مــــرحــــــباَ بـــأحـبـــاب الله مــعــاَ

في طريق الجنة


السبت، 13 أغسطس 2011

حديث الإفك

وعن هذا الحديث الباطل حديث الإفك نوضح بأنه :


قيل فى شأن عائشة أم المؤمنين حين رماها باطلا أهل البهتان من المنافقين


فقد قالت السيدة عائشة :


كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج أقرع بين أزواجه فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم معه. قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي فخرجت مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بعد ما نزل الحجاب فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه، فسرنا حتّى إذا فرغ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك وقفل ودنونا من المدينة قافلين آذن ليلة بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتّى جاوزت الجيش، فلمّا قضيت شأني أقبلت إلى رحلي فإذا عقد لي من جزع ظفار(2) قد انقطع فالتمست عقدي وحبسني ابتغاؤه، وأقبل


الرهط الذين كانوا يرحلون لي فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت ركبت وهم يحسبون انّي فيه، وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يثقلهن اللحم انّما تأكل العلقة(3) من الطعام فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وكنت جارية... حديثة السن فبعثوا الجمل وساروا، فوجدت عقدي بعدما استمر الجيش فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب، فاقمت في منزلي الذي كنت به وظننت أنّهم سيفقدوني فيرجعون إليّ، فبينما أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الزكواني ـ عرس ـ(4) من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني فعرفني حين رآني وكان يراني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي واللّه ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، حتّى أناخ راحلته فوطئ على يديها فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتّى أتينا الجيش بعد ما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة(5) فهلك من هلك وكان الذي تولى الافك عبداللّه بن أبي بن سلول فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمت شهرا والناس يفيضون في قول أصحاب الافك لا أشعر بشي‌ء من ذلك وهو يريبني في وجعي انّي لا أعرف من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين اشتكي، إنما يدخل عليّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فيسلم ثمّ يقول:


كيف تيكم؟ ثم ينصرف فذاك الذي يريبني ولا أشعر، حتّى خرجت بعدما نقهت فخرجت معي أمّ مسطح قبل المناصع(6) وهو متبرزنا، وكنا لا نخرج إلاّليلاً إلى ليل، وذلك قبل ان نتّخذ الكنف قريبا من بيوتنا، وأمرنا أمر العرب الاول في التبرز قبل الغائط، فكنا نتأذى بالكنف أن نتّخذها عند بيوتنا.


فانطلقت أنا وأمّ مسطح وهي ابنة أبي رُهم بن عبد مناف وأمّها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصدّيق وابنها مسطح بن اثاثة، فأقبلت أنا وأمّ مسطح قبل بيتي قد فرغنا من شأننا فعثرت أمّ مسطح في مرطها فقالت: تعس مسطح.


فقلت لها: بئس ما قلت أتسبين رجلاً شهد بدرا؟


قالت: أي هنتاه(7) أو لم تسمعي ما قال؟


قلت: وما قال؟

قالت: فأخبرتني بقول أهل الافك فازددت مرضا على مرضي، قالت: فلما رجعت إلى بيتي ودخل عليّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ـ تعني سلّم ـ ثمّ قال: كيف تيكم؟


فقلت: أتأذن لي أن آتي أبويَّ؟ قالت: وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما، قالت: فأذن لي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فجئت أبويَّ فقلت لامّي: يا أمتاه ما يتحدّث الناس؟ قالت: يا بنيّة هوّني عليك فواللّه لقلّما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبّها ولها ضرائر إلاّ كثرن عليها، قالت: فقلت: سبحان اللّه ولقد تحدّث الناس بهذا؟ قالت: فبكيت تلك الليلة حتّى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم حتّى أصبحت أبكي، فدعا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عليّ بن أبي طالب


وأسامة بن زيد رضي اللّه عنهما حين استلبث الوحي يستأمرهما فراق أهله، قالت: فأما أسامة بن زيد فأشار على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم لهم في نفسه من الود فقال: يا رسول اللّه أهلك وما نعلم إلاّ خيرا، وأمّا عليّ بن أبي طالب فقال: يا رسول اللّه لم يضيق اللّه عليك والنساء سواها كثير، تسأل الجارية تصدقك، قالت: فدعا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بريرة، فقال: أي بريرة هل رأيت شي‌ء يريبك؟ قالت بريرة: لا والذي بعثك بالحقّ ان رأيت عليها أمرا أغمصه(8) عليها أكثر من انّها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن(9) فتأكله، فقام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فاستعذر يومئذ عبداللّه بن أبي ابن سلول، قالت: فقال رسول اللّه وهو على المنبر: يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي، فواللّه ما علمت على أهلي إلاّ خيرا. ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلاّ خيرا وما كان يدخل على أهلي إلاّ معي، فقام سعد بن معاذ الانصاري فقال: يا رسول اللّه أنا أعذرك منه إن كان من الاوس ضربت عنقه وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك.


قالت: فقام سعد بن عبادة وهو سيّد الخزرج وكان قبل ذلك رجلاً صالحا، ولكن احتملته الحمية فقال لسعد: كذبت لعمر اللّه لا تقتله ولا تقدر على قتله، فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد فقال لسعد بن عبادة: كذبت لعمر اللّه لنقتلنه فانّك منافق تجادل عن المنافقين، فتثاور الحيان الاوس والخزرج حتّى همّوا ان يقتتلوا ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر فلم يزل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتّى سكتوا وسكت، قالت: فمكثت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، قالت: فأصبح أبواي عندي وقد بكيت ليلتين ويوما لا أكتحل بنوم ولا يرقأ لي دمع يظنان أنّ البكاء فالق كبدي، قالت: فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي فاستأذنت عليّ امرأة من الانصار فأذنت لها فجلست تبكي معي، قالت: فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فسلّم ثم جلس، قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل لي ما قيل قبلها وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني، قالت: فتشهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حين جلس ثمّ قال: أما بعد يا عائشة فأنّه قد بلغني عنك كذا وكذا فان كنت بريئة فسيبرئك اللّه وان كنت ألممت بذنب فاستغفري اللّه وتوبي إليه فانّ العبد إذا اعترف بذنبه


ثم تاب إلى اللّه تاب اللّه عليه، قالت: فلما قضى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتّى ما احس منه قطرة فقلت لابي: أجب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فيما قال:


قال: واللّه ما أدري ما أقول لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقلت لامّي: أجيبي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قالت: ما أدري ما أقول لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم قالت: فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن: انّي واللّه لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتّى استقرّ في أنفسكم وصدقتم به، فلئن قلت لكم انّي بريئة واللّه يعلم انّي بريئة لا تصدقوني واللّه ما أجد لكم مثلاً إلا قول أبي يوسف: (فصبر جميل واللّه المستعان على ما تصفون ) قالت: ثم تحوّلت فاضطجعت على فراشي، قالت: وأنا حينئذ أعلم انّي بريئة وانّ اللّه مبرئني ببراءتي ولكن واللّه ما كنت اظن ان اللّه ينزل في شأني وحيا يتلى، ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلّم اللّه فيَّ بأمر يتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني اللّه بها، قالت: فواللّه ما قام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ولا خرج أحد من أهل البيت حتّى أنزل عليه فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء(10) حتّى أنّه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق وهو في يوم شات من ثقل القول الذي ينزل عليه قالت: فلما سرّي عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وسري عنه وهو يضحك فكانت أول كلمة تكلم بها: يا عائشة اما اللّه عزّ وجلَّ فقد برأك، فقالت أمّي:


قومي إليه، قالت: فقلت: واللّه لا أقوم إليه ولا أحمد إلاّ اللّه عزّ وجلّ وأنزل اللّه:


(إنّ الذين جاءوا بالافك عصبة منكم) العشر الايات كلّها، فلمّا أنزل اللّه هذا في براءتي قال أبو بكر الصدّيق ـ وكان ينفق على مسطح بن اثاثة لقرابته منه وفقره ـ: واللّه لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال. فانزل اللّه: (ولا يأتل اُولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا اُولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيلِ اللّهِ وليعفوا وليصفحوا الا تحبّون أن يغفر اللّه لكم واللّهُ غفورٌ رحيمٌ) قال أبو بكر: بلى واللّه انّي أحبّ أن يغفر اللّه لي فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه وقال: واللّه لا أنزعها منه أبدا، قالت عائشة: وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش عن أمري فقال لزينب:


ماذا علمت أو رأيت؟ فقالت: يا رسول اللّه أحمي سمعي وبصري، واللّه ما علمت إلاّ خيرا، قالت عائشة: وهي التي كانت تساميني من أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم فعصمها اللّه بالورع، قالت: وطفقت أختها حمنة تحارب لها فهلكت في من هلك من أصحاب الافك.


الجزع: الخزر اليماني وظفار: بلد باليمن.


3 العلقة: البلعة من الطعام.


4 في رواية مسلم . وعرس في السفر : نزل آخر الليل لنوم أو استراحة ، أدلج : سار آخر الليل .


5 في نحر الظهيرة: نحر الظهيرة حين تبلغ الشمس منتهاها من ارتفاع كأنها وصلت الى النحر وهو أعلى الصدر .


6 المناصع: هي المواضع التي يختلى فيها لقضاء الحاجة واحدها منصع.


7 أي هنتاه: يا امرأة، يا هذه، يا بلهاء.


8 اغمصه : اعيبه عليها.


9 الداجن : هو الشاة التي يعلفها الناس في منازلهم وقد يسمى به كل ما يألف البيوت من الطير وغيرها.


10 البرحاء: الشدّة.