الآيات 32 ـ 34
( وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلا مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ )
وَأَنكِحُوا : أمر بالتزويج
الأَيَامَى : من لا زوج له رجل أو إمرأة
وهذا أمر لتزويج من لا زوج لها أو لا زوجة له من المسلمين والصالحين فالله يغنى كلا من سعته وفضله فهو يعلم من يحتاج للرزق فيرزقه بما يكفيه
وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ : ومن لا يجد التزويج فعليه بالتعفف عن الحرام حتى ييسر له الله من أمره وعليه بغض البصر والصيام
وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا :
وهنا أمر للسادة بأن إذا طلب عبيدهم أن يكاتبوهم على اقتراض مال إذا طلبوا منهم الكتابة بشرط أن يكون العبد له حيلة فى الكسب حتى يؤدى إلى سيده المال الذى اشترط عليه أداءه ، وأن تعلموا فيهم الأمانة والصدق .
وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ : واعطوهم من مال الزكاة
وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا : ولا تجبروا الإماء على الزنا للكسب ................ وقد اشتهر ذلك فى الجاهلية
ولو فعلتم ذلك فإن الله يغفر لهم لأنكم اضطررتموهن على ذلك والإثم على من أكرههن
وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلا مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ: وقد أنزل ذلك واضحا فى القرآن ، مع ضرب الأمثال لمن سبقوكم من الأمم لتكون موعظة لمن خاف عقاب الله .
الآية 35
( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لّا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )
اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ : الله هو هادى أهل السموات وأهل الأرض وجعل القرآن نورا لهم يهديهم إلى ما فيه خيرهم وسلامتهم
و مَثَلُ نُورِهِ : مثل نور الهداية فى قلب المؤمن
كمثل المشكاة ـ أى فتيلة القنديل ـ التى هى قلب المؤمن وبها مصباح
والمصباح فى زجاجة من الزجاج الشفاف الصافى يخرج منها نور مشرق كالكوكب المضىء الذى يستمد زيته من زيت زيتون من شجرة مباركة ليست تصل إلى الشرق ليلفحها حر الشمس ولا إلى الغرب فيضرها امتناع الشمس عنها عند الغروب ، وإنما هى فى الوسط يعصرها ضوء الشمس من أول النهار لآخره فيكون زيتها صاف معتدل ومن أجود أنواع الزيت
والإيمان بقلب المؤمن ينطبع على عمله فيكون قلبه نور وعمله نور الهداية وكلامه وفعله نور يهديه إلى مصير النور والنعيم فى الجنة فأصبح نور على نور .
ويهدى الله إلى طريق الحق من يختاره من عباده الصالحين الذين يعلم ما فى قلوبهم من خير فهو واسع العلم بكل شئ .
وهكذا يضرب الله لعباده الأمثال ليفهموا ويتدبروا .
الآيات 36 ـ 38
( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ * يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ )
وهذه القلوب الصافية التى تضئ بنور الإيمان محلها المساجد التى أمر الله أن تطهر ويرفع شأنها وتحترم وتطهر من دنس الفعل والقول واللغو الذى لا يليق بها لأنها يذكر فيها اسم الله ويصلى بها توجها لله منذ الفجر حتى نهاية النهار ودخول الليل .
ويتلوا كتاب الله فى الصلوات رجال لهم همم عالية وعزائم لا يشغلهم عن ذكر الله تجارة أو عمل ولا بيع ولا شراء ولا ملاذ الدنيا ، يحبون الله ويدعونه خوفا من هول القيامة وطمعا فى مغفرة الله وجنته .
وسيجزيهم الله بأحسن أعمالهم ويجزل لهم العطاء والفضل والرزق الحسن فى الدنيا والآخرة بدون حساب ويتجاوز عن سيئاتهم .
الآيات 39 ـ 40
( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ * أوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ )
ويضرب الله هنا مثلين لنوعين من الكفار :
الأول : مثل الكفار الدعاة إلى كفرهم
هم يحسبون أنهم على الحق وهم فى الحقيقة ليسوا على شئ ، فمثلهم كالسراب الذى يرى فى القيعان من الأرض على بعد كأنه ماء فى نصف النهار فإذا اقترب منه لم يجد الماء ويبعد السراب وكلما اقترب يجد أنه ليس بماء
وعندما يظن الكافر أنه فعل شئ يجد أن الله يوفيه حسابه ويعاقبه على سوء فعله .
الثانى : يضرب للكفار أصحاب الجهل المقلدون
مثلهم كمثل الظلام المركب فى بحر عميق لجى طبقاته أمواج فوق بعضها ، وفوقها سحب تزيد من طبقات الظلام وهى قلب الكافر الذى يغشاه ظلام الجهل والغشاوة على قلبه وسمعه وبصره وعمله ومصيره إلى النار .
وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ : ومن لم يشأ الله له الهداية فلا هادى له وهو هالك بلا محالة .