلب منه الملك أن يأت بغلام يعلمه السحر ، فأتى بغلام يسمى ( عبد الله بن التامر ) ، وكان الغلام بين الراهب وبين الساحر.

فلما تأثر بالراهب فيميون ، أخذ يدعوالناس للنصرانية ، فحاول الملك قتله ، وفى كل محاولة كان يتعوذ الغلام بالله من أعوان الملك ومن القتل هادفا إقناعهم بوحدانية الله وأن الموت بقدر الله وحده .فينجو من القتل وتحيد عنه الرماح

فقال الغلام ــ مضحيا بحياته من أجل إعلاء كلمة الله ــ إن أردت قتلى فقل بسم رب الغلام عندما ترمى بالرمح ) ، وعندما قال الملك ذلك استطاع أن يقتل الغلام ، فدخل أهل نجران النصرانية ، فشق لهم الملك أخدودا كبيرا أشعل فيه النيران وكانت النار فيه لا تخمد ، وحرق عشرين ألفا من المؤمنين .

ووصف القرآن الكريم هذا الحادث ليصف لنا أصحاب الأخدود فى سورة البروج حيث قال تعالى : ( قتل أصحاب الأخدود. النار ذات الوقود . إذ هم عليها قعود. وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد )

ونجا من مؤمنى أهل نجران رجلا يسمى " دوس ذو ثعلبة " هرب على فرس له حتى أتى قيصر الروم ،واستنصره على ذي نواس ،فأرسل ملك الروم إلى النجاشي يأمره أن ينصر دوسا ً وينصر بلاده

أرسل النجاشي جيش من سبعين ألف جندي لنصرة دوس على رأس الجيش قائدا ً يدعى أرياط ، ومن جنوده أبرهة

تقابل جيش أرياط ومعه دوس من ذو نواس ومن معه من قبائل اليمن ، فانهزم ذو نواس ، وهرب بفرسه في البحر فغرق ، ودخل أرياط اليمن .



أقام أرياط سنين ملكا على اليمن وكان قائد جيشه أبرهة .



غار أبرهة من أرياط وحسده على ملكه وتفرقت الحبش عليهما ، البعض يناصرون أرياط ، والآخرون يناصرون أبرهة .



أرسل أبرهة إلى أرياط وقال نتبارز ، وأينا أصاب صاحبه انصرف إليه جنده ، وخرجا للمبارزة .



ضرب أرياط أبرهة فوقعت الحربة على جبهته وشرمت حاجبه وعينه وأنفه وشفته (ومنذ ذلك الوقت عرف بأبرهة الأشرم ) .



هجم جنود أبرهة على أرياط وقتلوه ، وانضم جنود أرياط إلى جنود أبرهة .



ولما سمع النجاشي بما حدث ، أقسم أن يجز ناصية أبرهة.



جز أبرهة ناصيته وحلق شعره ، وملأ جرابا ً من تراب أرض اليمن مع الشعر ، وأرسل به إلى النجاشي يستسمحه وقال له في رسالة :ــ



( أيها الملك إنما كان أرياط عبدك ، وأنا عبدك فاختلفنا في أمرك ، وكل طاعته لك إلا إني كنت أقوى على أمر الحبشة وأضبط لها وقد حلقت رأسي كله حين بلغني قسم الملك وبعثت إليه بجراب تراب من أرضي ليضعه تحت قدميه فيبر قسمه في َّ) .

فلما رأى النجاشي حكمته عفا عنه .

بنى أبرهة كنيسة لم يرى مثلها على الأرض وأرسل إلى النجاشى أنه سيصرف الناس للحج إليها ، حسدا لأهل مكة على البيت العتيق ، وسخر أهل اليمن فى بنائها ، ومن تباطأ قطع يده.

بناها على صنمين طولهما ستون ذراعا ( الذراع = 64 سم ) ومن يتعرض لها بأذى أو سرقة تصيبه الجن بالسوء .

سمع رجل من مكة كان ينسأ الشهر الحرام فغضب وأتى الكنيسة وأحدث فيها .

فلما علم أبرهة غضب وأقسم أن يذهب البيت الحرام ليهدمه ، فسار بجنوده من الحبش ومعه الفيل محمود الذى اشتهر بالشراسة والقوة .

جمع رجل من أشراف اليمن يدعى ( ذو نفر ) العرب من قومه لحرب أبرهة ، وتعرض له فهزم ذو نفر وأسره الحبش .

ثم مضى أبرهة فى طريقه إلى البيت ، فتعرض له نفيل بن حبيب ،ولكنه أسر ، وكلما مر أبرهة بقوم خضعوا له حتى وصل الطائف ووصل مكة .

أخذ رجل حبشى أموال من قريش ومنها مائتى بعير لعبد المطلب بن هاشم ( جد الرسول ) وقد كان سيد قريش .

ولم يقدر عرب قريش أن يتصدوا لأبرهة فأرسل لهم أنه لم يأت لمحاربتهم ، ولكنه أتى ليهدم البيت ،وطلب مقابلة كبيرهم ، فجاءه عبد المطلب فقال له أنهم لاطاقة لهم بالحرب ، وأن البيت بيت الله ، وبيت خلياه إبراهيم ، وأنه حرم الله هو يمنعه .

أرسل أبرهة لعبد المطلب ليتداول معه ، وقرب منه وأجلسه على بساطه حيث أنه زعيم القوم وكان بينهما ترجمان .

سأل عبد المطلب أن يترك البعير ، فتعجب أبرهة من سؤاله ، إذ حدثه فى أمر البعير ولم يكلمه فى البيت الذى هو بيت الله ودينه ودين آبائه وأجداده ، ولقريش السيادة بين العرب لهذا البيت ، فقال له عبد المطلب " أنى رب الإبل ، أما البيت فله رب يحميه " ، فرد أبرهة الإبل إلى عبد المطلب

قام عبد المطلب ومعه نفر من قريش وأخذ بحلقة باب الكعبة يدعون الله ويستنصرونه على أبرهة وجنده .

تقدم أبرهة بالفيل محمود ، فأقبل نفيل بن حبيب حتى قام بجانب الفيل وأخذ بأذنه وقال :

إبرك محمودا وارجع راشدا من حيث أتيت فإنك فى بلد الله الحرام .

برك الفيل ، فأخذوا يضربونه ليقوم ، ولكنه أبى ، فإذا وجهوه إلى اليمن قام يهرول ، وإذا وجهوه إلى مكة يبرك ، وإذا وجهوه إلى الشام قام هرولة .

أرسل الله جماعات منطير من ناحية البحر تحمل حجارة من طين من جهنم فى مناقيرها وأرجلها ، وتلقيها على أبرهة وجنوده حتى قتلتهم جميعا وأحتمل البحر جثثهم إلى الماء

أما أبرهة فقد كانت به جروح كثيرة وكانت تتساقط أنامله ، ثم تتقيح حتى مات بعد أن عادوا به إلى صنعاء باليمن .وهكذا دمر الحسد القائد المغوار بعد أن وصل إلى مراتب دنيوية عالية ، ولكن بحسده دمر قائده أرياط ، ثم دمر أناس سخرهم فى بناء كنيسته غيرة وحقدعلى بيت الله الحرام ،فدمر دنياه وأخراه بغضب الله عليه وعقابه فى الدنيا ويوم القيامة فهو من الخاسرين .