الآيات 84 ـ 90
( ووهبنا له إسحاق ويعقوب ، كلا هدينا ، ونوحا هدينا من قبل ، ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون ، وكذلك نجزى المحسنين * وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس ، كلٌ من الصالحين * وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا ، وكلا فضلنا على العالمين * ومن آبائهم وذريتهم وإخوانهم ، واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم * ذلك هدى الله يهدى به من يشاء من عباده ، ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون * أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة ، فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين * أولئك الذين هدى الله ، فبهداهم اقتده ، قل لا أسئلكم عليه أجرا ، إن هو إلا ذكرى للعالمين )
ويخبر الله نبيه عن ما سبقوه من الأنبياء ليسلى عنه
يقول أنه وهب لإبراهيم إسحاق بعد أن أصبح شيخا كبيرا ويئس وزوجته سارة من الإنجاب ، ومن بعد إسحاق يعقوب بعد أن يئس من الإنجاب
وهذا جزاء لإبراهيم على اعتزاله قومه وعبادة الله الواحد لا شريك له
ومن قبل ذلك هدى الله نوحا ووهب له الذرية الصالحة جزاء صبره فكان ممن كانوا معه بالسفينة الذرية الباقية وكان منهم الناس جميعا .
وكان من ذرية نوح ( وقيل من ذرية إبراهيم ) داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس وإسماعيل واليسع ويونس ولوط وهؤلاء جميعا من الصالحين المحسنين الذين فضلوا على الناس بتقواهم وإيمانهم
وكان من ذرياتهم وآبائهم وإخوانهم من شملهم الله بهدايته ، وخصهم الله بالهداية والصلاح
وهكذا إذا أراد أن يهدى الله عبدا من عباده فهو يوفقه ويهديه إلى الطريق المستقيم
ولو أنهم كانوا أشركوا بالله عبادته لحبطت أعمالهم الصالحة ولكن آمنوا فأتاهم الله الحكم والنبوة والعلم
ولو كفر أهل مكة بنعمة الكتاب والحكم والنبوة فإن الله يوكل بها المهاجرين والأنصار ممن هم موحدين بالله وليسوا بكافرين بهذه النعم من الله .
وهؤلاء الأنبياء والصالحين هم الذين هداهم الله فاقتدى بهداهم يا محمد أنت ومن معك واتبع سبيلهم
وقل للناس أنك لا تطلب أجرا على إبلاغك لهم ذلك وإنما أنت تذكر بالقرآن ليهتدوا .
الآيات 91 ـ 92
( وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شئ ، قل من أنزل الكتاب الذى جاء به موسى نورا وهدى للناس ، تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا ، وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم ، قل الله ثم ذرهم فى خوضهم يلعبون * وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذى بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها ، والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به ، وهم على صلاتهم يحافظون )
وهؤلاء المكذبين لم يعظموا الله حق تعظيمه وإنما كذبوا رسله الذين أرسل إليهم وقالوا لم ينزل الله من بشر
فاسألهم يا محمد فمن الذى أنزل التوراة على موسى لتكون نورا وهداية للناس
فقد جعلتم منها أجزاء تكتبونها من الكتاب الأصلى الذى أنزل لكم والبعض تكتبوه بأيديكم وتحرفون منها ما تريدون وتبدلون ما تريدون تبديله وتخفون ما تريدون
وقد نزل فى القرآن خبر ما سبق من آبائكم وعلمكم فيه ما لم تعلموا ما لم تكونوا تعلمون أنتم ولا آباؤكم
قل لهم الله أنزل القرآن ثم اتركهم فى جهلهم وضلالهم يلعبون حتى يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون .
فالقرآن كتاب الله مبارك لتنذر به أهل مكة ومن حولها من قرى وأحياء من عرب وعجم
ومن يؤمن بالله ويؤمن بالآخرة فهو يؤمن بالقرآن الذى نزل على محمد ويحافظون على صلاتهم فى أوقاتها .
الآيات 93 ـ 94
( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحى إلىّ ولم يوح إليه شئ ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ، ولو ترى إذ الظالمون فى غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم ، اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون * ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم ، وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء ، لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون )
ولا أكثر ظلما ممن يجعل لله شركاء افتراء وكذبا عليه
أو يدعى أن الله أرسله للناس ولم يرسله
ومن قال أنه يقول مثل ما يأت به الوحى من القرآن
فإن هؤلاء الظالمون حين يأت لهم الموت والملائكة يضربونهم لتخرج أرواحهم الملعونة ويقولون لهم انقذوا أنفسكم من العذاب إن استطعتم ذلك ، فاليوم تبشرون بالعذاب والجحيم والسلاسل بسبب ما كذبتم به على الله افتراء عليه وبسبب استكباركم عن اتباع الحق الذى أرسل الله لكم .
والآن ترجعون إلى الله فرادى بدون أولادكم ولا عشيرتكم مثلما خلقتم وجئتم الحياة الدنيا بمفردكم وتركتم ما أعطيناكم من أموال وأولاد وخيرات وراء ظهوركم فى الدنيا
ولم تنفعكم شركاءكم الذين جعلتم لله أندادا ، فقد انقطع ما بينكم من وسائل وأسباب وذهب عنكم ما زعمتم من أصنام وشركاء .